المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اليمن امام مفترق طرق


حد من الوادي
02-15-2007, 06:45 PM
اليمن امام مفترق طرق


بقلم:المهندس/علي نعمان المصفري
باحث أكاديمي وشاعر
بريطاني-يمني مقيم في لندن

الله سبحانه وتعالى خلق الانسان على هذه الارض لمهمتين
اساسيتين لاثالث لهنا وهما:عباده الخالق عز وجل
وتعمير الارض.ولهذا
وهب الله الانسان الحياه مره واحده باعتبارهارحله قصيره
للانسان على هذا الكوكب يديرها ويبرمجها بمايؤدي الى
تحقيق هاتين المهمتين لكن ليس كل البشر متساوون منهم من
يتسابق في التضحيه لاجل الوطن وقضاياه ومنهم لاهم له غير
قراءه الفاتحه لمزيد من الضحايا .
هم قله
اولائك الذين نذروا حياتهم من اجل اسعادنا, احرقوا
حياتهم ليكونوا قناديل تضئ لنا طريق العتمه التي احاطت
بالامه منذو بدايه انحدار العقل العربي في نهايه العصر
العباسي.
منذو ذلك المنحنى جمدت حركه التاريخ في عالمنا العربي
وتقهقرت جهود المجتمعات العربيه وطحنت تحت قضبان التخلف
وتمزقت الامه وبقت اشلاء تتناثر بين ظفائر الجهل وخلف
قضبان جلادي الامه الذين لم يتركوا لها حال ولامجال حتى
طوقوه بأسلاكهم الشائكه وزرعوا الفتن ونشروا الفقر وبقى
التخلف ظاهره كل عصورنا, وجلادي شعوبنا يرفعون الشعارات
وينشرون الشماعات ويتهمون المستعمر تاره والغرب تاره
اخرى ولم يدركوا انهم هم سبب البلاء في هذه الامه.
تجمد الجسد العربي وتجمد عقله معه طيله هذه القرون ولم
نرى شعاعا ينبلج نحو فجر الخلاص غير الوعود النرجسيه
وكيل الاتهامات لما هو خارجي وتعليق كل شئ على مشجب
المؤامرات واصبحت شعوبنا ترزح تحت وطأه وغول الرزء من
حكامها.
لم تحدث تنميه ولم تخلق الدوله الحديثه لعدم امتلاك
الحكام على اراده سياسيه تكون الشرط الرئسي لاقامه دوله
المؤسسات الضمانه الحقيقيه لاحداث التنميه في كل مناحي
الحياه ولكن يبدو ان الطبع غلب التطبع وظلت احداث
التاريخ تجر نفسها في منحدرات لاتعرف منتهى الا الكوابيس
الوخيمه التي تجثم على كاهل الامه وتقيد حركه التاريخ
فيها وتلجم كل صوت يرتفع لينادي بالعدل والمساواه.
تتزحلج الحضاره الحديثه على جسدنا المتجمد ولم تستقر
عليه ,
ولهذا تطورت كل الامم شرقنا وغربنا ,شمالنا وجنوبنا ونحن
تحولنا الى بحيره جامده .
فالخطااااااااا ليس في عقيدتنا ولكن في القائمون على
رقابنا بحد سيفهم هم سبب الهيانه والانحدار الذي وصل
اليه العالم العربي.
هذا هوقدرنا ومأساتنا بل وان عناصر التخلف بقت معشعشه في
عقول مجتمعاتنا تحت مسميات دينيه ودنيويه غسلت عقول
العامه وحولتها الى وقود لتزييت طاحونه الفساد والمفسدين
القائمون على مؤسسات الحكم.
بلادنا واحده من تلك لكن مأساتها من استنساخ غريب وعجيب
فبها تتحول عواطفنا الى دموع تتجمع لتضحي سيول عارمه من
يعترض طريقها تجرفه الى غير رجعه ولكن عندما تهدى تتحول
وللأسف الى بحيره من الماسي نغرق فيها لانتحمم ولانسقي
زرعنا منها غير اجترار النقمه والثأر لدوره عنف اخرى.
لقد بقى حالنا نحن في جنوب شبه الجزيره العربيه نتأرجح
بين شرق وغرب ولم ندرك حجه اوطاننا ومن هنا كانت المأساه
الحقيقيه التي بقت ازمه حقيقيه لم تقدر النخب على احداث
نهوض حقيقي لتجاوزها بخلق الشروط والظروف لولاده المشروع
الوطني على الرغم من المحاوله الغير منظمه في الهروب من
استحقاقات وطنيه وشعبيه الى يوم 22 مايو 1990 الذي مثل
مرحله جديده لدوره عنف اخرى لعدم وجود ضمانه بقيام دوله
المؤسسات وبالتالي لم تصحى الجماهير الا على عويل من نوع
اخر هذه المره بصناعه شماليه وأحتدم الصراع وكان المنتصر
الشمالي يعيش احلام ولذه النصر والجنوبي المهزوم يتذوق
الهزيمه ارضا وانسانا وثروه وبداء مسلسل من نوع غريب هذه
المره لكن بذات الطقوس للنقش رقم عشره.
وقع الجنوبي تحت طائله الرنين للوقع الخفي النفسي
للهزيمه الناجمه من جراء أخطاء النخب والمبدأ الرئسي
الذي تولدت من رحمه حركه التحرر في الجنوب وخلطها بين
محلي وخارجي لمشاركه حركات التحرر في حكم البلدان التي
احتضنتهم وهي لم تحدث اطلاقا في اي بلد شيوعي او رأسمالي
الافي جنوب اليمن .
حصان طرواده ظل الجنوب وبدأ مسلسل العنف وتوالت دورات
العنف لكن الشعارات رغم نتائج هذه الدورات خلقت حساسيه
من نوع خاص تمثل في فرز من نوع اخر فبعد الوحده بقى كل
ماهو شمالي سلطه ومواليون متحصنون في خندق واحد ضد كل من
يجرؤعلى ذكر الجنوب ومعاناه ابناءه وخصوصا بعد الحرب
الظالمه التي ندى ويندى لهل الجبين لما احدثته من شروخ
وجروح غائره وتاسيسا عليه عثرت خلق الانبعاث الحقيقي
للمشروع الوطني لهذ فمن تحدث عن ذلك اعتبر عار ويتهم
بالانفصاليه والرده والخيانه.
لم يدرك الاخوه في قصر الستين في صنعاءان الجنوبيين
ذهبوا الى صنعاء يحملون نماذج بناءالمشروع الوطني بافاق
حضاريه تقدم الوطن الى العالم كدلاله على الخروج من
شرنقه الماضي وعلاته سواء وجدت في الجنوب او الشمال وعلى
ان العقل اليماني قد امتلك من الجرأه والحكمه مالايستطع
اخرون في المنطقه من احداث الحراك الوطني والفكري
والثقافي الابداعي نحوه الافي جنوب الجزيره وكانت ستكون
سابقه يحمد لها ليس الدين الحنيف بل الفكر الانساني عامه
لكن قوى التخلف ظلت تجول ببلدوزرات الهدم في كل ارجاء
الوطن ومنذو الوهله الاولى بدأت بتدمير بيادر الخير
واشعلت الضغينه والفرقه في كل وادي وحاره وبدل ان كنا
شعب واحد تحت علمين ودولتين صرنا شعبين تحت علم واحد
ولاوجود لدوله الاتلك ماقبل تاريخ نشؤها .
لم يدرك الجنوبيون من مقدمات الطعم في العلاقه بين
المفترس والضحيه وبقوا يربطوا حول احزمتهم كل انماط
الصبر والجنوح للتجنب ولو لحين عن الحديث حول عمق
المشكله حتى استفحلت فيهم وصارت بالفعل برميل باروت مؤقت
ينفجر في كل حين خصوصا بعد استشهاد مايقارب 150 كادر
جنوبي ونتيجه لذلك بلغت الازمه ذروتها بفعل صب قوى الظلم
والفساد الزيت عليها وجرت البلاد الى اتون حرب لاناقه
فيها ولابعير على الرغم من النداءات المتتاليه للعقل,
لكن القوى الحاقده على الوحده وضعت عجين من نوع خاص في
اذانها ولم تستتجب اطلاقا لهذه النداءات وذهبت الى ما
اردت له واعلنت الحرب في 27 ابريل المشئوم وهنا قتل
الحلم وتبدد.
اصبح ابناء الجنوب اما مبعدين من اعمالهم اومشردين في
اصقاع العالم لا لذنب اقترفوه الا لانهم قدموا ارض وثروه
ودوله لانجاز المشروع الوطني .
فبعد حرب الاخوه الاعداء في عام 1994 أختل التوازن في
الميزان السياسي ونشاء فرز حقيقي بين ماهو شمالي وجنوبي
ونشأت مؤسسه جنوبيه عريضه وواسعه مثلت مايقارب نصف
مليون كادر وموظف وهم من كانوا الجهاز الاداري لليمن
الديمقراطي تضاف اليها قائمه المبعدين قسرا من أساتذه
جامعه عدن مؤخرا علاوه على ذلك تهميش شعب بكامله من
ممارسه حقه المشروع في الحياه وبماتكفله كل شرائع السماء
على هذه الارض المباركه.
انتشر الشماليون التابعون لاجهزه السلطه في صنعاء في
كل بقاع الجنوب لاحداث تغيير ديموغرافي وصبغ البئه
الجنوبيه بمطابع تكاثريه لتفقيس المزيد منهم على حساب
النمو السكاني للجنوبيين وفي سبيل خلق امر واقع
وهومايسمونه الجنوبيون بالاحتلال.
تغيرت المعادله وتغيرت قوانين اللعبه السياسيه هنا وبقى
الجنوبيون في منازلهم يتباكون على اطلال الماضي وخصوصا
الاستحقاقات التي تم انجازها في جنوب اليمن والمستوى
الرفيع المتميز الذي عكسته الدوله الوطنيه في ارساء
مفاهيم اجتماعيه وثقافيه وحقوقيه صارت ليس فقط عنوانهم
امام العالم بل وحديث لدلات ساميه اشادت بها على سبيل
المثال ممثله حقوق المرأه في الامم المتحده في احدى
الندوات العالميه مؤخرا عندما استرشدت بالمستوى الفريد
الذي حققته المرأه في جنوب اليمن بحيث تجاوز مستوى بعض
البلدان الاشتراكيه في حينه .

وعندما حطت الحرب في صيف 1994 أوزارها فاق الجنوبيون
وبدأوا يدركون ان ماوقع عليهم لم يكن الاخدعه من الطرف
الشريك وبات في حكم المؤكد ان ما اقدم عليه نظام صنعاء
ليس الا احتلال وبالذات بعدما دخلت القوات الشماليه
اراضي الجنوب بمؤازره العناصر الجهاديه من الافغان العرب
وقوات ماكان يسمى بعناصر الزمره ومن ذلك الوقت وحتى
اللحظه بدأ المنتصر الشمالي يستبيح الجنوب ارضا وانسانا
وثروه لا لشئ بل لانه المنتصر ومن هذه الزاويه ذابت كل
مؤسسات اليمن الديمقراطي وبذات الطريقه التي حملها النقش
رقم عشره .

ثلاثه عشر عاما تفصلنا عن تلك الاحداث وكنا نتوقع ان
الظروف ستتغير وان البلاد سترسواعلىخير الا أن الاوضاع
تفاقمت وزادت الاحتقانات في جنوب اليمن وفي الوسط
والشرق وفتحت جروح في صعده ,الوطن في غنى عنها لأن
القوى المتنفذه تدرك تماما من ان توليد نظامها لايتم
الاعبر خلق أزمات جديده وبألون مختلفه تاره تحت مسمى
الانفصاليه في الجنوب ولجم كل صوت ينادي بالعدل والحقوق
وخصوصا اذا ادركنا ماتعرضت وتتعرض له قوى الخير في حركه
التصالح والتسامح في الجنوب وتاره اخرى باتهام المناطق
الوسطى بالطائفيه والقبليه والحزبيه وفي شرق البلاد في
مأرب بالقاعده واخيرا في صعده بالاثنى عشريه.
مع العلم ان صراعا تحت الطاوله يدور رحاه يتعلق بمفهوم
توريث الحكم والظلم والفساد و وعدم توازن حقيقي وعادل
بين مناطق البلاد.
انها دعوه من القلب أطلقها هنا كواحد من مثقفي هذا الوطن
بان الوقت قد حان ان نقول للعقل تقدم وان نطور لغه
وثقافه الحوار والاعتراف بالاخر وحقوقه وان ننهي والى
الابد نظريه المهزوم والمنتصر واقرار الحق لاصحابه
وجعلهم يشاركون في صناعه خيارهم الوطني والشعبي وبما
يعزز من كرامتهم ويصون عرضهم ويحفظ حقوقهم ونخلق ضمانات
حقيقيه عبر خلق أراده سياسيه وشعبيه لبناء دوله المؤسسات
خصوصا عندما نرى البلاد الان وحسبما تشير اليه التقارير
الدوليه والمحليه والاقليميه الى ان الوطن امام مفترق
طرق اما ان يصحى العقل والضمير وان تستجيب القوى الحيه
لدعوتنا هذه كما اسلفتها والا فأن ماخفي فأن الله
سبحانه وتعالى هو الادرى والله من وراء القصد.