المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ملاحظات على أفكار صوفية


طارق باصديق
02-26-2007, 11:50 AM
لماذا يفرض الصوفية طاعة الشيخ؟!!

أكثر أرباب التصوف الإشادة بشأن الشيخ ووجوب اقتداء المريد به:
- فهذا أبو عبدالرحمن السلمي يقول:" من لم يتأدب بشيخ فهو بطال، ومن لم يلحقه نظر شيخ وشفقته لايجيء منه شيء"(1).
- وقال القشيري: " من لم يكن له أستاذ لم يفلح أبدا. هذا أبو يزيد يقول: من لم يكن له أستاذ فإمامه الشيطان"(2).
- وقال ذو النون المصري: "طاعة مريد شيخه، فوق طاعته ربه"(3).
وسبب هذه النظرة: أن الشيخ في نظر المتصوفة هو الواسطة بين الله والمريدين، وهو أمين الإلهام كما أن جبريل أمين الوحي، يقول السهروردي: " كلام الشيخ بالحق من الحق، فالشيخ للمريدين أمين الإلهام، كما أن جبريل أمين الوحي"(4).
بهذه الأفكار عزز الصوفية مكانة الشيخ في حياة المريد، فصار له كالقارب في البحر، يحمله في سفره، فلا بد له من الاعتناء بأمره وأحواله وعدم مخالفته أبدا ولو بقلبه، قال القشيري:
- " ومن شرطه أن لا يكون له بقلبه اعتراض على شيخه... ثم يجب حفظ سره حتى زره إلا عن شيخه، ولو كتم نفسا من أنفاسه عن شيخه فقد خانه في حق صحبته، ولو وقعت له مخالفة فيما أشار عليه شيخه، فيجب أن يقر بذلك بين يديه في الوقت، ثم يستسلم لما يحكم به عليه شيخه عقوبة له على جنايته ومخالفته، إما بسفر يكلفه أو أمر يراه"(5).
وقد كتب عبدالوهاب الشعراني كتابه "الأنوار القدسية في معرفة قواعد الصوفية" وعامته في أدب المريد مع شيخه، فيلازمه، ويصبر عليه، ويحبه، ويسلم له حاله، ولا يعترض عليه، ولا يتزوج إلا بإذنه، ولا يكتمه شيئا، ويريه فقره إليه، ولا يقول له: لا.
يرضى بكل اختياره، ويتعاهد عياله، ولا يمد رجله تجاه شيخه، وغير ذلك.
وبذلك جعلوا المريد بين يدي شيخه كالميت بين يدي مغسله، وألزموه بلبس معين، ومشية معينة، وشيخ معين، وطريقة معينة.
إن في هذا التبجيل الكبير للشيخ سرا قد لا يعرفه الكثير، أشار إليه الجيلي، حين ذكر أن الإنسان الكامل، وهو محمد صلى الله عليه وسلم يظهر في صورة الأولياء، في كل زمان ومكان، وعلى ذلك فإن المريد يتعامل في حقيقة الأمر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أو الإنسان الكامل، الذي هو، في نظرهم، من نور الله ومحل نظر الله تعالى، ومنه خلق العالم، وهو أول موجود، فلذا كان من الواجب أن يوقره وينزل طاعته منزلة طاعة الله، يقول الجيلي:
" وسر هذا الأمر تمكنه صلى الله عليه وسلم من التصور بكل صورة، فالأديب إذا رآه في الصور المحمدية التي كان عليها في حياته فإنه يسميه باسمه، وإذا رآه في صورة ما من الصور وعلم أنه محمد، فلا يسميه إلا باسم تلك الصورة، ثم لا يوقع الاسم إلا على الحقيقة المحمدية، ألا تراه صلى الله عليه وسلم لما ظهر في صورة الشبلي رضي الله عنه، قال الشبلي لتلميذه: أشهد أني رسول الله، وكان التلميذ صاحب كشف فعرفه، فقال: أشهد أنك رسول الله…
فإذا كشف لك عن الحقيقة المحمدية أنها متجلية في صورة من صورة الآدميين، فيلزمك إيقاع اسم تلك الصورة على الحقيقة المحمدية، ويجب عليك أن تتأدب مع صاحب تلك الصورة تأدبك مع محمد صلى الله عليه وسلم، لما أعطاك الكشف شأن محمد صلى الله عليه وسلم متصورة بتلك الصورة، فلا يجوز لك بعد شهود محمد صلى الله عليه وسلم فيها أن تعاملها بما كنت تعاملها به من قبل...
وقد جرت سنته صلى الله عليه وسلم أنه لايزال يتصور في كل زمان بصورة أكملهم، ليعلي شأنهم ويقيم ميلانهم، فهم خلفاؤه في الظاهر وهو في الباطن حقيقتهم"(6).
فالشيخ إذن في مقام رسول الله أو في مقام الإنسان الكامل والموجود الأول، الذي يمتاز بألوهية المعدن والمنشأ والمعاد، ولذا فإنه يستحق الطاعة المطلقة كطاعة الله تعالى.

(2) ما هو ابن عربي؟!

يكثر المتصوفة من الاعتذار لابن عربي، مع ما جاء عنه من قول بالحلول والاتحاد والوحدة، لأجل:
- الإبقاء عليه ضمن دائرة التصوف؛ فهو يمثل عمق التصوف وحقيقته، ومشكلته عندهم: أنه أفصح بوضوح عن الفكرة الصوفية، كما هي؛ وبذلك أحرج المتصوفة:
- فبراءتهم منه يعني إبطال حقيقة التصوف، القائم على الحلول والاتحاد والوحدة. وهذا يحرجهم مع الفكرة، ومع أنفسهم.
- وقبولهم به يعني الاعتراف بأن فكره هو التصوف الحقيقي. وهذا يحرجهم مع غير المتصوفة، فلا يستطيعون ترويج الفكرة، ولا الذب عن أنفسهم.
ما وجدوا من هذا الحرج مخرجا إلا أن يقولوا:
- أن كلامه دقيق، لا يفهمه أحد من خارج التصوف، بل فهمه يحتاج إلى شروط صوفية، وهو أن يرتقي السالك في المنازل والمعارج، حتى يصل إلى مرتبة يصح له فيها فهم الكلام الصوفي.
وهكذا تخلصوا، ولو ظاهريا، من إلزامهم بالفكرة الحلولية، بدعواهم دقة كلام ابن عربي، واحتفظوا في الوقت نفسه بالصلة بينهم وبين هذه الفكرة، بتعظيم ابن عربي وكلماته.
هذه الطريقة المترددة بين وجهين من الكلام، هي طريقة ابن عربي نفسه، فمرة يقول الكلام، ثم يكر عليه ليأتي بضده، وهو بذلك سهل لأتباعه التزام العذر له... سئل مرة عما يعنيه بقوله:

يا من يراني ولا أراه **** كم ذا أراه ولا يراني

يشير بذلك إلى مذهبه في وحدة الوجود، وأنه يرى الحق متجليا في صور أعيان الممكنات، ولا يراه الحق؛ لأنه هو المتجلي في صورته، فأجاب من فوره:

يا من يراني مجرما **** ولا أراه آخذا
كم ذا أره منعما **** ولا يراني لائذا(7).

يقول محقق كتاب الفصوص أبو العلا عفيفي، وهو تلميذ المستشرق الإنجليزي نيكلسون:
"يغلب على ظني أنه يعتمد تعقيد البسيط وإخفاء الظاهر لأغراض في نفسه، فعباراته تحتمل في أغلب الأحيان معنيين على الأقل:
- أحدهما ظاهر، وهو ما يشير به ظاهر الشرع.
- والثاني باطن، وهو ما يشير به إلى مذهبه.
ولو أن من يعمق النظر في معانيه ويدرك مراميه، لا يسعه إلا القول بأن الناحية الثانية هي الهدف الذي يرمي إليه، أما ما يذكره مما له صلة بظاهر الشرع، فإنما يقدمه إرضاء لأهل الظاهر من الفقهاء، الذين يخشى أن يتهموه بالخروج والمروق"(8).
وكل من تعمق في مذهبه، وقرأ له زمنا، وكان منصفا، مبتغيا الحق، لم يجد عذرا صحيحا يحسن به مذهبه، إلا أن يكون على عقيدته، فيلبس كتلبيسه.
غير أنه قد يرد ذلك إلى مرض غلب عليه، اختل به مزاجه، فصدر منه ما صدر، فقد نقل ملا علي القارئ عن الجزري قوله: "وأحسن ما عندي في أمر هذا الرجل أنه لما ارتاض غلبت عليه السوداء، فقال ما قال، فلهذا اختلف كلامه اختلافا كثيرا، وتناقض تناقضا ظاهرا، فيقول اليوم شيئا، وغدا بخلافه"(9).

****

إذا كان الأمر كذلك، فالاعتذار عنه بادعاء أن كلامه دقيق، لا يفهمه كل أحد: غير مقبول.
وكذلك القول بأنه مدسوس عليه، دع عنك القول ببطلان نسبة كتبه إليه: الفصوص، والفتوحات. مردود غير مقبول للأسباب التالية:
1- أن أصل فكرته: التجلي الإلهي في صور الكائنات. وهي نفس فكرة الحلول والاتحاد والوحدة، تملؤ كتبه، فإنك تجدها في كل صفحة، وفصل، وباب. وفي مثل هذا الحال يتعذر قبول دعوى أنها مدسوسة، فالمدسوس لا يغلب.
2- أن المتصوفة المتقدمين قبلوا بهذه الكتب، وشرحوها، كالقاشاني، والنابلسي.
3- أن المعتنين بتراث ابن عربي اليوم، الناشرين لها، كالدكتور عثمان يحيى، والدكتور أبو العلا عفيفي، والدكتور سعاد الحكيم، وكل هؤلاء باحثون مدققون، لم يؤثر عنهم إنكار النسبة.

****

نبذ من كلام ابن عربي.
هذه نبذ من كلام ابن عربي، الذي يزعمون أنه دقيق، يظهر فيه حقيقة مذهبه، فماذا يقول:
* "فشهوده للحق في المرأة أتم وأكمل.
لأنه يشاهد الحق من حيث هو فاعل منفعل، ومن نفسه من حيث هو منفعل خاصة.
فلهذا أحب صلى الله عليه وسلم النساء، لكمال شهود الحق فيهن...
فشهود الحق في النساء أعظم الشهود وأكمله، وأعظم الوصلة النكاح، وهو نظير التوجه الإلهي على من خلقه على صورته، ليخلقه فيرى فيه نفسه، فسواه وعدله، ونفخ فيه من روحه الذي هو نفسه، فظاهره خلق وباطنه حق ".
وفي الفص الإدريسي في تفسير قوله تعالى:{ وخلق منها زوجها } قال ـ تعالى الله عما يقول هذا وأمثاله من الملحدين:"فما نكح سوى نفسه، فمنه الصاحبة والولد والأمر الواحد في العدد".
وجاء عبدالغني النابلسي فشرح هذه الكلمة شرحا موافقا لقول ابن عربي، فقال:" وفي الحقيقة حضرة إلهية توجهت على حضرة إلهية أخرى من قبيل المغايرة بين الواحد ونفسه إذا كان معلوما"(10).

* يقول في ترجمان الأشواق(11) :

كل ما أذكره من طلل **** أو ربوع أو مغان كل ما
أو نساء كاعبات نهّد **** طالعات أو شموس أو دمى
صفة قدسية علوية **** أعلمت إن لمثلي قدما

وتمثل الحضرة الإلهية في المرأة، تعالى وتقدس، ليست شناعة انفرد بها ابن عربي، بل سبق إليها المتصوفة القدماء، حيث نزلوا أشعار الغزل في الذات الإلهية، وتغزلوا كما يتغزلون بالمرأة، كما قال أبو عبد الله المغربي:

لا تدعني إلا بيا عبدها **** فإنها أصدق أسمائي (12).

وهي موجودة عند ابن الفارض، والجيلي الذي يقول:

وكل كحيل الطرف يقتل صبّه **** بماض كسيف الهند حالا مضارع
وكل اسمرار في القوائم كالقنا **** عليه من الشعر الرسيل شرائع
وكل مليح بالملاحة قد زها **** وكل جميل بالمحاسن بارع
وكل لطيف جلّ أو دق حسنه **** وكل جليل فهو باللطف صادع
محاسن من أنشاه ذلك كله **** فوحد ولا تشرك به فهو واسع (13).

والمقام لا يتسع لاستزادة من الأمثلة، لكنها حقائق ثابتة في التصوف.

-----------------------------
(*) عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى.
(1) تسعة كتب في أصول التصوف والزهد ص160.
(2) الرسالة للقشيري 2/735.
(3) تذكرة الأولياء 1/171، نقلا عن كتاب: في التصوف الإسلامي ص78.
(4) عوارف المعارف للسهروردي 5/265، ملحق بإحياء علوم الدين للغزالي.
(5) الرسالة للقشيري 2/736ـ737.
(6) الإنسان الكامل للجيلي 2/74ـ75، وانظر: حقيقة الإنسان الكامل ص411.
(7) الفتوحات المكية 2/491.
(8) مقدمة الفصوص 1/17، 18.
(9) الرد على القائلين بوحدة الوجود ص34.
(10) انظر: شرح جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص للنابلسي 1/129.
(11) ص10.
(12) طبقات الصوفية للسلمي ص245.
(13) الإنسان الكامل 1/90.

ابومهند الجوهي
02-26-2007, 08:29 PM
موضوع ذو صلة
التزكية عند الصوفية
- د. وليد خالد الربيع --

الشيخ المرشد

من أهم ركائز التزكية عند الصوفية التلقي عن الشيخ المرشد، فلابد لكل من أراد سلوك الطريق من شيخ يدله عليه ويرشده إليه ويضع له العلامات الهادية ويحذره من المزالق والمهالك التي قد تعترض طريقه، وعندهم لا يستطيع المكلف أن يزكي نفسه بمجرد قراءة القرآن والاطلاع على السنة ما لم يكن له شيخ يداوي علل نفسه!! كما قال عبدالقادر عيسى في -حقائق عن التصوف ص 54-: فالطريق العملي الموصل لتزكية النفوس والتحلي بالكمالات الخلقية هو صحبة الوارث المحمدي والمرشد الصادق الذي تزداد بصحبته إيماناً وتقوى وأخلاقاً، وتشفى بملازمته وحضور مجالسه من أمراضك القلبية وعيوبك النفسية، وتتأثر شخصيتك بشخصيته التي هي صورة الشخصية المثالية شخصية رسول اللهصلى الله عليه وسلم.

ومن هنا يتبين خطأ من يظن أنه يستطيع بنفسه أن يعالج أمراضه القلبية، وأن يتخلص من علله النفسية بمجرد قراءة القرآن الكريم، والإطلاع على أحاديث الرسولصلى الله عليه وسلم، وذلك لأن الكتاب والسنة قد جمعا أنواع الأدوية لمختلف العلل النفسية والقلبية، فلابد معهما من طبيب يصف لكل داء دواءه، ولكل علة علاجها.

قارن - أخي القارئ - بين هذا الكلام الأدلة الشرعية التي تدل على أن القرآن الكريم والسنة المطهرة علاج لأمراض القلوب والأبدان، كما قال عز وجل: -يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين-.

قال الشيخ ابن سعدي: هذا القرآن شفاء لما في الصدور من أمراض الشهوات الصادة عن الانقياد للشرع، وأمراض الشبهات القادحة في العلم اليقيني، فإن فيه من المواعظ والترغيب والترهيب والوعد والوعيد ما يوجب للعبد الرغبة والرهبة، وإذا وجدت فيه الرغبة في الخير والرهبة عن الشر، ونمت عندك هذه الرغبة والرهبة أوجب ذلك تقديم مراد الله على مراد النفس، وصار ما يرضي الله أحب إلى العبد من شهوة نفسه.

وأيضاً فإن العلم بالسنة المطهرة شفاء لأمراض الجهل والشبهات، كما جاء في حديث صاحب الشجة الذي أفتاه أصحابه بالغسل فاغتسل فمات، فقال النبيصلى الله عليه وسلم: -قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذا لم يعلموا؟ إنما شفاء العي السؤال-.

قال ابن القيم: فلا يخرج مرضه - أي القلب - عن شهوة أو شبهة أو مركب منهما، وهذه الأمراض كلها متولدة عن الجهل ودواؤها العلم.. ولاشك أن رأس العلم وأساسه العلم بكتاب الله وسنة نبيهصلى الله عليه وسلم.

- حكم اتخاذ الشيخ المرشد:

اتخاذ الشيخ المرشد واجب عيني عند الصوفية، كما قال الطيبي: فقد أجمع أهل الطريق على وجوب اتخاذ الإنسان شيخاً له، يرشده إلى زوال تلك الصفات التي تمنعه من دخول حضرة الله بقلبه! ليصح حضوره وخشوعه في سائر العبادات، من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ولاشك أن علاج أمراض الباطن واجب. فيجب على كل من غلبت عليه الأمراض أن يطلب شيخاً يخرجه من كل ورطة! وإن لم يجده في بلده أو إقليمه، وجب السفر إليه -حقائق عن التصوف ص 95-.

ابومهند الجوهي
02-26-2007, 08:31 PM
التزكية عند الصوفية
- د. وليد خالد الربيع -

أهمية اتخاذ الشيخ المرشد

ويرى الصوفية اتخاذ الشيخ ضرورة حتمية، لأن سبل الدين عندهم غامضة يحتاج فيها السالك إلى قائد ودليل يأخذ بيديه، في حين أن الله تعالى يقول: -ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر-، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في بيان وضوح الدين وظهور سبله: -وأيم الله لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها كنهارها سواء<.

- وقال أبو ذر: لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يحرك طائر جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علماً.

- قال الغزالي: يحتاج المريد إلى شيخ وأستاذ يقتدي به لا محالة، ليهديه إلى سواء السبيل، فإن سبيل الدين غامض! وسبل الشيطان كثيرة ظاهرة، فمن لم يكن له شيخ يهديه، قاده الشيطان إلى طرقه لا محالة، فمن سلك سبل البوادي المهلكة بغير خفير، فقد خاطر بنفسه وأهلكها، ويكون المستقل بنفسه كالشجرة التي تنبت بنفسها، فإنها تجف على القرب وإن بقيت مدة وأورقت لم تثمر، فمعتصم المريد شيخه فليتمسك به -الإحياء 3/56-.

ولهذا قال القشيري مبينا ضرورة اتخاذ الشيخ: ثم يجب على المريد أن يتأدب بشيخ، فإن لم يكن له أستاذ لا يفلح أبداً، هذا أبو زيد يقول: من لم يكن له أستاذ فإمامه الشيطان.

- ويقول محمد ماضي أبو العزائم في مذكرة المرشدين والمسترشدين ص 511: يلزم لمن أراد أن يسلك طريق الله تعالى - لتحصل له النجاة والفوز والسعادة والوصول - أن يبدأ أولا بالبحث عن الرجل الحي، العالم بكتاب الله تعالى، والعالم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والعالم بتزكية النفوس وتخليصها من أمراضها ورعوناتها، والعالم بالأخلاق المحمدية، المتجمل بها، الممنوح الحال الذي يجرد النفوس من أوحال التوحيد!! العالم بعلوم اليقين ومشارب الأبرار ومشاهد المقربين، العالم بحقيقة التوحيد الخالص من الشرك الخفي.

وهنا يرد تساؤل وهو ما حكم من لم يحصل له الشيخ المرشد الصوفي؟ أو أنه أهمل ذلك مقتصراً على شيخ التعليم الذي بينه له دينه في عقيدته وعبادته وأخلاقه، فهل يكون بذلك قد حرم من تزكية نفسه وفات عليه الفلاح والنجاة أبداً؟

لاشك أن هذا مخالف لمنهج سلف الأمة الذي ينص على أن النجاة في التمسك بالوحي - الكتاب والسنة - كما قال عز وجل: -اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء-.

- قال الشيخ ابن سعدي: أي الكتاب الذي أريد إنزاله لأجلكم من ربكم الذي يريد أن يتم تربيته لكم، فأنزل لكم هذا الكتاب الذي إن اتبعتموه كملت تربيتكم وتمت عليكم النعمة وهديتم لأحسن الأعمال والأخلاق ومعاليها.

وقال صلى الله عليه وسلم في وصيته الجامعة: -أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن أمر عليكم عبد حبشي، فإنه من يعش منكم بعدي فسير اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة< فبين أن سبيل النجاة إنما هو بالتمسك بالسنة المطهرة وسنة الخلفاء الراشدين ولم يذكر شيوخ التربية كما يزعم الصوفية.

ابومهند الجوهي
02-26-2007, 08:33 PM
هذا اخي الحبيب طارق

قليل من كثير

فمن الذين يقدسون الاشخاص ؟