المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القرية التي أمطرت مطر السوء بين الواقع والقرآن .


سالم بامخشب
05-17-2007, 10:18 AM
كثيرا ما يخاطب الله تعالى بقرآنه هذا الجيل ولا شعور لأحد بذلك ، تتنوع الحجج في أصول الدعوة المهدية المباركة في الإشارة لذلك والتنبيه عليه ، لكن هذه أبرزها خبر " القرية التي مطرت مطر السوء " ومن البداية أركز على مدى ضعف إنكار أو تجاهل أن هذه القرية لم تكتشف إلا بعد عصر الأنبياء بأزمان طويلة جدا ، وأن العبرة التي أراد الله تعالى للناس من خلال كشفه لهم عن أسرارها ، العظة والتدبر والتنبيه الشديد على أن القرآن يخاطب جيلين من الناس على التعيين في كتابه ، فرض لهم فيه النصيب الأوفر من التوعد بالإهلاك ، وما نوع عذاب تلك القرية التي مطرت بمطر السوء إلا صنف من جملة أصناف وتهاويل تنكيلية بدأت تمس أطراف العالم ، وهي آخذة فيهم وبازدياد شديد حتى تشتعل كل سهام الله تعالى المعبرة عن غضبه ، والمرموز لها بالسبع شمعات كما في نبوءة زكريا عليه السلام المعظمة عند اليهود حتى أنهم اتخذوا منها شعارا لدولتهم العنصرية البغيضة .

﴿ بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلاء وَآبَاءهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾.
راجع مقالتي : أين التسونامي في القرآن العزيز ؟!

وقال عز وجل : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ اللّهِ شَيْئاً وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ . مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هِـذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلَـكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ .

انفاقهم كما نرى بما يسمونه تنميات لرفاه الشعوب وهم أكبر نكبة ولعنة حلت بالشعوب يقول تعالى عن اعمالهم تلك واسرافاتهم الشيطانية ﴿ مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ ﴾ .

﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ . أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾. ما صنعوا بدنياهم من بناء وطرق وتنميات للرفاه على ما زعموا لشعوبهم ، وهي لإستدراج شعوبهم للكفر بالله تعالى والتمرد على شريعته ونبذ كتابه ، فحين يتولاهم أكفر من في الأرض جهلا وضلالا وتخلفا لا شك سيكون هذا مصيرهم وقدرهم ، وهذا جزائهم ونصيبهم ﴿ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ ، كل ذلك سيكون كالرماد الذي اشتدت به الريح ، ألا ترون يا عميان كيف أطبقت عليهم رياح الله تعالى الأربعة تعصف بهم ؟! ، والآتي أمرُّ وأشر وسترون من أصدق وعدا ، الله ورسله أم كفرة العريب والأمريكان ومن دار مع دائرتهم الجهنمية ؟

وقال داود عليه السلام في الزبور : يا إلهي بددهم كالقش المتطاير ، وكالتبن في مهب الريح ، كما تحرق النار الغابة ، وكما يشعل لهيبها الجبال ، هكذا طاردهم بعاصفتك وأخزهم بزوبعتك ، املأ وجهوهم خزيا ، ليحل بهم العار والرعب إلى الأبد ، وليخزوا ويهلكوا ، ويعلموا أنك أنت وحدك يهوه العليُّ على الأرض كلها .

لعنهم الله تعالى ، وهل يفلح جيل لعنته الأنبياء والكتب ؟! .

وحين ترجعون لتراث المسلمين ومروياتهم الموثقة لن تجدوا أثرا لتلك " القرية التي مطرت مطر السوء " ولا ذكرا معتمدا على وقوف أحد منهم لا من قرن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا من تلاهم من الخلق ، وبمعرفة من يكون الجيل الذي تم به اكتشاف أمر هذه القرية المعذبة ، يتم لك أخي المؤمن اليقين فيمن وجه له هذا الخطاب :

﴿ وَكُلا ضَرَبْنَا لَهُ الأمْثَالَ وَكُلا تَبَّرْنَا تَتْبِيراً . وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً . وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلا هُزُواً أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً . إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً . أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً ﴾.

نص بتعقيبه على اتخاذهم الآلهة على أنها آلهة من الأهواء وهو داء هذا العصر فكل آلهتهم هوائية أصنام بشرية عبدت بالأهواء القلبية ، حتى ما يتوهم متوهم أنها من أحجار وأخشاب .

وحين يجد المؤمن في بحثه بطول القرآن وعرضه لن يجد ذكرا بالقرآن لهذا المطر " مطر السوء " إلا في هذا الموضع ، وهذا يعني الكثير ويؤكد على الجهة التي وجه لها الخطاب بهذه الآيات في سورة " الفرقان " ! ، ولم في هذه السورة على الخصوص ؟! ، ناهيكم عن توهم الكثير في هذه الأمة التي ما تعرف " الفرقان " هنا إلا على أنه هو " القرآن " ذاته ، مثل توهمهم على أن " الذكر " هو القرآن ذاته ، وكل هذا أوهام تبعد عن الحقيقة الشرعية القدرية في كل من امر " الفرقان " و " الذكر " ، وكما أن القرآن حمل الذكر للناس وفصل فيه ، كذلك الفرقان هو من الذكر وقد فصل أمره بالقرآن العظيم ، لكنه ليس هو القرآن بذاته .

بل القرآن حامل لخبر وتفصيل الذكر والفرقان لا أكثر ، فحمل الذكر والفرقان خبرا شيء ، وتحقق تأويل الذكر والفرقان شيء آخر ، وبذلك نفهم الجمع الصحيح ما بين قوله تعالى : ﴿ تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا ﴾ .

وقوله عز وجل : ﴿ وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ .

إذا الفرقان حد زائد على الكتاب يدل عليه ويبينه قوله سبحانه وتعالى : ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ .

إذا البينات هي الشرح للهدى والفرقان .

ثم تمعن أخي المؤمن بقول الرحمان عز وجل هذا : ﴿ الم . اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ . نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ . مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ . إِنَّ اللّهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء ﴾ . فمن لم يعتبر بهذا أن الفرقان مما أنزل قبل القرآن ، وعلى ما هو صريح كذلك في آيات سورة البقرة (53) ، فأيقن حينها أن القوم في ضلال مبين وقوي قلبك في مخالفتهم في هذا فهو صريح القرآن .

﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْراً لِّلْمُتَّقِينَ ﴾ . وهذا أيضا صريح في انزال الله تعالى الفرقان على موسى وأخيه هارون ، فجعله ذكرى وضياءً للمتقين .

ثم يفتتح سورة بالقرآن سميت بـ " الفرقان " بقوله عز وجل :﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً ﴾ . فهل هذا التنزيل لذكره أم تأويله ؟!

وللإجابة عن هذا السؤال العظيم في المعتقد عليك أخي المؤمن أن تبحث عن خبر ودلالة " القرية التي أمطرت بمطر السوء " ، وهي قرية واحدة لم يذكر خبرها بالقرآن إلا بموضع واحد لا ثاني في ذكرها بالقرآن ، كما أنها قرية واحدة في واقع الناس وطول قرونهم لن يكتشف غيرها ، ولن يمر الناس على غيرها للدلالة من المولى عز وجل على أن الفرقان نزل ، تأويلا بعد ما نزل ذكرا من قبل على موسى وهارون ومحمد وغيرهم من أنبياء الله صلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين .

ألا وإن هذا الموضع من أصرح المواضع في القرآن على بعث المهدي عليه الصلاة والسلام في هذا القرن الشرير ، وأن عليهم ان يستعدوا للقائه ونزول نقمة الله تعالى على هذا القرن الشرير لكفره بدين الله عز وجل وشريعته .

حين تهتدي أخي المؤمن لهذه القرية تمعن عند ذلك بما يتلى بكتاب ربك من ذكرها وتفصيل خبرها ، وأيقن حين ذاك بمن يخاطبه الله تعالى ويذكر من ذكره بتلك الآيات ، ولا يخدعنك الشيطان باتباعه ان هذا مما فات ، لزاما احتجاجا تحجهم بهذا السؤال المتواضع بعدد كلماته لكنه قوي بهدمه على الشيطان ومن صدق عليهم زخارفه وتحريفاته ، قل لهم " دلوني على خبر من مر على القرية التي مطرت مطر السوء لأصدقكم ؟ " بغير هذا لا تقبل ، ولن يستطيعوا لذلك سبيلا قط .

أما قرننا هذا الذي حقت عليه كلمات الله تعالى وستتم على ظهره ، فإيقن من بعد عرضي هذا وتفصيلي أنهم هم من تحقق بهم ما قاله تعالى عن هذه القرية ، وهم من مروا عليها حتى أنهم فعلوا ما لم يفعل من قبل إذ وجدوا اهلها محنطين كالموميات الفرعونية وأخذوا يعرضونهم بالزجاجات ليراهم العالم كله ، فسبحان من صدق وعده بهم ، وبرهن على تحقق تأويل الفرقان بذكرهم ، فخوطب هذا الجيل الشرير الملعون بذكره وذكر رسولهم الذي بعث إليهم ، فكان القرآن يقص من ذلك كما يقص بذكر الأمم السالفة ، والله محيط بالمجرمين ﴿ أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾ .

إن خبر تلك القرية وذكر الرسول معها لمن أعظم آيات الله تعالى ، وقد توعد من يكفر بآياته بالعذاب المبين فقال عز وجل : ﴿ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ . مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ ﴾ .

تفاصيل واقعية في شأن هذه القرية التي مطرت بمطر السوء :