مشاهدة النسخة كاملة : نهتدي..( قصص الصحابة والتابعين) الفهرس في أول مشاركة
مخاوي اليل
07-21-2007, 01:19 AM
--------------------------------------------------------------------------------
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
أوائل الصحابة
في هذا الموضوع بإذن الله .. نتكلم عن بعض من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. يقول الله تعالى عنهم :
" من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلاً". [ الأحزاب : 23] .
وقال عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم :
" أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم" .
الصحابة هم من كانوا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم .. حملوا معه الأمانة وضحوا من أجل إعلاء كلمة الحق وسنحاول أن نلتمس القدوة الحسنة في قليل من كثير من هذا الجيل السالف .. نجمع بعض من فضائلهم وبطولاتهم النادرة كي تكون لنا نبراساً نقتدي به ..وسنضع فهرساً في هذه المشاركة ، ويتم وضع إسم الصحابي الذي سوف نتكلم عنه بإذن الله ..
الفهرس :
(1) بلال بن رباح .
(2) الزبير بن العوام .
(3) عبد الله بن مسعود .
(4) مصعب بن عمير .
(5) عمار بن ياسر .
(6) عبد الله بن الزبير .
(7) حمزة بن عبد المطلب .
(8) خالد بن الوليد .
(9) طلحة بن عبيد الله .
(10) عثمان بن مظعون .
(11) جعفر بن أبي طالب ( جعفر الطيار) .
(12) معاذ بن جبل .
(13) أبو عبيدة بن الجراح .
(14) أبو ذر الغفاري .
(15) أبو هريرة .
(16) معاوية بن أبي سفيان .
مخاوي اليل
07-21-2007, 01:20 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين .
بلال بن رباح
إنه بلال بن رباح الحبشي رضي الله عنه وكان بلال قد بدأ يسمع عن الرسول الذي جاء بدين جديد يدعو إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام ويحثّ على المساواة بين البشرويأمر بمكارم الأخلاق، وبدأ يصغي إلى أحاديث زعماء قريش وهم يتحدثون عن محمد. سمعهم وهم يتحدثون عن أمانته، ووفائه، وعن رجولته، ورجاحة عقله، سمعهم وهم يقولون : ماكان محمد يومًا كاذبًا، ولا ساحرًا، ولا مجنونًا، وأخيرًا سمعهم وهم يتحدثون عن أسباب عداوتهم لمحمد .
فذهب بلال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسلم لله رب العالمين، وينتشر خبر إسلام بلال في أنحاء مكة، ويعلم سيّده أميّة بن خلف فيغضب غضبًا شديدًا وأخذ أميّة يعذب بلالا بنفسه ، كانوا يخرجون به إلى الصحراء في وقت الظهيرة، ذلك الوقت التي تصير فيه الصحراء كأنها قطعة من نار، ثم يطرحونه عاريًا على الرمال الملتهبة، ويأتون بالحجارة الكبيرة، ويضعونها فوق جسده، ويتكرر هذاالعذاب الوحشي كل يوم، ويظل بلال صابرًا مصممًا على التمسك بدينه، فيقول له أمية بن خلف: لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد، وتعبد اللات والعزى، فيقول بلال: أحد.. أحد!!
لقد هانت على بلال نفسه بعدما ذاق طعم الإيمان، فلم يعد يهتم بما يحدث له في سبيل الله، ثم أمر زعماء قريش صبيانهم أن يطوفوا به في شعاب مكة وشوارعها ليكون عبرة لمن تحدثه نفسه أن يتبع محمدًا، وبلال لا ينطق إلا كلمة واحدة، هي: أحد.. أحد، فيغتاظ أميّة ويتفجر غمًّا وحزنًا، ويزداد عذابه لبلال.
وذات يوم، كان أمية بن خلف يضرب بلالاً بالسوط، فمرَّ عليه سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه فقال له: يا أمية ألا تتقي الله في هذا المسكين؟ إلى متى ستظل تعذبه هكذا؟ فقال أميةلأبي بكر: أنت أفسدته فأنقذه مما ترى، وواصل أمية ضربه لبلال، وقد يئس منه، فطلب سيدنا أبو بكر شراءه، وأعطى أمية ثلاث أوقيات من الذهب نظير أن يترك بلالا، فقال أمية لأبي بكر الصديق: فواللات والعزى، لو أبيت إلا أن تشتريه بأوقية واحدة لبعتكه بها، فقال أبو بكر: والله لو أبيت أنت إلا مائة أوقية لدفعتها، وانطلق أبو بكرببلال إلى رسول الله يبشره بتحريره.
وبعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين إلى المدينة واستقرارهم بها، وقع اختيار الرسول صلى الله عليه وسلم على بلال ليكون أول مؤذن للإسلام، ولم يقتصر دور بلال على الآذان فحسب، بل كان يشارك النبي في كل الغزوات، ففي غزوة بدر أول لقاء بين المسلمين وقريش دفعت قريش بفلذات أكبادها، ودارت حرب عنيفة قاسية انتصر فيها المسلمون انتصارًا عظيمًا.
وفي أثناءالمعركة لمح بلال أمية بن خلف، فيصيح قائلاً: رأس الكفر أمية بن خلف، لا نجوتُ إن نجا، وكانت نهاية هذا الكافر على يد بلال، تلك اليد التي كثيرًا ما طوّقها أمية بالسلاسل من قبل، وأوجع صاحبها ضربًا بالسوط.
وعاش بلال مع رسول الله صلى اللهعليه وسلم يؤذن للصلاة، ويحيي شعائر هذا الدين العظيم الذي أخرجه من الظلمات إلى النور، ومن رقِّ العبودية إلى الحرية، وكل يوم يزداد بلال قربًا من قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يصفه بأنه رجل من أهل الجنة، ومع كل هذا، ظل بلال كماهو كريمًا متواضعًا لا يرى لنفسه ميزة على أصحابه.
وذات يوم ذهب بلال يخطب لنفسه ولأخيه زوجتين، فقال لأبيهما: أنا بلال، وهذا أخي، عبدان من الحبشة، كنا ضالين فهدانا الله، وكنا عبدين فأعتقنا الله، إن تزوجونا فالحمد لله، وإن تردّونا فلا حول ولا قوة إلا بالله. فزوجوهما، وكان بلال رضي الله عنه عابدًا لله، ورعًا، كثيرالصلاة، قال له النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم : حدِّثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فإني قد سمعت الليلة خشفة نعليك (صوت نعليك) بين يدي في الجنة ، فقال بلال:
ما عملت عملاً أرجى من أني لم أتطهر طهورًا تامًا في ساعة من ليل ولا نهارإلا صليت لربي ما كتب لي أن أصلي. (أخرجه البخاري) .
حزن بلال حزنًا شديدًا لوفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يستطع أن يعيش في المدينة بعدها، فاستأذن من الخليفة أبي بكر رضي الله عنه في الخروج إلى الشام ليجاهد في سبيل الله، وذكرله حديث رسول الله : (أفضل عمل المؤمنين جهاد في سبيل الله) (أخرجه الطبراني )
وذهب بلال إلى الشام، وظل يجاهد بها حتى توفي رضي الله عنه .
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين.
مخاوي اليل
07-21-2007, 01:20 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
الزبير بن العوام
" إن لكل نبي حوارياً وحواري الزبير بن العوام"
أول سيف شهر في الإسلام هو سيف الزبير بن العوام :
ففي أيام الإسلام الأولى ، سرت شائعة بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قتل ، فما كان من الزبير إلا أن استل سيفه ، وسار في شوارع مكة ، فلقيه الرسول صلى الله عليه وسلم فسأله عما به ، فأخبره الزبير بالنبأ ، فدعا له الرسول صلى الله عليه وسلم بالخير ولسيفه بالغلب ، وكان عمره يومئذٍ خمس عشرة سنة .
ذلك هو الزبير بن العوام ، أمه صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وزوجته أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين ، كان رفيع الخصال عظيم الشمائل ، يدير تجارة ناجحه لكنه أنفق ماله على الإسلام حتى مات مديناً .
الزبير وطلحة :
يرتبط ذكر الزبير دوماً مع طلحة بن عبيد الله ، فهما الإثنان متشابهان في النشأة والثراء والسخاء والشجاعة وقوة الدين ، وحتى مصيرهما كان متشابهاً فهما من العشرة المبشرين بالجنة ، وآخى بينهما الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويجتمعان بالنسب وبالقرابة معه ، وتحدّث عنهما الرسول صلى الله عليه وسلم قائلاً : طلحة والزبير جاراي في الجنة . وكانا من أصحاب الشورى الستة الذين اختارهم سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لإختيار خليفته .
إيمانه وصبره :
كان للزبير رضي الله عنه نصيباً من العذاب على يد عمه ، فقد كان يلفه في حصير ويدخن عليه بالنار ويناديه : اكفر بمحمد أدرأ عنك هذا العذاب ، فيجيب الفتى الغض : لا والله ، لا أعود للكفر أبداً .. وهاجر الزبير إلى الحبشة الهجرتين ، ثم عاد وشهد المشاهد كلها مع الرسول صلى الله عليه وسلم .
غزوة أحد :
في غزوة أحد ، وبعد أن انقلب جيش قريش راجعاً إلى مكة ، ندب الرسول صلى الله عليه وسلم سيدنا أبو بكر والزبير رضي الله عنهما لتعقب جيش المشركين ومطاردته ، فقاد سيدنا أبو بكر والزبير سبعين من المسلمين قيادة ذكية أبرزا فيها قوة جيش المسلمين ، حتى أن قريش ظنت أنهم مقدمة لجيش الرسول القادم لمطاردتهم فأسرعوا هاربين .
بنو قريظة :
وفي يوم الخندق ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم :" من رجل يأتينا بخبر بني قريظة ؟" قال الزبير : أنا . فأعادها الرسول صلى الله عليه وسلم وقال الزبير : أنا وقالها الثالثة وكذلك قال الزبير : أنا ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم :" لكل نبي حوارياً والزبير حواري وابن عمتي ".
وحين طال حصار بني قريظة دون أن يستسلموا ، أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم الزبير وعليّ بن أبي طالب فوقفا أمام الحصن يرددان : والله لنذوقنّ ما ذاق حمزة أو لنفتحنّ عليهم حصنهم ثم ألقيا بنفسيهما داخل الحصن واستطاعا أن يفتحا أبوابه للمسلمين .
يوم حنين :
وفي يوم حنين أبصر الزبير مالك بن عوف زعيم هوازن وقائد جيوش الشرك في تلك الغزوة ، أبصره واقفاً وسط فيلق من أصحابه فاقتحم حشدهم وحده ، وشتت شملهم وأبعدهم عن طريق المسلمين .
حبه للشهادة :
كان الزبير بن العوام شديد الحب للشهادة ، فكان يقول : إن طلحة بن عبيد الله يسمي بنيه بأسماء الأنبياء ، وإني لأسمي بني بأسماء الشهداء لعلهم يستشهدون :
فسمى ولده عبد الله تيمناً بالشهيد عبد الله بن جحش .
وسمى ولده المنذر تيمناً بالشهيد المنذر بن عمرو .
وسمى ولده عروة تيمناً بالشهيد عروة بن عمرو .
وسمى ولده حمزة تيمناً بالشهيد حمزة بن عبد المطلب .
وسمى ولده جعفر تيمناً بالشهيد جعفر بن أبي طالب .
وسمى ولده مصعب تيمناً بالشهيد مصعب بن عمير .
وسمى ولده خالد تيمناً بالشهيد خالد بن سعيد .
هكذا أسماهم راجياً أن ينالوا الشهادة يوماً ما .
وصيته :
كان توكله على الله من منطلق جوده وشجاعته وفدائيته ، وحين كان يجود بروحه ، اوصى ولده عبد الله بقضاء ديونه قائلاً : إذا اعجزك دين فاستعن بمولاي . فسأله عبد الله : أي مولى تعني ؟ فأجابه : الله ، نعم المولى ونعم النصير .
يقول عبد الله فيما بعد : فوالله ما وقعت من كربة في دينه إلا قلت : يا مولى الزبير اقضِ دينه ، فيقضيه .
الشهادة :
لما كان الزبير بوادي السباع ، نزل يصلي ، فأتاه ابن جرموز من خلفه فقتله ، وسارع قاتل إلى عليّ يبشره بقتله الزبير ، فثار سيدنا عليّ رضي الله عنه وأمر بطرد الرجل وقال : بُشّر قاتل ابن صفية بالنار وبكى سيدنا عليّ عندما رأى السيف الذي قتل به الزبير وقال : سيف طالما والله جلا به صاحبه الكرب عن رسول الله ..
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين .
مخاوي اليل
07-21-2007, 01:21 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين .
عبد الله بن مسعود
"ما أعرف أحداً أقرب سمتاً ولا هدياً بالنبي صلى الله عليه وسلم من ابن أم عبد". حذيفة بن اليمان
أول من جهر بالقرآن الكريم في مكة هو عبد الله بن مسعود.. فأمام سادات قريش رفع صوته العذب بقوله تعالى : " الرحمن * علم القرآن * خلق الإنسان * علمه البيان" . [ الرحمن :1 – 4] .
حتى وصل إلى قوله تعالى :" إلا ما شاء الله " فضربه كفار قريش حتى أغشي عليه ، ولما أفاق استأذن النبي صلى الله عليه وسلم أن يعود لما كان منه الليلة السابقة ، فأصابه ما أصابه من عذاب القريش ، وفعلها لليلة ثالثة ورابعة حتى منعه الرسول صلى الله عليه وسلم .
ذلك هو عبد الله بن مسعود بن غافل الهذليّ ، كناه النبي صلى الله عليه وسلم أبا عبد الرحمن ، وكان أبوه قد مات في الجاهلية ، وأمه أسلمت وصحبت النبي صلى الله عليه وسلم ، لذلك كان ينسب إلى أمه أحياناً فيقال له : ابن أم عبد .
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين .
مخاوي اليل
07-21-2007, 01:22 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين .
مصعب بن عمير
" لقد رأيت مصعباً هذا وما بمكة فتى أنعم عند أبويه منه ثم ترك ذلك كله حباً لله ورسوله" من أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم
أول سفير في الإسلام :
فقد اختاره الرسول صلى الله عليه وسلم ليكون سفيره إلى المدينة ، يفقه الأنصار ويعلمهم دينهم ويدعو الجميع إلى الإسلام ويهيئ المدينة ليوم الهجرة ، مع أنه كان هناك من يكبره سناً ، وحمل مصعب الأمانة مستعيناً بما أنعم الله عليه من عقل راجح وخلق كريم ، فنجح في مهمته ودخل أهل المدينة الإسلام .
نسبه:
غرة فتيان قريش وأبهاهم وأوفاهم شباباً ، كان مصعب بن عمير المدلل المنعّم وكما يصفه المسلمين مصعب الخير ، وكان رغم حداثة سنه علم باجتماع المسلمين في دار الأرقم فلم يتردد وسارع إلى هناك واستمع للآيات وهي تتلى فكان له مع الإسلام موعداً.
مصعب مع أمه :
كانت أم مصعب خناس بنت مالك تتمتع بقوة الشخصية ، وكانت تُهاب إلى حد الرهبة ، ولما أسلم مصعب خاف من أمه وقرر أن يكتم اسلامه حتى يقضي الله أمراً ، ولكن أبصره عثمان بن طلحة وهو يدخل إلى دار الأرقم ثم رآه مرة أخرى وهو يصلى مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، فأسرع عثمان إلى أم مصعب ينقل إليها الخبر ، فحبسته أمه في أحد أركان دارها ، حتى علم أن هناك من المسلمين من يخرج إلى الحبشة مهاجراً ، فاستطاع الخروج وهاجر معهم ، ثم عاد إلى مكة ، وحرمته أمه من كل النعم وحاولت حبسه مرة أخرى فآلى على نفسه لئن فعلت ليقتلن كل من تستعين به على حبسه ، وإنها لتعلم صدق عزمه ، فودعته باكية مصرّة على الكفر ، وودعها باكياً مصرّ على الإيمان ، فقالت له : اذهب لشأنك لم أعد أمّاً لك وحاول أن ينصحها لدخول الإسلام ولكنها رفضت .
وهكذا خرج مصعب من النعمة الوارفة التي كان يعيش فيها ، وأصبح يرتدي أخشن الثياب ويعيش عيشة البسطاء .
إسلام سادة مدينة على يديه :
أقام مصعب في المدينة في بيت أسعد بن زرارة ، ونهضا يدعوان الناس إلى الإسلام ، وتعرضا لمواقف كادت تودي بحياتهما ، ففي يوم فاجأهما أسيد بن حضير بن عبد الأشهل شاهراً حربته ، ثائراً غاضباً على الذي جاء يفتن قومه عن دينهم ، وقال : ما جاء بكما إلى المدينة تسفهان ضعفائنا .. اعتزلانا إذا كنتما تريدان العيش ، وبمنتهى الهدوء قال له مصعب : أولا تجلس فتسمع ؟ .. فإن رضيت أمرنا قبلته ، وإن كرهته كففنا عنك ما تكره ، فقال أسيد : أنصفت ، وألقى حربته وجلس يصغي ، ولم يكد مصعب يقرأ القرآن ويفسر الدعوة حتى أخذت أسارير أسيد تشرق ، وأعلن إسلامه ، وسرى الخبر فجاء سعد بن معاذ فأصغى لمصعب واقتنع وأسلم ، ثم تلاه سعد بن عبادة ، وهكذا حتى أسلم كل سادة قريش بالمدينة .
غزوة أحد والشهادة :
في غزوة أحد ، احتدم القتال وخالف الرماة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم وغادروا مواقعهم في أعلى الجبل بعد أن رأوا المشركين ينسحبون ، وكانت النتيجة أن فوجئ المسلمين بفرسان قريش يلتفون حول الجبل ويهجمون عليهم ، فمزقت الفوضى التي حدثت صفوف المسلمين ... وحاول كفار قريش أن ينالوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأدرك مصعب بن عمير ذلك ، فحمل اللواء ومضى يصول ويجول وكل همّه أن يشغل المشركين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبل ابن قميئة وهو من الكفار فضرب مصعب على يده اليمنى فقطعها ، فأخذ مصعب اللواء بيده اليسرى ، ولكن قميئة ضرب أيضاً اليد اليسرى فقطعها ، فأخذ اللواء بين عضديه وصدره ولكن قميئة عاجله بضربة رمح في صدره فسقط شهيداً .
وهكذا استشهد فتى مكة المنعم ولم يجدوا إلا بُردة صغيرة ليكفن بها ، فإذا غطوا رأسه ظهرت قدماه وإذا ستروا قدماه بانت رأسه ، وبكاه الرسول صلى الله عليه وسلم هو وشهداء أحد وقال :" إني أشهد أنكم الشهداء عند الله يوم القيامة .
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين
مخاوي اليل
07-21-2007, 01:22 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين .
عمار بن ياسر
أول من اتخذ مسجداً في بيته هو عمار بن ياسر .
إسلامه :
يقول عمار بن ياسر رضي الله عنه ، لقيت صهيب بن سنان على باب دار الأرقم ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ، فقلت له : ماذا تريد ؟ فأجابني : وماذا تريد أنت ؟ قلت له : أريد أن أدخل على محمد فأسمع ما يقول . قال : وأنا أريد ذلك .
فدخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض علينا الإسلام فأسلمنا وكان إسلامنا بعد بضعة وثلاثين رجلاً .
وأسلم مع عمار أبيه وأمه ، وشأن الأبرار المبكرين أخذ آل ياسر نصيبهم الأوفى من عذاب قريش ، ووكل أمر تعذيبهم إلى بني مخزوم ، يخرجون بهم جميعاً عمار وأمه سميّة وأبوه ياسر كل يوم إلى رمضاء مكة الملتهبة ويوالون تعذيبهم ، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يمر عليهم محيياً صمودهم ويقول :" صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة".
الهجرة :
هاجر عمار الهجرة الثانية إلى الحبشة ، وكذلك هاجر من مكة إلى المدينة ونزل على مبشر بن عبد المنذر ، وآخى الرسول صلى الله عليه وسلم بين عمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان .
حب الرسول صلى الله عليه وسلم لعمار :
استقر المسلمون بعد الهجرة في المدينة ، وكان لعمار مكانة عالية بين المسلمين ، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يحبه حباً عظيماً . يقول عنه صلى الله عليه وسلم :"إن عمار ملئ إيماناً إلى مشاشه أي تحت عظامه ، وحين كان الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه يبنون المسجد بالمدينة يقول أبو سعيد : كنا نحمل في بناء المسجد لبنة لبنة ، وكان عمار يحمل لبنتين لبنتين .
يوم اليمامة :
بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، واصل عمار بن ياسر بطولاته في محاربة الفرس والروم ، وفي يوم اليمامة انطلق عمار في استبسال إذ يرى فتور المسلمين فيرسل بين صفوفهم صياحه المزلزل فيندفعون كالسهام ، يقول عبد الله بن عمر : رأيت عمار بن ياسر يوم اليمامة على صخرة وقف يصيح : يا معشر المسلمين ، أمن الجنّة تفرّون ؟ أنا عمار بن ياسر هلمّوا إلى ، فنظرت إليه فإذا أذنه مقطوعة وهو يقاتل أشد القتال .
عمار والفتنة :
عندما وقع الخلاف بين عليّ كرم الله وجهه ومعاوية ، وقف عمار إلى جانب عليّ وكان عمره ثلاثاً وتسعين عاماً ، وقال للناس : أيها الناس سيروا بنا نحو هؤلاء القوم الذين يزعمون أنهم يثأرون لعثمان ، ووالله ما قصدوا الأخذ بالثأر ، ولكنهم ذاقوا الدنيا ، واستمرأوها ، وعلموا أن الحق يحول بينهم وبين ما يتمرغون فيه من النعيم ، وما لهؤلاء سابقة في الإسلام يستحقون بها طاعة المسلمين لهم ولا الولاية عليهم ، ولا عرفت قلوبهم من خشية الله ما يحملهم على اتباع الحق ، وأنهم ليخدعون الناس بزعمهم يثأرون لدم عثمان ، وما يريدون إلا أن يكونوا جبابرة وملوكاً ، ثم أخذ الراية بيده ورفعها عالياً وصاح في الناس : الجنّة تحت البارقة ، وذا اليوم ألقى الأحبة محمداً وحزبه ، والله لو ضربونا حتى يبلغونا سعفات هجر ، لعلمت أننا على حق وأنهم على باطل ، والله لقد قاتلت بهذه الراية ثلاث مرات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما هذه المرة بأبرّهن ولا أنقاهن .
ولقد حاول رجال معاوية أن يتجنبوا عمار ما استطاعوا حتى لا تقتله سيوفهم ولكن شجاعة عمار وقتاله أفقدتهم صوابهم فاستشهد عمار بن ياسر وكان يقول قبلها : اليوم ألقى الأحبة محمداً وصحبه .
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين .
مخاوي اليل
07-21-2007, 01:23 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين .
عبد الله بن الزبير
أول من كسا الكعبة بالديباج هو عبد الله بن الزبير ، وكان يطيبها حتى يجد ريحها من الحرم .
وهو أول مواليد المدينة : فقد كانت أمه أسماء بنت بي بكر رضي الله عنه حاملاً فيه وهي تقطع الصحراء مغادرة مكة إلى المدينة ، وما كادت تبلغ قباء عند مشارف المدينة ، حتى جاءها المخاض وأنجبت عبد الله ، فحُمِل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقبله وحنكه .
إيمانه :
قال عمر بن عبد العزيز يوماً لأبي مليكة : صف لنا عبد الله بن الزبير . فقال : والله ما رأيت نفساً ركبت بين جنبين مثل نفسه ، ولقد كان يدخل في الصلاة فيخرج من كل شئ إليها ، وكان يركع أو يسجد فتقف العصافير فوق ظهره ، لا تحسبه من طول ركوعه وسجوده إلا جداراً أو ثوباً مطروحاً .
وسُئِل عنه ابن عباس على الرغم ما بينهما من خلاف : كان قارئاً لكتاب الله ، متبعاً سنة رسوله ، قانتاً لله ، صائماً في الهواجر من مخافة الله ، ابن حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنه ، وخالته السيدة عائشة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يجهل حقه إلا من أعماه الله .
فضله :
كان عبد الله بن الزبير من العلماء المجتهدين ، وما كان أحد أعلم بالمناسك منه ، وقال عنه عثمان بن طلحة : كان عبد الله بن الزبير لا ينازع في ثلاثة : شجاعة ، وعبادة ، وبلاغة .
جهاده :
كان عبد الله بن الزبير بطلاً من أبطال الفتوحات الإسلامية ، فقد شارك في فتح إفريقية والأندلس والقسطنطينية ، ففي فتح إفريقية ، وقف المسلمون في عشرين ألف جندي أمام عدو قوامه مائة وعشرون ألف جندي ، وألقى عبد الله نظرة على قوات العدو فعرف مصدر قوته التي تكمن في ملك البربر وقائد الجيش ، فأدرك عبد الله أنه لابد من سقوط هذا القائد ، فنادى للجنود : احموا ظهري واهجموا معي ، وشق الصفوف ببسالة حتى وصل إلى قائد العدو فهوى هو ومن معه عليه وعلى الجنود من حوله فصرعوهم ، وانتهى الأمر بنصر المسلمين .
الإمارة :
بويع عبد الله بن الزبير للخلافة سنة أربع وستين ، عقب موت يزيد بن معاوية ، واتخذ من مكة المكرمة عاصمة خلافته وبسط حكمه على الحجاز واليمن والبصرة والكوفة وخراسان والشام كلها عدا دمشق ، ولكن الأمويين شنوا عليه حروباً متواصلة حتى جاء عهد عبد الملك بن مروان حين ندب لمهاجمة عبد الله بن الزبير في مكة الحجاج بن يوسف الثقفي .
ذهب الحجاج إلى مكة على رأس جيش ، وحاصر أهلها قرابة ستة أشهر ، مانعاً عن الناس الطعام والماء كي يحملهم على ترك عبد الله بن الزبير بدون جيش ولا أعوان ، وتحت وطأة الجوع استسلم الكثير ، ووجد عبد الله نفسه وحيداً ورغم ذلك راح يقاتل جيش الحجاج مع القلة الباقية معه ، وكان استشهاده سنة ثلاث وسبعين .
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين .
مخاوي اليل
07-21-2007, 01:24 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين .
حمزة بن عبد المطلب
سيد الشهداء
أول سرية خرج فيها المسلمون للقاء العدو ، كان قائدها هو حمزة بن عبد المطلب .
أول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد من المسلمين كانت لحمزة بن عبد المطلب .
هو حمزة بن عبد المطلب أبو عمارة ، عم النبي صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة ، كان يتمتع بقوة الجسم ورجاحة العقل وقوة الإرادة ، وكانت له مكانة بين زعماء قريش ، وعندما بدأت الدعوة لدين الله تعالى كان يبهره ثبات ابن أخيه وتفانيه في سبيل إيمانه ودعوته .
إسلام حمزة :
كان حمزة رضي الله عنه عائداً من رحلة صيد ، فقابلته زوجته وقالت له : لو علمت ما لقى ابن أخيك محمداً اليوم من أبي الحكم بن هشام .. وجده جالساً فآذاه وسبه وبلغ منه ما يكرهه ، فخرج حمزة ووصل إلى الكعبة ووجد أبا الحكم جالساً بين القوم ، فأقبل نحوه وضربه بالقوس فشج رأسه ثم قال له : أتسب محمداً وأنا على دينه أقول ما يقول ؟ فرُدّ عليّ ذلك إن استطعت ... وهكذا عرفت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عزّ وامتنع ، وأن حمزة رضي الله عنه سيحميه .
حمزة والإسلام :
منذ أسلم حمزة ، نذر كل حياته وقوته لنصرة الإسلام ، وكناه الرسول أسد الإسلام ، وآخى بينه وبين زيد بن حارثة .. وفي غزوة بدر ، كان حمزة يقاتل بسيفين .
استشهاد حمزة :
( .. أخرج مع الناس ، وإن أنت قتلت حمزة فأنت عتيق ..)
هكذا وعدت قريش عبدها الحبشي وحشي ، غلام جبير بن مطعم ، وكانت غزوة أحد ، وكان حمزة يضرب يميناً ويساراً ويقاتل في شجاعة وقوة ووحشي يراقبه ، حتى تمكن من اصابته بالحربة حتى استشهد فترك وحشي المعركة ، يقول : لم تكن لي بشئ حاجة غيره ، وإنما قتلته لأعتق . واستشهاد سيد الشهداء لم يرض الكافرين ، فقد أفجع حمزة من قبل قريش في سادتها يوم بدر ، فوقعت هند على جثة حمزة وأخذت كبده فأكلتها .
وقد أسلم وحشي لاحقاً .
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين
مخاوي اليل
07-21-2007, 01:25 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين .
خالد بن الوليد
نسبه :
هو خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي ، أمه هي لبابة بنت الحارث أخت أم الفضل بنت الحارث أم بني العباس بن عبد المطلب ، وخالته ميمونة بنت الحارث زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قصة إسلامه :
تعود قصة إسلام خالد بن الوليد إلى ما بعد صلح الحديبية ، حيث أسلم أخوه الوليد بن الوليد ، ودخل الرسول صلى الله عليه وسلم مكة في عمرة القضاء فسأل الوليد عن أخيه خالد ، فقال الوليد : يأتي به الله . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما مثله يجهل الإسلام ، ولو كان يجعل نكايته مع المسلمين على المشركين لكان خير له ، فخرج الوليد يبحث عن أخيه فلم يجده ، فترك له رسالة قال فيها : ( بسم الله الرحمن الرحيم : أما بعد فإني لم أرى أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام وعقلك هو عقلك ، وهل مثل الإسلام يجهله أحد ؟ وقد سألني عنك رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فاستدرك يا أخي ما فاتك فيه ، فقد فاتتك مواطن صالحة ) فكان أن قرأ خالد رسالة أخيه فدخل الإسلام في حينه .
الرحلة إلى المدينة :
يقول خالد في رحلته من مكة إلى المدينة : وددت لو أجد من أصاحب ، فوجدت عثمان بن طلحة فذكرت له الذي أريد فأسرع بالإجابة ، وجاء معنا عمرو بن العاص ليسلم أيضاً ، فلما رآهم الرسول صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه : رمتكم مكة بأفلاذ أكبادها ، وأسلم خالد بن الوليد ومعه عثمان بن طلحة وعمرو بن العاص .
غزوة مؤتة :
كانت غزوة مؤتة أول غزوة شارك فيها خالد بن الوليد ، وقد قُتل قادتها الثلاث : زيد بن حارثة ، وجعفر بن أبي طالب ، وعبد الله بن رواحة رضي الله عنهم ، فسارع إلى الراية ثابت بن أفرم فحملها إلى خالد بن الوليد ، فاعتذر خالد وقال له : انت أحق بها مني ، فلقد شهدت بدراً ، ولكن نادى ثابت بالمؤمنين : أترضون إمرة خالد ؟ فقالوا جميعاً : نعم . فأخذ خالد الراية وأنقذ جيش المسلمين وانقطع في يده تسعة أسياف في هذا اليوم .
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذه الغزوة : أخذ الراية زيد فأصيب ، ثم أخذها جعفر فأصيب ، ثم أخذها ابن رواحة فأصيب ، حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله وسمي خالد من ذلك اليوم سيف الله .
حروب الردة :
لم تنتهي مشاركة خالد في حروب الإسلام عند فتح مكة ، بل جاوز جهاده إلى ما بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فشارك في حروب الردة ، فأوقع بأهل الردة من بني تميم وأهل بزاخة ثم مضى إلى اليمامة ووضع حداً لمسيلمة الكذاب وأعوانه من بني حنيفة .
بلاد الفرس :
وفي فتح بلاد الفرس ، استهل خالد عمله بإرسال كتب إلى جميع ولاة كسرى ونوابه على ألوية العراق ومدائنه كتب فيها :
بسم الله الرحمن الرحيم .. من خالد بن الوليد إلى مرازبة فارس ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ، فالحمد لله الذي فض خدمتكم ، وسلب ملككم ، ووهن كيدكم ، من صلى صلاتنا ، واستقبل قبلتنا ، وأكل ذبيحتنا فذلكم المسلم ، له ما لنا وعليه ما علينا ، فإذا جاءكم كتابي هذا ، فابعثوا إلى بالرهن واعتقدوا مني الذمة ، وإلا فوالذي لا إله غيره ، لأبعثن إليكم قوماً يحبون الموت كما تحبون الحياة . وعندما جاءته أخبار الفرس بأنهم يعدّون جيوشهم لمواجهته ، لم ينتظر ، وإنما سارع ليقابلهم محققاً للإسلام نصر تلو الآخر .
معركة اليرموك :
إمرة الجيش :
أعطى سيدنا أبو بكر الصديق إمرة الجيش لخالد بن الوليد ليواجه جيش الروم الذي بلغ عدده مائتي وأربعين ألف مقاتل ، فوقف خالد بن الوليد مخاطباً جيش المسلمين : إن هذا يوم من أيام الله ، لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي ، أخلصوا عملكم ، وأريدوا الله بعملكم .
تأمين الجيش :
وقبل ان يخوض خالد القتال ، كان يشغل باله احتمال أن يهرب بعض أفراد جيشه ممن هم حديثي العهد بالإسلام ، من أجل هذا دعا نساء المسلمين ، وسلمّهن سيوفاً وأمرهن بالوقوف خلف صفوف المسلمين وقال لهن : من يولي هارباً فاقتلنه .
وانتهت المعركة بفوز المسلمين .
وفاة خالد :
استقر خالد بن الوليد في حمص في الشام ، ثم أصابه المرض ولما شعر بدنو أجله قال : لقد شهدت مائة معركة أو زهاءها ، وما في جسدي شبر إلا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم أو طعنة برمح ، وهأنذا أموت على فراشي كما يموت البعير ، ألا فلا نامت أعين الجبناء .
رحم الله تعالى بطلاً من أبطال الإسلام .. سيدنا خالد بن الوليد .
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين .
مخاوي اليل
07-21-2007, 01:25 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين .
طلحة بن عبيد الله
أحد العشرة المبشرين بالجنة
طلحة الخير
يكفيه وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم له بقوله "من أراد أن ينظر إلى شهيد يمشي على رجليه فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله" .. وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة ، وروي عن موسى بن طلحة عن أبيه قال : لما كان يوم أحد سماه النبي صلى الله عليه وسلم طلحة الخير وفي غزوة ذي العشيرة طلحة الفياض ويوم خيبر طلحة الجود .
نسبه ووصفه
هو طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة القرشي التيمي المكي أبو محمد
كان رجلاً حسن الوجه أبيض يضرب إلى الحمرة مربوعا ، إلى القصر هو أقرب ، رحب الصدر بعيد ما بين المنكبين ضخم القدمين إذا التفت التفت جميعا .
ايمانه
لقد كان طلحة رضي الله عنه من أثرياء قومه ومع هذا نال حظه من اضطهاد المشركين ، وهاجر الى المدينة وشهد المشاهد كلها مع الرسول صلى الله عليه وسلم إلا غزوة بدر ، فقد ندبه النبي صلى الله عليه وسلم ومعه سعيد بن زيد الى خارج المدينة ، وعند عودتهما عاد المسلمون من بدر ، فحزنا حزناً شديداً لتخلفهما عن الغزوة ، فطمأنهما النبي صلى الله عليه وسلم بأن لهما أجر المقاتلين تماما ، وقسم لهما من غنائم بدر كمن شهدها .
بطولته يوم أحد
في غزوة أحد أبصر طلحة رضي الله عنه جانب المعركة الذي يقف فيه الرسول صلى الله عليه وسلم فلقيه هدفا للمشركين ، فسارع وسط زحام السيوف والرماح الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآه والدم يسيل من وجنتيه ، فوقف أمام الرسول صلى الله عليه وسلم يضرب المشركين بيمينه ويساره ، وسند الرسول صلى الله عليه وسلم وحمله بعيدا عن الحفرة التي زلت فيها قدمه ، يقول سيدنا أبو بكر رضي الله عنه عندما يذكر غزوة أحدا "ذلك كله كان يوم طلحة ، كنت أول من جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي الرسول ولأبي عبيدة بن الجراح :"دونكم أخاكم" ونظرنا ، واذا به بضع وسبعون بين طعنة وضربة ورمية ، واذا أصبعه مقطوعة ، فأصلحنا من شأنه . وقد نزل قوله تعالى :" من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ، ومنهم من ينتظر ، وما بدلوا تبديلا ". [ الأحزاب : 23] .
تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية أمام الصحابة الكرام ، ثم أشار الى طلحة قائلا : من سرّه أن ينظر الى رجل يمشي على الأرض ، وقد قضى نحبه ، فلينظر الى طلحة ) ما أجملها من بشرى لطلحة رضي الله عنه .
عطائه وجوده
وهكذا عاش طلحة رضي الله عنه وسط المسلمين مرسياً لقواعد الدين ، مؤدياً لحقوقه ، واذا أدى حق ربه اتجه لتجارته ينمّيها ، فقد كان من أثرى المسلمين ، وثروته كانت دوما في خدمة الدين ، فكلما أخرج منها الشيء الكثير ، أعاده الله اليه مضاعفا ، تقول زوجته سعدى بنت عوف : دخلت على طلحة يوما فرأيته مهموما ، فسألته : ما شأنك ؟ فقال : المال الذي عندي ، قد كثر حتى أهمّني وأكربني وقلت له : ما عليك ، اقسمه فقام ودعا الناس ، وأخذ يقسمه عليهم حتى ما بقي منه درهما .
وفي إحدى الأيام باع أرضاً له بثمن عال ، فلما رأى المال أمامه فاضت عيناه من الدمع وقال : إن رجلاً تبيت هذه الأموال في بيته لا يدري مايطرق من أمر ، لمغرور بالله فدعا بعض أصحابه وحملوا المال معه ومضى في الشوارع يوزعها حتى بات وما عنده منها درهماً .
وكان رضي الله عنه من أكثر الناس براً بأهله وأقاربه ، وكان يعولهم جميعا ، لقد قيل كان لا يدع أحدا من بني تيم عائلا الا كفاه مئونته ، ومئونة عياله ، ويقول السائب بن زيد صحبت طلحة بن عبيد الله في السفر فما وجدت أحدا ، أعم سخاءً على الدرهم ، والثوب ، والطعام من طلحة .
طلحة والفتنة
عندما نشبت الفتنة في زمن سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه ، أيّد طلحة حجّة المعارضين لسيدنا عثمان ، وزكى معظمهم فيما ينشدون من إصلاح ، ولكن عندما قتل سيدنا عثمان رضي الله عنه ، أتم المبايعة هو والزبير لعلي رضي الله عنهم جميعا وخرجوا الى مكة معتمرين ، ومن هناك الى البصرة للأخذ بثأر عثمان ،وكانت ( وقعة الجمل ) عام 36 هجري .
الشهادة
أقلع طلحـة و الزبيـر رضي الله عنهما عن الاشتراك في هذه الحرب ، ولكنهما دفعـا حياتهما ثمنا لانسحابهما ، فالزبير تعقبه رجل اسمه عمرو بن جرموز وقتله غدراً وهو يصلي ، وطلحة رماه مروان بن الحكم بسهم أودى بحياته .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين .
مخاوي اليل
07-21-2007, 01:26 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين .
عثمان بن مظعون
عُرِف بحسن الخلق ورجاحة العقل، وُلِدَ بمكة المكرمة، وأبوه مظعون بن حبيب بن وهب، وأمه سخيلة بنت العنبس، وكان يكنى أبا السائب.
أسلم بعد ثلاثة عشر رجلا، وكان عمره آنذاك ثلاثين عامًا، وعاش في حماية الوليد بن المغيرة، ثم رأى ما يحدث للمسلمين من اضطهاد وتعذيب، بينما هو يمشى آمنًا ولا يتعرض له أحد من المشركين بسوء، فوقف مع نفسه قائلاً: والله إن غدوّي ورواحي آمنًا بجوار رجل من أهل الشرك، وأصحابي وأهل ديني يلقون من الأذى والبلاء ما لا يصيبني لنقص كبير في نفسي، ثم ذهب إلى الوليد وردَّ عليه حمايته، وقال له: يا أبا عبد شمس، قد وفت ذمتك، فرددت إليك جوارك، فقال له الوليد: ولِمَ يا بن أخي؟ لعله آذاك أحد من قومي؟ فقال: لا، ولكني أرضي بجوار الله عز وجل ولا أريد أن أستجير بغيره.
فقال له الوليد: إذن فهيا أردد عليَّ جواري علانية أمام أهل مكة كما أمنتك علانية، فانطلقا حتى وصلا إلى المسجد الحرام، ووقف الوليد، ونادى على الناس بصوت عال، فرد عليه عثمان جواره وقال: قد وجدته وفيًّا كريمًا، حافظًا للجوار، ولكنى أحببت أن لا أستجير بغير الله، فقد رددت عليه جواره.
وكان عثمان ممن حر
حرّم الخمر على نفسه في الجاهلية، وكان يقول: لا أشرب شرابًا يذهب عقلي، ويُضحك بي من هو أدنى مني .
وذات يوم، كان أهل مكة يجتمعون على الشاعر العربي لبيد ابن ربيعة لينشدهم الشعر، فدخل عليهم عثمان، فسمعه يقول:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
فقال عثمان بن مظعون: صدقت، فقال لبيد:
وكل نعيـم لا محــالة زائـــل
فقال عثمان: كذبت، نعيم الجنة لا يزول، فغضب لبيد وقال: يا معشر قريش، والله ما كان يؤذي جليسكم، فمتى حدث فيكم هذا؟
فقام رجل من المشركين إلى عثمان، وضربه على إحدى عينيه ضربة شديدة أوجعته وأصابت عينه بضرر شديد، ورأى الوليد بن المغيرة ما حدث لعثمان بن مظعون، فقال: أما والله يابن أخي إن كانت عيناك عما أصابها لغنية، لقد كنت في ذمة ومنعة.
فقال عثمان: بلى والله إن عيني الصحيحة لفقيرة إلى ما أصاب أختها في سبيل الله، وإني لفي جوار من هو أعز منك وأقدر، يا أبا عبد شمس. فقال الوليد: هلمَّ يابن أخي فَعُدْ إلى جواري، فقال عثمان: لا.
وحينما أذن للمسلمين بالهجرة إلى المدينة، هاجر معهم عثمان،وعاش مع المسلمين حتى جاءت غزوة بدر، فقاتل مع المسلمين،بقي في الحبشة حتى ذيع الخبر الكاذب باسلام قريش رجعوا إلى مكة و لكنهم اكتشفوا الكذبة فدخل كل مسلم بجوار احد زعماء قريش ، دخل عثمان بجوار الوليد بن المغيرة .
كان كثير الاجتهاد في العبادة حتى أن زوجته اشتكت منه فعاتبه الرسول وكان رضي الله عليه يصوم النهار ويقوم الليل .
وفاته :
نصّ كثير من المؤرّخين : على أنّ عثمان بن مظعون أول من مات بالمدينة من المهاجرين ، وذلك بعد أن شهد بدراً ، أي في السنة الثانية من الهجرة وهو أول من دفن بالبقيع .قال الرسول فيه:" رحمك الله يا عثمان ما أصبت من الدنيا و لا أصابت منك شيئا "..
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين .
مخاوي اليل
07-21-2007, 01:27 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين .
جعفر بن أبي طالب الداعي المجاهدالطيار
جعفر أبي طالب الهاشمي القرشي المعروف بجعفر الطيار، أمّه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، كنيته أبو عبد الله، وكناه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا المساكين لأنَّه كان يعطف على المساكين ويتفقدهم ويجلس معهم، ولد بمكة قبل البعثة.
كان من السابقين إلى الإسلام، فقد أسلم بعد إسلام أخيه عليّ بن أبي طالب بقليل، ثاني من صلَّى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرجال في أوّل جماعة عُقدت في الإسلام، هاجر في السنة الخامسة من البعثة مع الدفعة الثانية التي هاجرت إلى الحبشة، وكان جعفر على رأس المهاجرين، وصحب معه زوجته أسماء بنت عميس.
لمنـزلته العظيمة ودوره الكبير في نشر الإسلام وتبليغه، ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر سهماً من الغنيمة حاله حال المقاتلة، ولـم يكن جعفر حاضراً فيها.
قدم على الرسول صلى الله عليه وسلم في السنة السابعة من الهجرة، حيث كان فتح خيبر، فاعتنقه الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: "ما أدري بأيّهما أنا أشدّ حرصاً، بقدوم جعفر أم بفتح خيبر".
لُقب جعفر بذي الهجرتين لأنه هاجر من مكة إلى الحبشة، ومنها إلى المدينة، حيث أنزله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جانب المسجد، واختار له منـزلاً هناك.
أمّره رسول الله صلى الله عليه وسلم على جيش المسلمين في غزوة مؤتة، فإن قُتل فزيد بن حارثة، فإن قتل فعبد الله بن رواحة.
قُطعت يده اليمنى فقاتل باليسرى حتّى قطعت، فضرب وسطه فسقط شهيداً سنة 8هـ في مؤتة، وهي قرية من قرى البلقاء في حدود الشام، ودفن بها.
حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم لوفاته حزناً شديداً، وبكى عليه، وقال: "على مثل جعفر فلتبكِ البواكي".
وقال صلى الله عليه وسلم واصفًا خصال جعفر: "إنَّ خُلُقك خُلُقي، وأشبه خَلْقك خَلْقي، فأنت مني ومن شجرتي".
وقال صلى الله عليه وسلم لمّا قُتل جعفر: "إنَّ الله أبدله بيديه جناحين يطير بهما في الجنّة حيث شاء".
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين.
مخاوي اليل
07-21-2007, 01:28 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين .
معاذ بن جبل إمام العلماء
هو معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس، يُكنى أبا عبد الرحمن، أسلم وهو ابن ثماني عشرة سنة، وشهد العقبة مع السبعين وبدرًا والمشاهد كلها مع رسول الله، وبعثه إلى اليمن بعد غزوة تبوك ، وكان له من الولد عبد الرحمن وأم عبد الله وولد آخر لم يذكر اسمه.
صفته رضي الله عنه
عن أبي بحرية يزيد بن قطيب السكونى قال: دخلت مسجد حمص فإذا أنا بفتى حوله الناس، جعد قطط، فإذا تكلم كأنما يخرج من فيه نور ولؤلؤ، فقلت من هذا قالوا معاذ بن جبل.
وعن أبي مسلم الخولاني قال: أتيت مسجد دمشق فإذا حلقة فيها كهول من أصحاب محمد وإذا شاب فيهم أكحل العين براق الثنايا كلما اختلفوا في شيء ردوه إلى الفتى قال: قلت لجليس لي من هذا؟ قالوا هذا معاذ بن جبل.
وعن الواقدي عن أشياخ له قالوا: كان معاذ رجلا طَوَالا أبيض حسن الشعر عظيم العينين مجموع الحاجبين جعدا قططا.
ثناء رسول الله على معاذ
عن أنس قال: قال رسول الله: "أعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل" رواه الإمام أحمد.
وعن عاصم بن حميد عن معاذ بن جبل قال: لما بعثه رسول الله إلى اليمن خرج معه رسول الله يوصيه ومعاذ راكب ورسول الله يمشي تحت راحلته، فلما فرغ قال: يا معاذ، إنك عسى ألا تلقاني بعد عامي هذا، ولعلك تمر بمسجدي هذا وقبري، فبكى معاذ خشعًا لفراق رسول الله، ثم التفت فأقبل بوجهه نحو المدينة فقال: إن أولى الناس بي المتقون من كانوا وحيث كانوا.
نبذة من زهده
عن مالك الداري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخذ أربعمائة دينار فجعلها في صرة فقال للغلام : اذهب بها إلى عبيدة بن الجراح ثم تَلَهَّ ساعةً في البيت حتى تنظر ما يصنع، فذهب الغلام قال: يقول لك أمير المؤمنين اجعل هذه في بعض حاجتك، قال: وَصَله الله ورحمه، ثم قال: تعالي يا جارية اذهبي بهذه السبعة إلى فلان، وبهذه الخمسة إلى فلان، وبهذه الخمسة إلى فلان حتى أنفذها، فرجع الغلام إلى عمر فأخبره فوجده قد أعد مثلها لمعاذ بن جبل فقال: اذهب بها إلى معاذ بن جبل وتَلَهَّ في البيت ساعة حتى تنظر ما يصنع، فذهب بها إليه، قال: يقول لك أمير المؤمنين اجعل هذه في بعض حاجتك، فقال: رحمه الله ووصله، تعالي يا جارية اذهبي إلى بيت فلان بكذا، اذهبي إلى بيت فلان بكذا، فاطلعت امرأته فقالت: ونحن والله مساكين فأعطنا، ولم يبق في الخرقة إلا ديناران فدحا (فدفع) بهما إليها، فرجع الغلام إلى عمر فأخبره بذلك فقال: إنهم إخوة بعضهم من بعض.
نبذة من تعبده واجتهاده
عن ثور بن يزيد قال: كان معاذ بن جبل إذا تهجد من الليل قال: اللهم قد نامت العيون وغارت النجوم وأنت حي قيوم: اللهم طلبي للجنة بطيء، وهربي من النار ضعيف، اللهم اجعل لي عندك هدى ترده إلي يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد.
نبذة من مواعظه وكلامه
عن أبي إدريس الخولاني أن معاذ بن جبل قال : إن من ورائكم فتناً يكثر فيها المال ويفتح فيها القرآن حتى يقرأه المؤمن والمنافق والصغير والكبير والأحمر والأسود فيوشك قائل أن يقول ما لي أقرأ على الناس القرآن فلا يتبعوني عليه فما أظنهم يتبعوني عليه حتى أبتدع لهم غيره إياكم وإياكم وما ابتدع، فإن ما ابتدع ضلالة وأحذركم زيغة الحكيم فإن الشيطان يقول علي في الحكيم كلمة الضلالة، وقد يقول المنافق كلمة الحق فاقبلوا الحق فإن على الحق نورًا، قالوا: وما يدرينا رحمك الله أن الحكيم قد يقول كلمة الضلالة؟ قال هي كلمة تنكرونها منه وتقولون ما هذه فلا يثنكم فإنه يوشك أن يفيء ويراجع بعض ما تعرفون.
وعن عبد الله بن سلمة قال: قال رجل لمعاذ بن جبل: علمني، قال وهل أنت مطيعي قال: إني على طاعتك لحريص قال: صم وأفطر، وصل ونم، واكتسب ولا تأثم، ولا تموتن إلا وأنت مسلم، وإياك ودعوة المظلوم.
وعن معاوية بن قرة قال: قال معاذ بن جبل لابنه: يا بني، إذا صليت فصل صلاة مودع لا تظن أنك تعود إليها أبدًا واعلم يا بني أن المؤمن يموت بين حسنتين: حسنة قدمها وحسنة أخرها. وعن أبي إدريس الخولاني قال: قال معاذ: إنك تجالس قومًا لا محالة يخوضون في الحديث، فإذا رأيتهم غفلوا فارغب إلى ربك عند ذلك رغبات. رواهما الإمام أحمد.
وعن محمد بن سيرين قال: أتى رجل معاذ بن جبل ومعه أصحابه يسلمون عليه ويودعونه فقال: إني موصيك بأمرين إن حفظتهما حُفِظْتَ : إنه لا غنى بك عن نصيبك من الدنيا وأنت إلى نصيبك من الآخرة أفقر، فآثر من الآخرة على نصيبك من الدنيا حتى ينتظمه لك انتظاما فتزول به معك أينما زلت.
وعن الأسود بن هلال قال: كنا نمشي مع معاذ فقال: اجلسوا بنا نؤمن ساعة.
وعن أشعث بن سليم قال: سمعت رجاء بن حيوة عن معاذ بن جبل قال: ابتليتم بفتنة الضراء فصبرتم، وستبتلون بفتنة السراء، وأخوف ما أخاف عليكم فتنة النساء إذا تسورن الذهب ولبسن رياط الشام وعصب اليمن فأتعبن الغني وكلفن الفقير ما لا يجد.
مرضه ووفاته
عن طارق بن عبد الرحمن قال: وقع الطاعون بالشام فاستغرقها فقال الناس ما هذا إلا الطوفان إلا أنه ليس بماء، فبلغ معاذ بن جبل فقام خطيبًا فقال: إنه قد بلغني ما تقولون وإنما هذه رحمة ربكم ودعوة نبيكم، وكموت الصالحين قبلكم، ولكن خافوا ما هو أشد من ذلك أن يغدو الرجل منكم من منزله لا يدري أمؤمن هو أو منافق، وخافوا إمارة الصبيان.
وعن عبد الله بن رافع قال لما أصيب أبو عبيدة في طاعون عمواس استخلف على الناس معاذ بن جبل واشتد الوجع فقال الناس لمعاذ : ادع الله أن يرفع عنا هذا الرجز فقال إنه ليس برجز ولكنه دعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم وشهادة يختص الله بها من يشاء من عباده منكم، أيها الناس أربع خلال (خصال) من استطاع منكم أن لا يدركه شيء منها فلا يدركه شيء منها، قالوا: وما هن ؟ قال : يأتي زمان يظهر فيه الباطل ويصبح الرجل على دين ويمسي على آخر، ويقول الرجل والله لا أدري علام أنا؟ لا يعيش على بصيرة ولا يموت على بصيرة، ويعطى الرجل من المال مال الله على أن يتكلم بكلام الزور الذي يسخط الله، اللهم آت آل معاذ نصيبهم الأوفى من هذه الرحمة.
واتفق أهل التاريخ أن معاذً ـ رضي الله عنه ـ مات في طاعون عمواس بناحية الأردن من الشام سنة ثماني عشرة، واختلفوا في عمره على قولين: أحدهما : ثمان وثلاثون سنة، والثاني : ثلاث وثلاثون.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين .
مخاوي اليل
07-21-2007, 01:29 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين .
أبو عبيدة بن الجراح
هو عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال الفهري القرشي ويكنى بأبي عبيدة، أحد السابقين الأولين إلى الإسلام أسلم على يد سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه في الأيام الأولى للإسلام، هاجر إلى الحبشة في الهجرة الثانية، وقال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لكل أمة أمينا وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجرّاح".وهومن أحد العشرة المبشرين بالجنة .
قاد غزوة الخبط عندما أرسله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أميراً على ثلاثمائة وبضعة عشرة مقاتلاً ومعهم قليل من الزاد ، وعندما نفد الزاد راحوا يتصيدون الخبط أي ورق الشجر فيسحقونه ويسفونه ويشربون عليه الماء لهذا سميت هذه الغزوة بغزوة الخبط. كما كان أحد القادة الأربعة الذين اختارهم سيدنا أبو بكر رضي الله عنه لفتح الشام وهم: يزيد بن أبي سفيان ، وشرحبيل بن حسنة ، وعمرو بن العاص ، وأبو عبيدة بن الجراح. عيّنه سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قائداً عاماً على جيوش الشام، وفي المعركة لاقى أباه مع صف المشركين في بدر فنازله وقتله.
شارك في معركة اليرموك وقد أمره الخليفة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الجيش بدلاً من خالد أبن الوليد ولكنه أخفى أمر الأمارة عن خالد إلى أن انتهى خالد من المعركة محرزاً النصر ثم أعلمه بأمر سيدنا عمر فسأله خالد: يرحمك الله أباعبيدة، ما منعك أن تخبرني حين جاءك الكتاب؟ فأجاب أبوعبيدة: إني كرهت أن أكسر عليك حربك، وما سلطان الدنيا نريد، ولا للدنيا نعمل ، كلنا في الله أخوة.
قال عنه سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يجود بأنفاسه: لو كان أبو عبيدة بن الجراح حياً لاستخلفته فإن سألني ربي عنه قلت: استخلفت أمين الله، وأمين رسوله. وقال عنه: لو كنت متمنيا ما تمنيت إلا بيتا مملوءا برجال من أمثال أبي عبيدة.
من أشهر ما قال أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه خطبته في أهل الشام وهو أميرهم:
يا أيها الناس إني مسلم من قريش وما منكم من أحد، أحمر، ولا أسود، يفضلني بتقوى إلا وددت أني في إهابه .
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين
مخاوي اليل
07-21-2007, 01:29 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين .
أبو ذر الغفاري
أبو ذر ، جندب بن جنادة الغفاري أحد السابقين الأولين وخامس خمسة في الإسلام .
إسلامه
كان يتسمّع الأنباء من بعيد، وكلما سمع قوما يتحدثون عن محمداقترب منهم في حذر، حتى جمع من نثارات الحديث من هنا وهناك ما دله على سيدنا محمد بن عبد الله ، وعلى المكان الذي يستطيع أن يراه فيه. و في صبيحة يوم ذهب إلى مكة فوجد هناك الرسول صلى الله عليه وسلم جالساً وحده، فاقترب منه وسلم عليه ، ورد عليه الرسول السلام وسأله : من أين أنت؟
فقال : من غفار وهي قبيلة مشهورة في السطو ، فتعجب الرسول أن يأتيه أحد قطاع الطرق يريد الإسلام في بداية الدعوة التي كانت سراً ولم يجهر بها ، ولكن الله يهدي من يشاء فقد كان متمرداً على عبادة الأصنام وما أن سمع بوجود نبي يسفّه عبادة الأصنام حتى أتاه وأعلن إسلامه عند رسول الله فكان ترتيبه الخامس أو السادس .
فقال له الرسول : يا أبا ذر أكتم هذا الأمر ، وأرجع إلى قومك ،وإذا بلغك ظهورنا فأقبل.
فقال :والذي بعثك بالحق لأصرخن بها بين أظهرهم ، فصاح : يا معشر قريش أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ، فقاموا على ضربه حتى خلصه العباس عم النبي بحيلة أنكم تجار وستمرون في طريقكم على غفاروهذا من رجالها فتركوه.
وهكذا بدأت شخصية أبو ذر بالقوة بالحق وأنه لا تأخذه في الله لومة لائم في الحق ، مع حدة وصلابة تميز بها ، فعاد أبو ذر مسلما إلى قومه .
الفقراء أولى
وفي خلاقة عثمان رأى من إقبال الناس على الدنيا وانغماسهم في الترف ما أذهله ودفعه لاستنكار ذلك، وكانت له دعوة يحث بها الأغنياء على مواساة الفقراء والجيران والتنازل لهم عما زاد عن الحاجة حتى ولع الفقراء بمثل هذا وأوجبوه على الأغنياء، حتى شكا الأغنياء ما يلقون من الناس.
فشكا معاوية بدوره إلى الخليفة عثمان رضي الله عنهما؛ فاستقدمه عثمان إلى المدينة ودار بينهم حوار، قال عثمان: يا أبا ذر، ما لأهل الشام يشكون ذربك؟ (أي كثرة كلامك). فأخبره أبو ذر: بأن الأغنياء تزيد أموالهم عن حاجتهم والفقراء في حاجة.
فقال عثمان: يا أبا ذر، عليّ أن أقضي ما عليّ، وآخذ ما على الرعية، ولا أجبرهم على الزهد وأن أدعوهم للاجتهاد والاقتصاد، ولكن أبا ذر يرى أنه لا يجب الاكتفاء بالزكاة الواجبة والأمة فيها جياع وفقراء لا يجدون ما يسد حاجتهم.
فأبو ذر المعتمد في دعوته على الأدلة القرآنية الأحاديث النبوية التي يراها ملزمة للناس أن يخرجوا عما زاد عن حاجتهم ولو أدوا زكاة أموالهم فهذا زهد ودرجة من التقرب إلى الله، ولكن ليس للحاكم أن يجبر الناس على هذه الدرجة العالية من الزهد؛ فأمره عثمان بالانتقال إلى "الربذة"، وهي قرية صغيرة من قرى المدينة فرحل إليها وأقام بها بعيدًا عن الناس، زاهدًا بما في أيديهم مستمسكًا بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه من إيثار الباقية على الفانية.
المدينة المنورة
بعد مرور الأيام و هجرة الرسول إلى المدينة واستقرار المسلمين فيها ، يأتي يوم وإذا صفوف من المشاة والركبان فيها قبيلة غفار برجالها ونسائها وقبيلة أسلم يقودهم أبو ذر إلى المدينة مسلمين ، فتعجب الرسول صلى الله عليه وسلم من صنيع ودعوة أبو ذر ، وأستقبلهم ونظر إلى قبيلة غفار وقال : غفار غفر الله لها. ثم إلى قبيلة أسلم فقال: وأسلم سالمها الله ، ثم قال الرسول لأبي ذر : ما أقلّت الغبراء، ولا أظلّت الصحراء أصدق من أبي ذر .
كن أبا ذر
في غزوة تبوكأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالتهيؤ لملاقاة الروم ، وكانت أيام عسر ومشقة وحر شديد ، وتخلف فيها من تخلف من المنافقين والمعذورين ، وكان منهم أبو ذر الذي تخلف وأبطا به بعيره فما كان منه إلا أن نزل من فوق ظهر البعير وأخذ متاعه وحمله على ظهره ومضى ماشيا على قدميه مهرولا وسط صحراء ملتهبة حتى يدرك الرسول وصحبه ، فتوقف الرسول والصحابة وقفة أستراحة حتى رأى أحدهم رجل يمشي على الطريق وحده فقال الرسول : كن أبا ذر . فلما أقبل كان هو أبو ذر .
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : يرحم الله أبا ذر ، يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده .
الحديث النبوي
روى عنه: حذيفة بن أَسِيد الغِفاري، وابن عباس، وأنس بن مالك، وابن عمر، وجُبـير بن نُفير، وأبو مسلم الخَولاني، وزيدُ بن وهب، وأبو الأسود الدُّئِلي، ورِبعيُّ بنُ حِراش، والمعرور بن سُويد، والكثير غيرهم .
من أقواله
والذي نفسي بيده لو وضعتم السيف فوق عنقي ثم ظننت أني منفذ كلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن تحتزوا لأنفذتها.. لله درك يا أبا ذر أي رجل كنت رضى الله عنك ، ونحن الآن بحاجة إلى أبي ذر لا يخشى في الله لومة لائم
وفاته
مات في الربذة حيث جلست زوجته بجواره تبكي فيسألها: فيم البكاء والموت حق ؟ ، فتجيبه: لأنك تموت وليس عندي ثوب يسعك كفناً. فيقول لها : لا تبكي، فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وأنا عنده في نفر من أصحابه يقول: ليموتنّ رجل منكم بفلاة من الأرض، تشهده عصابة من المؤمنين. فأتت قافلة على رأسهم عبدالله بن مسعود . فعرفه ووقف على جثمانه قائلا : صدق رسول الله ، تمشي وحدك، وتموت وحدك، وتبعث وحدك .
المصادر:
سير أعلام النبلاء ـ للإمام الذهبي.
صور من حياة الصحابة ـ عبد الرحمن رأفت الباشا.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين .
مخاوي اليل
07-21-2007, 01:30 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين .
أبو هريرة
أكثر الناس رواية و من أشهر صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم . اسمه في الجاهلية عبد شمس بن صخر ولما أسلم سماه رسول الله صلى الله عليه و سلم عبد الرحمن بن صخر الدوسي نسبة إلى قبيلة دوس من قبيلة زهران الحالية . أما سر كنيته : أنه كان يرعى الغنم و معه هرة صغيرة يعطف عليها ويضعها في الليل في الشجر ويصحبها في النهار فكناه قومه أبا هريرة.
اسلامه
قيل قدم المدينة مسلماً والرسول في خيبر سنة سبع ، فصلى خلف سباع الذي استخلفه الرسول على المدينة حتى قدم الرسول منتصرا من اليهود في خيبر.
حياته
كان أبو هريرة من أشد الناس فقراً ، حيث كان ينتمي إلى أهل الصفة.
يقول أبو هريرة: إني كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع ، فمرّ بي أبو بكرالصديق رضي الله عنه ، فسألته عن آية في كتاب الله ما أسأله إلا ليستتبعني فمرّ ولم يفعل ، فمرّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فكذلك حتى مرّ رسول الله صلى الله عليه و سلم فعرف في وجهي الجوع . فقال الرسول :" أقبل أبا هريرة" . فقال أبو هريرة: لبيك يا رسول الله ، فدخلت معه البيت فوجد حليباً في قدح فقال :" من أين لكم هذا؟ " قيل أرسل به إلينا فلان ، فقال :" يا أبا هريرة: فانطلق إلى أهل الصفة فادعهم ، وكان أهل الصفة أضياف الإسلام لا أهل ولا مال ، إذا أتت رسول الله صلى الله عليه و سلم صدقة أرسل بها إليهم ولم يصب منها شيئا ، وإذا جاءته هدية أصاب منها وأشركهم فيها ، فأقبلوا مجتمعين فلما جلسوا قال صلى الله عليه وسلم : "خذ يا أبا هريرة فأعطهم فجعلت أعطي الرجل يشرب حتى يروى حتى إذا أتيت على جميعهم ناولته رسول الله صلى الله عليه و سلم فرفع رأسه لي مبتسما وقال: "اشرب" فشربت ، فقال:" اشرب" فشربت فما زال يقول اشرب فأشرب حتى قلت: والذي بعثك بالحق ما أجد مساغا فأخذ فشرب من الفضلة".
قال أبو هريرة: أقبلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع رجلاً يقرأ "قل هو الله أحد" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "وجبت" . فسألته : ماذا يا رسول الله؟ فقال: "الجنة ". قال أبوهريرة : فأردت أن أذهب إليه فأبشره ثم فرقت أن يفوتني الغداء مع رسول الله فآثرت الغداء ثم ذهبت إلي الرجل فوجدته قد ذهب.
و قد كان أبو هريرة عالما مجاهدا وعابدا، فقد أخرج أحمد عن أبي عثمان النهدي قال: تضيفت أبا هريرة ( أي كنت في ضيافته) فكان هو وامرأته وخادمه يقسّمون الليل أثلاثا، يصلي هذا ثم يوقظ هذا.
أبو هريرة والحديث الشريف
يعتبر أبو هريرة من الشخصيات التي يختلف حولها بخصوص رواية الحديث، فبينما يرى البعض ان أبو هريرة قد عاشر رسول الله صلى الله عليه وسلم عاما وتسعة أشهر أو ثلاثة أعوام حسب بعض الروايات ،وروى عنه حوالي 5374 حديث، أخرج منها البخاري 446 حديث . ويرى البعض الآخر بأن الله حبب لأبي هريرة صحبة رسول الله صلى الله عليه و سلم و حفظ أحاديثه فكان أكثر رواة أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و حفظ للمسلمين ثروة طائلة من السنة النبوية ، و قد اختاره الله لهذه المهمّة الجليلة فوهبه ذاكرة قوية محققا دعوة خير البرية.
روي عن أبو هريرة في صحيح البخاري وصحيح مسلم :
أنه قال : إنكم تزعمون أن أبا هريرة يكثر الحديث عن النبي صلى الله عليه و سلم ، إني كنت امرءٍ مسكيناً صحبت النبي صلى الله عليه و سلم ، وكان المهاجرون تشغلهم التجارة في الأسواق ، و كانت الأنصار يشغلهم القيام على جمع أموالهم. فحضرت من النبي صلى الله عليه و سلم مجلسا فقال: من بسط رداءه حتى أقضي مقالتي ثم يقبضه إليه فلن ينسى شيئا سمعه مني, فبسطت ردائي على حتى قضي حديثه ثم قبضتها إلي ، فوالذي نفسي بيده لم أنسى شيئا سمعته منه صلى الله عليه و سلم.
روى النسائي : في باب العلم من سننه أن رجلاً أتى إلى زيد بن ثابت فسأله عن شيء فقال: عليك بأبي هريرة ، فإني بينما أنا جالس و أبو هريرة و فلان في المسجد ذات يوم ندعو الله و نذكره إذ خرج علينا النبي صلى الله عليه و سلم حتى حضر إلينا فسكتنا فقال: عودوا للذي كنتم فيه. فقال زيد : فدعوت أنا و صاحبي قبل أبي هريرة ، و جعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يؤمن على دعائنا ، ثم دعا أبو هريرة ، فقال : اللهم إني أسألك ما سألك صاحبي و أسألك علما لا ينسى ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "آمين " . فقلنا: يا رسول الله نحن نسأل الله علما لا ينسى فقال بها الغلام الدوسي. وهذا يدل على مدى شغل أبي هريرة و تلهفه على تحصيل العلم النبوي فكان شغله الشاغل .
عن أبي هريرة أنه قال : يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :" لقد ظننت يا أبا هريرة أنه لا يسألني عن هذا الحديث أحد أولى منك لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصا قلبه " .
جهاده
شهد حرب الردة مع سيدنا أبو بكر وسيدنا عليّ رضي الله عنهما ، بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم. أخرج الإمام أحمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :" أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم و أموالهم إلا بحقها و حسابهم على الله تعالى" . قال : فلما كانت الردة قال سيدنا عمر لسيدنا أبي بكر رضي الله عنهما : تقاتلهم و قد سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : كذا و كذا؟ فقال سيدنا أبو بكر : و الله لا أفرق بين الصلاة و الزكاة و لأقاتلن من فرق بينهما. قال أبو هريرة فقاتلت معه.
بعض الأقول فيه رضى الله عنه
ذكر ابن سعد في الطبقات أن أبا هريرة رضي الله عنه حدَّث ذات مرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بحديث ( من شهد جنازة فله قيراط ) ، فقال ابن عمر : " انظر ما تحدث به يا أبا هريرة فإنك تكثر الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ بيده فذهب به إلى عائشة ، فقال : أخبريه كيف سمعتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ، فصدَّقَت أبا هريرة ، فقال أبو هريرة : يا أبا عبد الرحمن والله ما كان يشغلني عن النبي صلى الله عليه وسلم غرس الوَدِيِّ ، ولا الصفق بالأسواق ، فقال: ابن عمر : " أنت أعلمنا يا أبا هريرة برسول الله صلى الله عليه وسلم وأحفظنا لحديثه . وأصله في الصحيح .
وأخرج ابن كثير في تاريخه عن أبي اليسر عن أبي عامر قال : كنت عند طلحة بن عبيد الله ، إذ دخل رجل فقال : يا أبا محمد ، والله ما ندرى أهذا اليماني أعلم برسول الله منكم ؟ أم يقول على رسول الله ما لم يسمع ، أو ما لم يقل ، فقال طلحة : والله ما نشك أنه قد سمع من رسول الله ما لم نسمع ، وعلم ما لم نعلم ، إنا كنا قوماً أغنياء ، لنا بيوتات وأهلون ، وكنا نأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار ثم نرجع ، وكان هو مسكيناً لا مال له ولا أهل ، وإنما كانت يده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يدور معه حيث دار ، فما نشك أنه قد علم ما لم نعلم ، وسمع ما لم نسمع . وقد رواه الترمذى أيضاً . وروى في فضائل الحسن و الحسين أكثر من حديث ، وهو الذي كشف عن بطن الحسن رضي الله عنه ، وقال : أرني أقبل منك حيث رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل .
وفاته
طال عمر أبي هريرة بعد الرسول صلى الله عليه و سلم 47 عاما. دخل مروان عليه في مرضه الذي مات فيه فقال شفاك الله ، فقال أبو هريرة : اللهم إني أحب لقاءك فأحب لقائي ، ثم خرج مروان فما بلغ وسط السوق حتى توفي ابو هريرة رحمه الله ، بالمدينة المنورة ودفن بالبقيع سنة 57 هـ عن عمر يناهز 78 عاما قضاها في خدمة حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم .
و قد روى عنه نحو ثمانمائة رجل من أهل العلم من الصحابة والتابعين و غيرهم ، و روى عنه أصحاب الكتب الستة و الإمام مالك بن أنس في موطأه ، و الإمام أحمد بن حنبل في مسنده ، و قد جمع أبو إسحاق ابراهيم بن حرب العسكري المتوفى سنة 282 هـ مسند أبي هريرة و توجد نسخة منه في خزانة كوبرلس بتركيا كما ذكر صاحب الأدب العربي .
مراجع
أئمة الحديث النبوي ، الدكتور عبد المجيد هاشم الحسيني .
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين .
مخاوي اليل
07-21-2007, 01:31 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين .
معاوية بن أبي سفيان
هو صخر بن حرب بن أميّة بن عبد شمس بن عبدمناف القرشيّ الأمويّ، وكنيته أبوعبد الرحمن، يعدّه أغلب المسلمين السنّة أحد صحابة الرسول صلّى الله عليه وسلّم وحامل لقب أمير المؤمنين ويلقب كذلك بخال المؤمنين وأحد أشهر الخلفاء في الإسلام .
نشأته وأسرته
ولد معاوية في مكة قبل البعثة النبويّة بخمس سنين تقريباً، وقيل أكثر، ونشأ وتربّى بين قومه بني أميّة ووالده أبي سفيان الذي كان قبل إسلامه من رؤوس الكفر في الجاهلية لكنّه أسلم فيما بعد في عام الفتح، جدّه من أمّه كان أيضًا من سادات قريش وقتل في غزوة بدر مع الكفار ولكن هند (أمّ معاوية) أسلمت يوم الفتح، ولمعاوية إخوة وأخوات كثيرون، أشهرهم أمّ المؤمنين رملة بنت أبي سفيان أمّ حبيبة، ويزيد بن أبي سفيان القائد، المتوفّى في خلافة عمر رضي الله عنه.
ولايته
قاتل معاوية المرتدين في معركة اليمامة وقيل أنّه ممن قتل مسيلمة، ثم أرسله أبو بكر مع أخيه يزيد لفتح الشام. ولاه سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه الشام سنة 21 هجرية بعد موت أخيه يزيد بن أبي سفيان، ثم أقّره سيدناعثمان بن عفان رضي الله عنه على الولاية، وبعد موت عثمان سنة 35هـ لم يبايع معاوية الخليفة عليًّا رضي الله عنه، حتّى يقيم عليّ رضي الله عنه الحدّ على قاتلي عثمان رضي الله عنه ولكن عليًّا رضي الله عنه رفض وكان السبب في رفضه هو عدم زيادة الفتنة أو ربّما عدم التمكّن في تلك الظروف من تأمين هذا المطلب، على أن يسعى لمحاكمة المجرمين عند استتباب الأمن - على حسب إحدى الروايات - فاستقّل معاوية بالشام وحصلت بينهما فتنة استمرت زهاء خمس سنوات، وقعت فيها معركة صفين سنة 37 هجرية .
خلافته
بايعه عامّة الناس سنة 41 هجرية ، بعدما تخلّى الحسن بن عليّرضي الله عنهما عن الخلافة، فسميّ هذا العام عام الجماعة، لاجتماع كلمة المسلمين فيه.
واستمر معاوية في الملك حتّى وفاته سنة 60 هجرية ، فكان بذلك أميرًا (20 عامًا) وخليفةً (20 عامًا) أخرى.
معاوية وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم
حدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن أخته أمّ المؤمنين أمّ حبيبة، وعن سيدنا أبي بكر وسيدنا عمر رضي الله عنهما، وحدّث عنه: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، والنعمان بن بشير، وجرير بن عبدالله، وسعيد بن المسيّب وغيرهم. من ذلك حديث (من يرد الله به خيرًا يفقّهه في الدين) وحديث (تفترق أمّتي) و (الطائفة المنصورة) وغيرها من الأحاديث.
قول الصحابة والتابعين فيه
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد رجوعه من صفين : (لا تَكرهوا إمارة معاوية، والله لئن فقدتموه لكأنّي أنظرُ إلى الرؤوس تندرُ عن كواهلها).
وقال سعد بن أبي وقاص : (ما رأيت أحدًا بعد عثمان أقضى بحقّ من صاحب هذا الباب ـ يعني معاوية).
وقال ابن عباس : (ما رأيت رجلاً أخلق للملك من معاوية، لم يكن بالضيّق الحصر).
وقال ابن عمر : (علمت بما كان معاوية يغلب الناس، كان إذا طاروا وقع، وإذا وقعوا طار).
قال كعب بن مالك : (لن يملك أحدٌ هذه الأمة ما ملك معاوية).
وعن قبيصة بن جابر قال: (صحبت معاوية فما رأيت رجلاً أثقل حلمًا، ولا أبطل جهلاً، ولا أبعد أناةً منه).
عن أبي إسحاق قال: (كان معاوية ، وما رأينا بعده مثله).
معاوية في الثقافة الشعبية
يعتبر معاوية رمزًا للحلم والدهاء والسياسة وكانت العرب تضرب به المثل في ذلك و لعلّ أشهرها مصطلحشعرة معاوية وهو كناية عن حسن السياسة أو الدبلوماسية في المصطلحات الحديثة ولذلك كان يقول (لو أنّ بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت، كانوا إذا مدّوها أرخيتها، وإذا أرخوها مددتها).
من أقواله
إنّي لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي ولا أضع سوطي حيث يكفيني لساني، ولو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت، كانوا إذا مدّوها أرخيتها، وإذا أرخوها مددتها.
ما من شيء ألذّ عندي من غيظ أتجرّعه. وأغلظ له رجل فأكثر، فقيل له: أتحلم عن هذا؟ قال: إنّي لا أحول بين الناس وبين ألسنتهم ما لم يحولوا بيننا وبين ملكنا.
قيل لمعاوية: أيّ الناس أحبّ إليك قال: أشدّهم لي تحبيبًا إلى الناس.
إنّي لأرفع نفسي من أن يكون ذنبٌ أعظم من عفوي وجهلٌ أكبر من حلمي وعورة لا أواريها بستري وإساءة أكثر من إحساني.
وقال معاوية لعبد الرحمن بن الحكم: يا ابن أخي إنّك قد لهجت بالشعر فإيّاك والتشبيب بالنساء فتعيّر الشريفة ، والهجاء فتعيّر كريمًا وتستثير لئيمًا ، والمدح فإنه طعمة الوقاح ولكن افخر بمفاخر قومك وقل من الأمثال ما تزيّن به نفسك وتؤدّب به غيرك.
وفاته
توفّي في دمشق عن ثمانين سنة بعدما عهد بالأمر إلى ابنه يزيد بن معاوية ودفن في دمشق وكانت وفاته في رجب سنة 60 هجرية ومدة خلافته عشرين سنةً.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين .
vBulletin® v3.8.9, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir