المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القدس العربي / مطالب حقوقية تتحول الي دعوات انفصالية والضالع راس حربة


ابو عهد الشعيبي
08-27-2007, 07:26 AM
عادل امين:
اليمن: مطالب حقوقية تتحول الي دعوات انفصالية!


بكل المقاييس صارت مشكلة المتقاعدين في المحافظات الجنوبية تمثل ازمة حقيقية جديدة وخطيرة ضمن قائمة ازمات البلاد التي لا تنتهي، فجأة تشتعل مناطق الجنوب في وجه النظام من الضالع العنيد الي المهرة الهادئة المسالمة، وتتحول مدينة عدن الي ساحة حرية للمناضلين الجدد وملتقي للمطالبين بالحقوق والحريات، ويمكن القول ان يوم السابع من تموز (يوليو) 2007م قد مثل نقطة تحول فارقة في قضية متقاعدي الجنوب، فالعرض العسكري الذي كان يعتزم تنفيذه حوالي ستين الفاً من المتقاعدين قسرياً بزيهم العسكري في ساحة العروض بمدينة عدن ومنعته السلطات ذلك اليوم، دشن مرحلة تصعيد المواجهات بين هؤلاء والسلطة، فبالرغم من فشل العرض الذي احبطته سلطات الامن الا ان ذلك لم يمنع القائمين عليه من تحويله الي اعتصام جماهيري حاشد اُلقيت فيه الكلمات المنددة بتعسفات السلطة ومحاولاتها المستمرة في قمع مطالب المحتجين، ومنذ ذلك الحين خرجت عديد مظاهرات ومسيرات شعبية في مختلف مدن ومديريات محافظات الجنوب، اضف الي ذلك ان سقف المطالب بعد (7/7) تجاوز كثيراً ما تسمية السلطات الرسمية بالخطوط الحمراء، وهو ما ساق قضية المتقاعدين الحقوقية باتجاه مغاير تماماً لمضمونها واهدافها، فالشعارات الانفصالية صارت اكثر رواجاً، ونزعات العداء والتحرر والدعوة الي عودة الاوضاع الي ما قبل الوحدة شاعت بين المتظاهرين، وان كان هنالك من يقول بوجود مندسين بين الجماهير يرفعون تلك الشعارات المناهضة للوحدة ليجد النظام المسوغ لقمع تلك الاحتجاجات والتعامل بعنف مع منظميها وافراغ مطالبهم المشروعة من محتواها.

مطالب حقوقية ونزعات انفصالية

تكاد محافظة الضالع ان تكون راس الحربة في المواجهات اليومية مع السلطات وتهييج الشارع وقيادته وزيادة حالة الاحتقان الشعبي في اوساطه، وهو ما دفع بالرئيس لعقد لقاء خاص باصحاب الضالع للوقوف علي مطالبهم وحثهم علي العمل الي جانب الوحدة وعدم سماحهم لاي صوت نشاز ان يمس الثوابت الوطنية، وفي الوقت الذي كان يتحدث فيه الرئيس معهم كانت هناك مسيرة شعبية في الضالع قوامها اكثر من عشرة آلاف متظاهر تجوب شوارع المدينة، تردد هتاف بالروح بالدم نفديك يا جنوب، وقد اطلق المتظاهرون شعار يوم للغضب الشعبي علي تلك التظاهرة، وفي وقت سابق (24/7) كان قُرابة (5000) متظاهر من ابناء الضالع يحتشدون في احد الميادين برغم الانتشار الامني والعسكري الواسعين والنقاط العسكرية التي نُصبت عند مداخل ومخارج المدينة، وامام ذلك الحشد الجماهيري القي العميد عبده صالح المعطري امين عام جمعية المتقاعدين في محافظة الضالع كلمة قال فيها: انه من منطلق الحرص علي بقاء الوحدة فاننا نقول بانها لن تستمر الا متي ما شعر ابناء الجنوب انهم شركاء في هذا الوطن في قيادته وثروته، وفي المهرجان هتف الحاضرون لعلي سالم البيض وسعيد بن شحتور ولجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، اما رئيس مجلس تنسيق جمعيات المتقاعدين العميد ناصر النوبة فقد دعا الحاضرين الي اعتصام آخر في عدن ورفع اعلام اليمن الجنوبي سابقاً، ولم يكتف بذلك بل دعا الي استفتاء حول الوحدة اليمنية باشراف الامم المتحدة، وندد بيان وزع في المهرجان باسم مناطق ومحافظات الجنوب المنكوب بالسياسات الغير مسئولة لحكام صنعاء في الجنوب منذ حرب 1994م، وخاطب القادة العرب والدول دائمة العضوية بمجلس الامن بان تلك السياسات قد تقود اليمن ـ حسب وصف البيان ـ الي منزلق خطير قد يضر بالامن القومي العربي ويهدد الامن الاقليمي والدولي، وقال البيان ان حكام صنعاء لم يكتفوا بطردنا من اعمالنا بل مارسوا علينا سياسات التجويع من خلال زيادة اسعار السلع والخدمات، بينما يتمادي القادمون من صنعاء في نهب الثروات واقتسام الاراضي في الجنوب دون رقيب، وتم الاعتصام الثاني يوم 2/8 بمدينة عدن برغم اعلان السلطان الامنية عدم السماح باقامته، وتجاوبت معظم محافظات الجنوب مع اعتصام عدن وخرجت المسيرات مجدداً في الضالع وردفان ولحج وابين والمكلا، لكن المواجهات الاعنف كانت في عدن، وبرغم الانتشار الامني الكثيف لقوات الامن ومحاولتها تفريق المعتصمين بالقوة من ساحة الحرية بمدينة عدن الا ان الاعتصام تحقق، وتمكن النوبة من القاء كلمته امام المعتصمين (تم اعتقاله بعدها لمدة ستة ايام واُفرج عنه بتوجيهات من الرئيس) والتي هاجم من خلالها السلطة واصفاً اياها بالمحتل، واشار الي ان مهرجان الخميس يتزامن مع الذكري الـ17 لاحتلال العراق للكويت، وتطرق الي وقوف العالم الي جانب الكويت الشقيق وكيف جري تحريرها، مطالباً الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي والاتحاد الاوروبي بالوقوف الي جانب ابناء الجنوب ومساعدتهم في تطبيق قراري مجلس الامن رقم (924، 931) وتعهدات السلطة للمجتمع الدولي التي قدمتها الحكومة يوم 7/7/94م، وقال النوبة: اننا حين نطالب بحق تقرير المصير لشعب الجنوب نؤكد بذلك نزعتنا الديمقراطية للرجوع الي الشعب مصدر السلطات ليقرر مستقبله بنفسه.
وهكذا نجد ان مطالب متقاعدي الجنوب لم تعد محصورة في الحقوق الدستورية والقانونية في اطار دولة الوحدة بل تعدتها الي ما هو ابعد من ذلك بكثير وهو المطالبة بحق تقرير المصير ومن ثم العودة الي ما قبل 22 ايار (مايو) 1990م، وعلي هذا الاساس لم تعد توجد ارضية مشتركة يمكن لطرفي النزاع السلطة والمتقاعدين الوقوف عليها لحل المشكلة القائمة، السلطة من جانبها قررت اتباع اسلوب الحسم والقوة في مواجهة موجات الاعتصام، والمتقاعدون قرروا استمرار نشاطهم في المسيرات والاعتصامات في تحدٍ صريح للسلطات.




http://www.alquds.co.uk/index.asp?code=qp18