حد من الوادي
08-27-2007, 06:32 PM
دعوة للتفكير والعمل لأبناء الجنوب في الداخل والخارج ( الدكتور فارس سالم الشقاع)
التاريخ: الأحد 26 أغسطس 2007
الموضوع: كتابات حرة
أبو ظبي – لندن – " عدن برس " : 27 – 8 – 2007
يؤمن الكثير من الجنوبيين بشرعية النضال ضد الاحتلال اليمني الواقع على بلدهم منذ 7 يوليو 1994م، على يد قوات الاحتلال اليمنية، وتحالف نظام صنعاء مع بعض الجنوبيين بقيادة الفريق عبد ربة منصور هادي في تلك الحرب، ويعلم القاصي والداني أنه لولا ما هذا التحالف ما تجاوزت القوات الغازية اليمنية الحدود السابقة بين البلدين, وعلى أثر ذلك شرعت قوات الاحتلال في عملية سلب ونهب واسعة ومنظمة, استباحت من خلالها أراضي الجنوب (كغنيمة حرب), وضمتها إلى أراضي الجمهورية العربية اليمنية, تحت دعوى عودة الفرع للأصل _على حد تعبير نظام صنعاء_.
ويؤمن العديد من الجنوبيين بتبني أسلوب المقاومة الشعبية والعسكرية للسياسة نظام صنعاء، على أنها احتلال وتستهدف الأرض والشعب والتاريخ على حد سواء، من خلال طمس الهوية الجنوبية ونهب ثروات الجنوب, وطالب هذا التيار بالتحرر من الاحتلال اليمني, وإعلانه بعدم شرعية الوحدة القائمة, وطالب باستعادة الجنوب لكافة حقوقه التاريخية والوطنية, وعبر عن استعداده لخوض صراع طويل مع الاحتلال, حتى تحقيق الاستقلال، وخير مثال على ذلك حركة العقيد الثأر سعيد صالح الشحتور وأنصاره في جبال ال باكازم , ويمتاز هذا التيار بازدياد شعبيته يوم عن يوم, والتفاف الجماهير حوله وانضمام العديد من أبناء الجنوب في صفوفه, لأنه يعبر عما يشعر به أبناء الجنوب من ظلم وقهر, ورفضه الوضع القائم, ومطالبته برد الاعتبار للجنوب وأبناؤه من هذا الاحتلال البغيض.
بينما نجد جماعات أخرى من الجنوبيين، قررت أن تكون معتدلة بعض الشيء في مطالبها التي حسرتها في التأكيد على الحق في تقرير المصير للجنوب العربي, واعتمدت النضال السلمي, من خلال الاعتصامات والمظاهرات في جميع المحافظات الجنوبية، والتي يأكد هذا التيار أن قضيتهم سياسية, ولن تحل الا بقرار سياسي, وقد ظهر جلياً هذا التيار في جمعيات المتقاعدين العسكريين والأمنيين والمدنيين والمسرحين قسراً, في أعتصامات 7 يوليو 2007م و 2 أغسطس 2007م, ويومها قامت سلطات الاحتلال باستخدام القوة العسكرية ضد التظاهرة السلمية التي حدثت في ساحة الحرية في مدينة عدن عاصمة الجنوب الابدية, وما كان لهذا اليوم من انعكاسات ايجابية, في كسر حاجز الخوف, الذي لازم الجنوبيين طيلة (13) سنة,
وتيار ثالث من الجنوبيين، الذين يشغلون بعض المراكز القيادية الصورية, كوزراء ومحافظين وقادة الوية, يروا بأنه من الممكن الحصول على حقوق أبناء الجنوب الوطنية المسلوبة من قبل نظام الاحتلال اليمني، من خلال النظام والقانون و دون المطالبة بالاستقلال, أنطلاقاً من مصالحهم الشخصية المرتبطة بالنظام.. مما يجعلنا نؤكد بأن قلوبهم معانا وسيوفهم علينا.
ومن الملاحظ أن التيار الاول, المطالب بالتحرير, على قناعة كاملة, بما سوف تكون عليه النتائج جراء ما ينادون و يقومون به, وهم على أستعداد لتقديم التضحيات الجسيمة, في سبيل تحقيق غاية أبناء الجنوب في التحرر والاستقلال من هذا الاحتلال, وهم على دراية تامة عما سوف ينعكس سلباً على أسرهم وبيوتهم وأبنائهم من تبني مبدأ الثورات الشعبية والاحتجاجات العارمة، وتأسيس حركة تحرر وتنظيمات في مختلف محافظات الجنوب، تنوعت مهامها ونشاطاتها على عدة مستويات، وبررت الكفاح المسلح ضد الاحتلال اليمني، مستمدة شرعية كفاحها من ميثاق الأمم المتحدة الذي ينبذ العنف بكافة أشكاله، إلا في حالة واحدة، والمتعلقة بالشعوب الرازحة تحت الاحتلال، التي يتيح لها الميثاق استخدام كافة الوسائل للتخلص من الاحتلال.
ولا تقل تضحيات التيار الثاني عن الأول، إذ طالته عمليات الضرب و الاعتقال والخطف، نتيجة مطالبته بالحق في تقرير المصير، وقد استخدم الاحتلال اليمني القوة العسكرية لقمع الأعتصامات السلمية للمتقاعدين العسكريين والأمنيين والمدنيين والمسرحين قسراً في محافظات الجنوب, وما حدث في تظاهرات 7 يوليو 2007م و 2 أغسطس 2007م, في ساحة الحرية في خورمكسر في مدينة عدن عاصمة الجنوب الأبدية خير مثال على ذلك.
وبالمقابل، فان نظام صنعاء منذ انتهاء حرب صيف 1994م حتى ألان، يرى بان أبناء الجنوب، البالغ عددهم أكثر من 3 ملايين نسمة، يشكلون مجرد أقلية,
حيث يرى الاحتلال اليمني أن الحل في ترحيل أبناء الجنوب عن أرضهم ووطنهم, هو توزيعهم على مختلف مناطق الجمهورية العربية اليمنية, ويتم أستيعابهم وذلك ليسهل أذابتهم بين عشرات الملايين من اليمنيين, ومن جهة أخرى يرى الاحتلال أن توطين أبناء اليمن (الجمهورية العربية اليمنية) في أراضي الجنوب العربي كفيل لاذابة وطمس تاريخ وهوية الجنوب.. وينتظر نظام صنعاء الفرصة المناسبة من أجل تنفيذ مخططه الجهنمي, الذي أشار اليه السفير أحمد عبدالله الحسني الامين العام للتجمع الديمقراطي الجنوبي (تاج) في موضوع تحت عنوان المخطط الجهنمي للأحتلال اليمني,
ولكن كيف ما كان الأسلوب الذي يتبناه أبناء الجنوب من اجل الخلاص من وضعهم المأساوي، سلميا كان أو غير ذلك، فان الرد اليمني جاء عنيفا وقاسيا، دون تمييز بين هذا وذاك، إذ أن عناصر النظام تلاحق وتطارد مناصري التيار الأول والثاني، وتلفق لهم التهم التي من شانها أن تؤدي إلى زجهم في السجون وربما أكثر من ذلك يؤدي الى الاغتيالات الممنهجة, وفقا للقوانين والدساتير التي يشرعها أو يبطلها النظام كما يشاء, إذ لا توجد في اليمن أية حرمات, لا للقانون ولا للدستور، إلى الدرجة التي أصبح فيها كل جنوبي أنفصالي, بما في ذلك الجنوبيين المشاركين في السلطة.
ومن هنا يتبين لنا كيف أن نظام صنعاء يميز ويفرق بين أبناء الجنوب من خلال سياسة (فرق تسد), ناهيك عن المعاملات الدالة على مدى كراهية هذا النظام لأبناء الجنوب، والتي سنبين البعض منها ضمن هذا السياق. وتجدر الإشارة إلى أن ذلك لا يعني بالضرورة أن الذين تحالفوا مع رئيس الاحتلال اليمني المشير علي عبدالله صالح من أبناء الجنوب, ممن قاتلوا أثناء حرب صيف 1994م في صفوف جيش الاحتلال اليمني, يتمتعوا بكافة حقوقها الوطنية داخل اليمن التي لا يوجد فيها أدنى احترام لحقوق الإنسان بشكل عام, إذ أن اعتداءات النظام وبطشه طال الكثيرون منهم.
واتسمت معاملة الاحتلال اليمني لأبناء الجنوب، بالقمع الشديد والتقتيل والتشريد والتهجير القسري والتجويع والإفقار الاقتصادي الواسع النطاق في صفوفهم، الى حد تفييد ونهب الوظيفة العامة لابناء الجنوب بالكامل, وكذلك عمل نظام صنعاء, على تسريح الجيش الجنوبي وقوى الامن والكوادر المدنية.. ويمكن القول من أن أبناء الجنوب, قد غدوا غرباء ولاجئين في وطنهم, إضافة إلى السجون والاعتقالات وأعمال السلب والنهب والتهديد والترهيب، كما صعد من الفتن والمشاكل, وزرع الدسائس القبلية, الامر الذي أدى الى الاقتتال القبلي بين القبائل في الجنوب, وزرع المستوطنات اليمنية في أراضي الجنوب، والرامية إلى (يمننت) الجنوب ومحو هويته وطمس معالمه.
وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار، جميع هذه الممارسات وغيرها تجاه أبناء الجنوب، فمن الممكن أن تأخذ ردة الفعل الجنوبية، طابع المقاومة وليس المعارضة التي يقصد بها الأحزاب والجماعات السياسية التي تناضل للاستيلاء على الحكم، وتمارس في الإطار الشرعي وضمن المؤسسات الثابتة, والمعروف انه لا يوجد أدنى تشريع للمعارضة في اليمن، عدى هامش الحرية والديمقراطية التي هتف بها الرئيس اليمني علي عبدالله صالح, ولكن دون التطبيق على ارض الواقع.
أما المقاومة، فهناك نوعان:
(Oppression Resistance) مقاومة للطغيان والاضطهاد
(Resistance to change) والمقاومة من اجل التغيير
ويعني النوع الأول (مقاومة للطغيان والاضطهاد)، الحق الذي يتمتع به الأفراد أو الجماعات، الذي يتيح لهم التصدي لكل التصرفات غير القانونية والجائرة، التي تصدر عمن هم في موقع المسؤولية، وقد أقرت العديد من العقائد والمذاهب السياسية مثل هذا الحق، (إعلان الحقوق الصادرة في فرنسا) ـ يوليو 1793م.
أما النوع الثاني من المقاومة (المقاومة من اجل التغيير)، والذي يستهدف التغيير بكافة وجوهه، فيعني تلك المقاومة الفاعلة أو المعارضة الإرادية أو غير الإرادية التي يعتمدها جماعة من الناس بغية تغيير شامل يتناول الأفكار والسلوك وقواعد التنظيم.
وفي الحقيقة يصعب الفصل بين هاتين النوعين من المقاومة بالنسبة إلى القضية الجنوبية بشكل عام، إذ اعتمد نضال الجنوبيين كلتا الحالتين، والتي تحاول تجسيدها على أرض الواقع القوى السياسية الجنوبية بمختلف أطيافها.
ومن ناحية أخرى قبلت بعض من القيادات الجنوبية بسياسة الأمر الواقع المفروض على بلدهم، وتحاول الحصول على حقوقها المسلوبة في أطار النظام والقانون.
لعل المثال الذي قدمناه، يعد جزءاً بسيطاً من آلاف الأمثلة والأحداث الوخيمة التي وقعت ولازالت تقع في الجنوب منذ أن ضمتها اليمن إلى سيادتها قسرا، حتى يومنا هذا. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار كيفية معاملة الاحتلال اليمني لأبناء الجنوب، ومدى شراسته وقسوته وبشاعته، ومدى الكراهية والحقد الدفين الذي يكنه نظام صنعاء لهؤلاء، يمكن لنا أن نتذكر الطريقة المثلى عند (ماكيافل)، لاحتلال الشعوب، وبذلك تكون اليمن قد اختارت أن تتصرف مع أبناء الجنوب على أنها دولة أحتلال، فأجبرتهم على انتهاج المقاومة لا المعارضة، وعلى النظام أن يتحمل مسؤولية كافة ردود الفعل لأبناء الجنوب، سواء كانت سلمية أو غير سلمية.
إذا، هناك صراع حول مفهوم القضية الجنوبية بين الطرفان اليمني من جهة، والجنوبيين من الجهة الأخرى، وإذا كانت اليمن تريد من الجنوبيين الامتثال لشروطها ومفاهيمها للوحدة، فعليها أن لا ترفض الجلوس معهم والاستماع إلى مطالبهم، وان تكف عن سلسلة اعتداءاتها عليهم. والمثير للانتباه في تصرفات الاحتلال اليمني تجاه أبناء الجنوب، هو تسمية المطالبين بحقوقهم الوطنية والتاريخية وفقا للمعايير الدولية، بالانفصاليين والعملاء والخونة، و تعد هذه التسمية تهمة كافية للاختطاف أو الاعتقال أو الاغتيال.
هذا هو مفهوم الاحتلال للوحدة، أما مفهوم غالبية أبناء الجنوب، فهو مختلف تماما عن أدعاءات الاحتلال اليمني، إذ يرى أبناء الجنوب بأنهم أصحاب قضية، وتتجاوز قضيتهم حدود الحقوق القانونية ضمن السيادة اليمنية، خاصة انه لم يسبق الاعتراف بهذه الحقوق من قبل نظام صنعاء منذ أحتلال الجنوب في 7 يوليو 1994م، ويستند أصحاب هذا الرأي على الواقع التاريخي والسياسي والحضاري والاخلاقي الذي استطاع أن يفرض نفسه في الحقبة الزمنية ما قبل الوحدة، ويرون أن الجنوب كان يتمتع بكافة المقومات التي من شانها إثبات حقوقهم ضمن جغرافيته وتاريخه وتحت سيادته, والقراءة الدقيقة لتاريخ الجنوب، تبين بوضوح أن حكام الجنوب قد استطاعوا فعلا الحفاظ على سيادته ووحدة ترابه، منذ الاستقلال في 30 نوفمبر 1967م, حتى خدعة 22 مايو 1990م.
ففي بداية الأربعينات، إذ شهد العالم حربا عالمية ضروس، انتهت بانتصار الأقوياء وقضت على أحلام الضعفاء والشعوب الصغيرة,
فبشاعة تلك الحرب وانتهاك المحرمات فيها، أدت إلى إنشاء المنظمة الدولية فور انتهائها، إلا أن ما يعيب المنظمة هو عدم التأكيد على قضايا القوميات بسبب المفاهيم والأوضاع الدولية السائدة في الفترة تلك. ولاحظنا كيف تحالفت الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وأوروبا لهزيمة ألمانيا النازية واليابان العسكرية، فعقدت الصفقة بين المعسكرين الشرقي والغربي، ليعترف الغرب بكافة جمهوريات ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي على أنها قوميات هذا الاتحاد وليست بدول مستقلة ذات سيادة كما هي الآن، وبالمقابل يلتزم الاتحاد السوفيتي الصمت وان لا يثير قضايا القوميات التي كانت ولازالت تعاني أوروبا من قضاياها, كما هي الحال بالنسبة إلى القوميات في البلقان أو بريطانيا والنور مندي، أو فرنسا وجزيرة كورسيكا، أو أسبانيا وإقليم إلباسك.
يتبع
التاريخ: الأحد 26 أغسطس 2007
الموضوع: كتابات حرة
أبو ظبي – لندن – " عدن برس " : 27 – 8 – 2007
يؤمن الكثير من الجنوبيين بشرعية النضال ضد الاحتلال اليمني الواقع على بلدهم منذ 7 يوليو 1994م، على يد قوات الاحتلال اليمنية، وتحالف نظام صنعاء مع بعض الجنوبيين بقيادة الفريق عبد ربة منصور هادي في تلك الحرب، ويعلم القاصي والداني أنه لولا ما هذا التحالف ما تجاوزت القوات الغازية اليمنية الحدود السابقة بين البلدين, وعلى أثر ذلك شرعت قوات الاحتلال في عملية سلب ونهب واسعة ومنظمة, استباحت من خلالها أراضي الجنوب (كغنيمة حرب), وضمتها إلى أراضي الجمهورية العربية اليمنية, تحت دعوى عودة الفرع للأصل _على حد تعبير نظام صنعاء_.
ويؤمن العديد من الجنوبيين بتبني أسلوب المقاومة الشعبية والعسكرية للسياسة نظام صنعاء، على أنها احتلال وتستهدف الأرض والشعب والتاريخ على حد سواء، من خلال طمس الهوية الجنوبية ونهب ثروات الجنوب, وطالب هذا التيار بالتحرر من الاحتلال اليمني, وإعلانه بعدم شرعية الوحدة القائمة, وطالب باستعادة الجنوب لكافة حقوقه التاريخية والوطنية, وعبر عن استعداده لخوض صراع طويل مع الاحتلال, حتى تحقيق الاستقلال، وخير مثال على ذلك حركة العقيد الثأر سعيد صالح الشحتور وأنصاره في جبال ال باكازم , ويمتاز هذا التيار بازدياد شعبيته يوم عن يوم, والتفاف الجماهير حوله وانضمام العديد من أبناء الجنوب في صفوفه, لأنه يعبر عما يشعر به أبناء الجنوب من ظلم وقهر, ورفضه الوضع القائم, ومطالبته برد الاعتبار للجنوب وأبناؤه من هذا الاحتلال البغيض.
بينما نجد جماعات أخرى من الجنوبيين، قررت أن تكون معتدلة بعض الشيء في مطالبها التي حسرتها في التأكيد على الحق في تقرير المصير للجنوب العربي, واعتمدت النضال السلمي, من خلال الاعتصامات والمظاهرات في جميع المحافظات الجنوبية، والتي يأكد هذا التيار أن قضيتهم سياسية, ولن تحل الا بقرار سياسي, وقد ظهر جلياً هذا التيار في جمعيات المتقاعدين العسكريين والأمنيين والمدنيين والمسرحين قسراً, في أعتصامات 7 يوليو 2007م و 2 أغسطس 2007م, ويومها قامت سلطات الاحتلال باستخدام القوة العسكرية ضد التظاهرة السلمية التي حدثت في ساحة الحرية في مدينة عدن عاصمة الجنوب الابدية, وما كان لهذا اليوم من انعكاسات ايجابية, في كسر حاجز الخوف, الذي لازم الجنوبيين طيلة (13) سنة,
وتيار ثالث من الجنوبيين، الذين يشغلون بعض المراكز القيادية الصورية, كوزراء ومحافظين وقادة الوية, يروا بأنه من الممكن الحصول على حقوق أبناء الجنوب الوطنية المسلوبة من قبل نظام الاحتلال اليمني، من خلال النظام والقانون و دون المطالبة بالاستقلال, أنطلاقاً من مصالحهم الشخصية المرتبطة بالنظام.. مما يجعلنا نؤكد بأن قلوبهم معانا وسيوفهم علينا.
ومن الملاحظ أن التيار الاول, المطالب بالتحرير, على قناعة كاملة, بما سوف تكون عليه النتائج جراء ما ينادون و يقومون به, وهم على أستعداد لتقديم التضحيات الجسيمة, في سبيل تحقيق غاية أبناء الجنوب في التحرر والاستقلال من هذا الاحتلال, وهم على دراية تامة عما سوف ينعكس سلباً على أسرهم وبيوتهم وأبنائهم من تبني مبدأ الثورات الشعبية والاحتجاجات العارمة، وتأسيس حركة تحرر وتنظيمات في مختلف محافظات الجنوب، تنوعت مهامها ونشاطاتها على عدة مستويات، وبررت الكفاح المسلح ضد الاحتلال اليمني، مستمدة شرعية كفاحها من ميثاق الأمم المتحدة الذي ينبذ العنف بكافة أشكاله، إلا في حالة واحدة، والمتعلقة بالشعوب الرازحة تحت الاحتلال، التي يتيح لها الميثاق استخدام كافة الوسائل للتخلص من الاحتلال.
ولا تقل تضحيات التيار الثاني عن الأول، إذ طالته عمليات الضرب و الاعتقال والخطف، نتيجة مطالبته بالحق في تقرير المصير، وقد استخدم الاحتلال اليمني القوة العسكرية لقمع الأعتصامات السلمية للمتقاعدين العسكريين والأمنيين والمدنيين والمسرحين قسراً في محافظات الجنوب, وما حدث في تظاهرات 7 يوليو 2007م و 2 أغسطس 2007م, في ساحة الحرية في خورمكسر في مدينة عدن عاصمة الجنوب الأبدية خير مثال على ذلك.
وبالمقابل، فان نظام صنعاء منذ انتهاء حرب صيف 1994م حتى ألان، يرى بان أبناء الجنوب، البالغ عددهم أكثر من 3 ملايين نسمة، يشكلون مجرد أقلية,
حيث يرى الاحتلال اليمني أن الحل في ترحيل أبناء الجنوب عن أرضهم ووطنهم, هو توزيعهم على مختلف مناطق الجمهورية العربية اليمنية, ويتم أستيعابهم وذلك ليسهل أذابتهم بين عشرات الملايين من اليمنيين, ومن جهة أخرى يرى الاحتلال أن توطين أبناء اليمن (الجمهورية العربية اليمنية) في أراضي الجنوب العربي كفيل لاذابة وطمس تاريخ وهوية الجنوب.. وينتظر نظام صنعاء الفرصة المناسبة من أجل تنفيذ مخططه الجهنمي, الذي أشار اليه السفير أحمد عبدالله الحسني الامين العام للتجمع الديمقراطي الجنوبي (تاج) في موضوع تحت عنوان المخطط الجهنمي للأحتلال اليمني,
ولكن كيف ما كان الأسلوب الذي يتبناه أبناء الجنوب من اجل الخلاص من وضعهم المأساوي، سلميا كان أو غير ذلك، فان الرد اليمني جاء عنيفا وقاسيا، دون تمييز بين هذا وذاك، إذ أن عناصر النظام تلاحق وتطارد مناصري التيار الأول والثاني، وتلفق لهم التهم التي من شانها أن تؤدي إلى زجهم في السجون وربما أكثر من ذلك يؤدي الى الاغتيالات الممنهجة, وفقا للقوانين والدساتير التي يشرعها أو يبطلها النظام كما يشاء, إذ لا توجد في اليمن أية حرمات, لا للقانون ولا للدستور، إلى الدرجة التي أصبح فيها كل جنوبي أنفصالي, بما في ذلك الجنوبيين المشاركين في السلطة.
ومن هنا يتبين لنا كيف أن نظام صنعاء يميز ويفرق بين أبناء الجنوب من خلال سياسة (فرق تسد), ناهيك عن المعاملات الدالة على مدى كراهية هذا النظام لأبناء الجنوب، والتي سنبين البعض منها ضمن هذا السياق. وتجدر الإشارة إلى أن ذلك لا يعني بالضرورة أن الذين تحالفوا مع رئيس الاحتلال اليمني المشير علي عبدالله صالح من أبناء الجنوب, ممن قاتلوا أثناء حرب صيف 1994م في صفوف جيش الاحتلال اليمني, يتمتعوا بكافة حقوقها الوطنية داخل اليمن التي لا يوجد فيها أدنى احترام لحقوق الإنسان بشكل عام, إذ أن اعتداءات النظام وبطشه طال الكثيرون منهم.
واتسمت معاملة الاحتلال اليمني لأبناء الجنوب، بالقمع الشديد والتقتيل والتشريد والتهجير القسري والتجويع والإفقار الاقتصادي الواسع النطاق في صفوفهم، الى حد تفييد ونهب الوظيفة العامة لابناء الجنوب بالكامل, وكذلك عمل نظام صنعاء, على تسريح الجيش الجنوبي وقوى الامن والكوادر المدنية.. ويمكن القول من أن أبناء الجنوب, قد غدوا غرباء ولاجئين في وطنهم, إضافة إلى السجون والاعتقالات وأعمال السلب والنهب والتهديد والترهيب، كما صعد من الفتن والمشاكل, وزرع الدسائس القبلية, الامر الذي أدى الى الاقتتال القبلي بين القبائل في الجنوب, وزرع المستوطنات اليمنية في أراضي الجنوب، والرامية إلى (يمننت) الجنوب ومحو هويته وطمس معالمه.
وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار، جميع هذه الممارسات وغيرها تجاه أبناء الجنوب، فمن الممكن أن تأخذ ردة الفعل الجنوبية، طابع المقاومة وليس المعارضة التي يقصد بها الأحزاب والجماعات السياسية التي تناضل للاستيلاء على الحكم، وتمارس في الإطار الشرعي وضمن المؤسسات الثابتة, والمعروف انه لا يوجد أدنى تشريع للمعارضة في اليمن، عدى هامش الحرية والديمقراطية التي هتف بها الرئيس اليمني علي عبدالله صالح, ولكن دون التطبيق على ارض الواقع.
أما المقاومة، فهناك نوعان:
(Oppression Resistance) مقاومة للطغيان والاضطهاد
(Resistance to change) والمقاومة من اجل التغيير
ويعني النوع الأول (مقاومة للطغيان والاضطهاد)، الحق الذي يتمتع به الأفراد أو الجماعات، الذي يتيح لهم التصدي لكل التصرفات غير القانونية والجائرة، التي تصدر عمن هم في موقع المسؤولية، وقد أقرت العديد من العقائد والمذاهب السياسية مثل هذا الحق، (إعلان الحقوق الصادرة في فرنسا) ـ يوليو 1793م.
أما النوع الثاني من المقاومة (المقاومة من اجل التغيير)، والذي يستهدف التغيير بكافة وجوهه، فيعني تلك المقاومة الفاعلة أو المعارضة الإرادية أو غير الإرادية التي يعتمدها جماعة من الناس بغية تغيير شامل يتناول الأفكار والسلوك وقواعد التنظيم.
وفي الحقيقة يصعب الفصل بين هاتين النوعين من المقاومة بالنسبة إلى القضية الجنوبية بشكل عام، إذ اعتمد نضال الجنوبيين كلتا الحالتين، والتي تحاول تجسيدها على أرض الواقع القوى السياسية الجنوبية بمختلف أطيافها.
ومن ناحية أخرى قبلت بعض من القيادات الجنوبية بسياسة الأمر الواقع المفروض على بلدهم، وتحاول الحصول على حقوقها المسلوبة في أطار النظام والقانون.
لعل المثال الذي قدمناه، يعد جزءاً بسيطاً من آلاف الأمثلة والأحداث الوخيمة التي وقعت ولازالت تقع في الجنوب منذ أن ضمتها اليمن إلى سيادتها قسرا، حتى يومنا هذا. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار كيفية معاملة الاحتلال اليمني لأبناء الجنوب، ومدى شراسته وقسوته وبشاعته، ومدى الكراهية والحقد الدفين الذي يكنه نظام صنعاء لهؤلاء، يمكن لنا أن نتذكر الطريقة المثلى عند (ماكيافل)، لاحتلال الشعوب، وبذلك تكون اليمن قد اختارت أن تتصرف مع أبناء الجنوب على أنها دولة أحتلال، فأجبرتهم على انتهاج المقاومة لا المعارضة، وعلى النظام أن يتحمل مسؤولية كافة ردود الفعل لأبناء الجنوب، سواء كانت سلمية أو غير سلمية.
إذا، هناك صراع حول مفهوم القضية الجنوبية بين الطرفان اليمني من جهة، والجنوبيين من الجهة الأخرى، وإذا كانت اليمن تريد من الجنوبيين الامتثال لشروطها ومفاهيمها للوحدة، فعليها أن لا ترفض الجلوس معهم والاستماع إلى مطالبهم، وان تكف عن سلسلة اعتداءاتها عليهم. والمثير للانتباه في تصرفات الاحتلال اليمني تجاه أبناء الجنوب، هو تسمية المطالبين بحقوقهم الوطنية والتاريخية وفقا للمعايير الدولية، بالانفصاليين والعملاء والخونة، و تعد هذه التسمية تهمة كافية للاختطاف أو الاعتقال أو الاغتيال.
هذا هو مفهوم الاحتلال للوحدة، أما مفهوم غالبية أبناء الجنوب، فهو مختلف تماما عن أدعاءات الاحتلال اليمني، إذ يرى أبناء الجنوب بأنهم أصحاب قضية، وتتجاوز قضيتهم حدود الحقوق القانونية ضمن السيادة اليمنية، خاصة انه لم يسبق الاعتراف بهذه الحقوق من قبل نظام صنعاء منذ أحتلال الجنوب في 7 يوليو 1994م، ويستند أصحاب هذا الرأي على الواقع التاريخي والسياسي والحضاري والاخلاقي الذي استطاع أن يفرض نفسه في الحقبة الزمنية ما قبل الوحدة، ويرون أن الجنوب كان يتمتع بكافة المقومات التي من شانها إثبات حقوقهم ضمن جغرافيته وتاريخه وتحت سيادته, والقراءة الدقيقة لتاريخ الجنوب، تبين بوضوح أن حكام الجنوب قد استطاعوا فعلا الحفاظ على سيادته ووحدة ترابه، منذ الاستقلال في 30 نوفمبر 1967م, حتى خدعة 22 مايو 1990م.
ففي بداية الأربعينات، إذ شهد العالم حربا عالمية ضروس، انتهت بانتصار الأقوياء وقضت على أحلام الضعفاء والشعوب الصغيرة,
فبشاعة تلك الحرب وانتهاك المحرمات فيها، أدت إلى إنشاء المنظمة الدولية فور انتهائها، إلا أن ما يعيب المنظمة هو عدم التأكيد على قضايا القوميات بسبب المفاهيم والأوضاع الدولية السائدة في الفترة تلك. ولاحظنا كيف تحالفت الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وأوروبا لهزيمة ألمانيا النازية واليابان العسكرية، فعقدت الصفقة بين المعسكرين الشرقي والغربي، ليعترف الغرب بكافة جمهوريات ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي على أنها قوميات هذا الاتحاد وليست بدول مستقلة ذات سيادة كما هي الآن، وبالمقابل يلتزم الاتحاد السوفيتي الصمت وان لا يثير قضايا القوميات التي كانت ولازالت تعاني أوروبا من قضاياها, كما هي الحال بالنسبة إلى القوميات في البلقان أو بريطانيا والنور مندي، أو فرنسا وجزيرة كورسيكا، أو أسبانيا وإقليم إلباسك.
يتبع