المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قطوف من ديمقراطية حضرموت في القرن الماضي - الجزء الاول -


سيئون والماء
10-12-2007, 10:56 PM
قطوف من ديمقراطية حضرموت في القرن الماضي ..في المكلا المطالبة بتوزيع عادل لأعمال ومقاولات شركة تنقيب النفط وفي تريم المطالبة بتوظيف الشباب لدى الشركة ..شماخ يطالب السلطات بإجراء إصلاحات لتوسيع الحريات المدنية

( منقول من صحيفة الايام اعداد الاسبوع الاول من شهر اكتبوبر 2007م )


«الأيام» علوي بن سميط:
حفار لشركة نفطية في حضرموت في الستينات

قطوف من ديمقراطية حضرموت مجرد إشارات لما اعتمل في ما كان يطلق عليه السلطنتين الكثيرية والقعيطية، مجرد نتف أو قصاصات جمعتها من هنا وهناك من مصادر متعددة من وثائق أصلية أو مصورة، من صحف حضرمية وعدنية، ومن نشرات أندية وجمعيات ومؤسسات مجتمع مدني، في محاولة للاقتراب من ديمقراطية بدأ صناعتها أفراد أو جماعات خلال قرن مضى. ديمقراطية بمختلف صورها: حرية تعبير وصحافة، آراء متعددة، مطالبات ببيانات أو مسيرات أو إضرابات، شفافية وعلنية الخطوات السياسية سواء ممن ينتقدون الحكم آنذاك أو حتى الإجراءات التي تتخذها السلطات.. أحداث قد نوردها ليس تسلسلياً لأننا لسنا بصدد كتابة تاريخية تحليلية عن ديمقراطية مجتمع حضرموت وهي ديمقراطية صنعها ولم تعط له هبة، بل فرضها وانتزع بها ما يطمح إليه ولو بالحد الأدنى آنذاك، ليست قراءة تاريخية وإن كانت السطور في هذه الحلقة وحلقات قادمة محتواها أضحى في ذمة التاريخ وهو تاريخ يعتبر حديثاً، إنها استعراض أو عرض صحفي لحراك ديمقراطي في زمن مضى مكانه باق، حراك قوبل بصورة أو بأخرى من المؤسسات الرسمية حينها بالامتعاض حيناً وردود فعل قاسية أو إيجابية حيناً آخر أو تجاوباً في بعض الأحايين. جمعت هذه الشذرات بعد ان بحثت في صحفة هنا واخرى هناك كي يقف القارئ الكريم على نزر يسير جداً مما كان يعتمل.

> عندما بدأت شركة (بان أميركان) النفطية بتجهيز نفسها بعد الاتفاق مع سلطات حضرموت تخوف العديد من مواطني حضرموت والتجار من أن تذهب أعمالها وبعض مقاولاتها لآخرين أو لمتنفذين مما حدى بهم أن يتقدموا بمذكرات لشركة الزيت تلك وإلى مسئولي السلطنتين القعيطية والكثيرية ليكون التوزيع عادلاً بين الناس في الأعمال النفطية ومثال على لك فقد بعث الشيخ عبدالله عبدالرحمن باهرمو وآخرون بمذكرة جاء فيها: «إن ما تعانيه الأمة من تأخر التجارة وضيق في المعيشية وعدم توفر الأعمال لمختلف الطبقات ذلك أشهر من نار على علم باستثناء أفراد قليلين جدا لايتجاوزن عدد الأصابع».

وأضاف باهرمز في هذه العريضة (أبريل 62م) ونسخها للمستشار البريطاني المقيم والمعتمد البريطاني وحاكم عدن ومدير شركة بان أميركان:«فمن هؤلاء من لهم أساليبهم الخاصة في اقتناص الأرباح الهائلة داخل الوطن الذي مواطنوه في أشد الاحتياج ومنهم من له علاقات بالخارج تدر عليه مثل ذلك وغير خاف أن أكثر المواطنين مشردون في أنحاء المعمورة جريا وراء لقمة العيش وستر الحال».

وتصنيف العريضة:«أشيع هذه الأيام أن أفراداً وجهات خاصة يسعون لكي يقوموا بجميع طلبات شركة بان أمريكان التي تم اتفاقها مع السلطنتين الكثيرية والقعيطية للتنقيب عن البترول في حضرموت وذلك لتكون جميع متطلبات الشركة وخاصة العمال بواسطتهم وعن طريقهم حكراً لهم أو لفترة من الزمن على الأقل، وعليه فنحن نهيب بالمسئولين في الدولة ومن لهم إدراك ورأي من رجالات الشعب ولهم قلوب يفقهون بها وعيون يبصرون وآذان يسمعون بها ونوايا حسنة نهيب بهم أن ينظروا نظرة ود ورحمة وحرص وإخلاص إلى أخوانهم وبخاصة العوام الذين يرزحون تحت نير الفقر والجهل والمرض من جهة وتخدير الأعصاب والتضليل من جهة أخرى».

واختتمت مذكرة المطالبة بإعطاء مواطني حضرموت نصيبهم من أعمال الشركات النفطية بالقول: «نحن نرفع أصواتنا مطالبين من حكومتنا الموقرة التفكير جدياً بأن تكون جميع طلبات الشركة المذكورة موزعة بين المواطنين توزيعاً عادلاً لكي يتسنى لهم النهوض والتقدم السريع بانتظام وبمساعدة الدولة وتحت إشراف هيئات يختارونها بأنفسهم».

> كما طالب أيضاً نادي الشباب في تريم الحكومة الكثيرية الحضرمية بإعداد الشباب لشغل الوظائف في شركة الزيت، وجاء في المطالبة التي بعثت للحكومة:«اطلعنا على ما أعلنته حكومتكم الموقرة في إعلانها رقم (37-16) المؤرخ في 2 رمضان 7 فبراير 1962م بأن شركة بان أمريكان بحاجة إلى موظفين محاسبين ومترجمين وكتبة على الآلة الكاتبة عربي وانجليزي وطباخين وسائقي سيارات وأنه يشترط فيهم أن يجيدوا اللغة الإنجليزية ماعدا الطباخين والسائقين وبهذا الصدد نود أن نلفت أنظاركم إلى نقطتين هامتين: إن اشتراط إحسان اللغة الإنجليزية في التوظيف سيفوت وسيضيع فرص العمل والتوظيف على السواد الأعظم من المواطنين الذين لا يحسنون هذه اللغة في حين أنهم يحسنون لغة بلادهم اللغة العربية والذين طالما ارتقبوا العمل والتوظيف ببلادهم وانتظروه بفارغ الصبر بعد أن كان من التسكع والتشرد». وطالب النادي «أن تهيأ إعداد المواطنين للعمل والتوظيف وأن تقدم الحكومة المساعدة المادية الكافية والمدرسين الأكفاء ليقوموا بإعداد الشباب والمواطنين وتهيئتهم للعمل والتوظيف».

> بدأت في حضرموت حركات إصلاحية سياسية منها الفردية أو ضمن إطار مجموعات أو أندية اجتماعية وثقافية منذ ما قبل الخمسينات ونستعرض إحدى هذه الحالات للمطالبة بإصلاح حضرموت كالأوضاع السياسية ومسائل الضرائب الجمركية، فمن شبام حضرموت بدأ الشيخ سالم محمد شماخ بحركة إصلاحية بوضع لبناتها الأولى في أغسطس 1961م كما ذكر بنفسه رحمة الله عليه في لقاء مع «الأيام» 20 يونيو 1962م ومن ضمن المطالب توحيد الآراء بين المطالبات المتعددة على مستوى السلطنتين الكثيرية والقعيطية، وتحرك شماخ بدءاً من تريم وعقد لقاءات مع مجموعات الوجهاء والأعيان ومقادمة القبائل ثم اتصل بوجهاء تاربة بعدئذ في سيئون ثم الغرفة وكانت اللقاءات تبحث الهموم والمطالب تتوج بعقد مؤتمر لهذا الغرض وتحديد مندوبين لهذا المؤتمر من القسم الكثيري ويبدو أن النقاش لم يأت بجديد خصوصاً مع من اجتمع بهم في مدينة الغرفة، وعموماً تم الاتفاق على عقد المؤتمر ولكن لم يلب الطلب من الذين سبق أن وعدوا الشيخ شماخ بالحضور ولم ينعقد وظل التحرك في الألوية القعيطية آنذاك بدءاً بلواء شبام واللواء الغربي ولواء دوعن ثم الشحر والمكلا وبقي شماخ والمقتنعون بأطروحاته (حركته الإصلاحية) يعدون المطالب وترأس وفد ضم وجهاء وأعياناً من الألوية الستة القعيطية ضم في قوامه 38 شخصاً الذين قرروا فتح مكتب للحركة الإصلاحية بالمكلا عاصمة السلطنة القعيطية وفروع مكاتب في الألوية الأخرى لاستقطاب أكبر الأعداد لهذه الحركة وتشكيل ضغط لطرح المطالب على سلطات حكومة السلطنة. وفي بحثنا الأولي عن هذه الحركة هو عودة الشيخ سالم شماخ من الخارج وبوصوله ظهرت الأوضاع ليس كما يأمل فبادر في محاولة فردية نحو التغيير والإصلاح فبدأ بتوجيه الخطابات إلى السلطان ووزيره ونشر توجهاته في الصحف المحلية ثم بدأ بعقد اللقاءات مع النخب في المناطق باتجاه عقد مؤتمر موحد في حضرموت لإشهار حركته ومطالب التغيير من مختلف الفئات. وننقل هنا مقتطفات من أحد خطاباته الموجهة إلى وزير السلطنة القعيطية في يوليو 1961م ولعل خطابه تضمن جزءاً من أفكاره وهو المعروف عنه رحمه الله تجاربه ونجاحاته ليست التجارية في شبام حضرموت أو عدن أو الجزء الشمالي من اليمن بل نجاحه في تأسيس العديد من المؤسسات المدنية والشركات المساهمة لعلنا نأتي على ذكرها في حلقات أخرى، وجاء في خطاب شماخ:«عدت إلى مسقط رأسي بعد أن غبت فترة معظمها في عهد حكمكم الذي كان مأمولاً في المدة التي تربعتم فيها على كرسي الحكم ببلادنا رأينا وسمعنا شعوباً كثيرة قد نهضت بها حكوماتها ..هذه الحكومات منحت شعوبها ثقة ولم تتخذ لها بطانة من الخونة النفعيين، عدت إلى بلادي كنت أمنّي نفسي بالإصلاحات التي يمكن أن أراها وأسمع عنها. لقد أدهشني كل ما رأيت وكل ما سمعت ويؤسفني كما يؤسف كل حضرمي مخلص لبلاده أن يراها تعيش وظلمات العهود البائدة فيها الدكتاتورية بأقبح صفاتها فأقفلت مؤسسات الأحزاب وصودرت كما لقي رجالها كل عنف وذل وإهانة وبالوسائل الدكتاتورية حرم علينا إقامة الأحزاب كما كممت الصحافة وحرم عليها نشر النقد للأوضاع الفاسدة والتوجيه الصحيح السليم الديمقراطي حتى أصبح الشعب العربي بحضرموت يعيش خائفاً كأنه محكوم بالحديد والنار». وهكذا عرج سالم شماخ على توضيح العديد من الأوضاع في مختلف الجوانب إلى أن وصل في خطابه «مع تقديرنا واحترامنا لمعاليكم فإننا نحب أن تخلدوا لكم ذكريات حسنة في بلادنا وعفا الله عما سلف وكما يقول المثل (من عيال اليوم) وسنرى في القريب ما يقوي أملنا وثقوا ياصاحب المعالي بأنه لن يضيع حق بعده مطالب والله ولي التوفيق»

ظلت الحركة الإصلاحية كما أسميت تطرح مطالبها وتوسع نشاطها حتى بدأت السلطنة في التباحث معها وهو ما سنقترب منه في حلقات قادمة.

قطوف من ديمقراطية حضرموت في القرن الماضي (2)
«الأيام» علوي بن سميط:
أثارت تصريحات لوزير السلطنة المهرية للصحف الحضرمية، وتناقلتها الصحف العدنية والعربية، هيجاناً شعبياً وقبلياً بعد أن ذكر عددا من المناطق بأنها تتبع سلطنته - كثمود وسناو وغيرهما- مما أثار تداعيات في أشكال اجتماعات، مظاهرات، واحتجاجات مثقفين ومقادمة قبائل، ففي السلطنة القعيطية بالعاصمة المكلا وجه (16) شابا ومواطنا نداءً لعقد اجتماع لمناقشة هذا الوضع بعد أن وجهوا بياناً ودعوة إلى أبناء حضرموت جاء فيه: «نرى من الواجب دعوة جميع المواطنين لعقد مؤتمر شعبي لبحث قضايا الساعة وفي مقدمتها المؤامرة التي يراد بها اقتطاع أجزاء من حضرموت» وحدد الستة عشر شابا يوم 16 /12 /61م موعداً لعقد المؤتمر الشعبي بقاعة المكتبة السلطانية، وحضر كثير من الناس تجاوباً، فافتتح الجلسة السيد أحمد سعيد الحضرمي قائلاً: «إن عقد هذا المؤتمر في هذه الفترة هو عرض أحقية هذه البلاد في الجزء الذي يراد اقتطاعه منها، وخدمة هذه الناحية من الوجهة التأريخية وغيرها، إننا أيضاً نعقد المؤتمر الشعبي كرسالة للتعبير عن شجب هذه المؤامره التي تحاك» ثم انتخب الحضور السيد عوض عيسى بامطرف رئيساً لإدارة الجلسة والسيد حيدر العطاس سكرتيراً للجلسة، وفي سياق الطروحات والنقاشات (نستخلص بعد بحثنا وقراءتنا لهذا المؤتمر أو اللقاء) قرر الحضور إبلاغ الجهات المختصة (الحكومية) بأنها ناقشت ذلك الموضوع كثيراً ولكن يتوجب ترك ذلك للناس ومن خلال المؤتمر الذي سيضع حداً لأفكار الاقتطاع الذي قرره في 4 يناير 62م، وأن تطرح المطالب وتنوير المواطنين بالداخل والخارج لما يحاك ضد حضرموت وسلخ أجزاء منها، وقد أقر الحضور تشكيل لجان متعددة على أن تقدم تقاريرها وأبحاثها من وجهات علمية وتاريخية والإلمام بكل التفاصيل. وقال أحمد الحضرمي إن لجنة البحوث من أهم اللجان لأن المؤتمر الكامل القادم يرتكز على ما تقوم به هذه اللجنة بالذات، ويبدو أن التداعي الشعبي جاء على ما يظهر بعد أن لم يظهر رد فعل قوي من سلطات السلطنتين، لذلك فالتداعيات لمقاومة مشروع الاقتطاع سلمياً أخذت به كل المؤسسات المدنية واتفق حضور (المكلا) أنه إذا لم تسمح السلطات بإقامة المؤتمر المزمع في يناير 62م وما سيقدم من وثاق فإنهم سيعدون كتيباً يضم الوثائق سيوزع على الناس.

وفي الاجتماع التمهيدي يوم 16/ 12 /61م انتخبت لجان من الحضور، لجنة إعداد المطالب من السادة: عبدالرحمن عبدالله بكير، أحمد سعيد الحضرمي، وحسين البار. لجنة البحوث انتخبت من السادة: سالم يعقوب باوزير، عبدالله محمد باحويرث، أحمد عوض باوزير، سالم عبدالله بامطرف، علي سالم البيض، عبدالقادر محمد العماري، عوض عيسى بامطرف. لجنة الدعاية من السادة:علوي صالح المفلحي، سالم عوض باوزير، علي صالح الحضرمي، محمد محفوظ باحشوان، علي حسين بلفقيه، خالد أبوبكر بارحيم، حيدر أبوبكر العطاس، عبداللاه باعباد. ولجنة مالية من السادة: محسن محمد الناخبي، عبدالكريم محمد بارحيم، عبدالله علوي الصافي، أبوبكر محمد بامنصور، عوض محمد باصالح.

> في اليوم نفسه الذي انعقد فيه لقاء الشباب والمواطنين وانتخاب لجان بشأن مشروع الاقتطاع (انعقد في المساء)، شهدت المكلا من الصباح إضراباً شاملاً توقفت فيه الحياة شجباً لدعوة ضم أجزاء من حضرموت إلى سلطنة أخرى، فأغلقت المتاجر والمطاعم والبسطات الصغيرة وفعلت ذلك أيضاً مدينة غيل باوزير وزادت على ذلك خروج أهاليها في مظاهرة صاخبة تندد بمشروع الاقتطاع.

وفي اليوم التالي توقفت الحركة الاعتيادية بمدينة الشحر جراء الإضراب العام احتجاجاً على ضم أراض من حضرموت إلى سلطنة أخرى، وشهدت مناطق حضرموت تجاوباً في شبام وسيئون فاندلعت المسيرات في كل مكان، كما وجه (40) من أعيان وشخصيات حضرموت من السلطنتين برقية إلى حاكم عدن العام والمستشار المقيم بحضرموت وإلى السلطان القعيطي والكثيري، ومما جاء فيها: «بهذا نعلن إصرارنا على حقوق وطننا بكل ما نملك من وسائل».

كما أدانت الجمعية الوطنية الحضرمية بعدن - التي أصبح اسمها فيما بعد الجمعية الخيرية الحضرمية بعدن - مثل هذه المشاريع وعبرت في بياناتها ولقاءاتها ونشراتها بالقول: «نستنكر الادعاءات من الذين يدعون بالمطالبة بضم أراض حضرمية، ونؤيد كل ما يقوم به إخواننا للدفاع عن هذه الأرض وسنكون صفاً واحداً لإحباط هذه المؤامرة».. وتواصلت الاحتجاجات في مظاهرات للشباب بالمكلا صامتة تتوقف كل مرة أمام دار المستشارية وأمام قصر السلطان، وكان المتظاهرون يستمعون إلى كلمات من شخصيات تقود هذه المظاهرات تؤكد «أن هذه المؤامرة التي أحيكت ضدنا وضد إخواننا في المهرة هي محاولة فاشلة ترمي لتعميق روح التجزئة بين الأخوة» فيما أدلت قبيلة بني ضنه (تضم قبائل كثيرة العدد على مساحات جغرافية شاسعة في أنحاء حضرموت) بدلوها في هذا الموضوع، إذ أصدر رئيس قبيلة بني ضنه المقدم العبد بن علي بن يماني التميمي رداً شافياًً قاطعاً نشر في صحيفة «الرائد» الحضرمية موضحاً أن الادعاءات التي تفوه بها وزير السلطنة المهرية تفتقد تاريخياً وسياسياً وجغرافياً للمنطق قائلاً: «إننا أقدم من ملك هذه الرقعة من الأرض - يقصد بها الأرض المدعى بها- وبحكم ولائنا لحكومتنا وبحكم المعاهدات التي بيننا وبين حكومتنا القعيطية وضعت يدها على أرض لنا ومنها هذه المناطق من كل جهاتها الطبيعية والجغرافية والاقتصادية تابعة لبني ضنه والتي هي بالتالي حسب الولاء من بني ضنه تابعة للسلطنة القعيطية».. تصاعد الاحتجاجات والتمسك بحق الأرض ورفض الضم والاقتطاع تصادف وزيارة السير تشارلس جونستون، حاكم عدن، إلى المكلا وسيئون في زيارة رسمية للسلطنتين الكثيرية والقعيطية.. التصريح الذي أثاره مسؤول سلطنة مجاورة للسلطنتين الحضرمية أثار الناس وشهد تصاعدا وانتهى بعد مدة ولم يقو أحد على سلخ جزء من حضرموت عندما تراصت الصفوف، ولعل تحرك الناس من قبل هذا الحدث وبعده - في حالات سياسية دعت لتوحيد السلطنتين عبر لقاءات عامة ومؤتمرات في الداخل وتحركات في الخارج - نادت به جمعيات وأندية ومثقفون وقبائل بل وحتى من أركان حكم السلطنتين ومنذ ما قبل الستينات، كل هذه التحركات في موضوع وحدة القعيطي والكثيري أوجدت مشاورات وتقاربا بين السلطنتين بضغط شعبي منذ ما قبل الستينات بالطبع.

> الدعوات الأهلية لوحدة حضرموت لم تكن في الستينات بل هي أقدم بكثير، ولكن التفعيل الرسمي والاقتراب الكبير بين السلطنتين جاء مع تشكيل الاتحاد الفيدرالي بين سلطنات ومشيخات جنوب اليمن، وبالتأكيد معروف لدى الكل أن حضرموت لن تنضم إليه، وشهدت السلطنتان في فبراير 61م تحركات لوفود رسمية بينهما يحمل كل منها مقترحات بقيام الوحدة بين البلدين (حتى قبل هذه الدعوات فإن هناك ملامح متعددة على الواقع لا يشعر بها الحضرمي إذا تواجد في سلطنة غير سلطنته سوى أنه في ارضه)، وللتعجيل بهذا المشروع عادت من جديد وبقوة الدعوات الشعبية لعقد المؤتمرات للدفاع والضغط على الرسميين تفاعل معها مغتربون من ابناء حضرموت، وكمثال من كمّ كثير استعرضت صحيفة «الطليعة» في صدر صفحتها الأولى عدد 16 شعبان 1380هـ برقية إلى الأستاذ أحمد عوض باوزير، رئيس التحرير من الافاضل حسين العطاس وعبدالعزيز بن وبر من المملكة العربية السعودية، وهي برقية تأييد جاء فيها: «نشاطر اقتراحكم ونؤيد عقد مؤتمر عام لبحث قضيتي الوحدة الحضرمية والبترول في موسم الحج القادم بالسعودية.. نضع أنفسنا تحت التصرف.. ارفعوا نداءنا لجميع الحضارم في كل مكان».

قطوف من ديمقراطية حضرموت في القرن الماضي ..عزل مدير مدرسة ومدرسين بحضرموت يثير مظاهرات طلابية تبدأ من غيل باوزير والمكلا ..من غيل باوزير بدأت شرارة الاحتجاجات وأمام تعسفات السلطة بدأت دائرة التضامن تتسع
«الأيام» علوي بن سميط:

احتفال لجمعية الاخوة بتريم

يصف بعض كتاب ومؤرخي الحركة الوطنية بحضرموت تنظيمات الشباب والطلبة أن بداياتها بتأسيس اتحاد الطلبة الحضارم (الفكرة 59م والتأسيس 60م) في وقت شهدت حضرموت أحداثا شارك فيها الطلبة منذ ما قبل الستينات، إلا أن تكويناتهم لم تكن على شكل مؤسسي بل تأتي ردود فعل وتفاعلا مع القضايا الداخلية أو ضمن صور التعبير الاخرى التي قادتها الجمعيات والمؤسسات الأهلية، وجاء اتحاد الطلبة الحضارم بمثابة إطار عام للطلبة على مستوى السلطنتين آنذاك وافتتح له فروعاً بالخارج وضم طلبة مستقلين وقوميين ورابطيين وتيارات إسلامية .. وسنأتي على ذكر أنشطة ودور اتحاد الطلبة الحضارم في حلقة قادمة.

> يذكر أن جمعية الأخوة والمعاونة بتريم التي تأسست في 1929م عملت على تأسيس إطار يهتم بتلاميذ تريم نشاطه أدبي وثقافي، وفي الاربعينات تأسسات أندية طلابية كالإصلاح في المكلا، الإصلاح في القطن، نادي اليقظة العلمي الأدبي في شبام (وهذا الأخير حصلت على معلومات تأسيسة من خلال نشراته وصحيفته «اليقظة» التي تصدر مخطوطة باليد في شبام، وترأسه سالم أبوبكر التوي.. وتلك المعلومة لم يذكرها للأسف كتاب ومؤرخون من قبل كتبوا عن بدايات نهضة تأسيس الأندية العلمية والثقافية والتعليمية والصحفية) عموما فإن هذه الأندية أو الأطر الطلابية كانت ضمن دائرة تضم ايضاً المدرسين والمشايخ، ولم تكن برامجها مستقلة، ويذكر أن أول محاولة لتأسيس اتحاد للتلاميذ، باسم (اتحاد التلاميذ بالمكلا) عام 1940م بموجب وثائق تأسيس وجلسات ولقاءات ولوائح داخلية واستؤجرت غرفة بأحد منازل المكلا لممارسة الأنشطة، وتقدم طلبة من مختلف أنحاء المكلا للانضمام إليه، وفي كتابه (دراسات في تاريخ حضرموت الحديث والمعاصر - ط أولى، 2001 ص 150) يذكر أ.د صالح علي باصرة أن مؤسسي جمعية اتحاد التلاميذ والموقعين على وثيقة التأسيس هم:

«محمد عبدالقادر بافقيه، علي محفوظ بامحفوظ، علي محفوظ حوره- باحشوان، سالم بادواد، عمر بن سهيلان، ناصر سيف بن علي البوعلي، عبدالقادر باحشوان، طاهر بازنبور) ومن بينهم تأسست أو شكلت لجنة رباعية كهيئة إدارية: محمد بافقيه رئيساً، ناصر سيف البوعلي سكرتيراً، عبدالقادر محمد باحشوان مساعداً، طاهر محمد بازنبور متحدثاً وناطقاً باسم الطلبة. إلا أن السلطات القعيطية أغلقت هذا التجمع بأمر كتابي من ناظر المعارف، ومع ازدياد افتتاح المدارس الأهلية والابتدائية والوسطى فالثانويات بعد ذلك ظهرت الكيانات الطلابية وتنامى شعور الطلبة الوطني والقومي، وبدأ التعبير بكل الصور، وجاء احتفال المدرسة الوسطى بغيل باوزير للعام الدراسي 1958م الذي تضمن في فقراته إبداعات للطلاب في المسرح، المقالات الصحفية، إلقاء مختارات شعرية جميعها باتجاه قومي وانعكاس لما يجري بداخل المنطقة حضرموت والوطن العربي متزامناً مع الوحدة المصرية - السورية وحضر الاحتفال آلاف من مواطني حضرموت إضافة إلى أعضاء مجلس السلطنة ووزيرها والمستشار البريطاني (بوستيد).

كلمة بالإنجليزية ينسحب

بعدها المستشار البريطاني

> بدأ الحفل بكلمة المدرسة ألقاها أحد المدرسين (فرج بن غانم رحمة الله عليه) تتابعت بعدها الفقرات من بينها (برنامج الاحتفالات ضم أيضاً ندوة عن حضرموت والبترول) وفي الحفل ألقى الطالب مصطفى عبود من جمعية الادب الانجليزي كلمة بالإنجليزية مما جاء فيها: «بغير ثقتنا في أنفسنا وتضحياتنا وإيماننا بقدرتنا في أن نحقق وحدتنا لا نستطيع أن نبني مستقبلنا الزاهر، لقد ذدنا عن حقوق الإنسان ونشرنا المعرفة وحمينا السلام». ويستطرد الطالب عبود- وهو ما أقتطفه من دراسة للدكتور باصرة نشرت في 88م عنوانها (انتفاضة تلاميذ وطلاب غيل باوزير بحضرموت) في كلمته أيضاً: «إننا نكافح قوى الشر ولكن مع كل شروق للشمس يشرق الأمل في قلوبنا المصممة.. إنها معركة النصر فيها أكيد.. ونحن على استعداد لأن نحارب لننتصر».. وانسحب بعد الكلمة المستشار البريطاني.

بدا أن مسؤولي السلطنة وأجهزتها المخابراتية وضعت هذا الحفل في إطار سياسي تحريضي، فانعقد بعد أيام في المكلا مجلسا (السلطان والدولة) وأقر في الاجتماع المنعقد بمستوى عال عزل مدير المدرسة الوسطى أ. سالم يعقوب باوزير وعدد من المدرسين.

السلطات توقف بن شملان

وبن غانم وآخرين

> بعد إيقاف مدير المدرسة سالم باوزير تضمن إيقاف السلطة أيضاً عددا من المدرسين هم: «فرج سعيد بن غانم، فيصل بن شملان، سالم عبدالعزيز، صالح لرضي» (كما ورد في كتاب حضرموت والاستعمار البريطاني، د. أحمد بن دغر، ط الأولى ص 214).

ثم أغلقت المدرسة الوسطى، ومن هنا توالت الأحداث متسارعة باحتجاجات واستنكارات الطلبة بالمدرسة ومدارس الغيل الأخرى، وخرجت مسيرات الأهالي بالغيل منددة بهذه القرارات وجابت الشوارع رافعة شعارات (نريد مديرنا)، (لا عودة إلا بالمدير)، (يسقط عملاء الاستعمار ) وحاولت السلطات آنذاك ممارسة التضليل بأن هذه الإجراءات اتخذت جراء قيام مجموعة من المدرسين بما أخل بالتعليم بحسب وجهة نظر الحكومة، وأن المدير لم يتشاور في هذا الحفل مع السلطات.

وأمام فعل الحكومة وتمسكها بقراراتها المجحفة ازدادت حركة التأييد لطلبة ومدرسي غيل باوزير، وارتفعت حدة التظاهرات من الناس والطلاب، وتصدت الشرطة بإطلاق النار على التلاميذ وجرح العديد منهمإ فما كان من الطلبة كرد فعل إلا إحراق عدد من السيارات والمباني والحكومية.. من غيل باوزير بدأت شرارة الاحتجاجات، وأمام تعسفات السلطات بدأت دائرة التضامن مع الغيل تتسع.. أهالي الغيل وجهوا رسالة إلى وزير السلطنة بإعادة المدير والمدرسين وافتتاح المدرسة، وتقدم (40) من مقادمة القبائل والمشايخ بمذكرة للسلطات طالبوا فيها بقوة بإعادة الأمور إلى مجاريها فيما اجتمعت قيادة النادي الثقافي بالمكلا ورفعت مذكرة للسلطات، وعمت المسيرات التضامنية ألوية السلطنة حينذاك وتحولت إلى مسيرات مناهضة للتدخل في الشؤون الداخلية واحتجاجاً على إسكات حرية التعبير والتعامل معها بعنف وإجراءات قاسية.


طلبة في مدرسة النهضة بسيئون

وشجب عدد من الكتاب الأحرار في عدن، ومنهم عبدالله باذيب، أحمد عوض باوزير، محمد علي الأكوع، في بيان لهم الإجراءات التعسفية وأعلنوا تضامنهم مع طلبة الغيل ومدرسيها، وتفاعل أيضاً وتضامن (طلاب كلية عدن) وأصدروا بيانا تضامنيا مع زملائهم الطلاب في حضرموت، ونشرت المقالات والأخبار وخصصت التغطيات لهذا الحدث بالصحف العدنية والعربية، واتخذت السلطات بعد تصاعد الأمور قرارا بفتح المدرسة في ابريل 1958م بغية تهدئة الأجواء.

وهكذا وبعد فترة هدأت الأمور وعادت الأوضاع إلى ما كانت عليه.. ويسجل المؤرخون أحداث الحركة الطلابية اليمنية عموماً في ثلاث حالات مثلت صورة حسنة وحركة طلابية في المجتمع، وهي انتفاضة طلاب غيل باوزير في 58م، انتفاضة طلاب عدن في فبراير 61م، مظاهرات طلاب تعز وصنعاء 62م.

من الغيل 58م إلى سيئون 64م

> في أغسطس 64م تظاهر طلاب سيئون ضد الأوضاع، ورفعت شعارات متعددة تندد بإجراءات كثيرة وجوبهت المسيرة الطلابية بقمع الأمن لها وجرح كثير من الطلبة واعتقل بعد جرحه الطالب علوي عبدالرحمن السقاف، وتم محاصرة مقر الطلبة (مركز اتحاد الطلاب) .

ولم تتوقف المظاهرات التي انضم إليها مواطنون مناصرون، وتصاعدت عقب اعتقال الطالب الجريح واعتقال متظاهرين في البوليس السياسي بسيئون (حصن الحوارث)- السجن العام في سيئون اليوم- وأصدر طلبة سيئون بيانا توضيحيا للرأي العام في حضرموت حول أحداث مظاهرتهم بختم وتوقيع (الطلاب الأحرار في سيئون) سوف ننشره في الحلقة القادمة بإذن الله، وساند وتضامن مع طلبة سيئون مدن حضرموت عموماً.

سيئون والماء
10-12-2007, 11:00 PM
قطوف من ديمقراطية حضرموت في القرن الماضي(4): باعباد يؤسس المؤتمر الشعبي في الستينات واتحاد أنصار حقوق الشعب في التسعينات ..عقب تظاهرة سيئون خالد بن هامل في المكلا يستشهد تضامنا مع طلبة الوادي
«الأيام» علوي بن سميط:

قصر السلطان الكثيري في الثلاثينات

كما ذكرنا في الحلقة الماضية عن مظاهرة طلاب سيئون شهر 8 /64م واعتقال عدد من الطلبة وإطلاق سراحهم بعد فترة في اليوم نفسه وإصابات خطيرة لطالب، أصدر الطلبة بيانا توضيحيا عن مظاهرتهم ومطالبهم جاء فيه:«للغموض الذي ساد حقيقة المظاهرات التي أقيمت في سيئون والحقائق التي طمست رأينا أن نصدر هذا البيان لنوضح للرأي العام حقيقة تلك المظاهرات ونوضح مواقف الطلاب..

أولاً: قبل قيام المظاهرات بيومين كون الأمير محسن بن محمد الكثيري رئيس الحزب الوطني كما يزعم البعض بالرغم من أن هذا الحزب غير موجود، كون لجنة من ثلاثة أعضاء هم: عبدالقادر الصبان، أحمد بن صافي، محمود صقران، لتنظيم مسيرة صباح يوم السبت 22 /8 وقرروا أن تنطلق مظاهرتهم من مدرسة النهضة وقاموا بدعوة بعض الهيئات للاشتراك في هذه المظاهرة وقد قدموا الدعوة لنا نحن الطلبة ولكن بما أننا قررنا سابقاً (نحن الطلبة) الخروج في مظاهرة احتجاجاً على وضع العراقيل من السلطات لدخول الاساتذة المصريين وتنطلق من مركز اتحاد الطلاب الحضارم بسيئون فقد رحبنا بمنظمي المظاهرة التي كونها الأمير بأن ينظموا الينا». ويقول الطلبة في بيانهم إن عددا من الهيئات وافقت على الانضمام إلى مظاهرتهم التي سبق أن حددوها: «ووافق على الانضمام الينا نادي الأحقاف، الأهلي، الهلال، وحدة القرن، ثم عمال الورشة.

وفي صباح يوم السبن الموافق 22 /8/ 64م يوم المظاهرات كان جنود وضباط القوات المسلحة الكثيرية يجوبون الشوارع بسياراتهم مدججين بالسلاح» وبدأ التجمع من الطلبة والهيئات التي أعلنت انضمامها لمظاهرة الطلبة ورفعت شعارات تطالب بدخول الاساتذة المصريين إلى حضرموت، وتنفيذ قرارات هيئة الأمم المتحدة بشأن الجنوب، وبجلاء الاستعمار فهجم أفراد البوليس والقوات المسلحة ومزقوا اللافتات. ويستطرد البيان: «واجهوا الطلاب بفوهات البنادق وإطلاق الرصاص، واستخدموا القوة مما أدى إلى جرح عشرين طالباً وأربعة آخرين بجروح خطيرة. وأصيب الطالب عبدالكريم بن مهدي بجرح خطير ونقل إلى المستشفى، واعتقل الطالب علوي عبدالرحمن السقاف وضربه ضربات قاسية وفي المعتقل لقي اصنافاً من ألوان العذاب». وكان طلبة سيئون يردون على بيان الحكومة الذي اتهم الطلبة بإثارة الفوضى وأن مظاهرتهم جاءت بنتائج سيئة، وأعلن الطلبة أن المظاهرات ستتواصل ما لم يطلق سراح المعتقلين ومعالجة الجرحى، وأعلن الطلبة الاضراب عن الدراسة يوم الأحد 23/ 8.

وقال الطلاب الاحرار في سيئون بحسب تذييل بيانهم بذلك - هم من اتحاد الطلبة الحضارم- مختتمين بيانهم الذي وزع في ألوية السلطنة ونشرته الصحف بالمكلا: «نستنكر تصرفات البوليس في سيئون ونطالب بالتحقيق والتعويض وبإطلاق الحريات العامة».

> بالطبع لم تكن تلك المظاهرة الأولى والاخيرة للطلبة، بل كانت أكثر كثافة بالحضور وتضامن واشتراك فعاليات مجتمع أخرى قادها ونظمها الطلبة، وكان أن انتهت باعتقالات وجرحى، ففي عام 1966م نظمت في سيئون تظاهرة طلابية تنديداً واحتجاجا على زيارة المندوب السامي البريطاني لحضرموت (السلطنتين) وجرح العديد من الطلبة وكذا من المتظاهرين انظموا لهم من هيئات مدينة، وأحرقت فيها عدد من الإطارات تعبيراً واحتجاجاً على هذه الزيارة. وبعد يومين شهدت مدينة المكلا مظاهرة احتجاجية على أسلوب القمع الذي جوبهت به مظاهرة طلبة سيئون وتدافع الناس ونظمت في 12 /9/ 66م مسيرة المكلا الشهيرة وأصيب فيها أكثر من (50) طالبا وتلميذا وقدم الطلبة باسمهم شهيداً لحرية الرأي والتعبير الطالب خالد بن هامل، من أبناء مدينة المكلا.

واعتبر المراقبون أن هذه التظاهرات جزء من النشاط المنظم لاتحاد الطلبة الحضارم وحركة طلابية احتجاجية واصلت نهج انتفاضة طلبة غيل باوزير، الذين استفزتهم إجراءات مسؤولي السلطنة القعيطية بمعاقبة مدير ومدرسي المدرسة الوسطى حينذاك ومواجهة الاحتجاجات بالقمع، وفي 66م ايضاً في نفس الشهر (سبتمبر) خرج طلبة شبان للتنديد بما وقع للطلبة في سيئون والمكلا.

> عمر سالم باعباد من رجالات حضرموت الداعين للإصلاح والمدافعين عن حقوق الشعب منذ شبابه، واشتهر رحمة الله عليه بنقده اللاذع والمجاهرة برأيه، وهو الأمر الذي أدى به في الستينات إلى المعتقلات في سيئون، كما أنه من المتنورين ومن دعاة الوحدة بين دولتي حضرموت آنذاك ومن أشهر سجناء الرأي، من مواليد مدينة الغرفة غرب سيئون 1915م وبدأ دراسته الأولية فيها وأكمل تعليمه العالي آنذاك في عدن وبدأ نشاطه التنويري والتوعوي بالعمل نهاية الثلاثينات بتوعية الشباب ومحو الأمية في الغرفة وكان أبرز مؤسسي العمل التعاوني فيها، واغترب في الحبشة وهناك عمل ولمدة ثلاث سنوات وحتى 46م سكرتيراً للجالية العربية بأديس أبابا وكان في هجرته متابعا للأوضاع بل لم يكتف بالمتابعة فكان يخاطب السلطات في سيئون بإجراء اصلاحات لأحوال الناس، وتوصل عمر سالم باعباد (غفر الله له) إلى أن الأهمية في رص صفوف الناس بأن تكون هناك أهداف لتسيير الحياة السياسية والاقتصادية، واستقر في بلدته، ولأنه كثير الاطلاع نهم في القراءة لديه ملكات التحليل وقراءة الأوضاع، استطاع أن يؤسس لأول مرة حزبا سياسيا في وقت لم تطلق الحريات الكاملة في السلطنتين، وعندما أقول لأول مرة لأنه يقوم على نظام داخلي أو دستور.

عندما تسلّمته منه رحمة الله عليه في 1991م بعد الوحدة اليمنية ظهر لي بأنه نظام داخلي وتحليل لوضع آني وأشبه بدراسة لانتشال الأوضاع في الستينات حينها أجاب علي عندما قلت له دراسة بالقول: «إن أي إصلاح سياسي يبنى بقيادة تنظيم عليه دراسة الماضي والحاضر والمستقبل».

فكر الاستاذ باعباد بأن الناس وخصوصاً النخبة لا بد أن تؤطر ضمن تنظيم (حزب) فبدأ أولا بوضع الميثاق الوطني للجبهة الوطنية وكانت عصارة فكره وتجاربه وأسمى ذلك التنظيم «المؤتمر الشعبي» ويضم دستوره أوالميثاق الوطني (30) صفحة، ويعتبر المؤتمر مظلة لمختلف التباينات الفكرية التي تتفق على قاسم مشترك للإصلاح وبمنهجية، ومعظم الذين حضروا التأسيس أعيان ومثقفون منهم: عبدالقادر محمد الصبان، سعيد ناصر عبدالعزيز، عبدالرحمن هاشم الحبشي، محمد سالم باجري، عمر دومان، جعفر محمد السقاف، أحمد عبدالقادر باكثير، علي عبدالله التوي، عمر عبود الدقيل وآخرون، وأعلن المؤتمر الشعبي في 25 /4 /1963م ومن أهم أهدافه: التحرر من الاستعمار، اطلاق الحريات السياسية والمدنية بالسلطنة. ونظم باعباد ندوات وأمسيات ومحاضرات في مناطق مختلفة في الالوية والقرى الكثيرية، وتعرض مرات عديدة للزجر والمنع وأحياناً مضايقة السلطات للناس الذين يتجاوبون مع دعواته، حتى أن البعض ممن ساندوه مع التأسيس الناس جمدوا أنشطتهم. ولم يكتف المرحوم باعباد بنشاطه في إطار السلطنة الكثيرية بل استطاع أن يجري لقاءات مع المستنيرين في مناطق قعيطية.. ميثاق المؤتمر الشعبي (23) باباً أو مادة عامة، وآخرها القسم (وضع الميثاق وكتبه بنفسه الأستاذ عمر سالم وطبع بالقاهرة) وجاء في القسم الذي يلتزم به العضو ونصه: «أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً وفياً أميناً على مبادئ الميثاق الشعبي وأهداف الدستور الوطني ومقررات التنظيم الحزبي، وأن أقوم بأداء واجباتي بصورة مشجعة، وأن أعمل جاهداً في سبيل تحقيق تلك المبادئ والأهداف والمقررات، وأن أضع طاقاتي المادية والمعنوية في مصلحة الخدمة العامة وأن أكون مطيعاً ومنفذاً للتعليمات التي تصدر إلي من التنظيمات الموجهة لنشاطي الذاتي تجاه المسؤولية العامة اعتباراً مني أن تلك التنظيمات تمثل إرادتي البناءة ذاتياً.. والله على ما أقول شهيد» (من الميثاق الشعبي ص 30).

واتخذ من منزله مقراً لهذه الحركة السياسية، ولعل مدينة الغرفة بإعلان باعباد حركته أو تنظيمه تستذكر الماضي، فقبل أكثر من ربع قرن شهدت الغرفة ايضاً حركة ثورية لابن عبدات انتهت بعد صدام عسكري، والحركة السياسية في الستينات لباعباد كان مصيره فيها الاعتقال والمحاكمة بعد أن شعرت السلطات بتلقي دعوته وانتشارها بين مناطق السلطنة الكثيرية وانتقاده العلني في المظاهرات والندوات لما تقدم عليه السلطات من ارهاب مواطنيها ،وبعد اعتقاله ومحاصرة منزله قد المدعي العام بالسلطنة التهمة أمام المحكمة بسيئون اتهم فيها باعباد بالتشهير بالحكومة وأنها أطلقت النار على مواطنيها، وقال المدعي العام في صحيفة الاتهام: «إن عمر سالم باعباد قال إن مسؤولية رجال الأمن هي المحافظة على أرواح المواطنين وليس تقتيل المواطنين، وإرساله برقيات وبيانات بأن رجال الأمن أطلقوا الرصاص على المتظاهرين واعتقال عدد منهم» ومحاولة لإسكات رأي باعباد قبل اعتقاله أصدرت الحكومة الكثيرية قراراً بعد إقامة أي مظاهرات إلا بموافقة عظمة السلطان أو مجلس الدولة، إلا أن الشعور الوطني لم يثن عمر باعباد أن يصدر بياناته للمشاركة في المظاهرة خصوصاً وأن مؤتمرا للجامعة العربية ينعقد في سبتمبر 64م في الاسكندرية لمناقشة قضية الجنوب.

لم تخف التهديدات باعباد، بل قال في التحقيقات أمام البوليس والادعاء والحاكم المدني: «لا يحق لمجلس الدولة أو كائن من كان أن يصدر قرارات بمنع المظاهرات أو إصدار البيانات، وإن قرارات المنع تعسفية وجائرة». وسبق له أن أرسل مذكرات إلى الى السلطان بشأن إصلاح الاوضاع وعدم منع حق التظاهر والتعبير وإلغاء الأوامر التي صدرت من عظمتكم (مخاطباً السلطان) بشأن قرارات المنع. المهم جرت محاكمة صورية للسياسي باعباد وصدر حكم بسجنه لمدة سنة كاملة.. ويسرد باعباد في كتابه (حضرموت والأحداث) تفاصيل المحاكمة والوضع العام آنذاك.. التضامن مع الذي رفع صوته بالحق غير خائف من السجن المرحوم عمر سالم باعباد عم حضرموت، وكتبت الصحف وجاء في مقال بعنوان (شحنات من النقمة) للأستاذ المؤرخ الفقيد سعيد عوض باوزير («الطليعة» 29/ 10/ 64م:

«في سبتمبر الماضي اعتقلت السلطات في سيئون الاستاذ عمر سالم باعباد ثم حكمت عليه بالسجن عاماً كاملا بتهمة الدعوة إلى قيادة مظاهرة سلمية تأييداً لعرض قضية الجنوب على مؤتمر القمة العربية الثاني المنعقد في الاسكندرية....إلخ المقال».

أفرج عنه ليواصل نضاله ويعبر بطرقه الحضارية السلمية ثم يعتقل مرة أخرى في مدينته الغرفة، ونددت نشرة صحيفة (الوعي) الصادرة عن نادي التعاون بشبام حضرموت العدد الثاني/ السنة الثانية 65م بما يتعرض له الاستاذ عمر سالم باعباد حيث جاء في ص3:

«إننا نرى ونضحك من تصرفات (الاشاوس من قوات السلطنة الكثيرية) وهي تلقي القبض على الاستاذ والمواطن الحر عمر سالم باعباد متجنية عليه مستبدة ومعقدة بنفسها، وحوكم بتلفيق وكذب فكانت النتيجة أن الشعب تضامن فتراجع المسؤولون في السلطنة وأفرج عن المناضل باعباد، ودارت «الأيام» ودعا الأخ الباعباد إلى مؤتمر ووجه الدعوة إلى شخصيات حضرمية إصلاحية مسالمة إلا أن السلطات منعت الاجتماع وفرق المجتمعون واعتقل عساكر السلطنة الاستاذ باعباد في مجلس بلدية الغرفة» (الوعي عدد (2) السنة (2) عام 65م).

وبقيت القوات محاصرة الغرفة وباعباد معتقل، فيما استطاع (70) مواطنا ممن لبوا دعوة باعباد أن يجتمعوا بمسجد علي بالغرفة ووقع هؤلاء - وهم من مناطق مختلفة من وادي حضرموت بمناطقه القعيطية والكثيرية- على محضر نوقشت فيه أوضاع المنطقة، وقرروا رفع مذكرات استنكار للسلطنة على فعل قواتها الاستفزازي مؤكدين وقوفهم مع باعباد كما جاء في محضر جلستهم: «نؤكد وقوفنا إلى جانب المناضل عمر سالم باعباد على أمل اللقاء به مرة أخرى رغم القمع والتهديد».

> واصل الفقيد عمر سالم باعباد مشوار حياته الزاخر بالتنوير والتوعية السياسية، فبعد الوحدة مباشرة عاد إلى أرض الوطن، بعد ثلاثين عاماً من تأسيسه المؤتمر الشعبي إبان حكم السلطنات والإنجليز (المحميات البريطانية) وأنشأ تجمعا جديدا بمسمى (الاتحاد العام لأنصار حقوق الشعب) في نوفمبر 1991م، ودعا باعباد إلى منزله بمدينة الغرفة عددا من الشخصيات من تاربة وشبام وسيئون ومدودة وتريم والغرفة والحوطة ووادي بن علي وشحوح، وتم الاجتماع بمنزله، ومن شبام أصبح من مؤسسي الاتحاد العام لانصار الحقوق كل من (سالم عبداللاه بن سميط، طيب علي التوي، الفقيد محمد محفوظ بلفقيه، وكاتب هذه السطور علوي عبدالله بن سميط) وشرح المغفور له هذه الحركة، وتمت أول فعالية بتنظيم مهرجان في سيئون وعقدت نحو ثلاثة اجتماعات من بينها اجتماع بمنزل بمدينة سيئون، وطالبت باستعادة الحقوق المنهوبة قبل الوحدة وتوسيع الحركة السياسية الديمقراطية بعدها، وانضم للفقيد في حركته العديد من المواطنين من مختلف التوجهات السياسية، وكلفت لجنة من المؤسسين بوضع برامج لها (تحملت مسؤولية الجانب الإعلامي فيها) وأقر الحضور أن يكون الاستاذ عمر باعباد رئيساً، والمؤرخ جعفر محمد السقاف سكرتيراً (راجع «الأيام» عدد 20 نوفمبر 1991م).

ولم يستمر اتحاد أنصار حقوق الشعب طويلاً، وانقطع عمله السياسي عقب عام من تأسيسه بتشكيل فروع الاحزاب المختلفة بوادي حضرموت عقب العام الأول من الوحدة اليمنية وكان رحمه الله قد وثق الجلسة الأولى للمؤسسين وما دار في الجلسة.. في الحلقة القادمة نستعرض نماذج من رجال اعتقلوا أو حوكموا في حضرموت جراء آرائهم.

قطوف من ديمقراطية حضرموت في القرن الماضي (5):حزب الاتحاد الوطني في سيئون يؤسسه مشايخ وعلماء وأدباء وأمراء ..بن وبر وبافقيه من سجناء الرأي
«الأيام» علوي بن سميط:

شرطة شبام أوائل الستينات

شهدت حضرموت تناميا في عقد الخمسينات ومن ثم أعوام الستينات في إنشاء عدد من الأشكال السياسية المتعددة على أساس مؤسسي تنظيمي وتزايدت منذ الخمسينات أيضاً أعداد الأندية الثقافية والتجمعات الأدبية كتطوير للسابق من هذه الأشكال في الاربعينات، ففي سيئون تأسس حزب الاتحاد الوطني في الخمسينات والذي لم تسلط عليه كتابات عدد من المؤرخين المعاصرين.

ونشير هنا من خلال وثيقة (نسخة) من دعوة للشيخ علي بن شيخ بن علي باحميد (رحمه الله) نائب سكرتير الحزب لعدة سنوات، حررها في 24 ربيع ثاني 1377هـ الموافق 18 /11/ 1957م مضمونها الدعوة لأعضاء الحزب في 25/ 11 «للوقوف أمام أنشطة الحزب خلال عامه الأول وللنظر أمام تأليف هيئة جديدة للحزب» وذكر خطاب باحميد للوقوف أمام أعمال الحزب في عامه الأول.

وهنا يتضح أن الدعوة جاءت بعد عام أي أن الحزب تأسس نهاية 56م أو أن الدعوة بذكرها (عامه الأول) أي انعقاد الاجتماع قبل انتهاء عام كامل فالدعوة نهاية شهر 11 (نوفمبر 57) ويذكر لنا العديد من ابناء سيئون أن الحزب تأسس بداية 1957م.. أعضاء الحزب حينذاك أسماء معروفة من أبناء سيئون فهم من الادباء والكتاب والمؤرخين وأعيان المدينة ومن الامراء بالسلطنة الكثيرية، واتخذ حزب الاتحاد الوطني مقره في بداية الأمر وعقد اجتماعاته بمنزل الشيخ علي بن شيخ باحميد، نائب سكرتير الحزب (الرجل الثاني في قيادة الحزب) ومن إحدى وثائق الحزب التي حصلنا عليها يظهر أن أعضاء الاتحاد الوطني خلال عام 1957م ورواده الأوائل هم: «صالح بن علي الحامد، محمد بن شيخ المساوى، عبدالقادر بن سالم الروش، جعفر محمد السقاف، سالم محمد بن صافي، محمد بن طه السقاف، طه بن عبدالله السقاف، عبدالقادر بن عبدالرحمن الجفري، صافي بن شيخ السقاف، سقاف بن محمد السقاف، عمر بن عبود الدقيل، الأمير محسن بن محمد الكثيري، الأمير عبدالله بن علي الكثيري، سالم عمر بافضل، عبدالرحمن أحمد باكثير، علي بن شيخ بلفقيه، عمر بن أحمد باكثير، محمد علوي السقاف، حبشي بن حسن الكاف، أحمد بن حسن العيدروس، سقاف بن أبي بكر الكاف، علوي بن أبي بكر الكاف، سالم بن ابي بكر بارجاء، أحمد بن هادي جواس، عبدالرحمن باسلامة، الأمير بدر بن عبدالله الكثيري، عبدالقادر بن أحمد السقاف، عبدالرحمن عبود، أحمد بن عبدالقادر باكثير، منصور بن عبيد حنشي، سالم بن محمد الحامد، عوض بن محمد بن وثاب، الأمير حسن بن علي الكثيري، عاشور كعويله، علي بن عوض بن وثاب، عوض بن سالم باصبيع، عمر بن جعفر فلهوم، محمد بن كرامة جواس، عبيد بن محمد بريكات، أحمد محمد محروس.

وبالطبع فإن الانضمام لحزب الاتحاد الوطني تزايد، فيما كان نشاطه يمتد أحياناً وينحسر أحيانا أخرى، وبعض الشباب الذين انضموا إليه بداية الستينات خرجوا منه نحو أحزاب قومية تشكلت على مستوى جنوب اليمن كاملاً ويعتبر مؤسسوه من الرواد على مستوى المنطقة كونهم من العلماء والادباء.. وحصلنا على ترجمة صغيرة للشيخ الجليل علي بن شيخ باحميد الذي تفرغ بعدئذ للقضاء بعد تحمله منصب الزعامة بالحزب.

فالشيخ علي بن شيخ بن علي باحميد من مواليد سيئون 1909م وتوفي في ابريل 1986م ودفن بسيئون، تولى العمل في محكمة سيئون فترة قصيرة إبان السلطنة كما أنه من فضلاء سيئون وأعيانها البارزين، مهتم بالأدب والشعر العربي، بعدئذ عمل بالقضاء في سلطنة العوالق السفلى (أحور) من 1 /6 /66م حتى ديسمبر 66م.

وفي نظام حزب الاتحاد الوطني (لدينا نسخة منه) أكثر من فصل به مواد تنظم الحياة الداخلية للحزب وهيئاته معتمداً على التصويت، وهذا الحزب ليس الحزب الوطني الذي بالمكلا، فكل حزب له توجهاته وسنأتي على حديث الحزب الوطني الذي تأسس في المكلا في وقت آخر.

> كما وعدنا في حلقة سابقة.. نشير لحالات سجناء رأي كنماذج وليس الكل، فمن شبام حضرموت تعرض في 1961م الشاب عبدالعزيز يسلم محفوظ بن وبر للاعتقال والمحاكمة الكيدية لأنه انتقد تباطؤ وأعمال المجلس البلدي بشبام وطرح ملاحظاته الوطنية التي ربما لم تعجب المسؤولين حينذاك، وبن وبر هو من الشخصيات التي ثقفت ذاتها ومن الشباب المتنور (متعه الله بالصحة) يقطن حالياً في عدن، وطيلة عمره لم يتأطر سياسياً في أي حزب إلا أنه من دعاة الخير والعمل للإصلاح والمكاشفة بآرائه ومجاهرته بالحق، وله كتابات صحفية في عدد من الصحف المحلية، وهو من طلبة شبام الذي كافح لنيل أعلى الشهادات حينذاك فقد درس في مسقط رأسه ثم درس بمدرسة الغيل الوسطى وعمل بالمهجر بعدئذ وعمل بعدن واستقر فيها وحتى اليوم، وهو من مواليد شبام حضرموت 1933م.

وللأستاذ عبدالعزيز وبر- كما أعلم - كتب مخطوطة بحاجة إلى الطباعة عن تاريخ شبام وذكريات وثقت للحالات الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية، كما أصدر كتابا بعنوان (أوراق ومشاهد من حياة الشهيد العلامة باحميش) اشترك في تأليفه مع أ.أمين سعيد عوض باوزير.. نعود إلى قصة اعتقاله الكيدية، وقد أشارت «الأيام» في ذلك الوقت إلى محاكمته وبراءته من تهمة التحريض والتشهير حسب ادعاء السلطات، وللحقيقة فإن بن وبر يعلم جيداً أن الحكم الأولي بشأنه لا يعبر إلا عن كيدية فإن الحكم الذي صدر بالمكلا أمام المحاكم العليا ببراءته يؤكد سلامة أطروحاته ونقده البناء، كما أنه لقي تضامنا كبيرا إذ كتبت عدد من الصحف مدافعة عنه.

> إن أول محاكمة صحفية في حضرموت هي للكاتب الصحفي المعروف علي عبدالرحمن بافقيه، سكرتير تحرير «الرائد» الحضرمية، إذ جاء في خبر لها في العدد 74 في 2 /4 /62م:

«نظرت محكمة الاستئناف بالمكلا يوم الاثنين 26 مارس 62م في دعوى الاستئناف الذي قدمه الزميل علي عبدالرحمن بافقيه ضد حكم محكمة اللواء الجنائية الصادر ضده في القضية الصحفية المعروفة، وقدم البافقيه دفاعه ورده على عريضة المدعي العام». ولعل اعتقاله ومن بعدها محاكمته كان على مقال كتبه في صحيفة «الأيام» في عدن، وعلي عبدالرحمن ايضاً ترأس صحيفة «الرأي العام» الاسبوعية في 63م وقبلها عمل في «الأيام» ايضاً ثم في «الرائد» وعن هذه المحاكمة لصاحب الرأي يذكر د. محمد عبدالقادر بافقيه في 90م في حديث بمنزله نقله ووثقه أ. عبدالرحمن خباره في كتابه (نشوء وتطور الصحافة في عدن 37 - 67م ص 164، 165 ،166).

يقول د. بافقيه عن محاكمة علي بافقيه: «افتعلت الحكومة محاكمة علي بافقيه لنشره في إحدى الصحف بعدن وأظنها «الأيام» اليومية نقلاً عن صحيفة مصرية بأن بريطانيا سددت ديونها للولايات المتحدة الامريكية في الحرب العالمية الثانية من (أورانيوم) حضرموت!!

فتحول الخبر إلى قضية وإلى محاكمة». ويستطرد المؤرخ محمد عبدالقادر بافقيه في نفس الحديث لخبارة ص 165: «تحول الخبر إلى قضية وضج الرأي العام في عدن وحضرموت وطلبنا محاميا من عدن وقدم مرافعة حضرتها شخصياً وقال الحاكم بالحرف لا توجد قضية وأرى أن تحل مع الحاكم، ثم أصدر بدر الكسادي سحب ترخيص «الرأي العام» قبل صدورها».

> ومن نماذج الذين تعرضوا للإشكاليات جراء آرائهم السيد علي عقيل في سيئون، وهو من الشخصيات المعروفة بآرائها وثقافتها الراقية، وقد تعرض للمضايقة والنفي مرات عدة خارج حضرموت كما أنه عُزل من منصبه ووظيفته كمدير لمدرسة النهضة المتوسطة بسيئون بعد أن دعا لعقد اجتماع للناس والهيئات والجمعيات للتعبير عن رأيها حول مؤتمر لندن الدستوري، وأن يعلن الجميع رأيهم بالتمسك بقرارات هيئة الأمم المتحدة الخاصة بحق تقرير مصير الجنوب من قبل مواطنيه.

وجاء عزل تلك الشخصية في يونيو 1964م حينها اتسع التضامن مع عقيل والوقوف إلى جانبه وآرائه.. ونعرض في حلقات قادمة نماذج من فعاليات حضرموت لإنشاء مؤسسات مجتمع مدني وتربوي.

جابرعثرات الكرام
10-13-2007, 02:47 AM
جهد تشكرعليه سيؤن والماء.
ونطلب المزيد لكى توضح الصوره ,تاريخ حضرموت شوه عن عمد لكى تتم عملية الاختطاف والتجييرلسارقي ثورات الشعوب.
من العايدين وكل عام وانت في الف الف خير