حد من الوادي
10-22-2007, 10:36 PM
بمصلى مدينة سيئون
الكاتب خاص لحضرموت اليوم- سيئون
12 / 10 / 2007
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة عيد الفطر المبارك 1428هـ
الحمد لله حمداً كثيراً ، والله أكبر كبيراً ، وسبحان الله بكرة وأصيلاً ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ..
الله أكبر خلق الخلقَ وأحصاهم عدداً ، الله أكبر وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً ، الله أكبر خلق كل شيء بقدر، الله أكبر ملك كل شيء وقهر ، الله أكبر ما صام له الصائمون، الله أكبر ما قام له القائمون، الله أكبر عنت الوجوه لعظمته ، الله أكبر خضعت الرقاب لقدرته.
الحمد لله كثيراً والله أكبر كبيراً ، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً ، له الحمد كما يحب ويرضى، على آلائه ونعمه التي لا تعد ولا تحصى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ، وأشهد أن نبينا وقائدنا وقدوتنا وسيدنا محمد عبد الله ورسوله ، نبيه المصطفى ، ورسوله المجتبى ، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته أجمعين وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعلينا وعلى عباد الله الصالحين .
ثم أمّا بعد أيها المؤمنون والمؤمنات .. أيها الخريجون والخريجات .. من أعظم مدارس الخير والرحمات ..
هنيئاً لكم اليوم عيدكم هنيئاً لكم اليوم عظيم الفضل والرحمة من ربكم ) قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ( , هنيئاً لكم السعادة والطهر والشرف
فمن أسعدُ اليوم ممن أُكرم بتمام رمضان ووُفّق للصيام والقيام ..
من أطهرُ اليوم ممن غسلت عنه الذنوب والآثام وزَكَت نفسُه بالصدقة وتلاوة القرآن..
من أشرفُ اليوم ممن فتّحت له الجنانُ ونالَ العفوَ والرحمةَ والعتقَ من النيران.
فهنيئاً لكم يا من أنتم اليوم أسعدُ الناسِ وأطهرُ الناسِ وأشرفُ الناس.
حُقّ لكم اليوم أنت تفرحوا وتبتهجوا كما أخبر حبيبنا المصطفى r : (للصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه)، فهنيئاً لنا الفرحة الأولى .. فرحة الفطر .. وعسى أن نكون جميعاً من أهل الفرحة الكبرى يوم أن نُقبل على الله خالقنا يوم القيامة فنكون من الفرحين بصومهم تحت لواء خيرِ من صام وقام سيد الأنام محمدٍ r.
اللهم بك آمنّا ولك صمنا وقمنا، اللهم كما أفرحتنا في الدنيا بفطرنا، أفرحنا بصومنا يوم نلقاك.
لقد كان رمضانُ أيها الأحبةُ فرصةً للتأمّلِ والتدبرِ وزيادةِ القُربِ من الله، لقد كان رمضانُ حياةً للأفئدة والأرواح، وراحةً للنفس من تعب الدنيا وهمومها، لقد استنارت القلوبُ بنور الله الذي لا يحصّل إلاّ بالطاعة والعمل الصالح فيغدو ذلك توفيقاً وسداداً في الدنيا كما يغدو نوراً يسعى بين أيدينا في عرصات القيامة ينير لنا الدرب على الصراط لنجتازه سالمين إلى الجنة.
ويأتي العيد ليشكّل محطة أخرى من الفرحة بطاعة الله فالعيد إنما هو لمن صام وقام وكان من الموفقين.
الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر ..
أيها المؤمنون والمؤمنات
لقد بعث الله نبينا محمداً r بكلمة واحدة وشهادة جامعة ظل عليه الصلاة والسلام يرددها على مسامع الناس ليؤمنوا (قولوا لا إله إلاّ الله تفلحوا) وتحمّل في سبيل ذلك المشاق والعذاب والسخرية والازدراء بل والمحاربة والقتال، وسالت دماؤه الشريفة على طريق تبليغ كلمة التوحيد (لا إله إلاّ الله)، التوحيد محور عقيدة المسلم، التوحيد المعنى الجامع الشامل لكل معاني العبودية لله، التوحيد نقيض الإشراك مع الله آلهة أخرى ) وما أمروا إلاّ ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء وذلك دين القيّمة (
(لا إله إلاّ الله) سبيل الانعتاق والتحرر من كل معبود باطل ومن كل وثنية ومن كل طاغوت,
(لا إله إلاّ الله) بها تحرير الخوف والرجاء من غير الله، فلا يخاف المؤمن إلاّ من الله ولا يرجوه إلاّ هو سبحانه.
(لا إله إلاّ الله) بها تحرير الرزق من سوى الله، فلا رازق إلاّ هو ولا معطي إلاّ هو ولا مانع إلا هو سبحانه.
إنها عقيدتنا التي ارتضاها الله لنا وبها يصلح أمرنا في دنيانا وبها نكون في الآخرة من الفائزين.
الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر ..
وإن من معالم العقيدة الإسلامية الراسخة الوحدة بين المسلمين فلا توجد أمة من الأمم دعيت إلى الوحدة والائتلاف ونهيت عن الفرقة والاختلاف مثلما هي أمة الإسلام، لأن أمنها واستقرارها والنظام الاجتماعي فيها لا يكمل إلا في ظل الوفاق والوئام، وحال الناس ومعيشتهم لا تصلح إلا مع التآلف والتآخي، ويدرك العقلاء أن القوة لا تكون إلا مع الوحدة، وأن الذلة تكمن في الفرقة :
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً *** وإذا افترقن تكـسرت آحاداً
لذا فلتعيروا أسماعكم لنداءٍ ربانيٍ خالد هو أمرٌ وفرض إلهي: ) يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون * واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون (.
إنه الأمر الإلهي بلزوم التقوى حتى الممات ، ثم بالاعتصام بحبل الله إشارة إلى أن تحقيق التقوى لا يكون إلا بالاعتصام وبالوحدة بين المسلمين ، ثم نهى عن التفرق الذي يشوه جمال التقوى ، وكل ذلك لا بد له من الأخوة الإيمانية التي تربط بين القلوب.
إن تشريعات الإسلام دعوة عملية دائمة للوحدة ، فالأمة المسلمة تصوم شهرها في وقت واحد ، وتؤدي نسكها في زمان ومكان واحد بهيئة واحدة ، وفي كل يوم يستجيب المسلمون لنداء واحد في صف واحد خلف إمام واحد في صفوف قد تراصت فلا خلل بينها ولا عوج فيها ، وفوق هذا ؛ شرع الإسلام من العبادات والأخلاق والآداب ما يسمو بالمسلم المؤمن فوق الفوارق العرقية، والنعرات العصبية المناطقية الجاهلية.
لقد فطن الأعداء إلى أهمية الوحدة وتأثيرها فعملوا على تمزيق الوحدة بين المسلمين ، وإشاعة الفرقة في صفوفهم ، فحولوا دولتهم الواحدة إلى دويلات، وها هم اليوم بينما هم يتوحدون فيما بينهم سياسياً واقتصادياً يفككون أمة الإسلام وينتهجون سياسة تقسيم المقسم وتجزئة المجزء لكي لا تقوم لنا قائمة، تتحول الأمة المسلمة إلى أقاليم متناحرة ودويلات متصارعة تنتشر فيها العصبيات المناطقية والمذهبية والعرقية، أما نرى حال العراق وما يجري فيه، أما نرى حال الصومال والسودان وما يجري في لبنان إنه نفس المسلسل وحلقاته مستمرة وما نحن عن ذلك ببعيد.
فالوحدة اليمنية التي هلل لها الشعبُ وكبّر وأمّل فيها الآمال العريضة ورسم لها في مخيلته أحلاماً من رخاء العيش وتحسن الأوضاع وسيادة الأمن والقانون وصيانة الأعراض والأموال والدماء، ها هي اليوم تتعرض لواحد من أخطر المنعطفات منذ تحقيقها، فوحدتنا ليست مطروحة للمساومة وليست محل مزايدة ولا ابتزازٍ أيضاً، إن وحدتنا اليوم مهددة بسبب أولئك الذين يزايدون باسمها، الوحدة اليوم مهددة بسبب أولئك المتاجرين بأقوات الناس ومعيشتهم، بسبب أولئك المتلاعبين بممتلكات الناس، أولئك الذين وباسم الوحدة زوراً يقمعون حريات الناس، الوحدة اليوم مهددة من أولئك الذين يدّعون حبها والدفاع عنها بينما هم الذين بسلوكياتهم وكبرهم وعنادهم وظلمهم وسياساتهم يوغرون صدر الشارع يوماً بعد يوم، إنهم هم التهديد على الوحدة أولئك الذين يسلطون سيف التهمة الجاهزة بالانفصال والعداء للوحدة لكل من طالب بحقه أو رفع صوته من جور الظلم الواقع عليه، الفاسدون والمتنفذون هم من يهددون الوحدة، فإن تكن الوحدة يوماً قد أزالت برميلاً من على أرض الحدود، فإنهم اليوم بتصرفاتهم يقيمون آلاف البراميل في قلوب الناس، والله بما يعملون محيط.
إنهم بتلك التصرفات غير المسؤولة قد مهّدوا الأرض لزرع بذور الشقاق وأعطوا الفرصة لظهور أصوات نشاز تدعو إلى التفرق والتمزق والتشرذم وإلى ماضٍ من التفكك قد عفى عنه الزمن وتجاوزه الشعب بدماء الشهداء وتضحيات المناضلين. أصوات نشاز تتلاعب بأمن الوطن والمواطن وتهدد وحدته ومستقبله بمسميات شتّى وبيانات شتّى تعج بالعصبيات والنعرات، تتلاعب بعواطف الناس وتستغل أوضاع الغلاء والفساد والجفوة الحاصلة بين الحاكم والرعيّة، فوجدت ضالتها تساندها توجهات دوليّة تحيك المؤامرات على دول المنطقة في إطار ما يعرف بالفوضى الخلاّقة وتصدير الديمقراطية المحمولة على ظهور الدبابات.
إن الوحدة فرض فرضه الله علينا ونحن مؤدوه وقائمين عليه ومحافظين عليه طاعة لربنا، غير أن ذلك لا يتعارض أبداً والمطالبة بالحقوق والحريات، إن المطالبة بالحقوق والحريات بالأطر السلمية منهجٌ أصيل في الإسلام، كفله مبدأ التناصح بين الحاكم والمحكوم، ألم يقل قائدنا الأعظم r: (الدين النصيحة، قلنا لمن يا رسول قال لله ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)، بل أكثر من ذلك أن الأمة إذا هابت أن تقول للظالم يا ظالم فقد استودع منها كما قال r، بل لقد قال الصحابي لأمير المؤمنين عمر t حينما طلب منهم لأنه الحاكم العادل إذا رأيتموني على خير فأعينوني وإن رأيتموني على خطأ فقوموني، فقال له الصحابي الجليل سلمان الفارسي ناطق بلسان الأمة الناصحة القائمة على الحق (لأن رأينا منك اعوجاجاً لقومناه بسيوفنا).
إن تكريس النعرات في المجتمع المسلم من أخطر ما يهدد وحدته وأمنه واستقراره وهو ما دأب عليه أعداء الإسلام دوماً إذ يثيرونها مذهبية ومناطقية وأسرية وعرقية ليدب الخلاف في مجتمع المسلمين فيزيدهم وهناً على وهن، فكما قام اليهود يوماً بالوقيعة بين الأوس والخزرج فصاح صائح (وا أوساه) وصاح آخر ( وا خزرجاه) والتحم الفريقان فخرج عليهم الرسول القائد المعلم: (أبدعوى الجاهلية وأنا بين ظهرانيكم .. دعوها فإنها منتنة) ويقول r : (من قاتل تحت راية عميّة يغضب لعصبية وينصر عصبية فمات فميتته جاهلية) والعياذ بالله.
لذا ما أخطر الدعوات العصبية والمناطقية التي ارتفعت اليوم تنادي بتمزيق شمل الوطن فأهل حضرموت يريدون دولتهم وأهل يافع يريدون سلطنتهم وأهل الضالع وأهل الجنوب ما هذا التمزّق والتفكك؟
إنني لأدعو ومن على هذا المنبر وهي شهادة لله ونصيحة ألقى بها الله يوم القيامة، أدعو الحاكم إلى مراجعة حساباته في تعامله مع شعبه ورعيته وأن يتق الله في شعبه وفي وحدته، فتلك الأصوات النشاز إنما وجدت أرضاً خصبة بسبب تلك السياسات التي لولاها لما استطاعت تلك الدعاوى أن تلقى صدىً في قلوب الناس، العدل أساس الملك، والظلم أساس كل فتنة وبلاء. كما أدعو المعارضة والإعلام إلى أن يتقوا الله في شعبهم ووحدته، وأن يكونوا ناصحين أمناء للحاكم والوطن قائمين على حاجات الناس مطالبين بها بعيداً عن الكسب السياسي الرخيص والمصالح الحزبية الضيقة فهم الوجه الآخر من أوجه الحكم في هذا البلد.
أسأل الله أن يحفظ علينا ديننا وأمننا واستقرارنا ووحدتنا وأن يجمع شمل المسلمين أجمعين وأن يقينا وبلادنا سوء الفتن ما ظهر منها وما بطن. إن ربي سميع مجيب.
أقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه .. إنه هو الغفور الرحيم ..
الخطبة الثانية ..
الحمد لله رب العالمين ولي الصالحين ولا عدوان إلاّ على الظالمين ..
والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين .. البشري النذير والسراج المنير ..
الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر ..
معشر المؤمنين والمؤمنات .. إن العيد هو الموسم الذي تتجلى فيه الأخلاق الفاضلة للفرد المسلم، الأخلاق الفاضلة التي ما أحوجنا إلى تعزيزها في مجتمعنا اليوم بعد أن دهمتنا أخلاقٌ ليس لنا عهد بها، تجتاح جيلَ أبناءنا وبناتنا محمولة إلينا بل إلى عقر ديارنا عبر قنواتٍ هدّامة أو مجلاّت فاضحة أو مواقع إلكترونية تنشر الرذيلة وتقتل الفضيلة. فما أحوجنا أن ندافع عن الفضيلة والأخلاق والآداب في مجتمعنا، ما أحوجنا لأن يكون الأب والأم في غاية الانتباه لغرس القيم والفضائل في أبناءهم : فناشئ الفتيان ينشئ على ما كان عوّده ابوه.
أيها المؤمنون .. لا يكونُ العيدُ عيداً إلاّ بطاعة الله ومن طاعته التراحم والتآخي والتزاور وتبادل التحايا والتهاني فيما بيننا، ومن طاعته أن نزرع البسمةَ والسعادةَ في أُسرنا وأبناءنا وأهلينا، من طاعته أن نحنو على فقيرنا ونرحم ضعيفنا ونمسح على رأس يتيمنا ونعين أرملتنا والمحتاج منّا. ومن طاعته أن نقتفي هدي نبينا ونستنّ بسنته فنصوم ستاً من شوال عسى أن نكون ممن يقتفون أثره ويتبعون نهجه فيكتب لنا كصيام الدهر.
ومن هدي نبينا وسنته الصدقة في مثل هذا اليوم، عسى أن نتطهر بها وتزكو بها نفوسنا
اللهم ارحمنا برحمتك واسترنا بسترك وأمنّا بأمنك واحفظنا بحفظك، اللهم اجعلنا ممن قبلت منهم الصيام والقيام وتجاوز اللهم عن التقصير والآثام، واجعلنا ممن أعتقتهم من النار، اللهم اعد علينا رمضان أعواماً عديدة وأزمنة مديدة في خير وبركة ورزق وأمن وسلام يا رب العالمين، اللهم احفظ يمننا خاصة وجميع بلاد المسلمين عامّة، اللهم احفظ يمننا من كيد الكائدين وظلم الظالمين وفساد المفسدين، اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم احم زرعنا ونخيلنا من كل آفة ومرض، اللهم أغثنا يا رحمن أغثنا يا رحيم أغثنا.
اللهم واكتب معنا من الحاضرين في هذا الجمع الكريم من حبسهم العذرُ ممن هم على الأسرة البيضاء في المستشفيات ومن هم في أعمالهم خدمة للمسلمين من رجال الأمن والمرور والمداومين في المستشفيات ومرافق الخدمات من كهرباء ومياه وهاتف وغيرها، اللهم اكتب لهم الأجر والثواب على أعمالهم واجعلها خالصة لوجهك الكريم.
عباد الله قوموا إلى عيدكم، عانقوا بعضكم بعضاً، صافحوا بعضكم هنئوا بعضكم بعضاً، صلوا أرحامكم، تزاوروا إن الله يحب أن يرى الفرحة على عبده بطاعته.
سبحان ربك رب العزة عمّا يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ..
أغلق النافذة
الكاتب خاص لحضرموت اليوم- سيئون
12 / 10 / 2007
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة عيد الفطر المبارك 1428هـ
الحمد لله حمداً كثيراً ، والله أكبر كبيراً ، وسبحان الله بكرة وأصيلاً ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ..
الله أكبر خلق الخلقَ وأحصاهم عدداً ، الله أكبر وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً ، الله أكبر خلق كل شيء بقدر، الله أكبر ملك كل شيء وقهر ، الله أكبر ما صام له الصائمون، الله أكبر ما قام له القائمون، الله أكبر عنت الوجوه لعظمته ، الله أكبر خضعت الرقاب لقدرته.
الحمد لله كثيراً والله أكبر كبيراً ، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً ، له الحمد كما يحب ويرضى، على آلائه ونعمه التي لا تعد ولا تحصى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ، وأشهد أن نبينا وقائدنا وقدوتنا وسيدنا محمد عبد الله ورسوله ، نبيه المصطفى ، ورسوله المجتبى ، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته أجمعين وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعلينا وعلى عباد الله الصالحين .
ثم أمّا بعد أيها المؤمنون والمؤمنات .. أيها الخريجون والخريجات .. من أعظم مدارس الخير والرحمات ..
هنيئاً لكم اليوم عيدكم هنيئاً لكم اليوم عظيم الفضل والرحمة من ربكم ) قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ( , هنيئاً لكم السعادة والطهر والشرف
فمن أسعدُ اليوم ممن أُكرم بتمام رمضان ووُفّق للصيام والقيام ..
من أطهرُ اليوم ممن غسلت عنه الذنوب والآثام وزَكَت نفسُه بالصدقة وتلاوة القرآن..
من أشرفُ اليوم ممن فتّحت له الجنانُ ونالَ العفوَ والرحمةَ والعتقَ من النيران.
فهنيئاً لكم يا من أنتم اليوم أسعدُ الناسِ وأطهرُ الناسِ وأشرفُ الناس.
حُقّ لكم اليوم أنت تفرحوا وتبتهجوا كما أخبر حبيبنا المصطفى r : (للصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه)، فهنيئاً لنا الفرحة الأولى .. فرحة الفطر .. وعسى أن نكون جميعاً من أهل الفرحة الكبرى يوم أن نُقبل على الله خالقنا يوم القيامة فنكون من الفرحين بصومهم تحت لواء خيرِ من صام وقام سيد الأنام محمدٍ r.
اللهم بك آمنّا ولك صمنا وقمنا، اللهم كما أفرحتنا في الدنيا بفطرنا، أفرحنا بصومنا يوم نلقاك.
لقد كان رمضانُ أيها الأحبةُ فرصةً للتأمّلِ والتدبرِ وزيادةِ القُربِ من الله، لقد كان رمضانُ حياةً للأفئدة والأرواح، وراحةً للنفس من تعب الدنيا وهمومها، لقد استنارت القلوبُ بنور الله الذي لا يحصّل إلاّ بالطاعة والعمل الصالح فيغدو ذلك توفيقاً وسداداً في الدنيا كما يغدو نوراً يسعى بين أيدينا في عرصات القيامة ينير لنا الدرب على الصراط لنجتازه سالمين إلى الجنة.
ويأتي العيد ليشكّل محطة أخرى من الفرحة بطاعة الله فالعيد إنما هو لمن صام وقام وكان من الموفقين.
الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر ..
أيها المؤمنون والمؤمنات
لقد بعث الله نبينا محمداً r بكلمة واحدة وشهادة جامعة ظل عليه الصلاة والسلام يرددها على مسامع الناس ليؤمنوا (قولوا لا إله إلاّ الله تفلحوا) وتحمّل في سبيل ذلك المشاق والعذاب والسخرية والازدراء بل والمحاربة والقتال، وسالت دماؤه الشريفة على طريق تبليغ كلمة التوحيد (لا إله إلاّ الله)، التوحيد محور عقيدة المسلم، التوحيد المعنى الجامع الشامل لكل معاني العبودية لله، التوحيد نقيض الإشراك مع الله آلهة أخرى ) وما أمروا إلاّ ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء وذلك دين القيّمة (
(لا إله إلاّ الله) سبيل الانعتاق والتحرر من كل معبود باطل ومن كل وثنية ومن كل طاغوت,
(لا إله إلاّ الله) بها تحرير الخوف والرجاء من غير الله، فلا يخاف المؤمن إلاّ من الله ولا يرجوه إلاّ هو سبحانه.
(لا إله إلاّ الله) بها تحرير الرزق من سوى الله، فلا رازق إلاّ هو ولا معطي إلاّ هو ولا مانع إلا هو سبحانه.
إنها عقيدتنا التي ارتضاها الله لنا وبها يصلح أمرنا في دنيانا وبها نكون في الآخرة من الفائزين.
الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر ..
وإن من معالم العقيدة الإسلامية الراسخة الوحدة بين المسلمين فلا توجد أمة من الأمم دعيت إلى الوحدة والائتلاف ونهيت عن الفرقة والاختلاف مثلما هي أمة الإسلام، لأن أمنها واستقرارها والنظام الاجتماعي فيها لا يكمل إلا في ظل الوفاق والوئام، وحال الناس ومعيشتهم لا تصلح إلا مع التآلف والتآخي، ويدرك العقلاء أن القوة لا تكون إلا مع الوحدة، وأن الذلة تكمن في الفرقة :
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً *** وإذا افترقن تكـسرت آحاداً
لذا فلتعيروا أسماعكم لنداءٍ ربانيٍ خالد هو أمرٌ وفرض إلهي: ) يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون * واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون (.
إنه الأمر الإلهي بلزوم التقوى حتى الممات ، ثم بالاعتصام بحبل الله إشارة إلى أن تحقيق التقوى لا يكون إلا بالاعتصام وبالوحدة بين المسلمين ، ثم نهى عن التفرق الذي يشوه جمال التقوى ، وكل ذلك لا بد له من الأخوة الإيمانية التي تربط بين القلوب.
إن تشريعات الإسلام دعوة عملية دائمة للوحدة ، فالأمة المسلمة تصوم شهرها في وقت واحد ، وتؤدي نسكها في زمان ومكان واحد بهيئة واحدة ، وفي كل يوم يستجيب المسلمون لنداء واحد في صف واحد خلف إمام واحد في صفوف قد تراصت فلا خلل بينها ولا عوج فيها ، وفوق هذا ؛ شرع الإسلام من العبادات والأخلاق والآداب ما يسمو بالمسلم المؤمن فوق الفوارق العرقية، والنعرات العصبية المناطقية الجاهلية.
لقد فطن الأعداء إلى أهمية الوحدة وتأثيرها فعملوا على تمزيق الوحدة بين المسلمين ، وإشاعة الفرقة في صفوفهم ، فحولوا دولتهم الواحدة إلى دويلات، وها هم اليوم بينما هم يتوحدون فيما بينهم سياسياً واقتصادياً يفككون أمة الإسلام وينتهجون سياسة تقسيم المقسم وتجزئة المجزء لكي لا تقوم لنا قائمة، تتحول الأمة المسلمة إلى أقاليم متناحرة ودويلات متصارعة تنتشر فيها العصبيات المناطقية والمذهبية والعرقية، أما نرى حال العراق وما يجري فيه، أما نرى حال الصومال والسودان وما يجري في لبنان إنه نفس المسلسل وحلقاته مستمرة وما نحن عن ذلك ببعيد.
فالوحدة اليمنية التي هلل لها الشعبُ وكبّر وأمّل فيها الآمال العريضة ورسم لها في مخيلته أحلاماً من رخاء العيش وتحسن الأوضاع وسيادة الأمن والقانون وصيانة الأعراض والأموال والدماء، ها هي اليوم تتعرض لواحد من أخطر المنعطفات منذ تحقيقها، فوحدتنا ليست مطروحة للمساومة وليست محل مزايدة ولا ابتزازٍ أيضاً، إن وحدتنا اليوم مهددة بسبب أولئك الذين يزايدون باسمها، الوحدة اليوم مهددة بسبب أولئك المتاجرين بأقوات الناس ومعيشتهم، بسبب أولئك المتلاعبين بممتلكات الناس، أولئك الذين وباسم الوحدة زوراً يقمعون حريات الناس، الوحدة اليوم مهددة من أولئك الذين يدّعون حبها والدفاع عنها بينما هم الذين بسلوكياتهم وكبرهم وعنادهم وظلمهم وسياساتهم يوغرون صدر الشارع يوماً بعد يوم، إنهم هم التهديد على الوحدة أولئك الذين يسلطون سيف التهمة الجاهزة بالانفصال والعداء للوحدة لكل من طالب بحقه أو رفع صوته من جور الظلم الواقع عليه، الفاسدون والمتنفذون هم من يهددون الوحدة، فإن تكن الوحدة يوماً قد أزالت برميلاً من على أرض الحدود، فإنهم اليوم بتصرفاتهم يقيمون آلاف البراميل في قلوب الناس، والله بما يعملون محيط.
إنهم بتلك التصرفات غير المسؤولة قد مهّدوا الأرض لزرع بذور الشقاق وأعطوا الفرصة لظهور أصوات نشاز تدعو إلى التفرق والتمزق والتشرذم وإلى ماضٍ من التفكك قد عفى عنه الزمن وتجاوزه الشعب بدماء الشهداء وتضحيات المناضلين. أصوات نشاز تتلاعب بأمن الوطن والمواطن وتهدد وحدته ومستقبله بمسميات شتّى وبيانات شتّى تعج بالعصبيات والنعرات، تتلاعب بعواطف الناس وتستغل أوضاع الغلاء والفساد والجفوة الحاصلة بين الحاكم والرعيّة، فوجدت ضالتها تساندها توجهات دوليّة تحيك المؤامرات على دول المنطقة في إطار ما يعرف بالفوضى الخلاّقة وتصدير الديمقراطية المحمولة على ظهور الدبابات.
إن الوحدة فرض فرضه الله علينا ونحن مؤدوه وقائمين عليه ومحافظين عليه طاعة لربنا، غير أن ذلك لا يتعارض أبداً والمطالبة بالحقوق والحريات، إن المطالبة بالحقوق والحريات بالأطر السلمية منهجٌ أصيل في الإسلام، كفله مبدأ التناصح بين الحاكم والمحكوم، ألم يقل قائدنا الأعظم r: (الدين النصيحة، قلنا لمن يا رسول قال لله ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)، بل أكثر من ذلك أن الأمة إذا هابت أن تقول للظالم يا ظالم فقد استودع منها كما قال r، بل لقد قال الصحابي لأمير المؤمنين عمر t حينما طلب منهم لأنه الحاكم العادل إذا رأيتموني على خير فأعينوني وإن رأيتموني على خطأ فقوموني، فقال له الصحابي الجليل سلمان الفارسي ناطق بلسان الأمة الناصحة القائمة على الحق (لأن رأينا منك اعوجاجاً لقومناه بسيوفنا).
إن تكريس النعرات في المجتمع المسلم من أخطر ما يهدد وحدته وأمنه واستقراره وهو ما دأب عليه أعداء الإسلام دوماً إذ يثيرونها مذهبية ومناطقية وأسرية وعرقية ليدب الخلاف في مجتمع المسلمين فيزيدهم وهناً على وهن، فكما قام اليهود يوماً بالوقيعة بين الأوس والخزرج فصاح صائح (وا أوساه) وصاح آخر ( وا خزرجاه) والتحم الفريقان فخرج عليهم الرسول القائد المعلم: (أبدعوى الجاهلية وأنا بين ظهرانيكم .. دعوها فإنها منتنة) ويقول r : (من قاتل تحت راية عميّة يغضب لعصبية وينصر عصبية فمات فميتته جاهلية) والعياذ بالله.
لذا ما أخطر الدعوات العصبية والمناطقية التي ارتفعت اليوم تنادي بتمزيق شمل الوطن فأهل حضرموت يريدون دولتهم وأهل يافع يريدون سلطنتهم وأهل الضالع وأهل الجنوب ما هذا التمزّق والتفكك؟
إنني لأدعو ومن على هذا المنبر وهي شهادة لله ونصيحة ألقى بها الله يوم القيامة، أدعو الحاكم إلى مراجعة حساباته في تعامله مع شعبه ورعيته وأن يتق الله في شعبه وفي وحدته، فتلك الأصوات النشاز إنما وجدت أرضاً خصبة بسبب تلك السياسات التي لولاها لما استطاعت تلك الدعاوى أن تلقى صدىً في قلوب الناس، العدل أساس الملك، والظلم أساس كل فتنة وبلاء. كما أدعو المعارضة والإعلام إلى أن يتقوا الله في شعبهم ووحدته، وأن يكونوا ناصحين أمناء للحاكم والوطن قائمين على حاجات الناس مطالبين بها بعيداً عن الكسب السياسي الرخيص والمصالح الحزبية الضيقة فهم الوجه الآخر من أوجه الحكم في هذا البلد.
أسأل الله أن يحفظ علينا ديننا وأمننا واستقرارنا ووحدتنا وأن يجمع شمل المسلمين أجمعين وأن يقينا وبلادنا سوء الفتن ما ظهر منها وما بطن. إن ربي سميع مجيب.
أقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه .. إنه هو الغفور الرحيم ..
الخطبة الثانية ..
الحمد لله رب العالمين ولي الصالحين ولا عدوان إلاّ على الظالمين ..
والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين .. البشري النذير والسراج المنير ..
الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر ..
معشر المؤمنين والمؤمنات .. إن العيد هو الموسم الذي تتجلى فيه الأخلاق الفاضلة للفرد المسلم، الأخلاق الفاضلة التي ما أحوجنا إلى تعزيزها في مجتمعنا اليوم بعد أن دهمتنا أخلاقٌ ليس لنا عهد بها، تجتاح جيلَ أبناءنا وبناتنا محمولة إلينا بل إلى عقر ديارنا عبر قنواتٍ هدّامة أو مجلاّت فاضحة أو مواقع إلكترونية تنشر الرذيلة وتقتل الفضيلة. فما أحوجنا أن ندافع عن الفضيلة والأخلاق والآداب في مجتمعنا، ما أحوجنا لأن يكون الأب والأم في غاية الانتباه لغرس القيم والفضائل في أبناءهم : فناشئ الفتيان ينشئ على ما كان عوّده ابوه.
أيها المؤمنون .. لا يكونُ العيدُ عيداً إلاّ بطاعة الله ومن طاعته التراحم والتآخي والتزاور وتبادل التحايا والتهاني فيما بيننا، ومن طاعته أن نزرع البسمةَ والسعادةَ في أُسرنا وأبناءنا وأهلينا، من طاعته أن نحنو على فقيرنا ونرحم ضعيفنا ونمسح على رأس يتيمنا ونعين أرملتنا والمحتاج منّا. ومن طاعته أن نقتفي هدي نبينا ونستنّ بسنته فنصوم ستاً من شوال عسى أن نكون ممن يقتفون أثره ويتبعون نهجه فيكتب لنا كصيام الدهر.
ومن هدي نبينا وسنته الصدقة في مثل هذا اليوم، عسى أن نتطهر بها وتزكو بها نفوسنا
اللهم ارحمنا برحمتك واسترنا بسترك وأمنّا بأمنك واحفظنا بحفظك، اللهم اجعلنا ممن قبلت منهم الصيام والقيام وتجاوز اللهم عن التقصير والآثام، واجعلنا ممن أعتقتهم من النار، اللهم اعد علينا رمضان أعواماً عديدة وأزمنة مديدة في خير وبركة ورزق وأمن وسلام يا رب العالمين، اللهم احفظ يمننا خاصة وجميع بلاد المسلمين عامّة، اللهم احفظ يمننا من كيد الكائدين وظلم الظالمين وفساد المفسدين، اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم احم زرعنا ونخيلنا من كل آفة ومرض، اللهم أغثنا يا رحمن أغثنا يا رحيم أغثنا.
اللهم واكتب معنا من الحاضرين في هذا الجمع الكريم من حبسهم العذرُ ممن هم على الأسرة البيضاء في المستشفيات ومن هم في أعمالهم خدمة للمسلمين من رجال الأمن والمرور والمداومين في المستشفيات ومرافق الخدمات من كهرباء ومياه وهاتف وغيرها، اللهم اكتب لهم الأجر والثواب على أعمالهم واجعلها خالصة لوجهك الكريم.
عباد الله قوموا إلى عيدكم، عانقوا بعضكم بعضاً، صافحوا بعضكم هنئوا بعضكم بعضاً، صلوا أرحامكم، تزاوروا إن الله يحب أن يرى الفرحة على عبده بطاعته.
سبحان ربك رب العزة عمّا يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ..
أغلق النافذة