المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تبرئة الذرحاني .. مَن سيصدِّق بعد اليوم؟!!


حد من الوادي
11-12-2007, 12:22 AM
تبرئة الذرحاني .. مَن سيصدِّق بعد اليوم؟!!

بتاريخ Nov/11/2007
القسم : آراء تغييرية


للجدل، والذي ظهر فيه مرشح الحزب الحاكم للرئاسة الرئيس/ علي عبدالله صالح أمام شاشات التلفزة وعدسات الإعلام ليعرض على العالم صورة شمسية التقطت عبر شاشة الفضائية اليمنية لمنافسه القوي حينذاك المهندس/ فيصل بن شملان في أحد المهرجانات ويظهر بجانبه أحد مرافقي حملته الانتخابية( حسين الذرحاني) الذي نسب له الرئيس صالح وأجهزته الأمنية تهمة الانتماء لخلية إرهابية خطيرة..

الرئيس صالح أكد يومها بأن الوثائق والمعلومات والتحريات الدقيقة التي توصلت إليها أجهزة الأمن خلال تلك الفترة كشفت بأن (الذرحاني) هذا يعدّ أو يشتبه بأنه "إرهابي خطير"، بالإضافة إلى أنه -وبحسب كلام الرئيس- يشتبه بوجود علاقة تربطه بمجموعة "إرهابية" قيل بأنها تقف وراء الهجوم الانتحاري الذي استهدف منشآت نفطية بمحافظتي مأرب وحضرموت في سبتمبر 2006م..

اليوم وبعد مضي أكثر من ثلاثة عشر شهراً على ذلك المشهد الدرامي الذي أنتجته كوادر المطبخ الأمني وقام ببطولته الرئيس صالح، أعلنت المحكمة الجزائية المتخصصة في قضايا أمن الدولة براءة المتهم(حسين الذرحاني) من تلك التهمة الانتخابية التي لفقتها له السلطات وشهّر به الرئيس صالح بنفسه أمام وسائل الإعلام المحلية والأجنبية من أجل ضرب منافسه مرشح المعارضة بن شملان وإسقاطه في الانتخابات الرئاسية..

حيث قضت المحكمة الجزائية المتخصصة في جلستها الأربعاء الماضي ببراءة /حسين الذرحاني أحد مرافقي مرشح اللقاء المشترك فيصل بن شملان في الانتخابات الرئاسية سبتمبر 2006م، فيما قررت المحكمة المذكورة حبس 32 متهماً ممن أطلق عليهم مجموعة الـ36 بعد أن أدانتهم المحكمة بتشكيل عصابة مسلحة للأضرار بأمن وسلامة البلاد ومحاولتهم تفجير المنشئات النفطية بمحافظتي مأرب وحضرموت، ومنشآت مدنية بأمانة العاصمة العام الماضي،

وتراوحت العقوبات لهؤلاء المتهمين ما بين سنتين إلى خمسة عشر سنة, واكتفاء بالمدة التي قضاها عدد منهم في السجن، في حين قضى منطوق الحكم الذي أصدره القاضي رضوان النمر رئيس المحكمة ببراءة الأربعة المتهمين الباقيين لعدم كفاية الأدلة وهم حامد احمد الهندوان ، و معين محمد غراب، وعيسى عبده صالح الحسامي إلى جانب حسين الذرحاني الذي رافق بن شملان إبان حملته الانتخابية..

فضيحة.. وضحية..ولُعبة انتخابية قذرة!
المحكوم له بالبراءة حسين الذرحاني الذي لا يزال رهن الاعتقال حتى الآن رغم صدور حكم براءته الأربعاء الماضي، علق على حكم براءته في تصريح لـ"الناس" بثته خدمة"ناس موبايل" الإخبارية قائلا بأن" السلطة جعلتني ضحية لإسقاط فيصل بن شملان في الانتخابات الرئاسية"، مضيفا "كنت واثقا من براءتي كما أنا واثق الآن من وجود الشمس في السماء ".

واكتفى الذرحاني عقب نطق المحكمة للحكم بالقول "حسبي الله ونعم الوكيل على ما لحقني من الأذى ومن الضرر, وأدعو الله أن يقتصّ لي ممن ظلمني".
ووصف الذر حاني قضيته هذه بالفضيحة الكبرى التي تضاف كما قال إلى فضائح السلطة الحاكمة "ولن تزيدني إلا قوة وإيمانا"!

أما المحامي حزام المريسي محامي الذرحاني الذي أكد بأنه كان يثق من أن المحكمة سوف تبرئ موكله لعدم وجود أي دليل يدينه، فقد طالب الرئيس علي عبدالله صالح بالاعتذار الآن لموكله الذرحاني عبر وسائل الإعلام كما سارع في البداية إلى اتهامه والتشهير به، كما دعا الإعلام الرسمي كذلك إلى إشهار براءة الذرحاني مثلما سبق وأن أشهر التهمة ضده.

واعتبر المحامي المريسي في تصريح هاتفي لـ"الناس"، بأن ما حصل للذرحاني فضيحة سياسية وقعت فيها السلطة، داعياً إياها إلى أن تتعلم من هذه القضية درساً مهماً وهو عدم التسرع وإطلاق الأحكام على الناس جزافاً قبل التحقق والقضاء بالإضافة إلى أهمية ووجوب التعامل بحكمة مع الخصوم السياسيين..

المحامي المريسي طالب في هذا الصدد بسرعة الإفراج عن موكله الذرحاني بعد صدور حكم براءته، موضحاً بأن الاستئناف الذي تقدمت به النيابة العامة لا يمنع قانوناً الإفراج عنه طالما وقد برّأه الحكم الابتدائي..!

الحكم متروك للشعب!

الناطق الرسمي لأحزاب اللقاء المشترك محمد الصبري اكتفى بالتأكيد على موقف المشترك الذي قال بأنه كان واضحاً منذ البداية في قضية الذرحاني، معتبراً أن إثارة السلطة لمثل هذه القضية وتلفيقها في الانتخابات ضد المعارضة هو عمل مخالف لكل مبادئ وأخلاقيات العمل السياسي والتنافس السلمي الديمقراطي.
وقال الصبري في اتصال هاتفي مع"الناس" بأن الحكم على من ارتكب هذا العمل متروك للرأي العام، معربا عن ثقته بأن حكم الرأي العام على ما جرى سيكون قاسياً.

أما رئيس الدائرة الإعلامية بالمؤتمر الشعبي العام طارق الشامي فقد دافع عن موقف حزبه رافضاً كل الاتهامات التي وجهت للمؤتمر باستخدام الورقة الأمنية ضد المعارضين السياسيين وتلفيق تهم الإرهاب لهم بهدف ضربهم في الانتخابات،

وعلق على الحكم ببراءة الذرحاني بالتأكيد على ضرورة احترام القضاء والأحكام الصادرة عنه واحترام هيئة وسيادة القانون، لكن وبغض النظر عن طبيعة الحكم الابتدائي الذي صدر بحق المتهمين في هذه القضية، إلا أن المشكلة –يقول الشامي- تكمن في ما دعاها بثقافة التكفير والإرهاب والكهنوت ورفض الآخر وإدعاء احتكار الحقيقة وثقافة السحل والصراعات الدموية وثقافة الانقلابات العسكرية والتأمر.

الشامي الذي جدد اتهامه للمعارضة بتبني تلك الثقافات حتى أضحت كما يقول هي السمة التي تتميز بها أحزاب اللقاء المشترك، اعتبر في تصريحه لـ"الناس بأن القضية الأساسية تكمن في الترويج لتلك الثقافة والفكر الذي نتج عنه مثل تلك الممارسات الخارجة عن القانون.

وقلّل القيادي المؤتمري من حديث البعض حول تأثير قضية الذرحاني إيجابيا لصالح شعبية الحزب الحاكم إبان الانتخابات، منوّهاً إلى أن الشعب اليمني الذي عاني ولا يزال يعاني من تلك الأفكار والممارسات قد عمل كما قال على محاصرة أصحابها والمروجين لها ودحرهم وحجب ثقته عنهم، معرباً هو الآخر عن ثقته بما أسماها قدرة أبناء الشعب اليمني على التمييز بين من يعمل من أجل الأمن والاستقرار ومن يعمل ضد مصالح المجتمع ويستهدف إقلاق سكينة المجتمع ووحدته_على حد وصف الشامي-.!

تمثيلية أمنية شوّهت الديمقراطية!
لم يكن هنالك شك لدى كثير من المراقبين حينذاك بأن التوقيت الذي أخرجت فيه تلك القصة الأمنية الدراماتيكية ضد مرافق بن شملان قد جرى اختياره بعناية فائقة ووفق خطة مرسومة بالتزامن مع موعد الانتخابات الرئاسة، والذي سعت السلطة من خلاله إلى إظهار منافسيها بأنهم يرعون الإرهاب، إذْ أعلنت السلطات يومها بأن هجومين انتحاريين استهدفا منشآت نفطية في منطقة صافر بمأرب وميناء الضبة بحضرموت في 15 سبتمبر 2006م
وأن أجهزة الأمن أحبطت الهجومين قبل أن يبلغا أهدافهما، وظلت تلك الرواية وتوقيتها مثاراً للشكوك القوية وعلامات الاستفهام لدى قوى المعارضة والعديد من المراقبين والمحللين السياسيين والمختصين في قضايا الإرهاب..

وكانت قد تحدثت عن هذا الموضوع تقارير المراقبين الدوليين التي أعدها كل من الاتحاد الأوربي والمعهد الديمقراطي الأميركي عن الانتخابات الرئاسية والمحلية حيث أشارت التقارير الدولية إلى قيام الرئيس علي عبدالله صالح شخصيا بالإعلان عن "الذرحاني" وعلاقته بفيصل بن شملان واتهامه بالانتماء لخلية إرهابية، معتبرة ذلك بأنه إساءة للانتخابات واستغلال حكومي لمكافحة الإرهاب ضد مرشح المعارضة.

وفيما اعتبرها البعض بمثابة الضربة القاضية التي وجهها الرئيس صالح لمنافسه بن شملان، إلا أن البعض الآخر وإن أقرّوا كذلك بقوة تأثير الرواية الرسمية على إرادة الناخبين لصالح مرشحي السلطة.
فقد اعتبروا ذلك في الوقت ذاته تصرفاً غير أخلاقي من قبل الحاكم وانحداراً كبيراً يتنافى مع أبسط قيم الديمقراطية والتنافس الشريف.

بينما لم يتردد كثيرون من المعارضين والمستقلين في وصف ما قامت به السلطات حينها بالمسرحية الأمنية المكشوفة التي عكست حجم الاستهتار الرسمي الكبير بالقانون وعدم إدراك الخطورة المترتبة حاضراً ومستقبلاً على مثل هكذا استخدام غير مسئول للورقة الأمنية وتجييرها بذلك الشكل لصالح شخص أو حزب سياسي ضد آخر.

لعل أقل تداعياتها وآثارها خطورة وضرراً هو اهتزاز الثقة داخلياً وخارجياً بمصداقية السلطة وسمعة اليمن ونزاهة أجهزتها الأمنية، على حد تعبير أحدهم الذي تساءل بالقول: من ذا الذي سوف يثق بعد اليوم بمصداقية السلطة في بلادنا وقياداتها الحاكمة، ومَن سيصدق بيانات أجهزة الأمن وتقاريرها الرسمية وقد شهدنا جميعاً على مثل هذه الفضيحة الأمنية المدوية..؟!!
-------------
* مدير خدمة "ناس موبايل" الإخبارية


أتى هذا الموضوع من التغيير نت