المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ريما الشامي : المشترك والمتقاعدون : صراع لأجل ماذا ؟


حد من الوادي
12-18-2007, 09:48 PM
ريما الشامي : المشترك والمتقاعدون : صراع لأجل ماذا ؟

ريما الشامي - 18/12/2007


يستطيع الرئيس صالح أن يعدل الدستور كيفما يشاء ليظل حاكما لليمن ل30 سنة قادمة وكذلك له الحق أن يورث نجله السلطة من بعده واعادة البلاد الى الحكم الأسري الوراثي أما لماذا فلأن الله ابتلى هذا الشعب بمعارضة أقل مايمكن ان يقال عنها انها كروت دائمة في أيدي الرئيس يجرها الى ملعبه ويوجهها ضد شعبها ثم يحرقها بعد استنفاد الغرض منها كل تجارب الماضي ودروسه لم يعيها قادة أحزب المشترك فعلى سبيل المثال ملهاة الحوار المارثونية والتي تنتهي دائما الى صفقات واتفاقات لا تطبق لم تعيها قيادات المشترك وسنراها اليوم أو غدا تكرر نفس الصفقات في موضوع اللجنة العليا للانتخابات مثلا رغم وصول الحور عليها الى طريق مسدود بسبب اصرار الحاكم على التزوير وهي أي أحزاب المشترك لا تفكر اطلاقا بالنزول الى الشارع ولما تسميه ممارسة النضال السلمي في أوساط الناس في قضية جوهرية لا تحتمل مزيد تسويف أوصفقات كاصلاحات المنظومة الانتخابية .

المشترك والمتقاعدين . . هناك فرق
جمعيات المتقاعدين وهم أحد ضحايا سياسات الاستبداد لم يستطيعوا بالمصادفة أو بضربة حظ أن يقودوا الشارع والثورة الشعبية المشتعلة في الجنوب اليوم ولكن الناس التفوا حولهم وساندوهم ووقفوا الى جانبهم كونهم جزءا من المعاناة ولما لمسوه منهم من جدية واقدام وتوفر ارادة قوية ونية صادقة في النضال السلمي والعمل في أوساط الناس ولأجلهم وفي ذلك الوقت كانت قيادات المشترك وأحزابها تتردد وتتهيب من النزول الى الشارع والى الان لم تتخذ موقف جدي من مسألة المشاركة في هذا الحراك الشعبي خوفا من ردود فعل السلطة واتهاماتها الروتينية لها بالخيانة والعمالة والحقد على الوطن ان الشارع الجنوبي يبدو اليوم ملتفا حول جمعيات المتقاعدين وهذا درس ينبغي على قادة المشترك وأحزابه استيعابه جيدا فالمتقاعدين هم اليوم الأقرب للناس والأشد تأثيرا فيهم وهذا لم يأت من فراغ بل لأنهم عملوا من أوساط الناس وعبروا عن معاناتهم فكان طبيعيا أن يكسبوا تعاطفا وقبولا جماهيريا وأن يقودوا أيضا هذا الحراك الشعبي الواسع وهذا ماكان يفترض على المعارضة القيام به لأنه دورهم وواجبهم ، ولذا فان أحزاب المشترك مطالبة اليوم المسارعة الىتدشين مرحلة النضال السلمي على نحو عملي وجاد من اوساط الناس وان تبادر الى الشراكة مع كافة الفعاليات الوطنية في تفعيل وفرض حركة المطالب الشعبية وليس المطلوب منها هو التقوقع خلف شعارات السلطة التي تريد عزلها عن حركة الشارع وخلق حالة انفصام وصراع مابين المشترك والقوى الوطنية الأخرىحيث يلاحظ بروز بوادر الاختلاف حاليا وبالتحديد مع جمعيات المتقاعدين التي تقود الأن حركة الاحتجاجات الواسعة وهذا سيؤدي بدوره الى تحقيق أهداف السلطة في تحييد المشترك وهذا ماهو حاصل في الفترة الراهنة على الأقل خاصة بعد انخراط قيادات في المشترك وظهور اتجاهات فيه تتبنى خطاب السلطة الذي يرفع شعارات الوحدة ضد جمعيات المتقاعدين

نسخة معدلة : حرب صيف 94 أخرى
في حرب صيف 94 اجاد الرئيس توظيف سياسة الكروت واستطاع ضرب الاصلاح والاشتراكي ببعضهما في معركة اتضح فيما بعد انها لم تكن من أجل ( الوحدة أو الموت ) وانما من أجل الاستفراد يالسلطة وتثبيت أركان الحكم الأسري الفردي وقبيل انتخابات 20 سبتمبر 2006 اعترف الرئيس صالح على الملأ من أنه ظل يستخدم الاصلاح كرتا ووقودا لحروبه المستمرة منذ صعوده الحكم ، واليوم نحن نكاد نطوي صفحة العام 2007 الذي شهد حراكا وطنيا نوعيا ضد حكم الاستبداد تمثل في الاحتجاجات الشعبية العارمة والمتواصلة في الجنوب ضد سياسات الفساد والنهب والتدمير الذي تمارسه السلطة المنتصرة في حرب صيف94 هناك منذ 13 سنة والتي تهدف الىالغاء الجنوب نهائيا ومصادرة هويته وتأريخه ونضالاته وثقافته المدنية وصولا في النهاية الى تعميم التخلف شمالا وجنوبا كبيئة مناسبة حاضنة للاستبداد والحكم الفردي


ولان الرئيس يدرك أن أحزاب المعارضة لم تستفد من دروس الماضي رغم تصريحه لها بسياسات الكروت المحروقة فيبدو أنه عاقد العزم على تكرار ذات الأساليب والكروت التي استخدمها في حرب صيف 94 ولكن هذه المرة بجعل أحزاب المشترك جزءا من أوراق الصراع الحالي في مواجهة الاحتقانات الشعبية والمد الوطني الرافض لحكم الاستبداد ومن ثم سيلجأ الى احراق كروتهم كالعادة وببساطة أكثر فان اللعبة الراهنة هي مواجهة أحزاب المشترك ( فرادى وجماعات ) بجمعيات المتقاعدين والتي لها تواجدها المؤثر في أوساط هذا الحراك الشعبي ما يعني دفع المشترك لمواجهة الناس في الجنوب ومطالبهم العادلة في مهمة مساندة للسلطة التي تقمع المطالب الشعبية بالقوة والجيش والاعتقالات وأساليب التخدير والترقيع وتوزيع الملايين والسيارات وبث الفتن والصراعات


ويبدو ان تجربة حرب صيف 94 سوف تتكرر هذه المرة ولكن بشكل أكثر مأساوية وبشاعة فمثلما قامت حرب صيف 94 مرتدية زورا ثوب الدفاع عن الوحدة وتحت شعار ( الوحدة أو الموت ) بنفس الطريقة تقوم السلطة حاليا بتوظيف ذات الوحدة في مواجهة المطالب الشعبية والكارثة ستكون اذا ما انخدعت احزاب المشترك هذه المرة بخدعة ( الوحدة ) كأحد أساليب السلطة المكرورة في مواجهة القوى الوطنية والمصداقية تقتضي أن نقول بأن الرئيس بحكم خبراته وتجاربه مع المعارضة استطاع أن يحيل حقيقة الصراع والغضب الشعبي على حكم الاستبداد وسياساته التدميرية التي أوصلت الوطن الى مصاف الدول الفاشلة الى أن يحرفه عن مساره ويشوه جوهره الى صراع على الوحدة أو صراع بين الوحدة وقطاعات واسعة من الشعب متضررة من حكم الاستبداد والفساد واستطاع أن يدخل المعارضة الى هذه الملهاة ليجعلها تتبنى خطابه ( المدافع عن الوحدة ) في وقت ان الوحدة بريئة وليست لها علاقة في الخلاف والصراع القائم بين سلطة فاسدة مستبدة وشعب ضحية ، والشئ المفزع أن نجد قادة أحزاب المشترك يتسابقون على اثبات وحدويتهم للسلطة بتصريحات توحي للناس وكأن المطالبة بالحقوق هو الانفصال وان السكوت عن الظلم والرضا بالفساد هو الوحدة


وبتميز ونجاح منقطع النظير استطاعت السلطة أن تحشر موضوع الوحدة غصبا في وسط المواجهة المتأججة في الجنوب وتقدم نفسها بأنها المدافعة عن الوحدة في مقام ليس مقام الوحدة أصلا واستطاعت بهذا الخطاب ارهاب المعارضة وتحييدها على الأقل عن النزول والمشاركة في أبجديات النضال السلمي الذي دشنته جمعيات المتقاعدين بل ان الأقسى من هذا كله أن الرئيس استطاع أن يوجه المعارضة ضد نفسها وشعبها وبكفاءة استطاع أيضا أن يجرها الى ملعبه ليستخدمها وان بصورة غير مباشرة حتى الان كروتا وأداوت في مواجهة الاحتجاجات الجنوبية تحت يافطة ( الوحدة ) التي لاناقة لها ولا جمل غير أن السلطة ظلت تستخدمها طيلة 13 سنة ماضية في الفساد والنهب والالغاء والتدمير واليوم توظفها مرة أخرى للدفاع عما اقترفته في حق هذا الشعب شمالا وجنوبا ، وحقيقة لا نعلم سببا منطقيا يجعل المعارضة تنجر الى ملعب السلطة وتجاريها في خطابها الذي يتدثر بالوحدة وهي في الحقيقة تستخدمه من أجل الهروب و التنصل من دفع استحقاقات سياساتهاالتدميرية للوطن ولماذا يقبل قادة المشترك ان يجعلوا أنفسهم وأحزابهم دوما كروتا وأدوات في أيدي السلطة ضد شعبها لمجرد أن السلطة فقط رفعت خطاب الوحدة ووظفته ضد الاحتجاجات الشعبية المطالبة برفع الظلم والتحرر من الاستبداد ووضع حدا لسياسات الفساد والنهب والالغاء التي تدمر الوحدة وتخلق الانفصال قسرا في قلوب الناس وفي واقع حياتهم ، ومع ذلك سنوضح لقادة المشترك أن الصرع القائم اليوم ليس على الوحدة أبدا والوحدة ليس لها علاقة به من قريب ولا من بعيد وانما جوهر الصراع وجذره هو بين شعب يطلب حريته وحقوقه الانسانية كاملة في مواجهة حكم فردي مستبد وسياساته التدميرية التي تجر البلد الى الهاوية وانما تستخدم سلطة الفساد ورقة الوحدة زورا وبهتانا من أجل التنصل من نتائج مأساوية تسببت بها لهذا الشعب فلا تنخدعوا يا قادة المشترك وتنجروا الى تمترسات غير واعية ويكفي دروس حرب صيف 94 لتتعلموا منها

الجنوب أملنا
ل13 سنة مضت يتعرض الجنوب ومنذ نهاية حرب صيف 94 لسياسات تدمير منهجية تهدف في الأساس الى استئصال قيم الحرية والنضال والوعي المدني والتطور الانساني واستبدال الجوانب الايجابية في حياة الناس بتعميم ثقافة التخلف وفرض منظومة الجهل على حياة الناس وهذا كله من اجل خلق البيئة الحاضنة للاستبداد كالوضع القائم في الشمال ولكن هذه السياسات التدميرية فشلت ولم تؤت ثمارها والحراك الشعبي المشتعل في الجنوب كان هو الرد


ان الثورة الشعبية المتأججة في الجنوب اليوم ضد حكم الفساد والاستبداد هي بمثابة نافذة الأمل التي انفتحت أمام شعبنا للخلاص من نير استبداد الحكم الفردي القابع في اتونه منذ عقود والمفترض في أحزاب المعارضة وجميع الفعاليات الوطنية أن تدعم وتقف الى جانب هذا الحراك الوطني من أجل ان يتأسس في وطننا شمالا وجنوبا الوعي بمبادئ النضال السلمي حتى نصل الى مرحلة يترسخ الايمان به في وجدان الناس ومن ثم يتم الانتقال به الى واقع الممارسة العملية في حياة الشعب وحينئذ لابد ان يعطي نتائج ايجابية لصالح البلد أما ان تظل أحزاب المعارضة مجرد أحجار شطرنج في ملعب السلطة تنشغل بترهاتها وتتبنى بالنيابة عنها شعاراتها الزائفة بدلا عن العمل الجاد المخلص والدوؤب لصالح شعبها الذي يعتصم ويحتج ويناضل سلميا ضد عدوه الأوحد وهو حكم الفساد فهذا لايعني الا انها واقفة ضد شعبها ولن تكون غير مجرد كروت ستحرق عندما تستنفذ أغراضها

لوجه الله
على احزاب المشترك ان تثوب لرشدها وعلى قادتها ان يكفوا عن التنظيرات الغير واقعية وعلى جميع الفعاليات الوطنية ان تعتمد المنهج العلمي الموضوعي في التعامل مع الأزمة الوطنية الذي يقتضي أولا تحديد مظاهر وأبعاد الأزمة وثم تشخيص أسبابها الحقيقية التي اوصلت وطننا الى ماهو عليه اليوم حتى نستطيع أن نمسك بجذورها و الوقوف على حقيقتها ثم يمكن تكوين رؤية وطنية مدركة وواعية بالقضية الوطنية تمكن من طرح معالجات ناجعة تسهم في انقاذ الوطن ، والأزمة الوطنية بكل تفاعلاتها ومظاهرها هي نتاجا طبيعيا للحكم الفردي الذي ينتج الفساد ويعتمد سياساته التي تقود وطننا اليوم الى الهاوية وبالتالي فان الجهود الوطنية ينبغي ان أن تتوحد حول هذه الرؤية وتتجه المعالجات نحو هذا الداء المستفحل في جسد الوطن أما غير ذلك فلا يعد الا من قبيل مشاركة السلطة في تزييف وعي الناس وخداعهم وتكرار أخطاء الماضي ولعل تنظيرات قادة المشترك واقتراب خطابهم من خطاب السلطة انما تعبر عن تجاهل او عدم فهم لابعاد القضية الوطنية وفي النهاية فانها تصب في خانة السلطة وتؤدي خدمة مجانية لاجندتها في وأد القضية الجنوبية ومن وثم ينسحب الأمر على القضية الوطنية برمتها .

حتى لايظل الاصلاح كرتا للأبد
الاستاذ محمد اليدومي صرح بأن : الاصلاح سيقاتل لأجل الوحدة وسيقف ضد الطغيان ، ولا ندري هل الأستاذ يريد اثبات وحدويته وحزبه للسلطة لأن مثل هذا الحديث هو انخراط في خطاب السلطة الذي يمارس التجهيل وتزييف وعي الناس وهو يصور لهم ان هناك خطرا على الوحدة بسبب الاعتصامات والاحتجاجات والمطالبة بالحقوق ونحن هنا نسأل الاستاذ اليدومي ونقول له :
من هم أعداءالوحدة الذين ستقاتلونهم ؟
وهل عرفتم أعداء الشعب والوحدة الانفصاليين قبل أن تعلنوا عليهم شن الحرب ؟
وهل الانفصاليون برأيكم هم الذين يقتلون الوحدة في قلوب الناس وفي واقع حياتهم بممارسات الفساد والنهب والاقصاء وسياسات العبث والتدمير التي أوصلت بلدنا الى مصاف الدول الفاشلة ام أنه يوجد انفصاليون غيرهم يتوجب عليكم قتالهم ؟


استاذ محمد صراحة لم نفهم التناقض في خطابكم بالربط بين القتال لأجل الوحدة ومقاومة الطغيان اذ لا يجدر بكم مشاركة السلطة في ممارسة الدجل على الشعب وتزييف وعيه فيكفينا الذين ينهبون لقمة عيشنا ويسلبون حقوقنا ويمسخون انسانيتنا ويريدون توريثنا لابنائهم وأسرهم وكأننا تركة وأشياء تورث ويكفي مايتعرض له أبناء لجنوب من نهب لأرضهم وثرواتهم وطمس لهويتهم ومصادرة لتأريخهم ونضالاتهم ويكفي وطننا كل هذا الفساد العظيم الذي تمارسه السلطة باسم الوحدة ثم تقدم ذات الوحدة أيضا كحائط صد لمواجهة غضب الشعب الذي يعرف أن هذا الطغيان والفساد والاستبداد هو عدوه الأوحد الذي يمزق عرى الوحدة الوطنية وقيم الاخوة الدينية ومبادئ السلوك الانساني القويم ويخلق الانفصال قسرا في حياة الناس فيكون الواجب الديني والانساني يحتم التصدي للطغيان ومقاومته وقتاله بدلا عن رمي الكلام على عواهنه والمشاركة في التضليل والتجهيل من اجل اثبات الوطنية والوحدوية للسلطة ، وعليه فان مهام الاصلاح العاجلة وأحزاب المشترك مجتمعة تدشين مرحلة النضال السلمي في أوساط الشعب شمالا وجنوبا ضد الاستبداد والطغيان الذي يهدد الوجود الانساني برمته على أرض هذه البلاد


وفي هذه المرحلة من حياة وطننا والتي تشهد حراكا شعبيا واسعا رافضا لاستمرارية حكم الاستبداد فينبغي على الاصلاح بما يمثله من ثقل و تواجد جماهيري على مستوى الساحة الوطنية أن يكون في صف الناس والى جانب مطالبهم ومعبرا عن معاناتهم لا أن يضيع المزيد من الوقت ويقف يصارع طواحين الهواء لأجل قضية لا وجود لها الا في أجندة السلطة وسياسات اللعب بالكروت التي تجيدها وبالتالي سيكون على الاصلاح حينها لعب نفس الدور الذي قام به في حرب صيف 94 ولكن هذه المرة سيكون عليه مواجهة الشعب وقمع مطالبه وترسيخ الحكم الفردي للأبد وحينها ستكون النتائج كارثية على نحو أبشع مما انتجته حرب صيف 94 وعندها لن ينفع الندم


استاذ محمد يبدو انه علينا لزاما أن نذكر بأن الوحدة لا أحد وصيا عليها وانها وجدت لأجل الشعب والشعب هو حاملها و هو المعني بها ولايجوز المزايدة باسمها وباسم الدفاع عنها مثلما تم و يتم ارتكاب الأخطاء باسمها واحالة حياة الشعب الى جهنم تحت جناحها ظلما ويجب ان نذكر أيضا بأن الوحدة مشروع حياة وحرية وكرامة لا مشروع استبداد وظلم وفساد و بان حماية الوحدة وترسيخها انما يكون بتحقيق أهدافها التي قامت لأجلها والمتمثلة في مشروع دستور دولة الوحدة الذي أسس لدولة مؤسسات مدنية ونظام ديمقراطي تعددي ومواطنة متساوية وضمان الحقوق والحريات أما التغاضي وتجاهل جوهر الأزمة التي تعصف بالبلاد ومستقبل الأجيال ومسبباته الحقيقية والركون الى الاصطفاف الأعمى والغير منطقي كما حدث في حرب صيف94 فنتائجه كارثية على الوطن والوحدةو الحياة .

حد من الوادي
12-23-2007, 02:30 PM
لم تعدعدن اشتراكية،لكنهاتحن إلى ماضٍ اشتراكي
*نائف حسان

يمكن قراءة المجتمعات وأنظمة الحكم من خلال المدن، وعدن تقول أشياء كثيرة عن أزمة اليمن الحالية، وجذورها.
لم تتخلص عدن من النمط الاشتراكي البادي في جغرافيتها ووجوه الناس. عملياً؛ تعيش هذه المدينة زمنها الحالي، عبر الحنين إلى زمن ما قبل 1990. يفترض بعدن أن تكون في وضع أفضل، إلا أن "زمن الوحدة" لم يجعلها كذلك.

تلك مشكلة عدن الحقيقية، كما هي مشكلة الجنوب ككل: مواجهة الحاضر السيئ، عبر استدعاء الماضي السيئ. وبين "زمن الوحدة" و"زمن ما قبلها"؛ تعيش هذه المدينة مرحلة صعبة ستدفعها بعيداً عن الوجهة التي سارت نحوها المدن الحيوية في العالم.

عام 1990؛ تنفست عدن من قبضة العقلية الاشتراكية التقليدية الجامدة، وبدلاً من أن تتحول إلى مدينة اقتصادية إقليمية، وقعت ضحية صراع آخر، انتهى بها كأرض مغرية لممارسة عمليات القرصنة والنهب.
كانت عدن متعثرة أيام حكم الاشتراكي. وما يبدو أنه انفتاح تعيشه اليوم، هو في الأصل ظاهرة تعثر عامة. كانت عدن متعثرة احتكاماً لقانون سياسي، فيما هي الآن غارقة في حالة تعثر عامة احتكاماً لمزاجيات فردية جعلت من النهب القيمة الأكثر قوة وحضوراً.

في الماضي حرمت هذه المدينة من التطور مقابل القانون والأمن المدعمين بقبضة أمنية. اليوم خسرت عدن القانون والأمن، وتم اختزال التطور الذي تنشده؛ إلى بناء ميناء متواضع للحاويات، وإقامة "مشاريع اقتصادية" صغيرة فيها.

من خلال البيوت والشوارع الجديدة؛ يمكن قراءة المرحلة التاريخية التي تعيشها هذه المدينة: البيوت المتناثرة؛ تعبر عن غياب الاطمئنان النفسي للناس، الشوارع المعبدة، بشكل انتقائي، تحيل إلى حالة المزاجية والفوضى، الأعمدة الاسمنتية الجرداء، تؤكد حالة الخوف، التي دفعت الناس إلى حماية أراضيهم بالشروع في العملية الأساسية للبناء، ثم تركها كذلك لسنوات.

أخذني الصديق شكري راوح، نهاية رمضان، إلى منطقة مصعبين، شمال شرق عدن، حيث وجدت الجزء الرئيسي من المشكلة التي يعيشها الجنوب اليوم. لقد تحولت الأراضي إلى كانتونات صغيرة مسوَّرة بـ"البردين". أينما ذهبت، في أطراف عدن؛ تجد أراضي كبيرة مسورة، يذكر لك كثيرون أسماء نافذين استولوا عليها بالقوة.
وزع الحزب الاشتراكي الأراضي للناس بشكل محدود: (8×12 متراً) لكل شخص كان ملزماً ببنائها خلال عامين، ما لم فإن الأرض تُصادر منه.

يشعر أبناء عدن بالحسرة وهم يشاهدون، اليوم، الأراضي المسورة، بالكيلو مترات، لنافذين شماليين دخلوا عدن كفاتحين عام 94.

هناك جنوبيون لديهم أراض في عدن، لكن الشماليين أكثر عدداً وأكثر استفزازاً. أغلب المسؤولين الكبار في هذه المدينة انشغلوا بنهب الأراضي. المعلومات الرسمية تقول إن 5 نافذين وراء 90 من

عمليات نهب الأراضي الحاصلة في عدن. تصوروا أن هناك قائداً عسكرياً نهب 5000 قطعة أرض.
لم تعد عدن اشتراكية، لكنها تحن إلى ماضٍ اشتراكي. فشلت "الوحدة" في إدماجها، كإنسان ومكان، في هويتها الجديدة. تتجسد هويتها كمكان في "الشيخ عثمان" و"دار سعد" و"الساحل الذهبي" و"البريقة" و"نشوان".. 15 سنة مرت و"الشيخ عثمان" هو "الشيخ عثمان" و"دار سعد" هو "دار سعد" و"نشوان" هو "نشوان".

عدن، كمكان، لم تتعرض لتغيرات جذرية، أو كبيرة، تؤسس لهويتها "الوحدوية" ما بعد 90. لهذا يحيل الحضور العام لأمكنتها إلى هويتها الاشتراكية الماضية. حدثت تغيرات في المكان، إلا أنها بسيطة لم تُحدث قطيعة فعلية يتطلبها الزمن الجديد المؤسس على نصر عسكري.

"الشيخ عثمان" ما زال ذاته؛ بجولته العتيقة، و"فرزة البيجوت" التاريخة. "دار سعد" لم يتغير كثيراً، بمدخله الرئيسي وأحيائه المتفرعة. كثُر الصوماليون، وتزايدت أعداد المهمشين في "دار سعد"؛ وذلك عامل إحباط يكرس الوضع القديم للبؤس، ولا يدفع الناس للتطلع نحو "زمن الوحدة" الجديد. كان على الزمن الحالي لـ"الوحدة" أن يعيد تشكيل "دار سعد" ويدفعه بعيداً عن حياة الصفيح. وكان عليه إحداث تغير بنائي جذري في جولة "الشيخ عثمان"، وخلق مدن سكنية بديلة لـ"المعلا" و"كريتر".. أماكن ترفيه أخرى بديلة عن "الساحل الذهبي" و"البريقة".

التوسع العمراني الذي حدث في هذه المدينة لم يخلق فضاءات جديدة للحياة. المشكلة أن هذا التوسع، الذي حدث بعد الوحدة، عزز مركزية المكان العدني الاشتراكي، ودفع بهويته القديمة في مواجهة الهوية الحالية لـ"الوحدة".
مقابل "نشوان" وبارات ومراقص أخرى؛ تم افتتاح فندق "يمن كونتننتل" ومراقص أخرى، بعد الوحدة. الأرجح لدي أن "يمن كونتننتل" افتُتح بعد "الوحدة"، لكني على يقين أن هويته شمالية صرفة، خلافاً لـ"نشوان" ذي الهوية العدنية الصرفة. يقصد الأول الشماليون والسعوديون والخليجيون الباحثون عن الجنس والسهرات الحمراء. فيما الثاني يقدم خدماته لأشخاص، أغلبهم عدنيون، يتناولون الشراب، وسط تبادل ودي للحديث.
التوسع العمراني ليس جزءاً من ثقافة هذه المدينة، كما أنه ليس نتاج تطور ثقافي أو فني. أضيق من ذلك؛ هو تعبير عن أزمة وطنية، وامتداد طبيعي لحرب 94.

يمكن القول إن التوسع العمراني في عدن، ما بعد الوحدة، رسخ القناعات الانفصالية؛ إذ يظهر الطابع الشمالي فجاً في أغلب تلك التوسعات.

عدن حاضرة في "المعلا" و"الشيخ عثمان" و"كريتر" و..، إلا أنها ليست كذلك في الضواحي والأحياء، التي بُنيت بعد 90. لقد تم قسرها كهوية مهزومة، من قبل هوية شمالية منتصرة.

أُعلن عام 90 توحيد اليمن؛ بيد أن ما حدث على أرض الواقع كان أبعد من ذلك. لقد رُفع علم "الوحدة"، في 22 مايو ذاك العام، إيذاناً ببدء مواجهة فعلية بين مجتمعين وثقافتين مختلفتين؛ من الطبيعي أن تنتهي بمنتصر ومهزوم.
الأزمة التي تصاعدت خلال الفترة الانتقالية؛ كانت نتاجاً طبيعياً لالتقاء ثقافتين وعقليتين سياسيتين مختلفتين. لهذا فـ 22 مايو 90، كان المقدمة الحقيقية والمباشرة التي قادت إلى حرب 94، ذلك أن أزمة الفترة الانتقالية ترتبت عليه، شأن الحرب؛ والاحتقانات الحالية في الجنوب.

لم يتم تهيئة المجتمعين، في الشمال والجنوب، للوحدة، ولم ينشأ نظام ديمقراطي حقيقي للحفاظ عليها. دولة المؤسسات والقانون؛ تحفظ "وحدة" الشعوب. يحفظها أيضاً تحقيق المصالح المباشرة للناس، كمواطنين، لا كأدوات ووجاهات لبسط السيطرة والنفوذ.

هذا الجذر التاريخي لأزمة اختلاف المجتمعين ثقافياً واجتماعياً، هو الذي حول قضية المتقاعدين من
قضية حقوقية إلى قضية جنوبية لها علاقة بالهوية التي تؤسس للانفصال. وسواء حلت هذه القضية أو لم تحل؛ ستظل المسألة الجنوبية حاضرة، وستجد قضايا أخرى للتعبير عن ذاتها.

عام 90؛ صدَّر الشمال إلى الجنوب أشخاصاً يبحثون عن عمل، ومتشددين دينيين يريدون محاربة "الفحشاء والمنكر" وتطبيق شرع الله. الجنوب صدَّر إلى الشمال مجتمعاً منفتحاً ومثقفين حالمين. كان علي عبدالله صالح وعبدالله بن حسين الأحمر وعبدالمجيد الزنداني، يختزلون تمثيل الطرف الأول، فيما علي سالم البيض وحيدر أبوبكر العطاس وياسين سعيد نعمان مثلوا الطرف الآخر.

تعاظم صعود نجم هؤلاء الممثلين لثقافتي المجتمعين، وازدادت شهرتهم بين الناس. بالتزامن مع ذاك؛ كانت عدن هي المدينة الأكثر حضوراً والأكثر إغراءً، بالنسبة للمجتمع الشمالي المتعطش للانفتاح الجنسي والروحي، وبالنسبة لـ"جند الله" المتعطشين إلى تحريرها من "المنكرات" و"حكم الكفرة".

دخل الجميع معارك متعددة ضمن إطار واحد: خاض علي عبدالله صالح معركته ضد الاشتراكي كمنازع للحكم، الشيخ عبدالله خاض معركته ضد الاشتراكي كمهدد مباشر لقيم المشيخة والقبيلة، فيما الشيخ عبدالمجيد الزنداني، خاض معركته ضد "نشوان" ومصنع "صيرة" وبقية المراقص والملاهي التي ازدهرت أثناء حكم الاشتراكي.

انتصر الرئيس وانتصر الشيخ عبدالله، فيما انتصار الزنداني لم يتحقق بشكل كامل؛ لأن المراقص تكاثرت في عدن بعد 94.

وسط ذاك الصراع السياسي والثقافي والديني؛ تصاعدت شهرة بار ومرقص "نشوان"، وأصبح حضوره يفوق حضور أقطاب السياسة ورجال الدين. كان "نشوان"، تعبيراً عن مستوى الانفتاح، الذي بلغه أبناء الجنوب، شأن "فندق عدن" والمشروب الروحي "صيرة". في الطرف الآخر؛ كان الزنداني، بحضوره القوي، تعبيراً عن قوة الخطاب الديني، ودوره الحاسم في صياغة وتوجيه حياة الناس.

بدأ صراع الطرفين بشكل مبكر، وتم فيه توظيف الدين، والثأرات السياسية. في 94؛ حُسم الصراع، لصالح الطرف الأول؛ الذي راهن على إخراج الحزب الاشتراكي من السلطة، كوسيلة فعالة لضمان سيطرته على حكم الشمال والجنوب. وقد اقترن الانتصار العسكري في صيف 94 بنصر سياسي، وآخر ديني قاد إلى "فتح" عدن وتدمير "مصنع صيرة"، وإغلاق "نشوان" وبقية المراقص، بشكل مؤقت.

كان علي عبدالله صالح الأذكى، ولعبة السياسة؛ تجعله الأحق بالنصر. لكن دخول عدن عسكرياً في 94؛ لم يكن نهاية لآخر الأزمات، التي سيتمكن "القائد"، بعدها، من الخلود للراحة في صنعاء. كان "تعميد الوحدة بالدم" هو المأزق الأكبر لـ"الوحدة"، مثلما كانت "الوحدة" هي البداية الفعلية للحرب. ويبدو أن الرئيس صالح يواجه اليوم أخطاء 17 عاماً، تفرض عليه اتخاذ خطوات جذرية بالغة الخطورة.

يفرض إصلاح الأوضاع في الجنوب، نشوب أزمة في الشمال: تقوم السلطة على تحالفات مصلحية كان الجنوب غنيمة حرب بالنسبة لها. ظلت هذه التحالفات تدعم السلطة طوال العقود الماضية، انطلاقاً من ذهنية الغنيمة، التي حولت الشمال إلى كيان ضامن لتدفق المصالح على القوى النافذة.

لا يمكن إصلاح الأوضاع في الجنوب؛ إلا بضرب الأساس الذي تقوم عليه السلطة في صنعاء. دولة القانون والحقوق المتساوية؛ ستؤدي إلى ضرب البنية القبلية المسيطرة على الحكم.

لن تحل مشكلة الجنوب بتوزيع حقوق المتقاعدين وإعادتهم إلى أعمالهم. وهي لن تُحل أيضاً بتحريض أبناء أبين ضد من "سحلوهم" في 86. تحتاج قضية الجنوب إصلاحاً سياسياً جاداً يبدأ بتغيير جذري في منطلقات وأدوات السلطة الحاكمة في صنعاء. الأمر يفرض على الرئيس التخلص من مراكز القوى التي أصبحت مشكلته الرئيسية. تلك فرصة الرئيس الأخيرة؛ إذا أراد ألا يذكر التاريخ أن اليمن انفصلت، أو سارت نحو الانفصال، في عهده.

YemenihoneY
12-23-2007, 02:59 PM
http://www.geocities.com/amoureux1976/User11.gif

حد من الوادي
12-24-2007, 12:25 AM
ريما الشامي : الفساد .. كيف يحكم اليمن ؟

ريما الشامي - 23/12/2007

مكافحة الفساد بالمفسدين الفساد في اليمن هو سياسة حكم صنعت توازنات قوى ومصالح فئات على حساب مقدرات وطن وكل هذه المكونات اجتمعت وتوحدت من أجل أن تظل هذه البلاد وما عليها ومن عليها ضيعة خاصة بحكم ثنائي الاستبداد والفساد للأبد

وطن في قعر الهاوية
اليمن بعد مضي 30 سنة من حكم الرئيس صالح بنيتها التحتية منهارة والخدمات الأساسية متردية والأمية في أعلى معدلاتها والتعليم ينتج أجيال جاهلة مجهلة والسواد الأعظم من هذا الشعب يعيشون تحت خطوط الجوع والفقر وعلى مستوى الترتيب الدولي تصنف بلدنا على انها دولة فاشلة في طريقها للانهيار والحروب فيها متجددة ومستدامة وتحتل مرتبة متأخرة جدا في مقاييس التنمية والحكم الرشيد ، والفوضى هي السائدة بدلا عن النظام وحكم القانون ، وكل هذا التدهور المريع الذي يشمل مختلف جوانب الحياة في البلاد سببه الرئيسي والوحيد هي السياسات الفاشلة التي يدار بها وطننا والتي وظفت امكانات البلد ومواردها من أجل الحفاظ على كرسي السلطة والبقاء فيه للأبد واستخدمتها أداة في صناعة الفساد وخلق مراكز قواه و تغذية توازناته والصرف عليها من المال العام بدلا عن توجيه موارد البلاد وجهتها الصحيحة نحو جهود التنمية والبناء ومع ذلك تقف الخزينة العامة اليوم عاجزة عن اشباع مصالح قوى الفسادالتي ترى أن لها كل الحق في نهب الوطن كمكافأة واستحقاق لها في اطار المصالح المتبادلة المتبادلة بينها وبين حكم فردي يعتمد على خدماتها في بقائه .

30 سنة من الفساد والنهب والعبث بكل شئ في البلد من اجل الكرسي لم تفضي حتى على الأقل الى تثبيت الكرسي بل كان حصادها مرا ومأساويا على الاثنين معا الكرسي والبلد ، والمال العام الذي استخدمه الرئيس صالح في صناعة مراكز الفساد وتغذية مصالحها غير المشروعة غدا اليوم قاعدة جامعة تأتلف عليها مصالح لوبيات الفساد ويبدوأن المعادلة التي تنظم الاستحقاقات المتبادلة بين الرئيس وتوازانات الفساد قد فشلت ولم تعد تسير وفق شروطها واعتراف الرئيس شخصيا بأن مراكز وقوى الفساد التي صنعها قد صارت ثعابين يدير رؤؤسها يعبر عن احباطه وخيبة أمله وفشله في الاستمرار بادارة توازانات الفساد الا ان اعترافه جاء متأخرا بعد 30 سنة من اعتماده للفساد نظاما للحكم واستراتيجية لادارة البلد وبعد ان صار الفساد هو الحاكم الفعلي للبلد ولم يعد امام الرئيس صالح غير خيار واحد فقط وهو استمرار رعاية مصالح مراكز القوى والمضي قدما في اشباع رغباتها ونهمها من المال العام حتى النهاية التي أوشكت على الاقتراب وعندها سيكون عليه دفع ثمن استحقاقات سياساته الفاشلة التي صورت له الفساد بأنه أفضل وسيلة للحكم والبقاء في السلطة و التي جعلته يرعاه وينشئ مراكزه ويطلق أياديها في نهب البلد وتدميرها طيلة 3 عقود مضت من الزمان

الفساد أتى على كل شئ
والمتأمل لحال هذه البلاد سيجد ان الفساد اكتمل بنيانه وقد بلغ أقصى درجات القوة والتمكن في الأرض خلال هذه المرحلة التي تعد فترته الذهبية وهذا الكلام ليس تنظيرا بل هو واقع عملي فالبلد اليوم تعيش ظروفا ومرحلة استثنائية في غاية الكارثية والخطورة فلقد وصل الفساد الى مستوى أنه يفرض نفسه سلوك اخلاقي و منهج حياة يسير عليه الناس واستطاع أن يخضع أبسط تفاصيل الحياة اليومية لنواميسه هذا فضلا عن اختراقه وادارته لكافة المناشط والفعاليات الحياتية كدستور ينظم شئون الدولة والمجتمع

ولعل هذه المرحلة التي بلغها الفساد اليوم هي الأخطر والأسوأ والأعظم كارثية على مصير البلد وحياة الناس لأننا وصلنا الى مرحلة افساد القيم وانتزاع اخلاقيات الناس وازاحتها نهائيا من المجتمع واستبدالها بمنظومة الفساد المتكاملة التي فرضت على الناس قهرا بقوة الواقع الذي يتسيده الفساد حتى ان أحدا لم يعد يستطيع أن ينال أبسط حقوقه الانسانية والطبيعية الا في اطار الفساد ومنظومته وقيمه التي تحكم حياة الناس وتنظم شئونهم , لقد وصل الحال بهذه البلاد الى مستوى أنه أصبحت قيم الأمانة والنزاهة والشرف محاصرة ولم يعد لها وجود وان وجدت فأنها و أصحابها يلقون التهميش والاقصاء والانكار فيما صار الفساد بكل مايعنيه هو السلوك والنظام ودستور الحياة ورؤية الناس له على أنه شطارة وذكاء وقانون للعيش .

ان مجتمعنا اليوم يتعرض لأسوأ انهيار اخلاقي وقيمي في حياته بسبب سيادة الفساد وهذا واقعا لا يبشر بخير بل أي حال يمكن أن يصير اليه وطننا وأي أمل يمكن أن نرسمه لمستقبلنا في مجتمع استطاع الفساد فيه ان ينتزع اخلاقياته وقيم الحق والخير والفضيلة من حياة أبنائه ويفرض نفسه بديلا .

مكافحة الفساد باللجان والتشريعات
لذا فلا نستغرب الاستهتار بحال شعبنا خاصة هذه الأيام التي تشهد انتشار موضة ( مكافحة الفساد ) التي يتبناها المفسدون بأنفسهم

انظروا الى أين وصلنا ؟
الى أن الفساد يصدر تشريعات وقوانين لمكافحة نفسه وجرائمه طوعا ..
الى أن يتم تشكيل لجان مختلفة لمكافحة الفساد من عتاولة المفسدين ليوكل اليهم بعد ذلك مهام(مكافحة الفساد )
ان مكافحة الفساد في اليمن لا تحتاج الى مزيد تشريعات وقوانين نظرية وخداع الشعب والمجتمع الدولي والمانحين بتشكيل لجان لمكافحة الفساد من المفسدين ، بل أن مكافحة الفساد تحتاج الى جدية ونية صادقة واراداة حقيقة وكل هذا لايمكن أن يتوفر لدى سلطة يعد الفساد مكونا أساسيا من تركيبتها وتعتبره من أهم أدواتها واستراتيجية مضمونة للبقاء في الحكم ، وهذه هي مشكلة السلطة في اليمن التي لم تجد أمامها غير الكذب والخداع كطريقا لمكافحة الفساد .

في اليمن التشريعات لا تنقص وكذلك الهيئات و اللجان لا تقدم أو تؤخر شيئا في مكافحة الفساد بل ما ينقص هو التطبيق ولذا على سبيل المثال لم يقدم فاسدا واحدا للقضاء خلال 30 سنة مضت رغم استفحال الفساد الذي يحرمنا المساعدات الدولية والذي جعل بلدنا يحتل الصدارة في قائمة الدول الفاشلة وتحصد الترتيب المتأخر في مقاييس الشفافيةوالتنمية والحكم الرشيد ، وعلى كثرة التشريعات والقوانين التي يتم سنها لمكافحة الفساد الا ان بلدنا غير معنية بمكافحة الفساد على المستوى العملي والتطبيقي أما لماذا فلأن كل شئ في البلد تحت رحمة الفساد وسيطرته ابتداءا من القضاء وليس انتهاء بلجنة مكافحة الفساد ، وعلى هذا فان اتخاذ أي خطوة أو قرار في موضوع مكافحة الفساد يكون محكوما بلعبة التوزانات التي تدير البلد لأنه مثلا قد يشكل تقديم فاسدا واحدا للقضاء لمحاكمته ضررا على توازنات الفساد التي تحكم الوطن وهذا ليس في صالح السلطة التي تقوم على التوازنات لان بنيانها سيتهدد من جراء محاكمة فاسد واحد مهما كان وزنه لأنه سيكشف بالضرورة عن جوانب هامة وخيوط جوهرية في حلقة التوزانات وهكذا ستتفكك الحلقة حلقة حلقة .

القضاء والفساد . . معادلة عكسية
من أسرار نجاح الفساد في اليمن وازدهاره هو ضعف المؤسسات والسيطرة عليها من قبله ، فالقضاء هو ترمومتر الفساد والعلاقة بينهما عكسية فقوة القضاء تعني ضعف الفساد والعكس صحيح اذ أن ضعف القضاء يكشف عن مدى قوة الفساد وتغلغله وسيطرته على كل شئ في البلد فالى جانب القضاء وغيرها من الأدوات المسخرة في خدمة الفساد انضمت مؤخر وتنظم تباعا الهيئات والتكوينات المختلفة المشكلة لمكافحة أنواع الفساد وكلها أليات تعرف السلطة كيف توظفها في خدمة أجندتها

ولكن رغم كل هذه الامكانيات والأدوات والوسائط المسيطر عليها والمسخرة بيد الفساد وبأمره الا أنها لن تغني عنه شيئا لأن المواطن يعرف مثلا حقيقة لجنة ( مكافحة الفساد ) التي تضم شخصيات من نوع ياسين عبده سعيد ويدرك الانسان البسيط أيضا بالفطرة أيضا أن مكافحة الفساد تتطلب وجود شخصيات تتصف بالنزاهة والأمانة والشرف وليس أن يختارها الرئيس لتكون أداة بيد السلطة لتشريع المزيد من فسادها كما يدرك ايضا أنه اذا كان القضاء لا حول له ولا قوة بكبراء الفساد وصغارهم أيضا وطوال مدة 30 سنة لم يمثل امامه فاسد واحد من اي درجة فماذا بوسع لجنة مسيطر عليها أن تفعل غير ارضاء الرئيس.

مسرحية مكافحة الفساد
قبل عدة أشهر تم تشكيل لجنة مكافحة الفساد وكما ذكرت مسبقا فأنه من المفترض أن يخضع تشكيل هذه اللجنة لمعايير مهنية وتراعي أيضا خصوصية الفساد ودرجة خطورته اذ يكون من البديهي أن يكون أعضائها يتصفون بالنزاهة والامانة والاستقلالية والقدرة على قول كلمة الحق، لكن لان الفساد هو الأمر الناهي وارادته هي النافذة فلا نجد اذن وجه للغرابة في تشكيلة لجنة ( مكافحة الفساد ) التيجاءت لتعبر عن حقيقة الفساد في اليمن بصورة هزلية عندما يقوم المفسدون بتشكيل كومبارس من أعضاؤهم ليؤدوا أدوارا هزلية في مسرحية أسموها (لجنة مكافحة الفساد ) من أبطالها ياسين عبده سعبد الذي خاض بروفات تدريبية في التهريج و الدعاية للرئيس صالح وشخصيات أخرى منها المتردية ومنها النطيحة ومنها من لاحول لها ولا قوة غير البحث عن وظيفة ومنصب وعموما نبارك للكومبارس السيارات الفارهة والبدل النقدي أما مكافحة الفساد فهي مهمة وطنية يشترط في أهلها النزاهة والأمانة وعدم مقايضة الضمير بالمال ، وحتى لا أتهم بالتحامل على لجنة مكافحة الفساد ومهامها الوطنية ا لعظيمة فاني أضع أسئلة بسيطة جدا أما اللجنة وليتكرم احدا من اعضائها بالاجابة :
كم قضية فساد حققت فيها اللجنة والى أين وصلت ملفاتها ؟
كم فاسدا أحالت اللجنة ملفاتهم للقضاء ؟
وللاقتراب أكثر من الواقع :
لماذا تم دفن صفقة بهران النووية ؟
ولماذا لم تقدم اللجنة ملف الصفقة النووية للقضاء خاصة بعد تطوع الصحفي منير الماوري في كشف وتقديم أدلتها الثبوتية ؟
هل ترى سيخبرنا ياسين عبده سعيد أو أحدا من أعضاء لجنة مكافحة الفساد برأي اللجنة في تلك الصفقة ولماذا لم تحيل اللجنة ملفها والمتورطين بها الى القضاء ؟
طبعا هم لن يستطيعوا الاجابة اما لماذا فلأنهم مجرد كومبارس لا حول لهم ولا قوة وجدوا لأجل ان يؤدوا دورهم التهريجي في خدمة الفساد مقابل مايستلموه من بدل نقديومكافأت اماالقرار فليس بأيديهم بل بيد من أختارهم وهو الرئيس الذي يقرر وحده هو فقط ؟

جديد الفساد

أصدر الرئيس صالح مؤخرا أمرا بتعيين نجله الأوسط خالد علي عبدالله صالح قائدا للقوات الجوية بدلا عن أخيه غير الشقيق محمد صالح الأحمر وقد جرت العادة في مثل هكذا قرارات يتخذها الرئيس في تعيين أقاربه وأنجاله في مناصب الجيش أن يصدر توجيها شفويا ويأتي تعيين الرئيس لنجله خالد قائدا للقوات الجوية في اطار سياسة توريث الوظيفة العامة التي يحرمها الدستور والقانون و ظاهرة توريث الوظيفة العامة تعد احد أبرز أوجه وممارسات الفساد التي تنخر في جسد الوطن اذ أنها تمارس بعيدا عن الأنظمة واللوائح التي تنظم شغل الوظيفة العامة وفقا لمعايير الكفاءة وشروط الأهلية العلمية والأقدمية ، ونحن هنا نضع هذه المخالفة الدستورية والقانوينية أمام لجنة مكافحة الفساد لتقوم بواجباته المناطة بها ، وننبه كذلك الى أن أسرة الرئيس صالح تشغل حاليا مفاصل القيادة والسيطرة على الجيش بناءا على معايير االقرابة الأسرية اذ عمد الرئيس الى تعيين أنجاله وأقاربه من الدرجة الأولى والثانية فيتولي المناصب القيادية الجوهرية والحساسة في الجيش لضمان السيطرة عليه وولائه في اطار توريث الحكم لأسرته ونجله أحمد الذي يشغل حاليا قيلدة 3 ألوية عسكرية مجتمعة هذا على الرغم من أن الحكم الوراثي الأسري قد تم انهاؤه بقيام ثورة 26 سبتمبر 1962 الا انه تبرز مؤشرات هامة تحذر من اعادة البلاد اليه مجددا هذه المرة مرتديا ثوبا جمهوريا أو في اطار مايسمى الجمهوريات الوراثية .