المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الممثلة اليمنية مديحة الحيدري في رحاب الخالدين


كلام في محله
01-29-2008, 07:49 PM
ماجد المذحجي


[email protected]

تركت مديحة الحيدري ابتسامة مشرقة في البال وغادرت، متخففة من "بلاد" لاتمنح للابتسامة مساحة كي تكبر. دون إنصاف او انتباه كانت موجودة بالقرب منا: امرأة ذات حضور مشرق، وفنانة جميلة استطاعت ان تلون التجهم الذكوري في اليمن برقة شخصية قد لاتتكرر بسهولة.

كان الامر مؤذياً حتماً بالنسبة لامرأة مثلها، فكسر شروط العمل المخيفة في الفن باليمن أمر يحتاج إلى جراءة حقيقية، فبالنسبة إلى واقع الامر هنا يسهل الجمع بين الادانة الاخلاقية والفن، وبالطبع يصير الوضع اكثر ضراوة بالنسبة للنساء. مديحة الحيدري تجاوزت ذلك لصالح دور فني مبكر في اليمن يجب ان يحسب لها امتياز ريادة إضافة النساء فيه.

حين لعبت اول أدوارها في المسرح منتصف السبعينيات، كان الأمر مقترنا بطموح مشروع يمني حديث وواسع في السبعينيات، يدفع به "الحمدي" لتلتحق البلاد بالعصر وتنفتح عليه. كانت دور السينما، والمسارح موجودة، والناس يقبلون عليها بشغف جديد وبقدر قليل من المحاكمات الاخلاقية للامر. بدأت طبقة وسطى مدنية تتشكل في "الحواضر"، مُلحقة بأجهزة الدولة التي بدأت "تتقوى" آنذاك بمقابل مراكز القوى المحافظة اجتماعياً، وكان وعيها مستقلاً عن المنظومة التقليدية للافكار والعادات في اليمن، وتنظر للمستقبل بتخفف من الماضي وطموح يغذيها حراك واضح وشروط تحول اجتماعي مهم بدأت تظهر. كانت الحيدري ابنة تلك "المساحات" الصغيرة من الحرية الاجتماعية التي أتاحتها تلك الحقبة، وتغذت رغبتها بالفن اعتماداً عليها. كان الامر ممكناً، وبالنسبة لها كفتاة صغيرة، ربما لم تُرفق "هوايتها" بالتشجيع آنذاك، لكنها لم تقابل أيضاً بالممانعة. لكن الامر اختلف بالنسبة للشابة والسيدة مديحة الحيدري. بدءاً من الثمانينيات وحتى حين وفاتها حدث الكثير: انتهى مشروع التحديث الذي كان يقوده "الحمدي"، والمجتمع الذي كان يتحول وينفتح تراجع للخلف بسرعة مخيفة. وفي نهاية الامر، حين توفيت هي، لم تعد هناك طبقة وسطى ولا دور سينما أو مسارح في اليمن. لقد شهدت حياتها اقتراناً غريباً بحال اليمن، فهي ابتدأت بطموح البلد وانتهت بمآله السيئ الذي هو عليه الآن!

كانت مديحة الحيدري تحتاج للانصاف بشدة، الامر يتعدى الدولة التي لم تعتن بها او تكرمها، ليتعلق الموضوع بمجتمع يعادي النساء، ونظر للفن الذي قدمته ونذرت نفسها له، بغض النظر عن أحكام القيمة الفنية على أدائها في الدراما التلفزيونية او المسرح، من زاوية أخلاقية محافظة بشدة. لقد صادر "الناس" حياتها بمقولات أخلاقية رديئة، والامر ليس شخصياً او يتعلق بها فقط، بل يطال الآن أية "فنانة" يمنية، تصبح بسهولة، في نظر "المجموع"، فتاة سيئة السمعة!

لم يعتد "الناس" رؤية النساء خارج أدوارهن الاجتماعية المعتادة التي يقررها وعي محافظ وذكوري، ومبادرة أية امرأة خارج هذه الادوار تصبح فرصة لـ "تصيد" أخلاقي جماعي يصادر عليها حقها في الحياة.

مديحة الحيدري امرأة يمنية استطاعت ان تنصت لشغفها بالفن، واعتمدت على ذلك للاستمرار في حياة ليست سهلة أبداً. لقد استطاعت ان تضفي على ذاكرتنا "لمسة" امرأة جميلة، وقاومت حتى النهاية وصاية أخلاقية صادرت حياة مجتمع بأكمله.


أحمد الزرقة

[email protected]



ببيان نعي بارد للفنانة القديرة مديحة الحيدري، أكدت وزارة الثقافة اليمنية أن الفن وأهله ما زالوا خارج إطار الاهتمام الرسمي.

مديحة التي تميزت بالحضور الكبير في قلوب الناس عبر قيامها بالمشاركة في عدد كبير من الاعمال المسرحية والدرامية عبر الاذاعة والتلفزيون، ما يجعلها الفنانة الاكثر حضورا صاحبة اللهجة الجميلة التي تتميز بحضور طاغ ونبرة موسيقية هادئة، غادرتنا دون ان تلقي التحية علينا نحن جمهورها ومحبيها، الذين لم نلتفت إلى عطائها خلال سنوات حياتها القصيرة زمنيا الطويلة إبداعيا، كانت تلك مغادرة احتجاجية أرادت من خلالها التعبير عن رفضها لواقع لا يحترم الابداع ولا يحفل بالمبدعين من أبنائه، في وقت ما زالت فيه السطوة للمشيخ وللفكر الذكوري الذي لا يحفل بالمبدعات من النساء أو بالاصح لا يلتفت للمبدعين باعتباره الفن والابداع فيه من زوائد الحياة ويعد ترفا في مجتمع تتسارع خطواته نحو السواد وتحريم صوت المرأة باعتباره عورة، فما بالنا باقتحام منصة المسرح والدخول لعتبات البيوت عبر الشاشة الفضية التي يطيب لنا استراق النظر إليها بعيدا عن الآخرين.

جاء رحيل صاحبة الرصيد الابداعي المسرحي والدرامي الاذاعي والتلفزيوني الاعلى على الساحة، بعد صراع مرير مع المرض دون ان تلتفت لصحتها وزارة الثقافة، ودون ان تقدم لها الدعم اللازم لاعانتها عليه، وهي لم تكن متخلية عن عزة نفسها وشموخها ذلك الذي جسدته في أعمالها الفنية سواء في مسلسل "وريقة الحناء" الذي وقفت فيه وجها لوجه مع كبار الممثلين والفنانين المصريين، وأثبتت ان لها قدرة عالية على المنافسة في الاداء إذا توفر النص الجيد والمخرج المتميز. وبجهود فردية حاولت الخالدة أن تخرج من عباءة الانتاج المحلي الضيق بحثا عن أفق أوسع. فقامت بالمشاركة في عديد من الاعمال الفنية العربية والخليجية. وشاركت في الاعمال الفنية التي رصدها الزميل ياسر الشوافي في ملحق فنون" المسلسل العربي «دولاب الزمن» إخراج الاردني محمد العوالي وبطولة مديحة الحيدري مع النجمة الاردنية القديرة عبير عيسى والنجمة البحرينية هيفاء حسين والاماراتية هدى الخطيب وأحمد العليان، ونادية عواد وكوكبة من نجوم الدراما الخليجية والاردنية، ومسلسل «صور وعبر» الخليجي أيضا، والمسلسل الكوميدي الخليجي «سوالف حريم» الذي عرض على شاشة mbc، وعدد من القنوات العربية للمخرج المصري المعروف وائل فهمي عبدالحميد، وبطولتها مع كوكبة من نجوم الخليج الى جانب النجمة الكبيرة حياة الفهد، والمسلسل العماني «أيام الندم» بطولتها مع نجوم سلطنة عمان، وهناك المسلسل السعودي اليمني المشترك «خطوات على الجبال» للمخرج محمد العوالي، ومسلسلات «اعتذار»، و«خذ وخل» و«الجريح» و«فجر النوارس» و«عربيات» وغيرها من الأعمال الدرامية التي كانت تبث على شاشات m.b.c والسعودية وأبو ظبي ودبي والبحرين والاردن وغيرها من القنوات العربية".

أما على صعيد العمل المسرحي فقد ساهمت في 49 عملا مسرحيا منها ما تم عرضه محليا وجزء منه تم عرضه عربيا. وقد نالت العديد من الجوائز على أدائها المسرحي المتميز.

خالص تعازي لابنتي المرحومة ريما وروزا ولكافة محبيها

ابومحروس
01-29-2008, 11:53 PM
تم نقل هذا الموضوع الى سقيفة التعازي
للعلم