حد من الوادي
02-01-2008, 12:22 AM
ملف اليمن والخليج.. نجيب الشامسي:
اليمن تحتاج إعادة تأهيل في كل شيء وليس إلى «بيع كلام»
خارطة طريق انضمام اليمن لمجلس التعاون تبدأ من اليمنرغم أن منصبه لا يسمح له بأن يقول كل شيء وبصراحة، إلا أنه حرص أن يكون صريحا وواضحا في إجاباته، وكان شفافا في التعبير عن وجهة نظره فيما يخص علاقة اليمن بمنظومة مجلس التعاون الخليجي فجاءت إجابته لتضع النقاط على الحروف معتبرا أن هذه الطريقة التي ينبغي أن يتعامل فيها الناس مع ملف اليمن لما فيه مصلحة اليمن أولاً وأخيراً، إذ أن الشعب اليمني -كما قال- ليس بحاجة لبيع كلام من قبل أي كان سواء داخل اليمن أو خارجه..
الأستاذ نجيب الشامسي مدير البحوث والدراسات بالأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي ضيف «الأهالي» في هذا الحوار:
* هل هناك قرار خليجي بقبول اليمن عضوا كامل العضوية في منظومة مجلس التعاون بشكل عام وبغض النظر عن المدة التي سيتطلبها الأمر حتى يتحقق الانضمام الكامل؟
- لكي أكون صريحا معك فاليمن يحتاج إلى إعادة تأهيل في كل شيء بدء من البنى التحتية مرورا بالبنية التشريعية وصولا إلى آليات تنفيذ المشاريع والبرامج التي يتفق عليها.. اليمن مازال يعاني من كثير من المشاكل، والقبيلة لا تزال تمسك بكثير من الخيوط التي تعيق الحركة. وهذا كله يضع عقبات كبيرة أمام قدوم المستثمرين وأمام عملية التأهيل نفسها.
*أستاذ نجيب سؤالي واضح ومباشر.. هل هناك قناعة خليجية بأن اليمن ينبغي أن يكون ضمن المنظومة وأنه مهم لها؟
- ليس هناك في الخليج حاليا من يجادل في أهمية اليمن للمنظومة وفي ضرورة وجوده فيها.. اليمن بالفعل امتداد ويمكن أن يكون عامل توازن «استراتيجي» و «أيدلوجي» في المنطقة وهو امتداد طبيعي جغرافي وتاريخي وبشري. لكن وبأمانة شديدة على اليمن أن يعيد حساباته من منطلق «ما حكَّ جلدك مثل ظفرك».. أهل الخليج قبلوا اليمن في أربع من مؤسسات المجلس تعرفها جيدا، ويعملون حاليا على تأهيل اليمن وفق خطط متفق عليها.. وفي هذا الإطار جاء مؤتمر لندن للمانحين، وجاء بعده مؤتمر استكشاف فرص الاستثمار الذي عقد في صنعاء ثم ندوة خارطة الطريق والتي عقدت في عدن وأنا شخصيا كنت مشاركا في المؤتمر وفي الندوة وزرت اليمن عدة مرات وفي كل تلك الفعاليات تمت مناقشة الأمور بجدية وسلطت الأضواء على الكثير من القضايا. لكن برأيي الشخصي أن الإنسان اليمني لا يحتاج إلى «بيع كلام» من قبل أي كان في دول الخليج أو اليمن نفسها.. يجب أن تكون هناك جدية وواقعية في كل شيء.
الآن لديكم 5 مليارات دولار تعهدات مؤتمر لندن للمانحين وهناك نحو 3 مليارات دولار في صورة مشاريع متنوعة طرحت في مؤتمر استكشاف فرص الاستثمار.. هذا تقدم مهم لكن كي تؤتي كل تلك الخطوات أكلها لابد من وجود بيئة مستقرة وآمنة كي يتمكن رأس المال اليمني المهاجر أن يعود لليمن ومن ثم سيأتي المال غير اليمني.. رأس المال أيا كان مصدره يبحث عن أمان وعائد.. وصدقني طالما أن رأس المال اليمني لم يعد فلا فائدة ولن يأتي رأس مال آخر.. عودة رأس المال اليمني ستكون رسالة لغيره بأن البلد أصبحت مستقرة وأنه صار بالإمكان الاستثمار فيها وجني عائد آمن.
*أستاذ نجيب، آسف للمقاطعة، لكن دعني أستوضح نقطة مهمة قبل الاسترسال.. ذكرتم أن اليمن يشكل عامل استقرار «أيديولوجي» في المنطقة ما الذي تقصده بالتحديد هل للأمر علاقة بإيران؟
- نعم.. اليمن كتلة بشرية مهمة ونحن الآن في الخليج لدينا هاجس شيعي وأنت تدرك مجمل التغيرات في المنطقة واعلم انك متابع جيد للأمور.. وعليه فإنه يمكن لليمن من هذا الجانب أن يعزز الكتلة السنية.. لكن دعني أؤكد لك وبكل شفافية وحرص على اليمن.. الإنسان الضعيف لا يمكن أن يشكل أي توازن أو أن يلعب أي دور.. فنحن نأمل أن يتعزز وضع اليمن والإنسان اليمني وهذا لا يتأتى إلا إذا كان اليمن قوة اقتصادية ولكي يتم ذلك فان اليمن بحاجة إلى إصلاحات جذرية وجادة، عندها يمكن أن يتعزز الوضع الاقتصادي لليمن وبالتالي تأثيره سيكون أكثر وسيتعزز حضوره وفي المحصلة يمكن أن يشكل عامل توازن بل وعامل ضغط أيضا.
* كخبير اقتصادي ما الذي يعيق تحقيق تقدم اقتصادي في اليمن وما الذي يمكن أن يضيفه اليمن للمجلس اقتصاديا؟
- اليمن يمتلك فرصا كثيرة وواعدة في قطاعات مهمة.. هناك القطاع الزراعي والقطاع السمكي وقطاع السياحة وأيضا هناك فرص كبيرة في قطاع الإنشاءات والقطاع النفطي والمعدني... طبيعة اليمن الخلابة والساحرة تستدعي وتساعد على قيام مشاريع سياحية وسكنية عملاقة لكن الأمور بحاجة كما قلت إلى إصلاحات جذرية، بحاجة إلى جدية يمنية، إلى شفافية، إلى التغلب على الكثير من المشاكل وأولها الهاجس الأمني.. ثم لابد من تعزيز البيئة الاستثمارية وهذا لا يتأتى من خلال تشريعات فحسب رغم أهميتها بل يجب أن ترتبط التشريعات بمنظومة متكاملة من الإصلاحات تبدأ من الفرد تأهيلا وتدريبا وتوعية بضرورة التخلص من الكثير من العادات السلبية مثل العصبية والقات الذي يستهلك جل وقت الإنسان اليمني ويقضي على صحته.. الإنسان اليمني كان إنسانا منتجا والآن أصبح أقل شعوب المنطقة إنتاجا.. لديكم فرص لا تستغلونها.. أعطيك مثلا: في الثورة السمكية لو قارنت إمكانيات اليمن حيث الـ 2600 كم من الشواطئ مع إمكانيات سلطنة عمان فلا مجال للمقارنة لكن تجد العمانيين يصدرون الأسماك إلى كل أوروبا، والسمك اليمني لا يكاد يصل إلى جيرانه.. هناك أزمة يجب عليكم مواجهتها بأنفسكم.
من ناحية أخرى لا بد من تأهيل العامل اليمني وتدريبه.. أنتم الآن تطالبون دول الخليج باستيعاب العمالة اليمنية لكن أنا شخصيا أقول لك إن هذا ليس في صالحكم وليس في صالحنا في ظل وضع العامل اليمني.. بمعنى إن دول الخليج الآن أصبحت سوقا مفتوحة والمشاريع العملاقة فيها بيد القطاع الخاص وحتى القطاع الحكومي صار أكثر صرامة من القطاع الخاص وبالتالي فإن العامل المطلوب أصبح مختلفا والسوق أصبحت تنافسية والعامل إذا لم يكن مؤهلا ومدربا ويملك تخصصا مطلوبا أو حرفة فلا مكان له.. ثم إن العمالة الهامشية التي تناسب وضع العامل اليمني ستنتهي قريبا من الخليج لأن هذه العمالة تتركز في مشاريع البناء وهذا قطاع يكاد يتشبع لدينا فلن يكون لهم حاجة مستقبلا وفي بقية القطاعات.. دول الخليج الآن تتجه نحو الاقتصاد المعتمد على التكنولوجيا التي تستوعب أقل قدر من العمالة في محاولة لكسر حدة الفجوة والخلل في التركيبة السكانية فإذا لم يكن العامل اليمني مؤهلا فلا حاجة له.. ثم دعني أقول لك بصراحة وأنت موجود في الإمارات وتدرك ما أعني ماذا لو جاء العامل اليمني وعاملناه كالهندي مثلا.. يعني براتب 800 إلى ألف درهم هل تعتقد أن هذا الأمر سيكون مفيدا له أو لبلده.. بالتأكيد لا.. فحتى لو استلم ألفي درهم فبكم سيعيش هنا وبكم سيحول؟ إنها معادلة يجب عليكم التفكير فيها جيدا.
* كشف الأمين العام لمجلس التعاون مؤخرا عن وجود مبادرة سعودية تقدم بها الملك عبدالله إلى قمة الدوحة الأخيرة بهدف تسريع اندماج اليمن إلى منظومة المجلس.. ما حقيقة هذه المبادرة؟
- بأمانة شديدة الأمين العام للمجلس متحمس جدا لانضمام اليمن ويبذل قصارى جهده في هذا الجانب وهو مؤمن إيمانا مطلقا بضرورة مساعدة اليمن ليكون ضمن منظومة مجلس التعاون.. ولذلك فأهل اليمن يكنون له كل التقدير ويعرفون هذا عنه جيدا.. لكن خارطة الطريق وانضمام اليمن يبدأ كما قلت لك من اليمن.. إذا لم تساعد نفسك فلن يساعدك أحد..
*لم تجب على سؤالي، هل هناك فعلا مبادرة سعودية؟
-خادم الحرمين الشريفين رجل عروبي ولديه مبادرات عروبية أنت تعلمها جيدا في كثير من القضايا العربية.. وحتى على صعيد الداخل السعودي هو رجل لديه رؤية قومية وطموح و يتحرك بشكل رائع وأنا دائما أقول: زايد مات في أبو ظبي وولد في الرياض. وإذا تابعت حال المملكة منذ تسلمه زمام الحكم ستجد الفرق مهولا بين ما كان عليه وما آل إليه، فهو يعمل على بناء الإنسان وتأمين احتياجاته والارتقاء به وأتصور أن الخير قادم للإنسان السعودي والخليجي على يدي هذا الرجل.
وفي هذا الإطار فأنا لا أستبعد أن يكون فعلا قد تقدم بمبادرة.. أنا كنت حاضرا قمة الدوحة لكني لم أحضر الاجتماعات المغلقة للقادة وأتصور أنه عندما تمت مناقشة مسألة حضور أحمدي نجاد الرئيس الإيراني للقمة تمت كذلك مناقشة موضوع اليمن ولا أستبعد أن يكون الملك عبدالله قد تقدم بالمبادرة التي كشف عنها الأمين العام.
*ما هو المطلوب يمنيا لتسريع اندماج اليمن في المجلس؟
-من خلال زياراتي المتكررة لليمن ومن خلال مؤتمر فرص الاستثمار وندوة خارطة الطريق في عدن استمعت لخطابات الرئيس علي عبدالله صالح وكل المسئولين اليمنيين وأجد أن هناك جدية وحرصاً كبيراً من قبل الجميع على ضرورة تحقيق إصلاحات جذرية وبالفعل صدرت جملة من التشريعات وقامت الهيئة العامة للاستثمار بالعديد من الخطوات كان أبرزها تبني نظام النافذة الواحدة لترخيص المشاريع.. ولكن يجب التسريع في إنجاز تلك الإصلاحات والتخلص من الازدواجية والبيروقراطية فنظام النافذة الواحدة رائع جدا لكن هناك ازدواجية وتداخل في الصلاحيات تعيق تنفيذ هذه الآلية المهمة ثم إنه لابد من تشريعات وإصلاحات حقيقية تضمن الاستقرار وتحمي الملكية الفردية ولابد من استكمال بناء المؤسسات بناءً حقيقيا وتعزيز مسألة الشفافية وفوق كل ذلك لابد من السرعة في إنجاز كل ذلك فالعصر لا يرحم وما لم تنجزه اليوم فلن تنجزه غدا.
جميع الحقوق© محفوظة لموقع الأهالي . نت
اليمن تحتاج إعادة تأهيل في كل شيء وليس إلى «بيع كلام»
خارطة طريق انضمام اليمن لمجلس التعاون تبدأ من اليمنرغم أن منصبه لا يسمح له بأن يقول كل شيء وبصراحة، إلا أنه حرص أن يكون صريحا وواضحا في إجاباته، وكان شفافا في التعبير عن وجهة نظره فيما يخص علاقة اليمن بمنظومة مجلس التعاون الخليجي فجاءت إجابته لتضع النقاط على الحروف معتبرا أن هذه الطريقة التي ينبغي أن يتعامل فيها الناس مع ملف اليمن لما فيه مصلحة اليمن أولاً وأخيراً، إذ أن الشعب اليمني -كما قال- ليس بحاجة لبيع كلام من قبل أي كان سواء داخل اليمن أو خارجه..
الأستاذ نجيب الشامسي مدير البحوث والدراسات بالأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي ضيف «الأهالي» في هذا الحوار:
* هل هناك قرار خليجي بقبول اليمن عضوا كامل العضوية في منظومة مجلس التعاون بشكل عام وبغض النظر عن المدة التي سيتطلبها الأمر حتى يتحقق الانضمام الكامل؟
- لكي أكون صريحا معك فاليمن يحتاج إلى إعادة تأهيل في كل شيء بدء من البنى التحتية مرورا بالبنية التشريعية وصولا إلى آليات تنفيذ المشاريع والبرامج التي يتفق عليها.. اليمن مازال يعاني من كثير من المشاكل، والقبيلة لا تزال تمسك بكثير من الخيوط التي تعيق الحركة. وهذا كله يضع عقبات كبيرة أمام قدوم المستثمرين وأمام عملية التأهيل نفسها.
*أستاذ نجيب سؤالي واضح ومباشر.. هل هناك قناعة خليجية بأن اليمن ينبغي أن يكون ضمن المنظومة وأنه مهم لها؟
- ليس هناك في الخليج حاليا من يجادل في أهمية اليمن للمنظومة وفي ضرورة وجوده فيها.. اليمن بالفعل امتداد ويمكن أن يكون عامل توازن «استراتيجي» و «أيدلوجي» في المنطقة وهو امتداد طبيعي جغرافي وتاريخي وبشري. لكن وبأمانة شديدة على اليمن أن يعيد حساباته من منطلق «ما حكَّ جلدك مثل ظفرك».. أهل الخليج قبلوا اليمن في أربع من مؤسسات المجلس تعرفها جيدا، ويعملون حاليا على تأهيل اليمن وفق خطط متفق عليها.. وفي هذا الإطار جاء مؤتمر لندن للمانحين، وجاء بعده مؤتمر استكشاف فرص الاستثمار الذي عقد في صنعاء ثم ندوة خارطة الطريق والتي عقدت في عدن وأنا شخصيا كنت مشاركا في المؤتمر وفي الندوة وزرت اليمن عدة مرات وفي كل تلك الفعاليات تمت مناقشة الأمور بجدية وسلطت الأضواء على الكثير من القضايا. لكن برأيي الشخصي أن الإنسان اليمني لا يحتاج إلى «بيع كلام» من قبل أي كان في دول الخليج أو اليمن نفسها.. يجب أن تكون هناك جدية وواقعية في كل شيء.
الآن لديكم 5 مليارات دولار تعهدات مؤتمر لندن للمانحين وهناك نحو 3 مليارات دولار في صورة مشاريع متنوعة طرحت في مؤتمر استكشاف فرص الاستثمار.. هذا تقدم مهم لكن كي تؤتي كل تلك الخطوات أكلها لابد من وجود بيئة مستقرة وآمنة كي يتمكن رأس المال اليمني المهاجر أن يعود لليمن ومن ثم سيأتي المال غير اليمني.. رأس المال أيا كان مصدره يبحث عن أمان وعائد.. وصدقني طالما أن رأس المال اليمني لم يعد فلا فائدة ولن يأتي رأس مال آخر.. عودة رأس المال اليمني ستكون رسالة لغيره بأن البلد أصبحت مستقرة وأنه صار بالإمكان الاستثمار فيها وجني عائد آمن.
*أستاذ نجيب، آسف للمقاطعة، لكن دعني أستوضح نقطة مهمة قبل الاسترسال.. ذكرتم أن اليمن يشكل عامل استقرار «أيديولوجي» في المنطقة ما الذي تقصده بالتحديد هل للأمر علاقة بإيران؟
- نعم.. اليمن كتلة بشرية مهمة ونحن الآن في الخليج لدينا هاجس شيعي وأنت تدرك مجمل التغيرات في المنطقة واعلم انك متابع جيد للأمور.. وعليه فإنه يمكن لليمن من هذا الجانب أن يعزز الكتلة السنية.. لكن دعني أؤكد لك وبكل شفافية وحرص على اليمن.. الإنسان الضعيف لا يمكن أن يشكل أي توازن أو أن يلعب أي دور.. فنحن نأمل أن يتعزز وضع اليمن والإنسان اليمني وهذا لا يتأتى إلا إذا كان اليمن قوة اقتصادية ولكي يتم ذلك فان اليمن بحاجة إلى إصلاحات جذرية وجادة، عندها يمكن أن يتعزز الوضع الاقتصادي لليمن وبالتالي تأثيره سيكون أكثر وسيتعزز حضوره وفي المحصلة يمكن أن يشكل عامل توازن بل وعامل ضغط أيضا.
* كخبير اقتصادي ما الذي يعيق تحقيق تقدم اقتصادي في اليمن وما الذي يمكن أن يضيفه اليمن للمجلس اقتصاديا؟
- اليمن يمتلك فرصا كثيرة وواعدة في قطاعات مهمة.. هناك القطاع الزراعي والقطاع السمكي وقطاع السياحة وأيضا هناك فرص كبيرة في قطاع الإنشاءات والقطاع النفطي والمعدني... طبيعة اليمن الخلابة والساحرة تستدعي وتساعد على قيام مشاريع سياحية وسكنية عملاقة لكن الأمور بحاجة كما قلت إلى إصلاحات جذرية، بحاجة إلى جدية يمنية، إلى شفافية، إلى التغلب على الكثير من المشاكل وأولها الهاجس الأمني.. ثم لابد من تعزيز البيئة الاستثمارية وهذا لا يتأتى من خلال تشريعات فحسب رغم أهميتها بل يجب أن ترتبط التشريعات بمنظومة متكاملة من الإصلاحات تبدأ من الفرد تأهيلا وتدريبا وتوعية بضرورة التخلص من الكثير من العادات السلبية مثل العصبية والقات الذي يستهلك جل وقت الإنسان اليمني ويقضي على صحته.. الإنسان اليمني كان إنسانا منتجا والآن أصبح أقل شعوب المنطقة إنتاجا.. لديكم فرص لا تستغلونها.. أعطيك مثلا: في الثورة السمكية لو قارنت إمكانيات اليمن حيث الـ 2600 كم من الشواطئ مع إمكانيات سلطنة عمان فلا مجال للمقارنة لكن تجد العمانيين يصدرون الأسماك إلى كل أوروبا، والسمك اليمني لا يكاد يصل إلى جيرانه.. هناك أزمة يجب عليكم مواجهتها بأنفسكم.
من ناحية أخرى لا بد من تأهيل العامل اليمني وتدريبه.. أنتم الآن تطالبون دول الخليج باستيعاب العمالة اليمنية لكن أنا شخصيا أقول لك إن هذا ليس في صالحكم وليس في صالحنا في ظل وضع العامل اليمني.. بمعنى إن دول الخليج الآن أصبحت سوقا مفتوحة والمشاريع العملاقة فيها بيد القطاع الخاص وحتى القطاع الحكومي صار أكثر صرامة من القطاع الخاص وبالتالي فإن العامل المطلوب أصبح مختلفا والسوق أصبحت تنافسية والعامل إذا لم يكن مؤهلا ومدربا ويملك تخصصا مطلوبا أو حرفة فلا مكان له.. ثم إن العمالة الهامشية التي تناسب وضع العامل اليمني ستنتهي قريبا من الخليج لأن هذه العمالة تتركز في مشاريع البناء وهذا قطاع يكاد يتشبع لدينا فلن يكون لهم حاجة مستقبلا وفي بقية القطاعات.. دول الخليج الآن تتجه نحو الاقتصاد المعتمد على التكنولوجيا التي تستوعب أقل قدر من العمالة في محاولة لكسر حدة الفجوة والخلل في التركيبة السكانية فإذا لم يكن العامل اليمني مؤهلا فلا حاجة له.. ثم دعني أقول لك بصراحة وأنت موجود في الإمارات وتدرك ما أعني ماذا لو جاء العامل اليمني وعاملناه كالهندي مثلا.. يعني براتب 800 إلى ألف درهم هل تعتقد أن هذا الأمر سيكون مفيدا له أو لبلده.. بالتأكيد لا.. فحتى لو استلم ألفي درهم فبكم سيعيش هنا وبكم سيحول؟ إنها معادلة يجب عليكم التفكير فيها جيدا.
* كشف الأمين العام لمجلس التعاون مؤخرا عن وجود مبادرة سعودية تقدم بها الملك عبدالله إلى قمة الدوحة الأخيرة بهدف تسريع اندماج اليمن إلى منظومة المجلس.. ما حقيقة هذه المبادرة؟
- بأمانة شديدة الأمين العام للمجلس متحمس جدا لانضمام اليمن ويبذل قصارى جهده في هذا الجانب وهو مؤمن إيمانا مطلقا بضرورة مساعدة اليمن ليكون ضمن منظومة مجلس التعاون.. ولذلك فأهل اليمن يكنون له كل التقدير ويعرفون هذا عنه جيدا.. لكن خارطة الطريق وانضمام اليمن يبدأ كما قلت لك من اليمن.. إذا لم تساعد نفسك فلن يساعدك أحد..
*لم تجب على سؤالي، هل هناك فعلا مبادرة سعودية؟
-خادم الحرمين الشريفين رجل عروبي ولديه مبادرات عروبية أنت تعلمها جيدا في كثير من القضايا العربية.. وحتى على صعيد الداخل السعودي هو رجل لديه رؤية قومية وطموح و يتحرك بشكل رائع وأنا دائما أقول: زايد مات في أبو ظبي وولد في الرياض. وإذا تابعت حال المملكة منذ تسلمه زمام الحكم ستجد الفرق مهولا بين ما كان عليه وما آل إليه، فهو يعمل على بناء الإنسان وتأمين احتياجاته والارتقاء به وأتصور أن الخير قادم للإنسان السعودي والخليجي على يدي هذا الرجل.
وفي هذا الإطار فأنا لا أستبعد أن يكون فعلا قد تقدم بمبادرة.. أنا كنت حاضرا قمة الدوحة لكني لم أحضر الاجتماعات المغلقة للقادة وأتصور أنه عندما تمت مناقشة مسألة حضور أحمدي نجاد الرئيس الإيراني للقمة تمت كذلك مناقشة موضوع اليمن ولا أستبعد أن يكون الملك عبدالله قد تقدم بالمبادرة التي كشف عنها الأمين العام.
*ما هو المطلوب يمنيا لتسريع اندماج اليمن في المجلس؟
-من خلال زياراتي المتكررة لليمن ومن خلال مؤتمر فرص الاستثمار وندوة خارطة الطريق في عدن استمعت لخطابات الرئيس علي عبدالله صالح وكل المسئولين اليمنيين وأجد أن هناك جدية وحرصاً كبيراً من قبل الجميع على ضرورة تحقيق إصلاحات جذرية وبالفعل صدرت جملة من التشريعات وقامت الهيئة العامة للاستثمار بالعديد من الخطوات كان أبرزها تبني نظام النافذة الواحدة لترخيص المشاريع.. ولكن يجب التسريع في إنجاز تلك الإصلاحات والتخلص من الازدواجية والبيروقراطية فنظام النافذة الواحدة رائع جدا لكن هناك ازدواجية وتداخل في الصلاحيات تعيق تنفيذ هذه الآلية المهمة ثم إنه لابد من تشريعات وإصلاحات حقيقية تضمن الاستقرار وتحمي الملكية الفردية ولابد من استكمال بناء المؤسسات بناءً حقيقيا وتعزيز مسألة الشفافية وفوق كل ذلك لابد من السرعة في إنجاز كل ذلك فالعصر لا يرحم وما لم تنجزه اليوم فلن تنجزه غدا.
جميع الحقوق© محفوظة لموقع الأهالي . نت