المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : للانضمام إلى الخليج.. مطلوب من اليمن الكثير، وعليها أن لا تنتظر الكثير!


حد من الوادي
02-06-2008, 11:39 PM
تساءل : أين اليمن مما يحدث!؟ الخبير الإماراتي د. محمد النقبي:
للانضمام إلى الخليج.. مطلوب من اليمن الكثير، وعليها أن لا تنتظر الكثير!

حاوره: علي الزكري

اليمن لا تزال في السبعينات، والخليج يتحدث عما بعد الألفين!..أكد الخبير الاستراتيجي الإماراتي الدكتور محمد إبراهيم النقبي وجود قناعة خليجية بضرورة انضمام اليمن لمجلس التعاون وإن لم تكن بنسبة 100%، معتبراً أن انضمام اليمن لمجلس التعاون هو الحل الوحيد أمام دول الخليج لمواجهة ما وصفها بالمشاكل الجسيمة جراء العمالة الأجنبية.

ودعا اليمن إلى إنجاز العديد من الإجراءات والإصلاحات لتسريع عملية الانضمام، منبها اليمنيين إلى عدم الإفراط في التفاؤل فما لم يتحقق للمواطن الخليجي خلال 26 سنة لا يمكن أن يتحقق لليمني في خمس سنوات..


* دكتور محمد، بداية كيف تنظرون إلى علاقات اليمن بدول مجلس التعاون؟

-بشكل عام علاقة اليمن بمجلس التعاون الخليجي حتى الآن لم تأخذ حجمها وشكلها الطبيعي، كما لم تأخذ حقها الكامل من الاهتمام، غير انه بعد سقوط العراق واحتلاله من قبل الولايات المتحدة، أعتقد أن الدول العربية كافة ودول الخليج بالذات بدأت تصحو بعد أن أدركوا أنهم خسروا عمقا استراتجيا مهما جدا هو العراق. وإذا فلابد من بديل للتعويض عن هذا العمق الاستراتيجي، لكن من أين يمكن التعويض!؟ مصر بعيدة، وسوريا محاصرة، وعليه فالبديل الوحيد هو اليمن.. واليمن هو العمق الطبيعي للجزيرة العربية ودول الخليج كما أن دول الخليج هي العمق الطبيعي لليمن.

فاليمن تعتبر وحدة مكملة لدول مجلس التعاون هذا من جهة، ومن الجهة الثانية فإن دول الخليج بدأت الآن تشعر بالمشاكل الجسيمة التي تواجهها من وجود العمالة الأسيوية والأجنبية فيها وما تشكله هذه العمالة من مشاكل على الثقافة والتركيبة السكانية وتأثير الحضارات المختلفة وخصوصا الحضارات غير الإسلامية على القيم والأخلاق الإسلامية في المنطقة.. فالحل الوحيد الآن لدول الخليج هو الرجوع لليمن كخزان بشري للثقافة العربية وأصل العرب، فرجوعهم إلى أصولهم في اليمن ومحاولتهم ربط دول مجلس التعاون باليمن اقتصاديا وسكانيا وماديا ستعوضهم عن أشياء كثيرة.


* هل تستطيع أن تؤكد وجود قناعة خليجية بضرورة ضم اليمن لمنظومة المجلس بغض النظر عن التوقيت والشروط؟

-في تقديري الشخصي هناك قناعة خليجية، لكنها ليست قناعة تامة 100%.. هي شبه قناعة تترسخ يوما بعد آخر لدى قادة مجلس التعاون والمسئولين فيه مفادها أن اليمن -حاضرا أو مستقبلا- يجب أن تضم إلى مجلس التعاون، وأن اليمن لابد أن يكون عضواً فعالاً في المجلس.. في السابق كانت هناك أمور ومعوقات كثيرة تحول دون انضمام اليمن إلى المجلس، وفي اعتقادي الشخصي أن وجود يمنين اثنين بالإضافة إلى التعددية السياسية -فكراً وممارسة- التي كانت قائمة كانت هي الحائل، بالإضافة للمشاكل القبلية وغيرها.. لكن حاليا الظروف تغيرت.. الأوضاع في المنطقة أيضا تغيرت، فإذا كانت دول المجلس تسعى إلى استعادة هويتها العربية والإسلامية، بل وهويتها الخليجية التقليدية فإن المفروض عليها أن تنهل من الخزان البشري الموجود في اليمن.


* اليمن أصبح عضوا في أربع من مؤسسات مجلس التعاون و مؤخرا كشف الأمين العام للمجلس عن مبادرة سعودية تقدم بها الملك عبدالله إلى قمة الدوحة لتسريع انضمام اليمن.. هل لديكم علم بهذه المبادرة و ما حقيقتها؟


-أنا أعتقد أن هناك فعلاً مبادرة موجودة للتسريع، لكن الإجراءات في مجلس التعاون تأخذ وقتا طويلا جدا. ولو نظرت إلى خطوات وإجراءات التكامل بين دول مجلس التعاون نفسه، فستجد أنه لم يتحقق الشيء الكثير رغم مرور 26 سنة على المجلس.. ما تحقق فيما بين دول المجلس لم يتعد الربط الجمركي وبعض الأمور الأخرى مثل بطاقة الهوية وقضايا الأعمال التجارية والاقتصادية... لكن على الأرض فيما يخص مواطني مجلس التعاون لم يتحقق لهم شيء.. لم تفتح الحدود بين دول المجلس لتنقل المواطنين دون قيد أو شرط، لم يتوحد الجواز الخليجي.. معظم القرارات التي تتخذ داخل دول المجلس لا تتخذ بطريقة جماعية وإنما تتخذ بطريقة فردية وأغلب الاتفاقيات تتخذ بصورة ثنائية وليست جماعية، ولو تذكر كيف تصرفت البحرين ووقعت اتفاقية للتجارة الحرة مع أمريكا بصورة فردية رغم اعتراض أغلب دول المجلس وبدون أي توافق أو حتى تشاور.. أنا أعتقد أن عملية انضمام اليمن للمجلس ستأخذ وقتا طويلا والمهم أن العجلة دارت.


* ما هو المطلوب يمنيا لتسريع عملية الانضمام والاندماج؟

-»يبتسم».. المطلوب يمنياً كثير وكثير جدا.. أولاً مطلوب أن تكون اليمن دولة موحدة فيها استقرار سياسي متكامل، وأن تكون كدولة وككتلة واحدة في تعاملها مع الخارج.. والأهم أن تشعر الناس بأن اليمن كيان موحد وغير متفرق أو معرض للانقسام مرة أخرى..

ثانيا: مطلوب من اليمن أن تسرع في تعديل القوانين الاقتصادية لتواكب القوانين المعمول بها في دول مجلس التعاون.. وهنا دعني أقول لك إنني شخصيا ومعي بعض الأصدقاء حاولنا ونحاول منذ عدة أشهر أن نقدم مقترحات لهيئة الاستثمار في اليمن بتعديل بعض القوانين التي تسمح للمستثمر الخليجي والأجنبي بالاستثمار في اليمن بطريقة تضمن فيها الدول رأس المال وتتجاوز فيها البيروقراطية الموجودة في اليمن وتكون بعيدة عن المناوشات والمناكفات السياسية في البرلمان..


* هل كان لتحرككم هذا علاقة بقضية موانئ دبي العالمية وإدارة ميناء عدن؟

-لا لم يكن له علاقة بقضية موانئ دبي.. هذا شيء منفصل تماما حاولنا القيام به أنا ومجموعة من الإخوان في إمارة أبو ظبي لدعم فكرة الاستثمار في اليمن، وسافر أشخاص منا إلى اليمن وأرسلت لنا قوانين الاستثمار في اليمن وأنا شخصيا راجعتها وقدمنا بعض المقترحات للهيئة، لكن يبدو أنهم -هيئة الاستثمار- اصطدموا بكثير من البيروقراطية الموجودة في اليمن، وهذا أمر من الأمور التي أعتقد أنها تشكل عائقا كبيرا أمام تطور الاستثمار الذي يمكن أن يشمل كل مناحي الحياة الاقتصادية في اليمن ويغير من طبيعتها.


* هل من مطالب أخرى؟

-مطلوب تنظيم سوق العمالة اليمنية بحيث تكون العمالة اليمنية الوافدة إلى دول المجلس تفد بالطرق الرسمية التي تتفادى فيها المشاكل التي حصلت في السابق مع السعودية..

في هذا الموضوع تحتاج الدولة اليمنية نفسها أن تنجز هيكلية تنظيمية للربط.. أولا لربط الفائض من العمالة في اليمن بالنقص في العمالة العربية بمجلس التعاون، ثانيا وضع آلية ديناميكية لكيفية التعامل مع احتياجات سوق دول مجلس التعاون من العمالة، وهذه النقطة تتطلب من الوزارات اليمنية المختصة أن تغير طريقة عملها السلبية إلى طريقة إيجابية مع السوق الخليجية.. بمعنى أننا الآن لا نجد هذه الوزارات مؤسسات تتفاعل مع السوق الخليجية.. تقيم ندوات، ترسل وفوداً، تقيم مؤتمرات، تشارك في المؤتمرات والمعارض المتخصصة.. لأن العمالة مثلها مثل البضاعة أو السلعة، لا بد أن تحسن إعدادها وتأهيلها وتدريبها لتكون مرغوبة في السوق المستهدفة، وبعد ذلك يجب أن تروج لها.. واجب على الدولة اليمنية أن تسوق هذه العمالة بشكل منظم.. اليوم نحن نتكلم عن أعداد كبيرة في اليمن من العمالة والشباب العاطلين وفيهم مؤهلون تأهيلا عاليا، لذلك فأنت كدولة يمنية تستطيع بل ويجب أن تعمل على تصدير هذا الفائض إلى دول الخليج ليأخذ ولو حصة بسيطة من هذه السوق التي تتسابق العمالة

الأسيوية وغير الأسيوية عليها.. فأين اليمن مما يحدث!؟

مطلوب كذلك إعادة هيكلة أجهزة الدولة الرسمية بحيث تتماشى مع التطورات السريعة الحاصلة في مجلس التعاون فالدوائر اليمنية حاليا ما يزال فيها الكثير من البيروقراطية والكثير من التعطيل وبوضوح الكثير من الفساد.. المفروض على الحكومة الآن أن تقوم بخطوات كبيرة وجادة للحد من كل ذلك.

إذا كنت اليوم يا أخ علي تطالب بأن تكون معنا في مجلس التعاون فلابد أن تكون مؤسساتك موازية لمؤسساتنا.. أما إذا كانت مؤسساتنا سابقة لكم بمائة خطوة فكيف ستلحق!؟ على الأقل لو أنك كنت وراءنا بعشر خطوات سنقول ممكن أن تطور هذه الخطوات خلال خمس سنوات وتصل لنفس المستوى لكن مائة خطوة ! أنت تحتاج لخمسين سنة كي تصل إلى ما وصلوا إليه.. وأنت تعلم أنه حتى في دول المجلس هناك تفاوت لكنه محدود.. هناك تفاوت في طريقة الأداء وفي العمل بين الإمارات وغيرها من الدول، بل بين دبي وأبو ظبي لكنه كما قلت محدود للغاية ويسهل تجاوزه.. أما بالنسبة لليمن فما تزال في السبعينيات بينما هم يتحدثون عما بعد الألفين.. وهذا يؤدي ضمن جملة من المشاكل إلى الحد من إنتاجية الدولة نفسها والى الحد من إمكانيات الربط في المستقبل.. خذ مثلاً البطاقة الموحدة فدول المجلس نجحت في ربط بطاقة الهوية فكيف يمكننا الربط مع بلد ليس فيه تعداد للسكان ولا يعرف أين هم!؟ فأنت إذاً بحاجة إلى وقت ووقت طويل جدا.


* دكتور محمد، أنا اتفق معك في كثير مما ذكرت لكن الصورة في اليمن ليست قاتمة إلى هذا الحد، وأعتقد أن قصور الإعلام اليمني وعجزه عن نقل حقيقة الأوضاع في اليمن والترويج لما يحدث هو السبب في حالة الضبابية التي تغلف صورة اليمن، فالتعداد السكاني مثلا يتم في اليمن بشكل دوري و آخر تعداد فيما أذكر تم عام 2004 لكن إعلامنا مقصر.

-هذا أخي علي يعيدنا إلى مشكلة مؤسسات الدولة فلابد من تطويرها إما بالاعتماد على الكفاءات المحلية التي لا شك أنها موجودة وبكثرة، أو بالاستعانة بأناس من الخارج وأنا واحد من الناس الذين لديهم الاستعداد للمساهمة في تطوير المؤسسات والخدمات وحتى الاقتصاد ودون مقابل.. أعطيك مثالا: خلال الخمسة الأشهر الماضية قمنا بجهد وعمل كبير لصالح اليمن دون أن نطلب من اليمن شيئاً.. كل الحكاية أننا فكرنا أن نساعد اليمن على أمل أننا في المستقبل نستطيع أن نستثمر فيه بدلا من التوجه لدول خارجية أو أن ينظر تجارنا وأصحاب الإمكانيات الكبيرة إلى اليمن بأنها واحة مستقرة وفيها واحة للاستثمار وفيها فرص.. لديكم في اليمن فرص كبيرة لديكم الأرض والمصادر الطبيعة والبحر والنفط.. يمكنكم أن تستغلوها.. ما حدث مع مؤسسة موانئ دبي مثلا قدم صورة سلبية.. صحيح أن اليمن دولة قوية و فيها مؤسسات لكن هناك مراكز قوى و كل يجري في اتجاه، و مشكلة واحدة تثير عليك مشاكل أخرى كثيرة، وكثيرون صرفوا نظر عن اليمن بعد هذه القضية.


* قلبت مواجعنا دكتور محمد.. من الجانب الآخر، ما هو المطلوب خليجيا لتسريع الانضمام؟

-مطلوب من دول الخليج و بعد كل ما مرت به المنطقة والذي نتمنى أن يشكل بداية لتخفيف الأزمات، أقول مطلوب من دول الخليج عبر الأمانة العامة للمجلس أن تتخذ خطوات إيجابية باتجاه دمج اليمن بشكل سريع تشمل إرسال وفود من الأمانة العامة للمجلس بالتنسيق مع الدول نفسها للنظر في إمكانيات الدمج بما تعنيه الكلمة من دمج سياسي واقتصادي في مؤسسات دول المجلس، وهذه الخطوة إذا بُدأ فيها الآن يمكن تستمر خمس سنوات، فقط المفروض أن تبدأ بوضع حجر الأساس لهذه الخطوة وبالذات في اعتقادي الشخصي إذا كان الخليجيون جادين في حل مشكلة العمالة الأسيوية وخلل التركيبة السكانية فالمفروض أن يبدؤوا النظر في أمر استيراد العمالة الماهرة من اليمن.


* منذ قمة مسقط 2001م أصبحت اليمن عضوا كامل العضوية في أربع مؤسسات من مؤسسات المجلس بما فيها الشئون الاجتماعية والعمل لكن الإشكالية أننا لا نلمس أي شيء على الواقع أو بالأصح نحن كيمنيين مقيمين في الخليج لم نلمس أي تغير على الأقل في المجالات التي نحن أعضاء فيها..

-ولن تلمسوا هذا التغيير في المدى القريب لأنه -وكما تعلم أخي علي- حتى المواطن الخليجي طول عمر المجلس لم يلمس أي شيء.. وفي تقديري الشخصي فإن منظومة المجلس لم تقدم أي شيء لدول المجلس حتى إنه عندما جاءت العراق واحتلت الكويت وجدت منظومة مجلس التعاون نفسها منظومة فاشلة ولم تستطع أن تدافع عن دولة من الدول الأعضاء، وقس على ذلك أموراً كثيرة.. صحيح هناك اجتماعات قمة واجتماعات وزراء لكن الناتج من كل ذلك ناتج بسيط جدا وليس ناتجا قويا يمكن أن يلمسه أبناء المجلس.. منذ أكثر من 26 سنة.. فما بالك بأبناء اليمن الذين لم يكملوا الخمس إلى الست سنوات!؟ إنها مسيرة طويلة وعليكم ألا تنتظروا الكثير.



:: حاوره: علي الزكري
::
:: تاريخ النشر:05/02/2008
جميع الحقوق© محفوظة لموقع الأهالي . نت