المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حضرموت.. بيوت طين وانتماء انسان بقلم /د:عائض الردادي


حد من الوادي
03-21-2008, 01:27 AM
حضرموت.. بيوت طين وانتماء انسان

20\3\2008

د. عائض الردادي
حضرموت.. بيوت طين وانتماء إنسان

بدعوة كريمة من إخوة كرام من رجال حضرموت؛ قضيت مع صحبة كرام 4 أيام في حضرموت (12-15/2/1429هـ) كانت أيام سرور وثقافة وسياحة وضيافة، ولم تكن هذه الزيارة الأولى فقد سبقت لي زيارة مماثلة قبل حوالى ثمانية أعوام، جبت فيها وادي حضرموت من سيئون إلى أعلى قريتين في وادي دوعن الأيمن وهما ضَرِي وتَوْلَبة، وفي إحداهما سمعت د. طلقات من بندقية قيل لي إنها من الترحيب بالضيف، وفي هذه الزيارة شاهدت من بُعد آخر قراه وهي (حيد الجزيل) حيث تقابلها شاليهات تنشأ على الطراز الحضرمي لتكون منتجعاً سياحياً.


بيوت الطين ذات الأدوار المتعددة تلقاك في كل مدن الوادي العريق، أعلاها ثمانية أدوار في مدينة (شبام) التاريخية، ومنها ما تسلقت أدواره سفوح الجبال في وادي (دوعن) وادي العسل المشهور، وعسله يشبه عسل (الفِقْرة) في المدينة المنورة في جودته، ولا غرابة فالأشجار هناك وهنا متشابهة، أما (تَرِيم) فهي مدينة العلم بحاضره وماضيه، فيها مساجد كانت مدارس علم، واليوم فيها أكثر من معهد يتلقى العلم فيه طلاب من جميع أنحاء العالم، وفيها مكتبة الأحقاف التي تشتمل على أكثر من 6 آلاف مخطوط، وفي المدينة من العلماء ماضياً وحاضراً ما جعلها حاضرة من حواضر العلم.


في وادي (دوعن) وما ضمته مدن وادي حضرموت تتجسد الأصالة العربية ليس في ما تنطق به بيوت الطين، ولا في التاريخ الضارب في أحقاب السنين فحسب، بل في إنسان حضرموت..


ذلك الإنسان الذي لم يخنع عندما كَبَا الزمان بأهله فكسدت التجارة بل راح يجوب العالم بحثاً عن الرزق لنفسه ولأهله في ذلك الوادي، فشرّق إلى جنوب شرق آسيا وقطع البحر إلى أفريقيا، وكان في سلوكه داعية للإسلام ولو لم يكن عالماً، فأسلم خلق كثير بسبب خُلقه وتعامله. وعندما نُكب في سنواته الأخيرة جاء رجال أخيار إلى بلادنا وكانوا مثالاً للمواطن الصالح، ومع كل ما سبق فإن إنسان حضرموت لا ينسى حضرموت وأهلها، فهو إنسان انتماء حتى لو وجد العيش الرغيد في سواها، وهكذا هو إنسان حضرموت بنى بيوته من طينها، وبنى انتماءه على أصالتها، وإذا وجدت الإنسان ذا الانتماء فذلك هو الإنسان، وإذا كان الإنسان إمعة لا انتماء له فهو صورة إنسان حتى لو نطق منه اللسان.


لقد أمتعنا ما أكرمنا به من دعونا، ومن استقبلونا، ومن أسمعونا التراث الحضرمي، ومن عرفونا بثقافة حضرموت وأدبها وتاريخها، وكانت زيارة جزيرة (سُقُطرى) ذات الطبيعة البكر من أنفس ما في الرحلة، وهل في الحياة أمتع من رحلة في بلاد عربية أصيلة، وصحبة علماء أصلاء، وضيافة عربية أصيلة؟!


لقد سعدت بأن إخوتنا الذين أغناهم الله خارج حضرموت لم ينسوا بلادهم الأصلية، فأنشأوا فيها المشروعات العمرانية والتنموية والعلمية، وشتان بين رؤيتي السابقة للمكلا ورؤيتي لها الآن وهي عروس تُجلى، غير أن من أهم المشروعات الثقافية الصندوق الخيري للطلاب المتفوقين الذي أسسه مثقفون وتجار حضارم في الخارج عام 1989م، وانتفع به (2400) طالب متفوق وطالبة، بُعثوا إلى كل أنحاء العالم في الطب والهندسة، وتخرج منهم (1750) وهو واحد من مشروعات إنسان حضرموت ذي الانتماء لبلاد بحاجة لدعمه، وهذا حق للبلاد والأهل، ولكن إذا فقد الإنسان الانتماء لا يمكن أن يفعل مثل هذا، الكلام كثير والانطباعات كثيرة، ولكن الخير محدود.عن عكاظ

بن حريز
03-21-2008, 04:05 PM
مشكور اخي
على الموضوع الجيد
جزاك الله كل خير