حد من الوادي
05-22-2008, 12:29 AM
عبدالحميد الشعبي - عضو المكتب العسكري للجبهة القومية: (الحلقة الرابعة) فتحت الجبهة القومية مكتباً مستقلاً في تعز فغضبت المخابرات المصرية
الخميس , 15 مايو 2008 م
* محمد علي باشراحيل أبدى اهتماماً بالحصول على مقالات هيكل
* في مايو 64 زار قحطان القاهرة وعاد بتوجيهات صريحة من عبدالناصر لدعم الثورة في الجنوب
* أقمنا، قحطان وأنا، في غرفتين بدار السعادة، وقد استغربت عندما قيل لنا أن الدار هو قصر الإمام البدر
حوار: سامي غالب - باسم الشعبي
> في 24 فبراير 1963 انعقد لقاء موسع لأبناء الجنوب في صنعاء، دعا إليه قحطان الشعبي مستشار رئاسة الجمهورية لشؤون الجنوب، ما أبرز نتائج هذا الاجتماع؟
- كان قحطان حريصاً على توحيد القوى الوطنية في جبهة لتحرير جنوب اليمن المحتل. وقد دعا إلى اجتماع تشاوري في صنعاء حضره نحو الف من أبناء الجنوب المتواجدين في الشمال. كان المشاركون يتوزعون على أعضاء من حركة القوميين العرب وحزب الشعب الاشتراكي، ومستقلين، والمئات من رجال القبائل والجنود والضباط. استقر رأي المجتمعين على تشكيل لجنة تحضيرية تتولى الاعداد لمشروع «ميثاق وطني» يصدر في نداء موجه إلى القوى الوطنية من أجل تشكيل «جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل».
> ممن تشكلت اللجنة؟
- من 11 عضواً. إلى جانب قحطان الشعبي الذي اختير لرئاستها، ضمت اللجنة كلاً من: ناصر علوي السقاف، محمد عبدالله المجعلي، الرائد محمد أحمد الدقم، الرائد عيدروس حسين القاضي (ممثلاً عن حزب الشعب)، محمد علي الصماتي، ثابت علي مكسر منصوري، بخيت مليط، أحمد عبدالله العولقي، علي محمد الكاظمي.
وقد توصلت اللجنة إلى مشروع ميثاق وطني في مارس 1963، تمت إذاعته من إذاعتي القاهرة وصنعاء. لكن اثنين من أعضائها انسحبا، الأول هو عيدروس القاضي ممثل حزب الشعب الاشتراكي الذي رفض قيام جبهة، والرائد الدقم. وتقدم قحطان بمذكرة إلى السلال تطلب الموافقة على فتح مكتب للجبهة، وقد وافق السلال على الطلب، لكن مسؤولين آخرين من مؤيدي حزب الشعب في صنعاء عطلوا موافقة السلال. وقد عملت الجبهة من دون مكتب حتى 3 يونيو 1964.
> في يونيو 1963 تخرجت من كلية الشرطة، وعدت إلى عدن، حيث يقيم فيصل عبداللطيف. مالدور الذي كان يقوم به باعتباره المسؤول الأول عن الحركة في اليمن؟
- كان يجري اتصالات بأطراف وشخصيات عدة لغرض المساهمة في الكفاح المسحل. وبدرجة رئيسية كان يركز على حزب الشعب الاشتراكي الذي كان وجوده قوياً في عدن. وبالطبع تواصل مع عبدالله باذيب الذي كان على علاقة قوية بفيصل، وأبدى مساندته للكفاح المسلح. كما وقف بقوة مع الجبهة القومية عندما فرض المصريون الدمج القسري في 13 يناير 1966، وهو أول من وصف عملية الدمج، بالمؤامرة على الثورة.
> وفيما يخص الصحافة النشطة في عدن، وكذا المثقفين؟
- حرص فيصل على الاتصال بجميع الشرائح. كما التقى محمد علي باشراحيل أكثر من مرة. في مطلع 1964 رافقت فيصل في زيارة إلى باشراحيل في بيته بخليج الرزميت- كريتر. لم يكن العمل الفدائي في عدن قد بدأ، ولم تكن الجبهة القومية قد فتحت مكتباً لها في تعز. جرى حديث عام، وقد تم التطرق إلى مقالات محمد حسنين هيكل التي يكتبها كل جمعة في الأهرام تحت عنوان «بصراحة». لم تكن «الاهرام» تصل بانتظام إلى عدن. وقد أبدى باشراحيل اهتمامه بالحصول على نسخ من مقالات هيكل، فأخبرته بأنني احتفظ بنسخ من سلسلة مقالات هيكل. فيصل قال له: سأخذ النسخ من عبدالحميد وسأوصلهن إليك. فرد باشراحيل: تمام، أنا سأقراها ثم أعيدها إليك. عندما أكون في عدن كنت أقيم في بيت فيصل بالشيخ عثمان. كانت المقالات في شنطتي، وقد سلمتها لفيصل، الذي سلمها بدوره إلى باشراحيل. بعدها سافرت إلى القاهرة، ولم أسأل فيصل ما إذا كان باشراحيل قد أعاد المقالات إليه.
> ماذا جرى في اللقاء، هل تطرق فيصل في اللقاء إلى الكفاح المسلح؟
- نعم، وكان باشراحيل مؤيداً للفكرة، كانت علاقتهما جيدة، وكانت صحيفة الأيام منفتحه على الحركة والجبهة، وكذلك كانت صحيفة الأمل التي يرأسها عبدالله باذيب.
> مع ذلك فإن الجبهة القومية بعد أن بدأت الكفاح المسلح، وفتحت جبهات عديدة، وجهت في ديسمبر 1964 انذاراً إلى ما وصفتها بـــ«الصحف العميلة» من مغبة الاستمرار في محاولة الطعن في النضال الشعبي، معتبرة تعاون هذه الصحف مع الاستعمار خيانة وطنية. من كنتم تقصدون؟
- لم يكن المقصود صحيفة «الأيام» أو صحيفة «الأمل»، بل صحف أخرى، لا أرى فائدة من ذكرها الآن، وبوسعك العودة إلى الكتب التي تناولت تلك الفترة.
> هل من الممكن اعتبار أية صحف عدا صحيفتي «الأيام» و«الامل»، هي المعنية من الإنذار؟
- ممكن.
> وماذا بخصوص صحيفة «الطريق»؟
- كانت مؤيدة لنا، وقد صدرت لاحقاً.
> وكيف كانت مواقف الشخصيات الأدبية والفنية؟
- لم تنضم إلى الجبهة، لكن أشخاص مثل الأديب عبدالله هادي سبيت والفنانين محمد مرشد ناجي وأحمد بن أحمد قاسم كانوا أصحاب توجهات وطنية.
> إلى جانب فيصل في عدن من هي الشخصيات المؤثرة التي دفعت باتجاه الكفاح المسلح؟
- سيف أحمد الضالعي وعلي أحمد السلامي كان دروهما قوياً ومؤثراً.
> في مايو 1964، غادرت عدن إلى القاهرة في نفس الوقت الذي كان قحطان يزورها لماذا؟
- القيادة القومية لحركة القوميين العرب (جورج حبش وآخرون) نسقوا للقاء قحطان مع عبدالناصر، بعد الخطاب الشهير الذي ألتقاه في تعز في ابريل 1964. وقد حملني فيصل رسالة خطية إلى قحطان.
> ماذا كان فحواها؟
- لم أطلع عليها فقد كانت داخل ظرف.
> أنت ضابط شرطة ولديك من المهارات ما يمكنك من فتحها دون أن يعلن أحد؟
- لم أفتحها. وقد سلمت الرسالة إلى قحطان في القاهرة. وقد أمضيت هناك أسبوعاً رفقة قحطان.
> كيف كانت معنوياته بعد لقائه عبدالناصر؟
- كان قد التقى عبدالناصر قبل وصولي إلى القاهرة. كانت معنوياته عالية لأنه خرج من لقائه بعبدالناصر بتوجيهات صريحة بدعم الثورة المسلحة في الجنوب. وبعد أسبوع عدت مع قحطان إلى الشمال، عبر طائرة انتينوف. كان معنا في الطائرة ضباط مصريون. وقد هبطت الطائرة في مطار الحديدة. واتذكر جيداً لحظة وصولنا. نزلت إلى المدرج وبقي هو في مدخل الطائرة لكي يناولني حقائب السفر. ثم انتقلنا إلى طائرة مدنية لتقلنا إلى صنعاء. في صنعاء تم توفير غرفتين وحمام في دار السعادة. استغربت عندما قيل لنا إن هذا قصر الإمام البدر، فقد كان المكان عادياً والغرف بسيطة. بعدها غادرنا إلى تعز، حيث أقمنا في دار الضيافة، وبدأ التحضير لفتح مكتب للجبهة والترتيب الجدي للثورة المسلحة.
> ماذا كانت حصيلة زيارة القاهرة؟
- كان الاتفاق مع الرئيس جمال عبدالناصر على التالي:
1 - تدفع الجمهورية العربية المتحدة (مصر) 18 الف جنية استرليني شهرياً للجبهة القومية، لصرفها رواتب جنود جيش التحرير وللفدائيين وللمتفرغين.
2 - تدريب الفدائيين وجيش التحرير.
3 - تسليح جيش التحرير والفدائيين.
> كيف جرت الأمور في تعز؟
- بدأ قحطان فور وصوله تعز بمطالبة المسؤولين في المكتب العربي بتعز بتنفيذ توجيهات عبدالناصر والتزاماته. لكن عزت سليمان بدأ بوضع العراقيل، والشروط. أبلغه قحطان أن الجبهة ستفتتح مكتباً في تعز لكن المكتب العربي رفض الفكرة، وماطل في تنفيذ الاتفاق. غضب قحطان، وأصر على فتح المكتب، وكان يقول: «طالما عبدالناصر وافق بانفتح مكتب». كان عبدالرحمن محمد سعيد القيادي في المرتبة القيادية في الشمال قد تولى استئجار بيت في عصيفرة. وتم افتتاح المكتب دون إشعار المخابرات المصرية.في نفس اليوم الذي تم فيه فتح المكتب، بعث عزت سليمان برسالة مكتوبة إلى قحطان يطلبه إلى الاجتماع في مقر المخابرات المصرية في تعز. في الخامسة مساء كان قحطان في المكان ومعه علي السلاَّمي وطه مقبل وسالم زين وأنا.
ومن المخابرات المصرية كان الحاضرين العميد عزت سليمان والرائد فخري عامر والرائد أبو النصر مشالي. تحدث سليمان بعجرفة، وقال إن مصر لا تحبذ أن يكون للجبهة مكتب خاص بها، وأن مكتب الأمن العام- أي المخابرات المصرية- يتسع للجميع. وأضاف بأن لا يوجد أي مبرر لفتح ملفين لقضية واحدة (ثورة الجنوب)، ملف في مكتب الأمن العام وآخر في مكتب الجبهة القومية، لأن ذلك سيزيد من الأعباء المالية. وتابع: سيكون في المكتب الواحد شخصان، واحد منا والآخر منكم. رفض قحطان مقترح سليمان، ورد بأن قيادة الجبهة القومية اتخذت قراراً بفتح مكتب مستقل. كان الوحيد الذي تحدث من جانب قيادة الجبهة.
ستبع
الخميس , 15 مايو 2008 م
* محمد علي باشراحيل أبدى اهتماماً بالحصول على مقالات هيكل
* في مايو 64 زار قحطان القاهرة وعاد بتوجيهات صريحة من عبدالناصر لدعم الثورة في الجنوب
* أقمنا، قحطان وأنا، في غرفتين بدار السعادة، وقد استغربت عندما قيل لنا أن الدار هو قصر الإمام البدر
حوار: سامي غالب - باسم الشعبي
> في 24 فبراير 1963 انعقد لقاء موسع لأبناء الجنوب في صنعاء، دعا إليه قحطان الشعبي مستشار رئاسة الجمهورية لشؤون الجنوب، ما أبرز نتائج هذا الاجتماع؟
- كان قحطان حريصاً على توحيد القوى الوطنية في جبهة لتحرير جنوب اليمن المحتل. وقد دعا إلى اجتماع تشاوري في صنعاء حضره نحو الف من أبناء الجنوب المتواجدين في الشمال. كان المشاركون يتوزعون على أعضاء من حركة القوميين العرب وحزب الشعب الاشتراكي، ومستقلين، والمئات من رجال القبائل والجنود والضباط. استقر رأي المجتمعين على تشكيل لجنة تحضيرية تتولى الاعداد لمشروع «ميثاق وطني» يصدر في نداء موجه إلى القوى الوطنية من أجل تشكيل «جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل».
> ممن تشكلت اللجنة؟
- من 11 عضواً. إلى جانب قحطان الشعبي الذي اختير لرئاستها، ضمت اللجنة كلاً من: ناصر علوي السقاف، محمد عبدالله المجعلي، الرائد محمد أحمد الدقم، الرائد عيدروس حسين القاضي (ممثلاً عن حزب الشعب)، محمد علي الصماتي، ثابت علي مكسر منصوري، بخيت مليط، أحمد عبدالله العولقي، علي محمد الكاظمي.
وقد توصلت اللجنة إلى مشروع ميثاق وطني في مارس 1963، تمت إذاعته من إذاعتي القاهرة وصنعاء. لكن اثنين من أعضائها انسحبا، الأول هو عيدروس القاضي ممثل حزب الشعب الاشتراكي الذي رفض قيام جبهة، والرائد الدقم. وتقدم قحطان بمذكرة إلى السلال تطلب الموافقة على فتح مكتب للجبهة، وقد وافق السلال على الطلب، لكن مسؤولين آخرين من مؤيدي حزب الشعب في صنعاء عطلوا موافقة السلال. وقد عملت الجبهة من دون مكتب حتى 3 يونيو 1964.
> في يونيو 1963 تخرجت من كلية الشرطة، وعدت إلى عدن، حيث يقيم فيصل عبداللطيف. مالدور الذي كان يقوم به باعتباره المسؤول الأول عن الحركة في اليمن؟
- كان يجري اتصالات بأطراف وشخصيات عدة لغرض المساهمة في الكفاح المسحل. وبدرجة رئيسية كان يركز على حزب الشعب الاشتراكي الذي كان وجوده قوياً في عدن. وبالطبع تواصل مع عبدالله باذيب الذي كان على علاقة قوية بفيصل، وأبدى مساندته للكفاح المسلح. كما وقف بقوة مع الجبهة القومية عندما فرض المصريون الدمج القسري في 13 يناير 1966، وهو أول من وصف عملية الدمج، بالمؤامرة على الثورة.
> وفيما يخص الصحافة النشطة في عدن، وكذا المثقفين؟
- حرص فيصل على الاتصال بجميع الشرائح. كما التقى محمد علي باشراحيل أكثر من مرة. في مطلع 1964 رافقت فيصل في زيارة إلى باشراحيل في بيته بخليج الرزميت- كريتر. لم يكن العمل الفدائي في عدن قد بدأ، ولم تكن الجبهة القومية قد فتحت مكتباً لها في تعز. جرى حديث عام، وقد تم التطرق إلى مقالات محمد حسنين هيكل التي يكتبها كل جمعة في الأهرام تحت عنوان «بصراحة». لم تكن «الاهرام» تصل بانتظام إلى عدن. وقد أبدى باشراحيل اهتمامه بالحصول على نسخ من مقالات هيكل، فأخبرته بأنني احتفظ بنسخ من سلسلة مقالات هيكل. فيصل قال له: سأخذ النسخ من عبدالحميد وسأوصلهن إليك. فرد باشراحيل: تمام، أنا سأقراها ثم أعيدها إليك. عندما أكون في عدن كنت أقيم في بيت فيصل بالشيخ عثمان. كانت المقالات في شنطتي، وقد سلمتها لفيصل، الذي سلمها بدوره إلى باشراحيل. بعدها سافرت إلى القاهرة، ولم أسأل فيصل ما إذا كان باشراحيل قد أعاد المقالات إليه.
> ماذا جرى في اللقاء، هل تطرق فيصل في اللقاء إلى الكفاح المسلح؟
- نعم، وكان باشراحيل مؤيداً للفكرة، كانت علاقتهما جيدة، وكانت صحيفة الأيام منفتحه على الحركة والجبهة، وكذلك كانت صحيفة الأمل التي يرأسها عبدالله باذيب.
> مع ذلك فإن الجبهة القومية بعد أن بدأت الكفاح المسلح، وفتحت جبهات عديدة، وجهت في ديسمبر 1964 انذاراً إلى ما وصفتها بـــ«الصحف العميلة» من مغبة الاستمرار في محاولة الطعن في النضال الشعبي، معتبرة تعاون هذه الصحف مع الاستعمار خيانة وطنية. من كنتم تقصدون؟
- لم يكن المقصود صحيفة «الأيام» أو صحيفة «الأمل»، بل صحف أخرى، لا أرى فائدة من ذكرها الآن، وبوسعك العودة إلى الكتب التي تناولت تلك الفترة.
> هل من الممكن اعتبار أية صحف عدا صحيفتي «الأيام» و«الامل»، هي المعنية من الإنذار؟
- ممكن.
> وماذا بخصوص صحيفة «الطريق»؟
- كانت مؤيدة لنا، وقد صدرت لاحقاً.
> وكيف كانت مواقف الشخصيات الأدبية والفنية؟
- لم تنضم إلى الجبهة، لكن أشخاص مثل الأديب عبدالله هادي سبيت والفنانين محمد مرشد ناجي وأحمد بن أحمد قاسم كانوا أصحاب توجهات وطنية.
> إلى جانب فيصل في عدن من هي الشخصيات المؤثرة التي دفعت باتجاه الكفاح المسلح؟
- سيف أحمد الضالعي وعلي أحمد السلامي كان دروهما قوياً ومؤثراً.
> في مايو 1964، غادرت عدن إلى القاهرة في نفس الوقت الذي كان قحطان يزورها لماذا؟
- القيادة القومية لحركة القوميين العرب (جورج حبش وآخرون) نسقوا للقاء قحطان مع عبدالناصر، بعد الخطاب الشهير الذي ألتقاه في تعز في ابريل 1964. وقد حملني فيصل رسالة خطية إلى قحطان.
> ماذا كان فحواها؟
- لم أطلع عليها فقد كانت داخل ظرف.
> أنت ضابط شرطة ولديك من المهارات ما يمكنك من فتحها دون أن يعلن أحد؟
- لم أفتحها. وقد سلمت الرسالة إلى قحطان في القاهرة. وقد أمضيت هناك أسبوعاً رفقة قحطان.
> كيف كانت معنوياته بعد لقائه عبدالناصر؟
- كان قد التقى عبدالناصر قبل وصولي إلى القاهرة. كانت معنوياته عالية لأنه خرج من لقائه بعبدالناصر بتوجيهات صريحة بدعم الثورة المسلحة في الجنوب. وبعد أسبوع عدت مع قحطان إلى الشمال، عبر طائرة انتينوف. كان معنا في الطائرة ضباط مصريون. وقد هبطت الطائرة في مطار الحديدة. واتذكر جيداً لحظة وصولنا. نزلت إلى المدرج وبقي هو في مدخل الطائرة لكي يناولني حقائب السفر. ثم انتقلنا إلى طائرة مدنية لتقلنا إلى صنعاء. في صنعاء تم توفير غرفتين وحمام في دار السعادة. استغربت عندما قيل لنا إن هذا قصر الإمام البدر، فقد كان المكان عادياً والغرف بسيطة. بعدها غادرنا إلى تعز، حيث أقمنا في دار الضيافة، وبدأ التحضير لفتح مكتب للجبهة والترتيب الجدي للثورة المسلحة.
> ماذا كانت حصيلة زيارة القاهرة؟
- كان الاتفاق مع الرئيس جمال عبدالناصر على التالي:
1 - تدفع الجمهورية العربية المتحدة (مصر) 18 الف جنية استرليني شهرياً للجبهة القومية، لصرفها رواتب جنود جيش التحرير وللفدائيين وللمتفرغين.
2 - تدريب الفدائيين وجيش التحرير.
3 - تسليح جيش التحرير والفدائيين.
> كيف جرت الأمور في تعز؟
- بدأ قحطان فور وصوله تعز بمطالبة المسؤولين في المكتب العربي بتعز بتنفيذ توجيهات عبدالناصر والتزاماته. لكن عزت سليمان بدأ بوضع العراقيل، والشروط. أبلغه قحطان أن الجبهة ستفتتح مكتباً في تعز لكن المكتب العربي رفض الفكرة، وماطل في تنفيذ الاتفاق. غضب قحطان، وأصر على فتح المكتب، وكان يقول: «طالما عبدالناصر وافق بانفتح مكتب». كان عبدالرحمن محمد سعيد القيادي في المرتبة القيادية في الشمال قد تولى استئجار بيت في عصيفرة. وتم افتتاح المكتب دون إشعار المخابرات المصرية.في نفس اليوم الذي تم فيه فتح المكتب، بعث عزت سليمان برسالة مكتوبة إلى قحطان يطلبه إلى الاجتماع في مقر المخابرات المصرية في تعز. في الخامسة مساء كان قحطان في المكان ومعه علي السلاَّمي وطه مقبل وسالم زين وأنا.
ومن المخابرات المصرية كان الحاضرين العميد عزت سليمان والرائد فخري عامر والرائد أبو النصر مشالي. تحدث سليمان بعجرفة، وقال إن مصر لا تحبذ أن يكون للجبهة مكتب خاص بها، وأن مكتب الأمن العام- أي المخابرات المصرية- يتسع للجميع. وأضاف بأن لا يوجد أي مبرر لفتح ملفين لقضية واحدة (ثورة الجنوب)، ملف في مكتب الأمن العام وآخر في مكتب الجبهة القومية، لأن ذلك سيزيد من الأعباء المالية. وتابع: سيكون في المكتب الواحد شخصان، واحد منا والآخر منكم. رفض قحطان مقترح سليمان، ورد بأن قيادة الجبهة القومية اتخذت قراراً بفتح مكتب مستقل. كان الوحيد الذي تحدث من جانب قيادة الجبهة.
ستبع