حد من الوادي
06-05-2008, 02:30 PM
إيران إذ تخيب الآمال.. وتثير المخاوف
علي أحمد العِمراني
ولم يكن الشاهنشاه (ملك الملوك) يخفي طموحه الإمبراطوري وكان ينظر إلى المنطقة العربية، خصوصا منطقة المشرق العربي، كمجال لتطلعات النفوذ الإمبراطوري المباشر لدولته ومن ثم التبعية الكاملة عند ما تحين ساعة توطيد أركان إمبراطوريته التي تستند إلى إرث تاريخي لم يبرح مخيلة طلائع الفرس منذ اندثار إمبراطورية فارس وتحطيم عرش كسرى أنوشروان على أيدي العرب أتباع النبي (ص) وأصحابه في القرن الهجري الأول (السابع الميلادي)...ومما كان يغري الشاه هو أن ليس أمامه في المنطقة العربية مشروع قومي عربي ناجز مقابل مشروعه الإمبراطوري القومي الفارسي سوى مشروع عبد الناصر الذي كان أقرب إلى ردة الفعل العاطفية منه إلى الفعل المتكامل الواعي والإنجاز الواقعي حيث أتى مشروع عبد الناصر متأخرا إستراتيجيا وزمنيا عن المشاريع القومية ألإقليمية الناجزة المنافسة الأخرى كالمشروع الصهيوني والتركي والفارسي إضافة إلى أن المنطقة العربية كانت تعج بواقع مرير و بمشاريع معقدة ومتداخلة و متضاربة،
لكن محصلتها وأثرها يكاد يكون متحدا تجاه إجهاض أي جهد يرتبط بمشروع نهوض وتوحد عربي واقصد بذلك المشاريع الفضفاضة الحالمة كالمشروع الشيوعي أو المشروع الإسلامي والمشاريع الصغيرة الذاتية كمشاريع دول العصبيات العشائرية والحزبية المتدثرة بأردية متعددة، كل ذلك دون أن نغفل دور العامل الخارجي المتمثل في الاستعمار الغربي وإرثه وأطماعه، وكان نظام حكم الشاه يحسب أنه يكفيه التحالف مع المشروع الصهيوني والغربي لضمان تحقيق تطلعاته وإنجاز أهدافه الإستراتيجية مع مرور الزمن.
عندما جاءت ثورة الخميني في عام 1979 استبشر أكثر العرب بها خيرا، حيث رفعت تلك الثورة شعارات تحررية في وجه هيمنة الغرب وساندت القضية الفلسطينية إبتداءاً بتحويل السفارة الإسرائيلية في طهران إلى سفارة لفلسطين ورفع علم فلسطين مكان علم إسرائيل. ولذلك فقد علق كثير من العرب على الثورة الإيرانية آمالا كبيرة، في حين أن كثيرين آخرين تطيروا منها ووقفوا لها بالمرصاد منذ البداية وفي مقدمة كل أولئك القيادة العراقية السابقة جارة إيران المباشرة من الشرق التي خاضت حربا ضروسا ومؤسفة بدعم من الغرب ودول عربية موالية للغرب ضد إيران الثورة كبدت الجانبين خسائر جمة.
لقد كان العرب المتفائلون بالثورة الإيرانية يعتقدون أنها ستكون حلا أو جزءا من الحل لقضايا المنطقة كلها، لكنها سرعان ما تحولت تلك الثورة من ظاهرة إنسانية هائلة إلى مجرد ظاهرة شيعية تستعيد أجواء كربلاء، واقرب إلى أن تكون مأساة إنسانية لا هي حتمية ولا هي ضرورية وفقا للأستاذ هيكل.
و يبدو الآن أنه قد أتضح للجميع أن تلك الثورة صارت جزءا من المشكلة أو إشكالا جديدا وإضافيا بحد ذاته بالنسبة إلى إيران نفسها وبالنسبة إلى كثير من البلدان العربية ومنها اليمن التي تواجه الآن الحركة الحوثية المسلحة التي لا يخفى تأثرها بشعارات ثورة الخميني و أيديولوجيتها بل ومماهاتها وتبعيتها لها.
وندرك أنه يستحيل بقاء الحركة الحوثية واستمرارها وصمودها القتالي لأكثر من خمسة أعوام دون رعاية ودعم مباشر من إيران الدولة أو إيران الحوزة أو الاثنين معا من خلال توزيع للأدوار متناغم ومتكامل خفي وجلي.
ولا بد للمرء أن يتساءل ما الذي تريده إيران في نهاية المطاف من اليمن ولليمن؟ هل تريد لليمن أن تكون مضطربة ومتأخرة وبائسة وفقيرة أكثر مما هو عليه حالها؟
هل تريد أن تقيم في اليمن نظاما إمامياً متخلفا تابعا لها؟ ولا نريد أن نذهب بعيدا فنتصور أن إيران تفكر أن تهيء الأوضاع في اليمن لتحتلها يوما عندما تصير إمبراطورية عظمى ونووية وتدخل في صفقات مع النافذين في العالم أو يخلو لها الجو بطريقة أو بأخرى!
يستطيع العرب الذين تطيروا من الثورة الإيرانية ساعة انبثاقها أن يسخروا اليوم من أولئك الذين كانوا متحمسين للثورة الإيرانية ويستطيع الأستاذ/ سعيد مهيوب العسلي أن يذكرنا الآن قائلا: ألم أقل لكم قبل حوالي ثلاثين عاما أننا لسنا بحاجة إلى المزيد من الأئمة والآيات وأننا قد سئمنا منهم كثيرا خصوصا في اليمن؟! لعلنا هنا نعترف أن الزميل العزيز قد كسب الرهان وكان على حق، خصوصا بعد زيادة أعداد وأثر الأئمة والمراجع والآيات ذوو العمائم السود في عصر حري أن يضفى عليه السواد ويسمى عصر السواد الحالك الأكبر!
يستطيع هو وغيره أن يقولوا لنا أيضا: هاهي آمالكم في ثورة الخميني قد ذهبت أدراج الرياح ولم يتحقق منها شيء ذو بال لا على مستوى تحرير فلسطين ولا على مستوى انحسار الهيمنة الغربية.
فبعد ثلاثة عقود أصبحت إسرائيل أقوى وأوشكت قضية فلسطين على التصفية النهائية، ولم تتراجع مصالح الغرب ولم يتلاش نفوذه بل إن تواجده المباشر بما يشبه الحقبة الاستعمارية البغيضة (مع زيادة في فداحة الخسائر وجسامة الضحايا) أصبح أوسع وأخطر في دولة من أهم الدول العربية وهي العراق.
وإذا ما أخذ بعين الاعتبار تسلسل الأحداث وترابطها (الثورة الإيرانية 1979، الحرب العراقية الإيرانية 1981-1988، احتلال الكويت من قبل العراق عام 1990، الحصار الذي ضرب على العراق حتى 2003) فإن احتلال العراق من قبل أمريكا 2003 يعد أحد التطورات والنتائج المباشرة المرتبطة ارتباطا وثيقا بثورة الخميني عام 1979 وحروب الخليج التي انبثقت عنها وترتبت عليها، وإذا أخذنا بعين الاعتبار ما نراه الآن من تصدير للقلاقل والاضطرابات ودعم للفوضى والنزاعات الطائفية في أكثر من بلد عربي، ومنها اليمن فإننا نحن الذين كان لنا رأي إيجابي تجاه إيران الثورة يجب أن نعتذر للجميع ونعترف أننا لم نكن مصيبين حيث أن حكومة الثورة في إيران خيبت الآمال وتحولت إلى وبال على منطقتنا وتسببت في أخطار مهولة في مجالات عدة. وبقدر ما كانت الثورة الإيرانية ذريعة لحروب وتحالفات وأطماع لقوى إمبريالية كبرى فإنها كانت سببا رئيسيا إن لم يكن وحيدا لاستقطاب واصطفاف مذهبي وطائفي مقزز ومتخلف ومدمر لم تعرفه المنطقة منذ قرون، بل ربما منذ الأزل.
إلى عهد قريب كان تعاطف اليمنيين مع إيران كبيرا وكنا نستبشر خيرا بكل ما له علاقة بنهوض أخوتنا في إيران في المجالات جميعها اقتصادا وتنمية وتقنية وقوة عسكرية وحتى نووية، لكن يبدو أن إيران الثورة حصرت اهتمامها ورعايتها ودعمها لجماعة الحوثيين الأصولية شديدة التخلف والرجعية والظلامية والتعصب على حساب أهل اليمن جميعا دولة وشعب.
ولذلك فإننا لا نملك الآن سوى أن نعبر عن قلقنا وتخوفنا من قوة إيران وأطماعها ومذهبيتها السياسية والدينية لأن كل ذلك يوظف في زيادة عنائنا وشقائنا وتأخرنا وكل ذلك -اقصد العناء والشقاء والتأخر- لا يزال وفيرا دون تدخل أو « دعم أخوي» من إيران أو غيرها..
وببساطة لا بد أن نتساءل إلى أي حد تتطلب علاقة إيران باليمن وما حولها إنشاء «حزب الله» يمني مسلح ومقاتل ومتغطرس، يقوده أحدهم ويصر على أن يدعى «السيد» دون سائر البشر، وإلى أي حد يمكن لعموم شعب اليمن في القرن الواحد والعشرين أن يتقبل ذلك؟ كنا نظن أن فطانة القادة الإيرانيين لا تزال بمستوى يجعلهم يدركون استحالة قيام وبقاء «حزب الله» يمني لأن اليمنيين قد جربوا الإمامة المتعالية المتغطرسة المتخلفة نفسها من قبل ومن ثم رفضوها وقدموا من أجل ذلك ثمنا باهضا طيبة به أنفسهم.
وأيا ما كان الأمر فإن مسألة الحوثية في اليمن هي مسألة وقت، وبالطبع وبالتأكيد،مسألة تكاليف إضافية يتحملها اليمنيون من دمائهم الغالية ومواردهم المحدودة جدا لكن لا خيار أمامهم سوى ذلك.
إذاً هل حان الوقت لنعلن أن خيبة أملنا نهائية بإيران وثورتها ورشد قيادتها وحرصها على علاقة أخوية صادقة وجادة مع اليمن، وسوى الحوثيين في اليمن يبدو إنه لم يتبق من يثق أو يأمل خيرا في إيران وثورتها وقيادتها. إنها لخيبة أمل حقيقية كبرى لكنها أيضا محبطة ومؤسفة في نفس الوقت...
:: علي أحمد العِمراني
=
علي أحمد العِمراني
ولم يكن الشاهنشاه (ملك الملوك) يخفي طموحه الإمبراطوري وكان ينظر إلى المنطقة العربية، خصوصا منطقة المشرق العربي، كمجال لتطلعات النفوذ الإمبراطوري المباشر لدولته ومن ثم التبعية الكاملة عند ما تحين ساعة توطيد أركان إمبراطوريته التي تستند إلى إرث تاريخي لم يبرح مخيلة طلائع الفرس منذ اندثار إمبراطورية فارس وتحطيم عرش كسرى أنوشروان على أيدي العرب أتباع النبي (ص) وأصحابه في القرن الهجري الأول (السابع الميلادي)...ومما كان يغري الشاه هو أن ليس أمامه في المنطقة العربية مشروع قومي عربي ناجز مقابل مشروعه الإمبراطوري القومي الفارسي سوى مشروع عبد الناصر الذي كان أقرب إلى ردة الفعل العاطفية منه إلى الفعل المتكامل الواعي والإنجاز الواقعي حيث أتى مشروع عبد الناصر متأخرا إستراتيجيا وزمنيا عن المشاريع القومية ألإقليمية الناجزة المنافسة الأخرى كالمشروع الصهيوني والتركي والفارسي إضافة إلى أن المنطقة العربية كانت تعج بواقع مرير و بمشاريع معقدة ومتداخلة و متضاربة،
لكن محصلتها وأثرها يكاد يكون متحدا تجاه إجهاض أي جهد يرتبط بمشروع نهوض وتوحد عربي واقصد بذلك المشاريع الفضفاضة الحالمة كالمشروع الشيوعي أو المشروع الإسلامي والمشاريع الصغيرة الذاتية كمشاريع دول العصبيات العشائرية والحزبية المتدثرة بأردية متعددة، كل ذلك دون أن نغفل دور العامل الخارجي المتمثل في الاستعمار الغربي وإرثه وأطماعه، وكان نظام حكم الشاه يحسب أنه يكفيه التحالف مع المشروع الصهيوني والغربي لضمان تحقيق تطلعاته وإنجاز أهدافه الإستراتيجية مع مرور الزمن.
عندما جاءت ثورة الخميني في عام 1979 استبشر أكثر العرب بها خيرا، حيث رفعت تلك الثورة شعارات تحررية في وجه هيمنة الغرب وساندت القضية الفلسطينية إبتداءاً بتحويل السفارة الإسرائيلية في طهران إلى سفارة لفلسطين ورفع علم فلسطين مكان علم إسرائيل. ولذلك فقد علق كثير من العرب على الثورة الإيرانية آمالا كبيرة، في حين أن كثيرين آخرين تطيروا منها ووقفوا لها بالمرصاد منذ البداية وفي مقدمة كل أولئك القيادة العراقية السابقة جارة إيران المباشرة من الشرق التي خاضت حربا ضروسا ومؤسفة بدعم من الغرب ودول عربية موالية للغرب ضد إيران الثورة كبدت الجانبين خسائر جمة.
لقد كان العرب المتفائلون بالثورة الإيرانية يعتقدون أنها ستكون حلا أو جزءا من الحل لقضايا المنطقة كلها، لكنها سرعان ما تحولت تلك الثورة من ظاهرة إنسانية هائلة إلى مجرد ظاهرة شيعية تستعيد أجواء كربلاء، واقرب إلى أن تكون مأساة إنسانية لا هي حتمية ولا هي ضرورية وفقا للأستاذ هيكل.
و يبدو الآن أنه قد أتضح للجميع أن تلك الثورة صارت جزءا من المشكلة أو إشكالا جديدا وإضافيا بحد ذاته بالنسبة إلى إيران نفسها وبالنسبة إلى كثير من البلدان العربية ومنها اليمن التي تواجه الآن الحركة الحوثية المسلحة التي لا يخفى تأثرها بشعارات ثورة الخميني و أيديولوجيتها بل ومماهاتها وتبعيتها لها.
وندرك أنه يستحيل بقاء الحركة الحوثية واستمرارها وصمودها القتالي لأكثر من خمسة أعوام دون رعاية ودعم مباشر من إيران الدولة أو إيران الحوزة أو الاثنين معا من خلال توزيع للأدوار متناغم ومتكامل خفي وجلي.
ولا بد للمرء أن يتساءل ما الذي تريده إيران في نهاية المطاف من اليمن ولليمن؟ هل تريد لليمن أن تكون مضطربة ومتأخرة وبائسة وفقيرة أكثر مما هو عليه حالها؟
هل تريد أن تقيم في اليمن نظاما إمامياً متخلفا تابعا لها؟ ولا نريد أن نذهب بعيدا فنتصور أن إيران تفكر أن تهيء الأوضاع في اليمن لتحتلها يوما عندما تصير إمبراطورية عظمى ونووية وتدخل في صفقات مع النافذين في العالم أو يخلو لها الجو بطريقة أو بأخرى!
يستطيع العرب الذين تطيروا من الثورة الإيرانية ساعة انبثاقها أن يسخروا اليوم من أولئك الذين كانوا متحمسين للثورة الإيرانية ويستطيع الأستاذ/ سعيد مهيوب العسلي أن يذكرنا الآن قائلا: ألم أقل لكم قبل حوالي ثلاثين عاما أننا لسنا بحاجة إلى المزيد من الأئمة والآيات وأننا قد سئمنا منهم كثيرا خصوصا في اليمن؟! لعلنا هنا نعترف أن الزميل العزيز قد كسب الرهان وكان على حق، خصوصا بعد زيادة أعداد وأثر الأئمة والمراجع والآيات ذوو العمائم السود في عصر حري أن يضفى عليه السواد ويسمى عصر السواد الحالك الأكبر!
يستطيع هو وغيره أن يقولوا لنا أيضا: هاهي آمالكم في ثورة الخميني قد ذهبت أدراج الرياح ولم يتحقق منها شيء ذو بال لا على مستوى تحرير فلسطين ولا على مستوى انحسار الهيمنة الغربية.
فبعد ثلاثة عقود أصبحت إسرائيل أقوى وأوشكت قضية فلسطين على التصفية النهائية، ولم تتراجع مصالح الغرب ولم يتلاش نفوذه بل إن تواجده المباشر بما يشبه الحقبة الاستعمارية البغيضة (مع زيادة في فداحة الخسائر وجسامة الضحايا) أصبح أوسع وأخطر في دولة من أهم الدول العربية وهي العراق.
وإذا ما أخذ بعين الاعتبار تسلسل الأحداث وترابطها (الثورة الإيرانية 1979، الحرب العراقية الإيرانية 1981-1988، احتلال الكويت من قبل العراق عام 1990، الحصار الذي ضرب على العراق حتى 2003) فإن احتلال العراق من قبل أمريكا 2003 يعد أحد التطورات والنتائج المباشرة المرتبطة ارتباطا وثيقا بثورة الخميني عام 1979 وحروب الخليج التي انبثقت عنها وترتبت عليها، وإذا أخذنا بعين الاعتبار ما نراه الآن من تصدير للقلاقل والاضطرابات ودعم للفوضى والنزاعات الطائفية في أكثر من بلد عربي، ومنها اليمن فإننا نحن الذين كان لنا رأي إيجابي تجاه إيران الثورة يجب أن نعتذر للجميع ونعترف أننا لم نكن مصيبين حيث أن حكومة الثورة في إيران خيبت الآمال وتحولت إلى وبال على منطقتنا وتسببت في أخطار مهولة في مجالات عدة. وبقدر ما كانت الثورة الإيرانية ذريعة لحروب وتحالفات وأطماع لقوى إمبريالية كبرى فإنها كانت سببا رئيسيا إن لم يكن وحيدا لاستقطاب واصطفاف مذهبي وطائفي مقزز ومتخلف ومدمر لم تعرفه المنطقة منذ قرون، بل ربما منذ الأزل.
إلى عهد قريب كان تعاطف اليمنيين مع إيران كبيرا وكنا نستبشر خيرا بكل ما له علاقة بنهوض أخوتنا في إيران في المجالات جميعها اقتصادا وتنمية وتقنية وقوة عسكرية وحتى نووية، لكن يبدو أن إيران الثورة حصرت اهتمامها ورعايتها ودعمها لجماعة الحوثيين الأصولية شديدة التخلف والرجعية والظلامية والتعصب على حساب أهل اليمن جميعا دولة وشعب.
ولذلك فإننا لا نملك الآن سوى أن نعبر عن قلقنا وتخوفنا من قوة إيران وأطماعها ومذهبيتها السياسية والدينية لأن كل ذلك يوظف في زيادة عنائنا وشقائنا وتأخرنا وكل ذلك -اقصد العناء والشقاء والتأخر- لا يزال وفيرا دون تدخل أو « دعم أخوي» من إيران أو غيرها..
وببساطة لا بد أن نتساءل إلى أي حد تتطلب علاقة إيران باليمن وما حولها إنشاء «حزب الله» يمني مسلح ومقاتل ومتغطرس، يقوده أحدهم ويصر على أن يدعى «السيد» دون سائر البشر، وإلى أي حد يمكن لعموم شعب اليمن في القرن الواحد والعشرين أن يتقبل ذلك؟ كنا نظن أن فطانة القادة الإيرانيين لا تزال بمستوى يجعلهم يدركون استحالة قيام وبقاء «حزب الله» يمني لأن اليمنيين قد جربوا الإمامة المتعالية المتغطرسة المتخلفة نفسها من قبل ومن ثم رفضوها وقدموا من أجل ذلك ثمنا باهضا طيبة به أنفسهم.
وأيا ما كان الأمر فإن مسألة الحوثية في اليمن هي مسألة وقت، وبالطبع وبالتأكيد،مسألة تكاليف إضافية يتحملها اليمنيون من دمائهم الغالية ومواردهم المحدودة جدا لكن لا خيار أمامهم سوى ذلك.
إذاً هل حان الوقت لنعلن أن خيبة أملنا نهائية بإيران وثورتها ورشد قيادتها وحرصها على علاقة أخوية صادقة وجادة مع اليمن، وسوى الحوثيين في اليمن يبدو إنه لم يتبق من يثق أو يأمل خيرا في إيران وثورتها وقيادتها. إنها لخيبة أمل حقيقية كبرى لكنها أيضا محبطة ومؤسفة في نفس الوقت...
:: علي أحمد العِمراني
=