المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هكذا كان خلفاؤنا وهكذا يجب ان يكون افرادنا


عارف علي العمري
08-29-2008, 10:13 PM
التواضع سمة العظماء, ودأب الحكماء, من تواضع لله رفعه, وأعلى مكانته, وأكرمه بدار النعيم والرضوان (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ }القصص83, ومن تكبر أخزاه الله وجعل الذل حليفه يوم القيامة وفي الحديث الشريف ( يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان ) .
تكبر فرعون فقال { أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى }النازعات24. فكان مآله { فأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى }النازعات25
وتكبر قارون فقال { إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي}القصص78. فكان مصيره { َفخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ }القصص81, وتكبر إبليس حينما أمر بالسجود لادم – عليه السلام – فقال { أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ }الأعراف,12 فقال له ربه - تبارك وتعالى- { فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ }ص77 , وقال أرباب الشرك من قريش { لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ }الزخرف31, فذبحوا في ( بدر ) على الطريقة الإسلامية .
المسلم يتواضع في غير مهانة, والتواضع من أخلاقه المثالية, وصفاته العالية, كما أن الكبر ليس له, ولا ينبغي لمثله, إذ المسلم يتواضع ليرتفع, ولا يتكبر لئلا ينخفض, إذ سنة الله جارية في رفع المتواضعين, ووضع المتكبرين, فعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: { ما نقصت صدقة من مال، وما زاد اللَّه عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه } رَوَاهُ مُسلِمٌ.
المؤمن هين لين, مخفوض الجناح للمؤمنين, مسترشداً بقوله تعالى { وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ }الحجر88 , وقولة تبارك وتعالى في وصف المؤمنين {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ }المائدة54, وهي صفة مأخوذة من الطواعية واليسر واللين, فالمؤمن ذلول للمؤمن, غير عصي عليه ولا صعب, هين لين ... سمح ودود ... وهذه في الذلة للمؤمنين, وما في الذلة للمؤمنين من مذلة ولا مهانة .. إنما هي الأخوة .. ترفع الحواجز, وتزيل التكلف,وتخلط النفس بالنفس, فلا يبقى فيها ما يستعصي, وما يحتجز دون الآخرين.
المؤمن يمشي بين المؤمنين بتواضع جم, يسلم على الصغير والكبير, والأسود والأبيض, ولا يمنعه منصبه أو جاهه من ذلك, يخدم الآخرين, ويسعى في مصالحهم, يبادر الجميع إلى صنع المعروف, وإسداء الجميل, وعمل الخير.
تراه مع الكبار ابناً, ومع الصغار أباً , ومع الشباب أخاً, ومع المعلم تلميذ مؤدب, ومع القائد جندي مطيع, ومع الفقير أخ محسن, ومع المحتاج والمنكوب صديق حنون, يتحدث مع الحداد, والبناء, والنجار, والخباز, كما يتحدث مع الأمير و الوزير, والزعيم, يصغي إلى ساكن الكوخ, مثلما يصغي إلى ساكن القصر.
يقبل الحق وان كان مراً, ويكره الباطل ويرده وان كان حلواً , لا يغمط البشر, لا يحقر فقير لفقره, ولا يبجل غني لغناه, بل ميزانه التقوى والعمل الصالح .
لقد كانت سيرة النبي صلى الله عليه وسلم مثالاً حياً في التواضع, وخفض الجناح, ولين الجانب, وسماحة النفس, حتى انه كان يمر على الصبيان يلعبون, فلا تحجبه منزلة النبوة التي خصه الله بها من بين جميع الناس, من أن يسلم على أولئك الصبيان, ويهش لهم, ويتبسط معهم , يصفه أبو سلمه – رض الله عنه – فيقول ( كان يعلف الناضح, ويعقل البعير, ويقم البيت, ويحلب الشاة, ويخصف النعل, ويرقع الثوب, ويأكل مع خادمه, ويطحن عنه إذا أعيا, ويشتري الشيء من السوق, ولا يمنعه الحياء أن يعلقه بيده, أو يجعله في طرف ثوبه, وينقلب إلى أهله, يصافح الغني والفقير, والكبير والصغير, ويسلم مبتدئاً على كل من استقبله من صغير وكبير, أو اسود أو احمر, حراً أو عبداً من أهل الصلاة ) أ هـ , و كانت الأمة من إماء المدينة تأخذ بيد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فتنطلق به حيث شاءت , وسألت عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنها: ما كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله (تعني خدمة أهله) فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة ) .
ولقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يغرس في نفوس الصحابة خلق التواضع, المبني على سماحة النفس, ولين الجانب, ودماثة الطباع, فيقول ( لو دعيت إلى كراع أو ذراع لأجبت، ولو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت (.
فيا للتواضع في أبهى صوره ! ويا للعظمة في أسمى معانيها !
ولقد كانت سيرة النبي – صلى الله عليه وسلم – مثالاً يحتذي به أصحابه من بعده, فأبو بكر الصديق لا يمنعه منصبه في الخلافة أن يحلب الشاة, ويكنس البيت, لامرأة عجوز عمياء, في أطراف المدينة المنورة, وعمر بن الخطاب – رضي الله عنه - ينام تحت شجرة ليس معه حرس ولا خدم, وعلي بن أبي طالب – رضي الله عنه - يحمل اللحم في ملحفته, فقيل : له يُحمل عليك يا أمير المؤمنين, فقال : لا , أبو العيال أحق أن يحمل, وأبو هريرة – رض الله عنه – رؤي ذات يوم وهو يحمل حزمة الحطب على ظهره, وهو يومئذ خليفة بالمدينة لمروان بن الحكم, وعمر بن عبد العزيز يقوم ليملأ المصباح زيتاً, يُؤثر غلامه بالنوم, وضيفه بالجلوس, ويقول : قمت وأنا عمر بن عبد العزيز, وجلست وأنا عمر بن عبد العزيز, ما نقص مني شيء, وخير الناس من كان عند الله متواضعاً .
وهذا احد السلف يقول ( تواضع ... فان التراب لما تواضع لأخمص القدم صار

سالم محمد باعباد
08-30-2008, 12:53 AM
يعطيك العافيه اخي وبارك الله فيك