تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : لمن لا ينصتون !!


سالم الناخبي
09-11-2008, 05:32 PM
- تقول حكاية شعبية قديمة إن ذئباً أراد أن يأكل الأرنب، فبحث عن سبب وجيه لذلك، ومرة كان يقف عند منبع الغيل وشاهد الأرنب يشرب من تيار الماء في المنحدر، فقال له: أنت عكرت الماء.. قال له الأرنب: كيف هذا.. أنا لم أدخل في ماء الغيل سوى لساني، ثم إني شربت من الأسفل وأنت الآن في رأس الغيل.. فكيف تتهمني بتعكير الماء؟ رد الذئب: ولكن أباك أهانني العام الماضي.. قال: لكني لم أكن قد ولدت حينها.. قال الذئب للأرنب: أنت ذكي بما فيه الكفاية، فقد أسقطت كل مبرراتي، ومع ذلك سوف أأكلك..!

- وهذه الحكاية تريك أن الشخص عندما يقرر إيذاءك فإنه لا ينصت إلى أي رأي مهما كانت وجاهته.. ولا يلتفت إلى أي حجة مهما كانت قوية وواضحة. وبالطبع هذا لا يسري على كل الأفراد في المجتمع الإنساني، وإلا لخربت الدنيا، ولكن الحكاية تتطابق تماماً مع أولئك العنيدين الذين يرون المكابرة على الحقائق العنيدة أو القوية ميزة من ميزاتهم أو أسلوباً وحيداً لإظهار قدراتهم وإقحام خصومهم عن طريق المكايدة واللعب بالألفاظ والكلمات والأرقام.

- وقد قيل مرة للإمام الغزالي: مالك عندما تجادل خصومك من الفلاسفة تتخلى عن المصداقية وتناور وتخادع؟ قال: إن ذلك من لوازم قهر الخصم.. وبالطبع هذا أسلوب غير أخلاقي ولا مفيد لانه يفتضح بعد قليل من التفكير والفحص الذي يمكن أن يقوم به الخصم الذي أردت قهره بينما أنت قهرت نفسك في الحقيقة على يديه أو لسانه.

- في العلاقة السائدة بين السلطة والمعارضة اليوم ـ وهي علاقة مخرومة ومضطربة ـ تلجأ الأخيرة إلى اعتماد أسلوب الذئب المذكور في الحكاية السابقة، وكأن دورها يتوقف عند الإضرار بالسلطة، وترهق نفسها في البحث عن مبررات كيفما اتفق لقهر العدو اللدود، مع أن السلطة في أي بلد ديمقراطي يقابلها ناقد وناصح ومعارض يقدم نفسه كبديل وليس كعدو يشن الغارات..

إن معارضة هذه رسالتها هي معارضة سيئة.. ومثلها في السوء أصحاب الأقلام الذين يمتدحون السلطة إلى حد إهدار كرامتهم عندما يحصلون على جوائز وهبات، ثم ينقلبون في السنة التالية مسخرين أقلامهم لتكسير الصورة التي رسموها بأقلامهم نفسها لمجرد قطع حبل سرة الجوائز والهبات.



فيصل الصوفي