حد من الوادي
12-03-2008, 02:07 AM
في القضية الجنوبية.. الثلث الضامن هو الحل
أحمد محمد عبدالغني 11/25/2008 http://www.alahale.net/imgs/11/1013D12M11.gif
ستظل القضية الجنوبية أحد محاور الأزمة التي يعيشها النظام الحاكم في اليمن والتي عكست نفسها على مجمل الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية..الخ..
وبالتأكيد فإن لهذه القضية حضورها في الخطاب الرسمي، إما بصيغة النفي لوجود مشكلة أو قضية أو تجاوزات وممارسات خاطئة، وإما بطريقة القول إن هناك معالجات تتم على الأرض، في إشارة إلى اللجان التي تم تشكيلها بهذا الخصوص، مع العلم أن هذه اللجان بقيت صورية، فلم تُمكن من العمل ولم تُعطَ فرصة البحث في القضية بشكل جاد وعميق.. وكثيراً ما يؤكد الرئيس بأنه لا يحق لأحد الادعاء بتمثيل الجنوب، ثم يستدرك في مناسبات أخرى أن الجنوب ممثل في هيئات الدولة، ويشير بذلك إلى الفريق عبد ربه منصور نائب رئيس الجمهورية وبعض القيادات الجنوبية الموجودة في السلطة..
وبالنظر إلى حجم التفاعلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها البلاد منذ انطلاق الحراك الجنوبي، أوائل العام الماضي 2007م، فمن المؤكد أن النظام الحاكم بمختلف سلطاته لا يريد التعامل مع هذه القضية بصورة صحيحة وعملية تخدم مستقبل البلاد ووحدته وتطوره ونمائه، فها قد مر عامان دون وجود معالجات حقيقية، ولو كان النظام جاداً وصادقاً، فقد كان بإمكانه الاستفادة من التوصيات الهامة التي تضمنها التقرير المقدم من قبل الدكتور صالح باصرة، وبالتالي العمل على تنفيذ تلك التوصيات كمدخل أساسي لإجراء إصلاحات ومعالجات شاملة ومتكاملة، وربما يظن أنه سيتعامل مع هذه القضية بالأسلوب الشكلي الذي يستخدمه تجاه الكثير من القضايا، وهو ظن في غير محله يعكس عدم قدرته على مواجهة التحديات الماثلة أمامها، وذلك في سياق القراءة الخاطئة لمعطيات الأزمة ومؤشراتها المستقبلية..
ومن الغريب أن النظام الحاكم وهو لا يريد الاعتراف بهذه القضية أو التعاطي معها بمسئولية وطنية، فإن خطابه الإعلامي في نفس الوقت يكشف عن عمق المعاناة ومستوى الإرباك الذي يعيشه ودرجة الخوف المسيطر عليه وكذا لا موضوعية الأسلوب المتبع، بما يظهر وكأنه تطبيق للمثل العربي القائل (يكاد المسيء أن يقول خذوني)..
وأمام ما يعتمل في الأفق من تفاعلات وما يتداول من سيناريوهات قادمة، أرى أن تكون فكرة (الثلث الضامن) هي الحل المناسب للخروج من الإشكالية القائمة، بما من شأنه قطع الطريق على أية مشاريع أخرى قد ترهق الوطن وتجعله يتحمل أعباءً وأثمانا فادحة..
فالذي لا يهمه الآن أن يقدم لأهل الحق الأساسيين بعض التنازلات من المصالح التي استولى عليها بطريقة غير مشروعة، لن يهمه بعد ذلك أن يرمي بمصالح الوطن في أي اتجاه كان، عندما تصل الأمور إلى لحظات الانسداد التام وانغلاق الآفاق بسبب تراكم الأخطاء وعدم استغلال الفرص المتاحة وتوظيفها بالشكل الأمثل..
وفكرة (الثلث الضامن) هنا، تشمل مختلف جوانب السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية، بالإضافة إلى المستويات الإدارية العليا والصغرى..
ولذلك فإن البداية ستكون من خلال إعادة النظر في موضوع الدوائر الانتخابية وتقسيماتها، بحيث تأخذ المحافظات الجنوبية (الثلث +1) من حيث العدد، بغض النظر عمن يفوز بعد ذلك، لأن الحزب الحاكم والأحزاب الأخرى ستكون حاضرة في المنافسة وفي الفوز، وهو ما يقلل المخاوف من إمكانية استغلال ذلك لأغراض أخرى..
وبالطبع فإن هذا يستلزم إعادة النظر في القانون المنظم لعمل مجلس النواب والقواعد التي تُبنى عليها عملية التصويت داخل المجلس، بما يمكن الثلث الضامن من طرح القضايا التي يراها بصورة فاعلة، كما يمكنه من إيقاف الأخطاء والتجاوزات التي قد تقع فيها الأغلبية..
وتنطبق فكرة (الثلث +1) نفسها على عضوية مجلس الشورى، سواء بقي تشكيله بأسلوب التعيين أو انتقل إلى مرحلة الانتخاب..
ثم تأتي ترجمة فكرة الثلث الضامن بصورة عملية في إطار تشكيل مجلس الوزراء وتوزيع الحقائب الوزارية وفق آلية متوازنة، وهذا لن يكون صعباً في ضوء ما سبق من تجارب، لكنه بحاجة إلى إعادة النظر في قانون مجلس الوزراء، بما يعطي المجلس القدرة على ترجمة السياسات والبرامج والخطط في إطار ديمقراطي شفاف يستند على مبدأ التصويت لاعتماد القرارات والنتائج التي يتوصل إليها أعضاء المجلس..
وبالنسبة لفكرة الثلث الضامن المتعلقة بعملية التوزيع الإداري داخل الوزارات والأجهزة والمؤسسات الحكومية المركزية (القائمة في العاصمة) سواء بالنسبة لمواقع الوكلاء أو بالنسبة للإدارات العامة، فإن هذا بحاجة إلى آلية مرنة يمكن أن يتم البحث فيها، وذلك في ضوء معايير إدارية وقانونية فاعلة..
ولا أعتقد أن هذا الطرح، في مقابل الطروحات الأخرى، سيكون تجاوزاً للمعقول أو تخطيا للسقف الممكن، فقد سبق لشريكي الحكم عند توقيع اتفاقية إعلان الوحدة 22 مايو 1990م أن قبلا مبدأ تقاسم السلطة بالتساوي (50% + 50%)، وكان عدد الأعضاء الممثلين للطرف الجنوبي في مجلس النواب الأول (90 - 93م) ما يقارب مائة وخمسة وعشرين عضواً، وهذا العدد أكثر من الثلث بكثير..
وبالتأكيد فإن فكرة الثلث الضامن، عندما تصبح معتمدة واقعاً ومنصوصا عليها قانوناً، لن تبقى محصورة في إطار جهوي فقط، وذلك في ظل التعددية السياسية والحزبية، وهو ما سيعطي لهذا الثلث حيويته، سواءً داخل تكوينات السلطة التشريعية أو على مستوى قطاعات السلطة التنفيذية، وسيكون بالفعل ميزان التوازن والاستقرار السياسي والاجتماعي الذي يتطلع إليه الجميع..
* رئيس مركز دراسات الجزيرة والخليج..
أحمد محمد عبدالغني 11/25/2008 http://www.alahale.net/imgs/11/1013D12M11.gif
ستظل القضية الجنوبية أحد محاور الأزمة التي يعيشها النظام الحاكم في اليمن والتي عكست نفسها على مجمل الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية..الخ..
وبالتأكيد فإن لهذه القضية حضورها في الخطاب الرسمي، إما بصيغة النفي لوجود مشكلة أو قضية أو تجاوزات وممارسات خاطئة، وإما بطريقة القول إن هناك معالجات تتم على الأرض، في إشارة إلى اللجان التي تم تشكيلها بهذا الخصوص، مع العلم أن هذه اللجان بقيت صورية، فلم تُمكن من العمل ولم تُعطَ فرصة البحث في القضية بشكل جاد وعميق.. وكثيراً ما يؤكد الرئيس بأنه لا يحق لأحد الادعاء بتمثيل الجنوب، ثم يستدرك في مناسبات أخرى أن الجنوب ممثل في هيئات الدولة، ويشير بذلك إلى الفريق عبد ربه منصور نائب رئيس الجمهورية وبعض القيادات الجنوبية الموجودة في السلطة..
وبالنظر إلى حجم التفاعلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها البلاد منذ انطلاق الحراك الجنوبي، أوائل العام الماضي 2007م، فمن المؤكد أن النظام الحاكم بمختلف سلطاته لا يريد التعامل مع هذه القضية بصورة صحيحة وعملية تخدم مستقبل البلاد ووحدته وتطوره ونمائه، فها قد مر عامان دون وجود معالجات حقيقية، ولو كان النظام جاداً وصادقاً، فقد كان بإمكانه الاستفادة من التوصيات الهامة التي تضمنها التقرير المقدم من قبل الدكتور صالح باصرة، وبالتالي العمل على تنفيذ تلك التوصيات كمدخل أساسي لإجراء إصلاحات ومعالجات شاملة ومتكاملة، وربما يظن أنه سيتعامل مع هذه القضية بالأسلوب الشكلي الذي يستخدمه تجاه الكثير من القضايا، وهو ظن في غير محله يعكس عدم قدرته على مواجهة التحديات الماثلة أمامها، وذلك في سياق القراءة الخاطئة لمعطيات الأزمة ومؤشراتها المستقبلية..
ومن الغريب أن النظام الحاكم وهو لا يريد الاعتراف بهذه القضية أو التعاطي معها بمسئولية وطنية، فإن خطابه الإعلامي في نفس الوقت يكشف عن عمق المعاناة ومستوى الإرباك الذي يعيشه ودرجة الخوف المسيطر عليه وكذا لا موضوعية الأسلوب المتبع، بما يظهر وكأنه تطبيق للمثل العربي القائل (يكاد المسيء أن يقول خذوني)..
وأمام ما يعتمل في الأفق من تفاعلات وما يتداول من سيناريوهات قادمة، أرى أن تكون فكرة (الثلث الضامن) هي الحل المناسب للخروج من الإشكالية القائمة، بما من شأنه قطع الطريق على أية مشاريع أخرى قد ترهق الوطن وتجعله يتحمل أعباءً وأثمانا فادحة..
فالذي لا يهمه الآن أن يقدم لأهل الحق الأساسيين بعض التنازلات من المصالح التي استولى عليها بطريقة غير مشروعة، لن يهمه بعد ذلك أن يرمي بمصالح الوطن في أي اتجاه كان، عندما تصل الأمور إلى لحظات الانسداد التام وانغلاق الآفاق بسبب تراكم الأخطاء وعدم استغلال الفرص المتاحة وتوظيفها بالشكل الأمثل..
وفكرة (الثلث الضامن) هنا، تشمل مختلف جوانب السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية، بالإضافة إلى المستويات الإدارية العليا والصغرى..
ولذلك فإن البداية ستكون من خلال إعادة النظر في موضوع الدوائر الانتخابية وتقسيماتها، بحيث تأخذ المحافظات الجنوبية (الثلث +1) من حيث العدد، بغض النظر عمن يفوز بعد ذلك، لأن الحزب الحاكم والأحزاب الأخرى ستكون حاضرة في المنافسة وفي الفوز، وهو ما يقلل المخاوف من إمكانية استغلال ذلك لأغراض أخرى..
وبالطبع فإن هذا يستلزم إعادة النظر في القانون المنظم لعمل مجلس النواب والقواعد التي تُبنى عليها عملية التصويت داخل المجلس، بما يمكن الثلث الضامن من طرح القضايا التي يراها بصورة فاعلة، كما يمكنه من إيقاف الأخطاء والتجاوزات التي قد تقع فيها الأغلبية..
وتنطبق فكرة (الثلث +1) نفسها على عضوية مجلس الشورى، سواء بقي تشكيله بأسلوب التعيين أو انتقل إلى مرحلة الانتخاب..
ثم تأتي ترجمة فكرة الثلث الضامن بصورة عملية في إطار تشكيل مجلس الوزراء وتوزيع الحقائب الوزارية وفق آلية متوازنة، وهذا لن يكون صعباً في ضوء ما سبق من تجارب، لكنه بحاجة إلى إعادة النظر في قانون مجلس الوزراء، بما يعطي المجلس القدرة على ترجمة السياسات والبرامج والخطط في إطار ديمقراطي شفاف يستند على مبدأ التصويت لاعتماد القرارات والنتائج التي يتوصل إليها أعضاء المجلس..
وبالنسبة لفكرة الثلث الضامن المتعلقة بعملية التوزيع الإداري داخل الوزارات والأجهزة والمؤسسات الحكومية المركزية (القائمة في العاصمة) سواء بالنسبة لمواقع الوكلاء أو بالنسبة للإدارات العامة، فإن هذا بحاجة إلى آلية مرنة يمكن أن يتم البحث فيها، وذلك في ضوء معايير إدارية وقانونية فاعلة..
ولا أعتقد أن هذا الطرح، في مقابل الطروحات الأخرى، سيكون تجاوزاً للمعقول أو تخطيا للسقف الممكن، فقد سبق لشريكي الحكم عند توقيع اتفاقية إعلان الوحدة 22 مايو 1990م أن قبلا مبدأ تقاسم السلطة بالتساوي (50% + 50%)، وكان عدد الأعضاء الممثلين للطرف الجنوبي في مجلس النواب الأول (90 - 93م) ما يقارب مائة وخمسة وعشرين عضواً، وهذا العدد أكثر من الثلث بكثير..
وبالتأكيد فإن فكرة الثلث الضامن، عندما تصبح معتمدة واقعاً ومنصوصا عليها قانوناً، لن تبقى محصورة في إطار جهوي فقط، وذلك في ظل التعددية السياسية والحزبية، وهو ما سيعطي لهذا الثلث حيويته، سواءً داخل تكوينات السلطة التشريعية أو على مستوى قطاعات السلطة التنفيذية، وسيكون بالفعل ميزان التوازن والاستقرار السياسي والاجتماعي الذي يتطلع إليه الجميع..
* رئيس مركز دراسات الجزيرة والخليج..