المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اليمن : والجنوب: وحضرموت:والوقاية من السقوط في الصوملة :قبيلة ياخبرة قبولة


حد من الوادي
12-11-2008, 05:21 PM
اليمن.. ضرورات الهبوط الآمن والوقاية من السقوط في الصوملة





محمد الغابري [email protected] 12/2/2008 http://www.alahale.net/imgs/11/1011D12M11.gif

اليمن أشبه بكائن قفز إلى الهاوية لكنه لم يرتطم بالأرض بعد، واليمن أشبه بسفينة تتقاذفها الأمواج مع غياب الصيانة وقطع الغيار وأكثر مصادر الإضرار بها هم الطاقم مع تجاهل الركاب، واليمن أشبه بمركبة تواجه منعطفا حادا يفضي إلى منحدر تجاهله يمكن أن يسقطها في واد سحيق، واليمن كائن دخل في نفق مظلم قد لا يجد نورا في نهايته.

قد يبدو الحديث عن الهبوط الآمن بشأن بلد ما غير مألوف، لكنه قد يكون الوصف الأكثر دقة للحالة اليمنية، فاليمن أشبه بكائن قفز إلى الهاوية لكنه لم يرتطم بالأرض بعد، وصف ورد في أحد التقارير الغربية عن اليمن عام 2004م أي أنه كان بالإمكان استعادتها إلى الأمان لكنها هوت ولا تزال، وليس أمامها مفر من الهبوط والخيار فقط في توفير هبوط آمن أو السقوط المؤدي إلى التمزق أشلاء. واليمن التي تحيط بها أزمة شاملة تنتج أزمات ينطبق عليها مفهوم الأزمة الذي يذهب إلى القول بأنها وقوع بلد ما في منعطف حاد يفضي إلى منحدر خطير، وإدارة الأزمة هنا إما أن تكون على قدر عال من المهارات والوعي بالمنعطف والمنحدر.. تتجاوز المنعطف وتمر عبر المنحدر لتصل إلى المكان الآمن، أو تقع في أخطاء تؤدي إلى سقوط المركبة في واد سحيق.

الهبوط الآمن

لحماية اليمن من الارتطام بالأرض أو السقوط في هاوية سحيقة ولتوفير هبوط آمن فإن ذلك له شرطين أو مطلبين الأول: إبطاء عملية الاندفاع وذلك بإضعاف عوامل الدفع، والثاني: إعداد الأرضية وتمهيدها وتسويتها وفرشها ليكون الهبوط آمنا وأقل خسائر.

تمر بالدول أزمات، منعطفات ومنحدرات، ويتوقف نجاحها في إدارة الأزمات والنجاة من السقوط على أولئك الذين يديرونها، ومدى توفر وعي بالأزمة، ومدى توفر مهارات الإدارة، وقوة إرادة، ومن هنا فإن فرص النجاح، والنجاة تقل أو تنعدم حين تكون القيادة دون الأزمة، ويتأكد السقوط والهلاك حين تكون السلطة المصدر الرئيس للأزمة، الصانع للمنعطفات والمنحدرات ما لم توجد قوى بديلة تحول دون السقوط.

الأزمة اليمنية

إن الأزمة اليمنية ليست أزمة عابرة بل أزمة مصنوعة موغلة شاملة والإشكالية الكبرى أن السلطة المفترض فيها إدارة الأزمة والحصول على تضامن عام لا تعترف بالأزمة.

السلسلة الشيطانية..عوامل الدفع نحو السقوط
سلسلة من حلقات متداخلة تنتج بعضها بعضا، وتغذي بعضها بعضا حتى تغدو دائرة شيطانية:

1- غياب المشروع: الانفصال عن الشعب، القطيعة مع العصر.
- الغاية الانفراد بالسلطة والاحتفاظ بها وتوريثها للأبناء.
- الانفصال عن الشعب وتطلعاته تعتمد وسائل بما فيها استخدام الشعب وتزييف الإرادة العامة للحصول على الشرعية، عدم احترام الشعب وعدم الخشية منه، غياب المراقبة والمحاسبة.
- القطيعة مع العصر، غياب المفاهيم، الأمية السياسية، الأمية الأمنية، غياب مؤسسات صناع القرار والتخطيط.
- تقديم الولاء لأشخاص السلطة على الانتماء للوطن, وتقديم الانتماءات الصغيرة على المواطنة، الإدارة تقوم على الولاء لا الأداء والثقة وليس الكفاءة.

- تبديد الثروة لشراء الولاءات والذمم.

2- الفساد العام والشامل.
- التسيد والحصول على امتيازات غير مشروعه وأشخاص السلطة ومراكزها فوق القانون.
- إعاقة التنمية وإعاقة الاستثمار، تعطيل التنمية وتعطيل الاستثمار.
2-3- ارتفاع معدلات البطالة والفقر:
- التفكك الاجتماعي.
- ارتفاع معدلات الجريمة والجريمة المنظمة.
- ارتفاع معدلات الأمية.
- تدني الخدمات المختلفة.
- وقوع الأغلبية الساحقة في أسر الحاجة وأسر الخوف، أي إنسان غير منتج.

- فساد الضمائر والذمم.
- تقطيع العلاقات الاجتماعية.
- الجشع والكسب بطرق غير مشروعه.
- ظهور الولاءات الخاصة وتحولها إلى ألغام موقوتة وانعدام الشعور بالوطنية، أو الانتماء إلى دولة.
...
إن الأصل في التعامل مع الفساد هو محاسبة من يمارسه، وفي أسوأ الأحوال عزله من منصبه، في اليمن وفقا لتقرير أمريكي -مندهش- نشرته دورية المصالح الأمريكية -يرأس تحريرها فوكوياما صاحب كتاب نهاية التاريخ- ونقلته إلى العربية ونشرت أجزاء منه صحيفة «المصدر» المحلية جاء في التقرير أن نائبا لوزير النفط ضبط متلبسا في عملية فساد كبيرة ولم يتم إحالته إلى القضاء بل ما هو أعجب لقد تمت ترقيته وتعيينه سفيرا في إحدى الدول الغربية.
الشاهد أن السلطة التي تصنع عوامل الدفع باتجاه السقوط لا يمكن الرهان عليها لإبطاء عملية الاندفاع في الهاوية.

3- الصراع على السلطة:
إن الصراع على السلطة والنفوذ حين يفقد الآليات والوسائل المشروعة فإنه يذهب بعيدا في استخدام كل عناصر الدولة وممتلكاتها العامة في الصراع والإنفاق على شراء الولاءات والذمم، والانصراف عن الشأن العام إلى إدارة الصراع -حرب صعدة نموذجا صارخا- فضلا عن صراع محموم يتجلى في المؤتمر الشعبي وتصريحات وأحاديث قيادات ليس آخرها استقالة هلال المعبرة عن صراع حتى العظم، إضافة إلى البطانة الخفية.

4- الألغام الموقوتة:

يوجد تزايد ملحوظ في العناية بجماعات ومنظمات وحركات مذهبية طائفية متناقضة متنافرة، بعض ثمارها بدأت في الظهور هناك في الوقت الراهن مشكلة حرب صعدة والحوثية، الحراك في المحافظات الجنوبية واتخاذ بعض شعارات انفصالية، فضلا عن جماعات تنتسب إلى الجهاد والقاعدة وتشن عمليات بين فترة وأخرى، إضافة إلى ازدياد التناقض بين السلفية والحوثية من جهة والسلفية والصوفية من جهة أخرى، ثم هناك الاسماعيلية (البهرة) ومحاولات جادة لتغذيتها وتغذية طموحاتها، كل ذلك ألغام موقوتة وعوامل تمزيق في الحالة الطبيعية، تنظر الدولة إلى أمنها القومي فتعمل على نزع الفتائل وذلك بيان ووضوح ما هو مشروع وما هو غير مشروع وحيث كل ما يكون مصدرا لتهديد الأمن القومي للدولة محظور، في الحالة الطبيعية تكون السلطة محايدة بمعنى أن تحديد مصادر الخطر وما هو محظور يتم من قبل خبراء، علماء، محايدين يدركون وزن المعادلات بين الوحدة والتنوع، بين الحرية والأمن.

الهبوط الآمن.. تقارير وتحذيرات
في تقرير أمريكي عن الانتخابات الرئاسية والمحلية 2006م ونشر في صحيفة الصحوة مطلع 2007م يذهب إلى أن الانتخابات أظهرت حجم الفساد ومدى اعتماد النظام القائم عليه، ويخلص إلى أن المهمة الرئيسية التي ينبغي على النظام القيام بها هي العمل على الهبوط الآمن باليمن وأهم عنصر فيه التخلي الطوعي عن السلطة ومغادرتها سلما ليتم انتقالها سلميا ومغادرة البلاد.

أي أن التقرير لا يجد إمكانات لهبوط آمن بدون تغيير جذري، وأن بقاء النظام يعني الهبوط غير الآمن أي ما يمكن وصفه بالسقوط القاتل في بحر الصوملة وما ذهب إليه التقرير يؤكد التحذير الذي أطلقه رئيس البنك الدولي في زيارته لليمن عام 2005م فقد خاطب رئيس الحكومة عبدالقادر باجمال -حينها- بلغة واضحة وصريحه وخارج الغرف المغلقة بالقول: إن الاستمرار في سياستكم الحالية ستقودون بلدكم إلى الانهيار وإذا انهارت فلن يساعدكم أحد.
التقارير الغربية أو أحاديث خبراء غربيين تتمتع بقدر من المصداقية بالنظر إلى حصولها على معلومات لا يستطيع اليمنيون الحصول عليها، وأن معظم التقارير تصنف اليمن دولة هشة وتحذر من انزلاقها نحو دولة فاشلة كالحالة الصومالية، وصندوق الألفية أعطى الحكومة عام 2005م صفر في معايير ما يسمى الحكم الرشيد.
وفي حلقة نقاشية عن الشئون اليمنية انعقدت في وزارة الخارجية الأمريكية ونشرت «الأهالي» في وقت سابق أجزاء منه وصف للحالة اليمنية.
* مندوب البنك الدولي: «اليمن بمستوى دول أفريقيا وتنفق على شراء الأسلحة بمستوى دول الخليج».
* مندوب الشفافية الصناعية: «النفط في اليمن تحول من ثروة وطنية إلى (فيد) بيد النخبة الحاكمة».
ويذهب منير الماوري -المشارك في الحلقة- إلى أن السعودية ستملأ الفراغ.
أما التقرير الأمريكي المنشور في «المصدر» فيشير إلى احتمال تحول اليمن إلى دولة فاشلة، وأن مناطق قد تطالب بحكم ذاتي وأخرى قد تنفصل، والمملكة قد تضع يدها على منطقة مثل حضرموت.

وأخيرا التقرير الصادر عن المعهد الملكي البريطاني والمنشور في «الأهالي» والذي يحذر من السقوط ومخاطره على الاستقرار في المنطقة برمتها.
وهناك الكثير من التحذيرات المحلية في فبراير 2005م كان حديث الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر -رحمه الله- أن السلطة تُدخل اليمن في نفق مظلم.

وفي مطلع العام الجاري نقل أحد المواقع الإلكترونية عن الدكتور عبدالكريم الإرياني قوله أن اليمن بحاجة إلى إنقاذ سياسي عاجل خلال ثلاث سنوات وإلا فإن هناك ما هو أخطر من الحوثية والدعوات الانفصالية.
وأخيرا حديث الأستاذ محمد سالم باسندوه الرجل المخضرم، والخبير في الشئون اليمنية والذي يحظى بسمعة حسنة، لقد عبر عن أسفه العميق عن الحالة اليمنية وأنه يخشى أن يغادر الحياة ولم يتحقق حلمه برؤية اليمن آمنا مزدهرا والدموع التي ذرفها كانت أقصى درجات التعبير عن الحالة اليمنية.

الفاشلة بحرا
على مستوى المياة الإقليمية فقدت الجمهورية اليمنية سيادتها، وتتعامل معها الدول الغربية باعتبارها دولة فاشلة لا سيادة لها على مياهها.
الفرص المتاحة لهبوط آمن

ماذا بقي من فرص للهبوط الآمن؟

إن الشرط الأول والمتمثل في احتواء عوامل الدفع في الهاوية في التخفيف من الفساد تمهيدا لاحتوائه وإنهاء الصراع على السلطة.. غير قابل للتوفير في المرحلة الراهنة فالسلطة الحالية جعلت من الفساد والصراع أهم مرتكزاتها للبقاء، أي أن الإرادة السياسية في الإصلاح والتخفيف من الفساد غير موجودة، ثم أنها على الأرجح -لو وجدت فإنها لا تقدر، لا تستطيع، وكل الشواهد تشير إلى غياب الإرادة وفقدان المقدرة، لو كانت إرادة وفحوى ما سبق أن المراهنة على السلطة في وقف التدهور واحتواء الفساد لإبطاء سرعة الهبوط مراهنة في غير محلها، والذي يزداد هو سرعة الاندفاع في الهاوية.

الشرط الآخر: وهو المتبقي من الفرص المتاحة وهو ممكن مع مصاعب في حالة، وصعب ممكن في نهاية المطاف في حالة أخرى.
الحالة الأولى: أن توجد قناعة لدى النظام ومراكز القوى بأن الاستمرار يعني السقوط، والسقوط يعني على رؤوس الجميع ولن ينجو منه أحد، ومن يراهن على إمكانية الهرب فإنه يجازف لأن السقوط في أكثر أحواله يكون مفاجئا ولا يدع أي فرصة للنجاة.

إذا توفرت تلك القناعة فإن الخطوة التالية الإعداد والتهيئة للتخلي عن السلطة والنقل الآمن لها، ومن حق النظام ومراكز قواه في هذه الحالة الحصول على ضمانات قانونية بعدم ملاحقتهم قضائيا.

السلطة والسقوط
أدركت مراكز قوى السلطة أم لم تدرك، قصدت أم لم تقصد، فإن المعطيات المشهودة تشير بوضوح لا لبس فيه إلى حقائق.
الحقيقة الأولى: أن السلطة القائمة المصدر الأول والأكبر في الدفع باليمن نحو السقوط في الصوملة.
الحقيقة الثانية: لم تتوفر الإرادة لدى السلطة لتدارك الشئون العامة منذ بدأت المؤشرات على وجود مخاطر حقيقية بل التمادي في تغذيتها وتوفير البيئة الملائمة لنموها وتغولها.
الحقيقة الثالثة: أن السلطة لم تعد قادرة حتى لو أرادت على الإصلاح الشامل والوقاية من السقوط.
الحقيقة الرابعة: أن السلطة تصنع أضرارا ومخاطر تهدد السلطة ذاتها والكيان العام للبلاد.
الحقيقة الخامسة: أن أعظم خدمة يمكن أن تقدمها السلطة للبلاد وللأشخاص ومراكز قوى السلطة هي في التخلي الطوعي عن السلطة ونقلها سلما إلى الشعب.
الحقيقة السادسة: أن اليمنيين كافة مسئولون عن أمن وسلامة الدولة اليمنية وأن الأجيال الحاضرة واقعة أمام مسئولية تاريخية، وأن على اليمنيين كافة إدراك ما هم فيه وإلى أين يتجهون ومن واجباتهم الرئيسية التضامن والاتحاد في التعامل مع المخاطر القائمة والقادمة وتجاوز الحالة الراهنة ومنعطفاتها ومنحدراتها إلى بر الأمان.

المشترك والحوار الوطني
إن اللقاء المشترك ينبغي أن يدرك حجم المسئولية التاريخية وأن من واجباته العمل على إيجاد أرضية صالحة لهبوط آمن لليمن، ومضي المشترك في الحوار الوطني سيكون ناجحا إن استطاع استقطاب كل من يشعر بالمخاطر، وحجمها، وكل من يسعى ليمن آمن مزدهر، وإيجاد وفاق وطني عام للتعبير السلمي، والمحافظة على كينونة الدولة اليمنية ووجودها.
ذلك يتطلب منه رؤية واضحة وبرنامج أو مشروع واضح للنهوض بالبلاد، والذي من متطلباته توعية الأعضاء بمفاهيم ضرورية كالدولة والسلطة والحزب والوظيفة العامة ذلك أن الثقافة السائدة والمرسخة من المؤتمر الشعبي والسلطة تقديم الانتماء للمؤتمر على المواطنة، وتقديم الولاء للسلطة على الأداء، واستخدام السلطة للمؤتمر في الانتخابات الذي يجعلها زائفة.. وغيرها من الأمراض مطلوب وعي عام بأهمية وضرورة الهبوط الآمن، ثم مشروع للنهوض يغير ذلك فإن الجناية ستطال أجيال ويتحمل وزرها كل من ساهم في صنعها أولا ثم كل من قعد عن السعي للمحافظة على أمن البلاد وسلامتها وهو قادر على فعل شيء.

بداية.. انتفاضة نوفمبر
هل يمكن القول بأن انتفاضة العاصمة في ال27 من نوفمبر تعني أن عجلة التغيير قد بدأت بالدوران؟