حد من الوادي
12-20-2008, 01:30 AM
مهام الجيش اليمني قمع الشعب أم مواجهة القراصنة
[12/19/2008]? البديل خاص\بقلم ريما الشامي:http://albadell.net/imgs/11/2148529205.jpg
كشفت عمليات القرصنة الصومالية التي تمارس داخل المياه الاقليمية اليمنية في خليج عدن وبحر العرب مستوى الضعف الذي يعانيه الجيش اليمني وانعدام تأهيله المهني ماجعله يقف عاجزا اليوم عن القيام بأبسط واجباته الوطنية في الدفاع عن سيادة البلد وحدودها البرية والبحرية والجوية الأمر الذي جعل المياه الاقليمية اليمنية ساحة حرة لمجموعة قراصنة بدائيون يمارسون اعمال اختطاف السفن من امام مواني المكلا وعدن و كذا ساحة اخرى أيضا لأطماع القوى الاجنبية التي تحشد قواتهاحاليا تحت ستار مواجهة القراصنة
الأمر خطير جدا جراء تواجد القوات الاجنبية وتوليها لمهام عمليات مكافحة أعمال القرصنة في خليج عدن والبحر العربي بدلا عن الجيش اليمني مستغلة ضغفه وانعدام تاهيله المهني حيث أن هذه الخطوة لن تكون مجانية و سيترتب عليها مخاطر جمة تهدد السيادة الوطنية وعودة الوصاية الأجنبية من جديد وبأشكال مختلفة .
لقد ظل الرئيس صالح يضعف الجيش طيلة 30 عاما الماضية التي هي فترة حكمه وهو من وراء ذلك أراد تحويله من جيش مهني مسؤل عن حماية البلد والدفاع عن سيادته وحدوده الى ميلشيا خاصة به يوفر له ضمانات البقاءعلى كرسي السلطة ويقمع به الشعب ويهدد به أحزاب المعارضة ويفرض به أيضا مشروع التوريث وهاهي النتيجة مرة وكارثية على المستوى الوطني وتتضح بجلاء في ضعف الجيش و عدم مقدرته على حماية الشواطئ والموانئ المحلية من عمليات القرصنة التي تمارس بمنتهى الحرية داخل المياه الاقليمية اليمنية.
لقد استطاع الرئيس صالح تدمير بنية الجيش وعقيدته وتحويله عن خطه المهني ومهامه الوطنية التي يقف عاجزا عن أدائها اليوم الى مجرد ميلشيات يستخدمها في الحروب الداخلية المتواصلة ويوجهها كأداة مسلحة نحو قمع الفعاليات والاعتصامات الشعبية المدنية السلمية في شوارع المدن والأخطر من هذا كله يستقوي بالقوة العسكرية للجيش لاعادة البلد للحكم الأسري الوراثي الفردي الذي يعد بكل المقاييس انقلابا صريحا على النظام الجمهوري وأهداف الثورة التي قامت أصلا لتخليص الشعب من استبداد الحكم الوراثي الأسري
لقد تعرض الجيش خلال فترة ال30 عاما الماضية لأكبرعملية تدمير من كافة النواحي المادية والفنية والتقنية والتأهيلية والادارية وذلك حتى ينسلخ عن واجباته المهنية الوطنية الى مهام أخرى لا تندرج في اطار اختصاصاته الدستورية والقانونية وهي تأمين كرسي السلطة وتوريثه في اطار أسرة الرئيس صالح وهاهي النتائج ملموسة للعيان فالجيش اليمني صار اليوم لا علاقة له مطلقا بحماية حدود البلد وسيادته فلقد أحتلت مجموعة من الجنود الارتيريون جزيرة حنيش اليمنية في أقل من نصف ساعة ودون مقاومة تذكر ومن ثم استردت تلك الجزيرة بالمفاوضات والوساطات الاقليمية والدولية وهاهي عمليات القرصنة تمارس اليوم بكل حرية قبالة شواطئ المكلا وعدن وتهدد البلد بتواجد قواعد عسكرية على أراضيها للقوات الأجنبية التي ستتولى مهام حماية المياه الاقليمية اليمنية من عمليات القرصنة
لقد ظلت سياسات تدمير الجيش الممنهجة تمارس طيلة العقود الثلاثة الماضية بمنتهى الحرية حتى وصل الجيش اليمني الى هذا الحال الذي لايستطيع فيه الدفاع عن حدود الوطن وسيادته فقد نزع الولاء الوطني من عقيدة الجيش و حل بديلا عنه الولاء الشخصي للفرد الذي استخدمه لتنفيذ أجندته الخاصة اذ تم تفريغ الجيش من الكوادر الوطنية والكفاءات القيادية المؤهلة واستبدلت بأفراد لا يمتلكون غير مؤهلات القرابة الأسرية والولاء الشخصي وترتب على هذا الوضع الغاء معايير الكفاءة المهنية والعلمية في ادارة المناصب الوظيفية والقيادية في الجيش و حلت بديلا عنها معايير القرابة الشخصية والأسرية والمناطقية وتوريتها في اطار أفراد العائلة الحاكمة حتى صارت المناصب القيادية في الجيش اليمني حصريا بأيدي أفراد أسرة الرئيس صالح والمقربين منه فيما الكفاءات العلمية والكوادر المؤهلة تم اقصاؤها وتهميشها وافراغها من الجيش واحالتها الى التقاعد القسري وحاليا يسيطر نجل الرئيس صالح على أقوى 3 وحدات عسكرية في الجيش هي الحرس الجمهوري والقوات الخاصة وقوة مكافحة الارهاب فيما بقية الوحدات العسكرية والأمنية يمسك زمامها أبناء اخيه وأخوته وأبناء عمومته يحي وطارق وعمار وعلي محسن ومحمد صالح الأحمر، وجدير ذكره أن من أهم أسباب تفجر حرب صيف 94 هو رفض الرئيس صالح لأهم بندين في وثيقة العهد والاتفاق هما : الأول هو تدوير المناصب العسكرية واخضاعها للمعايير المهنية ، والبند الثاني هو منع تولي أقارب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء للمناصب القيادية العليا في الجيش
لقد أسهمت معايير الولاء الشخصي كثيرا في اضعاف بنية الجيش حيث تمت عملية واسعة بشتى الطرق لتصفية الكوادر المؤهلة واقصاؤها والبقية الباقية من منتسبي الجيش يعانون الاحباط واليأس وفقدان الثقة بسبب سياسات التمييز وفساد معايير الترقية التي تعتمد القرابة الأسرية والولاء الشخصي عندما يرون أشخاصا غير مؤهلين يتسلمون أرفع المناصب القيادية العسكرية بسبب امتلاكهم لمؤهلات القرابة الأسرية
انه من المأساوي أن تتحول مهام جيش نظامي من حماية البلد وسيادتها وحدودها الاقليمية الى مهام أخرى غير دستورية وغير وطنية تتمثل في قمع الفعاليات السلمية المدنية لأبناء الشعب والتورط في الحروب الداخلية و فرض مشروع التوريث بالقوة وفي مثل هذه الحالة التي يعيشها الجيش اليمني فانه من المنطقي أن تحرمه السلطة من التأهيل العلمي والمهني اللائق بالجيوش المهنية وأن تمارس مع منتسبيه سياسة التجويع وتحرمهم سبل الحياة الكريمة وتمنع تحسين ظروفهم المعيشية وتبقيهم عند مستوى الكفاف وذلك من أجل ان تضمن السيطرة عليه والاستخدام الشخصي لامكانياته ومن اجل يظل هذا الجيش أداة طيعة بيدها تسخرها في تأمين كرسي السلطة وقمع الشعب و الحروب الداخلية وانفاذ مشروع التوريث
وعليه فانه من المنطقي أن نلاحظ اصرار السلطة على ابقاء معسكرات الجيش وأقوى وحداته العسكرية في داخل العاصمة والمدن الرئيسية حتى انحصرت وظيفة الجيش في القاء الرئيس صالح لخطاباته النارية التخوينية ضد المعارضة من ساحات المعسكرات فيما حدود البلد البرية ومياهه الاقليمية ساحة مفتوحة أخرى لكن للقرصنة والتهريب ونهب الثروة البحرية والاحتلال الاجنبي كما حدث لجزيرة حنيش
انه من غير المعقول أن تظل السلطة تتصرف تصرفات غير قانونية وتصر على عدم الاحتكام للدستور كعقد اجتماعي و مرجعية فاصلة للمجتمع(سلطة ومواطنين) في حل المشكلات الوطنية و ان تظل تلجأ دائما الى الاستخدام الشخصي للجيش والزج به في الحروب الأهلية وقمع الاعتصامات المدنية والحراك السلمي خاصة في هذه الفترةالتي تزداد فيها اعمال القرصنة و حشود القوات الأجنبية الى خليج عدن والبحر العربي واطماعها في السيطرة على المنافذ البحرية للبلد مستغلة ضعف الجيش وعجزه عن حمايتها فيما نجد السلطة على الجانب الأخر بكل برود ولا مسؤلية تنسى واجباتها الدستورية والقانونية ازاء حماية البلد وتقوم عوضا عن ذلك بتوجيه وحدات عسكرية نحو صعدة لتدشين الحرب السادسة ووحدات أخرى تنزلهم الى شوارع المدن لقمع الاعتصامات الشعبية المدنية ومعسكرات أخرى تنشرهم في مناطق الجنوب لمواجهة الحراك السلمي ، وكأن هذ السلطة التي تستقوي بالجيش على مواطنيها لا تدرك أن القوة العسكرية لا تقدم أية حلولا للقضايا الوطنية بقدر ما تعقد المشكلات وتفاقم الأزمات وتخلق المزيد من الفوضى والصراعات بل أن السبيل الناجع والوحيد لانتشال الوطن من النفق المظلم يكون ابتداءا باعتراف الرئيس صالح بفشل سياسات الحكم الفردي الجهنمية التي دمرت البلد ومزقته ثم الاقرار بالقضايا الوطنية والأزمات المستفحلة التي صنعها حكم الفساد والاستبداد ومن ثم الاستجابة العاجلة للمطالب الشعبية والوقف الفوري لسياسات الفساد والنهب والعبث وتنفيذ شروط و مبادرات الاصلاح الوطنية بدون تأخيرأو مناورات.
سنظل نحذر السلطة ونذكرها مرارا وتكرارا وندعوها لأن تفكر جيدا وبمسؤلية وطنية قبل أن توجه الجيش مجددا نحو قمع الشعب وفعالياته السلمية وتدشين حروب أهلية جديدة فالبلد منهارة اقتصاديا واجتماعيا وتعاني انقسامات ونراعات بما فيه الكفاية ولم تعد تحتمل مزيد حروب وقمع و خاصة في مثل هذه الظروف التي يواجه فيها الوطن مخاطر التدخل الاجنبي ووصاية القوات الدولية القادمة لحماية مياهنا الاقليمية من عمليات القرصنة جراء عجز الجيش على حماية المنافذ البحرية والمياه الاقليمية للبلد
وفي هذا الظرف الوطني الصعب فان الجيش مناطا به الانحياز الى صف الشعب ومواجهة الأخطار التي تهدد سيادته وحدوده البرية والبحرية ومخاطر التواجد الأجنبي على الأراضي اليمنية الناجم عن عدم قدرته على حماية المياه الاقليمية للوطن وأن لا ينجر وراء مخططات السلطة التي تريد ضرب الجيش بالشعب لأنها لن تؤدي الا الى تدمير البلد وخلق كارثة وطنية غير متوقعة في مثل هذه الظروف المأساوية والمعاناة التي تطحن جميع سكان هذه البلاد جيشا ومواطنين بسبب سياسات والافقار والفساد والصراعات والحروب التي تداربها البلد
ان مشكلة الجيش اليمني يمكن تشخيصها ببساطة كالأتي: فهو جيش عددي يعتمد على الكم ولا يمتلك أدنى قدر من التأهيل العلمي والتقني والتسليحي كجيش دولة مهني بل أن السواد الأعظم من منتسبيه من الأميين الذين لم ينالوا أي حظ من التعليم والى جانب ذلك ظلت السلطة تمارس عليهم سياسات التجويع والافقار وترفض تحسين مستوى معيشتهم حتى تبقيهم عند حد الكفاف والأخطر من كل هذا هو استغلال هذه السلطة لسيطرتها على الجيش ولظروف فقر منتسبيه ووعيهم البسيط في انتهاجها لسياسة التجهيل والتضليل والتعبئة الخاظئة التي تبثها قياداتها في أوساط الجيش ضد أبناء الشعب وقوى المجتمع المدني بصورة منهجية ومنتظمة ويأتي جزءا هاما من وسائل هذه السياسة التضليلية خطابات الكراهية والتخوين والتحريض ضد أحزاب المعارضة من قبل الرئيس والتي تزداد كلما تأزمت العلاقة بين السلطة والمعارضة خصوصا مع اقتراب الدورات الانتخابية وقد حققت هذه السياسة الخطيرة نتائج سلبية جعلت الجيش في حالة عداء مع أبناء شعبه رغم أنه جزء من نسيجه الاجتماعي ورغم توحد المعاناة بين أفراد الجيش وأبناء شعبه وقبل ذلك استطاعت هذه السياسة أن تنتزع ارادة الجيش وتوجهه ضد نفسه ومصلحته الحقيقية وتلاحظ هذه النتائج السلبية بكل وضوح من خلال دفع منتسبي الجيس الى التصويت لصالح مرشحي السلطة في الانتخابات ومن ثم اقحامهم في اليات التزوير المعروفة ولعل هذا الواقع الأليم يكشف بوضوح عن مدى فداحة الظلم والمعاناة المفروضة على الجيش والتي وصلت حد أن تجعله عدو نفسه وتسخره لتعميق مأساته في المقام الأول، لقد ظلت تمارس هذه السلطة سياسات افساد وتدمير الجيش طوال الفترة الماضية بمنهجية حتى تصل الى تحقيق هدفها وهو جعل هذا الجيش مجرد أداة طيعة تستخدمها في تنفيذ أجندتها الخاصة التي تتمثل في تأمين كرسي الحكم وتوريثه على حساب تمزق البلد وانهياره وقد استطاعت هذه السلطة ان تحدد المعالم والسياسات التي تدير بها الجيش وهي :قمع الشعب واستخدامه في الحروب الداخلية وارهاب المعارضة وقوى المجتمع المدني لذلك فهذا الجيش يظهر عاجزا عن مواجهة مجموعة قراصنة بدائيين كأبسط واجباته المهنية ومهامه الدستورية
ان أكبر ممارسات الفساد تجري داخل الجيش بدون حسيب ولا رقيب ويعاني من نتائجها أفراد الجيش بصورة مباشرة على مستوى حياتهم المعيشية فعلى الرغم من الرقم الكبير المرصود للجيش في الموازنة العامة للدولة والاعتمادات الاضافية , والتي تبلغ ما يقارب ال70% من النفقات العامة الا ان هذا الرقم لا يذهب الى تحسين معيشة أفراده ومنتسبيه او نحو تأهيل الجيش وتطوير أدائه وبنائه وفقا للمعايير العلمية الحديثة للجيوش العالمية هذا فضلا عن انه لا توجد رقابة أو مسألة عن موزانة الجيش وأوجه انفاقها كونها محاطة بسرية تامة ومرتبطة مباشرة بالرئيس صالح لذا تعد موازنة الجيش هي أهم مصادر الفساد حيث يجري نهبها تحت ستار الظلام بواسطة حمران العيون من القيادات العليا التي تسيطر على الجيش حتى المخصصات الغذائية للجنود من الفول والأرز والكدم يجري السطو عليها والاتجار بها فكيف يمكن بعد ذلك لجيش هذا حاله أن يحمي وطنا أويواجه مجموعة قراصنة جائعين.
ان السؤال الأهم الذي يطرح نفسه هو : هل تمتلك اليمن جيشا حقيقيا يستطيع أن يحمي سيادتها الوطنية ؟ اذا كان القراصنة الصوماليون يختطفون السفن من مواني عدن والمكلا بكل حرية وقبلهم الجنود الاريتريون الذين احتلوا جزيرة حنيش في أقل من ربع ساعة و اذا كانت أراضي البلد تتنازل عنها السلطة للأشقاء السعوديين بمفاوضات واتفاقيات تقول عنها وسائل الاعلام الرسمية بأنها تجسد حكمة القائد الأعلى للقوات المسلحة
سنؤكد مرة ثانية وثالثة بان اليمن بحاجة ماسة لانتشال جيشها الذي صار فيه فيه مجرد اداة بيد الحاكم الفرد لقمع الشعب واستنزافه في الحروب الداخلية الى وضع أخر يعيد الاعتبار لهذا الجيش المناط به مهام عظيمة هي حماية الوطن والدفاع عن سيادته وهذا الخطوة الجبارة تستدعي اعادة بناء الجيش اليمني بناءاُ علميا مهنيا كبقية جيوش العالم حتى يصبح مؤهلا وقادرا على أداء واجباته الوطنية المتمثلة في الدفاع عن سيادة البلد وأراضيه ومنافذه البرية والبحرية والجوية وهذا البناء يجب ان يتأسس على مبدأ الولاء للوطن وليس للفرد والأسرة الحاكمة واعادة البناء والتأهيل يجب ان تكون شاملة وقائمة على أسس الكفاءة والاقتدار والمعايير العلمية الحديثة في الادارة والهيكلة والتقنية والتسليح وجزء كبير من المسؤلية يقع على عاتق الكوادر الوطنية في الجيش التي يجب أن تتحرك لاعادة بناء الجيش وتصحيح نهجة في الاتجاه الذي يؤهله نحو القيام بواجباته المهنية وفقا للدستور والقانون.
[12/19/2008]? البديل خاص\بقلم ريما الشامي:http://albadell.net/imgs/11/2148529205.jpg
كشفت عمليات القرصنة الصومالية التي تمارس داخل المياه الاقليمية اليمنية في خليج عدن وبحر العرب مستوى الضعف الذي يعانيه الجيش اليمني وانعدام تأهيله المهني ماجعله يقف عاجزا اليوم عن القيام بأبسط واجباته الوطنية في الدفاع عن سيادة البلد وحدودها البرية والبحرية والجوية الأمر الذي جعل المياه الاقليمية اليمنية ساحة حرة لمجموعة قراصنة بدائيون يمارسون اعمال اختطاف السفن من امام مواني المكلا وعدن و كذا ساحة اخرى أيضا لأطماع القوى الاجنبية التي تحشد قواتهاحاليا تحت ستار مواجهة القراصنة
الأمر خطير جدا جراء تواجد القوات الاجنبية وتوليها لمهام عمليات مكافحة أعمال القرصنة في خليج عدن والبحر العربي بدلا عن الجيش اليمني مستغلة ضغفه وانعدام تاهيله المهني حيث أن هذه الخطوة لن تكون مجانية و سيترتب عليها مخاطر جمة تهدد السيادة الوطنية وعودة الوصاية الأجنبية من جديد وبأشكال مختلفة .
لقد ظل الرئيس صالح يضعف الجيش طيلة 30 عاما الماضية التي هي فترة حكمه وهو من وراء ذلك أراد تحويله من جيش مهني مسؤل عن حماية البلد والدفاع عن سيادته وحدوده الى ميلشيا خاصة به يوفر له ضمانات البقاءعلى كرسي السلطة ويقمع به الشعب ويهدد به أحزاب المعارضة ويفرض به أيضا مشروع التوريث وهاهي النتيجة مرة وكارثية على المستوى الوطني وتتضح بجلاء في ضعف الجيش و عدم مقدرته على حماية الشواطئ والموانئ المحلية من عمليات القرصنة التي تمارس بمنتهى الحرية داخل المياه الاقليمية اليمنية.
لقد استطاع الرئيس صالح تدمير بنية الجيش وعقيدته وتحويله عن خطه المهني ومهامه الوطنية التي يقف عاجزا عن أدائها اليوم الى مجرد ميلشيات يستخدمها في الحروب الداخلية المتواصلة ويوجهها كأداة مسلحة نحو قمع الفعاليات والاعتصامات الشعبية المدنية السلمية في شوارع المدن والأخطر من هذا كله يستقوي بالقوة العسكرية للجيش لاعادة البلد للحكم الأسري الوراثي الفردي الذي يعد بكل المقاييس انقلابا صريحا على النظام الجمهوري وأهداف الثورة التي قامت أصلا لتخليص الشعب من استبداد الحكم الوراثي الأسري
لقد تعرض الجيش خلال فترة ال30 عاما الماضية لأكبرعملية تدمير من كافة النواحي المادية والفنية والتقنية والتأهيلية والادارية وذلك حتى ينسلخ عن واجباته المهنية الوطنية الى مهام أخرى لا تندرج في اطار اختصاصاته الدستورية والقانونية وهي تأمين كرسي السلطة وتوريثه في اطار أسرة الرئيس صالح وهاهي النتائج ملموسة للعيان فالجيش اليمني صار اليوم لا علاقة له مطلقا بحماية حدود البلد وسيادته فلقد أحتلت مجموعة من الجنود الارتيريون جزيرة حنيش اليمنية في أقل من نصف ساعة ودون مقاومة تذكر ومن ثم استردت تلك الجزيرة بالمفاوضات والوساطات الاقليمية والدولية وهاهي عمليات القرصنة تمارس اليوم بكل حرية قبالة شواطئ المكلا وعدن وتهدد البلد بتواجد قواعد عسكرية على أراضيها للقوات الأجنبية التي ستتولى مهام حماية المياه الاقليمية اليمنية من عمليات القرصنة
لقد ظلت سياسات تدمير الجيش الممنهجة تمارس طيلة العقود الثلاثة الماضية بمنتهى الحرية حتى وصل الجيش اليمني الى هذا الحال الذي لايستطيع فيه الدفاع عن حدود الوطن وسيادته فقد نزع الولاء الوطني من عقيدة الجيش و حل بديلا عنه الولاء الشخصي للفرد الذي استخدمه لتنفيذ أجندته الخاصة اذ تم تفريغ الجيش من الكوادر الوطنية والكفاءات القيادية المؤهلة واستبدلت بأفراد لا يمتلكون غير مؤهلات القرابة الأسرية والولاء الشخصي وترتب على هذا الوضع الغاء معايير الكفاءة المهنية والعلمية في ادارة المناصب الوظيفية والقيادية في الجيش و حلت بديلا عنها معايير القرابة الشخصية والأسرية والمناطقية وتوريتها في اطار أفراد العائلة الحاكمة حتى صارت المناصب القيادية في الجيش اليمني حصريا بأيدي أفراد أسرة الرئيس صالح والمقربين منه فيما الكفاءات العلمية والكوادر المؤهلة تم اقصاؤها وتهميشها وافراغها من الجيش واحالتها الى التقاعد القسري وحاليا يسيطر نجل الرئيس صالح على أقوى 3 وحدات عسكرية في الجيش هي الحرس الجمهوري والقوات الخاصة وقوة مكافحة الارهاب فيما بقية الوحدات العسكرية والأمنية يمسك زمامها أبناء اخيه وأخوته وأبناء عمومته يحي وطارق وعمار وعلي محسن ومحمد صالح الأحمر، وجدير ذكره أن من أهم أسباب تفجر حرب صيف 94 هو رفض الرئيس صالح لأهم بندين في وثيقة العهد والاتفاق هما : الأول هو تدوير المناصب العسكرية واخضاعها للمعايير المهنية ، والبند الثاني هو منع تولي أقارب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء للمناصب القيادية العليا في الجيش
لقد أسهمت معايير الولاء الشخصي كثيرا في اضعاف بنية الجيش حيث تمت عملية واسعة بشتى الطرق لتصفية الكوادر المؤهلة واقصاؤها والبقية الباقية من منتسبي الجيش يعانون الاحباط واليأس وفقدان الثقة بسبب سياسات التمييز وفساد معايير الترقية التي تعتمد القرابة الأسرية والولاء الشخصي عندما يرون أشخاصا غير مؤهلين يتسلمون أرفع المناصب القيادية العسكرية بسبب امتلاكهم لمؤهلات القرابة الأسرية
انه من المأساوي أن تتحول مهام جيش نظامي من حماية البلد وسيادتها وحدودها الاقليمية الى مهام أخرى غير دستورية وغير وطنية تتمثل في قمع الفعاليات السلمية المدنية لأبناء الشعب والتورط في الحروب الداخلية و فرض مشروع التوريث بالقوة وفي مثل هذه الحالة التي يعيشها الجيش اليمني فانه من المنطقي أن تحرمه السلطة من التأهيل العلمي والمهني اللائق بالجيوش المهنية وأن تمارس مع منتسبيه سياسة التجويع وتحرمهم سبل الحياة الكريمة وتمنع تحسين ظروفهم المعيشية وتبقيهم عند مستوى الكفاف وذلك من أجل ان تضمن السيطرة عليه والاستخدام الشخصي لامكانياته ومن اجل يظل هذا الجيش أداة طيعة بيدها تسخرها في تأمين كرسي السلطة وقمع الشعب و الحروب الداخلية وانفاذ مشروع التوريث
وعليه فانه من المنطقي أن نلاحظ اصرار السلطة على ابقاء معسكرات الجيش وأقوى وحداته العسكرية في داخل العاصمة والمدن الرئيسية حتى انحصرت وظيفة الجيش في القاء الرئيس صالح لخطاباته النارية التخوينية ضد المعارضة من ساحات المعسكرات فيما حدود البلد البرية ومياهه الاقليمية ساحة مفتوحة أخرى لكن للقرصنة والتهريب ونهب الثروة البحرية والاحتلال الاجنبي كما حدث لجزيرة حنيش
انه من غير المعقول أن تظل السلطة تتصرف تصرفات غير قانونية وتصر على عدم الاحتكام للدستور كعقد اجتماعي و مرجعية فاصلة للمجتمع(سلطة ومواطنين) في حل المشكلات الوطنية و ان تظل تلجأ دائما الى الاستخدام الشخصي للجيش والزج به في الحروب الأهلية وقمع الاعتصامات المدنية والحراك السلمي خاصة في هذه الفترةالتي تزداد فيها اعمال القرصنة و حشود القوات الأجنبية الى خليج عدن والبحر العربي واطماعها في السيطرة على المنافذ البحرية للبلد مستغلة ضعف الجيش وعجزه عن حمايتها فيما نجد السلطة على الجانب الأخر بكل برود ولا مسؤلية تنسى واجباتها الدستورية والقانونية ازاء حماية البلد وتقوم عوضا عن ذلك بتوجيه وحدات عسكرية نحو صعدة لتدشين الحرب السادسة ووحدات أخرى تنزلهم الى شوارع المدن لقمع الاعتصامات الشعبية المدنية ومعسكرات أخرى تنشرهم في مناطق الجنوب لمواجهة الحراك السلمي ، وكأن هذ السلطة التي تستقوي بالجيش على مواطنيها لا تدرك أن القوة العسكرية لا تقدم أية حلولا للقضايا الوطنية بقدر ما تعقد المشكلات وتفاقم الأزمات وتخلق المزيد من الفوضى والصراعات بل أن السبيل الناجع والوحيد لانتشال الوطن من النفق المظلم يكون ابتداءا باعتراف الرئيس صالح بفشل سياسات الحكم الفردي الجهنمية التي دمرت البلد ومزقته ثم الاقرار بالقضايا الوطنية والأزمات المستفحلة التي صنعها حكم الفساد والاستبداد ومن ثم الاستجابة العاجلة للمطالب الشعبية والوقف الفوري لسياسات الفساد والنهب والعبث وتنفيذ شروط و مبادرات الاصلاح الوطنية بدون تأخيرأو مناورات.
سنظل نحذر السلطة ونذكرها مرارا وتكرارا وندعوها لأن تفكر جيدا وبمسؤلية وطنية قبل أن توجه الجيش مجددا نحو قمع الشعب وفعالياته السلمية وتدشين حروب أهلية جديدة فالبلد منهارة اقتصاديا واجتماعيا وتعاني انقسامات ونراعات بما فيه الكفاية ولم تعد تحتمل مزيد حروب وقمع و خاصة في مثل هذه الظروف التي يواجه فيها الوطن مخاطر التدخل الاجنبي ووصاية القوات الدولية القادمة لحماية مياهنا الاقليمية من عمليات القرصنة جراء عجز الجيش على حماية المنافذ البحرية والمياه الاقليمية للبلد
وفي هذا الظرف الوطني الصعب فان الجيش مناطا به الانحياز الى صف الشعب ومواجهة الأخطار التي تهدد سيادته وحدوده البرية والبحرية ومخاطر التواجد الأجنبي على الأراضي اليمنية الناجم عن عدم قدرته على حماية المياه الاقليمية للوطن وأن لا ينجر وراء مخططات السلطة التي تريد ضرب الجيش بالشعب لأنها لن تؤدي الا الى تدمير البلد وخلق كارثة وطنية غير متوقعة في مثل هذه الظروف المأساوية والمعاناة التي تطحن جميع سكان هذه البلاد جيشا ومواطنين بسبب سياسات والافقار والفساد والصراعات والحروب التي تداربها البلد
ان مشكلة الجيش اليمني يمكن تشخيصها ببساطة كالأتي: فهو جيش عددي يعتمد على الكم ولا يمتلك أدنى قدر من التأهيل العلمي والتقني والتسليحي كجيش دولة مهني بل أن السواد الأعظم من منتسبيه من الأميين الذين لم ينالوا أي حظ من التعليم والى جانب ذلك ظلت السلطة تمارس عليهم سياسات التجويع والافقار وترفض تحسين مستوى معيشتهم حتى تبقيهم عند حد الكفاف والأخطر من كل هذا هو استغلال هذه السلطة لسيطرتها على الجيش ولظروف فقر منتسبيه ووعيهم البسيط في انتهاجها لسياسة التجهيل والتضليل والتعبئة الخاظئة التي تبثها قياداتها في أوساط الجيش ضد أبناء الشعب وقوى المجتمع المدني بصورة منهجية ومنتظمة ويأتي جزءا هاما من وسائل هذه السياسة التضليلية خطابات الكراهية والتخوين والتحريض ضد أحزاب المعارضة من قبل الرئيس والتي تزداد كلما تأزمت العلاقة بين السلطة والمعارضة خصوصا مع اقتراب الدورات الانتخابية وقد حققت هذه السياسة الخطيرة نتائج سلبية جعلت الجيش في حالة عداء مع أبناء شعبه رغم أنه جزء من نسيجه الاجتماعي ورغم توحد المعاناة بين أفراد الجيش وأبناء شعبه وقبل ذلك استطاعت هذه السياسة أن تنتزع ارادة الجيش وتوجهه ضد نفسه ومصلحته الحقيقية وتلاحظ هذه النتائج السلبية بكل وضوح من خلال دفع منتسبي الجيس الى التصويت لصالح مرشحي السلطة في الانتخابات ومن ثم اقحامهم في اليات التزوير المعروفة ولعل هذا الواقع الأليم يكشف بوضوح عن مدى فداحة الظلم والمعاناة المفروضة على الجيش والتي وصلت حد أن تجعله عدو نفسه وتسخره لتعميق مأساته في المقام الأول، لقد ظلت تمارس هذه السلطة سياسات افساد وتدمير الجيش طوال الفترة الماضية بمنهجية حتى تصل الى تحقيق هدفها وهو جعل هذا الجيش مجرد أداة طيعة تستخدمها في تنفيذ أجندتها الخاصة التي تتمثل في تأمين كرسي الحكم وتوريثه على حساب تمزق البلد وانهياره وقد استطاعت هذه السلطة ان تحدد المعالم والسياسات التي تدير بها الجيش وهي :قمع الشعب واستخدامه في الحروب الداخلية وارهاب المعارضة وقوى المجتمع المدني لذلك فهذا الجيش يظهر عاجزا عن مواجهة مجموعة قراصنة بدائيين كأبسط واجباته المهنية ومهامه الدستورية
ان أكبر ممارسات الفساد تجري داخل الجيش بدون حسيب ولا رقيب ويعاني من نتائجها أفراد الجيش بصورة مباشرة على مستوى حياتهم المعيشية فعلى الرغم من الرقم الكبير المرصود للجيش في الموازنة العامة للدولة والاعتمادات الاضافية , والتي تبلغ ما يقارب ال70% من النفقات العامة الا ان هذا الرقم لا يذهب الى تحسين معيشة أفراده ومنتسبيه او نحو تأهيل الجيش وتطوير أدائه وبنائه وفقا للمعايير العلمية الحديثة للجيوش العالمية هذا فضلا عن انه لا توجد رقابة أو مسألة عن موزانة الجيش وأوجه انفاقها كونها محاطة بسرية تامة ومرتبطة مباشرة بالرئيس صالح لذا تعد موازنة الجيش هي أهم مصادر الفساد حيث يجري نهبها تحت ستار الظلام بواسطة حمران العيون من القيادات العليا التي تسيطر على الجيش حتى المخصصات الغذائية للجنود من الفول والأرز والكدم يجري السطو عليها والاتجار بها فكيف يمكن بعد ذلك لجيش هذا حاله أن يحمي وطنا أويواجه مجموعة قراصنة جائعين.
ان السؤال الأهم الذي يطرح نفسه هو : هل تمتلك اليمن جيشا حقيقيا يستطيع أن يحمي سيادتها الوطنية ؟ اذا كان القراصنة الصوماليون يختطفون السفن من مواني عدن والمكلا بكل حرية وقبلهم الجنود الاريتريون الذين احتلوا جزيرة حنيش في أقل من ربع ساعة و اذا كانت أراضي البلد تتنازل عنها السلطة للأشقاء السعوديين بمفاوضات واتفاقيات تقول عنها وسائل الاعلام الرسمية بأنها تجسد حكمة القائد الأعلى للقوات المسلحة
سنؤكد مرة ثانية وثالثة بان اليمن بحاجة ماسة لانتشال جيشها الذي صار فيه فيه مجرد اداة بيد الحاكم الفرد لقمع الشعب واستنزافه في الحروب الداخلية الى وضع أخر يعيد الاعتبار لهذا الجيش المناط به مهام عظيمة هي حماية الوطن والدفاع عن سيادته وهذا الخطوة الجبارة تستدعي اعادة بناء الجيش اليمني بناءاُ علميا مهنيا كبقية جيوش العالم حتى يصبح مؤهلا وقادرا على أداء واجباته الوطنية المتمثلة في الدفاع عن سيادة البلد وأراضيه ومنافذه البرية والبحرية والجوية وهذا البناء يجب ان يتأسس على مبدأ الولاء للوطن وليس للفرد والأسرة الحاكمة واعادة البناء والتأهيل يجب ان تكون شاملة وقائمة على أسس الكفاءة والاقتدار والمعايير العلمية الحديثة في الادارة والهيكلة والتقنية والتسليح وجزء كبير من المسؤلية يقع على عاتق الكوادر الوطنية في الجيش التي يجب أن تتحرك لاعادة بناء الجيش وتصحيح نهجة في الاتجاه الذي يؤهله نحو القيام بواجباته المهنية وفقا للدستور والقانون.