حسن البار
05-16-2002, 02:51 PM
(( حقيقة معاني التصوف وأقوال العلماء في ذلك ))
كلام العلماء في أئمة التصوف وشيوخه :
يقول الامام مالك رحمه الله : " من تفقه ولم يتصوف فقد تفسق ، ومن تصوف ولم يتفقه فقد تزندق ومن جمع بينهما فقد تحقق" حقائق التصوف ...
ويقول الغزالي رحمه الله : (( لقد علمت يقينا أن الصوفية هم السالكون لطريق الله تعالى خاصة وأن سيرتهم أحسن السير ، وطريقتهم أصوب الطرق ، واخلاقهم أزكى الاخلاق )) المنقذ من الضلال ...
ويقول ابن تيمية رحمه الله عن ائمة التصوف في : مجموع الفتاوى ج: 8 ص: 369 الآتي :
(( و أما أئمة الصوفية و المشايخ المشهورون من القدماء مثل الجنيد بن محمد و أتباعه و مثل الشيخ عبد القادر و أمثاله فهؤلاء من أعظم الناس لزوما للأمر و النهي و توصية بإتباع ذلك ، و تحذيرا من المشي مع القدر كما مشى أصحابهم أولئك و هذا هو الفرق الثاني الذي تكلم فيه الجنيد مع أصحابه و الشيخ عبد القادر كلامه كله : يدو ر على إتباع المأمور و ترك المحظو ر و الصبر على المقدور ، ولا يثبت طريقا تخالف ذلك أصلا لاهو و لا عامة المشايخ المقبولين عند المسلمين و يحذر عن ملاحظة القدر المحض بدون إتباع الأمر و النهي )) ...
وفي ج: 8 ص: 547 من مجموع الفتاوى :
(( سئل الشيخ رحمه الله عن قول الشيخ عبد القادر "نازعت أقدار الحق بالحق للحق" فأجاب : الحمد لله جميع الحوادث كائنة بقضاء الله و قدره و قد أمرنا الله سبحانه أن نزيل الشر بالخير بحسب الإمكان و نزيل الكفر بالإيمان و البدعة بالسنة و المعصية بالطاعة ......... "الى ان قال" فالذى ذكره الشيخ رحمه الله هو الذى أمر الله به و رسوله ))
وفي : ج: 10 ص: 507 من مجموع الفتاوى :
(( كما ذكر الشيخ عبد القادر وغيره فإنه لابد من فعل المأمور وترك المحظور والرضا والصبر على المقدور وقد قال تعالى حكاية عن يوسف "أنا يوسف وهذا اخى قد منّ الله علينا أنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين" )) .
ومن مجموع الفتاوى ج: 10 ص: 516 ، 517 نذكر مانصه :
(( فأما المستقيمون من السالكين كجمهور مشائخ السلف مثل الفضيل بن عياض وإبراهيم بن أدهم وأبى سليمان الدارانى ومعروف الكرخى والسرى السقطى والجنيد بن محمد وغيرهم من المتقدمين ومثل الشيخ عبدالقادر والشيخ حماد والشيخ أبى البيان وغيرهم من المتأخرين فهم لا يسوغون للسالك ولو طار فى الهواء أو مشى على الماء أن يخرج عن الأمر والنهى الشرعيين ، بل عليه أن يفعل المأمور ، ويدع المحظور إلى أن يموت ، وهذا هو الحق الذى دل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف وهذا كثير فى كلامهم كقول عبدالقادر فى كتاب فتوح الغيب " أخرج من نفسك وتنح عنها وإنعزل عن ملكك وسلم الكل إلى الله تبارك وتعالى وكن بوابه على باب قلبك ، وأمتثل امره تبارك وتعالى فى إدخال من يأمرك بإدخاله ، وإنته نهيه فى صد من يأمرك بصده فلا تدخل الهوى قلبك بعد أن خرج منه ، واخراج الهوى من القلب بمخالفته وترك متابعته فى الأحوال كلها وإدخاله فى القلب بمتابعته وموافقته فلا ترد إرادة غير إرادته تبارك وتعالى ، وغير ذلك منك غير وهو واد الحمقى وفيه حتفك وهلاكك وسقوطك من عينه تبارك وتعالى وحجابك عنه إحفظ أبدا أمره وإنته أبدا نهيه وسلم إليه ابدا مقدوره ولا تشركه بشىء من خلقه فإرادتك وهواك وشهواتك خلقه فلا ترد ولا تهوى ولا تشته" )) ..... الى آخر كلام الشيخ عبدالقادر رضوان الله عليه ..
وفي ج: 10 ص: 522 ، 524 من الفتاوى :
(( فصل : قال الشيخ عبدالقادر : وإن كنت فى حال الحقيقة وهى حال الولاية فخالف هواك وإتبع الأمر فى الجملة وإتباع الأمر على قسمين أحدهما أن تأخذ من الدنيا القوت الذى هو حق النفس وتترك الحظ وتؤدى الفرض وتشتغل بترك الذنوب ما ظهر منها وما بطن ... ... ... " الى ان قال" قلت : فقد بين الشيخ عبدالقادر رضى الله عنه أن لزوم الأمر والنهى لابد منه فى كل مقام وذكر الأحوال الثلاث التى جعلها حال صاحب التقوى ، وحال الحقيقة ، وحال حق الحق ، وقد فسر مقصوده بأنه لا بد للعبد فى كل حال من أن يريد فعل ما أمر به )) ..
وفي كتاب الحسنة والسيئة لابن تيمية ج: 1 ص: 109 قال :
(( فمن سلك مسلك الجنيد من أهل التصوف والمعرفة كان قد اهتدى ونجا وسعد )) ..
وفي مدارج السالكين لابن القيم ج: 2 ص: 366 جاء :
(( وقال المريد إذا سمع شيئا من علوم القوم فعمل به صار حكمة في قلبه إلى آخر عمره ينتفع به وإذا تكلم انتفع به من سمعه ومن سمع شيئا من علومهم ولم يعمل به كان حكاية يحفظها أياما ثم ينساها وقال الواسطي أول مقام المريد إرادة الحق بإسقاط إرادته وقال يحيى بن معاذ أشد شيء على المريد معاشرة الأضداد وسئل الجنيد ما للمريد حظ في مجازات الحكايات فقال الحكايات جند من جند الله يثبت الله بها قلوب المريدين ثم قرأ قوله تعالى "وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك" هود 120 .
وقد ذكر عن الجنيد : كلمتان في الإرادة مجملتان تحتاج كل منهما إلى تفسير الكلمة الواحدة قال أبو عبدالرحمن السلمي سمعت محمد بن مخلد يقول سمعت جعفرا يقول سمعت الجنيد يقول "المريد الصادق غني من العلماء" .
وقال أيضا سمعت الجنيد يقول "إذا أراد الله بالمريد خيرا أوقعه إلى الصوفيه ومنعه صحبة الفقراء" .
قلت إذا صدق المريد وصح عقد صدقه مع الله فتح الله على قلبه ببركة الصدق وحسن المعاملة مع الله ما يغنيه عن العلوم التي هي نتائج أفكار الناس وآرائهم وعن العلوم التي هي فضلة ليست من زاد القبر وعن كثير من إشارات الصوفية وعلومهم التي أفنوا فيها أعمارهم من معرفة النفس وآفاتها وعيوبها ومعرفة مفسدات الأعمال وأحكام السلوك فإن حال صدقه وصحة طلبه يريه ذلك كله بالفعل ومثال ذلك رجل قاعد في البلد يدأب ليله ونهاره في علم منازل الطريق وعقباتها وأوديتها ومواضع المتاهات فيها والموارد والمفاوز وآخر حمله الوجد وصدق الإرادة على أن ركب الطريق وسار فيها فصدقه يغنيه عن علم ذلك القاعد ويريه إياها في سلوكه عيانا )) .
وفي ج: 2 ص: 369 من نفس الكتاب"مدارج السالكين" :
(( ومرتبة التصوف : وهي مرتبة التسني بكل خلق حسن ، والخروج من كل خلق ذميم ، ومرتبة الفقر وهي مرتبة التجرد وقطع كل علاقة تحول بين القلب وبين الله تعالى فهذه مراتب طلاب الآخرة ومن عداهم فمع القاعدين المتخلفين .
فأشار أبو القاسم الجنيد إلى أن المريد لله بصدق إذا أراد الله به خيرا أوقعه على طائفة الصوفية يهذبون أخلاقه ويدلونه على تزكية نفسه وإزالة أخلاقها الذميمة والاستبدال بالأخلاق الحميدة ويعرفونه منازل الطريق ومفازاتها وقواطعها وآفاتها وأما القراء فيدقونه بالعبادة من الصوم والصلاة دقا ولا يذيقونه شيئا من حلاوة أعمال القلوب وتهذيب النفوس إذ ليس ذلك طريقهم ولهذا بينهم وبين أرباب التصوف نوع تنافر )) .
و قال ابن القيم في مدارج السالكين ج: 2 ص: 99،100 :
(( وهم الذين قال فيهم سيد الطائفة الجنيد بن محمد : لما قيل له أهل المعرفة يصلون إلى ترك الحركات من باب البر والتقرب إلى الله فقال الجنيد : إن هذا مدارج السالكين كلام قوم تكلموا بإسقاط الأعمال عن الجوارح وهو عندي عظيمة الذي يزني ويسرق أحسن حالا من الذي يقول هذا فإن العارفين بالله أخذوا الأعمال عن الله وإليه رجعوا فيها ولو بقيت ألف عام لم أنقص من أعمال البر ذرة إلا أن يحال بي دونها وقال الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا على من اقتفى أثر الرسول وقال من لم يحفظ القرآن ويكتب الحديث لا يقتدي به في طريقنا هذا لأن طريقنا وعلمنا مقيد بالكتاب والسنة وقال علمنا هذا مشيد بحديث رسول الله )) ...
قال الامام الغزالي "ان جميع حركاتهم وسكناتهم في ظاهرهم وباطنهم مقتبسة من نور مشكاة النبوة " .
ويقول الجنيد : " علمنا هذا مشيّد بالكتاب والسنة ، فمن لم يحفظ القرآن ، ويكتب الحديث ، ويتفقه ، لا يقتدى بـه " ...
يقول الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله فيما يرويه كتاب ( أصول الوصول ) للشيخ زكي ابراهيم ص177 :
(( الصوفي : هو الذي يتقرب الى الله بفروض الله ، ثم يزيدها بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام من جنس ما فرض الله ، وأن يكون عنده صفاء في استقبال قضية العبادة فيكون صافيا لله والصفاء هو كونك تصافي الله فيصافيك الله . والتصوف رياضة روحية لأنها تلزم الانسان بمنهج تعبدي لله فوق ما فرضه وهذه خطوة نحو الود مع الله ..
والله سبحانه يقول في الحديث القدسي : ( من أتاني يمشي أتيته هرولة ) ومن هنا يدخل الإنسان في مقام الود مع الله ، وهكذا يمن الله تعالى على هؤلاء المتصوفين ببعض العطاءات التي تثبت لهم أنهم على الطريق الصحيح ، تلك العطاءات هي خرق ناموس مافي الكون ، ويكون ذلك حسب قد صفاء المؤمن ، فقد يعطي الله صفحة من صفحات الكون لأي انسان ، فينبئه به أو يبشره به ليجذبه الى جهته .
فلا الصوفي يكذّب الصوفي ، ولايعارض ، ولذلك فهم يألفون ويحب بعضهم بعضا ، ولكل منهم مقام ومكان .
والمتصوف الحقيقي يعطيه الله أشياء لا تصدقها عقول الآخرين ، لذلك فعليه أن يفرح بذلك ولا يغضب من تكذيب الآخرين له ) .
- ويقول الشيخ ابو العلا المودودي في كتابه : ( مبادئ الاسلام ) :
(( والتصوف عبارة عن حب الله ورسوله الصادق صلى الله عليه وآله وسلم ، بل الولوع بهما والتفاني في سبيلهما ، والذي يقتضيه هذا الولوع والتفاني ، الأينحرف المسلم قيد شعرة عن اتباع احكام الله والرسول صلى الله عليه وآله وسلم . فليس التصوف الاسلامي الخالص بشئ مستقل عن الشريعة ، وانما هو القيام باحكامها بغاية الاخلاص وصفا النية وطهارة القلب )) .
- ويقول الاستاذ : عباس محمود العقاد في كتابه ( الفلسفة القرآنية ) :
(( التصوف في الحقيقة غير دخيل في العقيدة الاسلامية كما قلنا في كتابنا عن أثر العرب في الحضارة الاوربية ، مثبوت في آيات القرآن الكريم ، مستكن باصوله في عقائد صريحة فالمسلم الذي يقرأ في كتاب الله ( ففروا الى الله ... ) وهو مطبوع على التصوف والبحث عن خفايا الآثار ودقائق الحكمة يجد فيها غناء من الاصول الصوفية )) .
- ويقول الشيخ أبوالحسن الندوي في كتابه ( ربانية لا رهبانية ) ص 17-18
(( فلا شك أنه لولا هؤلاء ( الصوفية ) أصحاب النفوس المزكاة ، الذين وصلوا الى درجة الاحسان وفقه الباطن لانهار المجتمع الاسلامي ، ايماناً وروحانية ، وابتلعت موجة المادية الطاغية العاتية البقية الباقية من إيمان الأمة وتماسكها )) .
- يقول الشيخ محمد الغزالي في كتابه ( الجانب العاطفي من الاسلام ) :
(( هناك تصوف نبت في اكناف الإيمان والإسلام والإحسان ، ونما على أغذية جيدة من العلم والعمل وأستطاع أن يلون المشاعر الإنسانية بصدق العبودية ودفعها الى التفاني في مرضاة الله .. وجعل أصحابه يسعدون بمشاعرهم الباطنة وإن كانت احوالهم نكرة فيما يرى الناس حتى يقول قائلهم "حبسي خلوة ونفيي سياحة وقتلي شهادة " )) .
ويقول الدكتور عبدالحليم محمود ( شيخ الأزهر سابقا ) في كتابه ( قضية التصوف ) :
(( التصوف لا يعدو أن يكون جهاداً عنيفاً ضد الرغبات ليصل الإنسان الى السمو ، أو الى الكمال الروحي ليكون عارفاً بالله وإن الذين يربطون بين التصوف من جانب أو الكرامات من جانب ، والكرامات وخوارق العادات من جانب آخر كثيرون ، ولكن التصوف ليس كرامات ولا خوارق للعادات ، إنه شيء يتجاوز الكرامات ويتجاوز خوارق العادات . ولايدعو الصوفية الى أن يكون الناس كلهم متصوفين إذ جلّ جناب الحق عن أن يكون شرعه لكل وارد ) .
ويقول المفكر رجاء جارودي في كتابه ( مايعد به الإسلام ) :
(( إن التصوف بعد من أبعاد العقيدة الإسلامية ، بل هو بعدها ( الجوّاني ) وكل محاولة تجعل من التصوف ( تياراً) مستقلاً أو وظيفة منفصلة تحط حتما من قيمته ، فليس من الإسلام وهو دين الوحدة والتكامل ، الفصل بين التأمل والعمل ، وبين الذات والوجود ، وما التصوف الا لون من ألوان الروحانية في الإسلام ، وهو التوازن الاساسي بين الجهاد الأكبر ذلك الصراع الداخلي ضد الرغبات التي تبعد الإنسان عن ذاته وبين ( الجهاد الاصغر ) ذلك النضال في سبيل الوحدة والانسجام في المجتمع الاسلامي ضد أشكال عبادة السلطة والمال والضلالات التي تبعد المؤمن عن طريق الله )) .
فهذا ما كان عليه الحال عند أئمة وشيوخ الصوفية ، وتلك مفاهيمهم للاسلام ، وهذه حقائق معاني التصوف ، وتلك أقول بعض علماء ومفكري الاسلام في تلك المعاني . مغالطات الحاقدين وعبث المدسوسين أصبحت مكشوفة للعيان ، وفي ذلك تذكرة لمن كان له قلب ... ... ...
والى اللقاء في الحلقة القادمة (( الجهاد عند الصوفية )) ...
كلام العلماء في أئمة التصوف وشيوخه :
يقول الامام مالك رحمه الله : " من تفقه ولم يتصوف فقد تفسق ، ومن تصوف ولم يتفقه فقد تزندق ومن جمع بينهما فقد تحقق" حقائق التصوف ...
ويقول الغزالي رحمه الله : (( لقد علمت يقينا أن الصوفية هم السالكون لطريق الله تعالى خاصة وأن سيرتهم أحسن السير ، وطريقتهم أصوب الطرق ، واخلاقهم أزكى الاخلاق )) المنقذ من الضلال ...
ويقول ابن تيمية رحمه الله عن ائمة التصوف في : مجموع الفتاوى ج: 8 ص: 369 الآتي :
(( و أما أئمة الصوفية و المشايخ المشهورون من القدماء مثل الجنيد بن محمد و أتباعه و مثل الشيخ عبد القادر و أمثاله فهؤلاء من أعظم الناس لزوما للأمر و النهي و توصية بإتباع ذلك ، و تحذيرا من المشي مع القدر كما مشى أصحابهم أولئك و هذا هو الفرق الثاني الذي تكلم فيه الجنيد مع أصحابه و الشيخ عبد القادر كلامه كله : يدو ر على إتباع المأمور و ترك المحظو ر و الصبر على المقدور ، ولا يثبت طريقا تخالف ذلك أصلا لاهو و لا عامة المشايخ المقبولين عند المسلمين و يحذر عن ملاحظة القدر المحض بدون إتباع الأمر و النهي )) ...
وفي ج: 8 ص: 547 من مجموع الفتاوى :
(( سئل الشيخ رحمه الله عن قول الشيخ عبد القادر "نازعت أقدار الحق بالحق للحق" فأجاب : الحمد لله جميع الحوادث كائنة بقضاء الله و قدره و قد أمرنا الله سبحانه أن نزيل الشر بالخير بحسب الإمكان و نزيل الكفر بالإيمان و البدعة بالسنة و المعصية بالطاعة ......... "الى ان قال" فالذى ذكره الشيخ رحمه الله هو الذى أمر الله به و رسوله ))
وفي : ج: 10 ص: 507 من مجموع الفتاوى :
(( كما ذكر الشيخ عبد القادر وغيره فإنه لابد من فعل المأمور وترك المحظور والرضا والصبر على المقدور وقد قال تعالى حكاية عن يوسف "أنا يوسف وهذا اخى قد منّ الله علينا أنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين" )) .
ومن مجموع الفتاوى ج: 10 ص: 516 ، 517 نذكر مانصه :
(( فأما المستقيمون من السالكين كجمهور مشائخ السلف مثل الفضيل بن عياض وإبراهيم بن أدهم وأبى سليمان الدارانى ومعروف الكرخى والسرى السقطى والجنيد بن محمد وغيرهم من المتقدمين ومثل الشيخ عبدالقادر والشيخ حماد والشيخ أبى البيان وغيرهم من المتأخرين فهم لا يسوغون للسالك ولو طار فى الهواء أو مشى على الماء أن يخرج عن الأمر والنهى الشرعيين ، بل عليه أن يفعل المأمور ، ويدع المحظور إلى أن يموت ، وهذا هو الحق الذى دل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف وهذا كثير فى كلامهم كقول عبدالقادر فى كتاب فتوح الغيب " أخرج من نفسك وتنح عنها وإنعزل عن ملكك وسلم الكل إلى الله تبارك وتعالى وكن بوابه على باب قلبك ، وأمتثل امره تبارك وتعالى فى إدخال من يأمرك بإدخاله ، وإنته نهيه فى صد من يأمرك بصده فلا تدخل الهوى قلبك بعد أن خرج منه ، واخراج الهوى من القلب بمخالفته وترك متابعته فى الأحوال كلها وإدخاله فى القلب بمتابعته وموافقته فلا ترد إرادة غير إرادته تبارك وتعالى ، وغير ذلك منك غير وهو واد الحمقى وفيه حتفك وهلاكك وسقوطك من عينه تبارك وتعالى وحجابك عنه إحفظ أبدا أمره وإنته أبدا نهيه وسلم إليه ابدا مقدوره ولا تشركه بشىء من خلقه فإرادتك وهواك وشهواتك خلقه فلا ترد ولا تهوى ولا تشته" )) ..... الى آخر كلام الشيخ عبدالقادر رضوان الله عليه ..
وفي ج: 10 ص: 522 ، 524 من الفتاوى :
(( فصل : قال الشيخ عبدالقادر : وإن كنت فى حال الحقيقة وهى حال الولاية فخالف هواك وإتبع الأمر فى الجملة وإتباع الأمر على قسمين أحدهما أن تأخذ من الدنيا القوت الذى هو حق النفس وتترك الحظ وتؤدى الفرض وتشتغل بترك الذنوب ما ظهر منها وما بطن ... ... ... " الى ان قال" قلت : فقد بين الشيخ عبدالقادر رضى الله عنه أن لزوم الأمر والنهى لابد منه فى كل مقام وذكر الأحوال الثلاث التى جعلها حال صاحب التقوى ، وحال الحقيقة ، وحال حق الحق ، وقد فسر مقصوده بأنه لا بد للعبد فى كل حال من أن يريد فعل ما أمر به )) ..
وفي كتاب الحسنة والسيئة لابن تيمية ج: 1 ص: 109 قال :
(( فمن سلك مسلك الجنيد من أهل التصوف والمعرفة كان قد اهتدى ونجا وسعد )) ..
وفي مدارج السالكين لابن القيم ج: 2 ص: 366 جاء :
(( وقال المريد إذا سمع شيئا من علوم القوم فعمل به صار حكمة في قلبه إلى آخر عمره ينتفع به وإذا تكلم انتفع به من سمعه ومن سمع شيئا من علومهم ولم يعمل به كان حكاية يحفظها أياما ثم ينساها وقال الواسطي أول مقام المريد إرادة الحق بإسقاط إرادته وقال يحيى بن معاذ أشد شيء على المريد معاشرة الأضداد وسئل الجنيد ما للمريد حظ في مجازات الحكايات فقال الحكايات جند من جند الله يثبت الله بها قلوب المريدين ثم قرأ قوله تعالى "وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك" هود 120 .
وقد ذكر عن الجنيد : كلمتان في الإرادة مجملتان تحتاج كل منهما إلى تفسير الكلمة الواحدة قال أبو عبدالرحمن السلمي سمعت محمد بن مخلد يقول سمعت جعفرا يقول سمعت الجنيد يقول "المريد الصادق غني من العلماء" .
وقال أيضا سمعت الجنيد يقول "إذا أراد الله بالمريد خيرا أوقعه إلى الصوفيه ومنعه صحبة الفقراء" .
قلت إذا صدق المريد وصح عقد صدقه مع الله فتح الله على قلبه ببركة الصدق وحسن المعاملة مع الله ما يغنيه عن العلوم التي هي نتائج أفكار الناس وآرائهم وعن العلوم التي هي فضلة ليست من زاد القبر وعن كثير من إشارات الصوفية وعلومهم التي أفنوا فيها أعمارهم من معرفة النفس وآفاتها وعيوبها ومعرفة مفسدات الأعمال وأحكام السلوك فإن حال صدقه وصحة طلبه يريه ذلك كله بالفعل ومثال ذلك رجل قاعد في البلد يدأب ليله ونهاره في علم منازل الطريق وعقباتها وأوديتها ومواضع المتاهات فيها والموارد والمفاوز وآخر حمله الوجد وصدق الإرادة على أن ركب الطريق وسار فيها فصدقه يغنيه عن علم ذلك القاعد ويريه إياها في سلوكه عيانا )) .
وفي ج: 2 ص: 369 من نفس الكتاب"مدارج السالكين" :
(( ومرتبة التصوف : وهي مرتبة التسني بكل خلق حسن ، والخروج من كل خلق ذميم ، ومرتبة الفقر وهي مرتبة التجرد وقطع كل علاقة تحول بين القلب وبين الله تعالى فهذه مراتب طلاب الآخرة ومن عداهم فمع القاعدين المتخلفين .
فأشار أبو القاسم الجنيد إلى أن المريد لله بصدق إذا أراد الله به خيرا أوقعه على طائفة الصوفية يهذبون أخلاقه ويدلونه على تزكية نفسه وإزالة أخلاقها الذميمة والاستبدال بالأخلاق الحميدة ويعرفونه منازل الطريق ومفازاتها وقواطعها وآفاتها وأما القراء فيدقونه بالعبادة من الصوم والصلاة دقا ولا يذيقونه شيئا من حلاوة أعمال القلوب وتهذيب النفوس إذ ليس ذلك طريقهم ولهذا بينهم وبين أرباب التصوف نوع تنافر )) .
و قال ابن القيم في مدارج السالكين ج: 2 ص: 99،100 :
(( وهم الذين قال فيهم سيد الطائفة الجنيد بن محمد : لما قيل له أهل المعرفة يصلون إلى ترك الحركات من باب البر والتقرب إلى الله فقال الجنيد : إن هذا مدارج السالكين كلام قوم تكلموا بإسقاط الأعمال عن الجوارح وهو عندي عظيمة الذي يزني ويسرق أحسن حالا من الذي يقول هذا فإن العارفين بالله أخذوا الأعمال عن الله وإليه رجعوا فيها ولو بقيت ألف عام لم أنقص من أعمال البر ذرة إلا أن يحال بي دونها وقال الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا على من اقتفى أثر الرسول وقال من لم يحفظ القرآن ويكتب الحديث لا يقتدي به في طريقنا هذا لأن طريقنا وعلمنا مقيد بالكتاب والسنة وقال علمنا هذا مشيد بحديث رسول الله )) ...
قال الامام الغزالي "ان جميع حركاتهم وسكناتهم في ظاهرهم وباطنهم مقتبسة من نور مشكاة النبوة " .
ويقول الجنيد : " علمنا هذا مشيّد بالكتاب والسنة ، فمن لم يحفظ القرآن ، ويكتب الحديث ، ويتفقه ، لا يقتدى بـه " ...
يقول الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله فيما يرويه كتاب ( أصول الوصول ) للشيخ زكي ابراهيم ص177 :
(( الصوفي : هو الذي يتقرب الى الله بفروض الله ، ثم يزيدها بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام من جنس ما فرض الله ، وأن يكون عنده صفاء في استقبال قضية العبادة فيكون صافيا لله والصفاء هو كونك تصافي الله فيصافيك الله . والتصوف رياضة روحية لأنها تلزم الانسان بمنهج تعبدي لله فوق ما فرضه وهذه خطوة نحو الود مع الله ..
والله سبحانه يقول في الحديث القدسي : ( من أتاني يمشي أتيته هرولة ) ومن هنا يدخل الإنسان في مقام الود مع الله ، وهكذا يمن الله تعالى على هؤلاء المتصوفين ببعض العطاءات التي تثبت لهم أنهم على الطريق الصحيح ، تلك العطاءات هي خرق ناموس مافي الكون ، ويكون ذلك حسب قد صفاء المؤمن ، فقد يعطي الله صفحة من صفحات الكون لأي انسان ، فينبئه به أو يبشره به ليجذبه الى جهته .
فلا الصوفي يكذّب الصوفي ، ولايعارض ، ولذلك فهم يألفون ويحب بعضهم بعضا ، ولكل منهم مقام ومكان .
والمتصوف الحقيقي يعطيه الله أشياء لا تصدقها عقول الآخرين ، لذلك فعليه أن يفرح بذلك ولا يغضب من تكذيب الآخرين له ) .
- ويقول الشيخ ابو العلا المودودي في كتابه : ( مبادئ الاسلام ) :
(( والتصوف عبارة عن حب الله ورسوله الصادق صلى الله عليه وآله وسلم ، بل الولوع بهما والتفاني في سبيلهما ، والذي يقتضيه هذا الولوع والتفاني ، الأينحرف المسلم قيد شعرة عن اتباع احكام الله والرسول صلى الله عليه وآله وسلم . فليس التصوف الاسلامي الخالص بشئ مستقل عن الشريعة ، وانما هو القيام باحكامها بغاية الاخلاص وصفا النية وطهارة القلب )) .
- ويقول الاستاذ : عباس محمود العقاد في كتابه ( الفلسفة القرآنية ) :
(( التصوف في الحقيقة غير دخيل في العقيدة الاسلامية كما قلنا في كتابنا عن أثر العرب في الحضارة الاوربية ، مثبوت في آيات القرآن الكريم ، مستكن باصوله في عقائد صريحة فالمسلم الذي يقرأ في كتاب الله ( ففروا الى الله ... ) وهو مطبوع على التصوف والبحث عن خفايا الآثار ودقائق الحكمة يجد فيها غناء من الاصول الصوفية )) .
- ويقول الشيخ أبوالحسن الندوي في كتابه ( ربانية لا رهبانية ) ص 17-18
(( فلا شك أنه لولا هؤلاء ( الصوفية ) أصحاب النفوس المزكاة ، الذين وصلوا الى درجة الاحسان وفقه الباطن لانهار المجتمع الاسلامي ، ايماناً وروحانية ، وابتلعت موجة المادية الطاغية العاتية البقية الباقية من إيمان الأمة وتماسكها )) .
- يقول الشيخ محمد الغزالي في كتابه ( الجانب العاطفي من الاسلام ) :
(( هناك تصوف نبت في اكناف الإيمان والإسلام والإحسان ، ونما على أغذية جيدة من العلم والعمل وأستطاع أن يلون المشاعر الإنسانية بصدق العبودية ودفعها الى التفاني في مرضاة الله .. وجعل أصحابه يسعدون بمشاعرهم الباطنة وإن كانت احوالهم نكرة فيما يرى الناس حتى يقول قائلهم "حبسي خلوة ونفيي سياحة وقتلي شهادة " )) .
ويقول الدكتور عبدالحليم محمود ( شيخ الأزهر سابقا ) في كتابه ( قضية التصوف ) :
(( التصوف لا يعدو أن يكون جهاداً عنيفاً ضد الرغبات ليصل الإنسان الى السمو ، أو الى الكمال الروحي ليكون عارفاً بالله وإن الذين يربطون بين التصوف من جانب أو الكرامات من جانب ، والكرامات وخوارق العادات من جانب آخر كثيرون ، ولكن التصوف ليس كرامات ولا خوارق للعادات ، إنه شيء يتجاوز الكرامات ويتجاوز خوارق العادات . ولايدعو الصوفية الى أن يكون الناس كلهم متصوفين إذ جلّ جناب الحق عن أن يكون شرعه لكل وارد ) .
ويقول المفكر رجاء جارودي في كتابه ( مايعد به الإسلام ) :
(( إن التصوف بعد من أبعاد العقيدة الإسلامية ، بل هو بعدها ( الجوّاني ) وكل محاولة تجعل من التصوف ( تياراً) مستقلاً أو وظيفة منفصلة تحط حتما من قيمته ، فليس من الإسلام وهو دين الوحدة والتكامل ، الفصل بين التأمل والعمل ، وبين الذات والوجود ، وما التصوف الا لون من ألوان الروحانية في الإسلام ، وهو التوازن الاساسي بين الجهاد الأكبر ذلك الصراع الداخلي ضد الرغبات التي تبعد الإنسان عن ذاته وبين ( الجهاد الاصغر ) ذلك النضال في سبيل الوحدة والانسجام في المجتمع الاسلامي ضد أشكال عبادة السلطة والمال والضلالات التي تبعد المؤمن عن طريق الله )) .
فهذا ما كان عليه الحال عند أئمة وشيوخ الصوفية ، وتلك مفاهيمهم للاسلام ، وهذه حقائق معاني التصوف ، وتلك أقول بعض علماء ومفكري الاسلام في تلك المعاني . مغالطات الحاقدين وعبث المدسوسين أصبحت مكشوفة للعيان ، وفي ذلك تذكرة لمن كان له قلب ... ... ...
والى اللقاء في الحلقة القادمة (( الجهاد عند الصوفية )) ...