صالح البطاطي
02-26-2009, 05:51 PM
المكلا اليوم / كتب: صالح حسين الفردي
يحنُّ الواحد منّا في بعض الأحيان إلى عشقه القديم ، إلى مراتع صباه ، وسلوة روحه والخاطر ، فيعود بخياله إلى تلك الأقاصي الغائرة في الذات ، ولكنه وهو ينزع إلى الرحيل يتلذذ بالذكريات ومشاهدها الرائقة ، ومن المواضع التي نلوذ بها من صخب الفضائيات وضجيج العبث الإعلامي التغريبي في الفضاء الكوني ، إذاعة المكلا وما تمثله من قيمة معرفية وأدبية وفنية وثقافية وروحية كانتها منذ بداية إرسالها في (28) سبتمبر 1967م إذ ترافق بثها الدائم ومرحلة الاستقلال الوطني لتغدو هذه النافذة الإعلامية هي الوسيطة التي تنثر وتعمِّق أهداف الثورة الوطنية ، فألفت آذان ناس المكلا تلك الأصوات المبدعة التي كان صوتها يصل صداه إلى أماكن ذبذباتها في ساعات البث المعدودة ، ولكنها وهي تمارس هذا الدور كانت حريصة على الارتقاء بثقافة متابعيها زمنئذ، وتعمد إلى توجيه الرأي العام بحنكةٍ ودقةٍ متناهيتين بعيدة عن مفردات (النفاق المفضوح) وقاموس (التلميع الكسيح) لكل فاسدٍ عريقٍ ، وقد حافظت هذه الإذاعة العتيدة على مستوى راقٍ من النفَس العربي البليغ والصحيح ، إذ أن العناية بصون (لغة الضاد) يعني في حدَّه الأدنى متانة هذا البنيان الإعلامي وحرص منتسبيه على تطويع ما غلُق من قواعد اللغة وبلاغتها ليصبح مادةً سهلةَ التعلُّم والفهم والتذُّوق عند المستمعين عامة بمختلف مستوياتهم المعرفية والثقافية ، ولكن الحال – اليوم – لم يعد خافياًَ على ذوي اللب والفهم بمدى ما تعانيه العربية المكلومة من مآسٍ نحوية وتراكيبٍ بلاغية وتهجٍ سليم لمفرداتها وبنيتها الصوتية، ونحن نعي أن التقعر في منازل اللغة ليس مطلوباً ، بل غير مجدٍ في مثل هذه الوسيطة المحلية ، وندرك – أيضاً – أن البرامج التي تُعنى بالموروث الشعبي والتراث الإنساني لحضرموت (الحضارة والتاريخ والأصالة) فيها فسحة من عامية مفصَّحة ، ولكن الغرابةَ وما نسعى لتقويمه ونلفت إلى ضرورة تصويبه وتصحيحه هو الغياب المطلق لقواعد اللغة العربية وهيمنة السكون في إذاعة المكلا دون غيرها من حركات الإعراب الأخرى ، وإن حاول البعض عجزت به همته اللغوية والنحوية ، ولم يستطع مع الفصاحة سيرا، حتى في نشرات الأخبار والتقارير السياسية ، بما لا يعفي الزملاء من المسؤولية عن ما وصل حال اللغة العربية ، ولم يبق لها إلا الزمن الإذاعي الذي يخصص للبرنامجين الأسبوعين (لغة الضّاد) للأستاذ الدكتور عبدالله صالح بابعير ، و(شؤون أدبية) للأديب سالم العبد ، ففي هذه الدقائق يعود للغة العربية حضورها وألقها ونبضها ونضارتها في صوت المكلا الإذاعي ، وليت أغلب الزملاء يسعون إلى الاستفادة من هاتين القامتين العلمية واللغوية والثقافية الباذخة ، ويجدُّون في طلب العلم ، ليس في الصين ، كما يأمرنا الحديث الشريف ، ولكن ، في عقر دارهم (ريم الإذاعة) ولكنهم بالوقت يضنون ، وعلى اللغة العربية يتكبرون ، وبالمعرفة المطلقة يدّعون ، والحال يحتاج إلى صدق مع الذات ، ولنا أمل في فهم رسالتنا لتعود حركات الإعراب الأخرى إلى الاستخدام اليومي وعدم الاكتفاء بالسكون .. وكفى
يحنُّ الواحد منّا في بعض الأحيان إلى عشقه القديم ، إلى مراتع صباه ، وسلوة روحه والخاطر ، فيعود بخياله إلى تلك الأقاصي الغائرة في الذات ، ولكنه وهو ينزع إلى الرحيل يتلذذ بالذكريات ومشاهدها الرائقة ، ومن المواضع التي نلوذ بها من صخب الفضائيات وضجيج العبث الإعلامي التغريبي في الفضاء الكوني ، إذاعة المكلا وما تمثله من قيمة معرفية وأدبية وفنية وثقافية وروحية كانتها منذ بداية إرسالها في (28) سبتمبر 1967م إذ ترافق بثها الدائم ومرحلة الاستقلال الوطني لتغدو هذه النافذة الإعلامية هي الوسيطة التي تنثر وتعمِّق أهداف الثورة الوطنية ، فألفت آذان ناس المكلا تلك الأصوات المبدعة التي كان صوتها يصل صداه إلى أماكن ذبذباتها في ساعات البث المعدودة ، ولكنها وهي تمارس هذا الدور كانت حريصة على الارتقاء بثقافة متابعيها زمنئذ، وتعمد إلى توجيه الرأي العام بحنكةٍ ودقةٍ متناهيتين بعيدة عن مفردات (النفاق المفضوح) وقاموس (التلميع الكسيح) لكل فاسدٍ عريقٍ ، وقد حافظت هذه الإذاعة العتيدة على مستوى راقٍ من النفَس العربي البليغ والصحيح ، إذ أن العناية بصون (لغة الضاد) يعني في حدَّه الأدنى متانة هذا البنيان الإعلامي وحرص منتسبيه على تطويع ما غلُق من قواعد اللغة وبلاغتها ليصبح مادةً سهلةَ التعلُّم والفهم والتذُّوق عند المستمعين عامة بمختلف مستوياتهم المعرفية والثقافية ، ولكن الحال – اليوم – لم يعد خافياًَ على ذوي اللب والفهم بمدى ما تعانيه العربية المكلومة من مآسٍ نحوية وتراكيبٍ بلاغية وتهجٍ سليم لمفرداتها وبنيتها الصوتية، ونحن نعي أن التقعر في منازل اللغة ليس مطلوباً ، بل غير مجدٍ في مثل هذه الوسيطة المحلية ، وندرك – أيضاً – أن البرامج التي تُعنى بالموروث الشعبي والتراث الإنساني لحضرموت (الحضارة والتاريخ والأصالة) فيها فسحة من عامية مفصَّحة ، ولكن الغرابةَ وما نسعى لتقويمه ونلفت إلى ضرورة تصويبه وتصحيحه هو الغياب المطلق لقواعد اللغة العربية وهيمنة السكون في إذاعة المكلا دون غيرها من حركات الإعراب الأخرى ، وإن حاول البعض عجزت به همته اللغوية والنحوية ، ولم يستطع مع الفصاحة سيرا، حتى في نشرات الأخبار والتقارير السياسية ، بما لا يعفي الزملاء من المسؤولية عن ما وصل حال اللغة العربية ، ولم يبق لها إلا الزمن الإذاعي الذي يخصص للبرنامجين الأسبوعين (لغة الضّاد) للأستاذ الدكتور عبدالله صالح بابعير ، و(شؤون أدبية) للأديب سالم العبد ، ففي هذه الدقائق يعود للغة العربية حضورها وألقها ونبضها ونضارتها في صوت المكلا الإذاعي ، وليت أغلب الزملاء يسعون إلى الاستفادة من هاتين القامتين العلمية واللغوية والثقافية الباذخة ، ويجدُّون في طلب العلم ، ليس في الصين ، كما يأمرنا الحديث الشريف ، ولكن ، في عقر دارهم (ريم الإذاعة) ولكنهم بالوقت يضنون ، وعلى اللغة العربية يتكبرون ، وبالمعرفة المطلقة يدّعون ، والحال يحتاج إلى صدق مع الذات ، ولنا أمل في فهم رسالتنا لتعود حركات الإعراب الأخرى إلى الاستخدام اليومي وعدم الاكتفاء بالسكون .. وكفى