هدير الرعد
05-27-2009, 02:16 PM
جميعنا يعلم عن تلك المُداخلة التي قام بها الدكتور خالد القاسمي، في برنامج الاتجاه المعاكس قبل أسابيع.
تلك المُداخلة التي تحدث فيها القاسمي بعصبية مفرطة ضد نظام الرئيس علي عبد الله صالح، وليست المشكلة في هذا الإفراط لو أن ذلك هو الموقف المُعتاد من قبل القاسمي من النظام الحاكم في اليمن. فمهما قال أو يقول، فلن يقول أكثر مما يقوله غيره من المعارضين لنظام الحكم القائم.
لكن المشكلة أن ذلك الكلام جاء مناقضاً بالمطلق لمواقف للرجل نفسه، كانت حتى الأمس القريب تتصف بالإفراط في وصف الرئيس ونظامه..!!
بين أيديكم الآن مقال للدكتور القاسمي، وستلاحظون كم هو الفرق بين المواقفين لهذا الكاتب، والعبرة التي نخرج بها من هذا الموضوع، هي أن هناك من الناس في عالمنا اليوم، لديهم استعداد لتغيير مواقف مبدأية خلال أيام قلائل وربما ساعات، فيكفي فقط أن يحدث موقف أو رأي واحد يختلف فيه مع أحد أنصار تيار أو رأي مُعين، ليجعله يمحوا كل ما علق بذاكرته وتغيير اتجاهاته وقناعاته بالجملة مرة واحدة.
فيصبح الشخص بذلك كالقلم الرصاص يمحي بمؤخرته ما يكتبه برأسه...
عندما حاولت التعرف على سبب هذا التحول، وجدت البعض يتحدث عن أن صحيفة الوحدوي (لسان حال حزب التنظيم الوحدوي الناصري المعارض في اليمن)، تناولت عدة مرات إطروحات الدكتور القاسمي ناقدة إياه لزيادة مبالغته في مدح النظام، مستخدمه ما اعتبرته (فضيحة أدبية) في حق الدكتور القاسمي، متهمة إياه بسرقة أبحاث من دراسات يمنية وضمها إلى كتبه بدون الإشارة إلى أصحابها الأصليين (سرقة أدبية)، ثم بعد ذلك يتقدم بها للرئيس صالح ليحصل منه مزيداً من التقدير و....
لكن..
رغم ذلك لا أستطيع أن أحكم أن ما ذكرته صحيفة الوحدوي كان سبب تغيير ميول واتجاهات الدكتور القاسمي ، وسيظل السؤال قائم عن سبب هذا التغير؟.
المُهم هُنا هو أن نوضح لمن هللوا وكبروا لتلك المداخلة، وأمعنوا في وصف مكانة ووجاهة منطق القاسمي، وعولوا على تأثيرها الكثير في هذه السقبفة، وفي كثير من المنتديات غيرها؛ نوضح الآن بعض جوانب هذا الوهم لكي لا نقع في غيره..
إلى المقال الذي نشرته قبل سنوات صحيفة 26 سبتمبر .
علي عبدالله صالح.. صانع فجر الوحدة العظيم
خالد بن محمد القاسمي
لا تذكر وحدة اليمن الخالدة الا ويذكر معها القائد العظيم رمز الوحدة وبطلها الزعيم والرئيس علي عبدالله صالح، هذا القائد العظيم الذي دخل التاريخ من أوسع أبوابه، وحق لكل يمني وكل عربي أن يفتخر به وبمشروعه الحضاري الوحدوي العظيم الذي يقف شامخاً، ونموذجاً فريداً في الوحدة العربية.. فهو اللبنة الأولى في طريق المشروع القومي العربي، الذي هو حلم كل الاجيال على امتداد ساحة وطننا الكبير. لقد كانت الوحدة اليمنية قبل عام 1990م ضرباً من الخيال، وقد عشت تجربة ما قبل الوحدة مع أبناء اليمن الشقيق من خلال زياراتي المستمرة ما بين 1986م وحتى 1990م أربع سنوات كانت الفاصل بين تحقيق هذا المنجز العظيم وكنت في كل زياراتي أستشعر آلام وآمال ابناء اليمن في تمزقهم وفرقتهم، كانت الوحدة بالنسبة لهم بعيدة المنال وهي كالطيف الجميل فبالرغم من كل الاتفاقيات الوحدوية بين الشطرين والتي شهدتها أروقة العواصم العربية منذ عام 1972م لم ترق إلى مستوى الشعب الطموح في استعادة أمجاده التاريخية، بل لم تصل حتى إلى مستوى التنسيق أو التكامل الاقتصادي والاجتماعي بين الشطرين، فقد جاءت تلك الاتفاقيات بين هدير الرصاص ودوي البنادق لتضمد الجراح وتمحي الآلام التي يقاسي منها الشطران نتيجة عوامل داخلية وخارجية، في احيانٍ كثيرة منها تكون فرضت على اليمن فرضاً، وفي أحيانٍٍ أخرى تصفية حسابات قديمة وجديدة، وكان الشعب الممزق بين شطرين هو ضحية كل هذه الخلافات التي تتم تصفيتها على الساحة اليمنية. فجر جديد على اليمن في 17 يوليو 1978م تولى فخامة الرئيس علي عبدالله صالح زمام السلطة في شمال اليمن، وكان يدرك جيداً أنه يضع حياته فدية لاستمرارية حياة شعبه، ففي تلك الفترة كانت اليمن تمر بظروف عصيبة نتيجة الاضطرابات السياسية والاغتيالات والصراعات العسكرية الممولة من الخارج للانقضاض على الحكم، لذا فقد فزع من منصب الرئاسة الكثير من السياسيين حتى لا يتحملون مسؤولية الانتكاسة أو مواجهة الموت في ظل توقعات المراقبين الدوليين «بأن القادم الى الحكم لن يستمر في قيادة البلد أكثر من عام أو عامين وربما شهور» وفي تلك الظروف الحرجة قبل المقدم علي عبدالله صالح ترشيح مجلس الشعب له رئيساً للجمهورية وقائداً عاماً للقوات المسلحة.. وبرهن للجميع أن الأنسان اليمني شجاع وفوق كل التحديات وقادر على مواجهة أعتى الصعاب وأحلك الظروف.. وهذا ما أثبته التاريخ خلال السنوات المنصرمة منذ توليه القيادة في 1978م وحتى اليوم، فقد استطاع أن يحقق المنجزات والاحلام ويقود السفينة إلى بر الأمان. لقد أمسك هذا الزعيم بزمام التحول التاريخي وبدأ يشق طريقه من خيار الممكن الى ممكن المستحيل.. وهذه الجسارة الأدبية والمجازفة هي التي حملت معها الصفات القيادية والاستثنائىة.. وأفضت هذه الرؤية الثاقبة إلى إجراءات تتساوى مع حجم الطموحات الوطنية التي حملها للوطن بين جوانحه قائد المرحلة الصعبة فأنبثق الميثاق الوطني من صلب الحوار ومن جدار القطيعة الذي هدم، ليكون المشروع والدليل للعمل الوطني الجاد. لقد بدأ القائد بإيقاف التدهور السياسي والأمني الذي تعرضت له البلاد في أواخر السبعينات، وفتح باب الحوار الوطني على مصراعيه فألتقى حول طاولته الفرقاء على كلمة سواء وأنجزوا الميثاق الوطني كوثيقة وطنية ودليل عمل سياسي يرسم حدود الالتقاء والاختلاف، ويوحد الجهد السياسي والوطني من أجل التنمية والبناء، وتحقق ذلك تحت مظلة المؤتمر الشعبي العام.. ذلك التنظيم الذي وجد لتحقيق فكرة وتجسيد توجه الميثاق الوطني، والذي صاغته مجموعة التوجهات الفكرية والسياسية الملتقية على فكر الميثاق الوطني فتوحدت الجهود وتبلورت وأتضح المسار السياسي الذي كان في مهب الريح تتقاذفه الامواج يميناً ويساراً. وبتأسيس المؤتمر الشعبي العام في 24/8/1982م امتدت التجربة التنظيمية لتوحد بين الجهد السياسي والتنموي وفي منتصف الثمانينات كانت تجربة انتخابات المجالس المحلية، فأسهمت في صقل التجربة الديمقراطية والتوعية السياسية. ودارت عجلة التنمية المتسارعة، تحقق أرقاماً وإنجازات هامة، شملت آلاف المدارس على امتداد الوطن اليمني وآلاف الكيلومترات من الطرق في الريف الى قمم الجبال وبطون الأودية ومشاريع مياه الشرب والخدمات الصحية وتحققت طفرة تنموية هائلة لمس خيرها كل مواطن في كل بيت في شمال اليمن سابقاً. إن تعزيز القرار السياسي الذي أتخذه القائد العظيم أخرج اليمن من دائرة التبعية الفكرية والسياسة القطبية التي سادت وأكسب اليمن خطابه المستقل ورؤيته المتفقة مع المصلحة الوطنية والمنسجمة مع التوجهات والأهداف الخاصة، وتخلص اليمن بفضل قيادته من المحيط الأيديولوجي ورسم لنفسه خطاً سياسياً واضحاً يحميه من التبعية للشرق أو الغرب منطلقاً من إحتياجياته وأولوياته الذاتية والموضوعية. قائد.. يصنع وحدة بلاده إذا كان التاريخ يصنع القادة، ويروي أدوارهم في صياغته، ويصوغ من أعمالهم مادته إلى الاجيال تتناقلها جيلاً بعد جيل، فإن الرئىس اليمني علي عبدالله صالح صنع التاريخ لوطنه، وقاد ملحمة إنسانية فريدة في التاريخ سجل على جبين الزمن في 22 من مايو 1990م وحدة بلاده التي استطاع هذا القائد الفذ بكل ما أوتي من قوة وشجاعة أن يسجل ملحمة تتفاخر بها الأجيال بعد جيل فالوحدة اليمنية غدت حقيقة ساطعة. فقد سعى هذا القائد منذ توليه منصب الرئاسة في 1978م إلى إيجاد مناخات طيبة للعلاقة بين الشطرين، فعقدت اللقاءات بين حكومتي البلدين بداية بقمة الكويت في 1979م وانتهاءً بلقاء عدن التاريخي في 30 نوفمبر 1989م وقدم القائد الكثير من التنازلات من أجل إنجاح مشروع الوحدة. وبتتبع مشاريع القائد الوحدوية منذ 1979م وحتى تحقيقها في 22 مايو 1990م نجد إن اتفاقية الكويت بين الزعيم علي عبدالله صالح وعبد الفتاح اسماعيل في 30/3/1979م نصت على مشروع دستور الوحدة وضرورة انجازه خلال اربعة أشهر، والاستفتاء العام على مشروع الوحدة. أما البيان المشترك في 4/10/1979م مع الرئيس السابق علي ناصر محمد الصادر في صنعاء فقد نص على دعم خطوات الوحدة اليمنية وبحث الخطوات لتنفيذ اتفاق القاهرة وبيان طرابلس والكويت. أما اتفاق رئيس وزراء الشطرين في عدن 6/5/1980م فقد نجم عنه العديد من الاتفاقيات في مجال الصناعة والمعادن والمواصلات والمصارف والتنمية والسياحة. وفي 13/6/1980م التقى فخامة القائد مع اخيه الرئيس السابق علي ناصر محمد في صنعاء وأسفر الاتفاق عن عدم دعم أي نشاط سياسي أو عسكري مناهض لثورتي «26 سبتمبر و 14 أكتوبر» وازالة المواقع العسكرية في مناطق الاطراف في الشطرين ووضع خطة للدفاع عن الاراضي اليمنية والحفاظ على السيادة الوطنية. وتوالت إجتماعات المجلس اليمني الأعلى بين رئيسي الشطرين منذ عام 1980م وحتى 1985م كما توالت إجتماعات اللجان المشتركة التي أسفرت عن إنجاز العديد من المشاريع المشتركة بين شطري اليمن، ولعل أهمها تسهيل حركة تنقل المواطنين بين الشطرين بالبطاقة الشخصية في 1/6/1988م وإستثمار المنطقة المشتركة في محافظتي مأرب وشبوة. ولأول مرة في تاريخها تجتمع لجنة التنظيم السياسي الموحد في 31/10 إلى 2/11/1989م لتناقش البدائل والصيغ المناسبة للتنظيم السياسي لدولة الوحدة والتي أوجدت أربع صيغ للاندماج السياسي الواحد بين الشطرين. وكان ترجيح البديل الثاني هو الأقوى وذلك باحتفاظ الحزبين الحاكمين باستقلاليتهما وحق القوى الوطنية في ممارسة نشاطها السياسي. وجاء لقاء قمة عدن التاريخي في 30 نوفمبر 1989م ليقر إحالة مشروع دستور الوحدة الى مجلسي الشورى والشعب في الشطرين للموافقة عليه والاسراع في إنجاز اللجان الوحدوية المشتركة خلال مدة اقصاها شهرين. القائد.. والحدث التاريخي العظيم في 22 مايو 1990م فاجأ القائد والزعيم اليمني علي عبدالله صالح العالم بإعلان قيام الجمهورية اليمنية.. دولة مستقلة ذات سيادة، تذوب فيها الشخصية الدولية لكلا الشطرين، ويكون للجمهورية الوليدة سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية واحدة. إن تحقيق الوحدة اليمنية يعتبر أعظم منجز تحقق في القرن العشرين بعد أن كانت حلماً بعيد المنال وفي زمن قياسي، فهي معجزة من معجزات القرن العشرين، كما شهدت التجربة الديمقراطية تحولاً جديداً تمثل في قيام التعددية السياسية وحرية الرأي. وفي عام 1994م حاول الانفصاليون الاجهاض على مشروع الوحدة، وذلك باشعال فتيل الحرب في أرجاء الوطن الواحد فكانت وقفة فخامة الرئيس هي موقف القائد الذي لا يساوم على وحدة بلاده وواجه المؤامرة بإرادة قوية وحكمة وشجاعة وحوله جميع أبناء الجمهورية اليمنية. وبعد تثبيت الوحدة في 7/7/1994م أعطى القائد التجربة الديمقراطية بعداً جديداً ونقلة نوعية باعتماده على المبدأ التاريخي وهو معالجة الديمقراطية بمزيد من الديمقراطية وشهدت التجربة الديمقراطية تحولاً جديداً تمثل في: الاصلاحات الدستورية والتي تعتبر الأولى من نوعها في العالم الثالث، وتتمثل في إجراء الانتخابات الرئاسية من الشعب عبر الاقتراع المباشر واضاف بعداً جديداً يتمثل في تحديد المدة الرئاسية في دورتين، وشهد عام 1999م أول انتخابات لرئاسة الجمهورية في اليمن تلتها خطوة المجالس المحلية. وفي إطار السياسة الخارجية عمل القائد على التعاون بين اليمن ومعظم دول العالم في شتى المجالات واستخراج الثروات المعدنية وغيرها وتسوية الحدود مع الاشقاء والجيران بدون أي صراع، وايصال خير الثورة والوحدة اليمنية إلى جميع أرجاء الوطن اليمني بإنشاء المشاريع الخدمية في مختلف أعمالها الصحية والتعليمية والرياضية وغيرها، كما تم تطوير وتوسيع ميناء عدن والموانئ والمطارات وجعل عدن مدينة حرة، كما حرص على بناء جيش قوي، فالقوات المسلحة في تطور مستمر لرعاية الديمقراطية وحماية الوطن والحفاظ على وحدته، كما أنها سند للاشقاء في الوطن العربي. فأي وطن هذا لولا الزعيم والقائد العروبي علي عبدالله صالح، لقد جعل من اليمن درة الاوطان.. واعاد لها سعادتها التي فقدتها في عصورها الغابرة. هذه بعض من انجازات القائد الذي حق له أن يكتب اسمه في جبين الشمس.
تلك المُداخلة التي تحدث فيها القاسمي بعصبية مفرطة ضد نظام الرئيس علي عبد الله صالح، وليست المشكلة في هذا الإفراط لو أن ذلك هو الموقف المُعتاد من قبل القاسمي من النظام الحاكم في اليمن. فمهما قال أو يقول، فلن يقول أكثر مما يقوله غيره من المعارضين لنظام الحكم القائم.
لكن المشكلة أن ذلك الكلام جاء مناقضاً بالمطلق لمواقف للرجل نفسه، كانت حتى الأمس القريب تتصف بالإفراط في وصف الرئيس ونظامه..!!
بين أيديكم الآن مقال للدكتور القاسمي، وستلاحظون كم هو الفرق بين المواقفين لهذا الكاتب، والعبرة التي نخرج بها من هذا الموضوع، هي أن هناك من الناس في عالمنا اليوم، لديهم استعداد لتغيير مواقف مبدأية خلال أيام قلائل وربما ساعات، فيكفي فقط أن يحدث موقف أو رأي واحد يختلف فيه مع أحد أنصار تيار أو رأي مُعين، ليجعله يمحوا كل ما علق بذاكرته وتغيير اتجاهاته وقناعاته بالجملة مرة واحدة.
فيصبح الشخص بذلك كالقلم الرصاص يمحي بمؤخرته ما يكتبه برأسه...
عندما حاولت التعرف على سبب هذا التحول، وجدت البعض يتحدث عن أن صحيفة الوحدوي (لسان حال حزب التنظيم الوحدوي الناصري المعارض في اليمن)، تناولت عدة مرات إطروحات الدكتور القاسمي ناقدة إياه لزيادة مبالغته في مدح النظام، مستخدمه ما اعتبرته (فضيحة أدبية) في حق الدكتور القاسمي، متهمة إياه بسرقة أبحاث من دراسات يمنية وضمها إلى كتبه بدون الإشارة إلى أصحابها الأصليين (سرقة أدبية)، ثم بعد ذلك يتقدم بها للرئيس صالح ليحصل منه مزيداً من التقدير و....
لكن..
رغم ذلك لا أستطيع أن أحكم أن ما ذكرته صحيفة الوحدوي كان سبب تغيير ميول واتجاهات الدكتور القاسمي ، وسيظل السؤال قائم عن سبب هذا التغير؟.
المُهم هُنا هو أن نوضح لمن هللوا وكبروا لتلك المداخلة، وأمعنوا في وصف مكانة ووجاهة منطق القاسمي، وعولوا على تأثيرها الكثير في هذه السقبفة، وفي كثير من المنتديات غيرها؛ نوضح الآن بعض جوانب هذا الوهم لكي لا نقع في غيره..
إلى المقال الذي نشرته قبل سنوات صحيفة 26 سبتمبر .
علي عبدالله صالح.. صانع فجر الوحدة العظيم
خالد بن محمد القاسمي
لا تذكر وحدة اليمن الخالدة الا ويذكر معها القائد العظيم رمز الوحدة وبطلها الزعيم والرئيس علي عبدالله صالح، هذا القائد العظيم الذي دخل التاريخ من أوسع أبوابه، وحق لكل يمني وكل عربي أن يفتخر به وبمشروعه الحضاري الوحدوي العظيم الذي يقف شامخاً، ونموذجاً فريداً في الوحدة العربية.. فهو اللبنة الأولى في طريق المشروع القومي العربي، الذي هو حلم كل الاجيال على امتداد ساحة وطننا الكبير. لقد كانت الوحدة اليمنية قبل عام 1990م ضرباً من الخيال، وقد عشت تجربة ما قبل الوحدة مع أبناء اليمن الشقيق من خلال زياراتي المستمرة ما بين 1986م وحتى 1990م أربع سنوات كانت الفاصل بين تحقيق هذا المنجز العظيم وكنت في كل زياراتي أستشعر آلام وآمال ابناء اليمن في تمزقهم وفرقتهم، كانت الوحدة بالنسبة لهم بعيدة المنال وهي كالطيف الجميل فبالرغم من كل الاتفاقيات الوحدوية بين الشطرين والتي شهدتها أروقة العواصم العربية منذ عام 1972م لم ترق إلى مستوى الشعب الطموح في استعادة أمجاده التاريخية، بل لم تصل حتى إلى مستوى التنسيق أو التكامل الاقتصادي والاجتماعي بين الشطرين، فقد جاءت تلك الاتفاقيات بين هدير الرصاص ودوي البنادق لتضمد الجراح وتمحي الآلام التي يقاسي منها الشطران نتيجة عوامل داخلية وخارجية، في احيانٍ كثيرة منها تكون فرضت على اليمن فرضاً، وفي أحيانٍٍ أخرى تصفية حسابات قديمة وجديدة، وكان الشعب الممزق بين شطرين هو ضحية كل هذه الخلافات التي تتم تصفيتها على الساحة اليمنية. فجر جديد على اليمن في 17 يوليو 1978م تولى فخامة الرئيس علي عبدالله صالح زمام السلطة في شمال اليمن، وكان يدرك جيداً أنه يضع حياته فدية لاستمرارية حياة شعبه، ففي تلك الفترة كانت اليمن تمر بظروف عصيبة نتيجة الاضطرابات السياسية والاغتيالات والصراعات العسكرية الممولة من الخارج للانقضاض على الحكم، لذا فقد فزع من منصب الرئاسة الكثير من السياسيين حتى لا يتحملون مسؤولية الانتكاسة أو مواجهة الموت في ظل توقعات المراقبين الدوليين «بأن القادم الى الحكم لن يستمر في قيادة البلد أكثر من عام أو عامين وربما شهور» وفي تلك الظروف الحرجة قبل المقدم علي عبدالله صالح ترشيح مجلس الشعب له رئيساً للجمهورية وقائداً عاماً للقوات المسلحة.. وبرهن للجميع أن الأنسان اليمني شجاع وفوق كل التحديات وقادر على مواجهة أعتى الصعاب وأحلك الظروف.. وهذا ما أثبته التاريخ خلال السنوات المنصرمة منذ توليه القيادة في 1978م وحتى اليوم، فقد استطاع أن يحقق المنجزات والاحلام ويقود السفينة إلى بر الأمان. لقد أمسك هذا الزعيم بزمام التحول التاريخي وبدأ يشق طريقه من خيار الممكن الى ممكن المستحيل.. وهذه الجسارة الأدبية والمجازفة هي التي حملت معها الصفات القيادية والاستثنائىة.. وأفضت هذه الرؤية الثاقبة إلى إجراءات تتساوى مع حجم الطموحات الوطنية التي حملها للوطن بين جوانحه قائد المرحلة الصعبة فأنبثق الميثاق الوطني من صلب الحوار ومن جدار القطيعة الذي هدم، ليكون المشروع والدليل للعمل الوطني الجاد. لقد بدأ القائد بإيقاف التدهور السياسي والأمني الذي تعرضت له البلاد في أواخر السبعينات، وفتح باب الحوار الوطني على مصراعيه فألتقى حول طاولته الفرقاء على كلمة سواء وأنجزوا الميثاق الوطني كوثيقة وطنية ودليل عمل سياسي يرسم حدود الالتقاء والاختلاف، ويوحد الجهد السياسي والوطني من أجل التنمية والبناء، وتحقق ذلك تحت مظلة المؤتمر الشعبي العام.. ذلك التنظيم الذي وجد لتحقيق فكرة وتجسيد توجه الميثاق الوطني، والذي صاغته مجموعة التوجهات الفكرية والسياسية الملتقية على فكر الميثاق الوطني فتوحدت الجهود وتبلورت وأتضح المسار السياسي الذي كان في مهب الريح تتقاذفه الامواج يميناً ويساراً. وبتأسيس المؤتمر الشعبي العام في 24/8/1982م امتدت التجربة التنظيمية لتوحد بين الجهد السياسي والتنموي وفي منتصف الثمانينات كانت تجربة انتخابات المجالس المحلية، فأسهمت في صقل التجربة الديمقراطية والتوعية السياسية. ودارت عجلة التنمية المتسارعة، تحقق أرقاماً وإنجازات هامة، شملت آلاف المدارس على امتداد الوطن اليمني وآلاف الكيلومترات من الطرق في الريف الى قمم الجبال وبطون الأودية ومشاريع مياه الشرب والخدمات الصحية وتحققت طفرة تنموية هائلة لمس خيرها كل مواطن في كل بيت في شمال اليمن سابقاً. إن تعزيز القرار السياسي الذي أتخذه القائد العظيم أخرج اليمن من دائرة التبعية الفكرية والسياسة القطبية التي سادت وأكسب اليمن خطابه المستقل ورؤيته المتفقة مع المصلحة الوطنية والمنسجمة مع التوجهات والأهداف الخاصة، وتخلص اليمن بفضل قيادته من المحيط الأيديولوجي ورسم لنفسه خطاً سياسياً واضحاً يحميه من التبعية للشرق أو الغرب منطلقاً من إحتياجياته وأولوياته الذاتية والموضوعية. قائد.. يصنع وحدة بلاده إذا كان التاريخ يصنع القادة، ويروي أدوارهم في صياغته، ويصوغ من أعمالهم مادته إلى الاجيال تتناقلها جيلاً بعد جيل، فإن الرئىس اليمني علي عبدالله صالح صنع التاريخ لوطنه، وقاد ملحمة إنسانية فريدة في التاريخ سجل على جبين الزمن في 22 من مايو 1990م وحدة بلاده التي استطاع هذا القائد الفذ بكل ما أوتي من قوة وشجاعة أن يسجل ملحمة تتفاخر بها الأجيال بعد جيل فالوحدة اليمنية غدت حقيقة ساطعة. فقد سعى هذا القائد منذ توليه منصب الرئاسة في 1978م إلى إيجاد مناخات طيبة للعلاقة بين الشطرين، فعقدت اللقاءات بين حكومتي البلدين بداية بقمة الكويت في 1979م وانتهاءً بلقاء عدن التاريخي في 30 نوفمبر 1989م وقدم القائد الكثير من التنازلات من أجل إنجاح مشروع الوحدة. وبتتبع مشاريع القائد الوحدوية منذ 1979م وحتى تحقيقها في 22 مايو 1990م نجد إن اتفاقية الكويت بين الزعيم علي عبدالله صالح وعبد الفتاح اسماعيل في 30/3/1979م نصت على مشروع دستور الوحدة وضرورة انجازه خلال اربعة أشهر، والاستفتاء العام على مشروع الوحدة. أما البيان المشترك في 4/10/1979م مع الرئيس السابق علي ناصر محمد الصادر في صنعاء فقد نص على دعم خطوات الوحدة اليمنية وبحث الخطوات لتنفيذ اتفاق القاهرة وبيان طرابلس والكويت. أما اتفاق رئيس وزراء الشطرين في عدن 6/5/1980م فقد نجم عنه العديد من الاتفاقيات في مجال الصناعة والمعادن والمواصلات والمصارف والتنمية والسياحة. وفي 13/6/1980م التقى فخامة القائد مع اخيه الرئيس السابق علي ناصر محمد في صنعاء وأسفر الاتفاق عن عدم دعم أي نشاط سياسي أو عسكري مناهض لثورتي «26 سبتمبر و 14 أكتوبر» وازالة المواقع العسكرية في مناطق الاطراف في الشطرين ووضع خطة للدفاع عن الاراضي اليمنية والحفاظ على السيادة الوطنية. وتوالت إجتماعات المجلس اليمني الأعلى بين رئيسي الشطرين منذ عام 1980م وحتى 1985م كما توالت إجتماعات اللجان المشتركة التي أسفرت عن إنجاز العديد من المشاريع المشتركة بين شطري اليمن، ولعل أهمها تسهيل حركة تنقل المواطنين بين الشطرين بالبطاقة الشخصية في 1/6/1988م وإستثمار المنطقة المشتركة في محافظتي مأرب وشبوة. ولأول مرة في تاريخها تجتمع لجنة التنظيم السياسي الموحد في 31/10 إلى 2/11/1989م لتناقش البدائل والصيغ المناسبة للتنظيم السياسي لدولة الوحدة والتي أوجدت أربع صيغ للاندماج السياسي الواحد بين الشطرين. وكان ترجيح البديل الثاني هو الأقوى وذلك باحتفاظ الحزبين الحاكمين باستقلاليتهما وحق القوى الوطنية في ممارسة نشاطها السياسي. وجاء لقاء قمة عدن التاريخي في 30 نوفمبر 1989م ليقر إحالة مشروع دستور الوحدة الى مجلسي الشورى والشعب في الشطرين للموافقة عليه والاسراع في إنجاز اللجان الوحدوية المشتركة خلال مدة اقصاها شهرين. القائد.. والحدث التاريخي العظيم في 22 مايو 1990م فاجأ القائد والزعيم اليمني علي عبدالله صالح العالم بإعلان قيام الجمهورية اليمنية.. دولة مستقلة ذات سيادة، تذوب فيها الشخصية الدولية لكلا الشطرين، ويكون للجمهورية الوليدة سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية واحدة. إن تحقيق الوحدة اليمنية يعتبر أعظم منجز تحقق في القرن العشرين بعد أن كانت حلماً بعيد المنال وفي زمن قياسي، فهي معجزة من معجزات القرن العشرين، كما شهدت التجربة الديمقراطية تحولاً جديداً تمثل في قيام التعددية السياسية وحرية الرأي. وفي عام 1994م حاول الانفصاليون الاجهاض على مشروع الوحدة، وذلك باشعال فتيل الحرب في أرجاء الوطن الواحد فكانت وقفة فخامة الرئيس هي موقف القائد الذي لا يساوم على وحدة بلاده وواجه المؤامرة بإرادة قوية وحكمة وشجاعة وحوله جميع أبناء الجمهورية اليمنية. وبعد تثبيت الوحدة في 7/7/1994م أعطى القائد التجربة الديمقراطية بعداً جديداً ونقلة نوعية باعتماده على المبدأ التاريخي وهو معالجة الديمقراطية بمزيد من الديمقراطية وشهدت التجربة الديمقراطية تحولاً جديداً تمثل في: الاصلاحات الدستورية والتي تعتبر الأولى من نوعها في العالم الثالث، وتتمثل في إجراء الانتخابات الرئاسية من الشعب عبر الاقتراع المباشر واضاف بعداً جديداً يتمثل في تحديد المدة الرئاسية في دورتين، وشهد عام 1999م أول انتخابات لرئاسة الجمهورية في اليمن تلتها خطوة المجالس المحلية. وفي إطار السياسة الخارجية عمل القائد على التعاون بين اليمن ومعظم دول العالم في شتى المجالات واستخراج الثروات المعدنية وغيرها وتسوية الحدود مع الاشقاء والجيران بدون أي صراع، وايصال خير الثورة والوحدة اليمنية إلى جميع أرجاء الوطن اليمني بإنشاء المشاريع الخدمية في مختلف أعمالها الصحية والتعليمية والرياضية وغيرها، كما تم تطوير وتوسيع ميناء عدن والموانئ والمطارات وجعل عدن مدينة حرة، كما حرص على بناء جيش قوي، فالقوات المسلحة في تطور مستمر لرعاية الديمقراطية وحماية الوطن والحفاظ على وحدته، كما أنها سند للاشقاء في الوطن العربي. فأي وطن هذا لولا الزعيم والقائد العروبي علي عبدالله صالح، لقد جعل من اليمن درة الاوطان.. واعاد لها سعادتها التي فقدتها في عصورها الغابرة. هذه بعض من انجازات القائد الذي حق له أن يكتب اسمه في جبين الشمس.