سالم علي الجرو
12-11-2009, 02:09 PM
قهوة الكشكشه
قهوة تخيّلتها ، تقع وسط مدينة قديمة بالقرب من مركز رعاية الأمومة والطفولة ، تشبه قهوة الكذب الواردة في مذكّرات شقران.
كلام الكشكشة لا تخرج منه بفوائد ، لكنه يسلّي أصحابه حينما يعبرون في ضحكات التصنع وابتسامات صفراء . تعبر عن كبت وغلّ وغش في معظم الأحيان .
روّاد القهوة يفدون ـ عادة ـ في الصّباح الباكر ، يعرفون بعضهم فكلّ شلّة تأخذ حيّزا في المكان ... وهات ...
هات واحد شاي ، وهات يا كلام . شلّة الطرب والمزمار في ناحية ومجموعة الجزّار في ناحية . الكلّ يخطب ودّ الجزّار الضّاحك أبدا ، المدخّن سجائر بشره ، صاحب الصوت الأجهوري. وعندما يكحّ عقب كلّ كل ضحكة يطلقها تحسبه سيختنق ، لكن نفر يربتون على كتفه وآخرون يضربون الظهر حتى يعود إلى هدوءه وكلّهم ينظرون إليه داعين له بالشّفاء من التهاب الرئة ، وهو ينفي أن يكون مصابا بمرض وإنما هي عادة وراثية انتقلت إليه من جده الثاني كما قال جدّه الأوّل.
قال الرّاوي:
" سمعت تكرارا للكلام وتعليقات على الداوم ونهش في لحوم الأنام وشاهدت شيئا من جدال وخصام مع احتساء قهوة وشرب شاي ومضغ طعام: ( مندازي ) جاءوا به من خارج الدّيار وهو مطبّق بلغة العوام . عجلون في مضغه وعجلون في الهرج والمرج ، وكلّ أحد يريد أن يقذف بما في جوفه ، بعضهم بالهمس وبعضهم بالرمز وصاحب الخبرة منهم يجيد الغمز بالطرف وتحريك الحواجب وبالتمثيل الحركي ، يستخدمون الحواجب للدلالة على سرّ أو إشارة إلى كاتب أو قاض أو حاجب القاضي.
رأيت ذات يوم رجلا على ظهر حمار ، مقبل على القهوة فظننته سائحا نصرانيا فلمّا اقترب ضحك البعض وقال أحدهم:
رأيتك معتلٍ فوق حمار = فقلت لم يعلُ الحمار على أخيه
وقال آخر:
ولو لبس الحمار ثياب خزٍّ = لقال الناس يالك من حمار
وكلّ ذلك تعليقا على ربطة عنق وبنطلون ومعطف رماديّ اللون بينما هم في لبس محلّي غير منسّق ، فعرفت أنه من الشّلّة حينما حيّاهم ـ ضاحكا ـ من على ظهر حماره . وكانا البيتان الوحيدان من الشعر الفصيح سمعتهما ، عدا ذلك فالكلام كشكشة في كشكشه وشيء من شعر الزّجل ".
إنتهى كلام الرّاوي
قهوة تخيّلتها ، تقع وسط مدينة قديمة بالقرب من مركز رعاية الأمومة والطفولة ، تشبه قهوة الكذب الواردة في مذكّرات شقران.
كلام الكشكشة لا تخرج منه بفوائد ، لكنه يسلّي أصحابه حينما يعبرون في ضحكات التصنع وابتسامات صفراء . تعبر عن كبت وغلّ وغش في معظم الأحيان .
روّاد القهوة يفدون ـ عادة ـ في الصّباح الباكر ، يعرفون بعضهم فكلّ شلّة تأخذ حيّزا في المكان ... وهات ...
هات واحد شاي ، وهات يا كلام . شلّة الطرب والمزمار في ناحية ومجموعة الجزّار في ناحية . الكلّ يخطب ودّ الجزّار الضّاحك أبدا ، المدخّن سجائر بشره ، صاحب الصوت الأجهوري. وعندما يكحّ عقب كلّ كل ضحكة يطلقها تحسبه سيختنق ، لكن نفر يربتون على كتفه وآخرون يضربون الظهر حتى يعود إلى هدوءه وكلّهم ينظرون إليه داعين له بالشّفاء من التهاب الرئة ، وهو ينفي أن يكون مصابا بمرض وإنما هي عادة وراثية انتقلت إليه من جده الثاني كما قال جدّه الأوّل.
قال الرّاوي:
" سمعت تكرارا للكلام وتعليقات على الداوم ونهش في لحوم الأنام وشاهدت شيئا من جدال وخصام مع احتساء قهوة وشرب شاي ومضغ طعام: ( مندازي ) جاءوا به من خارج الدّيار وهو مطبّق بلغة العوام . عجلون في مضغه وعجلون في الهرج والمرج ، وكلّ أحد يريد أن يقذف بما في جوفه ، بعضهم بالهمس وبعضهم بالرمز وصاحب الخبرة منهم يجيد الغمز بالطرف وتحريك الحواجب وبالتمثيل الحركي ، يستخدمون الحواجب للدلالة على سرّ أو إشارة إلى كاتب أو قاض أو حاجب القاضي.
رأيت ذات يوم رجلا على ظهر حمار ، مقبل على القهوة فظننته سائحا نصرانيا فلمّا اقترب ضحك البعض وقال أحدهم:
رأيتك معتلٍ فوق حمار = فقلت لم يعلُ الحمار على أخيه
وقال آخر:
ولو لبس الحمار ثياب خزٍّ = لقال الناس يالك من حمار
وكلّ ذلك تعليقا على ربطة عنق وبنطلون ومعطف رماديّ اللون بينما هم في لبس محلّي غير منسّق ، فعرفت أنه من الشّلّة حينما حيّاهم ـ ضاحكا ـ من على ظهر حماره . وكانا البيتان الوحيدان من الشعر الفصيح سمعتهما ، عدا ذلك فالكلام كشكشة في كشكشه وشيء من شعر الزّجل ".
إنتهى كلام الرّاوي