المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آخر محاولــــــــة


سالم علي الجرو
12-24-2009, 09:28 AM
آخر المحاولة

جاءت إليه متلثّمة تلبس ثوبا فضفاضا ساترا وقد كان يعرفها في لبس يظهر الجسد . سألته: هل تسمح لي بالحديث عن ما يؤرّقك ويؤرّقني؟

نظر إليها نظرة من يخاطب ممددا على السرير الأبيض . بدت عظام الوجه واضحة من تحت اللثام الشّفّاف وقد كانت ذات وجه لحمي يلمع حين تقهقه .

ـ تفضّلي قولي ما لديك؟ سألته: أتتركني قائمة؟ . قرّب الكرسيّ وقال لها: تفضّلي . جلست وأجهشت بالبكاء فبكى لعلمه بأن هذا هو حديثها حين تخطىء فغفر لها زلّتها عبر دمعة جوابيّة .

يغامر الرجل إذا بكى أمام المرأة . ذلك ما لا حظه حينما ابتسمت وهو يمسح دموعه بطرف رداء تعرف من أين اشتراه وسبق أن بصمت عليه بقبلة حمراء ، حافظ عليها للذكرى حتى انمحت. إنها ابتسامة خبث ونشوة انتصار عبرت عنها عيناها الواسعتين ، وهي كذلك قرأت في عينيه شكّا ، فقالت له: هل تصدقني إذا قلت .... ( قاطعها )

ــ لا تقولين .... كفى فأنا أصدق عينيك

عادت إلى البكاء ولم يلتفت إليها وفؤاده يتقطّع . ساد الصمت قليلا إلا من تنهيدة ، ثم قالت في حشرجة:

ـ سامحني با حبيبي ، أنت أقوى منّي سلطة وأنا القوية بصدق حبّي لك . لا تظن أني أنافسك السلطة بل أنافسك الحب ، وكلّما ذرفت من أجلي دمعة شعرت أنّي في سويداء قلبك فغمرتني نشوة انتصار الحب . تزداد سعادتي بمقدار كلّما كنت فولاذيّا وتزداد أكثر كلّما عبّرت لي عن حبّك واهتمامك بكلمة: ( أحبّك )

نظر إليها باسما واعدا بالعدول عن الهجر . ناولته قطعة حلوى ، يحبها ، من صنع يدها فتناولها مقبلا الفراغ بينه وبينها فردّت بقبلة حارّة وودّعته .

سالم علي الجرو
12-24-2009, 11:21 AM
فتح باب الشقّة وهذه المرّة لم يغلقه بقوّة كعادته لمدة ثلاثة أيّام ، فهرولت نحو الباب فاتحة ذراعيها ، وكان لا بدّ من رمي كيسا كان يحمله فسمعت صوت احتكاك قوارير ، فقالت:

ـ جئت وجاء العطر

العطر كان أساس الخلاف حينما منعها من استعماله لأن به نسبة كحول زائدة ، وظنّت أنه عدّل عن هجرها وعدّل عن رأيه وأتى لها بعطر وماذاك الصوت الذي سمعت إلا صوت نابع من احتكاك قوارير العصير .

إستلقى على الأريكة في انتظار مجيئها ليتم الصّلح الأخير . إنتظر طويلا ولم تأت فقام إليها متنصّتا وسمع صوت بكاء .. كانت تبكي في غرفة النوم. دخل عليها وسألها:

ـ ما يبكيك؟ . أجابت بسؤال:

ـ أين العطر؟ لم يقل شيئا ، بل عاد ولبس لباس السوق وغادر وأرسل إليها في اليوم الثاني ابنها ينبئها بقرب الفراق إن هي صممّّت على مخالفة أوامر بعلها ، مرفق بالفتوى:

" أما ما يتعلق بالكحول فهي على رأي كثير من العلماء فهي مادة غير نجسة، ويعود تحريمها فقط إلى الفعل المسكر أما استعمالها كمادة مطهرة (معقمة وقاتلة للجراثيم) وفي إذابة بعض العطور (صناعة الكولونيا) وإذابة بعض الملونات المستخدمة في الصناعة الدوائية أو الغذائية فهو مباح إذا كان المقدار المستعمل في المنتوج النهائي قليل جدا لا تزيد نسبته عن نصف في المائة وهذا ما أفتى به عدد من المراجع الفقهية والعلمية ".
سألت ابنها: أيرضيكم هذا؟
ما الذي غيّر أباكم منذ أن اعتنى بلحيته ـ وهذا شرف ـ وتحوّل إلى كابوس في بيته وهذا لا يشرّف. قال لها ابنها: أستغفري الله يا أمّي ، وما عليك إلا إطاعة أبي: زوجك. لم تجد بدّ من كبت رغباتها وإرضاء زوجها وإن لم تكن راضية . وعدت ابنها بعدم المطالبة بأيّ شيء لا يرضى عنه أبوهم . بلّغ الخبر ومن حينها ساد الخرس في المنزل.

الزعيم المهشمي
12-24-2009, 02:39 PM
الف شكر عل الموضوع

سالم علي الجرو
12-24-2009, 03:46 PM
الف شكر عل الموضوع
شكرا للمرور يا ابن هاشم

شذى
12-24-2009, 03:54 PM
سلمت يمناك

أهوى حريضه
12-24-2009, 06:53 PM
يسلموو...

والله يعطيك العافية ...

تقبل مروري ..

سالم علي الجرو
12-24-2009, 07:58 PM
سلمت يمناك
إذن أنفقت من الوقت وقرأت يا شذى وهذا ما يسعدني
شكرا جزيلا

سالم علي الجرو
12-24-2009, 08:02 PM
يسلموو...

والله يعطيك العافية ...

تقبل مروري ..
تسلمين يا هاوية المدينة التاريخيّة
مرورك أسعدني كثير ، دمت بعافية