المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مخاطر تدويل القضايا الوطنية..- زيد الشامي


حد من الوادي
01-09-2010, 09:07 PM
مخاطر تدويل القضايا الوطنية..- زيد الشامي

08/01/2010 الصحوة نت-خاص

أي إنسان سوي، يحب وطنه، ولا يرجو له إلا العز والمجد والاستقرار، كما أنه يغار عليه من الانتقاص، ويدافع عنه من أي عدوان، ويفخر بالانتماء إليه مهما كانت المعاناة التي يعيشها والتعامل القاسي من بعض أبناء وطنه!

(بلادي وإن جارت عليّ عزيزة

وأهلي وإن ضنوا عليّ كرام!!)

واليمنيون –ليسوا استثناء من البشر- متمسكون بحب وطنهم، يحنون إليه حين يبتعدون عنه، يفاخرون بأمجاده، وكلما شطّ بهم المقام شرقاً أو غرباً فنظروا تقدم الدول وتطور الشعوب تمنّوا أن تكون بلادهم مثل تلك الأوطان وأحسن.

لعل كثيرين –مثلي- يستاءون لأن أيدي اليمنيين تظل ممدودة لمساعدات الخارج، ورغم كثرة العطاء الذي يضخه الأشقاء والأصدقاء، فلم نخرج من عنق الزجاجة، لأن الذي لا يساعد نفسه لا تنفعه مساعدة غيره!!

بل إن الحال بلغ بالمانحين إلى فقدان الثقة وأصبحوا يباشرون بأنفسهم الإشراف على المشروعات التي يمولونها، وكثيراً ما يُسمعون مسئولينا كلمات جارحة بسبب سوء التصرف وفساد الإدارة وعدم الكفاءة في الاستفادة من القروض والهبات ومع الأسف لم يعد ذلك يثير إحساس المسئولين!!

(من يهُن يسهلُ الهوان عليه

ما لجرح بميت إيلام!!)

لقد استمرأت دولتنا الاستعانة بالخارج في كل شيء حتى القضايا الأمنية رغم الإنفاق الهائل على المؤسسة العسكرية والأمنية، وتعدد الأجهزة المعنية التي نرى مظاهرها المجسمة وتأثيرها المحدود في الواقع.

وما تزال السلطة تستخدم القضايا الأمنية بنظرة قاصرة، تستعين بالخارج على الداخل، وتوظف الحوادث سياسياً للنيل من المنافسين السياسيين، وبأساليب تنمُّ عن عدم الشعور بالمسئولية الوطنية، وقد أدى هذا إلى وضع اليمن –دولياً- ضمن الدول الحاضنة للإرهاب، أو غير الأمنية والتي يجب أخذ الحذر عند السفر إليها، وأصبح المواطن اليمني محل ريبة وشك أينما ذهب!!

هل ننسى كيف استخدمت السلطة قضية الإرهاب وسيلة للكسب الانتخابي، وتخويف المواطن أن أي تغيير سيدخل اليمن في دوامة صراع لا ينتهي، هذا ماحدث في الانتخابات النيابية عام 1997م والمحلية عام 2001م والنيابية عام 2003م والرئاسية عام 2006م.

وما زلنا نتذكر محنة الشيخ محمد المؤيد ورفيقه محمد زايد اللذين لم يجد الادعاء الأمريكي دليلاً على اتهامهما أكثر مما نشرته صحفنا الرسمية من دعمها للإرهاب، ولم تعد تلك المحنة خاصة بالمؤيد ورفيقه وأسرتهما، بل صارت محنة كل أبناء الشعب اليمني، بما في ذلك السلطة التي لم نتمكن من إطلاق سراحهما حتى أذن الله وتغيرت الإرادة الأمريكية فعادا إلى وطنهما بعد معاناة أكثر من ست سنوات..!!

قضية صعدة بدأت بالتدويل، وما ستخسره اليمن من هذا أكبر بكثير مما ستربحه، والتصريحات التي تقال من هنا وهناك لا تطمئن..!!

ثم هذه الأساطيل الأجنبية التي تتجمع حول مياهنا الإقليمية، ماذا نتوقع من وجودها؟ هل جاءت للنزهة؟ أم كما يزعمون لملاحقة القراصنة الصوماليين؟!

لقد تمت المبالغة في التعاون الأمني مع أمريكا حتى صرنا نخشى أن نفقد قرارنا وسيادتنا، ومهما كانت حاجة السلطة لتعاون وتعاطف الدول الكبرى فيجب عدم إطلاق يد الأجنبي ليمس شعرة لأي مواطن يمكن أن يؤاخذ بالدستور والقانون حتى الإعدام، ولو صحت الروايات التي تؤكد أن قصف قرية المعجلة في أبين قد تم بصواريخ أمريكية من البحر فهي كارثة لها مابعدها، ويصعب التكهن بالتداعيات التي ستؤدي إليها.

وإذا كانت بريطانيا قد سمحت لنفسها أن تدعو لمؤتمر دولي حول اليمن يناقش مشكلاتنا الأمنية، فإن المستغرب ترحيب اليمن الرسمي والتهليل للمشاركة في هذا المؤتمر، وهاهي أمريكا تطلق تصريحات مماثلة، ويتبع ذلك إغلاق بعض السفارات في صنعاء، ومهما كانت مساعدات هذه الدول فإنها لا تساوي شيئاً حين نفقد استقلال قرارنا وسيادتنا على أراضينا!!

إن الاستمرار في طريق تدويل القضايا الوطنية، وتحميل الآخرين همومنا الداخلية سيقود اليمن إلى منزلق خطير، ولئن نقدم تنازلات في إطارنا الوطني فإنه أولى وأشرف وأفضل وأكثر أمنا، لأن استعادة السيادة والاستقلال سيكلف الكثير من التضحيات، ويجب تدارك الأمر قبل أن يقع الفأس في الرأس، ومازال في القوس منزع، ورحم الله صلاح الدين الصفدي، وهو ينصح بالحزم وعدم الإعجاب بالرأي:

(من ضيع الحزم لم يظفر بحاجته

ومن رمى بسهام العُجب لم ينل)