المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معركة بلاط الشهداء


ابن سيؤن
02-13-2010, 09:13 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



في عهد الخليفة الأموي "الوليد بن عبد الملك"، وبفضل الله ثم جهود القائدين العظيمين طارق بن زياد وموسى بن نصير فتح المسلمون الأندلس سنة (92 هـ = 711م ، وأقاموا فيها دولة إسلامية تابعة لدولة الخلافة الأموية، وخلال سنوات قليلة امتدت فتوحات المسلمين حتى وصلت على يد القائد المجاهد السمح بن مالك إلى جنوبي فرنسا والتي كانت تعرف في ذلك الحين ببلاد الغال.

وفي إحدى غزوات السمح بن مالك التقى بقوات الفرنجة في تولوشة ونشبت معركة ضارية ثبت فيها المسلمون على قلة عددهم وأبدوا شجاعة نادرة، و تأرجح النصر بين الفريقين حتى سقط السمح بن مالك شهيدًا من فوق جواده في (9 من ذي الحجة 102 هـ = 9 من يونيو 721م)، فاضطرب جيش المسلمين واختل نظامه وارتد المسلمون إلى مدينة "سبتمانيا" بعد أن فقدوا عدداً مقدراً من جنودهم.

وخلف السمح بن مالك على قيادة الجيش وولاية الأندلس عبد الرحمن الغافقي لفترة مؤقتة ثم "عنبسة بن سحيم الكلبي فأتم فتح إقليم سبتمانيا، وواصل سيره حتى بلغ مدينة "أوتون" في أعالي نهر الرون، وبسط سلطانه في شرق جنوبي فرنسا، ثم استشهد، وبعد استشهاده إضطربت الأمور وتتابع على حكم الأندلس ست ولاة فلم تعرف استقراراً حتى تولى عبد الرحمن الغافقي أمور الأندلس مرة أخرى في سنة (112 هـ = 730م). فأحكم أمرها وأحسن سياستها، فعم الاستقرار ربوعها، غير أن هذا الاستقرار كانت تنغصه تحركات الإفرنج والغوط فعزم الغافقي على تأديبهم، وجمع جنده في "بنبلونة" شمال الأندلس، وعبر بهم في أوائل سنة (114 هـ = 732م) جبال ألبرت ودخل فرنسا (بلاد الغال)، واتجه إلى الجنوب إلى مدينة "آرال" الواقعة على نهر الرون؛ لامتناعها عن دفع الجزية وخروجها عن طاعته، ففتحها بعد معركةضارية، ثم توجه غربا إلى دوقية أقطاينا "أكويتين"، وحقق نصرا حاسما على ضفاف نهر الدوردوني ومزّق جيشها شر ممزق، واضطر الدوق "أودو" أن يتقهقر بقواته نحو الشمال تاركا عاصمته "بردال" (بوردو) ليدخلها المسلمون فاتحين، وأصبحت ولاية أكويتين في قبضة المسلمين تماما، ومضى الغافقي نحو نهر اللوار وتوجه إلى مدينة "تور" ثانية مدائن الدوقية، وفيها كنيسة "سان مارتان"، وكانت ذات شهرة فائقة آنذاك؛ فاقتحم المسلمون المدينة واستولوا عليها.

ولم يجد الدوق "أودو" بدا من الاستنجاد بالدولة الميروفنجية، وكانت أمورها في يد شارل مارتل، فلبى النداء وأسرع بنجدته، وأعد جيشاً كبيراً حسن التدريب ، تحرك به حتى وصل إلى مروج نهر اللوار الجنوبيةحيث فاجأ جيش المسلمين بقواته الجرارة التي تفوق جيش المسلمين عدداً وعدة، فاضطر عبد الرحمن إلى الرجوع والارتداد إلى السهل الواقع بين بواتييه وتور، وعبر شارل بقواته نهر اللوار وعسكر بجيشه على أميال قليلة من جيش الغافقي.

وفي مكان يبعد نحو عشرين كيلومترا من شمالي شرق بواتييه يسمّى بالبلاط (وتعني الحصن) وتسمّى في المصادر الأوربية معركة "تور- بواتييه" نشب القتال بين الفريقين في (أواخر شعبان 114 هـ – أكتوبر 732م)، واستمر تسعة أيام حتى أوائل شهر رمضان، دون أن يحقق أحدهما نصرا حاسما لصالحه.

وفي اليوم العاشر نشبت معركة هائلة، وأبدى كلا الفريقين منتهى الشجاعة والجلد والثبات، حتى بدأ الإعياء على الفرنجة ولاحت تباشير النصر للمسلمين، ولكن حدث أن تسللت فرقة من فرسان العدو حتى وصلت معسكر الغنائم، فارتدت فرقة كبير من فرسان المسلمين من قلب المعركة لرد الهجوم المباغت وحماية الغنائم، غير أن هذا أدى إلى خلل في النظام، واضطراب في صفوف المسلمين، واتساع في الثغرة التي نفذ منها الفرنجة.

وقتل قائد المسلمين عبد الرحمن الغافقي فازدادت الصفوف اضطرابا وعم الذعر في الجيش وتمكن جيش المسلمين من الانسحاب في جنح الليل إلى سبتمانيا، تاركين أثقالهم ومعظم أسلابهم غنيمة للعدو.

ولما أسفر الصبح نهض الفرنجة لمواصلة القتال فلم يجدوا أحدا من المسلمين، ولم يجدوا سوى الجرحى العاجزين عن الحركة؛ فذبحوهم على الفور، واكتفى شارل مارتل بانسحاب المسلمين، ولم يجرؤ على مطاردتهم، وعاد بجيشه إلى الشمال من حيث أتى.

تعليقاً على هذه المعركة قال "إدوارد جيبون" في كتاب "اضمحلال الإمبراطورية الرومانية" عن هذه المعركة: "إنها أنقذت آباءنا البريطانيين وجيراننا الفرنسيين من نير القرآن المدني والديني، وحفظت جلال روما، وشدت بأزر النصرانية".

وقال السير "إدوارد كريزي": "إن النصر العظيم الذي ناله شارل مارتل على العرب سنة 732م وضع حدا حاسما لفتوح العرب في غرب أوروبا، وأنقذ النصرانية من الإسلام".

بينما يرى فريق آخر من المؤرخين المعتدلين في هذا الانتصار نكبة كبيرة حلت بأوروبا، وحرمتها من المدنية والحضارة، فيقول "جوستاف لوبون" في كتابه المعروف "حضارة العرب"، الذي ترجمه "عادل زعيتر" إلى العربية في:

"لو أن العرب استولوا على فرنسا، إذن لصارت باريس مثل قرطبة في إسبانيا، مركزا للحضارة والعلم؛ حيث كان رجل الشارع فيها يكتب ويقرأ بل ويقرض الشعر أحيانا، في الوقت الذي كان فيه ملوك أوروبا لا يعرفون كتابة أسمائهم".

قناص الغيل
02-13-2010, 10:59 PM
يعطيك مية ألف عافية أخي إبن سيون
بارك الله فيك وجعلك ذخرا للأسلام والمسلمين

ابن سيؤن
02-17-2010, 11:31 AM
الله يبارك فيك أخي قناص الغيل وشكرا على المرور