ابوسعدالنشوندلي
02-18-2010, 12:03 PM
احمد بن جعفر الحبشي
السني الثآئر
كتبها
أبو سعد النشوندلي
بطل القصة :احمدبن جعفرالحبشي(رحمه الله)
مكان القصة:الحوطة
(من بعيد اقبل ينادي)يااحمد بن جعفرالحبشي ألاتسمع صوتي؟
من يناديني من الخلف؟
(ياابن جعفر قف اناصديقك أنسيتني يااخي؟
مد ّيدك..كيف انسى اخًاودوداً,دائمًا يسأل عنا؟ مثلك لاينسى-ياأخي.
ياابن جعفر:أراك هائمًا في ازقة الحوطة, حتى اصبحت لاتسمع من ينادي عليك, ولو كان قريبا منك؟
اخبرني فيم َكنت تفكر؟
اني افكر فيها
(قاطعه بسرعة)من هي؟اخبرني اياك وأن تخفي عني شيئا.
أتريد ان تعرف مَن هي؟
نعم هيّا تكلّم
اني افكرُّ في الحوطة
قلتَ في مَن؟!!
قلتُ في الحوطة,اني اغوصُ بخيالي في جمالها, واسمرُّ قلبي في راحتيها..انظرُ في خضارها واشجارها! ولم تشبع عيني بعد!
ياابن جعفر:أتحبها؟
نعم اني احبها حبا شديداً,بل ان ّاحلامي تختبئ خلف كل نخلة واقفة من نخيلها,استلهم من وقوفها الثبات والصمود
(بدهشة وتعجب)لكأنك -ياابن جعفر-عبدالله بن راشد بن شجعنة الذي سمّاها قديماً(خلع راشد) بل لعلك اكثرُ حبًا منه!
اني احبها كثيرا..اني أراهاكعروس متربعة قد تدّلت يداهاورجلاها, والتاريخ جلس بين يديها ينقش فيها بريشته, ويخطُّ فيها من يراعه.
بل اني احسُّ قلبي يرقص على راحتيها ,كلما نظرت اليها
زدنا ايها العاشق
اني اراها كعروس اتخذت من الجبل وسادة تتكئ عليها,اقتربْ مني ألاتراها؟ألاترى حسنها وجمالها؟
اعذرني -ياابن جعفر-انّ عيني ليست كعينك
لماذا؟
لانّ عينك عين محب وعاشق للحوطة ,و شتان مابين العينين
مع حبي لها الاانني خائف!
ياللعجب عاشق وخائف!!
نعم عاشق للحوطة, وخائف من جلبة اقدام الزمن القادم
ياابن جعفر:ألاتسمعُ هذا الصوت القادم؟
بلى انه صوتُ اذان الظهر
(مااجمل الاذان كلُّ شى يصمتُ في الدنيا هيبة للاذان ,حتى لكأنّ الكون كله يردد مع المؤذن في سكون وهدوء!!
ياابن جعفر:اين تريدنا نصلي في مسجد البهاء ام في الجامع؟
كلاهما سيان(اذاً هيا بنا لاقربهما)
تقدم للوضوء هذه احدى الجوابي مفتوحة,
(داخل المســـــــــــــجد)
انظرْ انّ الناس قليل في المسجد بسبب شظف حياتهم ومرارة اعمالهم,
هل احزنك هذا ياابن جعفر.؟
اني اسأل الله انْ يبدّل حال اهل هذا الوادي الى احسن حال,
انظرْامامك لقد تقدّم المؤذن للاقامة بالصلاة(هيا بنا للصف الاول)
بعد الصـــــــــــــــــــلاة
يااخي اسأل الله ان يتقبل منا صلاتنا ..امين
ياابن جعفر:اني موّدعك الآن لعلّي أراك -باذن الله-قريبًا,
يااخي لاتغبْ عنا كثيرا
(بعد أيـــــــــــــّـــــام)
الحمد لله مرّت ايام والتقينا من قريب,
الحمد لله الذي جمعنا
ياابن جعفر:مالي اراك منكّس الراس حزينا ,اني ارى وجهك تسبح فيه امواج الاحزان وتغطيه غيوم الالام,اني ارى شمس فرحتك قد كُسفت انواراها,
ياابن جعفر:اخبرني ما الخطب؟ارى وجهك غير الوجه الذي صافحته قبل ايام,
يااخي ,انني حزين حتى لكأنّ الحزن يفتتُّ كبدي المقروحة, ويرّملُ شفتي,
اخبرني مالذي أحزنك انا صديقك؟
اني حزين مما ارى واسمع في بيوت الله
وماذا رأيت وسمعت؟خيراً سمعتَ
سمعتُ كلاما ليس بخيرٍ ابداً
افزعتني ماذا سمعت؟
سمعتُ دفوفًا تضربُ في بيوت الله على انغام القصائد والاذكار.
لعلك تقصد الحضرة
نعم
هل ازعجتك هذه الدفوف في الحضرات والموالد؟
كيف لاتزعجني وبيوت الله لو تكلّمت لبكتْ منها!
ياابن جعفر:هوّن عليك انها عادةٌ سرتْ في معظم مساجد حضرموت.
لكنها عادة سيئة وبدعة منكرة يجب ان تموت.
ماذا تقول يا ابن جعفر؟
نعم يجب ان تموت هذه البدعة النكراء
ياابن جعفر :أتراك بمفردك ستقف امام اهلك تحارب عاداتهم وتقاليدهم,
اني سأقود ثورة ضد كل هذه الخراافات واولها الدفوف في المساجد,
هل جننتَ يااابن جعفر؟
كلا والله
(اسمع نصيحتي)لاطاقة لك بهذه الحرب الضروس
والله لو سُلِخَ جلدي بالسِّياط ماتراجعت ,والله لو حطّموا ضلوعي ما تزحزت,سأنصح لهم في الله, ولن اتراجع تراجع الخوّار
أتراهم سيعطونك آذانهم؟
اظنك تحلم كأحلامك الوردية في الحوطة
يكفيني قول ربي(انْ عليك الا البلاغ)
يااحمد ارجوك تراجع اني خائف عليك,
ماكان لي ان اخشاهم في الله ,حسبي الله ونعم الوكيل.
يااحمد انك وحيد لا مناصر معك ولامعين
والله لاركبنّ خيل الثبات, ولاحملنّ مشعل السنة بيدي, ولو كنتُ فردا كالسيف لن يضيعني ربي,
ياأحمد :فكّر في العاقبة
(انّ العاقبة للمتقين)
مادمتُ ارى دخان هذه البدعة أمامي لن اسكت ابدا, ولو حاصرتني القيود من كل الناحية,بل لو حفرتْ اخدوداً في طريقي والله ماتراجعت,
انهم سيهتمونك
بماذا سيهتمونني؟
سيهتمونك بانك..تكلّم ..بأنك وهابي
(بوجه ثابت ونفس هادئة)وهل انا خير من رسول الله,قيل فيه اكثر من ذلك ومع ذلك صبر, أليس لي في رسول الله اسوة حسنة.
يااحمد :ان أبيتَ الاالموجهة فأشفق عليهم في النصيحة,
دعني اذهب اليهم الان, انهم مجتمعون في المسجد مع دفوفهم, فاني ارى فسيحات وادينا الكبير ضاقت بظلام هذه الخرافات
في المســـــــــــــــــجد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته-يااهلي-
حياك الله –يااحمد-اجلس اتحب ان تشاركنا في هذه الحضرة؟اقبل خذ لك واحداً من هذه الدفوف
يااهلي يا احب الناس الى قلبي
انّ هذه الدفوف التي تضربونها في بيوت الله على انغام القصائد اثم مبين ومنكر عظيم
ماذا تقول ايها الاحمق المجنون
اني لم اقل الا الحق..مالكم تأكلونني بأعينكم؟
ياقوم:لقد زينكّم الله بالعقل, فهل من العقل ان تضربوا هذه الدفوف في احب البقاع الى الله,هل انتهت كل العبادات حتى لم تبقَ الاهذه البدعة المذمومة تتمسكون بأذيالها
يااهلي:أتفعلون شيئا ما انزل الله به من سلطان؟, والله اني عليكم لمشفق واني لكم لناصح
يااهلي:هل جاءحرف واحد عن رسول الله يأمركم بشئ من هذه الخرافات
(كلهم بصوت واحد)اسكت يااحمد والاسنقطع لسانك ,ماذاتقول؟هل جننت..
أ تقول انّ هذه خرافات وحماقات؟اتتهم الاولياء والصالحين بانهم على باطل وانت وحدك على حق؟
كلا- حاشالله- ان اتهم احدا منهم ,بل اتهم هذه الدفوف التي تصدّعت جدران المسجد منها كمداً, تئن الى الله من ضجيجها ,ياقوم :الم تعلموا ان الله لايعبد الا بما شرع ,الى متى وانتم غرقى في هذا الضلال
يااحمد:كفَّ عنك هذا الهراء؟ الم تعلم انّ هذا شيئا ورثناه عن اجدادنا الذين هم اجدادك,وتأتي اليوم تعلّمنا انّ ماعليه الاولون باطل وبدعة,يالهول المصيبة مؤكّد انه اصاب عقلك شئ
كلا والله ياقوم
من يدري –يااحمد-لعلّ احداً ضحك عليك وبثّ اليك افكار الوهابية
ياقوم:ارجوكم اسمعوني لستُ وهابيًا, انا ناصح امين, اوَكلما انكر عليكم احد رجمتموه بأبشع التهم
ياقوم..(اسكت يااحمد)الى هنا يكفي قم واخرج من بيننا, ودعنا على ما نحن فيه ,واياك وان تفجّرضدنا ثورة والاحرقت بنارها
ياقوم :والله اني لمشفق وناصح,ورائد مخلص والرائد لايكذب اهله
قلنا لك قم من بيننا واياك ومن هذه الوساوس
اتقولون للحق وساوس؟
نعم هذا شئ ماعهدناه من احد قبلك في الحوطة,وتأتي اليوم انت من ابنائنا ترمينا بسهامنا,هل تريد ان تؤلّب علينا الناس؟هل تريد ان تقود ضدنا مؤامرة؟
كلا والله بل اردت الخير
(قام شيخ كبير منهم)يااحمد: يا بني انا اكبر منك سنا,انت شاب عاقل ونبيه واريدك ان لاتكّبر هذه الامور, ان شئت فصلِّ عندنا واسكت على ما تراه منا, وان شئت فصلِّ في مسجد اخر ودعنا وشأننا
يابني(يااحمد)انظر الى وجهي ..ارجوك لاتفتح هذا الباب مرة ثانية ,لا اريد ان اسمع منك حرفا واحداً
الجم فمك بلجام الصمت, وانحر افكارك في مهدها(قالها بقوة)
ياعم:؟أهذه نصيحة ام تحذير؟
بل هذه نصيحة غالية لك من رجل كبير في مقام ابيك(اسمعني –يااحمد-قبل ان تذهب)
ماذا تريد ان تقول ايضا؟
يااحمد:مهما تكلمت لن يطيعك احد, واعلم انّ الجميع تبع لنا نحن سادتهم
واحذرك من افكار الوهابية ان تتسلل اليك
ياقوم:لستُ وهابيا,انا لكم ناصح
يااحمد:مصرٌّ على هذا
نعم مصر على هذا الحق
كلا لست على الحق, بل انت وهّابي تحارب اسلافنا ,وترميهم بالخرافة والبدعة-كما يدعي هؤلاء-
هيا قم من بيننا, واياك وان تفتح لنا في مسجدنا شيئًا بعد اليوم,أسمعت يااحمد؟
(رجع احمد الى البيت)
هاانا ذا اجلس على سرير همي ,آهٍ من سيول الهم تهزُُّّ اعماقي,حتى غدا جسمي نحيلا كقلم سقط على احضان اوراق متناثرة ,صارت كأنها اكفانه,الى متى هذا الحزن يفترش ذراعي ويقيّد احلامي؟
(كأني اسمع احداً يضرب باب بيتنا)
من يطرق الباب؟
افتح الباب اناصديقك –ياابن جعفر-
مرحبا بك يااخي
يااحمد اخبرني هل نجحت في المهمة الخطرة, فالقلق يساورني حواليك
يااخي :لقدوقفت لهم في المسجد ناصحًا
(في عجل)هل استمعوا لك؟
لوّواأعناقهم, ورشقوني بعبارات التهديد والتوبيخ,
ارجوك –يااحمد-انسَ كل شئ دعهم وشأنهم, فوّض امرهم الى الله , دعنا نعيش بسلام
ياصاحبي:مادامت هذه الدفوف تضرب في مساجد الحوطة ,والله لن يقرّ لي قرار ,اِما انا في الحوطة واما دفوفهم,لن نجتمع ابداً تحت سماء الحوطة
يااحمد:لاتفتح على نفسك حربا, والله اني عليك لخائف
ممَ انت خائف؟
بصراحة انا خائف ان يمسك احد بسوء,وانت رجل وحيد وهم جماعة
يااخي:انّ الجماعة ليست بالكثرة بل من كان على الحق فهو الجماعة ولو كان فردا كالرمح
يااحمد:ارجوك تراجع حتى يكثر غداً اتباعك
يااخي:ان كان الورد اليوم عطشانا ,غدا سيروى بماء الثابتين,فلماذا تحرمني ان اكون قطرة من ذلك الماء الرقراق الصافي
(صلاة العصر)
يااحمد:انظر اليهم انهم ينظرون اليك بنظرات حارقة ,احسُّ انّ نظراتهم تكاد تفترسك, كأنّ اعينهم بركانا تقذف حمما,اقسم لك بالله يااحمد انا خائف عليك الامر لايطمئن بخير
لااخفي عليك –يااخي-كلما اقتربت من احدهم ولّى هاربا
يااحمد لقد قطعوك حتى تعود الى رشدك –كمازعموا-
اسمع ماذايقول احدهم بأعلى صوته(الليلة حضرة في المسجد وغدا في القبة لاتتاخروا)
يااحمد أسمعت؟انهم يزيدون النار اضطراما,الم اقل لك يااحمد ان نصحك لهم زادهم عنادا
دعهم انها عاصفة هوجاء سرعان ماستقف
مااظن ياأحمد انّ المياه ستعود الى مجاريها,وهم يفترسون جسمك بنظراتهم اللاذعة والساخرة
انظر –يااحمد-انهم يقلّبون دفوفهم وينظرون اليك بسخرية
دعهم ان هذا كله لن يفتَّ في عضدي شيئا,بل والله لوقلّبوني فوق جمر العذاب ماتراجعت ,بل سأثبت ثبات الاجبال وسأمضي كألاعصار في وجه هذه البدعة العمياء
يااحمد:انهم يقولون عنك انت رجل عنيد
كلا لستُ عنيدا بل ثائر, نعم انا رجل ثائر على هذه الدفوف التي زلزلت مساجدنا,بل ا وصلهم الهوى الى ضربها في المقابر بين الاموات!
يااحمد:ارجوك دعهم
قلت لك لن ايأس ابدا ماداموا على هذه البدعة
(في يوم الغـــــــــــــد)
هاهم مجتمعون الان في المسجد وبجانبهم دفوفهم التي غدت في عيني كأنها ثعابين سامة
(اقبل عليهم وهم جالسون في المسجد)السلام عليكم,أتأذنون ان اكلمكم قليلاَ
(قام احدهم مغضبا)اسمع يااحمد اياك وان تجلس بيننا لقد جادلتنا فاكثرت جدالنا ,فاماان تقوم عنا والاقمنا عنك جميعا
ماذاقلتم؟
قلنا ماسمعت (وضع احمد يده على راسه متحسرا حزينا)
آهٍ من هذه العقول المتصخرة أما آن لها ان تعقل؟
(صاح احدهم باعلى صوته)اسكت بها الوهابي المجنون
انظرواياقوم لقد ولّى عنكم منكّس الراس حزينا يسحب خلفه اذيال الخيبه
(وقف احدالقوم مغضبا)ياقوم:انا متعجب منكم الى متى وانتم صابرون على هذا المجنون؟
(تكلم اخر) ياهذا كيف لانصبر عليه وهو واحد من ابنائنا
(وقف ثالث منهم) ياقوم :ان هجركم له لم يزده الاتمسكا مثل هذا لن يتراجع انتم تحلمون ان ظننتم انه سيتراجع
(كلهم بصوت واحد)لماذا؟
لان احمد ينطلق من مبدأوصاحب المبدأ لايتراجع, بل يثبت كلما زمجرت العاصفة وتلاطمت الامواج
(رجع احمد الى بيته حزينا)
من يضرب الباب؟
افتحوا انا احمد
مالك يااحمد ارى وجهك يتصّبب حزنا
احمد:تعب يسير سرعان ما ينقشع –باذن الله-
(يقول مخاطبا نفسه) سأقوم الليل ادعو الله ان يهدي قومي
(عند الفجر)الحمدلله لقد طلع الفجر فاغراً فاه مبتسما ,لكنه قابل رجلا حزينا مثلي
(بعد صلاة الفجر في المسجد)
احمد:سأسير بعض الوقت في ازقة الحوطة ,حتى لو حملتني قدماي الى الحاوي لعلي اجد فيها متنفسا
(تتلاطم في داخلي امواج من الهم)آه اسير وحدي في هذا الطريق الطويل الذي يكاد يقتلني بخنجره ويخنقني بيديه,يطاردني سؤال حائر متى سأقضي على هذه البدعة؟كيف سأقنع اهلي بعد ان نصبوا لي مجانيق العدا؟
آهٍ ما اشدّ غربتي في هذا الزمن, لكني مع هذه الظلمة سأحمل مصابيح الامل ,عساني ان أُداعب وجه حضرموت الحزين ,الذي غطّته تجاعيد الخرافات ,
(بعد أيـــــــــــــــــــَّـــــــام)
مضت ايام وانا لم استطع ان اغيّر شيئا, بل لقد ازداد قومي عتوّا وعنادا,اصبحتُ بين امرين احلاهما مرٌّ, اِمّا أنْ اتركهم وبدعهم ,واٍمّا ان اقف وحدي ثابتا كما وقف خليل الرحمن ابراهيم ثابتا في قومه وحطّم اصنامهم وانا مثله سأحطّم –باذن الله- دفوف قومي ,سأقضي على هذه البدعة حتى لاتقوم لها راية في الحوطة,سأثار لرب كريم وأحطّم دفوفهم, مع انّ هذه المهمة خطرة ووعرة ,غير اني والله سأركب الاسنة في تحقيقها ,موعدهم –باذن الله –غداً وانّ غدا لناظره قريب
(في يوم الغد وهم مجتمعون في المسجد)
هاهم الآن مجتمعون في المسجد مع دفوفهم ,فاذا سمعتهم ضربوها سأقبل عليهم كالسيل الهادر, فأنتزعها من بين ايديهم وأحطّمها واحداً وحداً,حتى اُكسر انفَ هذه البدعة في قلوبهم.
هاهم يتحلّقون حول دفوفهم,لقد بدأوافي لهوهم, هاهم يتمايلون كألاغصان على صوت الدفوف,انهم يهزّون الروؤس يمنة ويسرة ,ياللعجب ,انهم اغمضوا العيون كأنّ ارواحهم شردت من اجسامهم,آهِ مااقبح هذا الصوت أحسُّه كسياط حامية تلذع قلبي,هاهي اصوات الدفوف تزيد وترتفع ,احسُّها تمزّق طبلة اذني, وتقطّع شغاف قلبي,سأصرخ الآن فيهم,ياهؤلاء قفوا كفاكم لهواً ,ألاتسمعون؟سأنتزع منك أنت اولاً الدف.
ماذا ستفعل به ؟
سأريك ماذا افعل به,
اعطني دفي ماذا ستفعل به ايها المندفع المجنون؟
سأمزقه تمزيقاً
ماذا تقول ؟تمزّقه
نعم سأمزق كل هذه الدفوف التي بأيديكم, سأدوسها تحت اقدامي, لن اترك واحداً الا حطّمته
هل جننتَ يا احمد؟
بل انتم متى ستعقلون ؟انّ ماتفعلونه حماقات يأباها الله ورسوله,
(صاح احدهم)انظروا يا قوم ماذا يفعل هذا الطائش المجنون بدفوفكم,
احدهم يصيح اوقفوه ..هيا اوقفوه ,شدّوا عليه امسكوا به انتصروا لدفوفكم ,اياكم أنْ يفلتَ من بين ايديكم ,اضربوه بكل ما اوتيتم من قوة ,مزّقوا ثيابه كما مزّق دفوفنا ,انه يصيح من شدة الضرب ..لا ترحموه ..اضربوه حتى يصيح كل عضوٍ من اعضائه, حتى لا يرفع رأسه علينا بعد اليوم
ياللفاجعة انه سقط على الارض
(صرخ احدهم)زيدوه لكماً وضرباً ,انه يحاول الفرار اخنقوه بأيديكم لا تدعوه يقف على قدميه بعد اليوم
انظروا ..انه ولّى هاربا,
(تكلّم احدهم)دعوه يهرب فقد اخذ ما فيه الكفاية
(يصفق احدهم ضاحكا)احسنتم يا رجال على صنيعكم هذا ,حتى يكون عبرة للجميع,فلا يقف احد بعده غصة في حلوقنا
(تقدّم احدهم في خوف ووجل)ياقوم:اني خائف أن يصاب احمد بمكروه,لقد قسوتم عليه
(اسكته احدهم مغضبًا)دعه وانْ بقيَ في الحوطة لن نرحمه ابداً,
(اقبل عليهم واحد يفتح باب المسجدفزعا)ياقوم:لقد فتحتُ الباب فقابلني رجل خرج هاربا يسير ويسقط,مَن هذا الرجل الهارب؟
انه احمد بن جعفر الحبشي
ماذا فعلتم به؟
(تكلم احدهم في غطرسة وغرور)انه كسّر دفوفنا فأوجعناه ضرباً,حتى صار كعصفور تتقاذفه الايدي في الهواء(يقولها وهو يضحك)
(ردّعليهم مغضبا)لبئس والله ما فعلتم ,كيف لو علم بكم الناس تضربون واحداً من ابنائكم بماذا ستجيبون؟فسكت الجميع
احمد:آهٍ لقد وصلت الى باب بيتنا, اسحبُ اقدامًا دامية ,كأني اسحبُ معها الارض,سأطرق الباب..آهٍ انّ يديّ لا تقوى على طرق الباب
(بأعلى صوته افتحوا الباب –يااهل الدار-)
من بالباب؟
افتحوا انا احمد
يالهول المصيبة من فعل بك كل هذا يا احمد؟
مالثيابك ممزقة ,مالشعرك متناثراً هل اصابك مكروه؟
لقد ضربني قومي, لقد تحولت ايديهم الى حديد تمزّق جسمي ,صبرتُ عسى حبيبي رسول الله ان يعذرني غداً اذا لقيته بين يدي الله,
(هيا اعطوني ثيابي ومتاعي )
الى اين يااحمد؟
سأترك الحوطة (عندها تقافزت دموعه تسبح في خدوده)
أتبكي –يااحمد؟
انها دموع الفراق ,انه طوفان من دموع اخفيها خلف سدود عيوني ,اني اخاف انْ تغرق احلامي في لججه
(يااحمد هل طابت نفسك في فراق الحوطة)
كلا والله, اني اودعها وهي صامتة,و لو شعرت بي لفاضت دموعها على فراقي ,والله لولا انّ قومي اخرجوني منها ما خرجتْ
يااحمد:الى أين سترحل؟
ارض الله واسعة ,وانما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب,آهٍ من غربة في داخل وطني ,كلما سرتُ خطوة ازدادت دقات قلبي شوقا للحوطة,
ومن عجب أني احنّ اليهـــــم وأسأل شوقاً من لقيتُ وهم معي
وتطلبهم عيني وهم في سوادها ويشكو النوى قلبي وهم بين أضلعي
آهٍ يابلدي:كلما طلعتْ الشمس تخيلتها استعارت وجهكِ,كلما هبتْ ريح الصبا حملتْ شذا عبيركِ الى قلبي المجروح
(بصوت متقطع حزين احرقته نار الفراق)سأخرج من الحوطة قبل طلع الفجر حتى لايراني احد,
لاأدري ماذا أفعل بعيني؟لا يكاد يرقأ لها دمع تبكي بكاء الثكالى,سامح الله قومي لقد مزّقوا احلامي ,انهم وقفوا كالمجانين ينهالون علىّ ضرباً ولكماً, وتهافتتْ سيوفُ ايديهم كالبرق تمزّقُ جسمي النحيل ,الذي غدا بينهم كقطعة لحم تتقاذفه امواج ايديهم من زاوية الى زاوية,وتتطاير من السنتهم شرارات التهديد
وآحرّ قلبي على هذا الرحيل المر ..اسفي على الحوطة لم يبقَ امامي سوى خشامر ,سأهاجر اليها انها قلعة من قلاع السنة,لكأني اشمُ عبيرها وانا في مكاني يداعب خيالي,كأنها ترّبت على كتفي وتقول لي لاتحزن يا ابن جعفر,يارب اني متوجه الى خشامر ,...اللهم اهدني الى سواء السبيل
ازفتْ ساعة الرحيل ,سأرحل الآن مادام جلباب الظلام يلفني,سأسير بخطىً ثابتة على حبل الصمت, اخاف مع كل خطوة ان اتعثر فيشعر بي قومي,اني اسمع صوتاً ,سأقترب منه قليلا,الحمد لله انه صوت اذان الفجر,سأدرك صلاة الفجر في الحزم او في شبام,
كأني أرى هناك بئر ماء سأروي منها عطش قربتي ,الحمدى لله لقد اقتربتُ من شبام
(بعد الفـــــــــــــــــــــجر)
سأواصل الطريق الى خشامر السنية ,لقد اقتربتٌ منها,ما اقرب طريق الحبيب,
اني آراها..نعم اراها –تطل برأسها من نافذة الشوق, مهلاً خشامر لاتتعجلي أتيتكِ قادماً,هذه ديارها تتمايل اغصانهاوتطرب اوراقها على سفح الجبل, لكأنها ترّحب بي
(اللهم ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجل لي من لدنك سلطانا نصيرا)
هاهم اهلها اقبلوا كنسمات المطر وقطرات الماء يرّحبون بي ,يالها من ارض طيبة وقوم كرام ,
(تقدّّم احدهم فرحا)تقدّم يا ابن جعفر هذه خشامر فتحت قلبها لاستقبالك ,هاهم رجالها قفزت قلوبهم ترحب بك,
(يالها من صورة جميلة يملؤها الحب والكرم,ويمضي موكب الاستقبال يسير ببطء,تتصافح فيه القلوب)
وقف ابن جعفر فيهم قائلا:يااخواني اني نزيل في ارضكم, طامع في كرمكم وعدلكم,لأن ارضكم لايظلم فيها احد
(اقبل احدهم مسرعا)هذه خشامر كلها ارضك وفداك
جزاكم الله خيراً
(اقبل احدهم يمسك بيد ابن جعفر) هيا بنا الى بيت سيد قبيلة آل علي جابر,فانه رجل كريم سيرّحب بك
(في بيت سيد آل علـــــــي جابر)
احمد:السلام عليكم ورحمة الله وبركاته-ايها الرجل الكريم
مرحباً بك ايها الاسد الهصور, حيّاك الله بين اهلك واخوانك,تعال فاجلس بجانبي فاني مشتاق لسماع قصتك,
(بعد سماع القصـــــــــة)
لقد آلمتني قصتك, واني اقول لك كما قال الرجل الصالح لموسى(لاتخفْ نجوت من القوم الظالمين)
اذهب انت آمن في ارضنا, لن يستطيع احد ان يصل اليك بسؤء مادمت فيها,لك الامان والنصرة,ولك ان تتخير ماتشاء من منازلنا لتسكن فيها,عشْ بيننا قرير العين, مطمئن البال ,هادئ النفس, مرفوع الرأس ,قد عوّضك الله بأرضٍ طيبة وقوم كرام
قل فيها ما تشاء ,وافعل فيها ماتشاء,ولن ترى احدا يوما ينظر اليك شزرا,
(تهلل وجه ابن جعفر)الحمد لله على هذه النعمة,سأعيش في ارض تنصر السنة ولو كنت طاويا ,حسبي أن تشبع روحي
(تكلّم احد الحضور)ياابن جعفر:ماهذه الدموع التي تملأ عينيك؟
انها..دموع....انهادموع الفرح
(وقف احدهم)انك ازددت رفعة عندالله بثباتك وصبرك,ودعك وماقاله فيك الواشون,فقد قالوا عن ارضنا انها ارض وهابية, ومع ذلك لم يضرنا شئ,بل سمونا كالسحاب
ياابن جعفر:هذه خشامر احلم فيها بما تشاء
ابن جعفر:اني احلم ان ارى حضرموت قد اُعتقتْ من عبودية الخرافات والبدع,وان تحيا فيها السنة واهلها,,احلم ان تموت فيها النعرات والعصبيات والنزاعات,وان يحيا فيها العدل والسلام,
احلم...(وفجأة سكت وجعل ينظر الى السماء)
وقف احدهم :أراك تحملق بعينيك الى السماء؟
اخبرنا الى ماذا تنظر؟مالك سكت!
اني انظر الى بعيد.
الى اين؟
الى هناك,
اني أراها قادمة مهرولة
(الجميع بصوت واحد)من هي؟
انها....انها...انها شمس السنة غدا ستشرق في حضرموت
الخاتمة
وهكذا مضى ابن جعفر -رحمه الله-مثلاً عاليا في السنة والثبات ,وقلعة صامدة استعصتْ قناتها على المبتدعين,انه رجل يشار الى قصته بالبنان,فيطرب من شوق لسماعها الجنان,
لأنه فارس امتطى صهوة الثبات والتضحية,فحاز بعدها على وسام الشرف والترقية,
واليوم جئنا بعد زمن نهدي عبير قصته للاجيال,بعد ان دُفنت في ذاكرة التاريخ ,وغطّاهاغبار النسيان والاهمال.وسعى التصوف الى طمس انوار ثباته,وحرق اعلام صموده وتضحياته.
وجئنااليوم بعد زمن لم نبحث عنه بين الاموات,بل نبحث عنه بين عظماء الاحياء,لأن ثباته مازال حياً في قلوبنا,
رحمك الله ياابن جعفر ,وصبّ على قبرك شآبيب الرحمة والرضوان,رفع الله ذكرك في العالمين,وسطّر اسمك في الخالدين
كتبه:
ابوسعد النشوندلي
رسب –مديرية ساه
15/1/1430
[email protected]
السني الثآئر
كتبها
أبو سعد النشوندلي
بطل القصة :احمدبن جعفرالحبشي(رحمه الله)
مكان القصة:الحوطة
(من بعيد اقبل ينادي)يااحمد بن جعفرالحبشي ألاتسمع صوتي؟
من يناديني من الخلف؟
(ياابن جعفر قف اناصديقك أنسيتني يااخي؟
مد ّيدك..كيف انسى اخًاودوداً,دائمًا يسأل عنا؟ مثلك لاينسى-ياأخي.
ياابن جعفر:أراك هائمًا في ازقة الحوطة, حتى اصبحت لاتسمع من ينادي عليك, ولو كان قريبا منك؟
اخبرني فيم َكنت تفكر؟
اني افكر فيها
(قاطعه بسرعة)من هي؟اخبرني اياك وأن تخفي عني شيئا.
أتريد ان تعرف مَن هي؟
نعم هيّا تكلّم
اني افكرُّ في الحوطة
قلتَ في مَن؟!!
قلتُ في الحوطة,اني اغوصُ بخيالي في جمالها, واسمرُّ قلبي في راحتيها..انظرُ في خضارها واشجارها! ولم تشبع عيني بعد!
ياابن جعفر:أتحبها؟
نعم اني احبها حبا شديداً,بل ان ّاحلامي تختبئ خلف كل نخلة واقفة من نخيلها,استلهم من وقوفها الثبات والصمود
(بدهشة وتعجب)لكأنك -ياابن جعفر-عبدالله بن راشد بن شجعنة الذي سمّاها قديماً(خلع راشد) بل لعلك اكثرُ حبًا منه!
اني احبها كثيرا..اني أراهاكعروس متربعة قد تدّلت يداهاورجلاها, والتاريخ جلس بين يديها ينقش فيها بريشته, ويخطُّ فيها من يراعه.
بل اني احسُّ قلبي يرقص على راحتيها ,كلما نظرت اليها
زدنا ايها العاشق
اني اراها كعروس اتخذت من الجبل وسادة تتكئ عليها,اقتربْ مني ألاتراها؟ألاترى حسنها وجمالها؟
اعذرني -ياابن جعفر-انّ عيني ليست كعينك
لماذا؟
لانّ عينك عين محب وعاشق للحوطة ,و شتان مابين العينين
مع حبي لها الاانني خائف!
ياللعجب عاشق وخائف!!
نعم عاشق للحوطة, وخائف من جلبة اقدام الزمن القادم
ياابن جعفر:ألاتسمعُ هذا الصوت القادم؟
بلى انه صوتُ اذان الظهر
(مااجمل الاذان كلُّ شى يصمتُ في الدنيا هيبة للاذان ,حتى لكأنّ الكون كله يردد مع المؤذن في سكون وهدوء!!
ياابن جعفر:اين تريدنا نصلي في مسجد البهاء ام في الجامع؟
كلاهما سيان(اذاً هيا بنا لاقربهما)
تقدم للوضوء هذه احدى الجوابي مفتوحة,
(داخل المســـــــــــــجد)
انظرْ انّ الناس قليل في المسجد بسبب شظف حياتهم ومرارة اعمالهم,
هل احزنك هذا ياابن جعفر.؟
اني اسأل الله انْ يبدّل حال اهل هذا الوادي الى احسن حال,
انظرْامامك لقد تقدّم المؤذن للاقامة بالصلاة(هيا بنا للصف الاول)
بعد الصـــــــــــــــــــلاة
يااخي اسأل الله ان يتقبل منا صلاتنا ..امين
ياابن جعفر:اني موّدعك الآن لعلّي أراك -باذن الله-قريبًا,
يااخي لاتغبْ عنا كثيرا
(بعد أيـــــــــــــّـــــام)
الحمد لله مرّت ايام والتقينا من قريب,
الحمد لله الذي جمعنا
ياابن جعفر:مالي اراك منكّس الراس حزينا ,اني ارى وجهك تسبح فيه امواج الاحزان وتغطيه غيوم الالام,اني ارى شمس فرحتك قد كُسفت انواراها,
ياابن جعفر:اخبرني ما الخطب؟ارى وجهك غير الوجه الذي صافحته قبل ايام,
يااخي ,انني حزين حتى لكأنّ الحزن يفتتُّ كبدي المقروحة, ويرّملُ شفتي,
اخبرني مالذي أحزنك انا صديقك؟
اني حزين مما ارى واسمع في بيوت الله
وماذا رأيت وسمعت؟خيراً سمعتَ
سمعتُ كلاما ليس بخيرٍ ابداً
افزعتني ماذا سمعت؟
سمعتُ دفوفًا تضربُ في بيوت الله على انغام القصائد والاذكار.
لعلك تقصد الحضرة
نعم
هل ازعجتك هذه الدفوف في الحضرات والموالد؟
كيف لاتزعجني وبيوت الله لو تكلّمت لبكتْ منها!
ياابن جعفر:هوّن عليك انها عادةٌ سرتْ في معظم مساجد حضرموت.
لكنها عادة سيئة وبدعة منكرة يجب ان تموت.
ماذا تقول يا ابن جعفر؟
نعم يجب ان تموت هذه البدعة النكراء
ياابن جعفر :أتراك بمفردك ستقف امام اهلك تحارب عاداتهم وتقاليدهم,
اني سأقود ثورة ضد كل هذه الخراافات واولها الدفوف في المساجد,
هل جننتَ يااابن جعفر؟
كلا والله
(اسمع نصيحتي)لاطاقة لك بهذه الحرب الضروس
والله لو سُلِخَ جلدي بالسِّياط ماتراجعت ,والله لو حطّموا ضلوعي ما تزحزت,سأنصح لهم في الله, ولن اتراجع تراجع الخوّار
أتراهم سيعطونك آذانهم؟
اظنك تحلم كأحلامك الوردية في الحوطة
يكفيني قول ربي(انْ عليك الا البلاغ)
يااحمد ارجوك تراجع اني خائف عليك,
ماكان لي ان اخشاهم في الله ,حسبي الله ونعم الوكيل.
يااحمد انك وحيد لا مناصر معك ولامعين
والله لاركبنّ خيل الثبات, ولاحملنّ مشعل السنة بيدي, ولو كنتُ فردا كالسيف لن يضيعني ربي,
ياأحمد :فكّر في العاقبة
(انّ العاقبة للمتقين)
مادمتُ ارى دخان هذه البدعة أمامي لن اسكت ابدا, ولو حاصرتني القيود من كل الناحية,بل لو حفرتْ اخدوداً في طريقي والله ماتراجعت,
انهم سيهتمونك
بماذا سيهتمونني؟
سيهتمونك بانك..تكلّم ..بأنك وهابي
(بوجه ثابت ونفس هادئة)وهل انا خير من رسول الله,قيل فيه اكثر من ذلك ومع ذلك صبر, أليس لي في رسول الله اسوة حسنة.
يااحمد :ان أبيتَ الاالموجهة فأشفق عليهم في النصيحة,
دعني اذهب اليهم الان, انهم مجتمعون في المسجد مع دفوفهم, فاني ارى فسيحات وادينا الكبير ضاقت بظلام هذه الخرافات
في المســـــــــــــــــجد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته-يااهلي-
حياك الله –يااحمد-اجلس اتحب ان تشاركنا في هذه الحضرة؟اقبل خذ لك واحداً من هذه الدفوف
يااهلي يا احب الناس الى قلبي
انّ هذه الدفوف التي تضربونها في بيوت الله على انغام القصائد اثم مبين ومنكر عظيم
ماذا تقول ايها الاحمق المجنون
اني لم اقل الا الحق..مالكم تأكلونني بأعينكم؟
ياقوم:لقد زينكّم الله بالعقل, فهل من العقل ان تضربوا هذه الدفوف في احب البقاع الى الله,هل انتهت كل العبادات حتى لم تبقَ الاهذه البدعة المذمومة تتمسكون بأذيالها
يااهلي:أتفعلون شيئا ما انزل الله به من سلطان؟, والله اني عليكم لمشفق واني لكم لناصح
يااهلي:هل جاءحرف واحد عن رسول الله يأمركم بشئ من هذه الخرافات
(كلهم بصوت واحد)اسكت يااحمد والاسنقطع لسانك ,ماذاتقول؟هل جننت..
أ تقول انّ هذه خرافات وحماقات؟اتتهم الاولياء والصالحين بانهم على باطل وانت وحدك على حق؟
كلا- حاشالله- ان اتهم احدا منهم ,بل اتهم هذه الدفوف التي تصدّعت جدران المسجد منها كمداً, تئن الى الله من ضجيجها ,ياقوم :الم تعلموا ان الله لايعبد الا بما شرع ,الى متى وانتم غرقى في هذا الضلال
يااحمد:كفَّ عنك هذا الهراء؟ الم تعلم انّ هذا شيئا ورثناه عن اجدادنا الذين هم اجدادك,وتأتي اليوم تعلّمنا انّ ماعليه الاولون باطل وبدعة,يالهول المصيبة مؤكّد انه اصاب عقلك شئ
كلا والله ياقوم
من يدري –يااحمد-لعلّ احداً ضحك عليك وبثّ اليك افكار الوهابية
ياقوم:ارجوكم اسمعوني لستُ وهابيًا, انا ناصح امين, اوَكلما انكر عليكم احد رجمتموه بأبشع التهم
ياقوم..(اسكت يااحمد)الى هنا يكفي قم واخرج من بيننا, ودعنا على ما نحن فيه ,واياك وان تفجّرضدنا ثورة والاحرقت بنارها
ياقوم :والله اني لمشفق وناصح,ورائد مخلص والرائد لايكذب اهله
قلنا لك قم من بيننا واياك ومن هذه الوساوس
اتقولون للحق وساوس؟
نعم هذا شئ ماعهدناه من احد قبلك في الحوطة,وتأتي اليوم انت من ابنائنا ترمينا بسهامنا,هل تريد ان تؤلّب علينا الناس؟هل تريد ان تقود ضدنا مؤامرة؟
كلا والله بل اردت الخير
(قام شيخ كبير منهم)يااحمد: يا بني انا اكبر منك سنا,انت شاب عاقل ونبيه واريدك ان لاتكّبر هذه الامور, ان شئت فصلِّ عندنا واسكت على ما تراه منا, وان شئت فصلِّ في مسجد اخر ودعنا وشأننا
يابني(يااحمد)انظر الى وجهي ..ارجوك لاتفتح هذا الباب مرة ثانية ,لا اريد ان اسمع منك حرفا واحداً
الجم فمك بلجام الصمت, وانحر افكارك في مهدها(قالها بقوة)
ياعم:؟أهذه نصيحة ام تحذير؟
بل هذه نصيحة غالية لك من رجل كبير في مقام ابيك(اسمعني –يااحمد-قبل ان تذهب)
ماذا تريد ان تقول ايضا؟
يااحمد:مهما تكلمت لن يطيعك احد, واعلم انّ الجميع تبع لنا نحن سادتهم
واحذرك من افكار الوهابية ان تتسلل اليك
ياقوم:لستُ وهابيا,انا لكم ناصح
يااحمد:مصرٌّ على هذا
نعم مصر على هذا الحق
كلا لست على الحق, بل انت وهّابي تحارب اسلافنا ,وترميهم بالخرافة والبدعة-كما يدعي هؤلاء-
هيا قم من بيننا, واياك وان تفتح لنا في مسجدنا شيئًا بعد اليوم,أسمعت يااحمد؟
(رجع احمد الى البيت)
هاانا ذا اجلس على سرير همي ,آهٍ من سيول الهم تهزُُّّ اعماقي,حتى غدا جسمي نحيلا كقلم سقط على احضان اوراق متناثرة ,صارت كأنها اكفانه,الى متى هذا الحزن يفترش ذراعي ويقيّد احلامي؟
(كأني اسمع احداً يضرب باب بيتنا)
من يطرق الباب؟
افتح الباب اناصديقك –ياابن جعفر-
مرحبا بك يااخي
يااحمد اخبرني هل نجحت في المهمة الخطرة, فالقلق يساورني حواليك
يااخي :لقدوقفت لهم في المسجد ناصحًا
(في عجل)هل استمعوا لك؟
لوّواأعناقهم, ورشقوني بعبارات التهديد والتوبيخ,
ارجوك –يااحمد-انسَ كل شئ دعهم وشأنهم, فوّض امرهم الى الله , دعنا نعيش بسلام
ياصاحبي:مادامت هذه الدفوف تضرب في مساجد الحوطة ,والله لن يقرّ لي قرار ,اِما انا في الحوطة واما دفوفهم,لن نجتمع ابداً تحت سماء الحوطة
يااحمد:لاتفتح على نفسك حربا, والله اني عليك لخائف
ممَ انت خائف؟
بصراحة انا خائف ان يمسك احد بسوء,وانت رجل وحيد وهم جماعة
يااخي:انّ الجماعة ليست بالكثرة بل من كان على الحق فهو الجماعة ولو كان فردا كالرمح
يااحمد:ارجوك تراجع حتى يكثر غداً اتباعك
يااخي:ان كان الورد اليوم عطشانا ,غدا سيروى بماء الثابتين,فلماذا تحرمني ان اكون قطرة من ذلك الماء الرقراق الصافي
(صلاة العصر)
يااحمد:انظر اليهم انهم ينظرون اليك بنظرات حارقة ,احسُّ انّ نظراتهم تكاد تفترسك, كأنّ اعينهم بركانا تقذف حمما,اقسم لك بالله يااحمد انا خائف عليك الامر لايطمئن بخير
لااخفي عليك –يااخي-كلما اقتربت من احدهم ولّى هاربا
يااحمد لقد قطعوك حتى تعود الى رشدك –كمازعموا-
اسمع ماذايقول احدهم بأعلى صوته(الليلة حضرة في المسجد وغدا في القبة لاتتاخروا)
يااحمد أسمعت؟انهم يزيدون النار اضطراما,الم اقل لك يااحمد ان نصحك لهم زادهم عنادا
دعهم انها عاصفة هوجاء سرعان ماستقف
مااظن ياأحمد انّ المياه ستعود الى مجاريها,وهم يفترسون جسمك بنظراتهم اللاذعة والساخرة
انظر –يااحمد-انهم يقلّبون دفوفهم وينظرون اليك بسخرية
دعهم ان هذا كله لن يفتَّ في عضدي شيئا,بل والله لوقلّبوني فوق جمر العذاب ماتراجعت ,بل سأثبت ثبات الاجبال وسأمضي كألاعصار في وجه هذه البدعة العمياء
يااحمد:انهم يقولون عنك انت رجل عنيد
كلا لستُ عنيدا بل ثائر, نعم انا رجل ثائر على هذه الدفوف التي زلزلت مساجدنا,بل ا وصلهم الهوى الى ضربها في المقابر بين الاموات!
يااحمد:ارجوك دعهم
قلت لك لن ايأس ابدا ماداموا على هذه البدعة
(في يوم الغـــــــــــــد)
هاهم مجتمعون الان في المسجد وبجانبهم دفوفهم التي غدت في عيني كأنها ثعابين سامة
(اقبل عليهم وهم جالسون في المسجد)السلام عليكم,أتأذنون ان اكلمكم قليلاَ
(قام احدهم مغضبا)اسمع يااحمد اياك وان تجلس بيننا لقد جادلتنا فاكثرت جدالنا ,فاماان تقوم عنا والاقمنا عنك جميعا
ماذاقلتم؟
قلنا ماسمعت (وضع احمد يده على راسه متحسرا حزينا)
آهٍ من هذه العقول المتصخرة أما آن لها ان تعقل؟
(صاح احدهم باعلى صوته)اسكت بها الوهابي المجنون
انظرواياقوم لقد ولّى عنكم منكّس الراس حزينا يسحب خلفه اذيال الخيبه
(وقف احدالقوم مغضبا)ياقوم:انا متعجب منكم الى متى وانتم صابرون على هذا المجنون؟
(تكلم اخر) ياهذا كيف لانصبر عليه وهو واحد من ابنائنا
(وقف ثالث منهم) ياقوم :ان هجركم له لم يزده الاتمسكا مثل هذا لن يتراجع انتم تحلمون ان ظننتم انه سيتراجع
(كلهم بصوت واحد)لماذا؟
لان احمد ينطلق من مبدأوصاحب المبدأ لايتراجع, بل يثبت كلما زمجرت العاصفة وتلاطمت الامواج
(رجع احمد الى بيته حزينا)
من يضرب الباب؟
افتحوا انا احمد
مالك يااحمد ارى وجهك يتصّبب حزنا
احمد:تعب يسير سرعان ما ينقشع –باذن الله-
(يقول مخاطبا نفسه) سأقوم الليل ادعو الله ان يهدي قومي
(عند الفجر)الحمدلله لقد طلع الفجر فاغراً فاه مبتسما ,لكنه قابل رجلا حزينا مثلي
(بعد صلاة الفجر في المسجد)
احمد:سأسير بعض الوقت في ازقة الحوطة ,حتى لو حملتني قدماي الى الحاوي لعلي اجد فيها متنفسا
(تتلاطم في داخلي امواج من الهم)آه اسير وحدي في هذا الطريق الطويل الذي يكاد يقتلني بخنجره ويخنقني بيديه,يطاردني سؤال حائر متى سأقضي على هذه البدعة؟كيف سأقنع اهلي بعد ان نصبوا لي مجانيق العدا؟
آهٍ ما اشدّ غربتي في هذا الزمن, لكني مع هذه الظلمة سأحمل مصابيح الامل ,عساني ان أُداعب وجه حضرموت الحزين ,الذي غطّته تجاعيد الخرافات ,
(بعد أيـــــــــــــــــــَّـــــــام)
مضت ايام وانا لم استطع ان اغيّر شيئا, بل لقد ازداد قومي عتوّا وعنادا,اصبحتُ بين امرين احلاهما مرٌّ, اِمّا أنْ اتركهم وبدعهم ,واٍمّا ان اقف وحدي ثابتا كما وقف خليل الرحمن ابراهيم ثابتا في قومه وحطّم اصنامهم وانا مثله سأحطّم –باذن الله- دفوف قومي ,سأقضي على هذه البدعة حتى لاتقوم لها راية في الحوطة,سأثار لرب كريم وأحطّم دفوفهم, مع انّ هذه المهمة خطرة ووعرة ,غير اني والله سأركب الاسنة في تحقيقها ,موعدهم –باذن الله –غداً وانّ غدا لناظره قريب
(في يوم الغد وهم مجتمعون في المسجد)
هاهم الآن مجتمعون في المسجد مع دفوفهم ,فاذا سمعتهم ضربوها سأقبل عليهم كالسيل الهادر, فأنتزعها من بين ايديهم وأحطّمها واحداً وحداً,حتى اُكسر انفَ هذه البدعة في قلوبهم.
هاهم يتحلّقون حول دفوفهم,لقد بدأوافي لهوهم, هاهم يتمايلون كألاغصان على صوت الدفوف,انهم يهزّون الروؤس يمنة ويسرة ,ياللعجب ,انهم اغمضوا العيون كأنّ ارواحهم شردت من اجسامهم,آهِ مااقبح هذا الصوت أحسُّه كسياط حامية تلذع قلبي,هاهي اصوات الدفوف تزيد وترتفع ,احسُّها تمزّق طبلة اذني, وتقطّع شغاف قلبي,سأصرخ الآن فيهم,ياهؤلاء قفوا كفاكم لهواً ,ألاتسمعون؟سأنتزع منك أنت اولاً الدف.
ماذا ستفعل به ؟
سأريك ماذا افعل به,
اعطني دفي ماذا ستفعل به ايها المندفع المجنون؟
سأمزقه تمزيقاً
ماذا تقول ؟تمزّقه
نعم سأمزق كل هذه الدفوف التي بأيديكم, سأدوسها تحت اقدامي, لن اترك واحداً الا حطّمته
هل جننتَ يا احمد؟
بل انتم متى ستعقلون ؟انّ ماتفعلونه حماقات يأباها الله ورسوله,
(صاح احدهم)انظروا يا قوم ماذا يفعل هذا الطائش المجنون بدفوفكم,
احدهم يصيح اوقفوه ..هيا اوقفوه ,شدّوا عليه امسكوا به انتصروا لدفوفكم ,اياكم أنْ يفلتَ من بين ايديكم ,اضربوه بكل ما اوتيتم من قوة ,مزّقوا ثيابه كما مزّق دفوفنا ,انه يصيح من شدة الضرب ..لا ترحموه ..اضربوه حتى يصيح كل عضوٍ من اعضائه, حتى لا يرفع رأسه علينا بعد اليوم
ياللفاجعة انه سقط على الارض
(صرخ احدهم)زيدوه لكماً وضرباً ,انه يحاول الفرار اخنقوه بأيديكم لا تدعوه يقف على قدميه بعد اليوم
انظروا ..انه ولّى هاربا,
(تكلّم احدهم)دعوه يهرب فقد اخذ ما فيه الكفاية
(يصفق احدهم ضاحكا)احسنتم يا رجال على صنيعكم هذا ,حتى يكون عبرة للجميع,فلا يقف احد بعده غصة في حلوقنا
(تقدّم احدهم في خوف ووجل)ياقوم:اني خائف أن يصاب احمد بمكروه,لقد قسوتم عليه
(اسكته احدهم مغضبًا)دعه وانْ بقيَ في الحوطة لن نرحمه ابداً,
(اقبل عليهم واحد يفتح باب المسجدفزعا)ياقوم:لقد فتحتُ الباب فقابلني رجل خرج هاربا يسير ويسقط,مَن هذا الرجل الهارب؟
انه احمد بن جعفر الحبشي
ماذا فعلتم به؟
(تكلم احدهم في غطرسة وغرور)انه كسّر دفوفنا فأوجعناه ضرباً,حتى صار كعصفور تتقاذفه الايدي في الهواء(يقولها وهو يضحك)
(ردّعليهم مغضبا)لبئس والله ما فعلتم ,كيف لو علم بكم الناس تضربون واحداً من ابنائكم بماذا ستجيبون؟فسكت الجميع
احمد:آهٍ لقد وصلت الى باب بيتنا, اسحبُ اقدامًا دامية ,كأني اسحبُ معها الارض,سأطرق الباب..آهٍ انّ يديّ لا تقوى على طرق الباب
(بأعلى صوته افتحوا الباب –يااهل الدار-)
من بالباب؟
افتحوا انا احمد
يالهول المصيبة من فعل بك كل هذا يا احمد؟
مالثيابك ممزقة ,مالشعرك متناثراً هل اصابك مكروه؟
لقد ضربني قومي, لقد تحولت ايديهم الى حديد تمزّق جسمي ,صبرتُ عسى حبيبي رسول الله ان يعذرني غداً اذا لقيته بين يدي الله,
(هيا اعطوني ثيابي ومتاعي )
الى اين يااحمد؟
سأترك الحوطة (عندها تقافزت دموعه تسبح في خدوده)
أتبكي –يااحمد؟
انها دموع الفراق ,انه طوفان من دموع اخفيها خلف سدود عيوني ,اني اخاف انْ تغرق احلامي في لججه
(يااحمد هل طابت نفسك في فراق الحوطة)
كلا والله, اني اودعها وهي صامتة,و لو شعرت بي لفاضت دموعها على فراقي ,والله لولا انّ قومي اخرجوني منها ما خرجتْ
يااحمد:الى أين سترحل؟
ارض الله واسعة ,وانما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب,آهٍ من غربة في داخل وطني ,كلما سرتُ خطوة ازدادت دقات قلبي شوقا للحوطة,
ومن عجب أني احنّ اليهـــــم وأسأل شوقاً من لقيتُ وهم معي
وتطلبهم عيني وهم في سوادها ويشكو النوى قلبي وهم بين أضلعي
آهٍ يابلدي:كلما طلعتْ الشمس تخيلتها استعارت وجهكِ,كلما هبتْ ريح الصبا حملتْ شذا عبيركِ الى قلبي المجروح
(بصوت متقطع حزين احرقته نار الفراق)سأخرج من الحوطة قبل طلع الفجر حتى لايراني احد,
لاأدري ماذا أفعل بعيني؟لا يكاد يرقأ لها دمع تبكي بكاء الثكالى,سامح الله قومي لقد مزّقوا احلامي ,انهم وقفوا كالمجانين ينهالون علىّ ضرباً ولكماً, وتهافتتْ سيوفُ ايديهم كالبرق تمزّقُ جسمي النحيل ,الذي غدا بينهم كقطعة لحم تتقاذفه امواج ايديهم من زاوية الى زاوية,وتتطاير من السنتهم شرارات التهديد
وآحرّ قلبي على هذا الرحيل المر ..اسفي على الحوطة لم يبقَ امامي سوى خشامر ,سأهاجر اليها انها قلعة من قلاع السنة,لكأني اشمُ عبيرها وانا في مكاني يداعب خيالي,كأنها ترّبت على كتفي وتقول لي لاتحزن يا ابن جعفر,يارب اني متوجه الى خشامر ,...اللهم اهدني الى سواء السبيل
ازفتْ ساعة الرحيل ,سأرحل الآن مادام جلباب الظلام يلفني,سأسير بخطىً ثابتة على حبل الصمت, اخاف مع كل خطوة ان اتعثر فيشعر بي قومي,اني اسمع صوتاً ,سأقترب منه قليلا,الحمد لله انه صوت اذان الفجر,سأدرك صلاة الفجر في الحزم او في شبام,
كأني أرى هناك بئر ماء سأروي منها عطش قربتي ,الحمدى لله لقد اقتربتُ من شبام
(بعد الفـــــــــــــــــــــجر)
سأواصل الطريق الى خشامر السنية ,لقد اقتربتٌ منها,ما اقرب طريق الحبيب,
اني آراها..نعم اراها –تطل برأسها من نافذة الشوق, مهلاً خشامر لاتتعجلي أتيتكِ قادماً,هذه ديارها تتمايل اغصانهاوتطرب اوراقها على سفح الجبل, لكأنها ترّحب بي
(اللهم ادخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق واجل لي من لدنك سلطانا نصيرا)
هاهم اهلها اقبلوا كنسمات المطر وقطرات الماء يرّحبون بي ,يالها من ارض طيبة وقوم كرام ,
(تقدّّم احدهم فرحا)تقدّم يا ابن جعفر هذه خشامر فتحت قلبها لاستقبالك ,هاهم رجالها قفزت قلوبهم ترحب بك,
(يالها من صورة جميلة يملؤها الحب والكرم,ويمضي موكب الاستقبال يسير ببطء,تتصافح فيه القلوب)
وقف ابن جعفر فيهم قائلا:يااخواني اني نزيل في ارضكم, طامع في كرمكم وعدلكم,لأن ارضكم لايظلم فيها احد
(اقبل احدهم مسرعا)هذه خشامر كلها ارضك وفداك
جزاكم الله خيراً
(اقبل احدهم يمسك بيد ابن جعفر) هيا بنا الى بيت سيد قبيلة آل علي جابر,فانه رجل كريم سيرّحب بك
(في بيت سيد آل علـــــــي جابر)
احمد:السلام عليكم ورحمة الله وبركاته-ايها الرجل الكريم
مرحباً بك ايها الاسد الهصور, حيّاك الله بين اهلك واخوانك,تعال فاجلس بجانبي فاني مشتاق لسماع قصتك,
(بعد سماع القصـــــــــة)
لقد آلمتني قصتك, واني اقول لك كما قال الرجل الصالح لموسى(لاتخفْ نجوت من القوم الظالمين)
اذهب انت آمن في ارضنا, لن يستطيع احد ان يصل اليك بسؤء مادمت فيها,لك الامان والنصرة,ولك ان تتخير ماتشاء من منازلنا لتسكن فيها,عشْ بيننا قرير العين, مطمئن البال ,هادئ النفس, مرفوع الرأس ,قد عوّضك الله بأرضٍ طيبة وقوم كرام
قل فيها ما تشاء ,وافعل فيها ماتشاء,ولن ترى احدا يوما ينظر اليك شزرا,
(تهلل وجه ابن جعفر)الحمد لله على هذه النعمة,سأعيش في ارض تنصر السنة ولو كنت طاويا ,حسبي أن تشبع روحي
(تكلّم احد الحضور)ياابن جعفر:ماهذه الدموع التي تملأ عينيك؟
انها..دموع....انهادموع الفرح
(وقف احدهم)انك ازددت رفعة عندالله بثباتك وصبرك,ودعك وماقاله فيك الواشون,فقد قالوا عن ارضنا انها ارض وهابية, ومع ذلك لم يضرنا شئ,بل سمونا كالسحاب
ياابن جعفر:هذه خشامر احلم فيها بما تشاء
ابن جعفر:اني احلم ان ارى حضرموت قد اُعتقتْ من عبودية الخرافات والبدع,وان تحيا فيها السنة واهلها,,احلم ان تموت فيها النعرات والعصبيات والنزاعات,وان يحيا فيها العدل والسلام,
احلم...(وفجأة سكت وجعل ينظر الى السماء)
وقف احدهم :أراك تحملق بعينيك الى السماء؟
اخبرنا الى ماذا تنظر؟مالك سكت!
اني انظر الى بعيد.
الى اين؟
الى هناك,
اني أراها قادمة مهرولة
(الجميع بصوت واحد)من هي؟
انها....انها...انها شمس السنة غدا ستشرق في حضرموت
الخاتمة
وهكذا مضى ابن جعفر -رحمه الله-مثلاً عاليا في السنة والثبات ,وقلعة صامدة استعصتْ قناتها على المبتدعين,انه رجل يشار الى قصته بالبنان,فيطرب من شوق لسماعها الجنان,
لأنه فارس امتطى صهوة الثبات والتضحية,فحاز بعدها على وسام الشرف والترقية,
واليوم جئنا بعد زمن نهدي عبير قصته للاجيال,بعد ان دُفنت في ذاكرة التاريخ ,وغطّاهاغبار النسيان والاهمال.وسعى التصوف الى طمس انوار ثباته,وحرق اعلام صموده وتضحياته.
وجئنااليوم بعد زمن لم نبحث عنه بين الاموات,بل نبحث عنه بين عظماء الاحياء,لأن ثباته مازال حياً في قلوبنا,
رحمك الله ياابن جعفر ,وصبّ على قبرك شآبيب الرحمة والرضوان,رفع الله ذكرك في العالمين,وسطّر اسمك في الخالدين
كتبه:
ابوسعد النشوندلي
رسب –مديرية ساه
15/1/1430
[email protected]