ابوسعدالنشوندلي
03-08-2010, 02:14 PM
جامعه العلوم والتكنولوجيا
كليه الآداب
قسم اللغة العربية
التصوير القرآني لأمثال المشركين
بحث للحصول على درجة البكالوريوس فى اللغة العربيه
إعداد الطالب
ابوسعدالنشوندلي
إشراف الدكتور
يوســــف سلــــــمان
1428هـ ـ 2007م
مقدمــــــــــة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
أما بعد :
فإن الأمثال التي ضربها الله في كتابه في المشركين, وما فيها من صور فنية وفوائد تربوية, لجديرة بالدراسة والبحث حتى نقف على بعض ما في كتاب الله من الإعجاز والبلاغة في ألفاظه ومعانيه ومن أجل استخلاص الحكم والدروس من هذه الأمثال, لذا سيُظهرهذا البحث بعضاً من هذه الصور والفوائد التي حفل بها القرآن ويتلخص عمل الباحث من خلال الآتي :ـ
أولاً : مشكلة البحث :ـ
ما الأمثال التي ضربها الله في كتابه للمشركين في أحوالهم المختلفة ؟
وما أثر الأسلوب التصويري في تجسيد هذه الصورة وإبرازها ؟
ثانيا : تساؤلات البحث :ـ
س1) ما تعريف الشرك؟ ومن هو المشرك ؟
س2) ما المقصود بالمثـل ؟ وما أثره على المعنى ؟
س3) ما أنواع الأمثال التي ضربها الله في المشركين ؟
س4) ما فوائد أمثال القرآن الكريم ؟
س5) ما أوجه التناسب بين هذه الأمثال وأحوال المشركين المختلفة ؟
ثالثا : أهداف البحث :ـ
1) دراسة بقدر المستطاع الأمثال التي ضربها الله في المشركين وأوجه
التناسب مع أحوالهم المختلفة .
2) معرفة الأوجه البلاغية و الإعجازية في هذه الأمثال .
3) إلقاء الضوء على الفوائد والأهداف التربوية والعلمية والدعوية في هذه الأمثال .
رابعا : أهميه البحث :ـ
هذا الموضوع له بالغ الأهمية من الناحية العلمية والعملية وذلك للأسباب الآتية:
1) ارتباط هذا البحث بكتاب الله العظيم .
2) أما الأهمية العلمية فتبرز في كونه يضع بين يدي القارئ جملة من الأمثال
التي ضربها الله للمشركين ويحاول أن يقارب بين صورها وأحوالها المختلفة
3) أما الأهمية العلمية فتظهر في كونه يساعد القارئ على فهم وتذوق بعض
الأوجه البلاغية والمعاني الإعجازية للقرآن الكريم .
4) كما أنه قد يحفز الباحثين نحو مزيد من العناية بالقرآن تلاوة وحفظاً ودراسة
وبحثاً .
خامساً : أسباب اختيار البحث :
1)طلب الأجر من الله من خلال الكتابة والبحث حول كتابه الكريم .
2) رغبة النفس في خدمة القرآن الكريم وعلومه .
3) سهولة الحصول على المصادر من مكتبات المساجد القريبة .
سادساً : منهج البحث :ـ
سيعتمد الباحث في بحثه على المنهج الوصفي الذي يجمع البيانات ثم وصفها كمًّا وكيفا ويظهر هذا كله من خلال ما يأتي :ـ
1) جمع آيات الأمثال وتبويبها حسب موضوعاتها .
2) دراستها في ضوء الدراسات السابقة .
3) استخلاص الحقائق والمعلومات من النتائج .
4) وصفها وعرضها في تبويب مناسب .
سابعاً : الدراسات السابقة :ـ
لقد سبقت دراسات سابقة وحديثة تناولت أمثال القرآن عامه وتناول بعضها الصور الفنية خاصة ، ومن هذه الدراسات :ـ
1) الصورة الفنية في المثل القرآني محمد حسين الصغير
2) أمثال القرآن محمود الشريف
3) من أمثال القرآن محمد متولي الشعراوي
4) الأمثال القرآنية عبد الرحمن حنبكه
5) أمثال القرآن إبن قيم الجوزية توفي 751هـ
6) الدررالفاخرة فى الأمثال السائرة حمزة بن الحسن الأصبهاني توفي 351هـ
7) أمثال القرآن إبراهيم بن محمد عرفه توفي 323هـ
8) أمثال القرآن للجنيد محمد القواريري توفي 298هـ
ثامناً : حدود البحث :ـ
لا يرتبط هذا البحث بحدود زمانية أو مكانية أو بشرية كونه يرتبط بالقرآن غير أنه يتحدد من الناحية الموضوعية في أمثال المشركين في القرآن .
تاسعاً: إسلوب جمع البيانات :ـ
سيعتمد الباحث في جمع بياناته على الملاحظة وتحليل المضمون فقط .
عاشراً : تقسيم البحث :ـ
سيكون التقسيم للبحث حسب الأتي :
أولاً : المقدمة ، وتشمل الفصل التمهيدي .
ثانياً : الفصل الأول {الأمثال القرآنية فى القرآن والسنة }
المبحث الأول :ـ تعريف المثل لغة واصطلاحاً .
المبحث الثاني :ـ تعريف الشرك وأنواع المشركين .
المبحث الثالث :ـ الأمثال القرآنية .
المبحث الرابع :ـ الأمثال النبوية .
المبحث الخامس :ـ فوائد الأمثال .
ثالثاً : الفصل الثاني : {التصوير القرآني لأمثال المشركين }
المبحث الأول :ـ تمثيل المشركين في القرآن .
المبحث الثاني :ـ تمثيل أعمال المشركين .
المبحث الثالث :ـ تمثيل معبودات المشركين .
المبحث الرابع :ـ تمثيل المشركين بالحيوانات .
المبحث الخامس :ـ تمثيل المشركين في إعراضهم عن الهداية .
المبحث السادس :ـ أمثله متفرقة في المشركين .
المبحث السابع :ـ صور فنية من أمثال المشركين .
رابعاً : الخاتمة وفيها النتائج والتوصيات
خامساً : الفهارس ويشمل فهرس الآيات والأحاديث وتراجم الأعلام والموضوعات .
قائمه بالمراجع الأوليه :ـ
1) القرآن الكريم
2) أمثال ونماذج بشرية من أمثال القرآن أحمد طاحون
3) أعلام الموقعين إبن قيم الجوزية
4) الإتقان في علوم القرآن جلال الدين السيوطي
5) التصوير الفني في القرآن سيد قطب
6) نظرات فقهيه وتربوية من أمثال القرآن عبد المجيد محمود عبد المجيد
7) أسرار التنوع في تشبيهات القرآن ملك حسن بخش
8) مباحث في علوم القرآن مناع القطان
كتبه:
ابوسعدالنشوندلي
حضرموت [email protected]
الفصل الأول
الأمثال في القرآن والسنة
المبحث الأول : تعريف المثل لغة واصطلاحاً وأنواعه
المبحث الثاني : تعريف الشرك وأنواع المشركين
المبحث الثالث : الأمثال النبوية
المبحث الخامس فوائد الأمثال
الفصل الأول
الأمثال في القرآن والسنة
المبحث الأول : تعريف المثل لغة واصطلاحاً وأنواعه
المثل لغة : قال ابن قتيبة : المثل : الشبه ، يقال هذا مثل هذا ومثله كما يقال : شبه الشيء وشبهه .
والمثل : العبرة ، والمثل : الصفة
المثل اصطلاحاً : إبراز المعنى في صورة رائعة موجزة لها وقعها في النفس سواء أكانت تشبيهاً أو قولاً أو مرسلا
وحيث أن هذا البحث المتواضع يتعلق بأمثال القرآن فقط ، فيليق بنا أن نتعرف على أنواع أمثال القرآن حتى تتضح الصورة ، ويتسع الإدراك في فهم أمثال القرآن الكريم .
أنواع أمثال القرآن :
ذهب بعض العلماء ومنهم السيوطي في كتابه ( الإتقان ) إلى أن أمثال القرآن نوعان هما :
1) ظاهر مصرح به
2) كامن لا ذكر للمثل فيه
وذهب بعض العلماء إلى أن أمثال القرآن ثلاثة أنواع مضيفين إلى ما سبق ذكره :
3) الأمثال المرسلة .
وجدير بنا أن نذكر نبذة بسيطة عن كل نوع منهما مبتعدين عن الإطالة .
أولاً / الأمثال المصرحة : وهي ما صُرّح فيها بلفظ المثل أو ما يدل عليه وهي كثيرة في القرآن وستكون أمثال المشركين في هذا البحث ضمن هذا النوع .
ثانياً / الأمثال الكامنة : وهي عكس الأولى ، إذا لم يصرّح فيها بلفظ المثل وتدل على معانٍ بليغة موجزة ومنها على سبيل المثال :
1) في أمثال العرب ( كما تدين تدان ) وفي القرآن مثله في قوله تعالى : (ومَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ ) النساء آية123 .
2) وقولهم ( خير الأمور أوساطها ) وهذا في قوله تعالى : (لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ) البقرة آية 68 .
ويرى بعض الباحثين المعاصرين أن هذا النوع والذي بعده ( الأمثال المرسلة ) ليست داخلة في الأمثال لخلوهما من وجه المشابهة بين المثل والممثل له .
ثالثاً / الأمثال المرسلة : وهي جمل أرسلت إرسالاً من غير تصريح بلفظ التشبيه فجرت مجرى الأمثال .
وقد عقد لها جعفر بن شمس الخلافة في كتاب الآداب (باباً في ألفاظ من القرآن جارية مجرى المثل ) وهذه بعضاً منها :
1) الآن حصحص الحق .
2) ضعف الطالب والمطلوب .
3) أليس الصبح بقريب ؟
4) هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟
وقد رأى بعض العلماء كراهية استعمال هذا النوع استعمال المثل ورأوا فيه خروجاً عن أدب القرآن الذي أنزله الله للعمل والتدبر لا ليتمثل به .
المبحث الثاني
تعريف الشرك وأنواع المشركين
الشرك لغة : قال ابن قتيبة : الشرك في اللغة مصدر شركته في الأمر أشركه .
الشرك اصطلاحاً : هو جعل شريك لله تعالى في ربوبيته وإلّهيته .
وقد قسم بعض العلماء الشرك إلى نوعين هما :
1) الشرك الأكبر : وهو صرف أي عبادة لغير الله ، وصاحبه في جهنم وبئس المصير وهذا النوع من المشركين سيكون محور دراستنا في هذا البحث .
2) الشرك الأصغر: وهو شرك ظاهر في الألفاظ والأفعال كالحلف بغير الله مثلاً ويضاف له الشرك الخفي وهو الرياء الذي يحبط الأعمال الصالحة ، وهذا النوع ليس محور بحثنا لأن أصحابه لا يخرجون عن دائرة الإسلام .
المبحث الثالث
الأمثــــــــال القرآنيــــــــة
إن الله سبحانه وتعالى ذكر في كتابه أمثالاً شتى في مواضيع مختلفة وفي أقوام كُثر ، وقد عدّ بعض العلماء ما في القرآن من أمثال فأوصلها إلى بضعة وأربعين مثلاً وبعضهم أوصلها إلى ألف مثل معتمدين على قول عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ( عقلت عن رسول الله ألف مثل ) .
وقد تسابق العلماء في جمعها وكتابتها ، فمنهم من أفردها بالتأليف كالأصبهاني والقواريري والماوردي ومنهم من عقد لها باباً في كتبه كالسيوطي في الإتقان وابن القيم في أعلام الموقعين والزركشي .في البرهان.
أمثال القرآن : تناولت أمثال القرآن مواضيع متعددة وصوراً مختلفة ونماذج بشرية كثيرة منها :
أ) الأصناف العامة : وقد ضرب الله بعض هذه الأمثال في أصناف عامة من البشر كالكافرين والمؤمنين والمنافقين الذين ذكر الله فيهم أول أمثال القرآن وهما المثل الناري والمائي في مطلع سورة البقرة وذلك في قوله تعالى : (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ * صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ* أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ واللّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ* يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ* ) البقرة آية 17-20
ومنهم اليهود ، ضرب الله فيهم أمثلة في كتابه وهذا مصداق قوله تعالى : (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) النمل (76)
وسوف نقف على بعض هذه الأمثلة في اليهود في الفصل الثاني من هذا البحث .
ب) الحياة الدنيا : لقد ضرب الله أصدق الأمثلة في الحياة الدنيا ، حتى لا يغتر مسلم بها ولا ينخدع وراء سرابها المزوَّر ، وليحذر منها غاية الحذر ، وإنها متاع الغرور ، وقد جاءت أمثال الحياة الدنيا في القرآن في أربع سور لا خامسة لها وهي كالأتي :
1) سورة يونس : في قوله تعالى : (إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) يونس (24)
2) سورة الكهف : في قوله تعالى (وأضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً) الكهف (45)
3) سورة الزمر : في قوله تعالى : (َألمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ) الزمر (21)
4) سورة الحديد : في قوله تعالى : (عْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) الحديد (20)
ويجمع هذه الأمثال الأربعة على أن حقيقة الحياة الدنيا فانية وزائلة ، وأنها مهما أزينت وتجمّلت فإن مصيرها كمصير غيث أنبت الله به نباتاً حسناً فأغتر الكفار بمنظره فبعث الله عليه عاهة فهاج وأصفر وصار حطاماً بعد أن كان أخضراً براقا
ج) الصفات القبيحة : لقد ضرب الله أمثالاً في بعض الصفات القبيحة وصورها في صور بشعة تنفر منها النفوس السليمة ، ومن هذه الصفات القبيحة :
1) الغيبة قال تعالى : (ا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ ) الحجرات (12) .
2) ومنها الربا ، قال تعالى : (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) البقره(275)
د)الصفات الحميدة : إنّ الله سبحانه وتعالى ضرب أمثالاً في الصفات الحميدة التي يحبها ترغيباً فيه وثناءً على أصحابها ، ومن هذه الصفات :
صفة الإنفاق والبذل : قال تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) البقرة (261) .
وفي آية أخرى قال تعالى : (وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَتَثْبِيتاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) البقرة (265)
وفي هذه الأمثال صورٌ بديعة المعنى عجيبة النظم تظهر واضحة جليّة في هذا التشبيه وفي هذه الأمثال
هـ ) نماذج بشرية خاصة : النماذج البشرية التي خصها الله بالأمثال في كتابه على نوعين :
1) النوع الكافر المشرك : وسنأتي على ذكر بعض منها في الفصل الثاني .
وصاحب الجنتين في سورة الكهف دليل عليها( وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً){32} ومنهم كذلك امرأة نوح وامرأة لوط في سورة التحريم .
2) النوع المؤمن : وهم كُثر ذكرهم الله في كتابه غير أننا نختار منهم نموذجاً واحداً هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذين ضرب الله فيهم أصدق وأكمل الأمثلة ليس في القرآن فحسب بل وفي التوراة والإنجيل .
قال تعالى : (ُّمحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) الفتح (29) .
ويظهر في هذا المثل الصورة البديعة التي قربت المعنى وجلّته جليّاً بهذا الوصف الذي وصف الله به أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم بالزرع الحسن .
و) الحق والباطل : ضرب الله في كتابه بعض الأمثلة في الحق وهو التوحيد مع نقيضه الباطل وهو الشرك ، جاءت هذه الأمثال في صورٍ متعددة وهذه بعضاً منها :
1) المثلين المائي والناري : قال الله تعالى : (أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ ) الرعد (17).
وفي هذا التمثيل البديع مثّل القلوب بالأودية وكما أن الماء حياة للأرض فالإيمان حياة للقلب وشبه الباطل بالزبد الذي سرعان ما يذهب مع جنده الغثائية ولا يبقى ثابتاً إلا الحق وأهله .
وأما المثل الناري ففي قوله تعالى : (وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ...) ، وكما أن الخبث يخرج من الذهب والفضة عند إذابته في النار فتصفيه من شوائبه فكذلك قلب المؤمن يصفية الإيمان من الشهوات والشبهات
2) الكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة : ضرب الله مثلاً عظيماً في الكلمة الطيبة وهي كلمة التوحيد ( لا إله إلا الله ) ومثلاً آخر في الكلمة الخبيثة وهي كلمة الشرك فقال تعالى (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ* وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ).إبراهيم24-26
المبحث الرابع
الأمثال النبوية
كما حفل القرآن الكريم بالكثير من الأمثلة البليغة فكذلك السنة النبوية الصحيحة اشتملت على أمثلة كثيرة في مواضيع متفرقة ، وقد تسابق العلماء في جمعها وكتابتها وكان أبو عيسى الترمذي له قصب السبق في جامعه ، إذ بوّب لها باباً خاصاً ، قال عنه ابن العربي :(لم أر من أهل الحديث من صنف فأفرد للأمثال باباً غير أبي عيسى ولله دره لقد فتح باباً وبنى قصراً أو داراً،ولكنه اختطَّ خطاً صغيراً فنحن نقنع به ونشكره عليه ) . وقد جمع الترمذي في جامعه 14 حديثاً .
وقد تناولت هذه الأمثال مواضيع كثيرة كالأخلاق والعقيدة والنصيحة والمواعظ ....
وقد قسّم بعض العلماء الأمثال النبوية إلى نوعين هما :
أ) المثل الموجز السائر : وهي عبارات بليغة موجزة جرت مجرى الأمثال ومنها على سبيل المثال :
1) لا ضرر ولا ضرار
2) دع ما يريبك إلى ما لا يريبك
3) المرء مع من أحب
4) لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين
5) الحياء من الإيمان
6) الكلمة الطيبة صدقة
ب) المثل القياسي : ويكون فيه لفظ الحديث ( مثل كذا ) أو ( كمثل كذا ) وهي كثيرة كذلك ونكتفي بنموذج واحد منها :
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير ، فحامل المسك أما أن يحذيك وأما أن تبتاع منه وأما أن تجد منه ريحاً طيبة ، ونافخ الكير أما أن يحرق ثيابك وأما أن تجد منه ريحاً خبيثة )
في هذا الحديث يعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صورتين متقابلتين كأنها ماثلتين أمام أعيننا نابضتين بالحياة .
1) الصورة الأولى : صورة الجليس الصالح الذي مثّله الرسول بحامل المسك ، والذي تنبعث منه دائماً رائحة طيبة ، تفيض منه وينشرها على من حواليه فكل من جالسه استمتع بأريج عطره ، فكذلك الجليس الصالح خيراً على نفسه وجلسائه أينما حل ورحل .
2) الصورة الثانية : صورة جليس السوء الذي مثّله الرسول بنافخ الكير وهو الحداد الذي يضرب الحديد فأما أن يحرق ثياب جليسه ، وأما أن يمتلئ المكان بروائحه الكريهة فيصيب من بجانبه ، وكذلك الجليس السوء يعود شره ليس على نفسه فحسب بل وكذلك على جلسائه . وقد صدق القائل :
وأحذر مصاحبة اللئيم فإنه يعدي **** كما يعدي الصحيحَ الأجربُ
المبحث الخامس
فوائــــــــــــد الأمثــــــــــــــال
إن الأمثال التي ضربها الله في كتابه لم تكن عبثاً ولم تكن ضرباً من ضروب التسلية ، بل جاءت لحكم وفوائد كثيرة ، علمها من علمها وجهلها من جهلها ، وهذا يدعونا إلى أن نذكر بعض هذه الفوائد :
1) الدعوة إلى الفهم والعلم ، قال تعالى : (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ) العنكبوت (21)
2) الدعوة إلى التفكر والتذكر قال تعالى : (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) الحشر آية 21
وقال تعالى : (وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) الزمر آية 27
3) أخذ العبرة منها قال صلى الله عليه وسلم : ( كان الكتاب الأول ينزل في باب واحد على حرف واحد ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف ، زجر وأمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال ، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه وافعلوا إن أُمرتم به وانتهوا عما نهيتم عنه واعتبروا أمثاله وأعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه ، قولوا أمنا به كل من عند ربنا )
3) ومن فوائدها على المعنى أنها تبرزه وتُظهر المعقول في صورة مجسمة وتقدّم المعنوي في ثوب محسوس وتفصّل المجمل وتوضح المبهم
4) ومن فوائدها على الإنسان في حياته أنها تسعى إلى إصلاح النفوس وصقل الضمائر وتهّب الأخلاق وتصحح العقائد وتنّور الأبصار .
5) إن الله ما أكثر منها في كتابه وفي سائر كتبه إلا لأهميتها وعظيم فوائدها وفي الإنجيل سورة تسمى الأمثال غير أن أمثال القرآن أبلغ وأعظم .
6) وكذلك من فوائدها أن لها غايات نفسية تربوية فالأمثال القرآنية والنبوية لها دوافع تحرّك الوجدان فتدفعها إلى عمل الخيرات وتهذب النزعات الشريرة .
7) حسن التشبيه فيها وقوة الصور البلاغية والفنية مع أسلوب الحوار الخطابي وفيها نمطاً متجدداً للحجة والإقناع .
وهذه بعض فوائد الأمثال بالإضافة إلى فوائد كثيرة لم نذكرها مخافة الإسهاب .
الفصل الثاني
التصوير القرآني لأمثال المشركين
المبحث الأول : تمثيل المشركين في القرآن
المبحث الثاني : تمثيل أعمال المشركين
المبحث الثالث : تمثيل معبودات المشركين
المبحث الرابع : تمثيل المشركين بالحيوانات
المبحث الخامس : تمثيل المشركين في إعراضهم عن الهداية
المبحث السادس : أمثلة متفرقة في المشركين
المبحث السابع : صور فنية من أمثال المشركين
المبحث الأول
تمثيل المشركين في القرآن
بعد أن عرفنا في الفصل الأول أنواع وفوائد أمثال القرآن عامة ، تمهيداً لهذا الفصل الثاني ، فإننا سنحاول في هذا الفصل أن نتناول الأمثال التي ضربها الله في المشركين خاصة ، ولسنا ندّعي – بالطبع – الإلمام بكل دقائقها وتفصيلاتها في هذا البحث المتواضع ، ولكنه جهد المقل .
وقد جاءت هذه الأمثال مشبهة الكافرين بأبشع الصور الخَلقِية والخُلقية ، لتكشف عن فساد الباطن والظاهر ، ومن هذه الأمثال :
قال تعالى : (مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ) هود آية 24
ووصف الله هؤلاء المشركين بإعاقات خُلُقية فيهم مثل العمى والصمم في هذا المثل ونقصان العقل في آية أخرى قال تعالى : (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ) الفرقان آية 44 .
وفي الجانب المعاكس وصف الله المؤمنين بأوصاف الكمال وما بين الأعمى والبصير والأصم والسميع فرقٌ كبيرا وكذلك مثل المشرك والمؤمن وفي هذا إشارة بليغة إلى أن العمى الحقيقي هو عمى البصيرة لا عمى البصر .
فهؤلاء الأقوام فقدوا أداة استقبال المرئيات والمسموعات ، ويؤكد هذا المعنى قوله تعالى : (وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ* وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ) فاطر آية 19-20.
فهل يستوي الفريقان ؟ والجواب : لا يستويان أبداً . وختم الله الآية بقوله ( أفلا تذكرون )
وإن المقابلة بين الفريقين في الآية الكريمة تزيد المعنى وضوحاً وبروزاً ، مع ما في هذا التصوير من روعة وجمال وما في التعبير من إيجاز وإعجاز .
المبحث الثاني
تمثيل أعمــــال المشركيــــن
لقد مثّل الله في كتابه أعمال المشركين التي يرونها نافعة لهم كالنفقة مثلاً ، بأنها لا تنفعهم في الدنيا والآخرة أبداً ، ولن تزيدهم حسنة واحدة ، لأن الشرك بالله لا ينفع معه صالح عمل ، وهو سبب الهلاك في الدنيا والآخرة .
قال تعالى : (لئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ في الاخرةمِنَ الْخَاسِرِينَ) الزمر آية 65
ومن أعظم أعمال المشركين التي يؤملون فيها ويرونها صالحة طيبة ( الإنفاق والبذل) .
1) تمثيل نفقات المشركين بصور متفرقة :
قال تعالى : (َمثلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هِـذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلَـكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) آل عمران آية 117
وقال تعالى : (أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) البقرة آية 264
وقال تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) النور آية 39
وقال تعالى : (مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ ) إبراهيم آية 18
هذه أمثلة ضربها الله في نفقات المشركين التي لا أجر فيها ولا ثواب ، بل يجعلها الله هباءً منثورا ، قال تعالى :
(وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً) الفرقان آية 23
وقد شبّه الله أعمال المشركين في الآيات السابقة بصور متعددة في حبوطها فمرة بالريح العاصف ، ومرّة بالرماد ، ومرة بالسراب ، ومرة بالحجر الصفوان الذي عليه تراب فأصابته مطر فتركته أملساً ناعماً لا تراب عليه .
وفي هذه الصور المتفرقة توضيح للمعنى وإجلاء للفكرة ، تبرز فيها فساد أعمال المشركين وذهاب نفقاتهم أدراج الرياح .
قال تعالى :
( وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ )التوبة آية 54.
المبحث الثالث
تمثيل معبودات المشركين
لم يكتف القرآن بتمثيل المشركين الضالين فحسب بل تعدّاه إلى تمثيل آلهتهم ومعبوداتهم التي صدتهم عن عبادة الله وحده ، وعن دعوة المرسلين ، وقد ضرب الله أمثالاً في معبوداتهم التي تعلّقوا بها في الدنيا مع عجزها وضعفها ، فلا هي تنفعهم في الدنيا بخير أو دفع ضر ، ولا هي تنجّهم في الآخرة من عذاب الله وناره ، فهم في كلا الدارين خاسرون وعبادتهم تذهب هباءً منثورا .
المثل الأول : مثل العنكبوت :
قال الله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) العنكبوت آية 41
هذا مثل ضربه الله للمشركين الذين يرجون نصرهم ورزقهم من أصنام صماء جماد ، فهم في ذلك كبيت العنكبوت في ضعفه ووهنه فليس في أيدي هؤلاء من آلهتهم إلا كمن يتمسك ببيت العنكبوت الضعيف الهش الذي هو أضعف بيتاً في الدنيا فلا يقي حراً ولا برداً . فكذلك عبادتهم للأصنام لا تنفعهم بخيرٍ أبداً في الدنيا ولن تنفعهم بخير أبداً في الآخرة ، وقد قال بعض العلماء عن بيت العنكبوت : ( إنه بيت بلا أساس ولا جدران ولا سقف ولا يمسك على أدون دفع كذلك الكافر لا أصل لشأنه ولا أساس لبنيانه )
وهذا مصداق قوله تعالى :
(أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) التوبة آية 109
وفي هذا المثل البليغ وما فيه من صورة أخّاذة قوية التأثير ، جعلت خيبة الظن أمراً يقع تحت الحس ويرى بالعين .
وفي هذا المثل أيضاً تقريع للمشركين في عبادتهم لأصنام لا تملك لهم ضراً ولا نفعاً ، قال تعالى :
(قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً ) الإسراء آية 56
وهذا غاية في حقارة الأصنام وعلى سخافة عقول عابديها .
المثل الثاني ( مثل الذباب) :
قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) الحج آية 73
هذا مثل ضربه الله في معبودات المشركين الضعيفة وأنها لو اجتمعت كلها على خلق ذباب واحدٍ على صغره وحقارته لعجزت جميعاً ، فكيف لهم بخلق ما هو أعظم وأبلغ قال تعالى :
(لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) غافر آية 57
ثم يثبت الله عجز آلهتهم (وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ) .
فكما أنهم عاجزون عن خلقه فهم كذا عاجزون عن مقاومته والإنتصار عليه ، فلو أخذ الذباب من طعامهم مقدارذرة لعجزوا عن استرداده منه ، وهذا أبلغ في التحدي وفي بيان هوان وضعف هذه الآلهة ، فكيف لأصنامهم على دفع الضر عن عابديها في الدنيا والآخرة وهي عاجزة عن مدافعة ذباب صغير حقير؟
ثم يختم الله المثل بقوله : (ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) ، الطالب : الصنم ، والمطلوب : الذباب .
ومن تأمل هذا المثل لوجد الصنم أضعف وأضعف ، فالذباب حيوان والصنم جماد والذباب غالب والصنم مغلوب .
المبحث الرابع :
تمثيل المشركين بالحيوانات
من عظمة هذا الكتاب العظيم أن الله رفع به أقواماً ووضع به آخرين ، وممن وضعوا حتى مثّلهم الله بأقبح الحيوانات وأضعفها وأحقرهاهم المشركون ، إذ مثل الله المشركين بالكلب والحمار والأنعام السائبة ، فجاءت هذه الصور حسب كل قوم تنبئ عن فساد عبادتهم وعظيم جرمهم وهذه بعض الأمثال التي مثل الله فيها المشركين بالحيوانات تحقيراً لهم وإذلالاً :
1) تمثيل المشركين بالحمار :
قال الله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }الجمعة آية 5.
هذا مثلٌ بليغ ضربه الله في اليهود ولمن سار على دربهم فحمل العلم في قلبه دون أن يعمل به فهذا مثله كمثل الحمار الذي يحمل كتباً على ظهره ليس له فيها فائدة غير الحمل كقول الشاعر :
كالعيس في البيداء يقتلها الضمأ
والماء فوق ظهورها محمول
فاليهود علموا فلم يعملوا فغضب الله عليهم ، والنصارى عملوا دون علم فضلوا ، والمسلم مأمور باجتناب كلا الفريقين المغضوب عليهم مع الضالين .
2) تمثيل المشركين بالكلب :
قال تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ* وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) الأعراف آية 175-176.
هذا مثل ضربه الله لمن آتاه علماً وهداية فأنحرف عن الجادة وأتبع هواه وضل عن سواء الصراط فمثّله الله بالكلب وهو أمهن الحيوانات وأرضاها بالجيف والدنايا وهذا مثل بليغ لمن آثر الدنيا على الآخرة وآثر الهوى على العلم والهدى ووجه الشبه فيهما بديع فذاك انسلخ من آيات الله واتبع هواه إيثاراً للدنيا على الآخرة وكذاك الكلب لا تتعدى همته إلا بطنه فإنْ تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث .
واللهث : النفس الشديد مع إخراج اللسان ، فالكلب في جوعه وشبعه سيّان لهثه حتى لو رميت له بحجر لأسرع إليه يشمه طمعاً ونهماً منه .
فما أبدع هذا المثل الذي صوّر العالم المنحرف بهذه الصورة المفزعة ، إن في ذلك لآيات لقوم يتذكرون .
المبحث الخامس
تمثيل المشركين في اعراضهم عن الهداية
لقد ضرب الله أمثالاً في إعراض المشركين عن سماع الهداية ونفورهم من الدعاة المخلصين ، فمثّلهم الله بالأنعام التي لم تعقل ما خلقت له ، ومثّلهم بالحُمر الوحشية في سرعة نفورها من أدنى خطر يقترب منها ، وهذا حال المشركين مع سماع الهداية يهربون منها كل الهرب وهذه أمثلة عليها :
1) تمثيل المشركين بالأنعام مع سماع الهدى :
قال تعالى : (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً) الفرقان آية 44.
هذا مثل ضربه الله في المشركين الذين لا يسمعون الهدى سماعاً ينتفعون ولا يفقهون ما أنزل الله فقلوبهم لا تعقل شيئاً وأبصارهم عمياء وأسماعهم عن السماع صماء كما قال تعالى : (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) الأعراف آية 179 .
ومن قوة الشبه بينهما قوله تعالى : ( بل هم أضل سبيلا ) ومع أن الأنعام خيرٌ منهم لأنها تعبد الله وتسبح بحمده كما قال تعالى : (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) الإسراء44.
وأن هذه الأنعام تعقل ما خلقت له وهؤلاء خلقوا لعبادة الله وحده وهم يعبدون غيره ، تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا .
وقد صدوا أنفسهم وغيرهم عن سماع الهدى كما قال تعالى : (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ) الأنعام آية 26 .
2) تمثيل المشركين بالحُمر الوحشية : قال تعالى : (فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ* كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ* فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ ) المدثر آية 49-51 .
هذا مثل آخر ضربه الله في المشركين مع سماعهم للهدى واعراضهم عنه وتصويرهم بالحُمر الوحشية الفارَّة ، فقد شبهم الله في اعراضهم ونفورهم بحمر وحشية رأت القسورة وهو الأسد أو الصياد ففرت منه بكل ما أوتيت من قوة فرار الهارب من الموت ، وهذا من بديع القياس والتمثيل فإن القوم في جهلهم بما بعث الله به رسله كالحُمر لا تعقل شيئا !! وهذا غاية الذم لهؤلاء فإنهم نفروا عن الهدى الذي فيه حياتهم وسعادتهم كنفور الحُمر المستنفرة وتحت المستنفرة معنى أبلغ من النافرة .
وفي قوله تعالى : ( مستنفرة ) دلالة بليغة ليس على مجرد النفور فقط بل استنفار بعضهم لبعض وتواطئهم على الفرار . وفي المثل صورة حسية بخطوطها ومجالها وما فيها من حركة ، إضافة إلى الصورة المعنوية المتمثلة في الذعر والهلع الذي لازم هؤلاء المعرضين
المبحث السادس
أمثلة متفرقة في المشركين
لقد ضرب الله سبحانه وتعالى في المشركين أمثالاً كثيرة ومتنوعة تناولت صوراً شتى وربما جاءت في كل صورة معانٍ وإشارات بليغة تتميز به كل صورة عن قرينتها وربما كمّلت إحداهن الأخرى ، فتظهر صورة واضحة مكبرة عن هؤلاء الأقوام ومن هذه الأمثال المتفرقة في المشركين :
1) تمثيل دعاء المشركين :
قال تعالى :( وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ ) [البقرة 171] .
جاء هذا المثل القرآني بتمثيل المشركين بالناعق وهو المصوت على الغنم بالصوت القوي والمنخفض وهي لا تفهم من صراخه وعويله شيئاً إلا مجرد الصراخ والكافر مثل هذه الأنعام في دعائه لأصنامه ، فهي لا تسمعه ولا تضره ولا تنفعه شيئاً ،وهذا مصداق قوله تعالى( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُوا مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ) الاحقاف ( 5) وفي هذا المثل صورة حية ناطقة تزيد المعنى وضوحاً وتؤثر في النفس ، إذ لا يقبل عاقل أن يحيا كبهيم .
وهذا أحد الأوجه التي فسّر بعض العلماء هذه الآية .
2) مثل الشركاء المتخاصمين :
قال تعالى :( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ )[الزمر29] .
هذا المثل الصريح الذي أظهر الله من خلاله فساد عقول هؤلاء المشركين وضعف تفكيرهم .
فهذا المثل العظيم إنما هو مثل للمشرك والموحد ، إذ مثّل الله لهم برجل مملوك لشركاء كثير متنازعون فيه كل وقت ، متخاصمون فيه كل حين .
هل يستوي هذا عقلاً ؟ مع رجل أمره بيد رجل واحد وكذا المشرك ينقِّل قلبه مع آلهة شتى ، فلا راحة يحلو بها ولا سعادة تصفو له ، بل هو دائم في نكد وتخبُّط مستمر .
بينما الموحد المسلم وجّه أمره كله لله وحده لا شريك له .
فهل يستوي هذا وهذا ؟
الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون
المبحث السابع
صور فنية من أمثال المشركين
من سمات وبلاغة هذا القرآن العظيم تصوير المعاني الذهنية والحالات النفسية بصور حسية حية ، تحضر وتتحرك أمام مرأى الإنسان ، وتعبر أمام خياله صوراً متحركة كأنها في شريط واحد تتحرك ، ومن هذه الصور المفعمة بالحيوية والحركة ، صورة نفرة المشركين مع سماع الهدى .
قال تعالى :
( فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ * فَرَّتْ مِن قَسْوَرَة ٍ)المدثر 49-51.
فهذه الصورة العجيبة تشترك فيها حاسة النظر وبلاغة الخيال وافتعال السخرية من هؤلاء المشركين الفارين من الهداية والنور ، كما تفر الحمر الوحشيه من الأسد ، والجمال يرتسم من حركة هذه الصورة التي تشرد فيه الحمر من القسورة .
والصورة الثانية التي أبرزت عجز أصنامهم وضعفها عن خلق أضعف المخلوقات وهو الذباب .
قال تعالى :( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ )[الحج73] .
يشخص هذا المعنى في هذه الصورة المتحركة وما فيها من جمال وحقيقة تظهر على محتويات تلك الصورة .
وفي الحركة التخيلية في محاولة الخلق وفي التجمع له ، ثم محاولة الطيران خلف الذباب لاستنقاذ ما سلبه منهم ، وهم وأصنامهم عاجزون حتى عن الاستنقاذ .
ويقول الأديب سيد قطب :( إن هذه المعاني الذهنية والحالات المعنوية لم تستبدل بها صورة فحسب ولكن اخترت لها صور حية وقيست بمقاييس حية ومرّت خلال وسط فني ) .
الخاتمــــــة
إن كتاب الله قد بلغ الغاية من البلاغة والإعجاز وليس بوسع أحد مهما بلغ من العلم والبلاغة أن يحيط بما يحويه كتاب الله من وجوه البلاغة والإعجاز .
وغاية ما توصل إليه هذا البحث المتواضع أنه وقف على شيء يسير من وجوه البلاغة والإعجاز في كتاب الله العظيم بالوضوح والبيان في المعاني والثراء في الفوائد والدروس .
والجمال في المثل والصورة والدقة في إبرازها لأحوال المشركين .
وبيان فساد عقولهم وعباداتهم .
وبشاعة صورهم وضعف آلهتهم .
وما من شك أن كل هذا يفسّر عظمة القرآن وقوة إقناعه للعقول وهدايته للقلوب .
كما أنه خليق بالمسلم أن يحلِّق بقلبه دائماً في فضاء أسراره وأخباره ، وأن يغوص في بحر إعجازه وبلاغته حتى يعيش في ظل هدايته ، فيسعد بنعيم الدنيا والآخرة .
أهم نتائج البحث :
لقد حوى كتاب الله بلاغة وإعجازاً لا تنفد ولا تقف عند حدٍ معين ، وأهمها في هذا البحث :
1) عظمة أمثلة القرآن وقوة تأثيرها وصدق صورها وغزارة فوائدها وعبرها .
2) بيان فساد عبادة المشركين وضعف آلهتهم وبشاعة الصور التي مُثّلوا بها .
3) صدق وتنوع الصور في أمثلة القرآن الكريم وبليغ أثرها على النفس .
4) تشابه هذه الأمثال ودقة التصوير فيها ، للمشركين في كل زمان ومكان وقديماً وحديثاً.
5) تناولت هذه الأمثال كل صور المشركين في الدنيا والآخرة .
التوصيـــــــات
يوصي الباحث في ختام بحثه ببعض الوصايا ومنها :
1) وصية المسلمين عامة بالعودة إلى كلام ربهم الذي فيه الخير لهم في الدنيا والآخرة .
2) حث الخطباء والدعاة على الاستفادة من أمثال القرآن في رسالتهم الدعوية .
3) دعوة القائمين على المؤسسات الدعوية والخيرية والإنسانية والتعليمية إلى الاهتمام بالقرآن بحثاً ودراسة .
4) فتح الطريق أمام القرآن في البيوت والمدارس والجامعات ليكون هو المربي الأول .
5) دعوة للباحثين والدارسين إلى تيسير علوم القرآن عامة وتقديمها تقديماً سهلاً ليخرج للعالم كله داعياً ومنقذاً ومحرراً .
المراجـــــع
الفهارس
1) فهرس الآيات .
2) فهرس الأحاديث .
3) فهرس التراجم .
4) فهرس الموضوعات .
المراجع أبجدياً حسب المؤلف
* القرآن الكريم
* أحمد بن محمد طاحون [ امثال ونماذج بشرية من القرآن العظيم ] الطبعة الثانية ـ القاهرة ـ مكتبة التراث الإسلامي 1993م
* اسماعيل بن كثير القرشي [ تفسير القرآن العظيم ] الطبعة الثامنة ـ بيروت ـ مؤسسة الريان 2003م
* جلال الدين السيوطي [ الإتقان في علوم القرآن ] الطبعة الثانية ـ بيروت ـ دار إحياء العلوم 1416هـ
* جمال الدين بن الجوزي [ نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر ] الطبعة الأولى ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت 1984م
* سيد قطب [ التصوير الفني في القرآن ] الطبعة الثامنة بيروت ـ دار الشروق 1983م
* صالح بن فوزان الفوزان [ كتاب التوحيد ] الطبعة الثانية ـ الرياض ـ مكتب الأثير 1414هـ
* عبد الرحمن النحلاوي [ أصول التربية الإسلامية وأساليبها ] الطبعة الثانية ـ دمشق ـ دار الفكر 1983.
* د/ عبدالمجيد محمود عبدالمجيد [ نظرات فقهية وتربوية في أمثال الحديث ] الطبعة الثانية ـ جدة ـ مكتبة السوادي 1992م.
* فخر الدين بن الزبير المحسي [ في رحاب أمثال القرآن ] الطبعة الأولى ـ الإمارات المتحدة ـ وزارة الإعلام 2005م .
* محمد فؤاد عبدالباقي [ اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان ] الجزء الأول ـ دار الجيل ـ بيروت 1986م.
* محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية [ اعلام الموقعين عن رب العالمين ] الطبعة الثانية ـ بيروت ـ دار الكتاب العربي 1418هـ
* محمد ناصر الألباني [ سلسلة الأحاديث الصحيحة ] الطبعة الجديدة ـ مكتبة المعارف ـ الرياض 1415هـ.
* ملك حسن بخش [ أسرار التنوع في تشبيهات القرآن الكريم ] الطبعة الأولى ـ جدة ـ دار المجتمع 1993م .
* منّاع القطان [ مباحث في علوم القرآن ] الطبعة الأولى ـ الرياض ـ مكتبة المعارف 1992م .
* يحيى بن شرف الدين النووي [ المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج ] الطبعة الأولى ـ دار الخير ـ بيروت 1414هـ .
الفهارس
1) فهرس الآيات
2) فهرس الأحاديث
3) فهرس التراجم
4) فهرس للموضوعات
فهرست الآيات القرآنية حسب ورودها في البحث
م بداية الآية اسم السورة رقم الآية رقم الصفحة
1 ومن يعمل سوءً النساء 123 7
2 لا فارضٌ ولا بكرٌ عوان بين ذلك البقرة 68 7
3 هل جزاء الإحسان إلا الإحسان الرحمن 60 7
4 مثلهم كمثل الذي استوقد البقرة 17-20 8
5 إن هذا القرآن يقص النمل 76 8
6 إنما مثل الحياة الدنيا يونس 24 9
7 وأضرب لهم مثل الحياة الدنيا الكهف 45 9
8 الم تر أن الله أنزل الزمر 21 9
9 اعلموا أنما الحياة الدنيا الحديد 20 9
10 ولا يغتب بعضكم بعضا الحجرات 12 9
11 الذين يأكلون الربا البقرة 275 9
12 مثل الذين ينفقون أموالهم البقرة 261 10
13 ومثل الذي ينفقون أموالهم البقرة 265 10
14 وأضرب لهم مثلاً رجلين الكهف 32 10
15 محمد رسول الله الفتح 29 10
16 أنزل من السماء ماءً الرعد 17 10
17 ألم تر كيف ضرب الله ابراهيم 24-26 11
18 وتلك الأمثال نضربها العنكبوت 43 12
19 ولقد ضربنا للناس الزمر 27 12
20 وتلك الأمثال نضربها الحشر 21 12
21 مثل الفريقين هود 24 15
22 أم تحسب أن أكثرهم يسمعون الفرقان 44 15
23 وما يستوي الأعمى فاطر 19-22 15
24 لئن أشركت الزمر 65 16
25 مثل ما ينفقون في هذه الحياة آل عمران 117 16
26 يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا البقرة 264 16
م بداية الآية اسم السورة رقم الآية رقم الصفحة
27 والذين كفروا أعمالهم كسراب النور 39 16
28 والذين كفروا أعمالهم كرماد ابراهيم 18 16
29 وما منعهم أن تقبل التوبة 54 16
30 مثل الذين اتخذوا من دون الله العنكبوت 41 17
31 فمن أسس بنيانه التوبة 109 17
32 قل ادعوا الذين زعمتم الأسراء 56 17
33 يا أيها الناس ضرب مثل الحج 73 18
34 لخلق السموات والأرض غافر 57 18
35 مثل الذين حملوا التوراة الجمعة 5 18
36 وأتل عليهم نبأ الذي الأعراف 175-176 19
37 أم تحسب أن أكثرهم الفرقان 44 19
38 ولقد ذرأنا لجهنم الأعراف 179 20
39 وإن من شيء الأسراء 44 20
40 وهو ينهون عنه الأنعام 26 20
41 فما لهم عن التذكرة المدثر 49 20
42 ومثل الذين كفروا البقرة 171 21
43 ومن أضل ممن يدعو من دون الله الأحقاف 5 21
44 ضرب الله مثلاً رجلاً الزمر 29 21
45 فما لهم عن التذكرة المدثر 49-51 21
46 يا أيها الناس ضرب مثل الحج 73 21
فهرس الأحاديث أبجدياً
م بداية الحديث التخريج رقم الحديث رقم الصفحة
1 الحياء من الإيمان مسلم 36 11
2 الكلمة الطيبة مسلم 2224 12
3 المرء مع البخاري 1694 11
4 دع ما يريبك النسائي والترمذي 5700-2520 11
5 لا ضرر ولا ضرار ابن ماجه 2341 11
6 لا يلدغ المؤمن البخاري 1887 11
7 مثل الجليس الصالح مسلم وغيره 2628 12
8 نزل القرآن الألباني في الصحيحة 587 13
فهرست التراجم حسب ورودها في البحث
الرقم العلـــــــــــــــــــم الصفحــــــة
1 ابن قتيبة 6
2 السيوطي 6
3 الأصبهاني 8
4 القواريري 8
5 الماوردي 8
6 ابن القيم 8
7 الزركشي 8
8 الترمذي 11
9 ابن العربي 11
10 سيد قطب 22
فهرست الموضوعات
الموضوع رقم الصفحة
شكر وتقدير 1
المقدمة 2-4
الفصل الأول 5 - 13
المبحث الأول : تعريف المثل لغة واصطلاحا 6
المبحث الثاني : تعريف الشرك وأنواع المشركين 7
المبحث الثالث : الأمثال القرآنية 8
المبحث الرابع : الأمثال النبوية 11
المبحث الخامس : فوائد الأمثال 12
الفصل الثاني 14 - 22
المبحث الأول : تمثيل المشركين في القرآن 15
المبحث الثاني : تمثيل أعمال المشركين 16
المبحث الثالث : تمثيل معبودات المشركين 17
المبحث الرابع : تمثيل المشركين بالحيوانات 18
المبحث الخامس : تمثيل المشركين مع الهداية 19
المبحث السادس : أمثلة متفرقة في المشركين 20
المبحث السابع : صور فنية من أمثال المشركين 21
الخاتمة 23
النتائج 24
التوصيات 24
فهرست الآيات 26
فهرست الأحاديث 28
فهرست التراجم 28
فهرست الموضوعات 29
كليه الآداب
قسم اللغة العربية
التصوير القرآني لأمثال المشركين
بحث للحصول على درجة البكالوريوس فى اللغة العربيه
إعداد الطالب
ابوسعدالنشوندلي
إشراف الدكتور
يوســــف سلــــــمان
1428هـ ـ 2007م
مقدمــــــــــة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
أما بعد :
فإن الأمثال التي ضربها الله في كتابه في المشركين, وما فيها من صور فنية وفوائد تربوية, لجديرة بالدراسة والبحث حتى نقف على بعض ما في كتاب الله من الإعجاز والبلاغة في ألفاظه ومعانيه ومن أجل استخلاص الحكم والدروس من هذه الأمثال, لذا سيُظهرهذا البحث بعضاً من هذه الصور والفوائد التي حفل بها القرآن ويتلخص عمل الباحث من خلال الآتي :ـ
أولاً : مشكلة البحث :ـ
ما الأمثال التي ضربها الله في كتابه للمشركين في أحوالهم المختلفة ؟
وما أثر الأسلوب التصويري في تجسيد هذه الصورة وإبرازها ؟
ثانيا : تساؤلات البحث :ـ
س1) ما تعريف الشرك؟ ومن هو المشرك ؟
س2) ما المقصود بالمثـل ؟ وما أثره على المعنى ؟
س3) ما أنواع الأمثال التي ضربها الله في المشركين ؟
س4) ما فوائد أمثال القرآن الكريم ؟
س5) ما أوجه التناسب بين هذه الأمثال وأحوال المشركين المختلفة ؟
ثالثا : أهداف البحث :ـ
1) دراسة بقدر المستطاع الأمثال التي ضربها الله في المشركين وأوجه
التناسب مع أحوالهم المختلفة .
2) معرفة الأوجه البلاغية و الإعجازية في هذه الأمثال .
3) إلقاء الضوء على الفوائد والأهداف التربوية والعلمية والدعوية في هذه الأمثال .
رابعا : أهميه البحث :ـ
هذا الموضوع له بالغ الأهمية من الناحية العلمية والعملية وذلك للأسباب الآتية:
1) ارتباط هذا البحث بكتاب الله العظيم .
2) أما الأهمية العلمية فتبرز في كونه يضع بين يدي القارئ جملة من الأمثال
التي ضربها الله للمشركين ويحاول أن يقارب بين صورها وأحوالها المختلفة
3) أما الأهمية العلمية فتظهر في كونه يساعد القارئ على فهم وتذوق بعض
الأوجه البلاغية والمعاني الإعجازية للقرآن الكريم .
4) كما أنه قد يحفز الباحثين نحو مزيد من العناية بالقرآن تلاوة وحفظاً ودراسة
وبحثاً .
خامساً : أسباب اختيار البحث :
1)طلب الأجر من الله من خلال الكتابة والبحث حول كتابه الكريم .
2) رغبة النفس في خدمة القرآن الكريم وعلومه .
3) سهولة الحصول على المصادر من مكتبات المساجد القريبة .
سادساً : منهج البحث :ـ
سيعتمد الباحث في بحثه على المنهج الوصفي الذي يجمع البيانات ثم وصفها كمًّا وكيفا ويظهر هذا كله من خلال ما يأتي :ـ
1) جمع آيات الأمثال وتبويبها حسب موضوعاتها .
2) دراستها في ضوء الدراسات السابقة .
3) استخلاص الحقائق والمعلومات من النتائج .
4) وصفها وعرضها في تبويب مناسب .
سابعاً : الدراسات السابقة :ـ
لقد سبقت دراسات سابقة وحديثة تناولت أمثال القرآن عامه وتناول بعضها الصور الفنية خاصة ، ومن هذه الدراسات :ـ
1) الصورة الفنية في المثل القرآني محمد حسين الصغير
2) أمثال القرآن محمود الشريف
3) من أمثال القرآن محمد متولي الشعراوي
4) الأمثال القرآنية عبد الرحمن حنبكه
5) أمثال القرآن إبن قيم الجوزية توفي 751هـ
6) الدررالفاخرة فى الأمثال السائرة حمزة بن الحسن الأصبهاني توفي 351هـ
7) أمثال القرآن إبراهيم بن محمد عرفه توفي 323هـ
8) أمثال القرآن للجنيد محمد القواريري توفي 298هـ
ثامناً : حدود البحث :ـ
لا يرتبط هذا البحث بحدود زمانية أو مكانية أو بشرية كونه يرتبط بالقرآن غير أنه يتحدد من الناحية الموضوعية في أمثال المشركين في القرآن .
تاسعاً: إسلوب جمع البيانات :ـ
سيعتمد الباحث في جمع بياناته على الملاحظة وتحليل المضمون فقط .
عاشراً : تقسيم البحث :ـ
سيكون التقسيم للبحث حسب الأتي :
أولاً : المقدمة ، وتشمل الفصل التمهيدي .
ثانياً : الفصل الأول {الأمثال القرآنية فى القرآن والسنة }
المبحث الأول :ـ تعريف المثل لغة واصطلاحاً .
المبحث الثاني :ـ تعريف الشرك وأنواع المشركين .
المبحث الثالث :ـ الأمثال القرآنية .
المبحث الرابع :ـ الأمثال النبوية .
المبحث الخامس :ـ فوائد الأمثال .
ثالثاً : الفصل الثاني : {التصوير القرآني لأمثال المشركين }
المبحث الأول :ـ تمثيل المشركين في القرآن .
المبحث الثاني :ـ تمثيل أعمال المشركين .
المبحث الثالث :ـ تمثيل معبودات المشركين .
المبحث الرابع :ـ تمثيل المشركين بالحيوانات .
المبحث الخامس :ـ تمثيل المشركين في إعراضهم عن الهداية .
المبحث السادس :ـ أمثله متفرقة في المشركين .
المبحث السابع :ـ صور فنية من أمثال المشركين .
رابعاً : الخاتمة وفيها النتائج والتوصيات
خامساً : الفهارس ويشمل فهرس الآيات والأحاديث وتراجم الأعلام والموضوعات .
قائمه بالمراجع الأوليه :ـ
1) القرآن الكريم
2) أمثال ونماذج بشرية من أمثال القرآن أحمد طاحون
3) أعلام الموقعين إبن قيم الجوزية
4) الإتقان في علوم القرآن جلال الدين السيوطي
5) التصوير الفني في القرآن سيد قطب
6) نظرات فقهيه وتربوية من أمثال القرآن عبد المجيد محمود عبد المجيد
7) أسرار التنوع في تشبيهات القرآن ملك حسن بخش
8) مباحث في علوم القرآن مناع القطان
كتبه:
ابوسعدالنشوندلي
حضرموت [email protected]
الفصل الأول
الأمثال في القرآن والسنة
المبحث الأول : تعريف المثل لغة واصطلاحاً وأنواعه
المبحث الثاني : تعريف الشرك وأنواع المشركين
المبحث الثالث : الأمثال النبوية
المبحث الخامس فوائد الأمثال
الفصل الأول
الأمثال في القرآن والسنة
المبحث الأول : تعريف المثل لغة واصطلاحاً وأنواعه
المثل لغة : قال ابن قتيبة : المثل : الشبه ، يقال هذا مثل هذا ومثله كما يقال : شبه الشيء وشبهه .
والمثل : العبرة ، والمثل : الصفة
المثل اصطلاحاً : إبراز المعنى في صورة رائعة موجزة لها وقعها في النفس سواء أكانت تشبيهاً أو قولاً أو مرسلا
وحيث أن هذا البحث المتواضع يتعلق بأمثال القرآن فقط ، فيليق بنا أن نتعرف على أنواع أمثال القرآن حتى تتضح الصورة ، ويتسع الإدراك في فهم أمثال القرآن الكريم .
أنواع أمثال القرآن :
ذهب بعض العلماء ومنهم السيوطي في كتابه ( الإتقان ) إلى أن أمثال القرآن نوعان هما :
1) ظاهر مصرح به
2) كامن لا ذكر للمثل فيه
وذهب بعض العلماء إلى أن أمثال القرآن ثلاثة أنواع مضيفين إلى ما سبق ذكره :
3) الأمثال المرسلة .
وجدير بنا أن نذكر نبذة بسيطة عن كل نوع منهما مبتعدين عن الإطالة .
أولاً / الأمثال المصرحة : وهي ما صُرّح فيها بلفظ المثل أو ما يدل عليه وهي كثيرة في القرآن وستكون أمثال المشركين في هذا البحث ضمن هذا النوع .
ثانياً / الأمثال الكامنة : وهي عكس الأولى ، إذا لم يصرّح فيها بلفظ المثل وتدل على معانٍ بليغة موجزة ومنها على سبيل المثال :
1) في أمثال العرب ( كما تدين تدان ) وفي القرآن مثله في قوله تعالى : (ومَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ ) النساء آية123 .
2) وقولهم ( خير الأمور أوساطها ) وهذا في قوله تعالى : (لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ) البقرة آية 68 .
ويرى بعض الباحثين المعاصرين أن هذا النوع والذي بعده ( الأمثال المرسلة ) ليست داخلة في الأمثال لخلوهما من وجه المشابهة بين المثل والممثل له .
ثالثاً / الأمثال المرسلة : وهي جمل أرسلت إرسالاً من غير تصريح بلفظ التشبيه فجرت مجرى الأمثال .
وقد عقد لها جعفر بن شمس الخلافة في كتاب الآداب (باباً في ألفاظ من القرآن جارية مجرى المثل ) وهذه بعضاً منها :
1) الآن حصحص الحق .
2) ضعف الطالب والمطلوب .
3) أليس الصبح بقريب ؟
4) هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟
وقد رأى بعض العلماء كراهية استعمال هذا النوع استعمال المثل ورأوا فيه خروجاً عن أدب القرآن الذي أنزله الله للعمل والتدبر لا ليتمثل به .
المبحث الثاني
تعريف الشرك وأنواع المشركين
الشرك لغة : قال ابن قتيبة : الشرك في اللغة مصدر شركته في الأمر أشركه .
الشرك اصطلاحاً : هو جعل شريك لله تعالى في ربوبيته وإلّهيته .
وقد قسم بعض العلماء الشرك إلى نوعين هما :
1) الشرك الأكبر : وهو صرف أي عبادة لغير الله ، وصاحبه في جهنم وبئس المصير وهذا النوع من المشركين سيكون محور دراستنا في هذا البحث .
2) الشرك الأصغر: وهو شرك ظاهر في الألفاظ والأفعال كالحلف بغير الله مثلاً ويضاف له الشرك الخفي وهو الرياء الذي يحبط الأعمال الصالحة ، وهذا النوع ليس محور بحثنا لأن أصحابه لا يخرجون عن دائرة الإسلام .
المبحث الثالث
الأمثــــــــال القرآنيــــــــة
إن الله سبحانه وتعالى ذكر في كتابه أمثالاً شتى في مواضيع مختلفة وفي أقوام كُثر ، وقد عدّ بعض العلماء ما في القرآن من أمثال فأوصلها إلى بضعة وأربعين مثلاً وبعضهم أوصلها إلى ألف مثل معتمدين على قول عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ( عقلت عن رسول الله ألف مثل ) .
وقد تسابق العلماء في جمعها وكتابتها ، فمنهم من أفردها بالتأليف كالأصبهاني والقواريري والماوردي ومنهم من عقد لها باباً في كتبه كالسيوطي في الإتقان وابن القيم في أعلام الموقعين والزركشي .في البرهان.
أمثال القرآن : تناولت أمثال القرآن مواضيع متعددة وصوراً مختلفة ونماذج بشرية كثيرة منها :
أ) الأصناف العامة : وقد ضرب الله بعض هذه الأمثال في أصناف عامة من البشر كالكافرين والمؤمنين والمنافقين الذين ذكر الله فيهم أول أمثال القرآن وهما المثل الناري والمائي في مطلع سورة البقرة وذلك في قوله تعالى : (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ * صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ* أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ واللّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ* يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ* ) البقرة آية 17-20
ومنهم اليهود ، ضرب الله فيهم أمثلة في كتابه وهذا مصداق قوله تعالى : (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) النمل (76)
وسوف نقف على بعض هذه الأمثلة في اليهود في الفصل الثاني من هذا البحث .
ب) الحياة الدنيا : لقد ضرب الله أصدق الأمثلة في الحياة الدنيا ، حتى لا يغتر مسلم بها ولا ينخدع وراء سرابها المزوَّر ، وليحذر منها غاية الحذر ، وإنها متاع الغرور ، وقد جاءت أمثال الحياة الدنيا في القرآن في أربع سور لا خامسة لها وهي كالأتي :
1) سورة يونس : في قوله تعالى : (إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) يونس (24)
2) سورة الكهف : في قوله تعالى (وأضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً) الكهف (45)
3) سورة الزمر : في قوله تعالى : (َألمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ) الزمر (21)
4) سورة الحديد : في قوله تعالى : (عْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) الحديد (20)
ويجمع هذه الأمثال الأربعة على أن حقيقة الحياة الدنيا فانية وزائلة ، وأنها مهما أزينت وتجمّلت فإن مصيرها كمصير غيث أنبت الله به نباتاً حسناً فأغتر الكفار بمنظره فبعث الله عليه عاهة فهاج وأصفر وصار حطاماً بعد أن كان أخضراً براقا
ج) الصفات القبيحة : لقد ضرب الله أمثالاً في بعض الصفات القبيحة وصورها في صور بشعة تنفر منها النفوس السليمة ، ومن هذه الصفات القبيحة :
1) الغيبة قال تعالى : (ا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ ) الحجرات (12) .
2) ومنها الربا ، قال تعالى : (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) البقره(275)
د)الصفات الحميدة : إنّ الله سبحانه وتعالى ضرب أمثالاً في الصفات الحميدة التي يحبها ترغيباً فيه وثناءً على أصحابها ، ومن هذه الصفات :
صفة الإنفاق والبذل : قال تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) البقرة (261) .
وفي آية أخرى قال تعالى : (وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَتَثْبِيتاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) البقرة (265)
وفي هذه الأمثال صورٌ بديعة المعنى عجيبة النظم تظهر واضحة جليّة في هذا التشبيه وفي هذه الأمثال
هـ ) نماذج بشرية خاصة : النماذج البشرية التي خصها الله بالأمثال في كتابه على نوعين :
1) النوع الكافر المشرك : وسنأتي على ذكر بعض منها في الفصل الثاني .
وصاحب الجنتين في سورة الكهف دليل عليها( وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً){32} ومنهم كذلك امرأة نوح وامرأة لوط في سورة التحريم .
2) النوع المؤمن : وهم كُثر ذكرهم الله في كتابه غير أننا نختار منهم نموذجاً واحداً هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذين ضرب الله فيهم أصدق وأكمل الأمثلة ليس في القرآن فحسب بل وفي التوراة والإنجيل .
قال تعالى : (ُّمحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) الفتح (29) .
ويظهر في هذا المثل الصورة البديعة التي قربت المعنى وجلّته جليّاً بهذا الوصف الذي وصف الله به أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم بالزرع الحسن .
و) الحق والباطل : ضرب الله في كتابه بعض الأمثلة في الحق وهو التوحيد مع نقيضه الباطل وهو الشرك ، جاءت هذه الأمثال في صورٍ متعددة وهذه بعضاً منها :
1) المثلين المائي والناري : قال الله تعالى : (أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ ) الرعد (17).
وفي هذا التمثيل البديع مثّل القلوب بالأودية وكما أن الماء حياة للأرض فالإيمان حياة للقلب وشبه الباطل بالزبد الذي سرعان ما يذهب مع جنده الغثائية ولا يبقى ثابتاً إلا الحق وأهله .
وأما المثل الناري ففي قوله تعالى : (وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ...) ، وكما أن الخبث يخرج من الذهب والفضة عند إذابته في النار فتصفيه من شوائبه فكذلك قلب المؤمن يصفية الإيمان من الشهوات والشبهات
2) الكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة : ضرب الله مثلاً عظيماً في الكلمة الطيبة وهي كلمة التوحيد ( لا إله إلا الله ) ومثلاً آخر في الكلمة الخبيثة وهي كلمة الشرك فقال تعالى (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ* وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ).إبراهيم24-26
المبحث الرابع
الأمثال النبوية
كما حفل القرآن الكريم بالكثير من الأمثلة البليغة فكذلك السنة النبوية الصحيحة اشتملت على أمثلة كثيرة في مواضيع متفرقة ، وقد تسابق العلماء في جمعها وكتابتها وكان أبو عيسى الترمذي له قصب السبق في جامعه ، إذ بوّب لها باباً خاصاً ، قال عنه ابن العربي :(لم أر من أهل الحديث من صنف فأفرد للأمثال باباً غير أبي عيسى ولله دره لقد فتح باباً وبنى قصراً أو داراً،ولكنه اختطَّ خطاً صغيراً فنحن نقنع به ونشكره عليه ) . وقد جمع الترمذي في جامعه 14 حديثاً .
وقد تناولت هذه الأمثال مواضيع كثيرة كالأخلاق والعقيدة والنصيحة والمواعظ ....
وقد قسّم بعض العلماء الأمثال النبوية إلى نوعين هما :
أ) المثل الموجز السائر : وهي عبارات بليغة موجزة جرت مجرى الأمثال ومنها على سبيل المثال :
1) لا ضرر ولا ضرار
2) دع ما يريبك إلى ما لا يريبك
3) المرء مع من أحب
4) لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين
5) الحياء من الإيمان
6) الكلمة الطيبة صدقة
ب) المثل القياسي : ويكون فيه لفظ الحديث ( مثل كذا ) أو ( كمثل كذا ) وهي كثيرة كذلك ونكتفي بنموذج واحد منها :
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير ، فحامل المسك أما أن يحذيك وأما أن تبتاع منه وأما أن تجد منه ريحاً طيبة ، ونافخ الكير أما أن يحرق ثيابك وأما أن تجد منه ريحاً خبيثة )
في هذا الحديث يعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صورتين متقابلتين كأنها ماثلتين أمام أعيننا نابضتين بالحياة .
1) الصورة الأولى : صورة الجليس الصالح الذي مثّله الرسول بحامل المسك ، والذي تنبعث منه دائماً رائحة طيبة ، تفيض منه وينشرها على من حواليه فكل من جالسه استمتع بأريج عطره ، فكذلك الجليس الصالح خيراً على نفسه وجلسائه أينما حل ورحل .
2) الصورة الثانية : صورة جليس السوء الذي مثّله الرسول بنافخ الكير وهو الحداد الذي يضرب الحديد فأما أن يحرق ثياب جليسه ، وأما أن يمتلئ المكان بروائحه الكريهة فيصيب من بجانبه ، وكذلك الجليس السوء يعود شره ليس على نفسه فحسب بل وكذلك على جلسائه . وقد صدق القائل :
وأحذر مصاحبة اللئيم فإنه يعدي **** كما يعدي الصحيحَ الأجربُ
المبحث الخامس
فوائــــــــــــد الأمثــــــــــــــال
إن الأمثال التي ضربها الله في كتابه لم تكن عبثاً ولم تكن ضرباً من ضروب التسلية ، بل جاءت لحكم وفوائد كثيرة ، علمها من علمها وجهلها من جهلها ، وهذا يدعونا إلى أن نذكر بعض هذه الفوائد :
1) الدعوة إلى الفهم والعلم ، قال تعالى : (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ) العنكبوت (21)
2) الدعوة إلى التفكر والتذكر قال تعالى : (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) الحشر آية 21
وقال تعالى : (وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) الزمر آية 27
3) أخذ العبرة منها قال صلى الله عليه وسلم : ( كان الكتاب الأول ينزل في باب واحد على حرف واحد ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف ، زجر وأمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال ، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه وافعلوا إن أُمرتم به وانتهوا عما نهيتم عنه واعتبروا أمثاله وأعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه ، قولوا أمنا به كل من عند ربنا )
3) ومن فوائدها على المعنى أنها تبرزه وتُظهر المعقول في صورة مجسمة وتقدّم المعنوي في ثوب محسوس وتفصّل المجمل وتوضح المبهم
4) ومن فوائدها على الإنسان في حياته أنها تسعى إلى إصلاح النفوس وصقل الضمائر وتهّب الأخلاق وتصحح العقائد وتنّور الأبصار .
5) إن الله ما أكثر منها في كتابه وفي سائر كتبه إلا لأهميتها وعظيم فوائدها وفي الإنجيل سورة تسمى الأمثال غير أن أمثال القرآن أبلغ وأعظم .
6) وكذلك من فوائدها أن لها غايات نفسية تربوية فالأمثال القرآنية والنبوية لها دوافع تحرّك الوجدان فتدفعها إلى عمل الخيرات وتهذب النزعات الشريرة .
7) حسن التشبيه فيها وقوة الصور البلاغية والفنية مع أسلوب الحوار الخطابي وفيها نمطاً متجدداً للحجة والإقناع .
وهذه بعض فوائد الأمثال بالإضافة إلى فوائد كثيرة لم نذكرها مخافة الإسهاب .
الفصل الثاني
التصوير القرآني لأمثال المشركين
المبحث الأول : تمثيل المشركين في القرآن
المبحث الثاني : تمثيل أعمال المشركين
المبحث الثالث : تمثيل معبودات المشركين
المبحث الرابع : تمثيل المشركين بالحيوانات
المبحث الخامس : تمثيل المشركين في إعراضهم عن الهداية
المبحث السادس : أمثلة متفرقة في المشركين
المبحث السابع : صور فنية من أمثال المشركين
المبحث الأول
تمثيل المشركين في القرآن
بعد أن عرفنا في الفصل الأول أنواع وفوائد أمثال القرآن عامة ، تمهيداً لهذا الفصل الثاني ، فإننا سنحاول في هذا الفصل أن نتناول الأمثال التي ضربها الله في المشركين خاصة ، ولسنا ندّعي – بالطبع – الإلمام بكل دقائقها وتفصيلاتها في هذا البحث المتواضع ، ولكنه جهد المقل .
وقد جاءت هذه الأمثال مشبهة الكافرين بأبشع الصور الخَلقِية والخُلقية ، لتكشف عن فساد الباطن والظاهر ، ومن هذه الأمثال :
قال تعالى : (مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ) هود آية 24
ووصف الله هؤلاء المشركين بإعاقات خُلُقية فيهم مثل العمى والصمم في هذا المثل ونقصان العقل في آية أخرى قال تعالى : (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ) الفرقان آية 44 .
وفي الجانب المعاكس وصف الله المؤمنين بأوصاف الكمال وما بين الأعمى والبصير والأصم والسميع فرقٌ كبيرا وكذلك مثل المشرك والمؤمن وفي هذا إشارة بليغة إلى أن العمى الحقيقي هو عمى البصيرة لا عمى البصر .
فهؤلاء الأقوام فقدوا أداة استقبال المرئيات والمسموعات ، ويؤكد هذا المعنى قوله تعالى : (وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ* وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ) فاطر آية 19-20.
فهل يستوي الفريقان ؟ والجواب : لا يستويان أبداً . وختم الله الآية بقوله ( أفلا تذكرون )
وإن المقابلة بين الفريقين في الآية الكريمة تزيد المعنى وضوحاً وبروزاً ، مع ما في هذا التصوير من روعة وجمال وما في التعبير من إيجاز وإعجاز .
المبحث الثاني
تمثيل أعمــــال المشركيــــن
لقد مثّل الله في كتابه أعمال المشركين التي يرونها نافعة لهم كالنفقة مثلاً ، بأنها لا تنفعهم في الدنيا والآخرة أبداً ، ولن تزيدهم حسنة واحدة ، لأن الشرك بالله لا ينفع معه صالح عمل ، وهو سبب الهلاك في الدنيا والآخرة .
قال تعالى : (لئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ في الاخرةمِنَ الْخَاسِرِينَ) الزمر آية 65
ومن أعظم أعمال المشركين التي يؤملون فيها ويرونها صالحة طيبة ( الإنفاق والبذل) .
1) تمثيل نفقات المشركين بصور متفرقة :
قال تعالى : (َمثلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هِـذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلَـكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) آل عمران آية 117
وقال تعالى : (أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) البقرة آية 264
وقال تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) النور آية 39
وقال تعالى : (مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ ) إبراهيم آية 18
هذه أمثلة ضربها الله في نفقات المشركين التي لا أجر فيها ولا ثواب ، بل يجعلها الله هباءً منثورا ، قال تعالى :
(وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً) الفرقان آية 23
وقد شبّه الله أعمال المشركين في الآيات السابقة بصور متعددة في حبوطها فمرة بالريح العاصف ، ومرّة بالرماد ، ومرة بالسراب ، ومرة بالحجر الصفوان الذي عليه تراب فأصابته مطر فتركته أملساً ناعماً لا تراب عليه .
وفي هذه الصور المتفرقة توضيح للمعنى وإجلاء للفكرة ، تبرز فيها فساد أعمال المشركين وذهاب نفقاتهم أدراج الرياح .
قال تعالى :
( وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ )التوبة آية 54.
المبحث الثالث
تمثيل معبودات المشركين
لم يكتف القرآن بتمثيل المشركين الضالين فحسب بل تعدّاه إلى تمثيل آلهتهم ومعبوداتهم التي صدتهم عن عبادة الله وحده ، وعن دعوة المرسلين ، وقد ضرب الله أمثالاً في معبوداتهم التي تعلّقوا بها في الدنيا مع عجزها وضعفها ، فلا هي تنفعهم في الدنيا بخير أو دفع ضر ، ولا هي تنجّهم في الآخرة من عذاب الله وناره ، فهم في كلا الدارين خاسرون وعبادتهم تذهب هباءً منثورا .
المثل الأول : مثل العنكبوت :
قال الله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) العنكبوت آية 41
هذا مثل ضربه الله للمشركين الذين يرجون نصرهم ورزقهم من أصنام صماء جماد ، فهم في ذلك كبيت العنكبوت في ضعفه ووهنه فليس في أيدي هؤلاء من آلهتهم إلا كمن يتمسك ببيت العنكبوت الضعيف الهش الذي هو أضعف بيتاً في الدنيا فلا يقي حراً ولا برداً . فكذلك عبادتهم للأصنام لا تنفعهم بخيرٍ أبداً في الدنيا ولن تنفعهم بخير أبداً في الآخرة ، وقد قال بعض العلماء عن بيت العنكبوت : ( إنه بيت بلا أساس ولا جدران ولا سقف ولا يمسك على أدون دفع كذلك الكافر لا أصل لشأنه ولا أساس لبنيانه )
وهذا مصداق قوله تعالى :
(أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) التوبة آية 109
وفي هذا المثل البليغ وما فيه من صورة أخّاذة قوية التأثير ، جعلت خيبة الظن أمراً يقع تحت الحس ويرى بالعين .
وفي هذا المثل أيضاً تقريع للمشركين في عبادتهم لأصنام لا تملك لهم ضراً ولا نفعاً ، قال تعالى :
(قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً ) الإسراء آية 56
وهذا غاية في حقارة الأصنام وعلى سخافة عقول عابديها .
المثل الثاني ( مثل الذباب) :
قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) الحج آية 73
هذا مثل ضربه الله في معبودات المشركين الضعيفة وأنها لو اجتمعت كلها على خلق ذباب واحدٍ على صغره وحقارته لعجزت جميعاً ، فكيف لهم بخلق ما هو أعظم وأبلغ قال تعالى :
(لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) غافر آية 57
ثم يثبت الله عجز آلهتهم (وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ) .
فكما أنهم عاجزون عن خلقه فهم كذا عاجزون عن مقاومته والإنتصار عليه ، فلو أخذ الذباب من طعامهم مقدارذرة لعجزوا عن استرداده منه ، وهذا أبلغ في التحدي وفي بيان هوان وضعف هذه الآلهة ، فكيف لأصنامهم على دفع الضر عن عابديها في الدنيا والآخرة وهي عاجزة عن مدافعة ذباب صغير حقير؟
ثم يختم الله المثل بقوله : (ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) ، الطالب : الصنم ، والمطلوب : الذباب .
ومن تأمل هذا المثل لوجد الصنم أضعف وأضعف ، فالذباب حيوان والصنم جماد والذباب غالب والصنم مغلوب .
المبحث الرابع :
تمثيل المشركين بالحيوانات
من عظمة هذا الكتاب العظيم أن الله رفع به أقواماً ووضع به آخرين ، وممن وضعوا حتى مثّلهم الله بأقبح الحيوانات وأضعفها وأحقرهاهم المشركون ، إذ مثل الله المشركين بالكلب والحمار والأنعام السائبة ، فجاءت هذه الصور حسب كل قوم تنبئ عن فساد عبادتهم وعظيم جرمهم وهذه بعض الأمثال التي مثل الله فيها المشركين بالحيوانات تحقيراً لهم وإذلالاً :
1) تمثيل المشركين بالحمار :
قال الله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }الجمعة آية 5.
هذا مثلٌ بليغ ضربه الله في اليهود ولمن سار على دربهم فحمل العلم في قلبه دون أن يعمل به فهذا مثله كمثل الحمار الذي يحمل كتباً على ظهره ليس له فيها فائدة غير الحمل كقول الشاعر :
كالعيس في البيداء يقتلها الضمأ
والماء فوق ظهورها محمول
فاليهود علموا فلم يعملوا فغضب الله عليهم ، والنصارى عملوا دون علم فضلوا ، والمسلم مأمور باجتناب كلا الفريقين المغضوب عليهم مع الضالين .
2) تمثيل المشركين بالكلب :
قال تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ* وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) الأعراف آية 175-176.
هذا مثل ضربه الله لمن آتاه علماً وهداية فأنحرف عن الجادة وأتبع هواه وضل عن سواء الصراط فمثّله الله بالكلب وهو أمهن الحيوانات وأرضاها بالجيف والدنايا وهذا مثل بليغ لمن آثر الدنيا على الآخرة وآثر الهوى على العلم والهدى ووجه الشبه فيهما بديع فذاك انسلخ من آيات الله واتبع هواه إيثاراً للدنيا على الآخرة وكذاك الكلب لا تتعدى همته إلا بطنه فإنْ تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث .
واللهث : النفس الشديد مع إخراج اللسان ، فالكلب في جوعه وشبعه سيّان لهثه حتى لو رميت له بحجر لأسرع إليه يشمه طمعاً ونهماً منه .
فما أبدع هذا المثل الذي صوّر العالم المنحرف بهذه الصورة المفزعة ، إن في ذلك لآيات لقوم يتذكرون .
المبحث الخامس
تمثيل المشركين في اعراضهم عن الهداية
لقد ضرب الله أمثالاً في إعراض المشركين عن سماع الهداية ونفورهم من الدعاة المخلصين ، فمثّلهم الله بالأنعام التي لم تعقل ما خلقت له ، ومثّلهم بالحُمر الوحشية في سرعة نفورها من أدنى خطر يقترب منها ، وهذا حال المشركين مع سماع الهداية يهربون منها كل الهرب وهذه أمثلة عليها :
1) تمثيل المشركين بالأنعام مع سماع الهدى :
قال تعالى : (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً) الفرقان آية 44.
هذا مثل ضربه الله في المشركين الذين لا يسمعون الهدى سماعاً ينتفعون ولا يفقهون ما أنزل الله فقلوبهم لا تعقل شيئاً وأبصارهم عمياء وأسماعهم عن السماع صماء كما قال تعالى : (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) الأعراف آية 179 .
ومن قوة الشبه بينهما قوله تعالى : ( بل هم أضل سبيلا ) ومع أن الأنعام خيرٌ منهم لأنها تعبد الله وتسبح بحمده كما قال تعالى : (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) الإسراء44.
وأن هذه الأنعام تعقل ما خلقت له وهؤلاء خلقوا لعبادة الله وحده وهم يعبدون غيره ، تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا .
وقد صدوا أنفسهم وغيرهم عن سماع الهدى كما قال تعالى : (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ) الأنعام آية 26 .
2) تمثيل المشركين بالحُمر الوحشية : قال تعالى : (فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ* كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ* فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ ) المدثر آية 49-51 .
هذا مثل آخر ضربه الله في المشركين مع سماعهم للهدى واعراضهم عنه وتصويرهم بالحُمر الوحشية الفارَّة ، فقد شبهم الله في اعراضهم ونفورهم بحمر وحشية رأت القسورة وهو الأسد أو الصياد ففرت منه بكل ما أوتيت من قوة فرار الهارب من الموت ، وهذا من بديع القياس والتمثيل فإن القوم في جهلهم بما بعث الله به رسله كالحُمر لا تعقل شيئا !! وهذا غاية الذم لهؤلاء فإنهم نفروا عن الهدى الذي فيه حياتهم وسعادتهم كنفور الحُمر المستنفرة وتحت المستنفرة معنى أبلغ من النافرة .
وفي قوله تعالى : ( مستنفرة ) دلالة بليغة ليس على مجرد النفور فقط بل استنفار بعضهم لبعض وتواطئهم على الفرار . وفي المثل صورة حسية بخطوطها ومجالها وما فيها من حركة ، إضافة إلى الصورة المعنوية المتمثلة في الذعر والهلع الذي لازم هؤلاء المعرضين
المبحث السادس
أمثلة متفرقة في المشركين
لقد ضرب الله سبحانه وتعالى في المشركين أمثالاً كثيرة ومتنوعة تناولت صوراً شتى وربما جاءت في كل صورة معانٍ وإشارات بليغة تتميز به كل صورة عن قرينتها وربما كمّلت إحداهن الأخرى ، فتظهر صورة واضحة مكبرة عن هؤلاء الأقوام ومن هذه الأمثال المتفرقة في المشركين :
1) تمثيل دعاء المشركين :
قال تعالى :( وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ ) [البقرة 171] .
جاء هذا المثل القرآني بتمثيل المشركين بالناعق وهو المصوت على الغنم بالصوت القوي والمنخفض وهي لا تفهم من صراخه وعويله شيئاً إلا مجرد الصراخ والكافر مثل هذه الأنعام في دعائه لأصنامه ، فهي لا تسمعه ولا تضره ولا تنفعه شيئاً ،وهذا مصداق قوله تعالى( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُوا مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ) الاحقاف ( 5) وفي هذا المثل صورة حية ناطقة تزيد المعنى وضوحاً وتؤثر في النفس ، إذ لا يقبل عاقل أن يحيا كبهيم .
وهذا أحد الأوجه التي فسّر بعض العلماء هذه الآية .
2) مثل الشركاء المتخاصمين :
قال تعالى :( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ )[الزمر29] .
هذا المثل الصريح الذي أظهر الله من خلاله فساد عقول هؤلاء المشركين وضعف تفكيرهم .
فهذا المثل العظيم إنما هو مثل للمشرك والموحد ، إذ مثّل الله لهم برجل مملوك لشركاء كثير متنازعون فيه كل وقت ، متخاصمون فيه كل حين .
هل يستوي هذا عقلاً ؟ مع رجل أمره بيد رجل واحد وكذا المشرك ينقِّل قلبه مع آلهة شتى ، فلا راحة يحلو بها ولا سعادة تصفو له ، بل هو دائم في نكد وتخبُّط مستمر .
بينما الموحد المسلم وجّه أمره كله لله وحده لا شريك له .
فهل يستوي هذا وهذا ؟
الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون
المبحث السابع
صور فنية من أمثال المشركين
من سمات وبلاغة هذا القرآن العظيم تصوير المعاني الذهنية والحالات النفسية بصور حسية حية ، تحضر وتتحرك أمام مرأى الإنسان ، وتعبر أمام خياله صوراً متحركة كأنها في شريط واحد تتحرك ، ومن هذه الصور المفعمة بالحيوية والحركة ، صورة نفرة المشركين مع سماع الهدى .
قال تعالى :
( فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ * فَرَّتْ مِن قَسْوَرَة ٍ)المدثر 49-51.
فهذه الصورة العجيبة تشترك فيها حاسة النظر وبلاغة الخيال وافتعال السخرية من هؤلاء المشركين الفارين من الهداية والنور ، كما تفر الحمر الوحشيه من الأسد ، والجمال يرتسم من حركة هذه الصورة التي تشرد فيه الحمر من القسورة .
والصورة الثانية التي أبرزت عجز أصنامهم وضعفها عن خلق أضعف المخلوقات وهو الذباب .
قال تعالى :( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ )[الحج73] .
يشخص هذا المعنى في هذه الصورة المتحركة وما فيها من جمال وحقيقة تظهر على محتويات تلك الصورة .
وفي الحركة التخيلية في محاولة الخلق وفي التجمع له ، ثم محاولة الطيران خلف الذباب لاستنقاذ ما سلبه منهم ، وهم وأصنامهم عاجزون حتى عن الاستنقاذ .
ويقول الأديب سيد قطب :( إن هذه المعاني الذهنية والحالات المعنوية لم تستبدل بها صورة فحسب ولكن اخترت لها صور حية وقيست بمقاييس حية ومرّت خلال وسط فني ) .
الخاتمــــــة
إن كتاب الله قد بلغ الغاية من البلاغة والإعجاز وليس بوسع أحد مهما بلغ من العلم والبلاغة أن يحيط بما يحويه كتاب الله من وجوه البلاغة والإعجاز .
وغاية ما توصل إليه هذا البحث المتواضع أنه وقف على شيء يسير من وجوه البلاغة والإعجاز في كتاب الله العظيم بالوضوح والبيان في المعاني والثراء في الفوائد والدروس .
والجمال في المثل والصورة والدقة في إبرازها لأحوال المشركين .
وبيان فساد عقولهم وعباداتهم .
وبشاعة صورهم وضعف آلهتهم .
وما من شك أن كل هذا يفسّر عظمة القرآن وقوة إقناعه للعقول وهدايته للقلوب .
كما أنه خليق بالمسلم أن يحلِّق بقلبه دائماً في فضاء أسراره وأخباره ، وأن يغوص في بحر إعجازه وبلاغته حتى يعيش في ظل هدايته ، فيسعد بنعيم الدنيا والآخرة .
أهم نتائج البحث :
لقد حوى كتاب الله بلاغة وإعجازاً لا تنفد ولا تقف عند حدٍ معين ، وأهمها في هذا البحث :
1) عظمة أمثلة القرآن وقوة تأثيرها وصدق صورها وغزارة فوائدها وعبرها .
2) بيان فساد عبادة المشركين وضعف آلهتهم وبشاعة الصور التي مُثّلوا بها .
3) صدق وتنوع الصور في أمثلة القرآن الكريم وبليغ أثرها على النفس .
4) تشابه هذه الأمثال ودقة التصوير فيها ، للمشركين في كل زمان ومكان وقديماً وحديثاً.
5) تناولت هذه الأمثال كل صور المشركين في الدنيا والآخرة .
التوصيـــــــات
يوصي الباحث في ختام بحثه ببعض الوصايا ومنها :
1) وصية المسلمين عامة بالعودة إلى كلام ربهم الذي فيه الخير لهم في الدنيا والآخرة .
2) حث الخطباء والدعاة على الاستفادة من أمثال القرآن في رسالتهم الدعوية .
3) دعوة القائمين على المؤسسات الدعوية والخيرية والإنسانية والتعليمية إلى الاهتمام بالقرآن بحثاً ودراسة .
4) فتح الطريق أمام القرآن في البيوت والمدارس والجامعات ليكون هو المربي الأول .
5) دعوة للباحثين والدارسين إلى تيسير علوم القرآن عامة وتقديمها تقديماً سهلاً ليخرج للعالم كله داعياً ومنقذاً ومحرراً .
المراجـــــع
الفهارس
1) فهرس الآيات .
2) فهرس الأحاديث .
3) فهرس التراجم .
4) فهرس الموضوعات .
المراجع أبجدياً حسب المؤلف
* القرآن الكريم
* أحمد بن محمد طاحون [ امثال ونماذج بشرية من القرآن العظيم ] الطبعة الثانية ـ القاهرة ـ مكتبة التراث الإسلامي 1993م
* اسماعيل بن كثير القرشي [ تفسير القرآن العظيم ] الطبعة الثامنة ـ بيروت ـ مؤسسة الريان 2003م
* جلال الدين السيوطي [ الإتقان في علوم القرآن ] الطبعة الثانية ـ بيروت ـ دار إحياء العلوم 1416هـ
* جمال الدين بن الجوزي [ نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر ] الطبعة الأولى ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت 1984م
* سيد قطب [ التصوير الفني في القرآن ] الطبعة الثامنة بيروت ـ دار الشروق 1983م
* صالح بن فوزان الفوزان [ كتاب التوحيد ] الطبعة الثانية ـ الرياض ـ مكتب الأثير 1414هـ
* عبد الرحمن النحلاوي [ أصول التربية الإسلامية وأساليبها ] الطبعة الثانية ـ دمشق ـ دار الفكر 1983.
* د/ عبدالمجيد محمود عبدالمجيد [ نظرات فقهية وتربوية في أمثال الحديث ] الطبعة الثانية ـ جدة ـ مكتبة السوادي 1992م.
* فخر الدين بن الزبير المحسي [ في رحاب أمثال القرآن ] الطبعة الأولى ـ الإمارات المتحدة ـ وزارة الإعلام 2005م .
* محمد فؤاد عبدالباقي [ اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان ] الجزء الأول ـ دار الجيل ـ بيروت 1986م.
* محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية [ اعلام الموقعين عن رب العالمين ] الطبعة الثانية ـ بيروت ـ دار الكتاب العربي 1418هـ
* محمد ناصر الألباني [ سلسلة الأحاديث الصحيحة ] الطبعة الجديدة ـ مكتبة المعارف ـ الرياض 1415هـ.
* ملك حسن بخش [ أسرار التنوع في تشبيهات القرآن الكريم ] الطبعة الأولى ـ جدة ـ دار المجتمع 1993م .
* منّاع القطان [ مباحث في علوم القرآن ] الطبعة الأولى ـ الرياض ـ مكتبة المعارف 1992م .
* يحيى بن شرف الدين النووي [ المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج ] الطبعة الأولى ـ دار الخير ـ بيروت 1414هـ .
الفهارس
1) فهرس الآيات
2) فهرس الأحاديث
3) فهرس التراجم
4) فهرس للموضوعات
فهرست الآيات القرآنية حسب ورودها في البحث
م بداية الآية اسم السورة رقم الآية رقم الصفحة
1 ومن يعمل سوءً النساء 123 7
2 لا فارضٌ ولا بكرٌ عوان بين ذلك البقرة 68 7
3 هل جزاء الإحسان إلا الإحسان الرحمن 60 7
4 مثلهم كمثل الذي استوقد البقرة 17-20 8
5 إن هذا القرآن يقص النمل 76 8
6 إنما مثل الحياة الدنيا يونس 24 9
7 وأضرب لهم مثل الحياة الدنيا الكهف 45 9
8 الم تر أن الله أنزل الزمر 21 9
9 اعلموا أنما الحياة الدنيا الحديد 20 9
10 ولا يغتب بعضكم بعضا الحجرات 12 9
11 الذين يأكلون الربا البقرة 275 9
12 مثل الذين ينفقون أموالهم البقرة 261 10
13 ومثل الذي ينفقون أموالهم البقرة 265 10
14 وأضرب لهم مثلاً رجلين الكهف 32 10
15 محمد رسول الله الفتح 29 10
16 أنزل من السماء ماءً الرعد 17 10
17 ألم تر كيف ضرب الله ابراهيم 24-26 11
18 وتلك الأمثال نضربها العنكبوت 43 12
19 ولقد ضربنا للناس الزمر 27 12
20 وتلك الأمثال نضربها الحشر 21 12
21 مثل الفريقين هود 24 15
22 أم تحسب أن أكثرهم يسمعون الفرقان 44 15
23 وما يستوي الأعمى فاطر 19-22 15
24 لئن أشركت الزمر 65 16
25 مثل ما ينفقون في هذه الحياة آل عمران 117 16
26 يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا البقرة 264 16
م بداية الآية اسم السورة رقم الآية رقم الصفحة
27 والذين كفروا أعمالهم كسراب النور 39 16
28 والذين كفروا أعمالهم كرماد ابراهيم 18 16
29 وما منعهم أن تقبل التوبة 54 16
30 مثل الذين اتخذوا من دون الله العنكبوت 41 17
31 فمن أسس بنيانه التوبة 109 17
32 قل ادعوا الذين زعمتم الأسراء 56 17
33 يا أيها الناس ضرب مثل الحج 73 18
34 لخلق السموات والأرض غافر 57 18
35 مثل الذين حملوا التوراة الجمعة 5 18
36 وأتل عليهم نبأ الذي الأعراف 175-176 19
37 أم تحسب أن أكثرهم الفرقان 44 19
38 ولقد ذرأنا لجهنم الأعراف 179 20
39 وإن من شيء الأسراء 44 20
40 وهو ينهون عنه الأنعام 26 20
41 فما لهم عن التذكرة المدثر 49 20
42 ومثل الذين كفروا البقرة 171 21
43 ومن أضل ممن يدعو من دون الله الأحقاف 5 21
44 ضرب الله مثلاً رجلاً الزمر 29 21
45 فما لهم عن التذكرة المدثر 49-51 21
46 يا أيها الناس ضرب مثل الحج 73 21
فهرس الأحاديث أبجدياً
م بداية الحديث التخريج رقم الحديث رقم الصفحة
1 الحياء من الإيمان مسلم 36 11
2 الكلمة الطيبة مسلم 2224 12
3 المرء مع البخاري 1694 11
4 دع ما يريبك النسائي والترمذي 5700-2520 11
5 لا ضرر ولا ضرار ابن ماجه 2341 11
6 لا يلدغ المؤمن البخاري 1887 11
7 مثل الجليس الصالح مسلم وغيره 2628 12
8 نزل القرآن الألباني في الصحيحة 587 13
فهرست التراجم حسب ورودها في البحث
الرقم العلـــــــــــــــــــم الصفحــــــة
1 ابن قتيبة 6
2 السيوطي 6
3 الأصبهاني 8
4 القواريري 8
5 الماوردي 8
6 ابن القيم 8
7 الزركشي 8
8 الترمذي 11
9 ابن العربي 11
10 سيد قطب 22
فهرست الموضوعات
الموضوع رقم الصفحة
شكر وتقدير 1
المقدمة 2-4
الفصل الأول 5 - 13
المبحث الأول : تعريف المثل لغة واصطلاحا 6
المبحث الثاني : تعريف الشرك وأنواع المشركين 7
المبحث الثالث : الأمثال القرآنية 8
المبحث الرابع : الأمثال النبوية 11
المبحث الخامس : فوائد الأمثال 12
الفصل الثاني 14 - 22
المبحث الأول : تمثيل المشركين في القرآن 15
المبحث الثاني : تمثيل أعمال المشركين 16
المبحث الثالث : تمثيل معبودات المشركين 17
المبحث الرابع : تمثيل المشركين بالحيوانات 18
المبحث الخامس : تمثيل المشركين مع الهداية 19
المبحث السادس : أمثلة متفرقة في المشركين 20
المبحث السابع : صور فنية من أمثال المشركين 21
الخاتمة 23
النتائج 24
التوصيات 24
فهرست الآيات 26
فهرست الأحاديث 28
فهرست التراجم 28
فهرست الموضوعات 29