المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عندما يبكي وجهُ صنعاء"صحيفة" "الوقت" البحرينية


حد من الوادي
03-21-2010, 11:59 PM
عندما يبكي وجهُ صنعاء

2010/03/21 الساعة 22:23:33

احمد عبدالملك

ما إن تدخل صنعاء حتى تشعر بأنك دخلت التاريخ القديم. فالمباني فيها رائحة ممالك ''حِمير وسبأ''؛ وتشكل صورة واضحة لعبق التاريخ. لكن المباني ليس أوطاناً بدون إنسان. وتبقى حجارة لا روح فيها.

الإنسان اليمني هو المحور وهو القضية في مؤتمر مركز سبأ للدراسات الاستراتيجية الذي جاء تحت عنوان ''العمالة اليمنية ومتطلبات سوق العمل الخليجي.. الفرص والتحديات'' في العاصمة اليمنية صنعاء الأسبوع الماضي، وشارك فيه مفكرون يمنيون وخليجيون حاولوا تلمس الطريق نحو معالجة أنجع لموضوع العمالة اليمنية من جميع جوانبها.

- فالبطالة في اليمن تصل إلى نحو 40%، والأمية تزيد على 60%، وعدد سكان اليمن يصل إلى أكثر من عشرين مليوناً، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا العدد في 24 عاماً مقبلة.

- ويعاني اليمن من مشاكل داخلية عديدة تتمثل في: سوء الإدارة، الفساد، المجتمع القبلي، الأمية، تردي الأوضاع الاقتصادية والأمنية، ولعل أهم المشكلات التي تستنزف التفكير والمال الحالة السياسية مع أبناء الجنوب والحرب مع الحوثيين. وهما مشكلتان تضغطان على الحكومة وتُهدران مقدراتها، خصوصاً المشكلة الثانية.

- كان رأي الجانب الخليجي في قضية استيعاب العمالة اليمنية في دول مجلس التعاون هو أن يتم تأهيل هذه العمالة. فدول المجلس أصبحت تعتمد على العمالة الماهرة وعلى الآلة، أكثر من تعاملها مع عضلات الإنسان، وهذا يحد من عدد العمالة. وبالتالي فإن منافسة العمالة اليمنية للعمالة الآسيوية تكون بتأهيل الأولى لتستطيع المنافسة. وكذلك قبولها شروط العمل المحلية - التي تعتبر قضية سيادية خاصة بكل دولة - وعدم البحث عن أفضلية. كما أن التاجر أو صاحب العمل يريد عملاً متقناً بأقل الأجور. لذلك فإن استثمار الحكومة اليمنية في تأهيل العمالة اليمنية - برأينا - أهم من شراء الأسلحة وإنفاقها في محاربة بعض القبائل أو الأطراف من أبناء اليمن؛ أو التصادم مع أبناء الجنوب!.

- قلنا إن اليمن رغم ثورته ووحدته، إلا أنه بحاجة إلى ''ثورة'' جديدة ضد ''القات''! ولقد أشار الرئيس اليمني علي عبدالله صالح نفسه إلى هذا الموضوع في محاضرة له بكلية الشرطة، ودعا اليمنيين إلى محاربة هذه العادة المضّرة. معلوم أن مقيل القات يقضي على ما مجموعه 5-8 ساعات يومياً من عمر اليمني، كان الأجدى أن يستغلها في أمور إيجابية.

- صحف اليمن - مع حرية التعبير - تختلف بين الولاء المطلق للحكم وبين انتقاده. هنالك من ينتقد التربية، وأن ظروف العصر قد أثرت على بناء الشخصية اليمنية وجعلتها غير إيجابية، وضارة بالمجتمع ومتكاسلة وراكنة واتكالية ومصلحية وأنانية وماكرة وانتهازية ودجالة ومنافقة ومستهلكة وغير منتجة وانهزامية ''عبدالرحمن درهم - صحيفة الثورة''. كما تقرأ دعوة لحب الوطن والولاء له، وتقرأ عن ''الفرص الضائعة'' في مقال محمد العريقي، الذي دعا إلى معالجة قضايا المستقبل، وعن توفير الكوادر المؤهلة والاستعداد لحياة ما بعد النفط. الهرم الثقافي الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح يكتب في جريدة الثورة عن حالة الطرق المُزرية ويطالب بآليات جديدة لإصلاح ما تبقى من الطرق المعطوبة والتي تجاوزت عمرها الافتراضي.

- الفندق الضخم الجميل الذي بناهُ مستثمر سعودي على ربوة جميلة بصنعاء تنقطع فيه المياه، وتتعثر عملية التعامل مع بطاقات الائتمان. وليس كل السائحين أو الزائرين يحملون نقداً في تجولاتهم.

- الساعة السلطانية؛ مصطلح تتعرف عليه في اليمن عندما تخلو الشوارع من الناس، وهو موعد ''مقيل القات'' وهو مفهوم ثقافي تراثي، لكنه يهدرُ وقت الناس.

- التقارب السعودي اليمني - الذي أملته أخيراً الحرب على الحوثيين - يزيد في متانة العلاقة السعودية اليمنية، ولكن في ذات الوقت، فإن تسلل الأفراد والأسلحة يعكر صفو الأمن على الحدود بين البلدين. تماماً كما أحدثته الحرب على الحوثيين، الذين يراهم المجتمع الدولي مواطنين يمنيين لهم حقوق.

- اليمنيون ودودون وكرماء وبسطاء، لا تعرف الوزير من الخفير، ويشعرونك بأنك في بيتك وبين أهلك، والكل يعرض عليك خدمته، وأنهم يدركون حجم المشكلات التي يعاني منها بلدهم.

- اليمنيون ينتقدون الأوضاع، وأنه على مدى ثلاثين عاماً لم يستطع النظام تأهيل اليمن للارتفاع من السقف الهابط في ذيل قائمة البلدان في مكافحة الفساد ''المرتبة 137 دولياً''.

- أشار اليمنيون إلى بعض النقاط الهامة التي تتميز بها العمالة الآسيوية المنافسة لعمالتهم في دول الخليج وهي:

* امتلاك العمالة الآسيوية للمهارات الفنية والسلوكيات الجيدة.

* انخفاض أجورها مقارنة بالعمالة المحلية.

* ارتفاع الكفاءة الإنتاجية للعمالة الوافدة.

* سهولة الحصول على العمالة الوافدة وحسن استخدامها للوقت.

* سهولة التخلص من هذه العمالة.

* تحلي العمالة الوافدة بالجودة والقدرة على تحمل المسؤولية والعمل الجماعي.

* إجادة اللغة الإنجليزية ومهارات الحاسوب.

* قبول العمل والانتقال لعمل آخر داخل البلد.

- امتعاض اليمنيين من عدم قبول بلدهم عضواً كاملاً في مجلس التعاون. وهو امتعاض لا يخفيه اليمنيون، لكن واقع الحال يفرض حتميات مهمة؛ ومنها أن النظام الأساسي لمجلس التعاون يفرض أن العضوية للدول الست التي وقعت على محضر اجتماع وزراء خارجية هذه الدول في أبوظبي بتاريخ 4/2/,1981 وأن هذه الدول متجانسة في النظم والتوجهات والموارد الاقتصادية والآمال الشعبية. كما أن اليمن يعاني اقتصاداً متدهوراً ويديره نظام جمهوري، وبه أحزاب، قد لا يكون قادراً على الوفاء بقرارات القمم العربية وتمويل المشروعات المشتركة. كما أن عدد سكان اليمن والذي يفوق عدد سكان كل مواطني دول المجلس مجتمعة لربما كان سبباً آخر للتفاوت مع ارتفاع نسبة الأمية إلى أكثر من 60%. كما أن الخلافات مع أبناء الجنوب والحرب مع الحوثيين، ووجود أفراد القاعدة في اليمن، كل ذلك يجعل دول مجلس التعاون تفكر أكثر من مرة في قبول اليمن عضواً كاملاً في المجلس، وتفضل العضوية التدريجية حتى يتأهل اليمن للعضوية الكاملة.

- ثلاثة أيام في صنعاء تعلمك أشياء كثيرة، ولكن لا تخفي عنك وجه صنعاء الباكي.

المصدر : "الوقت" البحرينية