المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وداعا للجزائر ! مرحبا بالجزائر ! تحيا الجزائر ! ...


نجد الحسيني
06-27-2010, 10:39 PM
Adieu l'Algerie! Bonjour l'Algerie! Vive l'Algerie


أجل.. وداعا للجزائر! مرحبا بالجزائر! عاشت وتحيا الجزائر...

عندما ودعت الجزائر كأس العالم لعبا.. لم تودع قلوب العرب والمسلمين حبها وعطفها وأمانيها وأحلامها..
وكنت أحد هؤلاء الذين منوا النفس بالأحلام.. كنت أقوم عند كلّ هجمة جزائرية فلا أقعد.. وأصرخ كالأطفال إذا ما ضاع هدفا على وشك التسجيل.. وكان القلب يتعلق مني وكاد أن يتوقف عند كلّ هجمة تصوب سهامها على مرمى الجزائر..

الآن انتهى كلّ شيء ولم ينتهي كلّ شيء...

بالنسبة لي كعاشق مذنف متيم بالجزائر، جزائر الثورة والتحرير والجهاد والشهداء..
ظللت أعشق كلّ شيء يأتي من الجزائر وأتعلّق بكلّ شيء يقدم من صوب الجزائر..
حتى أنه كان ولوعي بالكرة الجزائرية جعلني لا أصدق خروجها من المونديال بخفي حنين مهما قيل عن خروج مشرف أو غيره.
لم أشاء التصديق بأن الجزائر خرجت ولم تعد..
لم أدرك بأن الجزائر عملاقة العرب وأفريقيا في كرة القدم قد حزمت حقائبها وأمتعتها مودعة الساحة.
ظللت أتابع مباريات الانجليز والأميركان بشغف ولوعة ممنيا النفس بالانتصارات تلو الانتصارات لهذين الفريقين.. لا حبا في الانجليز ولا هياما في الأميركان.. فهما هما من هما ألدّ عدوين لبلادي ولأمتي.. وإنما كنت أريد لهما الفوز من باب العزاء والصبر والترويح عن النفس بعد خروج الجزائر.. كنت أريد لانجلترا وأميركا أن تصلان إلى الدور نصف النهائي على الأقل فيتواجد أحدهما أو كليهما على لقب الكأس.. كنت أرغب بأن أبرر خروج الجزائر بالقول: تلك هي الجزائر، أقوي المنتخبات وأفضلها، فقد واجهت انجلترا وتعادلت بقوة وألحقت أميركا بها إذ أن هدف أميركا في الثواني بدل الضائعة ليس محسوبا لديّ.. نعم، كنت أريد التحدي وأصرخ بأعلى صوتي.. تلك كانت الجزائر التي لم تخرج عبثا إلاّ لأنها وقعت في مجموعة حديدية والدليل على قولي ما بلغتاه انجلترا وأميركا اللتان ذاقتا الأمرين من فريقي ورفيق عمري منتخب الجزائر..

لـكن للأسف (تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن).. وظهرت أميركا عاجزة وظهرت انجلترا أعجز منها.. لقد اصطادت أشبال غانا النمر الأميركي الذي بدا وكأنه نمر من ورق.. ويبدو أن غانا متوجهة بخطى ثابته إلى دور نصف النهائي حيث أظنّ بأن الأوروغواي لن يصعب عليها.. وسيتحقق مع غانا ما لم يتحقق مع فريق أفريقي على مدار التأريخ.. فبماذا تفضل غانا على الجزائر؟ بماذا بربكم؟
ها كيف تلاعب شباب ألمانيا بالأسد البريطاني الذي بدا حاله وكأنه عجوزا في خريف العمر لا ناب له ولا مخلب.
لقد وقعتا أميركا وانجلترا من النافذة الضيقة بعد أن رمت بهما غانا وألمانيا.. ولم يستمتعا من بعد الجزائر بأكثر من مباراة واحدة فضحت حقيقتهما بل وحقيقة منتخب الجزائر معهما بلاعبيه ومدربه.
من حقّي إذن أن أثور على منتخب الجزائر واللاعبين والمدرب...

كفى الآن ترديد الأقوال المرّة عن الخروج المشرف.. كفى فرحا بالتعادل مع الانجليز.. كفى إبداء الإعجاب بأداء المنتخب والذي لا أطلق عليه إعجابا بقدر ما أطلق عليه نفاقا وزيفا.

قيل في الأمثال:
رحم الله من بكاني ولا أضحكني وضحّك عليّ النّاس.

وجب علينا مواجهة الحقيقة مهما كانت مرّة...
ربما أبكي وتبكي الجزائر والعرب وأمة الإسلام من قولي.. لـكن في البكاء سلوى أحيانا.. ولا تجرّ الفرحة والضحك إلاّ المصيبة تلو المصيبة.
لقد كان على المدرب رابح سعدان أن يكون أكثر جراءة ويبدي شجاعة أكبر عند مواجهته لتلك الفرق الورق الهشّة.. كذلك كان يجب أن يكون عليه الحال مع اللاعبين... لماذا الخوف؟ وممّن الخشية؟ من فريق لطمته غانا فأبكته؟ من فريق سحقته ألمانيا بنتيجة تأريخية؟

تأريخ الجزائر في كرة القدم من أعظم التواريخ في كرة القدم العالمية وأسماء اللاعبين الجزائريين من ألمع الأسماء في عالمية كرة القدم..

من ذا في العرب أو العجم أو السود أو الصفر فريق يحتفظ بخزانة تأريخه من نتائج مشرفة كما احتفظ بها فريق الجزائر.

التأريخ يشهد لمنتخب المجاهدين منتخب جبهة التحرير الجزائرية لكرة القدم بنتائج قلما حازت عليها أقرى فرق العالم وأعرقها...

مذ سنة تأسيس منتخب التحرير 1958 حتى سنة الاستقلال 1962 خاض المنتخب 62 مباراة تأريخية مع فرق كروية عظام من منتخبات وأندية ليحقق الفوز في 47 ويتعادل في 11 ولا يهزم إلا في 4 فقط.. ثم أكمل مشواره بعد ذلك لثلاثة أعوام فيكون قد خاض 91 مباراة دولية فاز في 67 وتعادل في 17 ولم يخسر سوى 7 فقط، كانت احداها في 17/06/1965 مع برازيل بيليه وغارنشيا وزاغالو وكارلوس وتوستاو وغيرهم من أفذاذ الكرة العالمية أبطال كأس العالم 1958 و 1962...
ومن النتائج التأريخية التي أوقعها ذلك الفريق الماسي:
فوزه على شقيقه التونسي في 3 و 5/5/1958 بنتيجة 5 - 1 و 6 - 1 على التوالي.
ثم الفوز على شقيقه المغربي العملاق في 9/5/1958 بنتيجة 2 - 1
ليعود فيفوز على شقيقه التونسي الودود بـ 4 - 0 في سنة 1959
ليرحل في ذات السنة إلى فيتنام الشمالية ليحقق انتصارين عظيمين على منتخبها بنتيجة 5 - 0 و 7 - 0
فيلتقي مع شقيقه الليبي في سنة 1960 بمباراة فاز بها بنتيجة 7 - 0
ثم كان دخوله العالمي وانبهار العالم بأولئك اللاعبين الأفذاذ أمثال مخلوفي وزيتوني وزوبا وعريبي وبن تيفور وكرمالي وصوخان وأوجاني وكوكبة من الرجال العمالقة على البساط الأخضر...

في 29/3/1961 فاز على المنتخب اليوغسلافي العملاق في أرضه وبين جمهوره 6 -1
وفي شهر يونيو من سنة 61 فاز على المنتخب الروماني القوي 5 - 2
ثم كانت صولته العظمى مع منتخب المجر الرهيب منتخب بوشكاش وهيدوكيتي وبقية الأفذاذ ليفوز 6 - 2 على منتخب غلب قبلها انجلترا بسبعة أهداف لصفر على ملعب ويمبلي وغلب البرازيل وغلب ألمانيا بـ 6 - 2 في الدور الأول لكأس العالم 1954. منتخب من المجر لن يتكرر كما أن منتخب الجزائر لم يتكرر.
وكانت الضرب القاسمة بعدها في الفوز على منتخب الإتحاد السوفييتي الشديد 6 - .
28/2/1963 الفوز على تشيكوسلفاكيا 4 - .
1/1/1964 الفوز على ألمانيا 2 - .
وتوالت الانتصارات تترى حاملة نتائج تأريخية يصعب تحقيقها من بعد كفوزه على الشقيق الأردني 11 - .
وعلى الشقيق الآخر العراقي 10 - 1

وكان الذهب والألماس والياقوت والجواهر تنثر من تحت أقدام بلومي وماجر وعصاد وبن صاولة وبن شيخ والفرقاني ودحلب وقريشي وزيدان ومرزقان وقندوز وسرباح ومنصوري وكويسي ومعروق وكوكبة وافده من النجوم الزاهرة تزيّن سماء الثمانينيات...
في كأس العالم وعلى ملاعب ذاقوا منها الألمان الهزيمة النكراء 2 - 1 وتشيلي 3 - 2 ... ثم جاءت من بعد الخيانة الدنيئة تلوث بسمعة الألمان وأبناء عمومتهم من النمساويين... ولم يكن بغير تلك الخيانة من خلاص حيث كيف بغيرها يتم التخلّص من فريق بدا وكأنه فريق لا يقهر.. قادم من الصحراء والجبل، تهتز من تحت أقدامه ميادين الفرسان.

لأجل هذا التأريخ سوف أصمّ أذني اليوم عن سماع صدى أقوال زاعمة بالخروج المشرف...
ولن أتعاطف مع فرحة القلوب بتعادل يتيم مع انجلترا...
لا للفرحة كما لا للحزن!

لن أفرح سوى بالعودة إلى ذلك التأريخ المجيد وإعادة قراءته وكتابته من جديد بأحرف من نور بإذن الله تعالى.
إن شاء غيري أن يفرح فهو حرّ.. أما أنا فسوف أؤجل الأفراح إلى حين... وأسأله تعالى أن يكون ذلك الفرح قريب، قريب، قريب.


نجد الحسيني