من السادة
09-24-2010, 05:50 AM
bism2
د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد
كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي
العاقل من الناس من يستفيد من غيره، فيزن ما يسمعه بميزان العقل إن لم يكن لديه ميزان الشرع، ولا ينبغي أن تحمله المكابرة على نبذ قوله لكونه مغايراً لتوجهه، فقد لا يسع القائل غير الصدق في القول وإن كان عدواً، كما كان من حال أبي هريرة، رضي الله تعالى عنه، مع عدو الله وعدو المؤمنين، إبليس الرجيم، الذي أفضى إليه بنصح التحصن بآية الكرسي عند النوم كي لا يقربه شيطان، ولما عرض هذا النصح على النبي، صلى الله عليه وسلم، قال له: «صدقك وهو كذوب». هذا ما ينطبق على الصحافية العتيقة في البيت الأبيض «هيلين طوماس» التي أمضت فيه نصف قرن، كان يخطب ودها رؤساء ذلك البيت العشرة على التعاقب، فلما أسدت بنصحها البالغ للإسرائيليين بمغادرة «فلسطين والعودة إلى ديارهم». قالوا عنها: «إن تصريحاتها كريهة وتستحق التوبيخ» فيا سبحان الله! أيستحق التوبيخ والإحالة إلى التقاعد من يقول الحق؟! نعم يكون كذلك عند من يَبطرُه ولا يعرف قيمته، وسيأتي يوم يندم على إعراضه عنه، وقديماً قال ابن دريد:
أمرتهم أمري بمنعرج اللوى فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد
ويُعزى للإمام علي، رضي الله عنه، قوله:
فلقد نصحتك إن سمعت نصيحتيأ فالنصح أغلى ما يباع ويوهب
إن أرض فلسطين ليست أرض بني إسرائيل، فقد قضى الله تعالى قضاءً شرعياً أن يعيشوا في الأرض أُمَماً، كما قال سبحانه:{وَقَطعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَمًا} أي فرقناهم في البلاد، وأراد به: تشتيت أمرهم، فلم تجمع لهم كلمة، فإذا حان هلاكهم جاء بهم لفيفاً ليحيق بهم مكر الله الذي لا يرد عن القوم الظالمين، وإذا أراد الله شيئاً هيّأ أسبابه، فلذلك هم يكرهون إخوانهم العقلاء الباقين على أصل دينهم، الرافضين هذا التجمع في الأرض المباركة، خشية أن يأتي عليهم وعد الله تعالى الذي لا يخلف. إلا أن الطغمة الحاكمة ليست على دين، ومن تتذرع به فلمخادعة قومهم لما أولوهم من المكانة، فيَشرون المتعة العاجلة بالندامة الباقية، أما هذه الصحافية فإنها لم تأتِ بجديد، وقد كان بإمكانها أن تقول الحقيقة لزعماء البيت الأبيض السابقين ككنيدي، وجونسون، ونيكسون...، لكنها آثرت إخفاءها لما تعلمه من ردة فعل اللوبي الصهيوني فلما رأت الفعل المنكر، بأسطول الحرية الأعزل، ضاقت ذرعاً بما رأت، فلم يسعها أن تكتم الشهادة، والعدالة الغائبة لم تعذرها بل عاقبتها بالإحالة إلى التقاعد، ولعلها تنال رصاصة طائشة كما نالها الأحرار في عرض البحر، إلا أن ذلك لا يهمها، فقد أسمعت كلماتها من به صمَمُ، كما كان من أسطول الحرية. فطعمُ الموت في أمرٍ حقيرٍ كطعم الموتِ في أمرٍ عظيمِ
ولربما كان تصريحها المدوي سيمر مرور الكرام، كما لو مر الأسطول، غير أنهم يسعون إلى تحريك الماء الآجِن، ويوشك أن يقذف بحَمَم «فإن تحت البحر ناراً، وتحت النار بحراً»، كما ورد في الحديث، فيكون كمن سعى لحتفه بظلفه، فلا لوم على غيره إذا كانت «يداه أوكتا وفوه نفخ»، فهل يعي أبناء صهيون هذه الحقيقة؟ أنعم إنه لا يخفى عليهم المنقلب السيّئ الذي يتنظرهم، فقد سُئلت «غولدا ماير» عما تنتظره من العرب والمسلمين، فقالت كلمتها المشهورة: «إننا نعلم أن العرب سيهزموننا يوماً.. لكن ليس هؤلاء العرب»، وقد نتفق معها في ذلك، إلا أننا نقول: أليس الصبح بقريب؟
د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد
كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي
العاقل من الناس من يستفيد من غيره، فيزن ما يسمعه بميزان العقل إن لم يكن لديه ميزان الشرع، ولا ينبغي أن تحمله المكابرة على نبذ قوله لكونه مغايراً لتوجهه، فقد لا يسع القائل غير الصدق في القول وإن كان عدواً، كما كان من حال أبي هريرة، رضي الله تعالى عنه، مع عدو الله وعدو المؤمنين، إبليس الرجيم، الذي أفضى إليه بنصح التحصن بآية الكرسي عند النوم كي لا يقربه شيطان، ولما عرض هذا النصح على النبي، صلى الله عليه وسلم، قال له: «صدقك وهو كذوب». هذا ما ينطبق على الصحافية العتيقة في البيت الأبيض «هيلين طوماس» التي أمضت فيه نصف قرن، كان يخطب ودها رؤساء ذلك البيت العشرة على التعاقب، فلما أسدت بنصحها البالغ للإسرائيليين بمغادرة «فلسطين والعودة إلى ديارهم». قالوا عنها: «إن تصريحاتها كريهة وتستحق التوبيخ» فيا سبحان الله! أيستحق التوبيخ والإحالة إلى التقاعد من يقول الحق؟! نعم يكون كذلك عند من يَبطرُه ولا يعرف قيمته، وسيأتي يوم يندم على إعراضه عنه، وقديماً قال ابن دريد:
أمرتهم أمري بمنعرج اللوى فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد
ويُعزى للإمام علي، رضي الله عنه، قوله:
فلقد نصحتك إن سمعت نصيحتيأ فالنصح أغلى ما يباع ويوهب
إن أرض فلسطين ليست أرض بني إسرائيل، فقد قضى الله تعالى قضاءً شرعياً أن يعيشوا في الأرض أُمَماً، كما قال سبحانه:{وَقَطعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَمًا} أي فرقناهم في البلاد، وأراد به: تشتيت أمرهم، فلم تجمع لهم كلمة، فإذا حان هلاكهم جاء بهم لفيفاً ليحيق بهم مكر الله الذي لا يرد عن القوم الظالمين، وإذا أراد الله شيئاً هيّأ أسبابه، فلذلك هم يكرهون إخوانهم العقلاء الباقين على أصل دينهم، الرافضين هذا التجمع في الأرض المباركة، خشية أن يأتي عليهم وعد الله تعالى الذي لا يخلف. إلا أن الطغمة الحاكمة ليست على دين، ومن تتذرع به فلمخادعة قومهم لما أولوهم من المكانة، فيَشرون المتعة العاجلة بالندامة الباقية، أما هذه الصحافية فإنها لم تأتِ بجديد، وقد كان بإمكانها أن تقول الحقيقة لزعماء البيت الأبيض السابقين ككنيدي، وجونسون، ونيكسون...، لكنها آثرت إخفاءها لما تعلمه من ردة فعل اللوبي الصهيوني فلما رأت الفعل المنكر، بأسطول الحرية الأعزل، ضاقت ذرعاً بما رأت، فلم يسعها أن تكتم الشهادة، والعدالة الغائبة لم تعذرها بل عاقبتها بالإحالة إلى التقاعد، ولعلها تنال رصاصة طائشة كما نالها الأحرار في عرض البحر، إلا أن ذلك لا يهمها، فقد أسمعت كلماتها من به صمَمُ، كما كان من أسطول الحرية. فطعمُ الموت في أمرٍ حقيرٍ كطعم الموتِ في أمرٍ عظيمِ
ولربما كان تصريحها المدوي سيمر مرور الكرام، كما لو مر الأسطول، غير أنهم يسعون إلى تحريك الماء الآجِن، ويوشك أن يقذف بحَمَم «فإن تحت البحر ناراً، وتحت النار بحراً»، كما ورد في الحديث، فيكون كمن سعى لحتفه بظلفه، فلا لوم على غيره إذا كانت «يداه أوكتا وفوه نفخ»، فهل يعي أبناء صهيون هذه الحقيقة؟ أنعم إنه لا يخفى عليهم المنقلب السيّئ الذي يتنظرهم، فقد سُئلت «غولدا ماير» عما تنتظره من العرب والمسلمين، فقالت كلمتها المشهورة: «إننا نعلم أن العرب سيهزموننا يوماً.. لكن ليس هؤلاء العرب»، وقد نتفق معها في ذلك، إلا أننا نقول: أليس الصبح بقريب؟