المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجنوب العربي" والنكبات المتوالية؟ لفقدان الوطن أغلى الرجال


حد من الوادي
09-30-2010, 01:26 AM
قادة في الذاكرة .. محمد صالح عولقي ..( 10 )

2010/09/29 الساعة 21:25:26 محمد السندي

كانت حادثة طائرة الدبلوماسيين المشئومة اكبر كارثة شهدها الجنوب..فضيعه .. مؤلمه .. بكل ما تحملها الكلمة من معنى .. فقدت فيها البلاد خيرة الرجال وعددا من القادة الأكفاء ..

فماذا اكتب عن هؤلاء .. لكل واحد منهم تاريخ نضالي وإنساني غني بالعطاء .. كلهم كانوا كبارا في مقدمتهم قائد رحلتنا وزير الخارجية محمد صالح العولقي الذي تقلد منصبه في حكومة الرئيس علي ناصر عام 1971 .

خلال فترة توليه لمهامه تم ألاتفاق على التحضير لانعقاد مؤتمر دبلوماسي الجنوب .. وقبل انعقاده تم ترشيح الأستاذ احمد علي مسعد أول سفير معتمدا لدى ايطاليا واختياري سكرتيرا ثالتا لديه فاعتبرته رد اعتبار لما لحق بي سابقا .. فنشطت في متابعة أمور افتتاح أول بعثه لنا من جهة وفي المشاركة في التحضير لمؤتمر الدبلوماسيين ..

في قاعة كلية الحقوق في مدينة الشعب افتتح الرئيس سالمين مؤتمر الدبلوماسيين .. كان سفيري ألاستناد احمد علي مسعد جالسا ضمن الضيوف وليس مع الدبلوماسيين المشاركين فاستهجنه الرئيس سالمين موجها لوما حادا امام كل الحضور على تصرفه هذا !!

يومها قال لي الأستاذ احمد علي مسعد .. انسى لن تكون هناك سفارة في ايطاليا فاعتكف في منزله سفيرا بدون سفارة !!

كان محمد صالح عولقي في تعامله وفي قيادته لوزارة الخارجية في غاية التواضع .. كان يريد فعلا إنجاح فعاليات مؤتمر الدبلوماسيين ولهذا السبب حرص ان يشارك في كل فعاليات البرنامج منذ بدايتها أواخر ابريل 1973 وحتى يوم الفاجعة ..

كنت معهم في لقائنا الأخير في مدينة عتق كانوا كلهم صفوة القادة.. حيت رعانا و استقبلنا .. حينها محافظها وسكرتير منظمة الجبهة القومية علي شائع هادي .. كنا مجتمعين برئاسة الوزير قبيل المغادرة الى محافظة حضرموت وكانت هناك طائرتان في انتظارنا الأولى داكوتا والأخرى انتينوف ..

اقترح قائد الشرطة العسكرية وهو احد منظمي الرحلة على الوزير قائمتين للطائرتين .. لم يتحمس الوزير لذلك بل حتى لم ينظر لأي اسم في القائمتين ..

كان امامنا و كنا كلنا حوله في مقاعدنا .. اخد القائمتين ووضعهما في جيب قميصه دون ان ينظر الى اي اسم فيهما ..

سأل الوزير اي من الطائرتين ستصل الأولى .. رد منظم الرحلة ا لداكوتا .. اما الانتينوف فستتوقف في مطار بحران للتزود بالوقود .. اجاب الوزير على الفور انه سيكون على رأس من فيها فهناك من سيكون في الاستقبال وبالتالي الضرورة تستدعي ان يكون معهم ..

اما من سيكون معه فرأى ان يبدأ عد العدد المطلوب عشوائيا وهكذا بدأ الوزير بنفسه وواصل مع من كان حوله دون اي اختيار !!

السفير عبدالملك إسماعيل الذي جاء الى طائرتنا الأنتينوف لأخذ كاميرته من احد الزملاء ..تمسكوا به بعض من السفراء بالبقاء .. فانكتب له عمر جديد .. اما السفير علي معوض فلم يتمكن من اللحاق بالطائرتين فنجا هو الأخر !!

ما كادت تحط فينا الطائرة الأنتينوف في مطار بحران حتى سمعنا من ينادي بسقوط طائرة الدبلوماسيين الداكوتا فوق جبال شبوه .. نزل علينا الخبر كالصاعقة .. جعلت كل منا في ذهول .. فكنت الأ شعوريا اعبر عن دهشتي بصوت عالي وكان هناك في مطا ر بحران من يرصد كلامي !!

بقينا في مطار بحران في انتظار التوجيها ت بالعودة الى عدن يومها عرفت معادن الرجال القادة الأقوياء ممن كانوا معنا في مقدمتهم المناضل علي السلأمي الذي فقد اثنين من اخوته الى جانب رفاق دربه الشهداء الأبرار.. فظل صامتا .. شامخا لم نرى على وجهه الأ الحزن والأسى ..

اليوم وانا اتذكر أكثر من واقعه .. قلت في نفسي علي السلامي كان محقا عندما تصالح وتوحد مبكرا ووقع اتفاقا بين جبهتي القوميه و التحرير .. اتفاقا بدون مصالح لو اتفقوا عليه لربما أوقف حروبا وصراعات قبل وبعد استقلال الجنوب ..

في مطار بحران حضر الينا المناضل علي عنتر .. الذي ابلغنا انه سيذهب لتفقد موقع الطائرة و نقل أشلاء الشهداء .. وانه ستصلنا طائره خاصه لنقلنا الى عدن .. كان اول الرافضين السفير عبد الملك اسماعيل .. فطلبوا جميعا الذهاب معه ..لم يكن أمامه الأ الموافقة والرضوخ لرغبة الكل فانتقلنا من بحران الى جبال شبوه موقع سقوط الطائره ومن ثم الى مطار عدن العسكري في طائرات الهيلوكبتر ومعنا أشلاء القادة الشهداء ..

في عدن انا الأخر انكتب لي عمر جديد .. فما كادت قدماي تطأ ارض المطار حتى كانت صدمتي كبيره و انا ارى نفسي مطوقا ببعض الرجال ممن كانوا في انتظاري للتحقيق فيما تفوهت فيه .. و لولأ قدرة الله ودعوة الوالدين ووقوف قاده انقدوني من براثنهم في مقدمتهم الرئيس علي ناصر محمد و الوزير محمد سعيد عبدالله ( محسن ) الذي دعاني الى مكتبه .. ولم يكن الأ مواسيا .. متفهما .. لحالي و حزني .. لكن حزن الناس بهذه الكارثة كان اكبر .. بنفس قدر مشاركتهم في تشيع جنازتهم المهيبه .. لفقدان الوطن أغلى الرجال ..

يتبع ..