المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بالتقسيط حتى تُفرَج


منصور الأصبحي
01-03-2011, 09:53 PM
بالتقسيط حتى تُفرَج

ليس أقل من عشر دقائق وأنا أنتظر دوري لتناول الصبوح (طعام الإفطار) في احد المطاعم الشعبية في مدينة الحديدة، العشرات من الأطفال يتدافعون في دراميكية مستعجلة لحجز وجبة الإفطار التي يكلف بطباختها صاحب ذلك المطعم لكن بصورة أكثر بساطة، الطفل"ياسر لطف" والذي أوضح من خلال ما بين يديه من طعام أنه ومعظم بل وكل زملائه الأطفال يرسلون يومياً من البيوت لشراء وجبة الصبوح لكن بالتقسيط ؟ قلت له كيف بالتقسيط ؟ أجاب أنهم يشترون من البقالة بعشرة ريال زيت طبخ وعشرة ريال بهارات وبصل وخمسة ريال ملح، ثم يذهبون بذلك إلى صاحب المطعم لطبخه وإنضاجه هذا بالنسبة للصبوح والذي يستغنى فيه غالباً عن الشاهي و" البسباس" الفلفل الحار وبعض المقبلات الأخرى، الحجة " آسية " والتي كانت في ذات البقالة السابقة تشتري بعض المقاضي حوالي الساعة الحادية عشرة قبل الظهر اقتربت منها بعد أن وجهت السلام سألتها ماذا ستشتري لتحضير وجبة الغداء والتي تعتبر مهمة لكل أسرة على الإطلاق قالت وهي تشير لما بين يديها : والله ياإبني هذي هي مقاضي الغداء بس، قلت لها : أيش هي بالتحديد وكم ثمنها بالضبط ؟ أجابت : زيت بعشرة ريال، دقيق بأربعين ريال، أرز بخمسين ريال، بهارات وملح بعشرة ريال، ثم ابتسمت وأشارت بيدها تجاه السوق وقالت : وبعدين الباغة " سمك صغير " تقع بثلاثين ريال وهات من غدوة، "عادل الخولي " أحد أبناء منطقة باجل" عامل نظافة " في صنعاء التقيته أمام أحد المطاعم وكان في حالة متوترة إزاء الغلاء الذي لحق باللقمة التي لم تسد جوعه في تيك المطعم الشعبي اعتبر أن الحياة سهلة وبسيطة ومميزة في المناطق الساحلية "الحديدة تحديداً" مقارنة بالمعيشة هنا في صنعاء حينما سألته عن كم الفارق بين المدينتين قال : ياصاحبي الريال في الحديدة عاده صاحي ويعمل جهده، فلما ضحكت متندرأً مما قاله، قال : ليش تضحك أنت داري ان المائة الريال هناك تعزم بها ضيف وتسوي بها العجايب لكن هنا في صنعاء تشرب بها مايو بس وعندك الفارق، لتنتهي حياة هؤلاء بالتقسيط وتختفي أيٍ من الوجبات اليومية المقتولة بأزماتٍ اقتصادية سامة وجهت صوب الصدر العاري لتخترق الأحشاء الفارغة والأمعاء الملتويه والأكباد التي أوشكت على التفتت نتيجة الفشل الذريع في إدارة البلاد سياسياً واقتصادياً وإنسانياً ومعيشياً .