حد من الوادي
05-10-2011, 04:06 AM
بشيش على أم اللبن
الإثنين , 9 مايو 2011
لم يكن سقوط سلطنتي حضرموت في سنة 1967م بالحدث المفاجئ فقد ظهرت ممهدات كثيرة تنبئ بقرب هذا السقوط ومن ابرز المؤشرات إلغاء بريطانيا من جانب واحد معاهداتها مع هاتين السلطنتين ونلحظ ذلك في الرسالة التي بعثها المندوب السامي لعدن ومحميات الجنوب العربي السير (ترفليان) للسلطان غالب بن عوض القعيطي في28-ديسمبر 1967م قال فيها بعد التمهيد : " ان حكومة صاحبة الجلالة تعفي من اليوم نفسه سلطان الشحر والمكلا وورثته وخلفائه من جميع التزاماتهم بموجب تلك المعاهدات وأي معاهدات أو اتفاقيات أو وعود أخرى أبرمت ولازالت موجودة بين حكومة صاحبة الجلالة وصاحب العظمة وورثته وخلفائه وستكون جميعها عندئذ لاغية"
تستحق هذه الرسالة المهمة وقفات تاريخية وما يعنينا هنا ان بريطانيا تخلت عن السلاطين والمشايخ فيما يعرف بالجنوب العربي لهذا سقطت السلطنة القعيطية بعد ما يقارب التسعة أشهر من تلك الرسالة(17سبتمبر1967م) وتلتها السلطنة الكثيرية في2أكتوبر من العام نفسه .
تجدر الإشارة إلى ان سقوط هاتين السلطنتين لا يعني سقوط الدولة في حضرموت وكان للسلطات الاستعمارية دور لافت في الانتقال( السلس) للسلطة من خلال الإيعاز لقادة جيش البادية وجيش النظام بتسليم السلطة للجبهة القومية ؟؟ وبهذا جاءت سلطة جديدة في حضرموت معززة بمؤسسات مدنية وعسكرية قائمة، وكما هو حاصل اليوم كانت الخيارات أمام النخب الوطنية متباينة بعضها يدعو لدمج حضرموت مع الجنوب وأخرى ترى دمج حضرموت مع الجنوب كخطوة للوحدة مع الجمهورية العربية اليمنية وكان هذا التيار المهيمن وربما الغالب وثالث يدعو لاستقلال حضرموت وكانت فرص هذا التيار ضعيفة لأن هذا الطرح وقتئذ لم يتناغم مع إيقاعات ثورية وحدوية عروبية حالمة
في عقدي سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي صارت حضرموت محافظة مرقمة ضمن محافظات جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ورغم انها لم تأخذ حقها في تلك الجمهورية حسب ثقلها الحضاري ومساحتها الجغرافية وأهميتها الاقتصادية إلا أنها حافظت على شكل من الإدارة المحلية مثل غيرها من المحافظات الجنوبية وكان ذلك وضعا يمكن وصفه بشبه الاتحادي ومع هذا خسرت حضرموت جانبا من قرارها، على أن الأهم من ذلك هو ان تلك المرحلة روضت حضرموت للوصول الى الوضع الهامشي في مرحلة الجمهورية اليمنية القائمة اذ صارت رقما قصيا ضمن ثمانية عشر رقما أو محافظة.
واذا اشتكت حضرموت في الجمهورية الديمقراطية من ضعف التمثيل او بالأحرى قوة التأثير في العاصمة عدن فإنها في عهد الجمهورية اليمنية تذمرت جراء معاناتها مع محافظات الجنوب الأخرى من غياب وزنها في العاصمة صنعاء وتغييب شخصيتها في عقر دارها وهذه السياسة المسكوت عنها بعمد او غير عمد جعلت الأغلبية المتعاطفة مع الوحدة الاندماجية السلمية تعيد حساباتها وتغير مواقفها ولاسيما بعد تعميدها بالدم في حرب 1994م.
واليوم وبعد ما يقارب نصف قرن تعيد الحكاية سيرتها الأولى ولكن معززة بتجربة ( واسأل مجرب ولا تسال طبيب) فقد جربت حضرموت حكم نفسها ودخلت في تجربة الحكم مع الجنوب ثم دخلت في حكم الجمهورية اليمنية (الحالية) وكانت تجارب فيها من المعاناة أكثر من الاستقرار ففي هذه اللحظات الحرجة التي تنذر بتغيرات أكيدة - لا يعلم مداها الا الله - عاد الحضارمة والنخب (الوطنية)و (المثقفة) إلى بحث الخيارات الثلاثة السابقة بحضور مكثف للتاريخ وهواجسه، ولكن في ظروف مغايرة فعندما كانت حضرموت تسعى بعاطفة ضمن الجنوب إلى الوحدة مع الجمهورية العربية اليمنية كانت إمكانياتها تسمح لها بان تظل مستقلة او محتفظة بقرارها واليوم تحاول عن تجربة التخلص من تبعيتها السابقة لكنها لا تمتلك أدنى شروط الفعل الحقيقي وما يحصل بين قوات الدولة اليمنية المركزية في حضرموت على سبيل المثال يؤكد انها خارج اللعبة العسكرية تماما لهذا استجدى بعض أهلها هؤلاء الغرماء كي يكون الصراع ان حدث بينهم بعيدا عن حضرموت ونسى هؤلاء او تناسوا أنهم في أول الأمر وفي آخره رقم لا يعول عليه.
ولاشك أن هذه الوضع الحزين جعل الحضارمة يرتدون إلى ما قبل قيام سلطناتهم وذلك لتحقيق أمنهم الجمعي الداخلي بتشكيل اللجان الشعبية في الأحياء السكنية لحفظ أرواحهم، وممتلكاتهم الشخصية ثم أخذت تتوسع الجهود لإقامة مجالس وملتقيات في المدن والقرى والأرياف وهي خطوات ايجابية تؤكد مرحلة الفراغ الكبير الذي يعانيه الحضارمة و يشعرون به ومع هذا فان هذه الخطوات اصطدمت وما تزال تصطدم باجتهادات شخصية مسيسة وغير مسيسة هدفها التنافس على سلطة وكراسي في الهواء او لفهم قاصر وضعيف لطبيعة المرحلة.
أيها الحضارمة انتم لستم طرفاً في لعبة السياسة إلا اللمم، والمدخل الصحيح لان يكون لكم مكان هو بوحدة موقفكم وصدق مشاعر كم ونبل مساعيكم ولن يكون لكم مكان اذا تنازعتم وذهبت ريحكم يا حضارمة(بشيش )على أنفسكم من أنفسكم و(بشيش )على حضرموت من عجلتكم .
إننا نتفهم قابلية حضرموت المرنة في الدخول ضمن دوائر كبيرة بحكم حقائق الواقع وضغوطه، ولكن من الملح الآن ترسيخ أسس جديدة مقبولة في هذه العلاقة برؤية واضحة، ووضع آليات لحفظ الحقوق وضبط النوايا الحسنة من المتسترين بها . وقبل أن نكون كما نريد ونحب يجب أولا البحث عن حضرموت التي تستحق الحضارمة كما يجب ان نعيد صناعة الحضارمة كي يستحقوا حضرموت.
الإثنين , 9 مايو 2011
لم يكن سقوط سلطنتي حضرموت في سنة 1967م بالحدث المفاجئ فقد ظهرت ممهدات كثيرة تنبئ بقرب هذا السقوط ومن ابرز المؤشرات إلغاء بريطانيا من جانب واحد معاهداتها مع هاتين السلطنتين ونلحظ ذلك في الرسالة التي بعثها المندوب السامي لعدن ومحميات الجنوب العربي السير (ترفليان) للسلطان غالب بن عوض القعيطي في28-ديسمبر 1967م قال فيها بعد التمهيد : " ان حكومة صاحبة الجلالة تعفي من اليوم نفسه سلطان الشحر والمكلا وورثته وخلفائه من جميع التزاماتهم بموجب تلك المعاهدات وأي معاهدات أو اتفاقيات أو وعود أخرى أبرمت ولازالت موجودة بين حكومة صاحبة الجلالة وصاحب العظمة وورثته وخلفائه وستكون جميعها عندئذ لاغية"
تستحق هذه الرسالة المهمة وقفات تاريخية وما يعنينا هنا ان بريطانيا تخلت عن السلاطين والمشايخ فيما يعرف بالجنوب العربي لهذا سقطت السلطنة القعيطية بعد ما يقارب التسعة أشهر من تلك الرسالة(17سبتمبر1967م) وتلتها السلطنة الكثيرية في2أكتوبر من العام نفسه .
تجدر الإشارة إلى ان سقوط هاتين السلطنتين لا يعني سقوط الدولة في حضرموت وكان للسلطات الاستعمارية دور لافت في الانتقال( السلس) للسلطة من خلال الإيعاز لقادة جيش البادية وجيش النظام بتسليم السلطة للجبهة القومية ؟؟ وبهذا جاءت سلطة جديدة في حضرموت معززة بمؤسسات مدنية وعسكرية قائمة، وكما هو حاصل اليوم كانت الخيارات أمام النخب الوطنية متباينة بعضها يدعو لدمج حضرموت مع الجنوب وأخرى ترى دمج حضرموت مع الجنوب كخطوة للوحدة مع الجمهورية العربية اليمنية وكان هذا التيار المهيمن وربما الغالب وثالث يدعو لاستقلال حضرموت وكانت فرص هذا التيار ضعيفة لأن هذا الطرح وقتئذ لم يتناغم مع إيقاعات ثورية وحدوية عروبية حالمة
في عقدي سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي صارت حضرموت محافظة مرقمة ضمن محافظات جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ورغم انها لم تأخذ حقها في تلك الجمهورية حسب ثقلها الحضاري ومساحتها الجغرافية وأهميتها الاقتصادية إلا أنها حافظت على شكل من الإدارة المحلية مثل غيرها من المحافظات الجنوبية وكان ذلك وضعا يمكن وصفه بشبه الاتحادي ومع هذا خسرت حضرموت جانبا من قرارها، على أن الأهم من ذلك هو ان تلك المرحلة روضت حضرموت للوصول الى الوضع الهامشي في مرحلة الجمهورية اليمنية القائمة اذ صارت رقما قصيا ضمن ثمانية عشر رقما أو محافظة.
واذا اشتكت حضرموت في الجمهورية الديمقراطية من ضعف التمثيل او بالأحرى قوة التأثير في العاصمة عدن فإنها في عهد الجمهورية اليمنية تذمرت جراء معاناتها مع محافظات الجنوب الأخرى من غياب وزنها في العاصمة صنعاء وتغييب شخصيتها في عقر دارها وهذه السياسة المسكوت عنها بعمد او غير عمد جعلت الأغلبية المتعاطفة مع الوحدة الاندماجية السلمية تعيد حساباتها وتغير مواقفها ولاسيما بعد تعميدها بالدم في حرب 1994م.
واليوم وبعد ما يقارب نصف قرن تعيد الحكاية سيرتها الأولى ولكن معززة بتجربة ( واسأل مجرب ولا تسال طبيب) فقد جربت حضرموت حكم نفسها ودخلت في تجربة الحكم مع الجنوب ثم دخلت في حكم الجمهورية اليمنية (الحالية) وكانت تجارب فيها من المعاناة أكثر من الاستقرار ففي هذه اللحظات الحرجة التي تنذر بتغيرات أكيدة - لا يعلم مداها الا الله - عاد الحضارمة والنخب (الوطنية)و (المثقفة) إلى بحث الخيارات الثلاثة السابقة بحضور مكثف للتاريخ وهواجسه، ولكن في ظروف مغايرة فعندما كانت حضرموت تسعى بعاطفة ضمن الجنوب إلى الوحدة مع الجمهورية العربية اليمنية كانت إمكانياتها تسمح لها بان تظل مستقلة او محتفظة بقرارها واليوم تحاول عن تجربة التخلص من تبعيتها السابقة لكنها لا تمتلك أدنى شروط الفعل الحقيقي وما يحصل بين قوات الدولة اليمنية المركزية في حضرموت على سبيل المثال يؤكد انها خارج اللعبة العسكرية تماما لهذا استجدى بعض أهلها هؤلاء الغرماء كي يكون الصراع ان حدث بينهم بعيدا عن حضرموت ونسى هؤلاء او تناسوا أنهم في أول الأمر وفي آخره رقم لا يعول عليه.
ولاشك أن هذه الوضع الحزين جعل الحضارمة يرتدون إلى ما قبل قيام سلطناتهم وذلك لتحقيق أمنهم الجمعي الداخلي بتشكيل اللجان الشعبية في الأحياء السكنية لحفظ أرواحهم، وممتلكاتهم الشخصية ثم أخذت تتوسع الجهود لإقامة مجالس وملتقيات في المدن والقرى والأرياف وهي خطوات ايجابية تؤكد مرحلة الفراغ الكبير الذي يعانيه الحضارمة و يشعرون به ومع هذا فان هذه الخطوات اصطدمت وما تزال تصطدم باجتهادات شخصية مسيسة وغير مسيسة هدفها التنافس على سلطة وكراسي في الهواء او لفهم قاصر وضعيف لطبيعة المرحلة.
أيها الحضارمة انتم لستم طرفاً في لعبة السياسة إلا اللمم، والمدخل الصحيح لان يكون لكم مكان هو بوحدة موقفكم وصدق مشاعر كم ونبل مساعيكم ولن يكون لكم مكان اذا تنازعتم وذهبت ريحكم يا حضارمة(بشيش )على أنفسكم من أنفسكم و(بشيش )على حضرموت من عجلتكم .
إننا نتفهم قابلية حضرموت المرنة في الدخول ضمن دوائر كبيرة بحكم حقائق الواقع وضغوطه، ولكن من الملح الآن ترسيخ أسس جديدة مقبولة في هذه العلاقة برؤية واضحة، ووضع آليات لحفظ الحقوق وضبط النوايا الحسنة من المتسترين بها . وقبل أن نكون كما نريد ونحب يجب أولا البحث عن حضرموت التي تستحق الحضارمة كما يجب ان نعيد صناعة الحضارمة كي يستحقوا حضرموت.