حد من الوادي
05-23-2011, 02:45 AM
وحدة الشمال.. ووحدة الجنوب
المكلا اليوم / كتب: محمد باجنيد2011/5/22
عند الحديث عن اليمن الموحد .. فإن ذلك يعني بالمفهوم الطبيعي أن هناك دولتان توحدتا سياسياً.. ولا يحق لواحدة منهما أن تبغي على الأخرى.. وإلا فإن الفرع عاد إلى الأصل وهذا المعني ينفي وجود وحده بين دولتين طالما أن أحدهما عاد إلى حضن الأم..
الوحدة التي حدثت عام التسعين كانت بين دولتين ذات تمثيل سياسي منفصل لكل منهما, كان حينها أبناء الجمهورية العربية اليمنية يعيشون في وضع اقتصادي جيد ويتمتعون بمميزات إستثنائيه في العالم العربي وخاصة في المملكة العربية السعودية ولم تكن بلادهم تعاني من البطالة أو الفقر المُذل كما هو الحال الآن.. أما الريال اليمني فكان قبيلياً في عنفوان فتوته يتحدى الدولار أن يصيبه بالدوار أو التراجع إذ كان من الشجاعة والمتانة والصلابة بحيث لا يبالي بالعملات الصعبة وتقلباتها في الأسواق الدولية كأنما كان يحمل.. في إحدى راحتيه مدفع وفي الأخرى رشاش وفي رأسه شعورا بالكبرياء والتيه.
كان الوضع في اليمن الجنوبي ذي النزعة الاشتراكية مختلفا.. إذ أنهى التأميم الحياة الإقتصاديه في بلدٍ مواطنيه مولعون بالتجارة , وأوقف الأهالي الحركة العمرانية رعباً من التأميم, رغم ذلك فإنه لا يمكن تجاهل اهتمام الدولة الجنوبية بالصحة وتمثل ذلك في مجانية العلاج للمواطنين ووجود الأمن بفرض القانون على الكل وكذلك الحرب العنيفة على الاُميه ونشر التعليم فكان الطالب الجامعي يحصل على مكافأة ماليه إثناء الدراسة إلى حين تخرجه مع ضمان وظيفة له بعد التخرج.
عند إعلان الوحدة كان المواطن الجنوبي سعيدا جدا بها ليس لان الوحدة بين الدولتين كانت من أوليات حكومته أو إن قادة اليمن الجنوبي كانوا مثاليين جدا عند مطالبتهم بوحدة اندماجيه.. ولكن لأن المواطن في اليمن الجنوبي كان يرى في الوحدة تحقيقا لمصالحه الشخصية وان مزايا مواطن الجمهورية اليمنية ستصل إليه دون أن يفقد شيئا من مزايا نظامه الاشتراكي.
لكن واقع الوحدة افرز مفاجئة غير سارة للمواطن الجنوبي.. فأكتشف أن بلاده لم تكن سوى فرعاً عادت إلى الأصل وكانت أحد شطرين عادا إلى بعضهما ولم تكن الوحدة بين دولتين توحدتا من اجل بناء وطن قوي بالإيمان والعلم والعدل وتحقيق أهداف مواطني الدولتين المتوحدتين في الحياة العصرية.
وبدت الوحدة وكأنما هي منطقه ذات موقع جغرافي هام وغنية بالبترول والثروة السمكية من حق الطرف الأقوى "الأصل" والاكتفاء بمنح الآخر "الفرع" الشعور النفسي بأهمية الوحدة وعظمتها وقوتها والقيمة المعنوية في تحقيقها باعتبار أنها الطريق إلى الوحدة العربية.
بعد .. اكثر من عشرين عاما لم تحقق الوحدة لأبناء الجنوب آمالهم فيها, كما تضرر منها الأكثرية من أبناء الجمهورية العربية اليمنية فعلى سبيل المثال فقدت العملة اليمنية عنفوانها فصدئ المدفع في جانب من الريال اليمني وتخشّب ألرشاش في الجانب الآخر فتخلى الريال عن كبرياؤه القبلي فأصبح مكسور القلب بلا مهابة أمام العملات العالمية أما الجواز اليمني فإنه يدخل المنافذ العربية والدولية.. متسللاً.. في ليالي الإجازات خوفاً من العين ! وتوسعت مساحة الفقر وازدحمت الشوارع بالمتسولين وأرتفع معدل التخلف والجهل.
وبدلا من أن تأخذ دولة الوحدة "الأحسن" لدى الدولتين المتوحدتين عمدت إلى ترسيخ المعنى اللفظي للوحدة عن طريق الاحتفالات والأناشيد والأغاني وترديد كلمة الوحدة في كل وقت وحين وهذا الترديد اعتراف ضمني بأن الوحدة.. لم.. تصل إلى "جيب وعقل وقلب" أكثر المواطنين ولم تمنع عنهم حلم مغادرة اليمن ولم تستجيب لمطالب الشعب في الدوليتين بتحقيق العصرنه ولم تمسح دموع عيون أبناء الجنوب على ما يحدث لتاريخهم وثرواتهم النفطية وبحرهم.
وإذا كان أبناء الجمهورية العربية اليمنية وأبناء الجنوب وحدويون.. حقاً.. فعليهم كتابة أوراق وحده بين دولتين من جديد بما يضمن لكل طرف خصوصيته وتاريخه وشخصيته وثروته وان يغترف كل وحدوي أنه حقق الوحدة مع الآخر من أجل التكامل وليس طربا بعودة الفرع إلى الأصل أو إنهاء تشطير لم يتمكن واحداً من المؤرخين إثبات أن اليمن كان شطراً سياسياً وجغرافيا واحدا بحدوده الحالية قبل العام 90م.
المكلا اليوم / كتب: محمد باجنيد2011/5/22
عند الحديث عن اليمن الموحد .. فإن ذلك يعني بالمفهوم الطبيعي أن هناك دولتان توحدتا سياسياً.. ولا يحق لواحدة منهما أن تبغي على الأخرى.. وإلا فإن الفرع عاد إلى الأصل وهذا المعني ينفي وجود وحده بين دولتين طالما أن أحدهما عاد إلى حضن الأم..
الوحدة التي حدثت عام التسعين كانت بين دولتين ذات تمثيل سياسي منفصل لكل منهما, كان حينها أبناء الجمهورية العربية اليمنية يعيشون في وضع اقتصادي جيد ويتمتعون بمميزات إستثنائيه في العالم العربي وخاصة في المملكة العربية السعودية ولم تكن بلادهم تعاني من البطالة أو الفقر المُذل كما هو الحال الآن.. أما الريال اليمني فكان قبيلياً في عنفوان فتوته يتحدى الدولار أن يصيبه بالدوار أو التراجع إذ كان من الشجاعة والمتانة والصلابة بحيث لا يبالي بالعملات الصعبة وتقلباتها في الأسواق الدولية كأنما كان يحمل.. في إحدى راحتيه مدفع وفي الأخرى رشاش وفي رأسه شعورا بالكبرياء والتيه.
كان الوضع في اليمن الجنوبي ذي النزعة الاشتراكية مختلفا.. إذ أنهى التأميم الحياة الإقتصاديه في بلدٍ مواطنيه مولعون بالتجارة , وأوقف الأهالي الحركة العمرانية رعباً من التأميم, رغم ذلك فإنه لا يمكن تجاهل اهتمام الدولة الجنوبية بالصحة وتمثل ذلك في مجانية العلاج للمواطنين ووجود الأمن بفرض القانون على الكل وكذلك الحرب العنيفة على الاُميه ونشر التعليم فكان الطالب الجامعي يحصل على مكافأة ماليه إثناء الدراسة إلى حين تخرجه مع ضمان وظيفة له بعد التخرج.
عند إعلان الوحدة كان المواطن الجنوبي سعيدا جدا بها ليس لان الوحدة بين الدولتين كانت من أوليات حكومته أو إن قادة اليمن الجنوبي كانوا مثاليين جدا عند مطالبتهم بوحدة اندماجيه.. ولكن لأن المواطن في اليمن الجنوبي كان يرى في الوحدة تحقيقا لمصالحه الشخصية وان مزايا مواطن الجمهورية اليمنية ستصل إليه دون أن يفقد شيئا من مزايا نظامه الاشتراكي.
لكن واقع الوحدة افرز مفاجئة غير سارة للمواطن الجنوبي.. فأكتشف أن بلاده لم تكن سوى فرعاً عادت إلى الأصل وكانت أحد شطرين عادا إلى بعضهما ولم تكن الوحدة بين دولتين توحدتا من اجل بناء وطن قوي بالإيمان والعلم والعدل وتحقيق أهداف مواطني الدولتين المتوحدتين في الحياة العصرية.
وبدت الوحدة وكأنما هي منطقه ذات موقع جغرافي هام وغنية بالبترول والثروة السمكية من حق الطرف الأقوى "الأصل" والاكتفاء بمنح الآخر "الفرع" الشعور النفسي بأهمية الوحدة وعظمتها وقوتها والقيمة المعنوية في تحقيقها باعتبار أنها الطريق إلى الوحدة العربية.
بعد .. اكثر من عشرين عاما لم تحقق الوحدة لأبناء الجنوب آمالهم فيها, كما تضرر منها الأكثرية من أبناء الجمهورية العربية اليمنية فعلى سبيل المثال فقدت العملة اليمنية عنفوانها فصدئ المدفع في جانب من الريال اليمني وتخشّب ألرشاش في الجانب الآخر فتخلى الريال عن كبرياؤه القبلي فأصبح مكسور القلب بلا مهابة أمام العملات العالمية أما الجواز اليمني فإنه يدخل المنافذ العربية والدولية.. متسللاً.. في ليالي الإجازات خوفاً من العين ! وتوسعت مساحة الفقر وازدحمت الشوارع بالمتسولين وأرتفع معدل التخلف والجهل.
وبدلا من أن تأخذ دولة الوحدة "الأحسن" لدى الدولتين المتوحدتين عمدت إلى ترسيخ المعنى اللفظي للوحدة عن طريق الاحتفالات والأناشيد والأغاني وترديد كلمة الوحدة في كل وقت وحين وهذا الترديد اعتراف ضمني بأن الوحدة.. لم.. تصل إلى "جيب وعقل وقلب" أكثر المواطنين ولم تمنع عنهم حلم مغادرة اليمن ولم تستجيب لمطالب الشعب في الدوليتين بتحقيق العصرنه ولم تمسح دموع عيون أبناء الجنوب على ما يحدث لتاريخهم وثرواتهم النفطية وبحرهم.
وإذا كان أبناء الجمهورية العربية اليمنية وأبناء الجنوب وحدويون.. حقاً.. فعليهم كتابة أوراق وحده بين دولتين من جديد بما يضمن لكل طرف خصوصيته وتاريخه وشخصيته وثروته وان يغترف كل وحدوي أنه حقق الوحدة مع الآخر من أجل التكامل وليس طربا بعودة الفرع إلى الأصل أو إنهاء تشطير لم يتمكن واحداً من المؤرخين إثبات أن اليمن كان شطراً سياسياً وجغرافيا واحدا بحدوده الحالية قبل العام 90م.