حد من الوادي
06-25-2011, 12:44 AM
انترنت + تليفون + قات = صحافة يمنية !!!
2011/06/24 الساعة 19:11:42
د .عمر عبرين
في مختلف بلاد العالم يمكن لأي صحيفة نشر أي مقال يعبر عن رأي كاتبه بغض النظر عن تخصصه ، طالما أنه يمتلك قدراً من ( الأدب ) في الصياغة و( النقد ) للآخرين ، بما يحفظ للصحيفة رصانتها لدى القراء ، وللكاتب ( وقاره و قيمته الاجتماعية ) .
ولكن لا تعتمد تلك الصحف في نشر الأخبار والتقارير والتحقيقات ، إلا على من درس الصحافة ومارس قدراً من التدريب فيها ، وخاض قسطاً من المتاعب في الوصول إلي مكان الحدث لتوثيقه إما بالمستند الغير قابل للتشكيك أو التسجيل والتصوير الذي لا يحتمل التكذيب ، وتدعيمه بوجهات النظر المختلفة للمعنيين به ، ومن ثم صياغته بعقلية ( المتجرد من الانتماء والبعيد عن الأهواء ) ، حفاظاً على مصداقية الصحيفة واحتراماً لعقول الناس .
أما الصحف التي تعتمد في تعبئة صفحاتها على من ( تصادف وجود القلم والجوال في جيبه ) فتلك هي ( الصحافة الصفراء ) كما يطلق عليها في تلك البلدان .
وفي اليمن ، إذا قررت أن تعمل في الصحافة فذلك أسهل ما يكون ، ولا يشترط أن تكون متخصصاً فيها ، ولا الاستيقاظ مبكراً من النوم بحثاً عن الأخبار والأحداث ، كونها لا تبدأ إلا بعد ( الساعة السليمانية ) - بما فيها المظاهرات والمواجهات - لأن الجميع منشغلين في الفترة الصباحية بالتحضير لطقوس القات ، من تناول لوجبات الفطور ومن ثم الغداء وفي أوقاتها ( الإجبارية ) ، يتخللها مشوار البحث عن رزمة القات وتحديد مكان ( التخزينة ) .
وعليه فإنك لن تجد - باعتبارك صحفي - من يدلي بتصريح موثق بالتسجيل ، أو يمدك بالمعلومات الموثقة عن قضايا تسعى لنشر تحقيق صحفي حولها ، وإذا قررت تولي المهمة وتحمل متاعب هذه المهنة والانتقال من موقع لأخر للبحث عن الحدث ، فإنك لن تجد الحدث ولا الوقت الكافي لتناول وجبات ما قبل القات ومن ثم القات نفسه .
لذلك فإن الشروط المناسبة لتعبئة صفحات الجريدة أو الموقع الإخباري ، تنحصر في ( وجبة غذاء دسمه ) و( رزمة قات لها القيمة ) و( متكى مريح ) في ديوان مقر الصـحيفة أو الموقع ، وتليفون مفتوح على المحافظات للحصول على التصريحات ، من مصادر مسئولة أو مطلعة أو خاصة ( لا نعرف أسمائهم حتى الآن ) ، والغريب أن المصادر جميعهم في ذلك الوقت ( مخزنين ) ، وتكمن المصيبة في ( اختلاف نوع القات ) وبالتالي ( اختلاف التصريحات والتحليلات ) ، والنتيجة أخبار وصف لا يستسيغها طفل وأكاذيب لا يحتملها عقل ، ناهيك عن السب والقذف والاتهام ، فكل طرف لا يخشى التكذيب أو سلطة القانون على تصريحاته ، ( فكلام القات لا يؤخذ عليه ) ، ( والضمير غائب يقدره هو !! ) .
وإذا لم تكتمل صفحات الجريدة أو الموقع بالموضوعات ، فالإنترنت يكمل المهمة ، وكل ما عليك زيارة خاطفة لبعض المواقع العربية ، ( والله يبارك في النسخ واللصق – Copy & Paste ) ، ( ولا تشيل هم ) حقوق تلك المواقع الفكرية والمادية التي خسرتها كإنتاج فكري ، فقط أكتب ( نقلاً عن ) ( وخارج نفسك ) ، لأنه ببساطه ( ما حد يدور بعد حد ) في اليمن .
والمحصلة مواقع أخبار أكثر من الزوار ، يبدأ وقت تحديث مضمونها مع تناول ( أول غصن قات ) ، وينتهي التحديث آخر الليل بعد شرب ( الحليب المفور ) ، وأخبارها فيما بينها على نمط ( سلفني وسلفك ) ، أما الصحف فلدينا الحمراء والصفراء والخضراء ، وعددها أكثر من القراء .
قراء احتار معهم مرض الضغط نفسه ( يرتفع وينخفض ما بين صحيفة والثانية ) بسبب عناوين رنانة ومضامين حنانه ، ينقصها صوت ( الزغاريد للواصفين ) ، ( والبكاء للمعارضين ) ، وكأني بحال القراء أمام الأكشاك كحال الصائمين في سوق التمر ، براق من أعلاه ، مغشوش في أدناه .
استغراب :
غريب أن تتكاثر المواقع والصحف مثل الفطر في بلد فقير كاليمن ، ولكن يزول الاستغراب عندما تدرك ، انك أمام مزاد بين طرفين بحثاً عن ( ..... ) ، ولا عزاء للضمير وأمن الناس والوطن !!!
[email protected]
2011/06/24 الساعة 19:11:42
د .عمر عبرين
في مختلف بلاد العالم يمكن لأي صحيفة نشر أي مقال يعبر عن رأي كاتبه بغض النظر عن تخصصه ، طالما أنه يمتلك قدراً من ( الأدب ) في الصياغة و( النقد ) للآخرين ، بما يحفظ للصحيفة رصانتها لدى القراء ، وللكاتب ( وقاره و قيمته الاجتماعية ) .
ولكن لا تعتمد تلك الصحف في نشر الأخبار والتقارير والتحقيقات ، إلا على من درس الصحافة ومارس قدراً من التدريب فيها ، وخاض قسطاً من المتاعب في الوصول إلي مكان الحدث لتوثيقه إما بالمستند الغير قابل للتشكيك أو التسجيل والتصوير الذي لا يحتمل التكذيب ، وتدعيمه بوجهات النظر المختلفة للمعنيين به ، ومن ثم صياغته بعقلية ( المتجرد من الانتماء والبعيد عن الأهواء ) ، حفاظاً على مصداقية الصحيفة واحتراماً لعقول الناس .
أما الصحف التي تعتمد في تعبئة صفحاتها على من ( تصادف وجود القلم والجوال في جيبه ) فتلك هي ( الصحافة الصفراء ) كما يطلق عليها في تلك البلدان .
وفي اليمن ، إذا قررت أن تعمل في الصحافة فذلك أسهل ما يكون ، ولا يشترط أن تكون متخصصاً فيها ، ولا الاستيقاظ مبكراً من النوم بحثاً عن الأخبار والأحداث ، كونها لا تبدأ إلا بعد ( الساعة السليمانية ) - بما فيها المظاهرات والمواجهات - لأن الجميع منشغلين في الفترة الصباحية بالتحضير لطقوس القات ، من تناول لوجبات الفطور ومن ثم الغداء وفي أوقاتها ( الإجبارية ) ، يتخللها مشوار البحث عن رزمة القات وتحديد مكان ( التخزينة ) .
وعليه فإنك لن تجد - باعتبارك صحفي - من يدلي بتصريح موثق بالتسجيل ، أو يمدك بالمعلومات الموثقة عن قضايا تسعى لنشر تحقيق صحفي حولها ، وإذا قررت تولي المهمة وتحمل متاعب هذه المهنة والانتقال من موقع لأخر للبحث عن الحدث ، فإنك لن تجد الحدث ولا الوقت الكافي لتناول وجبات ما قبل القات ومن ثم القات نفسه .
لذلك فإن الشروط المناسبة لتعبئة صفحات الجريدة أو الموقع الإخباري ، تنحصر في ( وجبة غذاء دسمه ) و( رزمة قات لها القيمة ) و( متكى مريح ) في ديوان مقر الصـحيفة أو الموقع ، وتليفون مفتوح على المحافظات للحصول على التصريحات ، من مصادر مسئولة أو مطلعة أو خاصة ( لا نعرف أسمائهم حتى الآن ) ، والغريب أن المصادر جميعهم في ذلك الوقت ( مخزنين ) ، وتكمن المصيبة في ( اختلاف نوع القات ) وبالتالي ( اختلاف التصريحات والتحليلات ) ، والنتيجة أخبار وصف لا يستسيغها طفل وأكاذيب لا يحتملها عقل ، ناهيك عن السب والقذف والاتهام ، فكل طرف لا يخشى التكذيب أو سلطة القانون على تصريحاته ، ( فكلام القات لا يؤخذ عليه ) ، ( والضمير غائب يقدره هو !! ) .
وإذا لم تكتمل صفحات الجريدة أو الموقع بالموضوعات ، فالإنترنت يكمل المهمة ، وكل ما عليك زيارة خاطفة لبعض المواقع العربية ، ( والله يبارك في النسخ واللصق – Copy & Paste ) ، ( ولا تشيل هم ) حقوق تلك المواقع الفكرية والمادية التي خسرتها كإنتاج فكري ، فقط أكتب ( نقلاً عن ) ( وخارج نفسك ) ، لأنه ببساطه ( ما حد يدور بعد حد ) في اليمن .
والمحصلة مواقع أخبار أكثر من الزوار ، يبدأ وقت تحديث مضمونها مع تناول ( أول غصن قات ) ، وينتهي التحديث آخر الليل بعد شرب ( الحليب المفور ) ، وأخبارها فيما بينها على نمط ( سلفني وسلفك ) ، أما الصحف فلدينا الحمراء والصفراء والخضراء ، وعددها أكثر من القراء .
قراء احتار معهم مرض الضغط نفسه ( يرتفع وينخفض ما بين صحيفة والثانية ) بسبب عناوين رنانة ومضامين حنانه ، ينقصها صوت ( الزغاريد للواصفين ) ، ( والبكاء للمعارضين ) ، وكأني بحال القراء أمام الأكشاك كحال الصائمين في سوق التمر ، براق من أعلاه ، مغشوش في أدناه .
استغراب :
غريب أن تتكاثر المواقع والصحف مثل الفطر في بلد فقير كاليمن ، ولكن يزول الاستغراب عندما تدرك ، انك أمام مزاد بين طرفين بحثاً عن ( ..... ) ، ولا عزاء للضمير وأمن الناس والوطن !!!
[email protected]