قبع سكر
07-12-2011, 01:10 PM
فعلا.. 'المطلوب رجال!'
منال عبد الواحد الشريفي
2011-07-11
قررت بعد شهور أن أبحث عن برنامج يكسر روتين مشاهدتي المطولة للأخبار، علي أجد في ذلك ما ينسيني توأم الترقب و الألم القابعين في عيني مما يحدث في عالمنا من تطورات تسارعت خطاها..
و بالفعل أخذت أقلب قنوات التلفاز و التي رغم كثرتها فالوقوف عند معظمها يعتبر مضيعة للوقت في زمن أصبح على الواحد فينا إنتقاء ما يقضي فيه وقته حتى يشعر بالرضا. توقفت عند إحدى المحطات التي لفت نظري فيها مشهد من أحد المسلسلات الذي يزعم أنه الاول من نوعه في عدد حلقاته و في جمعه لممثلين من بقاع متنوعة في الوطن العربي. ما رأيته كان أشبه بكارثة أشعرتني لأول مرة بأني مع 'أن يفترق العرب' إن كان ما سيوحدنا قيم تجردت من كرم الخلق الذي عرفنا به، نعم نحن لا نريد الوحدة إن كان هذا العمل 'الفني' يجسدها أو يمت لها بصلة.
أسندت ظهري و أدرت وجهي عن التلفاز منشغلة فأرجعتني مسامعي إلى حوار لا تحتاج فيه إلى رؤية صور لتعلم أنه يبث الرذيلة. شعرت بوجع و كأن يداً هوت على رأسي، تواردت عن صفعتها غيمة مسودة اختزل فيها مشاهد و صور للظلم و القهر في أمتنا،لكن صفعتي التي تلت سابقتها كانت أقوى حين التفت إلى الشاشة لأن ما رأيته سبب غير مباشر للمشاهد الناتجة عن الأولى!!
فالحوار ونماذج الشخصيات يوحيان للمشاهد أن هذا المجتمع المادي، المهزوز أخلاقياً، هو الواقع الطبيعي للإنسان العربي، غافلاً عن أن شريحة كبيرة من أوطاننا يشظف عيشها و أنه كان من الأولى (خصوصاً في وقتنا الحالي) إحياء نماذج مشرقة ترقى بالفكر إلى أهمية المقصد الكريم بدلاً من هدر أوقات الأمة وأموالها فيما لا يقدم بل يؤخر.
لم يلفت نظري التبذل في الملابس الموجود في المسلسل قدر ما استوقفني مهرجان المساحيق التجميلية و الافتعالية التي كانت الممثلات يضعنها.. ألوان فاقعة متضاربة تدل على يد رعناء رسمتها مستقصدة جذب انتباه الناظر إليها، تخلو من أي وقار. جعلتني أتساءل : كيف لجميع النساء في ذلك المسلسل بل في معظم الفضائيات أن يتشابهن؟ يتشابهن و كأن المرأة مرسم تباع لوحاته في المزاد العلني فلا مكان للملامح و لا للشخصية أو العقل..
لن أدعي بأنها مؤامرة من الخارج فأنا لا أحب الاستخدام الدائم لنظريات المؤامرة، و ذلك لأنها تجعل من حبيسها رهينة للجمود و السلبية. غير أني لم أجد مدى يحتوي الحزن الذي انتابني لأننا من تآمر على أنفسنا بأن جردنا الحياة من أسبابها الحقيقية و منحنا التفاهة منبراً حتى أصبحت وجهاً مألوفاً لا يدرك مخاطره عند البعض..
و لكن تبقى القضية هنا أن التفاهة تبقى تفاهة و إن تزايدت إحصائياً! و تبرير وجودها بتغيير المسميات عن مواضعها، أو الإدعاء بأنها تحل قضايا مجتمعية لا يغير من حقيقتها شيئاً، بل يفاقم الرذيلة كمن يفجر عدوه بقنبلة عنقودية لا تكاد تنفلق لتنثر قنابل و شظايا و مخلفاتجديدة في مواقع لم تكن في الحسبان!
قررت على عجالة أن أصحح الخطأ الفادح الذي إرتكبته أن أحسنت الظن فيما يسمى ترويحاً! أغلقت التلفاز ليعم الهدوء في المكان، الأمر الذي جعل أفكاراً كثيرة تلوح في خاطري.. تذكرت وجوهاً كثيرة و مشاهد كثر.. تذكرت الأقصى الذي لم نصل فيه بعد، و العراق الذي لم يلم شعثه.. تذكرت حمزة الخطيب و الشيخ علي العرومي نسال الله أن يرحمهم.. كان كل شيء يقف بوضوح أمام عيني في قصة لا تحتاج لحبكة قصصية أو مؤثرات صوتية، أو أي أدوات تجميل ففحوى الرسالة هو ما رسم الجمال!
لم أستطع منع دمعة انسكبت قهراً أن كيف لأناس منا الظن أن ما رأيته منذ لحظات ليس ضياعا للوقت واستخفافاً بمشاعر أمة هي أحوج ما تكون إلى استغلال وقتها فيما ينفع..
نظرت إلى إبنتي التي لم تجاوز الشهرين من عمرها و رأيتها تبتسم و هي نائمة، فجعلني المنظر أتساءل ماذا ينتظرها من عالم تكبر فيه.. أراحني قوله تعالى: (فأما الزبد فيذهب جفاء و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) أسأل الله العظيم أن تنهض أمتنا من بين آثار الركام و أن مخاضها الموجع سيؤول إلى العزة والكرامة..
إلى القلة الشرفاء في عالم المرئيات، كفاكم إستهزاء بمشاعرنا و تخديراً لمن بقي متقاعسا عن الركب منا، فالتاريخ لن يثقل أنامله بأن يسطر عنكم أحلك الكلمات، و إن كنتم لا تعبأوون بالتاريخ فسيأتي اليوم الموعود الذي لن تخلف فيه العهود، و ستسألون عما كنتم تعملون في زمان طلب الحق رجالاً لينصروه فخذلناه بأمثال 'مطلوب رجال'!
منال عبد الواحد الشريفي
2011-07-11
قررت بعد شهور أن أبحث عن برنامج يكسر روتين مشاهدتي المطولة للأخبار، علي أجد في ذلك ما ينسيني توأم الترقب و الألم القابعين في عيني مما يحدث في عالمنا من تطورات تسارعت خطاها..
و بالفعل أخذت أقلب قنوات التلفاز و التي رغم كثرتها فالوقوف عند معظمها يعتبر مضيعة للوقت في زمن أصبح على الواحد فينا إنتقاء ما يقضي فيه وقته حتى يشعر بالرضا. توقفت عند إحدى المحطات التي لفت نظري فيها مشهد من أحد المسلسلات الذي يزعم أنه الاول من نوعه في عدد حلقاته و في جمعه لممثلين من بقاع متنوعة في الوطن العربي. ما رأيته كان أشبه بكارثة أشعرتني لأول مرة بأني مع 'أن يفترق العرب' إن كان ما سيوحدنا قيم تجردت من كرم الخلق الذي عرفنا به، نعم نحن لا نريد الوحدة إن كان هذا العمل 'الفني' يجسدها أو يمت لها بصلة.
أسندت ظهري و أدرت وجهي عن التلفاز منشغلة فأرجعتني مسامعي إلى حوار لا تحتاج فيه إلى رؤية صور لتعلم أنه يبث الرذيلة. شعرت بوجع و كأن يداً هوت على رأسي، تواردت عن صفعتها غيمة مسودة اختزل فيها مشاهد و صور للظلم و القهر في أمتنا،لكن صفعتي التي تلت سابقتها كانت أقوى حين التفت إلى الشاشة لأن ما رأيته سبب غير مباشر للمشاهد الناتجة عن الأولى!!
فالحوار ونماذج الشخصيات يوحيان للمشاهد أن هذا المجتمع المادي، المهزوز أخلاقياً، هو الواقع الطبيعي للإنسان العربي، غافلاً عن أن شريحة كبيرة من أوطاننا يشظف عيشها و أنه كان من الأولى (خصوصاً في وقتنا الحالي) إحياء نماذج مشرقة ترقى بالفكر إلى أهمية المقصد الكريم بدلاً من هدر أوقات الأمة وأموالها فيما لا يقدم بل يؤخر.
لم يلفت نظري التبذل في الملابس الموجود في المسلسل قدر ما استوقفني مهرجان المساحيق التجميلية و الافتعالية التي كانت الممثلات يضعنها.. ألوان فاقعة متضاربة تدل على يد رعناء رسمتها مستقصدة جذب انتباه الناظر إليها، تخلو من أي وقار. جعلتني أتساءل : كيف لجميع النساء في ذلك المسلسل بل في معظم الفضائيات أن يتشابهن؟ يتشابهن و كأن المرأة مرسم تباع لوحاته في المزاد العلني فلا مكان للملامح و لا للشخصية أو العقل..
لن أدعي بأنها مؤامرة من الخارج فأنا لا أحب الاستخدام الدائم لنظريات المؤامرة، و ذلك لأنها تجعل من حبيسها رهينة للجمود و السلبية. غير أني لم أجد مدى يحتوي الحزن الذي انتابني لأننا من تآمر على أنفسنا بأن جردنا الحياة من أسبابها الحقيقية و منحنا التفاهة منبراً حتى أصبحت وجهاً مألوفاً لا يدرك مخاطره عند البعض..
و لكن تبقى القضية هنا أن التفاهة تبقى تفاهة و إن تزايدت إحصائياً! و تبرير وجودها بتغيير المسميات عن مواضعها، أو الإدعاء بأنها تحل قضايا مجتمعية لا يغير من حقيقتها شيئاً، بل يفاقم الرذيلة كمن يفجر عدوه بقنبلة عنقودية لا تكاد تنفلق لتنثر قنابل و شظايا و مخلفاتجديدة في مواقع لم تكن في الحسبان!
قررت على عجالة أن أصحح الخطأ الفادح الذي إرتكبته أن أحسنت الظن فيما يسمى ترويحاً! أغلقت التلفاز ليعم الهدوء في المكان، الأمر الذي جعل أفكاراً كثيرة تلوح في خاطري.. تذكرت وجوهاً كثيرة و مشاهد كثر.. تذكرت الأقصى الذي لم نصل فيه بعد، و العراق الذي لم يلم شعثه.. تذكرت حمزة الخطيب و الشيخ علي العرومي نسال الله أن يرحمهم.. كان كل شيء يقف بوضوح أمام عيني في قصة لا تحتاج لحبكة قصصية أو مؤثرات صوتية، أو أي أدوات تجميل ففحوى الرسالة هو ما رسم الجمال!
لم أستطع منع دمعة انسكبت قهراً أن كيف لأناس منا الظن أن ما رأيته منذ لحظات ليس ضياعا للوقت واستخفافاً بمشاعر أمة هي أحوج ما تكون إلى استغلال وقتها فيما ينفع..
نظرت إلى إبنتي التي لم تجاوز الشهرين من عمرها و رأيتها تبتسم و هي نائمة، فجعلني المنظر أتساءل ماذا ينتظرها من عالم تكبر فيه.. أراحني قوله تعالى: (فأما الزبد فيذهب جفاء و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) أسأل الله العظيم أن تنهض أمتنا من بين آثار الركام و أن مخاضها الموجع سيؤول إلى العزة والكرامة..
إلى القلة الشرفاء في عالم المرئيات، كفاكم إستهزاء بمشاعرنا و تخديراً لمن بقي متقاعسا عن الركب منا، فالتاريخ لن يثقل أنامله بأن يسطر عنكم أحلك الكلمات، و إن كنتم لا تعبأوون بالتاريخ فسيأتي اليوم الموعود الذي لن تخلف فيه العهود، و ستسألون عما كنتم تعملون في زمان طلب الحق رجالاً لينصروه فخذلناه بأمثال 'مطلوب رجال'!