من السادة
09-04-2011, 10:14 AM
الورقة التاسعة:
أعطني قلبك أوصلك لربك
المفكر والداعية الإسلامي العلامة أبي بكر المشهور
يقول العارفون بالله: (أعطني قلبك أوصلك لربك)..
ومن هذا الذي سيعطي أحدا قلبه؟!
ومن هذا الذي يملك إيصال العبد لربه ؟!
كلاهما في الفهم السطحي مستحيل، وعامل من عوامل النقد والاعتراض والتوهيم.
ولا وجد اليوم في درب حياتنا المعاصرة من يفهم مثل هذا التوصيف على مقتضى معناه الذوقي المشروع إلا القليل النادر ، لانعدام الثقافة الأبوية الذوقية في المحيط العام.
أما المعاصرون منا يفهمون الأمور من خلال ركام الثقافات المتحولة، والفهوم المتمولة. وكم رأينا منها وسمعنا من صداها الإعلامي والأفلامي والأقلامي ما يوحي بالقلق والانفعال، ويوسع دائرة التحريش والمنافسة والإثارة والجدل، ويحشد المسلم ضد أخيه المسلم في كل منحى ومجال.
وقد شهدت في مدى حياتي العلمية والعملية هذه الحالة في المستوى الرسمي والمستوى الشعبي، واستنتجت من طول التجربة بين مدارس الزمان ومدارس أهل الإحسان أن المشكلة تكمن في موضوع التربية والمربين ومادة التربية.
فالمجتمع المعاصر وللأسف كاد القائمون على قراره وأسباب استقراره يحفزون بأنفسهم وشعوبهم ـ من خلال الحداثة والتحديث الحضاري ـ إلى ثقافة النقائض في الديانة والنواقض في الأمانة، ويلبسون ألبسة المسميات الوهمية من التقدم والحضارة والتطور والتحرر إلخ.. وهم لا يعلمون حالة العري التي كشفت منهم العورات وحجمت فيهم ظواهر السيئات والمهانات، وغربت بهم وبأولادهم عن علم تربية الذين آمنوا وعملوا الصالحات.
وهم أشبه بالمرأة العارية وشبه العارية التي تتنزى في الشوارع والمتنزهات وتسبّ وتشتم الناظرين إليها معتقدة فيهم قلة الأدب وسوء النظر وجرأة التحدي، وهي لا تعلم لغباوتها المركبة أن عريها هو سبب المشكلة من اساسها.. فلا هي عرفت خطأها فأصلحته ولا الناظرين إليها أدركوا حجم الإثم فغضوا أبصارهم..
الكل (فاقدٌ التربية) ، ولا أقول (فاقدٌ للتعليم)..
ومتى كان هذا الجيل المخدوع يفهم المقصود من قول رجال التربية الأثبات (أعطني قلبك أوصلك لربك) ؟!
والحقيقة المرة أن في كون الله من هذا النموذج رجال يقولون هذه المقولة ويدركون معناها ومبناها، ويعملون على تطبيق شروطها في المريد والسالك المستسلم، وقد رأينا هذه النماذج في مرحلة الصبا والشباب، وكنت بفضل الله أحد الذين شملهم حسن النظر منهم وعرفت بهم نفسي وزمني ووسائلي وغايتي وحاضري ومستقبلي، وهاأنذا بعد هذا أدعو الجيل الذي أعاصره ومنسوبي النهج الذي أناصره، أن يفقهوا الأمر ، ويعيدوا النظر في مسألة القطيعة والوقيعة للسلف وأساليب تربيتهم.
فالقطيعة والوقيعة (سياسة مصنعة ودجالية مقنعة) فكك بها الشيطان تركيبات الحق التاريخي وأهله، وأعاد توليفات الباطل والزيف وعملائه، لينعموا بخدمة الشيطان وتطبيق برنامجه على حساب الخير والتقوى، وعلى أنقاض التربية الشرعية القائمة على مراقبة الله سبحانه وتعالى في السر والنجوى.
نعم أيها القارئ الكريم.. لقد نعمنا تحت وارف ظلال المربين الربانيين بصفاء القلب وسلامة التصور وحسن الظن فكان عندنا بهذا الحال قول القائل:
وكل الليالي ليلة القدر فاعتقد وكل فتى تلقاه فاعتقد الخضرا
وكانت ليالي المؤانسة والمجالسة مع سادتي الأجلاء كسيدي الوالد وسيدي الحبيب عبدالقادر بن أحمد السقاف ومن في دائرتهم ليالي القدر بعينها، ولست مبالغا في ذلك.. بل إن كل الذين نلقاهم في هذه الدائرة يشملنا وإياهم حسن الاعتقاد في بعضنا البعض، فصرنا أكثر من إخوان الصلات العرقية.
ولا زلت أقول: إن هذه الصلات لم تنقطع ولن تنقطع بإذن الله ، لأنها قامت على سر المقولة الآنفة: أعطني قلبك أوصلك لربك.
فلا نغبط أحدا على مال ولا سلطان ولا جاه ولا نسعى لذم فرد ولا جماعة، إلا بما لزم من النصح والتوجيه، ولا نعالج القضايا بالهدم والشتم والدم ، فما تلك إلا وسائل الشيطان فيمن استحوذ عليهم فأنساهم ذكر الله.
وجزى الله المربين خير الجزاء وأخلف علينا بعدهم الخلف الصالح.. فحاجتنا لخلفائهم الأثبات أكثر من حاجتنا للطعام والشراب والوسائل والأدوات.
وتظل المشكلة قائمة لدى الرأي الآخر ، وهي غربتُه عن المفاهيم والمواقف الشرعية الصحيحة، وشمول ثقافة الظن المعبر عنها في كتاب الله بقوله: (إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا . فاعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا . ذلك مبلغهم من العلم) .
ولأن العلم مبالغ فمبلغنا من العلم لا يقف عند الظن ولا التصورات ، وإنما هي الحقيقة الملموسة بالمعايشة ، وبها تعرف الرجال وتتميز الأحوال.
وفق الله الجميع إلى خير الدنيا ونعيم الآخرة . آمين
أعطني قلبك أوصلك لربك
المفكر والداعية الإسلامي العلامة أبي بكر المشهور
يقول العارفون بالله: (أعطني قلبك أوصلك لربك)..
ومن هذا الذي سيعطي أحدا قلبه؟!
ومن هذا الذي يملك إيصال العبد لربه ؟!
كلاهما في الفهم السطحي مستحيل، وعامل من عوامل النقد والاعتراض والتوهيم.
ولا وجد اليوم في درب حياتنا المعاصرة من يفهم مثل هذا التوصيف على مقتضى معناه الذوقي المشروع إلا القليل النادر ، لانعدام الثقافة الأبوية الذوقية في المحيط العام.
أما المعاصرون منا يفهمون الأمور من خلال ركام الثقافات المتحولة، والفهوم المتمولة. وكم رأينا منها وسمعنا من صداها الإعلامي والأفلامي والأقلامي ما يوحي بالقلق والانفعال، ويوسع دائرة التحريش والمنافسة والإثارة والجدل، ويحشد المسلم ضد أخيه المسلم في كل منحى ومجال.
وقد شهدت في مدى حياتي العلمية والعملية هذه الحالة في المستوى الرسمي والمستوى الشعبي، واستنتجت من طول التجربة بين مدارس الزمان ومدارس أهل الإحسان أن المشكلة تكمن في موضوع التربية والمربين ومادة التربية.
فالمجتمع المعاصر وللأسف كاد القائمون على قراره وأسباب استقراره يحفزون بأنفسهم وشعوبهم ـ من خلال الحداثة والتحديث الحضاري ـ إلى ثقافة النقائض في الديانة والنواقض في الأمانة، ويلبسون ألبسة المسميات الوهمية من التقدم والحضارة والتطور والتحرر إلخ.. وهم لا يعلمون حالة العري التي كشفت منهم العورات وحجمت فيهم ظواهر السيئات والمهانات، وغربت بهم وبأولادهم عن علم تربية الذين آمنوا وعملوا الصالحات.
وهم أشبه بالمرأة العارية وشبه العارية التي تتنزى في الشوارع والمتنزهات وتسبّ وتشتم الناظرين إليها معتقدة فيهم قلة الأدب وسوء النظر وجرأة التحدي، وهي لا تعلم لغباوتها المركبة أن عريها هو سبب المشكلة من اساسها.. فلا هي عرفت خطأها فأصلحته ولا الناظرين إليها أدركوا حجم الإثم فغضوا أبصارهم..
الكل (فاقدٌ التربية) ، ولا أقول (فاقدٌ للتعليم)..
ومتى كان هذا الجيل المخدوع يفهم المقصود من قول رجال التربية الأثبات (أعطني قلبك أوصلك لربك) ؟!
والحقيقة المرة أن في كون الله من هذا النموذج رجال يقولون هذه المقولة ويدركون معناها ومبناها، ويعملون على تطبيق شروطها في المريد والسالك المستسلم، وقد رأينا هذه النماذج في مرحلة الصبا والشباب، وكنت بفضل الله أحد الذين شملهم حسن النظر منهم وعرفت بهم نفسي وزمني ووسائلي وغايتي وحاضري ومستقبلي، وهاأنذا بعد هذا أدعو الجيل الذي أعاصره ومنسوبي النهج الذي أناصره، أن يفقهوا الأمر ، ويعيدوا النظر في مسألة القطيعة والوقيعة للسلف وأساليب تربيتهم.
فالقطيعة والوقيعة (سياسة مصنعة ودجالية مقنعة) فكك بها الشيطان تركيبات الحق التاريخي وأهله، وأعاد توليفات الباطل والزيف وعملائه، لينعموا بخدمة الشيطان وتطبيق برنامجه على حساب الخير والتقوى، وعلى أنقاض التربية الشرعية القائمة على مراقبة الله سبحانه وتعالى في السر والنجوى.
نعم أيها القارئ الكريم.. لقد نعمنا تحت وارف ظلال المربين الربانيين بصفاء القلب وسلامة التصور وحسن الظن فكان عندنا بهذا الحال قول القائل:
وكل الليالي ليلة القدر فاعتقد وكل فتى تلقاه فاعتقد الخضرا
وكانت ليالي المؤانسة والمجالسة مع سادتي الأجلاء كسيدي الوالد وسيدي الحبيب عبدالقادر بن أحمد السقاف ومن في دائرتهم ليالي القدر بعينها، ولست مبالغا في ذلك.. بل إن كل الذين نلقاهم في هذه الدائرة يشملنا وإياهم حسن الاعتقاد في بعضنا البعض، فصرنا أكثر من إخوان الصلات العرقية.
ولا زلت أقول: إن هذه الصلات لم تنقطع ولن تنقطع بإذن الله ، لأنها قامت على سر المقولة الآنفة: أعطني قلبك أوصلك لربك.
فلا نغبط أحدا على مال ولا سلطان ولا جاه ولا نسعى لذم فرد ولا جماعة، إلا بما لزم من النصح والتوجيه، ولا نعالج القضايا بالهدم والشتم والدم ، فما تلك إلا وسائل الشيطان فيمن استحوذ عليهم فأنساهم ذكر الله.
وجزى الله المربين خير الجزاء وأخلف علينا بعدهم الخلف الصالح.. فحاجتنا لخلفائهم الأثبات أكثر من حاجتنا للطعام والشراب والوسائل والأدوات.
وتظل المشكلة قائمة لدى الرأي الآخر ، وهي غربتُه عن المفاهيم والمواقف الشرعية الصحيحة، وشمول ثقافة الظن المعبر عنها في كتاب الله بقوله: (إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا . فاعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا . ذلك مبلغهم من العلم) .
ولأن العلم مبالغ فمبلغنا من العلم لا يقف عند الظن ولا التصورات ، وإنما هي الحقيقة الملموسة بالمعايشة ، وبها تعرف الرجال وتتميز الأحوال.
وفق الله الجميع إلى خير الدنيا ونعيم الآخرة . آمين