المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : علاقات سعودية ـ يمنية متطورة


ابن حضرموت
08-02-2002, 01:50 PM
منذ توقيع معاهدة جدة قبل عامين حيث انهت مشكلة الحدود بين البلدين الشقيقين اليمن والسعودية، والتعاون اليمني ـ السعودي يحتل مكانة خاصة في اهتمامات دوائر وقيادات رسمية وشعبية عربية، واجهزة رصد اجنبية معنية بالاستقرار السياسي والأمني في الشرق الأوسط.
وفي ضوء ما اسفرت عنه الاتصالات المكثفة، والزيارت المتبادلة، واللقاءات المشتركة، بين كبار المسؤولين في السعودية واليمن، تعزز الاعتقاد بأن علاقات البلدين الشقيقين قد دخلت بالفعل، مرحلة جديدة اكدها قادة البلدين ووصفوها بالمتينة والمتطورة والوطيدة. وهي تأكيدات تلبي حاجة ملحة ورغبة صادقة داخل البيت العربي في شبه الجزيرة العربية والخليج ودول جوار عربية واسلامية، تجد في التقارب والتعاون اليمني ـ السعودي ملاذا للنجاة من اخطار تحيط بالامة العربية والاسلامية من الجهات الاربع. فالحرب الجارية ضد الارهاب بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا في افغانستان وجنوب الفلبين، والتي توشك بلدان اخرى ان تلحق بهما، والتمهيد الجاري علنا للانقضاض على العراق، الذي تعارضه كل الدول العربية والاسلامية، والعدوان الاسرائيلي المتصل على شعب فلسطين واحتلال اراضي السلطة الفلسطينية بعد تدمير مؤسساتها المدنية والأمنية، واعتقال ومحاصرة قياداتها بمن فيهم ياسر عرفات ومروان البرغوثي والمئات من ابناء الاراضي الفلسطينية المحتلة، قد افرزت وضعا سياسيا وامنيا في غاية الخطورة والتعقيد، وفرضت حالة من القلق تدعو للتعاون والتشاور والتنسيق بين جميع الاطراف العربية المعنية في المقام الاول.
لقد استوعبت القيادات السعودية واليمنية، في وقت مبكر، ملابسات الموقفين الاقليمي والدولي، فتوصل الطرفان اليمن والسعودية في الثاني عشر من يونيو عام 2001، الى تسوية ودية بينهما في قضية الحدود، التي بقيت عالقة لـ65 عاما، ووقعا معاهدة جدة ايذانا بعهد جديد في العلاقات المأمولة بينهما. فقد وصفها رئيس الحكومة اليمنية الاستاذ عبد القادر باجمال بأنها: «معاهدة تفتح آفاقا واسعة للتعاون بين اليمن والسعودية». وكان باجمال صادقا محقا في قوله. فمنذ ذلك التاريخ استعاد مجلس التنسيق السعودي ـ اليمني نشاطه وحيويته ومهامه، وعقد دوراته المنتظمة في البلدين. وتميزت بينها دورته الرابعة عشرة، التي انعقدت في مدينة جدة، في يونيو الماضي، وشارك فيها 18 وزيرا ومسؤولا عن كل جانب، ورأس الجانب السعودي فيها الامير سلطان بن عبد العزيز والجانب اليمني عبد القادر باجمال. فقد جاءت نتائج تلك الدورة بمردود ايجابي كبير على علاقات البلدين الشقيقين، حيث وافق الجانب السعودي برئاسة الامير سلطان بن عبد العزيز، على تمويل عدد من المشاريع الخدمية والانمائية التي تقدم بها الجانب اليمني، وشملت تلك المشاريع انشاء محطة كهرباء غازية في مأرب، وتوسيع طاقة محطتي كهرباء عدن وصنعاء باجمالي تكلفة مائة مليون دولار، وتمويل مشروع انشاء معاهد فنية بقرض بمبلغ خمسين مليون دولار، وتقديم قرض آخر بمبلغ ستة ملايين دولار لتمويل مشروع خدمات هندسية لمشاريع الطرق، وتبادل الجانبان اليمني والسعودي وثائق التصديق على اتفاقيات تعاون بينهما في مجالات ثقافية وشبابية ورياضية وزراعية ومكافحة الامراض الوبائية والجراد الصحراوي.
وللتعريف بمجلس التنسيق السعودي ـ اليمني، الذي تشرفت بالمشاركة في تأسيسه عام 1976 في جدة، برئاسة الأمير سلطان بن عبد العزيز عن الجانب السعودي، وعبد العزيز عبد الغني عن الجانب اليمني، فمن خلاله قدمت المملكة العربية السعودية لليمن للفترة 1979 ـ 1989، دعما ماليا، ونفذت مشاريع تنمية شاملة، ووفرت معدات وتجهيزات ومستشفيات ومرافق مدنية وعسكرية بلغت تكلفتها 11 بليونا و900 مليون ريال.
واليوم يمكن القول ان العلاقات الاخوية، التي أسس لها قادة البلدين والشعبين، قد تجاوزت مراحل الارهاصات الماضية، واستقرت على ارضية صلبة، واستعادت عافيتها الكاملة والحمد لله. وبات من واجب النخب الواعية لمسؤولياتها في البلدين الجارين الشقيقين، تبني الدعوة لمزيد من الانفتاح والتعاون في آفاق ارحب ومجالات اوسع، لتجعل من الروابط التاريخية المجيدة والتراث المشترك للبلدين والشعبين ما يعزز دورهما وأهميتهما في محيطهما العربي والاسلامي بل الانساني، وذلك لترسيخ الامن الاقليمي، والتصدي لحلقات التآمر الخارجي التي تحيط بالامة العربية والاسلامية من الجهات الاربع.
وفي هذا السياق، فقد كان الامير سلطان واضحا ومباشرا، كعادته، حين أكد «ان روابط البلدين تدفعهما، دائما، الى الاتفاق على كل ما يحقق مصالحهما ويعزز قدرات الأمة».. وأضاف: «اننا نعمل على تنشئة اجيالنا على هذه الروابط لتبقى اجيالا ترعى العهد وتزرع المحبة وتحافظ على المصالح المشتركة».
وجاء تأكيد الرئيس علي عبد الله صالح للصحفيين بعد زيارة لصنعاء قام بها الامير سعود الفيصل بأن «العلاقات مع المملكة العربية السعودية جيدة وممتازة ومتطورة». وهكذا تمكنت اليمن والسعودية بفضل القيادتين الحكيمتين من اغلاق ملف عمره 65 عاما.