حد من الوادي
01-09-2012, 01:33 AM
وقائع ومشاهدات وملاحظات
حضارمة وجنوبيون في ميرديان الهرم بالقاهرة
1/8/2012 المكلا اليوم / كتب : الدكتور / عبد الله سعيد باحاج
ما قبل المؤتمر ووقائعه وما انتهى إليه:
سبعون حضرمياً أو نحو ذلك انطلقوا من حضرموت صوب قاهرة المعز تلبية لدعوة بحضور مؤتمر عنوانه بموجب الدعوة (توحيد الصف الجنوبي). وكنت أحد هؤلاء السبعين. وهي المرة الأولى التي أشارك فيها في مؤتمر (سياسي) كغيري من الأكاديميين والباحثين المشاركين من حضرموت، حيث وصلتني دعوة كريمة من الأستاذ محمد أحمد بلفخر أحد أعضاء لجنة التواصل والتحضير لهذا المؤتمر، وقد جاءتني هذه الدعوة قبل موعد المؤتمر والمقرر له في 19 نوفمبر 2011م بحوالي شهر.
وعلمت بعد وصولي إلى القاهرة وانضمامي إلى بقية الأخوة المشاركين أن هناك من هم محسوبين على لجنة الإعداد والتحضير لهذا المؤتمر من اعترض وبشدة على حضوري لهذا المؤتمر ربما لأنني (حضرمي) أكثر من كوني (جنوبي)، كما توحي كتاباتي للبعض بذلك. وهو أمر لم يثيرني أو يستفزني كثيراً بقدر ما أحزنني أن يصل مستوى بعض المشاركين إلى هذا الدرك. وعلينا بعد ذلك ألا نستغرب المآل التي انتهى إليها هذا المؤتمر.
ومنذ اللحظة الأولى التي ولجنا فيها بهو فندق مريديان الهرم المخصص لعقد المؤتمر والذي يقع على أطراف القاهرة وبجوار أهرامات الجيزة الشهيرة في مساء الجمعة 18 نوفمبر 2011م عمّت الفوضى والهرج والمرج وكأننا في سوق شعبي، أو في أحد مطاعم صنعاء الشعبية حسب وصف الأستاذ أبوبكر باخطيب في تغطيته الصحفية والمباشرة لوقائع المؤتمر والتي نشرت في موقع (المكلا اليوم) في 27 نوفمبر 2011م.
ومضت ساعات طوال حتى استطعنا وبعد مجاهدة وصراع إلى الوصول إلى الغرف التي ستأوينا في الفندق. ولم تكن عملية الوصول هذه سهلة وسلسة كما ينبغي لها أن تكون، بل كانت على طريقة (من سبق أكل النبق)، أي أن عليك أن تصل إلى غرفة وأن تختار فيها زميلك الذي سيقيم معك فيها بالفتوّنة والقوة والصوت العالي والزعيق وقلب الوجه وإظهار العين الحمراء وما إلى ذلك من الحركات المعروفة في ساحات العراك والصراع البدني. واضطررت للاستعانة بالأستاذين محمد أحمد بلفخر ومحسن علي باصرة حتى أصل إلى غرفة يشاركني فيها الأستاذ أنور صالح التميمي مساعد المنسق العام لجبهة إنقاذ حضرموت.
وفي تلك اللحظات الفوضوية طرأ على ذهني خاطر عابر وهو إذا كانت هذه هي بداية المؤتمر فكيف إذن ستكون خاتمته، وهل سيكون ميلاد الخاتمة من رحم البداية. غير أنني وبطبعي المتفائل دوماً بالخير أقنعت نفسي أو بالأحرى أجبرتها على الاقتناع أن هي إلا زوبعة في فنجان وسحابة رعدية عابرة لا تلبث أن تزول، وما سيأتي سيكون أفضل وسيحقق المؤتمر المناط به من الأهداف والمسؤوليات التي جئنا من أجلها إلى هنا، فلا شك أننا لم نأت لأجل الاستضافة في فندق خمسة نجوم قد لا يجد البعض منا الراحة فيه كما يجده في مسكنه وبين أفراد أسرته وعشيرته وبني قومه.
وأخذت الحقائق تتكشف شيئاً فشيئاً بخصوص هذا المؤتمر (العجيب) والذي بدأ بمقولة (توحيد الصف الجنوبي) وانتهى إلى خيار وحيد وأوحد بفرض رؤية الفيدرالية لفصيل جنوبي بذاته، فقد قيل لنا بعد وصولنا إلى فندق المريديان أن عدد المشاركين في المؤتمر في حدود (150 – 200) شخص، وهذا يعني أن نسبة الحضارمة المشاركين فيه ستكون في حدود النصف أو قريباً من ذلك، وهو ما يتفق – إلى حد ما – مع الحجم السكاني لحضرموت ضمن سكان الجنوب.
ثم بعد ذلك أتى إلينا خبر يفيد بأن عدد المشاركين قد ارتفع إلى حوالي (400) شخص، ومع ثبات عدد المشاركين من حضرموت، إي بحدود (70) شخصاً كما أسلفنا، ومرة أخرى أتى إلينا خبر ثانٍ يفيد بأن العدد الكلي للمشاركين قد وصل إلى حوالي (700) شخص، وكذلك مع ثبات عدد الحضارمة المشاركين في المؤتمر والقادمين من حضرموت.
وهذا يعني أن نسبة مشاركة هؤلاء الحضارمة في المؤتمر قد انخفضت من (50% إلى 10%) وهذه كانت أولى علامات التعجب والاستفهام مما يدور حولنا، وكأن شيئاً ما يدور في الخفاء لجعلنا أقلية عددية غير مؤثرة في أعمال المؤتمر عند المداولة والطرح أو التصويت على قرارات أو توصيات. ثم تكاثرت علامات الاستفهام والتعجب حتى أصبحت سلسلة متصلة تبدأ بالتحضير والدعوة للمشاركة في هذا المؤتمر، ثم باستقدام المشاركين وإيوائهم في غرف الفندق والذي حاول فيه البعض – كما علمت – أن يضع إلى جوار كل حضرمي شخص آخر من غير الحضارمة يقيمان معاً في غرفة واحدة بالفندق،
ومروراً بإعداد الجلسة الافتتاحية وتوزيع أوراق عمل المؤتمر والتي غيبت عمداً أو إهمالاً إلى ما قبل بدء المؤتمر بحوالي ساعة، ومع حرمان أوراق أخرى يمكن أن تضاف إلى أعمال المؤتمر ومنها (رؤية جبهة إنقاذ حضرموت)، وهي التي تم نشرها في موقع (المكلا اليوم) كاملة بتاريخ 15 نوفمبر 2011م، ثم ما ساد جلسات المؤتمر من فوضى لا تقل عن سابقتها التي حدثت في بهو الفندق عند دخولنا إليه أول مرة. وهو ما شرحه العزيز الأستاذ أبوبكر باخطيب في مقاله المشار إليه سابقاً، والذي سبقني كذلك إلى وضع علامتي استفهام كبيرة وتعجب أكبر حول جهة التمويل لهذا المؤتمر، وفي هذا الفندق الفاخر الذي تتناقض مستوى الإقامة فيه مع مستوى الفقر وضنك العيش الذي يرزح تحته أغلب فئات شعبنا في حضرموت والجنوب عامة،
وحيث تصل كلفة الإقامة فيه لليلة واحدة أكثر من مرتب شهر لخريج جامعي من أبناء شعبنا. وهذا يعني أن الذين خططوا ورتبوا لأن يكون مكان انعقاد المؤتمر في هذا الفندق ربما لا يدركون معاناة شعبهم، أو أنهم قد تعودوا وألفوا الإقامة في مثل هذه الأماكن الفاخرة والغالية، أو أن هناك أطراف أخرى غيرهم أملت عليهم اختيار هذا المكان طالما وأنهم يمولون تكاليف هذا المؤتمر ولأسباب ودوافع غير واضحة وغير مقنعة لنا. وعلى أية حال تبقى هذه ملاحظة تفرض نفسها حتى وأن فسرت بمبررات أو حجج.
ورغم أن المؤتمر قد حدد له الساعة الحادية عشرة صباحاً وبتوقيت القاهرة من صباح السبت 19 نوفمبر لعقد جلسة الافتتاحية، إلا أن التخبط الذي كان سائداً خلاله أدى إلى تأجيل تلك الجلسة الافتتاحية إلى صباح اليوم التالي أي الأحد. وكانت تلك فرصة طيبة لأبناء حضرموت المشاركين في المؤتمر لعقد اجتماع تشاوري فيما بينهم للخروج برؤية مشتركة حول كيفية التعامل الايجابي مع الأطروحات التي ستقدم في هذا المؤتمر. وبعد صلاة العشاء في مساء السبت عقد هذا الاجتماع التشاوري للحضارمة في إحدى قاعات الفندق وحضرته الأغلبية العظمى من الحضارمة المشاركين في المؤتمر واتضح منه ما يلي:
1. أن هذا المؤتمر الذي دعينا إليه يسعى إلى التركيز على مناقشة خيار (الفيدرالية) فقط كحل للقضية الجنوبية، وبالتالي استبعاد أي خيار آخر، وخاصة خيار (فك الارتباط).
2. أن هذا المؤتمر الذي حمل شعار (توحيد الصف الجنوبي) قد ناقض نفسه عندما ركز على خيار (الفيدرالية)، لأنه يعني ببساطة استبعاد من يقول بفك الارتباط. بل والسعي لعدم دعوة أصحاب هذا الاتجاه القائل بفك الارتباط. وهذا يعني أن هذا المؤتمر ليس بمؤتمر لتوحيد صف الجنوبيين جميعاً، وإنما هو لتوحيد صف من يقول بالفيدرالية فقط.
3. أن هناك أموراً تثير الشك والريبة في سلوك ومواقف القائمين على تنظيم هذا المؤتمر، والتي تدفع بالقول إلى وجود رغبة غير معلنة لديهم في إسكات الصوت الحضرمي وتهميشه، ومن ذلك منع (جبهة إنقاذ حضرموت) من طرح رؤيتها في هذا المؤتمر، وهي رؤية تتفق مع الطرح القائل بفك الارتباط، وكذلك دعوة حوالي (70) شخص أي أن يكون تمثيل القادمين من حضرموت هو (10%) فقط وبما لا يتفق مع الحجم الحقيقي لسكان حضرموت في مجموعة سكان الجنوب والذي يصل إلى حوالي نصف سكان الجنوب. وكنت شخصياً قد طرحت هذه الملاحظة في ذلك الاجتماع التشاوري، فكان الرد بأن هناك حوالي (110) شخصاً من حضارمة عدن ولحج وأبين والضالع ويافع وجهت إليهم الدعوة لحضور المؤتمر، أي أن العدد الكلي للحضارمة هو في حدود (180) شخصاً.
وهو منطق غريب وعجيب أن يستدعي من حضارمة الخارج أكثر من حضارمة الداخل، وكأننا في الضفة الغربية أو قطاع غزة بفلسطين، حيث يمنع خروج أهل الداخل ويكتفي بمن هم في الخارج.
4. أن الدعوة التي وجهت إلى أفراد من حضارمة الداخل كانت فوضوية وغير منظمة، وبعضها غير مجدية، وغير مفيدة، وإنما لكمالة العدد وللعلاقات والمجاملات الشخصية فقط. فلا شك أن في داخل حضرموت ممن هو أجدر وأحق بتمثيل حضرموت في هذا المؤتمر، ولكن لم توجه لهم دعوة بسبب هذه الفوضى (غير الخلاقة) التي رافقت التحضير والدعوات لحضور المؤتمر. وربما كان تخوفاً من جرأة وشجاعة هؤلاء الأفراد في قولة الحق فيما لو حضروا المؤتمر.
5. استغرب الكثيرون – وكنت من ضمنهم – عدم توزيع أوراق العمل التي ستعرض وتناقش في المؤتمر، بل أننا لم نعلم شيئاً عن جدول أعماله إلا قبل ساعة واحدة فقط من موعد انعقاده المؤجل في صباح يوم الأحد. وربما يعني ذلك أن اللجنة المكلفة بتنظيم جدول أعمال المؤتمر وأوراق العمل التي ستقدم خلاله لم تتفق على ذلك. ويبدو أن هناك خلاف حول هذا الأمر، وهو ما استدعى تأجيل وتوزيع هذه الأوراق إلى الساعة الأخيرة قبل انعقاد المؤتمر. وجعلنا هذا التستر المريب على أوراق المؤتمر ندرك أن هناك ما يحاك في الخفاء لا يريدون الإفصاح عنه مسبقاً حتى لا يؤدي إلى انهياره وفشله، وهو المآل الذي آل إليه بالفعل.
وفي النهاية خرج هذا الاجتماع التشاوري لحضارمة مؤتمر المريديان بالهرج والمرج ومزيد من التذمر والشكوى لسوء تنظيمه والإعداد له. وقد حاول المهندس محسن علي باصرة الذي ترأس هذا الاجتماع السيطرة على الموقف وإصلاح ذات البين والتوفيق بين المشادات والعصبيات اللفظية التي سادت الاجتماع، إلا أنه لم يوفق بوجه عام. وكان في منصة رئاسة هذا الاجتماع كل من الأخوين الأستاذين عبد المجيد سعيد وحدين ومحمد عبد الله الحامد، وكانا في صمتهما ووقارهما أثناء هذا الاجتماع يماثلان صمت ووقار أبي الهول القابع بهدوء واتزان خلف جدران قاعة الفندق.
وفي خطوة استباقية، وبروح وطنية صادقة تقدر المسؤولية، وبوعي يقظ بخطورة ما يحاك ضد حضرموت وشعبها من محاولات للإقصاء والتهميش، وجعلها كما كانت في العهد القومي والاشتراكي مجرد محافظة تابعة تساق كما تساق النعاج إلى المسلخة، ودون اعتبار لمكانتها سكانياً واجتماعياً وثقافياً وحضارياً اجتمع في مساء ذلك اليوم السبت وبعد انفضاض الاجتماع التشاوري السابق ذكره نفر من أبناء حضرموت المشاركين في هذا المؤتمر من الأكاديميين والمثقفين والناشطين واتفقوا على أمرين هما:
أولاً... الإعلان عن عدم المشاركة في هذا المؤتمر لأنه لا يتفق مع طموحات شعبنا في حضرموت وفي الجنوب عامة، ولأن المراد والمبتغى من هذا المؤتمر هو تشكيل قيادة تمثل (أبناء الجنوب) في التعاطي محلياً وإقليمياً ودولياً لترويج فكرة (الفيدرالية) مع استبعاد فكرة (فك الارتباط). ولا شك أن ذلك يخذل آمال وثقة شعبنا في حضرموت والتي أولاها للمشاركين من أبنائه في هذا المؤتمر.
ثانياً... إطلاق دعوة لجعل هذا المؤتمر وبكل نقائصه بمثابة (مؤتمر تشاوري) يؤسس لعقد مؤتمر آخر أكثر تنظيماً وتفعيلاً وتشاوراً، وتشارك فيه قطاعات متميزة من أبناء حضرموت والجنوب عامة لها القدرة والاقتدار على طرح هموم حضرموت والجنوب بصورة أفضل. وطرح معالجات ممكنه لها.
وعلى الفور تم تحرير صيغة أولى لبيان سيطرح على هذه المجموعة من الحضارمة لمناقشته وإثرائه. وكلف كل من د. سعيد الجريري ود. خالد بلخشر ود. ماهر بن دهري وآخرون بمتابعة ذلك وتحرير الصياغة النهائية للبيان.
وعند الثانية والنصف ليلاً، وعندما كنت في نوم عميق سمعت طرقاً على باب غرفتي فاستيقظت ووجدت أمامي د. محمد عوض بارشيد أحد المكلفين بمتابعة وصياغة البيان وطلب مني الحضور فوراً لمشاركة بقية الأخوة في هذا الأمر. وكان لابد علي أن ألبي هذا الطلب. فلبست ما يقيني من برد يلسع بين ردهات الفندق وانضممت إلى بقية الزملاء المجتمعين في غرفة أحدهم وشاركتهم في المداولة بالرأي وبما هو مناسب في صياغة البيان، ثم عدت إلى غرفتي قبل أذان الفجر بأقل من ساعة، ولم يكن من الممكن النوم إلا بعد أداء الفرض.
وفي الصباح انتشرت في أوساط المشاركين خبر رفض الحضارمة المشاركة في أعمال المؤتمر، فبادرت اللجة التنظيمية المكلفة على سير أعماله بإرسال الدكتور سعد الدين بن طالب للحوار مع هؤلاء الرافضين لمعرفة أسباب رفضهم ومحاولة إقناعهم بالعدول عن عدم المشاركة ولو بحضور الجلسة الافتتاحية، فأجتمع بنا في الحديقة الخلفية للفندق، وأوضحنا له أسباب عدم مشاركتنا وبموجب ما تقدم شرحه. وكان موقفنا ثابتاً لا يتزعزع، ولم يستطع إقناعنا برؤيته بالحضور إلى جلسات المؤتمر.
وكان موعد افتتاح الجلسة قد حل، فتأخر هذا الموعد إلى حين إقناعنا بالمشاركة. وبعد فشل د. سعد الدين بن طالب في مهمته عدنا إلى اعتصامنا واجتماعنا في إحدى غرف الفندق نتداول الرأي والحديث فيما بيننا، ثم جاء إلينا من يخبرنا أن المهندس حيدر أبوبكر العطاس قادم علينا حيث اجتماعنا، وهو أحد الداعين والراعين والداعمين والمنظمين لهذا المؤتمر، وحاول إقناعنا ولو بحضور الجلسة الافتتاحية فقط، وأن نعبر عن اعتراضنا وامتناعنا عن المشاركة من داخل قاعة المؤتمر، غير أنه لم يفلح في مسعاه، وظل موقفنا ثابتاً بعدم المشاركة، وانصرف عنا تاركاً لنا الخيار في المشاركة أو عدم المشاركة.
وأثناء حوارنا معه أشرت في حديثي إلى أننا في حضرموت وأن كنا مع القضية الجنوبية قلباً وقالباً، إلا أننا نرى أن حضرموت هي قلب هذه القضية وأن (المسألة الحضرمية) تتطلب المزيد من العناية والاهتمام والعدالة حتى يمكن لهذه (القضية الجنوبية) أن تجد لها أنصاراً ودعاة أكثر للدفاع عنها والسعي إلى حلّها. وأننا لا يمكن أن نخذل شعبنا في حضرموت الذي حمّلنا المسؤولية والأمانة في نقل همومه وتطلعاته إلى المؤتمر، ونحن نرى الآن كيف تعامل حضرموت في هذا المؤتمر بكثير من التهميش والإقصاء وانتقاص في قدرها ومكانتها.
وبعد فشل المهندس حيدر العطاس في إقناعنا بالحضور بادرنا إلى التوقيع على البيان الذي انتهينا من مراجعة صياغته النهائية. وقد تشرفت بأن أكون أول الموقعين، ومن بعدي وقع المهندس بدر باسلمة، ثم توالت التوقيعات حتى بلغت 19 توقيعاً. وشاركني في التوقيع كلا من الأستاذين أنور صالح التميمي وحسين فرج العامري وهما من أعضاء اللجنة التأسيسية لجبهة إنقاذ حضرموت.
أما بقية أسماء الموقعين فهم وبحسب ما ذكر في موقع (المكلا اليوم) بتاريخ 21 نوفمبر 2011م: الأستاذ أبوبكر باخطيب، الأستاذ حسين سالم الجيلاني، د. خالد يسلم بلخشر، د. سعيد سالم الجريري، د. عبد الله سعيد الجعيدي، د. ماهر سعيد بن دهري، د. محمد صالح العوادي، د. محمد عوض بارشيد، الشيخ عمر بن الشكل الجعيدي، المقدم أحمد عمر بامعس، المقدم عمر سعيد باشقار بارشيد، المقدم محمد سعيد الجريري، الأستاذ محمد أحمد بلفخر، الأستاذ محمد خميس الجريري، الأستاذ محمد سعيد الحامدي، كما نشر موقع (المكلا اليوم) النص الكامل لهذا البيان. وهذا الموقع الذي يرأسه الأستاذ سند محمد بايعشوت هو الذي أطلق على مجموعة الحضارمة هؤلاء (مجموعة ألـ 19 الحضرمية).
[email protected]
حضارمة وجنوبيون في ميرديان الهرم بالقاهرة
1/8/2012 المكلا اليوم / كتب : الدكتور / عبد الله سعيد باحاج
ما قبل المؤتمر ووقائعه وما انتهى إليه:
سبعون حضرمياً أو نحو ذلك انطلقوا من حضرموت صوب قاهرة المعز تلبية لدعوة بحضور مؤتمر عنوانه بموجب الدعوة (توحيد الصف الجنوبي). وكنت أحد هؤلاء السبعين. وهي المرة الأولى التي أشارك فيها في مؤتمر (سياسي) كغيري من الأكاديميين والباحثين المشاركين من حضرموت، حيث وصلتني دعوة كريمة من الأستاذ محمد أحمد بلفخر أحد أعضاء لجنة التواصل والتحضير لهذا المؤتمر، وقد جاءتني هذه الدعوة قبل موعد المؤتمر والمقرر له في 19 نوفمبر 2011م بحوالي شهر.
وعلمت بعد وصولي إلى القاهرة وانضمامي إلى بقية الأخوة المشاركين أن هناك من هم محسوبين على لجنة الإعداد والتحضير لهذا المؤتمر من اعترض وبشدة على حضوري لهذا المؤتمر ربما لأنني (حضرمي) أكثر من كوني (جنوبي)، كما توحي كتاباتي للبعض بذلك. وهو أمر لم يثيرني أو يستفزني كثيراً بقدر ما أحزنني أن يصل مستوى بعض المشاركين إلى هذا الدرك. وعلينا بعد ذلك ألا نستغرب المآل التي انتهى إليها هذا المؤتمر.
ومنذ اللحظة الأولى التي ولجنا فيها بهو فندق مريديان الهرم المخصص لعقد المؤتمر والذي يقع على أطراف القاهرة وبجوار أهرامات الجيزة الشهيرة في مساء الجمعة 18 نوفمبر 2011م عمّت الفوضى والهرج والمرج وكأننا في سوق شعبي، أو في أحد مطاعم صنعاء الشعبية حسب وصف الأستاذ أبوبكر باخطيب في تغطيته الصحفية والمباشرة لوقائع المؤتمر والتي نشرت في موقع (المكلا اليوم) في 27 نوفمبر 2011م.
ومضت ساعات طوال حتى استطعنا وبعد مجاهدة وصراع إلى الوصول إلى الغرف التي ستأوينا في الفندق. ولم تكن عملية الوصول هذه سهلة وسلسة كما ينبغي لها أن تكون، بل كانت على طريقة (من سبق أكل النبق)، أي أن عليك أن تصل إلى غرفة وأن تختار فيها زميلك الذي سيقيم معك فيها بالفتوّنة والقوة والصوت العالي والزعيق وقلب الوجه وإظهار العين الحمراء وما إلى ذلك من الحركات المعروفة في ساحات العراك والصراع البدني. واضطررت للاستعانة بالأستاذين محمد أحمد بلفخر ومحسن علي باصرة حتى أصل إلى غرفة يشاركني فيها الأستاذ أنور صالح التميمي مساعد المنسق العام لجبهة إنقاذ حضرموت.
وفي تلك اللحظات الفوضوية طرأ على ذهني خاطر عابر وهو إذا كانت هذه هي بداية المؤتمر فكيف إذن ستكون خاتمته، وهل سيكون ميلاد الخاتمة من رحم البداية. غير أنني وبطبعي المتفائل دوماً بالخير أقنعت نفسي أو بالأحرى أجبرتها على الاقتناع أن هي إلا زوبعة في فنجان وسحابة رعدية عابرة لا تلبث أن تزول، وما سيأتي سيكون أفضل وسيحقق المؤتمر المناط به من الأهداف والمسؤوليات التي جئنا من أجلها إلى هنا، فلا شك أننا لم نأت لأجل الاستضافة في فندق خمسة نجوم قد لا يجد البعض منا الراحة فيه كما يجده في مسكنه وبين أفراد أسرته وعشيرته وبني قومه.
وأخذت الحقائق تتكشف شيئاً فشيئاً بخصوص هذا المؤتمر (العجيب) والذي بدأ بمقولة (توحيد الصف الجنوبي) وانتهى إلى خيار وحيد وأوحد بفرض رؤية الفيدرالية لفصيل جنوبي بذاته، فقد قيل لنا بعد وصولنا إلى فندق المريديان أن عدد المشاركين في المؤتمر في حدود (150 – 200) شخص، وهذا يعني أن نسبة الحضارمة المشاركين فيه ستكون في حدود النصف أو قريباً من ذلك، وهو ما يتفق – إلى حد ما – مع الحجم السكاني لحضرموت ضمن سكان الجنوب.
ثم بعد ذلك أتى إلينا خبر يفيد بأن عدد المشاركين قد ارتفع إلى حوالي (400) شخص، ومع ثبات عدد المشاركين من حضرموت، إي بحدود (70) شخصاً كما أسلفنا، ومرة أخرى أتى إلينا خبر ثانٍ يفيد بأن العدد الكلي للمشاركين قد وصل إلى حوالي (700) شخص، وكذلك مع ثبات عدد الحضارمة المشاركين في المؤتمر والقادمين من حضرموت.
وهذا يعني أن نسبة مشاركة هؤلاء الحضارمة في المؤتمر قد انخفضت من (50% إلى 10%) وهذه كانت أولى علامات التعجب والاستفهام مما يدور حولنا، وكأن شيئاً ما يدور في الخفاء لجعلنا أقلية عددية غير مؤثرة في أعمال المؤتمر عند المداولة والطرح أو التصويت على قرارات أو توصيات. ثم تكاثرت علامات الاستفهام والتعجب حتى أصبحت سلسلة متصلة تبدأ بالتحضير والدعوة للمشاركة في هذا المؤتمر، ثم باستقدام المشاركين وإيوائهم في غرف الفندق والذي حاول فيه البعض – كما علمت – أن يضع إلى جوار كل حضرمي شخص آخر من غير الحضارمة يقيمان معاً في غرفة واحدة بالفندق،
ومروراً بإعداد الجلسة الافتتاحية وتوزيع أوراق عمل المؤتمر والتي غيبت عمداً أو إهمالاً إلى ما قبل بدء المؤتمر بحوالي ساعة، ومع حرمان أوراق أخرى يمكن أن تضاف إلى أعمال المؤتمر ومنها (رؤية جبهة إنقاذ حضرموت)، وهي التي تم نشرها في موقع (المكلا اليوم) كاملة بتاريخ 15 نوفمبر 2011م، ثم ما ساد جلسات المؤتمر من فوضى لا تقل عن سابقتها التي حدثت في بهو الفندق عند دخولنا إليه أول مرة. وهو ما شرحه العزيز الأستاذ أبوبكر باخطيب في مقاله المشار إليه سابقاً، والذي سبقني كذلك إلى وضع علامتي استفهام كبيرة وتعجب أكبر حول جهة التمويل لهذا المؤتمر، وفي هذا الفندق الفاخر الذي تتناقض مستوى الإقامة فيه مع مستوى الفقر وضنك العيش الذي يرزح تحته أغلب فئات شعبنا في حضرموت والجنوب عامة،
وحيث تصل كلفة الإقامة فيه لليلة واحدة أكثر من مرتب شهر لخريج جامعي من أبناء شعبنا. وهذا يعني أن الذين خططوا ورتبوا لأن يكون مكان انعقاد المؤتمر في هذا الفندق ربما لا يدركون معاناة شعبهم، أو أنهم قد تعودوا وألفوا الإقامة في مثل هذه الأماكن الفاخرة والغالية، أو أن هناك أطراف أخرى غيرهم أملت عليهم اختيار هذا المكان طالما وأنهم يمولون تكاليف هذا المؤتمر ولأسباب ودوافع غير واضحة وغير مقنعة لنا. وعلى أية حال تبقى هذه ملاحظة تفرض نفسها حتى وأن فسرت بمبررات أو حجج.
ورغم أن المؤتمر قد حدد له الساعة الحادية عشرة صباحاً وبتوقيت القاهرة من صباح السبت 19 نوفمبر لعقد جلسة الافتتاحية، إلا أن التخبط الذي كان سائداً خلاله أدى إلى تأجيل تلك الجلسة الافتتاحية إلى صباح اليوم التالي أي الأحد. وكانت تلك فرصة طيبة لأبناء حضرموت المشاركين في المؤتمر لعقد اجتماع تشاوري فيما بينهم للخروج برؤية مشتركة حول كيفية التعامل الايجابي مع الأطروحات التي ستقدم في هذا المؤتمر. وبعد صلاة العشاء في مساء السبت عقد هذا الاجتماع التشاوري للحضارمة في إحدى قاعات الفندق وحضرته الأغلبية العظمى من الحضارمة المشاركين في المؤتمر واتضح منه ما يلي:
1. أن هذا المؤتمر الذي دعينا إليه يسعى إلى التركيز على مناقشة خيار (الفيدرالية) فقط كحل للقضية الجنوبية، وبالتالي استبعاد أي خيار آخر، وخاصة خيار (فك الارتباط).
2. أن هذا المؤتمر الذي حمل شعار (توحيد الصف الجنوبي) قد ناقض نفسه عندما ركز على خيار (الفيدرالية)، لأنه يعني ببساطة استبعاد من يقول بفك الارتباط. بل والسعي لعدم دعوة أصحاب هذا الاتجاه القائل بفك الارتباط. وهذا يعني أن هذا المؤتمر ليس بمؤتمر لتوحيد صف الجنوبيين جميعاً، وإنما هو لتوحيد صف من يقول بالفيدرالية فقط.
3. أن هناك أموراً تثير الشك والريبة في سلوك ومواقف القائمين على تنظيم هذا المؤتمر، والتي تدفع بالقول إلى وجود رغبة غير معلنة لديهم في إسكات الصوت الحضرمي وتهميشه، ومن ذلك منع (جبهة إنقاذ حضرموت) من طرح رؤيتها في هذا المؤتمر، وهي رؤية تتفق مع الطرح القائل بفك الارتباط، وكذلك دعوة حوالي (70) شخص أي أن يكون تمثيل القادمين من حضرموت هو (10%) فقط وبما لا يتفق مع الحجم الحقيقي لسكان حضرموت في مجموعة سكان الجنوب والذي يصل إلى حوالي نصف سكان الجنوب. وكنت شخصياً قد طرحت هذه الملاحظة في ذلك الاجتماع التشاوري، فكان الرد بأن هناك حوالي (110) شخصاً من حضارمة عدن ولحج وأبين والضالع ويافع وجهت إليهم الدعوة لحضور المؤتمر، أي أن العدد الكلي للحضارمة هو في حدود (180) شخصاً.
وهو منطق غريب وعجيب أن يستدعي من حضارمة الخارج أكثر من حضارمة الداخل، وكأننا في الضفة الغربية أو قطاع غزة بفلسطين، حيث يمنع خروج أهل الداخل ويكتفي بمن هم في الخارج.
4. أن الدعوة التي وجهت إلى أفراد من حضارمة الداخل كانت فوضوية وغير منظمة، وبعضها غير مجدية، وغير مفيدة، وإنما لكمالة العدد وللعلاقات والمجاملات الشخصية فقط. فلا شك أن في داخل حضرموت ممن هو أجدر وأحق بتمثيل حضرموت في هذا المؤتمر، ولكن لم توجه لهم دعوة بسبب هذه الفوضى (غير الخلاقة) التي رافقت التحضير والدعوات لحضور المؤتمر. وربما كان تخوفاً من جرأة وشجاعة هؤلاء الأفراد في قولة الحق فيما لو حضروا المؤتمر.
5. استغرب الكثيرون – وكنت من ضمنهم – عدم توزيع أوراق العمل التي ستعرض وتناقش في المؤتمر، بل أننا لم نعلم شيئاً عن جدول أعماله إلا قبل ساعة واحدة فقط من موعد انعقاده المؤجل في صباح يوم الأحد. وربما يعني ذلك أن اللجنة المكلفة بتنظيم جدول أعمال المؤتمر وأوراق العمل التي ستقدم خلاله لم تتفق على ذلك. ويبدو أن هناك خلاف حول هذا الأمر، وهو ما استدعى تأجيل وتوزيع هذه الأوراق إلى الساعة الأخيرة قبل انعقاد المؤتمر. وجعلنا هذا التستر المريب على أوراق المؤتمر ندرك أن هناك ما يحاك في الخفاء لا يريدون الإفصاح عنه مسبقاً حتى لا يؤدي إلى انهياره وفشله، وهو المآل الذي آل إليه بالفعل.
وفي النهاية خرج هذا الاجتماع التشاوري لحضارمة مؤتمر المريديان بالهرج والمرج ومزيد من التذمر والشكوى لسوء تنظيمه والإعداد له. وقد حاول المهندس محسن علي باصرة الذي ترأس هذا الاجتماع السيطرة على الموقف وإصلاح ذات البين والتوفيق بين المشادات والعصبيات اللفظية التي سادت الاجتماع، إلا أنه لم يوفق بوجه عام. وكان في منصة رئاسة هذا الاجتماع كل من الأخوين الأستاذين عبد المجيد سعيد وحدين ومحمد عبد الله الحامد، وكانا في صمتهما ووقارهما أثناء هذا الاجتماع يماثلان صمت ووقار أبي الهول القابع بهدوء واتزان خلف جدران قاعة الفندق.
وفي خطوة استباقية، وبروح وطنية صادقة تقدر المسؤولية، وبوعي يقظ بخطورة ما يحاك ضد حضرموت وشعبها من محاولات للإقصاء والتهميش، وجعلها كما كانت في العهد القومي والاشتراكي مجرد محافظة تابعة تساق كما تساق النعاج إلى المسلخة، ودون اعتبار لمكانتها سكانياً واجتماعياً وثقافياً وحضارياً اجتمع في مساء ذلك اليوم السبت وبعد انفضاض الاجتماع التشاوري السابق ذكره نفر من أبناء حضرموت المشاركين في هذا المؤتمر من الأكاديميين والمثقفين والناشطين واتفقوا على أمرين هما:
أولاً... الإعلان عن عدم المشاركة في هذا المؤتمر لأنه لا يتفق مع طموحات شعبنا في حضرموت وفي الجنوب عامة، ولأن المراد والمبتغى من هذا المؤتمر هو تشكيل قيادة تمثل (أبناء الجنوب) في التعاطي محلياً وإقليمياً ودولياً لترويج فكرة (الفيدرالية) مع استبعاد فكرة (فك الارتباط). ولا شك أن ذلك يخذل آمال وثقة شعبنا في حضرموت والتي أولاها للمشاركين من أبنائه في هذا المؤتمر.
ثانياً... إطلاق دعوة لجعل هذا المؤتمر وبكل نقائصه بمثابة (مؤتمر تشاوري) يؤسس لعقد مؤتمر آخر أكثر تنظيماً وتفعيلاً وتشاوراً، وتشارك فيه قطاعات متميزة من أبناء حضرموت والجنوب عامة لها القدرة والاقتدار على طرح هموم حضرموت والجنوب بصورة أفضل. وطرح معالجات ممكنه لها.
وعلى الفور تم تحرير صيغة أولى لبيان سيطرح على هذه المجموعة من الحضارمة لمناقشته وإثرائه. وكلف كل من د. سعيد الجريري ود. خالد بلخشر ود. ماهر بن دهري وآخرون بمتابعة ذلك وتحرير الصياغة النهائية للبيان.
وعند الثانية والنصف ليلاً، وعندما كنت في نوم عميق سمعت طرقاً على باب غرفتي فاستيقظت ووجدت أمامي د. محمد عوض بارشيد أحد المكلفين بمتابعة وصياغة البيان وطلب مني الحضور فوراً لمشاركة بقية الأخوة في هذا الأمر. وكان لابد علي أن ألبي هذا الطلب. فلبست ما يقيني من برد يلسع بين ردهات الفندق وانضممت إلى بقية الزملاء المجتمعين في غرفة أحدهم وشاركتهم في المداولة بالرأي وبما هو مناسب في صياغة البيان، ثم عدت إلى غرفتي قبل أذان الفجر بأقل من ساعة، ولم يكن من الممكن النوم إلا بعد أداء الفرض.
وفي الصباح انتشرت في أوساط المشاركين خبر رفض الحضارمة المشاركة في أعمال المؤتمر، فبادرت اللجة التنظيمية المكلفة على سير أعماله بإرسال الدكتور سعد الدين بن طالب للحوار مع هؤلاء الرافضين لمعرفة أسباب رفضهم ومحاولة إقناعهم بالعدول عن عدم المشاركة ولو بحضور الجلسة الافتتاحية، فأجتمع بنا في الحديقة الخلفية للفندق، وأوضحنا له أسباب عدم مشاركتنا وبموجب ما تقدم شرحه. وكان موقفنا ثابتاً لا يتزعزع، ولم يستطع إقناعنا برؤيته بالحضور إلى جلسات المؤتمر.
وكان موعد افتتاح الجلسة قد حل، فتأخر هذا الموعد إلى حين إقناعنا بالمشاركة. وبعد فشل د. سعد الدين بن طالب في مهمته عدنا إلى اعتصامنا واجتماعنا في إحدى غرف الفندق نتداول الرأي والحديث فيما بيننا، ثم جاء إلينا من يخبرنا أن المهندس حيدر أبوبكر العطاس قادم علينا حيث اجتماعنا، وهو أحد الداعين والراعين والداعمين والمنظمين لهذا المؤتمر، وحاول إقناعنا ولو بحضور الجلسة الافتتاحية فقط، وأن نعبر عن اعتراضنا وامتناعنا عن المشاركة من داخل قاعة المؤتمر، غير أنه لم يفلح في مسعاه، وظل موقفنا ثابتاً بعدم المشاركة، وانصرف عنا تاركاً لنا الخيار في المشاركة أو عدم المشاركة.
وأثناء حوارنا معه أشرت في حديثي إلى أننا في حضرموت وأن كنا مع القضية الجنوبية قلباً وقالباً، إلا أننا نرى أن حضرموت هي قلب هذه القضية وأن (المسألة الحضرمية) تتطلب المزيد من العناية والاهتمام والعدالة حتى يمكن لهذه (القضية الجنوبية) أن تجد لها أنصاراً ودعاة أكثر للدفاع عنها والسعي إلى حلّها. وأننا لا يمكن أن نخذل شعبنا في حضرموت الذي حمّلنا المسؤولية والأمانة في نقل همومه وتطلعاته إلى المؤتمر، ونحن نرى الآن كيف تعامل حضرموت في هذا المؤتمر بكثير من التهميش والإقصاء وانتقاص في قدرها ومكانتها.
وبعد فشل المهندس حيدر العطاس في إقناعنا بالحضور بادرنا إلى التوقيع على البيان الذي انتهينا من مراجعة صياغته النهائية. وقد تشرفت بأن أكون أول الموقعين، ومن بعدي وقع المهندس بدر باسلمة، ثم توالت التوقيعات حتى بلغت 19 توقيعاً. وشاركني في التوقيع كلا من الأستاذين أنور صالح التميمي وحسين فرج العامري وهما من أعضاء اللجنة التأسيسية لجبهة إنقاذ حضرموت.
أما بقية أسماء الموقعين فهم وبحسب ما ذكر في موقع (المكلا اليوم) بتاريخ 21 نوفمبر 2011م: الأستاذ أبوبكر باخطيب، الأستاذ حسين سالم الجيلاني، د. خالد يسلم بلخشر، د. سعيد سالم الجريري، د. عبد الله سعيد الجعيدي، د. ماهر سعيد بن دهري، د. محمد صالح العوادي، د. محمد عوض بارشيد، الشيخ عمر بن الشكل الجعيدي، المقدم أحمد عمر بامعس، المقدم عمر سعيد باشقار بارشيد، المقدم محمد سعيد الجريري، الأستاذ محمد أحمد بلفخر، الأستاذ محمد خميس الجريري، الأستاذ محمد سعيد الحامدي، كما نشر موقع (المكلا اليوم) النص الكامل لهذا البيان. وهذا الموقع الذي يرأسه الأستاذ سند محمد بايعشوت هو الذي أطلق على مجموعة الحضارمة هؤلاء (مجموعة ألـ 19 الحضرمية).
[email protected]