مسرور
11-13-2007, 10:33 AM
قال الأديب والمفكّر اليمني عبد الرحمن طيّب بعكر الحضرمي ( يرحمه الله ) ناقدا شعر الحداثة على حساب القصيدة العمودية : ان الغاء القصيدة العمودية يمثل إرضاء لنزق مجموعة من العاجزين الذين قد يجدون في ملكوت النثر محضنا كريما وأفقا عاليا ولا يكلّفون أنفسهم بالتجني على ذوقيات الأمة وهدم مجدها الشعري .
يقول الناقد اليمني عبد الفتاح البتول في مقالة له بعنوان : شعراء الحداثة وسدنة الكهانة مستدلا ضمن المقالة بما جاء أعلاه :
أننا لا نريد الدخول في نقاشات بيزنطية ومعارك وهمية وانما نريد تشخيص القضية والبحث عن حقيقة الشعر من الشعير والشاعر من المتشاعر وتحرير موضع النزاع الدائر والصراع المستمر حول ما يسمى بقصيدة النثر وهل لها علاقة بالشعر وهل ترتبط مع الأدب بنسبة ... فإذا كانت قصيدة النثر تمثل جنسا أدبيا جديدا فلا بد أنها تنتمي إلى صناعة النثر لا الشعر ثم أن النقاش ينبغي أن يرتكز على القائل لا القول فقط بمعنى هل يمتلك الذي يكتب هذه القصيدة الموهبة الشعرية ام لا ؟ وهل هذا المكتوب يشكل ابداعا شعريا يضاف إلى التجربة الشعرية أم أنه تلفيق وكلام مخيّط بصميل (1) ؟ :FRlol: :FRlol: ليس كل قديم مرفوضا ولا كل جديد مقبولا ، وأساس القبول والرفض يعود إلى الصواب والخطأ والحق والباطل وليس للقدم أو الحداثة ... ويرى أنه من غير المعقول رفض شعر الحداثة لأنه محدث وجديد ويخالف شعر التقليد ولا يكترث بأوزان الخليل بن أحمد الفراهيدي ، والمعركة ليست بين التقليد والتجديد فكل جديد يصبح قديما وليست بين الأصالة والحداثة لعدم وجود خلاف أو تناقض حقيقي بين الأصالة والعاصرة ، أو بين التراث والحداثة وإنما المعركة الحقيقية هي بين الشعر واللاشعر بين الموهبة والفشل ، بين الإبداع والفوضى ، ويصل البتول في نهاية تشخيصه إلى أن الخلاف ليس بين القوالب وإنما حول الإبداع والمواهب ، وأن الواحد من معظم أدعياء الشعر لا يستطيع قول مقطوعة شعرية ملتزمة بقواعد الشعر الأساسية ، فلا وزن ، ولا قافية ، ولا صور ، ولا موسيقى وإنما رص للكلمات وتلاعب بالألفاظ على طريقة كهنة المعابد وسدنة الطلاسم ( وما أكثرهم ) :FRlol: الذين يصنعون التمائم ويعقدون العمائم طلبا للرزق وسعيا للشهرة والمكانة .... وفي لهجة المنصف لشعراء الحداثة يقول : أن الشاعر الحق هو ذلك الذي يمتلك موهبة ويكتب إبداعا حتى تصبح القصيدة حرثا له يأتي حرثه كيف شاء ( عمودية / تفعيلة / تقليدية / حداثية ) . وهاهو ذا الشاعر الكبير الدكتور عبد العزيز المقالح يقف مناصرا للقصيدة الحديثة ومدافعا عن أشكالها المعاصرة تجديدا وتحديثا وكتب شعر التفعيلة وقال في ماقاله عن الشعر عموما : انه رؤى لعالم جديد ومحاولة للنفاذ خلال الحلم مما هو كائن إلى ما ينبعي ان يكون ، والشعر في أحسن أحواله معطى وجداني وصوت ضمير الشعب والشاعر والصورة الداخلية لأعماق الإنسان والفنان معا .
يقول الناقد البتول : أنه وجد روح الشاعر ونفس المبدع في قصيدة لا بد من صنعاء وإن طال السفر ، وأراه منصفا ولكن الشعر المقفى يظل عصيا على كل متشيعر بإعتراف الناقد نفسه .
لا بد من صنعاء وإن طال السفر
لا بد منها .. حبنا .. أشواقها
تدوي حوالينا .. إلى أين المفر؟
إنا حملنا حزنها وجراحها
تحت الجفون فأورقت وازكى الثمر
وبكل مقهى قد شربنا دمعها
الله ما أحلى الدموع وما أمر
وعلى المواويل الحزينة كم بكت
أعماقنا وتمزقت فوق الوتر
ولكم رقصنا في ليالي بؤسنا
رقص الطيور تخلعت عنها الشجر
صنعاء وإن أغفت على أحزانها
حيناً وطال بها التبلد والخدر
سيثور في وجه الظلام صباحها
حتما ويغسل جدبها يوماً مطر
ينصح الناقد البتول الشعراء الشباب بتأصيل شاعريتهم وترسيخ موهبتهم ويطلب ممن لا يستطيع الإبداع المستمر والإضافة الدائمة الصوم عن قرض الشعر والنذر للرحمن على أن لا يكتب إلا نثرا ومن لم يستطع قول الشعر ولا كتابة النثر فليصمت وليدع قول الزور وفعل السوء حتى يأمن القراء من بوائقه ويرتاح النقّاد من هراءه ( انتهى )
ماذا تقول لشعراء الحداثة والمتشيعرين منهم تحديدا الذين تزخر بهم ساحتنا الثقافية ، وما يكتبونه ليس شعرا تقليديا ولا حداثيا ؟ هل نعطي لأنفسنا الحق في جواز مقارنتهم بذلك الغراب الذي أراد تقليد الحمامة ففشل في التقليد ونسى طريقة مشيه السابقة ؟
لا .... إنهم دون مستوى الغراب ... فالغراب ( حسب الرواية في الموروث الدالة على مواعظ وحكم ) بذل محاولة وأخفق ، وما نشهده اليوم في ظل الثورة التكنلوجية زبد يذهب كله جفاء ويبقى منه ما ينفع الناس ( وهو من الندرة بمكان ) ... إنهم كما خلص عبد الفتاح البتول : يغتالون جماليات القصيدة العربية لحساب نزوة عابرة وخطوة عاثرة على مستوى الإبداع الشعري والخطاب الفكري بإعتبار معظم شعراء الحداثة يحملون رؤى فكرية تعمل على هدم حصوننا من الداخل .... والتجديد في الشعر العربي ينبغي أن يرتكز على أسس ومقومات لغوية وبلاغية وذوقية مع إحترام الأوزان والموسيقى الداخلية والإهتمام بالقضايا المعاصرة كوظيفة تغييرية للشعر في المجالات السياسية والإجتماعية والمعيشية والوقوف ضد التطفل على الشعر العمودي والتفعيلي وعدم الجمود على المباني والنظر إلى المعاني وحسم القضية على أساس شعر أو لا شعر وشاعر ومتطفّل وأدب وعبث وشدو ونعيق .
أجدها مناسبة لفتح باب النقاش مع شعراء الحداثة ( إن وجدوا ) إستنادا لما جاء بأعلاه وبخلافه دعوا الموضوع يأخذ طريقه إلى الأرشيف بكل هدوء .
في إنتظار تعليقاتكم .
سلام .
http://www.alshibami.net/saqifa/uploaded/519_1.JPG
(1) الصميل : تعني العصا في اللهجة اليمنية الدارجة
يقول الناقد اليمني عبد الفتاح البتول في مقالة له بعنوان : شعراء الحداثة وسدنة الكهانة مستدلا ضمن المقالة بما جاء أعلاه :
أننا لا نريد الدخول في نقاشات بيزنطية ومعارك وهمية وانما نريد تشخيص القضية والبحث عن حقيقة الشعر من الشعير والشاعر من المتشاعر وتحرير موضع النزاع الدائر والصراع المستمر حول ما يسمى بقصيدة النثر وهل لها علاقة بالشعر وهل ترتبط مع الأدب بنسبة ... فإذا كانت قصيدة النثر تمثل جنسا أدبيا جديدا فلا بد أنها تنتمي إلى صناعة النثر لا الشعر ثم أن النقاش ينبغي أن يرتكز على القائل لا القول فقط بمعنى هل يمتلك الذي يكتب هذه القصيدة الموهبة الشعرية ام لا ؟ وهل هذا المكتوب يشكل ابداعا شعريا يضاف إلى التجربة الشعرية أم أنه تلفيق وكلام مخيّط بصميل (1) ؟ :FRlol: :FRlol: ليس كل قديم مرفوضا ولا كل جديد مقبولا ، وأساس القبول والرفض يعود إلى الصواب والخطأ والحق والباطل وليس للقدم أو الحداثة ... ويرى أنه من غير المعقول رفض شعر الحداثة لأنه محدث وجديد ويخالف شعر التقليد ولا يكترث بأوزان الخليل بن أحمد الفراهيدي ، والمعركة ليست بين التقليد والتجديد فكل جديد يصبح قديما وليست بين الأصالة والحداثة لعدم وجود خلاف أو تناقض حقيقي بين الأصالة والعاصرة ، أو بين التراث والحداثة وإنما المعركة الحقيقية هي بين الشعر واللاشعر بين الموهبة والفشل ، بين الإبداع والفوضى ، ويصل البتول في نهاية تشخيصه إلى أن الخلاف ليس بين القوالب وإنما حول الإبداع والمواهب ، وأن الواحد من معظم أدعياء الشعر لا يستطيع قول مقطوعة شعرية ملتزمة بقواعد الشعر الأساسية ، فلا وزن ، ولا قافية ، ولا صور ، ولا موسيقى وإنما رص للكلمات وتلاعب بالألفاظ على طريقة كهنة المعابد وسدنة الطلاسم ( وما أكثرهم ) :FRlol: الذين يصنعون التمائم ويعقدون العمائم طلبا للرزق وسعيا للشهرة والمكانة .... وفي لهجة المنصف لشعراء الحداثة يقول : أن الشاعر الحق هو ذلك الذي يمتلك موهبة ويكتب إبداعا حتى تصبح القصيدة حرثا له يأتي حرثه كيف شاء ( عمودية / تفعيلة / تقليدية / حداثية ) . وهاهو ذا الشاعر الكبير الدكتور عبد العزيز المقالح يقف مناصرا للقصيدة الحديثة ومدافعا عن أشكالها المعاصرة تجديدا وتحديثا وكتب شعر التفعيلة وقال في ماقاله عن الشعر عموما : انه رؤى لعالم جديد ومحاولة للنفاذ خلال الحلم مما هو كائن إلى ما ينبعي ان يكون ، والشعر في أحسن أحواله معطى وجداني وصوت ضمير الشعب والشاعر والصورة الداخلية لأعماق الإنسان والفنان معا .
يقول الناقد البتول : أنه وجد روح الشاعر ونفس المبدع في قصيدة لا بد من صنعاء وإن طال السفر ، وأراه منصفا ولكن الشعر المقفى يظل عصيا على كل متشيعر بإعتراف الناقد نفسه .
لا بد من صنعاء وإن طال السفر
لا بد منها .. حبنا .. أشواقها
تدوي حوالينا .. إلى أين المفر؟
إنا حملنا حزنها وجراحها
تحت الجفون فأورقت وازكى الثمر
وبكل مقهى قد شربنا دمعها
الله ما أحلى الدموع وما أمر
وعلى المواويل الحزينة كم بكت
أعماقنا وتمزقت فوق الوتر
ولكم رقصنا في ليالي بؤسنا
رقص الطيور تخلعت عنها الشجر
صنعاء وإن أغفت على أحزانها
حيناً وطال بها التبلد والخدر
سيثور في وجه الظلام صباحها
حتما ويغسل جدبها يوماً مطر
ينصح الناقد البتول الشعراء الشباب بتأصيل شاعريتهم وترسيخ موهبتهم ويطلب ممن لا يستطيع الإبداع المستمر والإضافة الدائمة الصوم عن قرض الشعر والنذر للرحمن على أن لا يكتب إلا نثرا ومن لم يستطع قول الشعر ولا كتابة النثر فليصمت وليدع قول الزور وفعل السوء حتى يأمن القراء من بوائقه ويرتاح النقّاد من هراءه ( انتهى )
ماذا تقول لشعراء الحداثة والمتشيعرين منهم تحديدا الذين تزخر بهم ساحتنا الثقافية ، وما يكتبونه ليس شعرا تقليديا ولا حداثيا ؟ هل نعطي لأنفسنا الحق في جواز مقارنتهم بذلك الغراب الذي أراد تقليد الحمامة ففشل في التقليد ونسى طريقة مشيه السابقة ؟
لا .... إنهم دون مستوى الغراب ... فالغراب ( حسب الرواية في الموروث الدالة على مواعظ وحكم ) بذل محاولة وأخفق ، وما نشهده اليوم في ظل الثورة التكنلوجية زبد يذهب كله جفاء ويبقى منه ما ينفع الناس ( وهو من الندرة بمكان ) ... إنهم كما خلص عبد الفتاح البتول : يغتالون جماليات القصيدة العربية لحساب نزوة عابرة وخطوة عاثرة على مستوى الإبداع الشعري والخطاب الفكري بإعتبار معظم شعراء الحداثة يحملون رؤى فكرية تعمل على هدم حصوننا من الداخل .... والتجديد في الشعر العربي ينبغي أن يرتكز على أسس ومقومات لغوية وبلاغية وذوقية مع إحترام الأوزان والموسيقى الداخلية والإهتمام بالقضايا المعاصرة كوظيفة تغييرية للشعر في المجالات السياسية والإجتماعية والمعيشية والوقوف ضد التطفل على الشعر العمودي والتفعيلي وعدم الجمود على المباني والنظر إلى المعاني وحسم القضية على أساس شعر أو لا شعر وشاعر ومتطفّل وأدب وعبث وشدو ونعيق .
أجدها مناسبة لفتح باب النقاش مع شعراء الحداثة ( إن وجدوا ) إستنادا لما جاء بأعلاه وبخلافه دعوا الموضوع يأخذ طريقه إلى الأرشيف بكل هدوء .
في إنتظار تعليقاتكم .
سلام .
http://www.alshibami.net/saqifa/uploaded/519_1.JPG
(1) الصميل : تعني العصا في اللهجة اليمنية الدارجة