جبران
07-14-2004, 05:07 PM
رثاء الأندلس
أبو البقاء الرندي
لكل شيء إذا ما تم نقصـــــــــــــان= فلا يغر بطيب العيش إنســــــــــــانُ
هي الأمور كما شاهدتهـــــــــا دولٌ= من سرَّهُ زمـــــــــــنٌ ساءته أزمانُ
وهذه الدار لا تُبقي على أحـــــــــــد =ولا يدوم علـــــــــــــى حال لها شانُ
يمزق الدهر حتمًا كل سابغـــــــــــةٍ =إذا نبت مشرفيات وخرصــــــــــــانُ
وينتضي كل سيف للفناء ولــــــــــو= كان ابن ذي يزن والغمد غـــــمدانُ
أين الملوك ذوو التيجان من يمـــنٍ= وأين منهم أكـــــــــــــــاليلٌ وتيجـانُ
وأين ما شــــــــــاده شدَّادُ فـــي إرمٍ= وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ
وأين ما حازه قارون من ذهــــــــب= وأين عادٌ وشدادٌ وقحـــــــــــــــطانُ
أتى على الكل أمر لا مرد لـــــــــــه= حتى قضوا فكأن القوم ما كــــــانوا
وصار ما كان من مُلك ومن مَـــلك= كم حكى عن خيال الطيفِ وسـنانُ
دار الزمان على دارا وقاتلــــــــــه= وأمَّ كســــــــــــــرى فما آواه إيوانُ
كأنما الصعب لم يسهل له سبـــــبُ =يومًا ولا مَلك الدنيــــــــــــا سليمانُ
فجائع الدهر أنواع منوعـــــــــــــة= وللزمـــــــــــــــان مسرات وأحزانُ
وللحوادث سلوان يسهّلــــــــــــــها= وما لما حل بالإســـــــــــلام سلوانُ
دهى الجزيرة أمرٌ لا عزاء لــــــــه= هــــــــــــــــوى له أحدٌ وانهد نهلانُ
أصابها العينُ في الإسلام فارتزأتْ =حتـــــــــــى خلت منه أقطارٌ وبلدانُ
فاسأل بلنسيةَ ما شأنُ مرسيـــــــةٍ= وأين شــــــــــــــــاطبةٌ أمْ أين جيَّانُ
وأين قرطبةٌ دارُ العـــــــــــلوم فكم= من عـــــــــالمٍ قد سما فيها له شانُ
وأين حمصُ وما تحويه مــــن نزهٍ= ونهرهـــــــــــا العذب فياض وملآنُ
قواعدٌ كنَّ أركــــــــــــانَ البلاد فما= عســـــــى البقاء إذا لـــــم تبقَ أركانُ
تبكي الحنيفيةَ البيضـــاءَ من أسفٍ= كما بــــــــــكى لفراق الإلف هيمانُ
حيث المساجدُ قد أضحتْ كنائسَ ما =فيهنَّ إلا نـــــــــــــــواقيسٌ وصلبانُ
حتى المحاريبُ تبكي وهي جـــامدةٌ= حتى المنــــــــابرُ ترثي وهي عيدانُ
يــــــا غافلاً وله في الدهرِ موعظةٌ= إن كنـــــــت في سِنَةٍ فالدهر يقظانُ
وماشيــــــــــــًا مرحًا يلهيه موطنهُ= أبعد حمصٍ تَغرُّ المـــــــــرءَ أوطانُ
تلك المصيبةُ أنْسَتْ ما تقدَّمهــــــــا= وما لها مع طولَ الدهرِ نسيـــــــانُ
يا راكبين عتـــــــاقَ الخيلِ ضامـرةً= كأنهــــــــا في مجال السبقِ عقبانُ
وحــــــــاملين سيوفَ الهندِ مرهقةُ= كـــــــــــــأنها في ظلام النقع نيرانُ
وراتعين وراء البحر في دعـــــــــةٍ= لهم بأوطــــــــــــانهم عزٌّ وسلطانُ
أعندكم نبأ من أهــــــــــــــل أندلسٍ =فقد سرى بحديثِ القومِ ركبــــــــانُ
كم يستغيث بنا المستضعفون وهـم= قتلــــــــى وأسرى فما يهتز إنسانُ
لماذا التقاطع في الإســــــلام بينكمُ= وأنتمْ يا عبـــــــــــــــــاد الله إخوانُ
ألا نفوسٌ أبيَّـــــــــــــــــاتٌ لها هممٌ= أما على الخيرِ أنصــــــارٌ وأعوانُ
يا من لذلةِ قـــــــــــــــومٍ بعدَ عزِّهُمُ =أحال حـــــــــــــــالهمْ جورُ وطغيانُ
بالأمس كانوا ملوكًا في منازلــــهم= واليومَ هم في بلاد الضـــــدِّ عبدانُ
فلو تراهم حيارى لا دليـــــــــل لهمْ =عليهمُ من ثيابِ الذلِ ألــــــــــــوانُ
ولو رأيتَ بكـــــــــــــاهُم عندَ بيعهمُ= لهــــــالكَ الأمرُ واستهوتكَ أحزانُ
يا ربَّ أمِّ وطفـــــــــــــلٍ حيلَ بينهما= كمــــــــــــــــا تفرقَ أرواحٌ وأبدانُ
وطفلةٍ مثــــــــــــــل حسنِ الشمسِ= إذ طلعت كأنمــــــا ياقوتٌ ومرجانُ
يقودُها العـــــــلجُ للمكروه مكرهةً =والعينُ بـــــــــــاكيةٌ والقلبُ حيرانُ
لمثل هذا يــــــــذوبُ القلبُ من كمدٍ= إن كان في القلــــب إسلامٌ وإيمان
__________________
منقول
أبو البقاء الرندي
لكل شيء إذا ما تم نقصـــــــــــــان= فلا يغر بطيب العيش إنســــــــــــانُ
هي الأمور كما شاهدتهـــــــــا دولٌ= من سرَّهُ زمـــــــــــنٌ ساءته أزمانُ
وهذه الدار لا تُبقي على أحـــــــــــد =ولا يدوم علـــــــــــــى حال لها شانُ
يمزق الدهر حتمًا كل سابغـــــــــــةٍ =إذا نبت مشرفيات وخرصــــــــــــانُ
وينتضي كل سيف للفناء ولــــــــــو= كان ابن ذي يزن والغمد غـــــمدانُ
أين الملوك ذوو التيجان من يمـــنٍ= وأين منهم أكـــــــــــــــاليلٌ وتيجـانُ
وأين ما شــــــــــاده شدَّادُ فـــي إرمٍ= وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ
وأين ما حازه قارون من ذهــــــــب= وأين عادٌ وشدادٌ وقحـــــــــــــــطانُ
أتى على الكل أمر لا مرد لـــــــــــه= حتى قضوا فكأن القوم ما كــــــانوا
وصار ما كان من مُلك ومن مَـــلك= كم حكى عن خيال الطيفِ وسـنانُ
دار الزمان على دارا وقاتلــــــــــه= وأمَّ كســــــــــــــرى فما آواه إيوانُ
كأنما الصعب لم يسهل له سبـــــبُ =يومًا ولا مَلك الدنيــــــــــــا سليمانُ
فجائع الدهر أنواع منوعـــــــــــــة= وللزمـــــــــــــــان مسرات وأحزانُ
وللحوادث سلوان يسهّلــــــــــــــها= وما لما حل بالإســـــــــــلام سلوانُ
دهى الجزيرة أمرٌ لا عزاء لــــــــه= هــــــــــــــــوى له أحدٌ وانهد نهلانُ
أصابها العينُ في الإسلام فارتزأتْ =حتـــــــــــى خلت منه أقطارٌ وبلدانُ
فاسأل بلنسيةَ ما شأنُ مرسيـــــــةٍ= وأين شــــــــــــــــاطبةٌ أمْ أين جيَّانُ
وأين قرطبةٌ دارُ العـــــــــــلوم فكم= من عـــــــــالمٍ قد سما فيها له شانُ
وأين حمصُ وما تحويه مــــن نزهٍ= ونهرهـــــــــــا العذب فياض وملآنُ
قواعدٌ كنَّ أركــــــــــــانَ البلاد فما= عســـــــى البقاء إذا لـــــم تبقَ أركانُ
تبكي الحنيفيةَ البيضـــاءَ من أسفٍ= كما بــــــــــكى لفراق الإلف هيمانُ
حيث المساجدُ قد أضحتْ كنائسَ ما =فيهنَّ إلا نـــــــــــــــواقيسٌ وصلبانُ
حتى المحاريبُ تبكي وهي جـــامدةٌ= حتى المنــــــــابرُ ترثي وهي عيدانُ
يــــــا غافلاً وله في الدهرِ موعظةٌ= إن كنـــــــت في سِنَةٍ فالدهر يقظانُ
وماشيــــــــــــًا مرحًا يلهيه موطنهُ= أبعد حمصٍ تَغرُّ المـــــــــرءَ أوطانُ
تلك المصيبةُ أنْسَتْ ما تقدَّمهــــــــا= وما لها مع طولَ الدهرِ نسيـــــــانُ
يا راكبين عتـــــــاقَ الخيلِ ضامـرةً= كأنهــــــــا في مجال السبقِ عقبانُ
وحــــــــاملين سيوفَ الهندِ مرهقةُ= كـــــــــــــأنها في ظلام النقع نيرانُ
وراتعين وراء البحر في دعـــــــــةٍ= لهم بأوطــــــــــــانهم عزٌّ وسلطانُ
أعندكم نبأ من أهــــــــــــــل أندلسٍ =فقد سرى بحديثِ القومِ ركبــــــــانُ
كم يستغيث بنا المستضعفون وهـم= قتلــــــــى وأسرى فما يهتز إنسانُ
لماذا التقاطع في الإســــــلام بينكمُ= وأنتمْ يا عبـــــــــــــــــاد الله إخوانُ
ألا نفوسٌ أبيَّـــــــــــــــــاتٌ لها هممٌ= أما على الخيرِ أنصــــــارٌ وأعوانُ
يا من لذلةِ قـــــــــــــــومٍ بعدَ عزِّهُمُ =أحال حـــــــــــــــالهمْ جورُ وطغيانُ
بالأمس كانوا ملوكًا في منازلــــهم= واليومَ هم في بلاد الضـــــدِّ عبدانُ
فلو تراهم حيارى لا دليـــــــــل لهمْ =عليهمُ من ثيابِ الذلِ ألــــــــــــوانُ
ولو رأيتَ بكـــــــــــــاهُم عندَ بيعهمُ= لهــــــالكَ الأمرُ واستهوتكَ أحزانُ
يا ربَّ أمِّ وطفـــــــــــــلٍ حيلَ بينهما= كمــــــــــــــــا تفرقَ أرواحٌ وأبدانُ
وطفلةٍ مثــــــــــــــل حسنِ الشمسِ= إذ طلعت كأنمــــــا ياقوتٌ ومرجانُ
يقودُها العـــــــلجُ للمكروه مكرهةً =والعينُ بـــــــــــاكيةٌ والقلبُ حيرانُ
لمثل هذا يــــــــذوبُ القلبُ من كمدٍ= إن كان في القلــــب إسلامٌ وإيمان
__________________
منقول