نجد الحسيني
11-25-2010, 12:23 PM
اليمن:
قال الله تعالى:
بلدة طيبة وربّ غفور
ذكر النبي صلّ الله عليه وسلّم:
فإنهم منّي وأنا منهم
في الزمان الأوّل قال حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه:
فنحن بنو قحطان والملك والعلا :: ومنا نبي الله هُود الأخاير
وإدريس ما إن كان في الناس مثله :: ولا مثل ذي القرنين إبنا عابر
وصالح والمرحوم يونس بعدما :: ألات به حوتٌ باخلب زاخر
شعيب والياس وذو الكفل كلهم :: يمانيون قد فازوا بطيب السرائر
إلى زماننا حيث قال عبد الله البردوني رحمه الله تعالى:
نحن اليمانين يا طه تطير بنا :: إلى ///////////////////////// العلا أرواح أنصار
إذا تذكرت عماراً وسيرته :: فافخر بنا إننا أحفاد عمار
وبعد:
فإذا كانت الرياضة ترويض والسياسة تسييس فالمعنى واحد والهدف أيضا واحد.. ويخطئ من يظن بأن الرياضة غير السياسة والعكس بالعكس.
لقد شاهدنا السياسة والرياضة معا في أولمبياد بيكين وكذلك في ألعاب أطلنطا وماذا جرى في دورة ميونيخ وكيف أن الهندوراس والسلفادور تحاربتا بالطائرات والدبابات والمدرعات والجنود لأجل كرة وماذا صنعت ذات الكرة بمصر والجزائر من سبّ وقبح نزعت بها رداء الدم والدين وماذا كان يجري من خلف الكواليس وفي العلن بين السعودية والكويت وما يزال يجري بين الخليجيين بعضهم ببعض وكيف سفحت هذه الكرة دماء الانكليز والطليان على مصبّ روما.
كرة كما وصفها الكثيرون بأنها ملهاة للشعوب حتى أصبحت تنفر فلا إخاء وتبعد فلا تلاقي ، تفرق الجمع دون اكتراث ، وتكرس العداء بلا سبب ، تشجع على العصبيات النتنة ، تذهب مع ريحها الأولويات والضروريات ويحجب غبار ملاعبها الخيالة والرماة.
ربما – بل مؤكد – أن لعبة كرة القدم هي (الرياضة) بين قوسين، الوحيدة التي تفتقر إلى معاني الروح الرياضية ونبلها وأخلاقها كما شاهد ويشهد الجمهور على ذلك.. إذ أن ما يجري عليها لا ينطبق على باقي الألعاب ذات الفوائد والعوائد الأكبر والأكثر والأعظم كالملاكمة والفروسية وطرق الدفاع عن النفس المتنوعة وألعاب القوى بمختلف مفرداتها سواء الفردية أو الجماعية .. مثل تلك الألعاب الرياضية فإنها تبني أجساما صحيحة وعقولا صافية وتؤسس في الفرد وفي المجتمع بنى تحتية وفوقية راسخة وتُكسِب سمعة رفيعة وكذلك يجني الفرد ومجتمعه من وراء نجاحاتها أموالا طائلة ، ومن لا يعترف بذلك وينكر علينا قولنا فما رأيه بالمثال التالي ؟ وهل إذا ما اقتنع به سوف يمتثل له ويلزم نفسه بالتفكير به جادا والعمل على منهجه ؟
المثال:
- إنك بحاجة إلى 22 لاعب (اساسي و احتياطي) لخوض مباراة كرة قدم ويعوزك مئات اللاعبين من خلفهم كرديف لتستمر هذه اللعبة وتبقى وأنت بحاجة إلى أموال تهدرها لصرف رواتب ومعاشات على هؤلاء اللاعبين ونفقات سفرهم وعلاجاتهم وسكنهم ووسائل نقلهم و... و...
- أنت بحاجة إلى توفير مدرب ومساعد ومدلك وبالجمع مدربون ومساعدون ومدلكون تنفق عليهم مئات الألوف وربما الملايين على مدرب يكون نجاحه وفشله تحصيل حاصل.. فهو لا يضمن لك بطولة ولا كاس و لا كاش.
- أنت بحاجة إلى إنفاق الملايين لإقامة الملاعب والنوادي وغيرها من المسلتزمات الضرورية.
ثم ماذا بعد:
إذا ما كسب الفريق نلت ميدالية ذهبية واحدة أو كأس يتيم وأما إذا خسر تبخّر كلّ شيء وانهار المشروع وضاع الاستثمار فيه.
22 لاعب يقدمون لك الجائزة عبارة عن ميدالية يتيمة في حال كسبوا الرهان أما في حال الفشل – وهذه هي العادة دائما - أعادوك إلى صفر عن شمال وما تحته.
ميدالية واحدة كان يكفي الحصول عليها بتدريب رجل واحد لا غيره في أية لعبة أخرى تختارها من الجري والسباحة والملاكمة ورفع الأثقال والرمي والفروسية .. لن يكلفك هذا اللاعب الفرد عشر معشار ما تنفقه على كرة القدم وهولها وخضمها وقلقها..
ملاكم وحيد يحمل إليك ميدالية تنأى عن حملها مجموعة من ثلاثين لاعب.. لم يحوجك هذا الملاكم إلى أراضي شاسعة ومباني مركبة ولا تفرش له أرضية مزروعة ولا مصنوعة ولا يطلب منك خضراء ولا حمراء ولا غبراء ولا سمراء .. لاعب وحيد يرفع راية وطنه عالية خفاقة في سماء الدنيا ويعمّم معرفة شعبه وأمته عند كلّ الأعراق والأجناس من بني البشر .. لاعب وحيد، لن يكلفك إلاّ الفتات لقاء مكاسب وأرباح وفوائد لا تقدّر بثمن وإن أنفقت أموال قارون للحصول على مثلها.
نسيم حميد: ملاكم مسلم عربي يمني .. لم تصنعه اليمن ولا بريطانيا ولا أميركا.. إنما راقبته عين مدرب فاحصة لم تخيب فراسته حتى أخذ يصقل تلك الموهبة وينمي ويربي تلك الشجاعة المكنونة في داخل ذلك الصبي حتى تتفجّر فيسمع دويها ويشاهدها العربي والأسيوي والأفريقي والأوروبي والأميركي ..
ليس فوز باريرا من أنهى قصّة نسيم .. فالرياضة فوز وخسارة.. وأعظم ملاكمي الأرض البطل المسلم محمد علي قد خسر ثلاثا ليسترد عرشه ثلاثا.. إنما انتهى نسيم لأنه أراد ذلك من بعد أن أغرته المادة ففضّل التجارة على الرياضة ، أراد نسيم أن يكوّن مع إخوته مجموعة برجوازية صغيرة.. نرجو له ولأسرته التوفيق والنجاح بإذن الله تعالى.
لقد غادر نسيم الحلبة لـكن اسمه، تماما كما اسماء الأبطال المسلمين العالميين محمد علي (كلاي) ومالك سالم (تايسون) ـ مع الفارق في الأوزان -، يبقى مسطورا في سجل الخالدين ومحفوظا في دواوين التأريخ.
هناك فريق يضم 22 لاعب ربما حقق لك بطولة واحدة في كلّ 4 سنوات، وهذا أمر مستبعد ومشكوك في تحقيقه بينما في ذات الزمن ونفس المدة حقّق نسيم حميد ثلاثين بطولة في الإحتراف قريبة ومضمونة بإذن الله تعالى.
فأي النموذجين أصلح وأنفع وأكسب.؟ أحسبها وأخبرني بالنتيجة أو لا تخبرني فالنتيجة قد ظهرت سلفا.
وإذا ما وزعنا هؤلاء الإثنين وعشرين لاعب على مختلف الرياضات ودربنا واحدا على الجري وثاني على رفع الأثقال وثالث على القفز ورابع على الملاكمة وخامس وسادس وسابع على السباحة والفروسية والرماية إلى عاشر وعشرين على ما تشاء وتختار فيصبح ما تجمع لديك إثنين وعشرين بطولة بميدالياتها وذهب على ذهب فوق ذهب فلا تعرف معها أين تذهب .
أين نحن من قول الصادق الأمين صلّ الله عليه وآله صحبه وسلّم:
(علموا أبناءكم السباحة والرماية وركوب الخيل)
سمعنا كما سمعتم عن لاعب كرة قدم لـكن هل سمع أحدا لاعب فروسية أو لاعب سيوف أو لاعب ملاكمة الخ... كلاّ إنما يطلق على الأول فارس والثاني مبارز والثالث ملاكم.. لـكنهم أبدا لم يوصفون بلاعب ولم توصف رياضتهم باللعبة.
هل يعني ذلك أن الكرة لعب في لعب؟ لا تعليق!
قطعا، لست ضد لعبة كرة القدم الساحرة ولن أكون كما لم أكن.. إذ كيف أكون كذلك وقد لعبتها بروح وعصب.. بل أني كنت واحدا من مراسلي ومحرري الصفحات الرياضية في جريدة الجمهورية اليمنية ومجلة عالم الرياضة الكويتية ومجلتي أونز و فرانس فوتبول الفرنسيتين أثناء كأس العالم إسبانيا 82 حيث الفريق العربي الجزائري ، فريق البلومي والفرقاني وماجر وعصاد وبن صاولة ودحلب وزيدان والمرزقان وقريشي وسرباح وبن شيخ وغيرهم من أفذاذ العرب والبربر.. وعندما طلبت مني مجلة عالم الرياضة الكويتية القيام بنفس العمل لأجل الفريق العربي الآخر لم أتوانى عن ضمّ كوكبة الكويت الزاهرة بنجومها جاسم يعقوب وفتحي كميل وفيصل الدخيل وعبد العزيز العنبري والغانم وحمد ومحبوب جمعة وسعد الحوطي والطرابلسي وغيرهم إلى قائمتي.
خليجي 20:
اليمن
وعد اليمن وأنجز وعده وأوفى بما عاهد عليه إخوته، ذلك بفضل من الله تعالى .. وهكذا المسلم العربي الحرّ الكريم إذا ما قال صدق وإذا ما وعد أنجز وإذا ما عاهد أوفى...
اليمن بلد كريم وأهله أهل جود وسخاء وإن مسّهم الفقر أو أمسسهم الجوع .. فإن ضيفهم عزيز لا يهان.. قرير لا يضام .. ليس لأن كرمهم حاتميا بل لأن كرم حاتم طي أو حاتم الطائي قد كان كرما يمانيا..
وطي هي واحدة من خمسة بطون ترجع إلى قحطان هاجرت وسكنت واستقرت في نجد من المملكة العربية السعودية.
من ذا يقول أن السعودي والعماني والقطري والبحريني والكويتي والإماراتي والعراقي ضيوف على اليمن وأهله ؟.. من يزعم ويقول بذلك فإنه يهرطق بما لا يعرف.. فهؤلاء هموا هموا أهل البلد وأبناء اليمن وإن لهم ما لليمنيين وعليهم ما عليهم، لا يزيدون ولا ينقصون..
ما زلت أتذكر في عهد مضى عند سبعينيات وثمانينيات القرن المنصرم إذا ما زار البلاد ونزل في ساحتها ملك أو أمير أو رئيس عربي كانت أوّل كلمة ترحيبية يسمعها : أهلا وسهلا ومرحبا بك جلالة أو فخامة أو سمو الأخ فلان إبن فلان في بلدك الأوّل اليمن..
أبدا، لم يكن الترحيب إلاّ بإشعاره أنه في موطنه الأوّل.. إذ أنه من هنا، من أرض اليمن، من أرض جنوب الجزيرة هاجر الآباء والأجداد هجرتهم الأولى والثانية والمتأخرة واللاحقة..
لا أدري فيما إذا كانت هذه العبارة ما تزال مستمرة حتى اليوم (وهذا ما أرجوه) أم أنّها قد تغيّرت (وذاك ما لا أتمناه).
ربما تطلع كلّ مشجّع يمني إلى الفوز وربما سعى كلّ لاعب يمني إلى الكسب لـكنهم ومعهم شعب اليمن بمشرقه ومغربه ومطلعه وأسفله جنوبا وشمالا قد اتحدوا واتفقوا حول هدف واحد تتجه إليه كلّ تطلعاتهم وجلّ سعيهم .. الا وهو برّ أهلهم وذويهم وأبناءهم القادمون إليهم من شمال الجزيرة العربية وضفاف الخليج العربي.
ليس منّا ولا فينا من يروّع أخيه أو يخيفه أو يرعبه أو يهدده أو يتوعده أو يقلقه.. حتما لا يأتي بمثل تلك المؤبقات يمنيا قحّا و عربيا أصيلا و مسلما مؤمنا صادقا.. بل أننا نبسط لإخواننا وأبناءنا كفوف ورموش الراحة والطمأنينة..
هذا اليمن ! نفس الرحمـن ! تنفّس به كلّ كربة وينجلي به كلّ همّ ويكشف به كلّ غمّة ، يذهب الشجن وتزول الفتن والمحن بإذن رحمـن رحيم وجواد كريم وسميع عليم.
هذا اليمن، بلدة طيبة وربّ غفور.
خليجي 20:
الإستقبال
لقد كان الإستقبال رائعا من أحرار كرام .. والحرّ الكريم دائما ما يكون مقصرا متواضعا في سريرة قلبه وعلانية لسانه.. فإن الحرّ لا يمنّ ولا يقول فعلت كيت وكيت ولا يصف أعماله بما تُحمد وإلاّ أصبح عبد هوى نفسه وما صنعت يداه. دعّ الناس تتحدث عنك فإن جاء حديثهم خيرا فزد واكثر من فعل الخيرات ولا تنسى تشكرهم على الوفاء وإن جاء حديثهم بخلاف ذلك فلا تعاتب ولا تلوم ولكن أنظر فيما قصرت وأعد النظر لتصحيحه في القادمات..
اليمن بلادي واليمنيون أهلي .. وليس كما المرء أدرى ببلاده وأعرف بأهله..
وإنّي أؤكد لإخواننا من بلاد العرب بأنه سوف يكون لهم قسطا بل القسط الأكبر من التشجيع والهتافات بغضّ النظر عن نتيجة سلبية أو إيجابية..
وفي جعبتي من ذلك أمثلة كثيرة:
بعد أن وضعت الحرب أوزارها وقد كانت آخر حروب اليمنيين ما قبل الوحدة بين الشقيقين الجنوبي والشمالي ، زار تعز فريق الميناء من عدن تحت قيادة الكابتن الفذ عوضين للقاء ودي يجمعه مع شقيقه أهلي تعز.. لم يكن فريق المينا من الفرق الكبيرة المشهورة كالتلال والوحدة وحسان ، وقتئذ كان الفريق اليمني الجنوبي زاخرا بالنجوم التي لا تنسى من أمثال أبو بكر الماس وسعيد دعاله وعبد الله عفارة وغيرهم من أفذاذ الكرة اليمنية ..
لم أسمع في الملعب من جمهور تعز العظيم هتافا واحدا لصالح فريقه وكأن الجمهور قد حزم رأيه وأجمع أفراده دون تنسيق على هتاف واحد لصالح فريق المينا دون الأهلي وخرج فريق المينا كاسبا نتيجة المباراة بـ 8 لـ 0 .. وحُمل لاعبو المينا على أكتاف وأعناق الجمهور التعزي .
زارنا أيضا في مدينة تعز فريق نادي المريخ السوداني بقيادة فلذته الفذة الكابتن العربي السوداني سامي عز الدين لمقابلة ودية مع نادي أهلي تعز .. فيتكرر المشهد ثانية ، ويستفيد المريخ من تشجيع الجمهور المفاجئ بالنسبة له حيث لم يتعود ذلك ، بل أنه عندما أصيب لاعب من المريخ جراء احتكاك في الملعب .. وقف الجمهور اليمني وقفة واحدة متحدة يزأر ويزمجر على أحد لاعبي الأهلي المتسبب في ذلك..
ويشاء الله تعالى أن يتكرر المشهد ذاته - بعد فاصل زمني امتدّ لأكثر من ربع قرن ـ أثناء مباراة اليمن وليبيريا الأخيرة وكيف عندما ظهر من لاعب يمني احتكاكا بأحد ضيوفه في الملعب انحاز الجمهور اليمني مع اللاعب الضيف ضد لاعبه..
إخواننا من المشجعين العرب لا يحتاجون إلى نسبة 8 أو 10% من المدرجات تختصّ بهم فالملعب كلّه لهم والمدرجات بكاملها ملكا لهم..
وهذا ما شاهدناه واقعا حيث لا سعودي ولا يمني في المدرجات .. كلّ قد تراصوا متلاصقة أكتافهم وأفخاذهم . واحد للجميع والجميع لواحد.
مشهد كهذا لا تراه إلاّ في أرض السعيدة.
خليجي 20:
حفل الإفتتاح
أمّا عن الإفتتاح وماذا عسى أن أحدّثكم عن إفتتاح لم أتوقعه أن يخرج علينا بما شاهدته العين وسمعته الأذن.
نظرة إلى غلام وغلمان يمسكون برؤوسهم وبنات ونساء خدودهن على كفوفهن ودموع تجري من المقل..
إنه فرح ويوم فرح يغطي ألف يوم ويوم من الحزن.
ما سبب الحزن والبكاء والعويل.. ؟ ما سبب التمثيل الحزين والإخراج الدفين تحت ركام الدم والجثث.؟
إنه يوم فرحة!
حقا لم يحالف التوفيق الفنان القدير أستاذنا عبد الرب إدريس .. فقد سبغ فناننا لوحته بنغمات مسافرة إلينا من عطر الخليج.. لـكن في أرضنا كلّ أنواع العطور .. أرضنا أرض الطيب والبخور ..
كنت أنتظر بفارغ الصبر أن نقدم لأبناءنا وإخوتنا من السعودية والعراق ومنازل الخليج ما تتطلع إليه نفوسهم وتحبّه قلوبهم وتعشقه جوارحهم.. فإن لنا وعندنا من كنوز تراثنا عظم وعظائم من الفنون.
كنت أنتظر الدان والشرح الحضرمي واللحجي واليافعي ...
كنت أنتظر الموشحات الزيدية والبرع والغناء الصنعاني الساحر...
كنت أنتظر الأهازيج الصوفية من زبيد والمخاء وبيت الفقيه ...
كنت سوف أطرب على إيقاع تعز و عدن ...
أين اختفى الشعر وأين أين غاب الشعراء ؟
أين أحفاد أمرئ القيس ونشوان
أينهم أحفاد وضاح وقيس وغيلان
أينهم أحفاد المقداد ومعدي كرب وحسان
أينهم أنجال الزبيري والبردوني ونعمان
وأينهم أنجال يحي عمر والمحضار والقمندان
؟؟؟
شيء من ذا أو ذاك لم يحدث!
أردت كما أراد غيري لوحات بنقش العقيق اليماني ومنيت النفس كثيرا حتى أسدل ستار الحفل دون أن تبلغ النفس أمانيها..
هل نودع بالختام بقول خيرها في غيرها؟
إن شاء الله تعالى!
خليجي 20:
نتيجة مباراة الشقيقين السعودية و اليمن.
الخسارة ـ الأفضل كلمة خسارة عن هزيمة ففي الكرة إما فوز أو خسارة وليس هناك من نصر أو هزيمة ـ بأربعة أهداف نظيفة ليست عيبا ولا عارا كما وأنها ليس بها نهاية العالم، فالمنتخب السعودي كان يستحق الفوز وكان جديرا به.. فالمنتخب السعودي فاز على المنتخب المصري العريق بخمسة وذاته المنتخب السعودي من خسر مباريات بالستة والسبعة والثمانية.. هي لعبة في الأخير من يلعبها صحّ يكسب.
وفي مباراة السعودية واليمن لعب المنتخب السعودي بطريقة صحيحة فحقّق الفوز وأخطأ المنتخب اليمني في طريقة لعبه فحقّت عليه الخسارة.. فهل يستفيد منها؟ هذا ما سوف نشهده ونحكم بعده.. خاصة وأن منتخب اليمن ليس أمامه سوى الفوز في المباريتين المقبلتين ولا شيء غير الفوز إذا ما أراد الإستمرار في الحضور..
مهمة صعبة للغاية لـكنها ليست مستحيلة.
كان اليمن اثنان والهتاف واحد ومن بعد أن عاد اليمن واحدا تعدّدت الهتافات. سبحان الله!
في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، وصل منتخب جنوب اليمن بأفذاذه الماس ودعاله وعفارة والشاذلي للقاء شقيقهم السعودي في الرياض بأفذاذه ماجد والنعيمة والمصيبيح وعبد الجواد وغيرهم من جواهر المملكة.. كانت بطحاء الرياض تعجّ باليمنيين من أهل الشمال.. ذهبوا لتشجيع جنوبهم بحرارة وسخونة حتى توترت الأجواء في ملعب الملز وكان ما قد كان.. وخرج المنتخب السعودي فائزا بهدف يتيم.
ثم يتكرر اللقاء بين السعوديين والجنوبيين من اليمن على ملعب الراكه في الخبر حيث طار إلى أرجاء الملعب من الشماليين قادمون من الدمام والجبيل والأحساء ومختلف نواحي المنطقة الشرقية لتشجيع أولادهم والهتاف لهم ليخرج منتخبهم اليمني الجنوبي فائزا بواحد لصفر ممّا جعل مدرب المنتخب السعودي يعلّق قائلا: يتهيأ لي بأن فريقي قد افتقد إلى عامل الأرض والجمهور.
لا عذر ولا أعذار لمنتخب اليمن في خسارته الأولى.
يكفي المنتخب أربعة دورات في كأس الخليج وثمان إلى عشر سنوات من التأقلم والمشاركة حتى يبدأ الآن بحصد النتائج..
هكذا بدأت عمان حتى حققت الفوز وراء الفوز إلى أن رفعت كأس الخليج على رؤوس الأشهاد.
أم أنه ينبغي على المنتخب الإنتظار ثمانين سنة أو ربما قرن من الزمان حتى نحقّق الكأس؟
كفى اليمن مشاركة خليجية بلا هدف ولا نتيجة كما يكفي العرب مشاركة عالمية بلا هدف ولا نتيجة ..
لقد مرّ على العرب مذ مشاركتهم الأولى في كأس العالم بواسطة مصر قرن من الزمان تقريبا وحتى اليوم ونحن نكتفي بالوصول لنخرج من أضيق الجحور.
آن لليمن أن يحقّق شيئا مذكورا كما آن للعرب أن يحققوا شيئا ملموسا يفرح به جمهورهم وتعلو به راياتهم وتسعد به أمتهم.
أحزنني كثيرا بعض تفاهات وسفاهات التعليقات من بعض الجهلاء على الصحف الالكترونية أو المنتديات كقول البعض: ملعونة السياسة هي التي جعلت من اليمن خليجية.. ومن أين تطلّ اليمن على الخليج العربي..؟
يا خسارة! لا أدري هل استكثروا على اليمن الخليج أم الخليج على اليمن؟
وماذا يعني خليج؟ وماذا يعني خليجي؟
اصحوا يا عرب! فأنتم عرب! لستم بخليجيين!
وإذا كنتم مصممين.. فإن لنا خليجنا ، خليج عدن.. لا ينازعنا عليه أحد من العالمين.
هذه أوّل مرّة أسمع بها وأتعرّف من خلالها على انتساب شعوب إلى خلجانها..
هناك خليج بنما فهل سمعنا البنمي ينسب نفسه خليجي..
وهناك خليج الخنازير فهل ذكر الكوبي بأن أصله خليجي أو خنزيري..
ثم أن هذا الخليج العربي مسماه منذ آلاف السنين وحتى اليوم بالخليج الفارسي.. هذا ما درسناه في أطلس وفي علوم الجغرافيا وبعلم ومعرفة من كتب عربية وطنية.. وإنما أطلق عليه مسمى الخليج العربي أبّان الثورة والحماسة والهنجمة والقومية العربية ومع ظهور الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.
فلنكن عربانا وإلاّ تخطفتنا الغربان
نجد الحسيني
قال الله تعالى:
بلدة طيبة وربّ غفور
ذكر النبي صلّ الله عليه وسلّم:
فإنهم منّي وأنا منهم
في الزمان الأوّل قال حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه:
فنحن بنو قحطان والملك والعلا :: ومنا نبي الله هُود الأخاير
وإدريس ما إن كان في الناس مثله :: ولا مثل ذي القرنين إبنا عابر
وصالح والمرحوم يونس بعدما :: ألات به حوتٌ باخلب زاخر
شعيب والياس وذو الكفل كلهم :: يمانيون قد فازوا بطيب السرائر
إلى زماننا حيث قال عبد الله البردوني رحمه الله تعالى:
نحن اليمانين يا طه تطير بنا :: إلى ///////////////////////// العلا أرواح أنصار
إذا تذكرت عماراً وسيرته :: فافخر بنا إننا أحفاد عمار
وبعد:
فإذا كانت الرياضة ترويض والسياسة تسييس فالمعنى واحد والهدف أيضا واحد.. ويخطئ من يظن بأن الرياضة غير السياسة والعكس بالعكس.
لقد شاهدنا السياسة والرياضة معا في أولمبياد بيكين وكذلك في ألعاب أطلنطا وماذا جرى في دورة ميونيخ وكيف أن الهندوراس والسلفادور تحاربتا بالطائرات والدبابات والمدرعات والجنود لأجل كرة وماذا صنعت ذات الكرة بمصر والجزائر من سبّ وقبح نزعت بها رداء الدم والدين وماذا كان يجري من خلف الكواليس وفي العلن بين السعودية والكويت وما يزال يجري بين الخليجيين بعضهم ببعض وكيف سفحت هذه الكرة دماء الانكليز والطليان على مصبّ روما.
كرة كما وصفها الكثيرون بأنها ملهاة للشعوب حتى أصبحت تنفر فلا إخاء وتبعد فلا تلاقي ، تفرق الجمع دون اكتراث ، وتكرس العداء بلا سبب ، تشجع على العصبيات النتنة ، تذهب مع ريحها الأولويات والضروريات ويحجب غبار ملاعبها الخيالة والرماة.
ربما – بل مؤكد – أن لعبة كرة القدم هي (الرياضة) بين قوسين، الوحيدة التي تفتقر إلى معاني الروح الرياضية ونبلها وأخلاقها كما شاهد ويشهد الجمهور على ذلك.. إذ أن ما يجري عليها لا ينطبق على باقي الألعاب ذات الفوائد والعوائد الأكبر والأكثر والأعظم كالملاكمة والفروسية وطرق الدفاع عن النفس المتنوعة وألعاب القوى بمختلف مفرداتها سواء الفردية أو الجماعية .. مثل تلك الألعاب الرياضية فإنها تبني أجساما صحيحة وعقولا صافية وتؤسس في الفرد وفي المجتمع بنى تحتية وفوقية راسخة وتُكسِب سمعة رفيعة وكذلك يجني الفرد ومجتمعه من وراء نجاحاتها أموالا طائلة ، ومن لا يعترف بذلك وينكر علينا قولنا فما رأيه بالمثال التالي ؟ وهل إذا ما اقتنع به سوف يمتثل له ويلزم نفسه بالتفكير به جادا والعمل على منهجه ؟
المثال:
- إنك بحاجة إلى 22 لاعب (اساسي و احتياطي) لخوض مباراة كرة قدم ويعوزك مئات اللاعبين من خلفهم كرديف لتستمر هذه اللعبة وتبقى وأنت بحاجة إلى أموال تهدرها لصرف رواتب ومعاشات على هؤلاء اللاعبين ونفقات سفرهم وعلاجاتهم وسكنهم ووسائل نقلهم و... و...
- أنت بحاجة إلى توفير مدرب ومساعد ومدلك وبالجمع مدربون ومساعدون ومدلكون تنفق عليهم مئات الألوف وربما الملايين على مدرب يكون نجاحه وفشله تحصيل حاصل.. فهو لا يضمن لك بطولة ولا كاس و لا كاش.
- أنت بحاجة إلى إنفاق الملايين لإقامة الملاعب والنوادي وغيرها من المسلتزمات الضرورية.
ثم ماذا بعد:
إذا ما كسب الفريق نلت ميدالية ذهبية واحدة أو كأس يتيم وأما إذا خسر تبخّر كلّ شيء وانهار المشروع وضاع الاستثمار فيه.
22 لاعب يقدمون لك الجائزة عبارة عن ميدالية يتيمة في حال كسبوا الرهان أما في حال الفشل – وهذه هي العادة دائما - أعادوك إلى صفر عن شمال وما تحته.
ميدالية واحدة كان يكفي الحصول عليها بتدريب رجل واحد لا غيره في أية لعبة أخرى تختارها من الجري والسباحة والملاكمة ورفع الأثقال والرمي والفروسية .. لن يكلفك هذا اللاعب الفرد عشر معشار ما تنفقه على كرة القدم وهولها وخضمها وقلقها..
ملاكم وحيد يحمل إليك ميدالية تنأى عن حملها مجموعة من ثلاثين لاعب.. لم يحوجك هذا الملاكم إلى أراضي شاسعة ومباني مركبة ولا تفرش له أرضية مزروعة ولا مصنوعة ولا يطلب منك خضراء ولا حمراء ولا غبراء ولا سمراء .. لاعب وحيد يرفع راية وطنه عالية خفاقة في سماء الدنيا ويعمّم معرفة شعبه وأمته عند كلّ الأعراق والأجناس من بني البشر .. لاعب وحيد، لن يكلفك إلاّ الفتات لقاء مكاسب وأرباح وفوائد لا تقدّر بثمن وإن أنفقت أموال قارون للحصول على مثلها.
نسيم حميد: ملاكم مسلم عربي يمني .. لم تصنعه اليمن ولا بريطانيا ولا أميركا.. إنما راقبته عين مدرب فاحصة لم تخيب فراسته حتى أخذ يصقل تلك الموهبة وينمي ويربي تلك الشجاعة المكنونة في داخل ذلك الصبي حتى تتفجّر فيسمع دويها ويشاهدها العربي والأسيوي والأفريقي والأوروبي والأميركي ..
ليس فوز باريرا من أنهى قصّة نسيم .. فالرياضة فوز وخسارة.. وأعظم ملاكمي الأرض البطل المسلم محمد علي قد خسر ثلاثا ليسترد عرشه ثلاثا.. إنما انتهى نسيم لأنه أراد ذلك من بعد أن أغرته المادة ففضّل التجارة على الرياضة ، أراد نسيم أن يكوّن مع إخوته مجموعة برجوازية صغيرة.. نرجو له ولأسرته التوفيق والنجاح بإذن الله تعالى.
لقد غادر نسيم الحلبة لـكن اسمه، تماما كما اسماء الأبطال المسلمين العالميين محمد علي (كلاي) ومالك سالم (تايسون) ـ مع الفارق في الأوزان -، يبقى مسطورا في سجل الخالدين ومحفوظا في دواوين التأريخ.
هناك فريق يضم 22 لاعب ربما حقق لك بطولة واحدة في كلّ 4 سنوات، وهذا أمر مستبعد ومشكوك في تحقيقه بينما في ذات الزمن ونفس المدة حقّق نسيم حميد ثلاثين بطولة في الإحتراف قريبة ومضمونة بإذن الله تعالى.
فأي النموذجين أصلح وأنفع وأكسب.؟ أحسبها وأخبرني بالنتيجة أو لا تخبرني فالنتيجة قد ظهرت سلفا.
وإذا ما وزعنا هؤلاء الإثنين وعشرين لاعب على مختلف الرياضات ودربنا واحدا على الجري وثاني على رفع الأثقال وثالث على القفز ورابع على الملاكمة وخامس وسادس وسابع على السباحة والفروسية والرماية إلى عاشر وعشرين على ما تشاء وتختار فيصبح ما تجمع لديك إثنين وعشرين بطولة بميدالياتها وذهب على ذهب فوق ذهب فلا تعرف معها أين تذهب .
أين نحن من قول الصادق الأمين صلّ الله عليه وآله صحبه وسلّم:
(علموا أبناءكم السباحة والرماية وركوب الخيل)
سمعنا كما سمعتم عن لاعب كرة قدم لـكن هل سمع أحدا لاعب فروسية أو لاعب سيوف أو لاعب ملاكمة الخ... كلاّ إنما يطلق على الأول فارس والثاني مبارز والثالث ملاكم.. لـكنهم أبدا لم يوصفون بلاعب ولم توصف رياضتهم باللعبة.
هل يعني ذلك أن الكرة لعب في لعب؟ لا تعليق!
قطعا، لست ضد لعبة كرة القدم الساحرة ولن أكون كما لم أكن.. إذ كيف أكون كذلك وقد لعبتها بروح وعصب.. بل أني كنت واحدا من مراسلي ومحرري الصفحات الرياضية في جريدة الجمهورية اليمنية ومجلة عالم الرياضة الكويتية ومجلتي أونز و فرانس فوتبول الفرنسيتين أثناء كأس العالم إسبانيا 82 حيث الفريق العربي الجزائري ، فريق البلومي والفرقاني وماجر وعصاد وبن صاولة ودحلب وزيدان والمرزقان وقريشي وسرباح وبن شيخ وغيرهم من أفذاذ العرب والبربر.. وعندما طلبت مني مجلة عالم الرياضة الكويتية القيام بنفس العمل لأجل الفريق العربي الآخر لم أتوانى عن ضمّ كوكبة الكويت الزاهرة بنجومها جاسم يعقوب وفتحي كميل وفيصل الدخيل وعبد العزيز العنبري والغانم وحمد ومحبوب جمعة وسعد الحوطي والطرابلسي وغيرهم إلى قائمتي.
خليجي 20:
اليمن
وعد اليمن وأنجز وعده وأوفى بما عاهد عليه إخوته، ذلك بفضل من الله تعالى .. وهكذا المسلم العربي الحرّ الكريم إذا ما قال صدق وإذا ما وعد أنجز وإذا ما عاهد أوفى...
اليمن بلد كريم وأهله أهل جود وسخاء وإن مسّهم الفقر أو أمسسهم الجوع .. فإن ضيفهم عزيز لا يهان.. قرير لا يضام .. ليس لأن كرمهم حاتميا بل لأن كرم حاتم طي أو حاتم الطائي قد كان كرما يمانيا..
وطي هي واحدة من خمسة بطون ترجع إلى قحطان هاجرت وسكنت واستقرت في نجد من المملكة العربية السعودية.
من ذا يقول أن السعودي والعماني والقطري والبحريني والكويتي والإماراتي والعراقي ضيوف على اليمن وأهله ؟.. من يزعم ويقول بذلك فإنه يهرطق بما لا يعرف.. فهؤلاء هموا هموا أهل البلد وأبناء اليمن وإن لهم ما لليمنيين وعليهم ما عليهم، لا يزيدون ولا ينقصون..
ما زلت أتذكر في عهد مضى عند سبعينيات وثمانينيات القرن المنصرم إذا ما زار البلاد ونزل في ساحتها ملك أو أمير أو رئيس عربي كانت أوّل كلمة ترحيبية يسمعها : أهلا وسهلا ومرحبا بك جلالة أو فخامة أو سمو الأخ فلان إبن فلان في بلدك الأوّل اليمن..
أبدا، لم يكن الترحيب إلاّ بإشعاره أنه في موطنه الأوّل.. إذ أنه من هنا، من أرض اليمن، من أرض جنوب الجزيرة هاجر الآباء والأجداد هجرتهم الأولى والثانية والمتأخرة واللاحقة..
لا أدري فيما إذا كانت هذه العبارة ما تزال مستمرة حتى اليوم (وهذا ما أرجوه) أم أنّها قد تغيّرت (وذاك ما لا أتمناه).
ربما تطلع كلّ مشجّع يمني إلى الفوز وربما سعى كلّ لاعب يمني إلى الكسب لـكنهم ومعهم شعب اليمن بمشرقه ومغربه ومطلعه وأسفله جنوبا وشمالا قد اتحدوا واتفقوا حول هدف واحد تتجه إليه كلّ تطلعاتهم وجلّ سعيهم .. الا وهو برّ أهلهم وذويهم وأبناءهم القادمون إليهم من شمال الجزيرة العربية وضفاف الخليج العربي.
ليس منّا ولا فينا من يروّع أخيه أو يخيفه أو يرعبه أو يهدده أو يتوعده أو يقلقه.. حتما لا يأتي بمثل تلك المؤبقات يمنيا قحّا و عربيا أصيلا و مسلما مؤمنا صادقا.. بل أننا نبسط لإخواننا وأبناءنا كفوف ورموش الراحة والطمأنينة..
هذا اليمن ! نفس الرحمـن ! تنفّس به كلّ كربة وينجلي به كلّ همّ ويكشف به كلّ غمّة ، يذهب الشجن وتزول الفتن والمحن بإذن رحمـن رحيم وجواد كريم وسميع عليم.
هذا اليمن، بلدة طيبة وربّ غفور.
خليجي 20:
الإستقبال
لقد كان الإستقبال رائعا من أحرار كرام .. والحرّ الكريم دائما ما يكون مقصرا متواضعا في سريرة قلبه وعلانية لسانه.. فإن الحرّ لا يمنّ ولا يقول فعلت كيت وكيت ولا يصف أعماله بما تُحمد وإلاّ أصبح عبد هوى نفسه وما صنعت يداه. دعّ الناس تتحدث عنك فإن جاء حديثهم خيرا فزد واكثر من فعل الخيرات ولا تنسى تشكرهم على الوفاء وإن جاء حديثهم بخلاف ذلك فلا تعاتب ولا تلوم ولكن أنظر فيما قصرت وأعد النظر لتصحيحه في القادمات..
اليمن بلادي واليمنيون أهلي .. وليس كما المرء أدرى ببلاده وأعرف بأهله..
وإنّي أؤكد لإخواننا من بلاد العرب بأنه سوف يكون لهم قسطا بل القسط الأكبر من التشجيع والهتافات بغضّ النظر عن نتيجة سلبية أو إيجابية..
وفي جعبتي من ذلك أمثلة كثيرة:
بعد أن وضعت الحرب أوزارها وقد كانت آخر حروب اليمنيين ما قبل الوحدة بين الشقيقين الجنوبي والشمالي ، زار تعز فريق الميناء من عدن تحت قيادة الكابتن الفذ عوضين للقاء ودي يجمعه مع شقيقه أهلي تعز.. لم يكن فريق المينا من الفرق الكبيرة المشهورة كالتلال والوحدة وحسان ، وقتئذ كان الفريق اليمني الجنوبي زاخرا بالنجوم التي لا تنسى من أمثال أبو بكر الماس وسعيد دعاله وعبد الله عفارة وغيرهم من أفذاذ الكرة اليمنية ..
لم أسمع في الملعب من جمهور تعز العظيم هتافا واحدا لصالح فريقه وكأن الجمهور قد حزم رأيه وأجمع أفراده دون تنسيق على هتاف واحد لصالح فريق المينا دون الأهلي وخرج فريق المينا كاسبا نتيجة المباراة بـ 8 لـ 0 .. وحُمل لاعبو المينا على أكتاف وأعناق الجمهور التعزي .
زارنا أيضا في مدينة تعز فريق نادي المريخ السوداني بقيادة فلذته الفذة الكابتن العربي السوداني سامي عز الدين لمقابلة ودية مع نادي أهلي تعز .. فيتكرر المشهد ثانية ، ويستفيد المريخ من تشجيع الجمهور المفاجئ بالنسبة له حيث لم يتعود ذلك ، بل أنه عندما أصيب لاعب من المريخ جراء احتكاك في الملعب .. وقف الجمهور اليمني وقفة واحدة متحدة يزأر ويزمجر على أحد لاعبي الأهلي المتسبب في ذلك..
ويشاء الله تعالى أن يتكرر المشهد ذاته - بعد فاصل زمني امتدّ لأكثر من ربع قرن ـ أثناء مباراة اليمن وليبيريا الأخيرة وكيف عندما ظهر من لاعب يمني احتكاكا بأحد ضيوفه في الملعب انحاز الجمهور اليمني مع اللاعب الضيف ضد لاعبه..
إخواننا من المشجعين العرب لا يحتاجون إلى نسبة 8 أو 10% من المدرجات تختصّ بهم فالملعب كلّه لهم والمدرجات بكاملها ملكا لهم..
وهذا ما شاهدناه واقعا حيث لا سعودي ولا يمني في المدرجات .. كلّ قد تراصوا متلاصقة أكتافهم وأفخاذهم . واحد للجميع والجميع لواحد.
مشهد كهذا لا تراه إلاّ في أرض السعيدة.
خليجي 20:
حفل الإفتتاح
أمّا عن الإفتتاح وماذا عسى أن أحدّثكم عن إفتتاح لم أتوقعه أن يخرج علينا بما شاهدته العين وسمعته الأذن.
نظرة إلى غلام وغلمان يمسكون برؤوسهم وبنات ونساء خدودهن على كفوفهن ودموع تجري من المقل..
إنه فرح ويوم فرح يغطي ألف يوم ويوم من الحزن.
ما سبب الحزن والبكاء والعويل.. ؟ ما سبب التمثيل الحزين والإخراج الدفين تحت ركام الدم والجثث.؟
إنه يوم فرحة!
حقا لم يحالف التوفيق الفنان القدير أستاذنا عبد الرب إدريس .. فقد سبغ فناننا لوحته بنغمات مسافرة إلينا من عطر الخليج.. لـكن في أرضنا كلّ أنواع العطور .. أرضنا أرض الطيب والبخور ..
كنت أنتظر بفارغ الصبر أن نقدم لأبناءنا وإخوتنا من السعودية والعراق ومنازل الخليج ما تتطلع إليه نفوسهم وتحبّه قلوبهم وتعشقه جوارحهم.. فإن لنا وعندنا من كنوز تراثنا عظم وعظائم من الفنون.
كنت أنتظر الدان والشرح الحضرمي واللحجي واليافعي ...
كنت أنتظر الموشحات الزيدية والبرع والغناء الصنعاني الساحر...
كنت أنتظر الأهازيج الصوفية من زبيد والمخاء وبيت الفقيه ...
كنت سوف أطرب على إيقاع تعز و عدن ...
أين اختفى الشعر وأين أين غاب الشعراء ؟
أين أحفاد أمرئ القيس ونشوان
أينهم أحفاد وضاح وقيس وغيلان
أينهم أحفاد المقداد ومعدي كرب وحسان
أينهم أنجال الزبيري والبردوني ونعمان
وأينهم أنجال يحي عمر والمحضار والقمندان
؟؟؟
شيء من ذا أو ذاك لم يحدث!
أردت كما أراد غيري لوحات بنقش العقيق اليماني ومنيت النفس كثيرا حتى أسدل ستار الحفل دون أن تبلغ النفس أمانيها..
هل نودع بالختام بقول خيرها في غيرها؟
إن شاء الله تعالى!
خليجي 20:
نتيجة مباراة الشقيقين السعودية و اليمن.
الخسارة ـ الأفضل كلمة خسارة عن هزيمة ففي الكرة إما فوز أو خسارة وليس هناك من نصر أو هزيمة ـ بأربعة أهداف نظيفة ليست عيبا ولا عارا كما وأنها ليس بها نهاية العالم، فالمنتخب السعودي كان يستحق الفوز وكان جديرا به.. فالمنتخب السعودي فاز على المنتخب المصري العريق بخمسة وذاته المنتخب السعودي من خسر مباريات بالستة والسبعة والثمانية.. هي لعبة في الأخير من يلعبها صحّ يكسب.
وفي مباراة السعودية واليمن لعب المنتخب السعودي بطريقة صحيحة فحقّق الفوز وأخطأ المنتخب اليمني في طريقة لعبه فحقّت عليه الخسارة.. فهل يستفيد منها؟ هذا ما سوف نشهده ونحكم بعده.. خاصة وأن منتخب اليمن ليس أمامه سوى الفوز في المباريتين المقبلتين ولا شيء غير الفوز إذا ما أراد الإستمرار في الحضور..
مهمة صعبة للغاية لـكنها ليست مستحيلة.
كان اليمن اثنان والهتاف واحد ومن بعد أن عاد اليمن واحدا تعدّدت الهتافات. سبحان الله!
في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، وصل منتخب جنوب اليمن بأفذاذه الماس ودعاله وعفارة والشاذلي للقاء شقيقهم السعودي في الرياض بأفذاذه ماجد والنعيمة والمصيبيح وعبد الجواد وغيرهم من جواهر المملكة.. كانت بطحاء الرياض تعجّ باليمنيين من أهل الشمال.. ذهبوا لتشجيع جنوبهم بحرارة وسخونة حتى توترت الأجواء في ملعب الملز وكان ما قد كان.. وخرج المنتخب السعودي فائزا بهدف يتيم.
ثم يتكرر اللقاء بين السعوديين والجنوبيين من اليمن على ملعب الراكه في الخبر حيث طار إلى أرجاء الملعب من الشماليين قادمون من الدمام والجبيل والأحساء ومختلف نواحي المنطقة الشرقية لتشجيع أولادهم والهتاف لهم ليخرج منتخبهم اليمني الجنوبي فائزا بواحد لصفر ممّا جعل مدرب المنتخب السعودي يعلّق قائلا: يتهيأ لي بأن فريقي قد افتقد إلى عامل الأرض والجمهور.
لا عذر ولا أعذار لمنتخب اليمن في خسارته الأولى.
يكفي المنتخب أربعة دورات في كأس الخليج وثمان إلى عشر سنوات من التأقلم والمشاركة حتى يبدأ الآن بحصد النتائج..
هكذا بدأت عمان حتى حققت الفوز وراء الفوز إلى أن رفعت كأس الخليج على رؤوس الأشهاد.
أم أنه ينبغي على المنتخب الإنتظار ثمانين سنة أو ربما قرن من الزمان حتى نحقّق الكأس؟
كفى اليمن مشاركة خليجية بلا هدف ولا نتيجة كما يكفي العرب مشاركة عالمية بلا هدف ولا نتيجة ..
لقد مرّ على العرب مذ مشاركتهم الأولى في كأس العالم بواسطة مصر قرن من الزمان تقريبا وحتى اليوم ونحن نكتفي بالوصول لنخرج من أضيق الجحور.
آن لليمن أن يحقّق شيئا مذكورا كما آن للعرب أن يحققوا شيئا ملموسا يفرح به جمهورهم وتعلو به راياتهم وتسعد به أمتهم.
أحزنني كثيرا بعض تفاهات وسفاهات التعليقات من بعض الجهلاء على الصحف الالكترونية أو المنتديات كقول البعض: ملعونة السياسة هي التي جعلت من اليمن خليجية.. ومن أين تطلّ اليمن على الخليج العربي..؟
يا خسارة! لا أدري هل استكثروا على اليمن الخليج أم الخليج على اليمن؟
وماذا يعني خليج؟ وماذا يعني خليجي؟
اصحوا يا عرب! فأنتم عرب! لستم بخليجيين!
وإذا كنتم مصممين.. فإن لنا خليجنا ، خليج عدن.. لا ينازعنا عليه أحد من العالمين.
هذه أوّل مرّة أسمع بها وأتعرّف من خلالها على انتساب شعوب إلى خلجانها..
هناك خليج بنما فهل سمعنا البنمي ينسب نفسه خليجي..
وهناك خليج الخنازير فهل ذكر الكوبي بأن أصله خليجي أو خنزيري..
ثم أن هذا الخليج العربي مسماه منذ آلاف السنين وحتى اليوم بالخليج الفارسي.. هذا ما درسناه في أطلس وفي علوم الجغرافيا وبعلم ومعرفة من كتب عربية وطنية.. وإنما أطلق عليه مسمى الخليج العربي أبّان الثورة والحماسة والهنجمة والقومية العربية ومع ظهور الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.
فلنكن عربانا وإلاّ تخطفتنا الغربان
نجد الحسيني