لايزال أمر الأدب القديم فى اليمن وفى مختلف أجزاء جزيرة العرب المتمدنة مجهول لدينا تماما وما علمناه من أشعار العرب قيل بعد المسيح وقبيل ظهور محمد (صلى الله عليه وسلم)
ولم تكن هذه الأشعار فى غير الغزل وتمجيد الملاحم وكان العرب يحبون أن يسمعوا شعرائهم
يشيدون بمفاخرهم كما كان الأغارقة فى عصر البطولة.
وتبدأ تلك الأشعار فى الغالب بالتصوير والتشبية شأن الأمم التى تحس كثيرا وتفكر قليلا .
وقد نال الشعراء نفوذا كبيرا بفضل حب العرب للشعر فكان الشعراء يحركون المشاعر ويرفعون أقواما ويخفضون آخرين كما يشأون وكان من نفوذهم أن منحت قريش الشاعر الأعشى مائة جمل حملا له على عدم نشر قصيدة مدح النبى بها .
وكان من عبادة العرب للشعر ما أقاموا معه قبل محمد(ص) بعدة قرون مؤتمرات أدبية يقصدونها من جميع نواحى جزيرة العرب وكانت هذه المؤتمرات تقوم فى مدينة عكاظ الصغيرة القريبة من الطائف والبعيدة من مكة مسافة ثلاثة أيام وكانت القصائد التى تنال الحظوة فيها تكتب بحروف من ذهب على نسائج ثمينة وتعلق فى الكعبة بمكة لتنقل الى الأعقاب. وبلغ الشعر العربى الذروة فى القرن الذى سبق ظهور النبى (ص) ونشأ عن ذلك أن صارت لغة الشعراء الفصحى عامة وأن صهرت لهجات بلاد العرب المختلفة فى لغة واحدة .
وانتهت الينا المعلقات السبع بفضل حفظ أهم أشعار العرب فى الكعبة ويرى فى المعلقات السبع وصف لحروب العرب ولحياة البادية الجافة القاسية ولمغامرات الأعراب ألخ .
وقد دوام العرب على قرض الشعر دوام حضارتهم وأن لم يسبقوا المستوى الذى وصلوا اليه قبل عصر النبوة وكان يقرض الشعر كل رجل مثقف سياسيا كان أو فلكيا أو طبيبا
ولم يكن لغوا قول بعضهم أن العرب وحدهم قرضوا من الشعر ما لم تقرضه أمم العالم مجتمعة وكان من حب العرب للشعر أن صاروا فى بعض الأحيان يؤلفون كتب التوحيد والفلسفة والجبر نظما ومن يطالع قصصهم يرى أكثرها ممزوجا بقطع شعرية .
واقتبس الأوربيون فن القافية من العرب . ويعزى مصدر الشعر الأسبانى الى ماكان لشعراء الأندلس من التاُثير .
منقول : (حضارة العرب ـ غوستاف لوبون )
HASSAN