القنصل الهولندي ورحالة ألماني في زيارة تاريخية لحضرموت عام 1931م
القنصل الهولندي ورحالة ألماني في زيارة تاريخية لحضرموت عام 1931م
سنتجاوز التمهيد والمقدمات ،وسنترك للقارىء الكريم الفرصة أن يتصور مجتمع حضرموت من خلال رؤية صور حية تعود بنا إلى ماضي بعيد لكنه غير قديم جداً من عاشه وهو حي يرزق اليوم يكون عمره وأحد وثمانون عاماً 0 الكولونيل" دانيال فان در ميولين والرحالة الجغرافي"لدكتور. هـ . فون فيسمان قاما برحلة إلى حضرموت في صيف عام 1931م وكانت حضرموت تتقاسمهما السلطنتين الكثيرية في الداخل والقعيطية في الساحل وجزء من الوادي0 أستكشفا مجتمع حضرموت من داخله وبعضاً من تراثه وآثاره ،ولا شك ولا ريب أن لهما أهداف مختلفة منها ماهو سياسي كما أستنتج ذلك مترجم الكتاب الدكتور محمد سعيد القدال أحد خبراء ومستشاري بريطانيا في حضرموت في القضايا التعليمية والإجتماعية الذي عاش طويلاً في حضرموت بعد أن أنتقل من السودان أبان فترة الإحتلال البريطاني فذكر أن من أهم أهداف هذه الرحلة (أن عددا كبيراً من الحضارم يعيشون في مستعمرات هولندا في جزر الهند الشرقية, وأصبح لهم وزن اقتصادي واجتماعي وسياسي. فكانت هولندا تريد أن تقف على الأوضاع في موطن الحضارم الأم, عسى أن يساعدها ذلك في ضبط حكمها في مستعمراتها هناك, خصوصاً بعد أن احتدم الصراع بين العلويين والإرشاديين المناوئين لهم.) وفي كل الأحوال أن هذا لايعنينا اليوم إلا من خلال استكشاف رؤية الأوربيين لواقع حضرموت قبل ثمانين عاماً وماهي الرؤية اليوم في ظل الظروف والمتغيرات الدولية 0 ومن النقاط المهمة التي يمكن للباحث والقارىء الحصيف أن يلاحظها هو تشابه الظروف في بعض من جوانبها لما تمر به البلاد قاطبة وحضرموت خاصة كالظروف القاسية و الاضطرابات والحروب والمنازعات القبلية والسياسية وضعف تماسكه الداخلي نتيجة سياسات معينة ،ثم وقلق المجتمع الحضرمي من مستقبل بلدهما كما كان تعبر ذلك الشخصيات الإجتماعية وأعيان المجتمع من علماء وسياسين وتجار حضارم بهذه الصورة من قبل للأوربيين الزائرين كالقنصل الهولندي "دانيال" قبل ثمانون عاماً من اليوم ! سنختار لهذا وقفات من ماكتبهما من إنطباعات وإفادات ومشاهدات تناسب الموضوع التاريخي والعلاقات الإجتماعية والتراث الشعبي والآثار التي تزهو بها حضرموت أرض الحضارة والتاريخ العريق الواغل في القدم 0 الوقفة الأولى رؤيتهما أن حضرموت بلد عريق في الحضارة والقدم والرخاء والثروات ووجهة نظرهما أن الإضطرابات السياسية والقبلية حدثت بعد دخول الإسلام حضرموتوكانت سبباً لهجرات الحضارم وهي من الهجرات الأولى في التاريخ !؟ يقول : (000واشتهرت حضرموت في الأزمان القديمة بتصدير البخور والمرّ. وتدل آثار ونقوش الفترة التي سبقت الإسلام على ماض عرق ورخاء. لكن رخاء الأيام الخوالي قد ولى منذ قرون تحت وطأة ظروف غير مواتية, وخلفه دمار يبعث على الأسى. صحيح أن الإسلام وجد طريقه منذ وقت مبكر إلى هذه البلاد, وأن العلم الإسلامي قد شكل, ضمن أشياء أخرى, طبقة بين السكان من التابعين المتفانين, ولكن النسق السياسي لهذا الدين لم يفلح في أن يجعل من حضرموت أرضا آمنة. فالحروب القبلية التي مزقت الناس, جعلت البلاد مغلقة عمليا أمام الزوار الأجانب, حتى ولو كانوا مسلمين. ومنعت السكان في نفس الوقت من استغلال أرضهم حسب جهدهم وهم في أمن وأمان. وبما أن الحضارم لهم قدرة حققوا بها نجاحا في ظروف الاستقرار, فقد أخذت أعداد كبيرة منهم تتسرب منذ قرون على اليمن ومصر وسوريا. ثم اتجهوا في القرون الثلاثة الأخيرة إلى الهند وجزر الهند الشرقية. ومن بين كل أجزاء الجزيرة العربية فإن حضرموت هي موطن الهجرات الأول.) |
|
اقتباس:
|
الوقفة الثانية
ذكرت آنفاً فيما تقدم من رؤية المشهد في حضرموت عام 1931م أن عدم الأستقرار كان نتيجة لأفتقاد الأمن في ربوع حضرموت الأمر الذي دفع بالحضارم إلى الهجرات عبر التاريخ فغادر الكثير منهم في موجات مختلفة ،لعدم تمكنهم من إستثمار أرضهم من جهة والحصول على حياة كريمة تؤمن حياتهم ومستقبل من يرعونه تحت أيديهم من أهلهم وذرياتهم ، ويمكن أن نستنج من هذا أن الحروب القبلية والمنازعات السياسية على الحكم التي شهدتها حضرموت قبيل الحرب العالمية الثانية بين سلاطين يافع وآل كثير وحلفاءهم من جهة والبؤس والفقر والترف والغناء الذي شاهداه الباحث الهولندي (دانيال )والرحالة الجغرافي الألماني (فون فيسمان )على وجوه الناس كوجهين متناقضين في مجتمع حضرموت في تلك الفترة عام 1931م - جعلهم يبحثون في شخصيية الحضرمي التي تخفي الشيء الكثير ،فهو الذي نجح خارج بلده وبعيداً عنها وكون الثروات الطائلة وعاش آمناً مستقراً هادئاً نافع غير ضار!!أنظر ماذا يقول الباحث :(000نجح الحضارم في الأزمان الغابرة في تأسيس سلطنات في جاوا (مثل: سياك, بونتياك). ولكنهم اقتنعوا الآن بالتجارة والمعاملات المالية. وبعضهم أثر وعاد إلى بلاده. وآثر بعضهم الآخر أن يستمتع بعيدا عن اضطرابات حضرموت ويمارس المتع التي لا تتوفر هناك. ويبلغ عدد الحضارم في جاوا بين سبعين وثمانين ألفا وبينهم مليونيرات.) وهنا تلاحظ مدى أهتمام الأوربيين بجمع المعلومات عن الحضارم أكانوا في جاوا أو الهند أو شرق أفريقيا ومحاولات عدة لهم للوصول إلى قراهم ومدنهم للتعرف عن كثب عن الحضرمي الذي يعيش بين ظهرانيهم في بلدانهم او البلدان التي هي خاضعة لسيطرتهم كمستعمرات حتى أنه في عام 1886م نشر ل. سي. فان دن بيرخ (Van den Berg) - مستشار حكومة هولندا في جزر الهند الشرقية - كتابا احتوى كذلك على وصفا لحضرموت أي للأرض الأم لأولئك المهاجرين. وقد جمع معلوماته من الحضارم في جاوا. ولاشك أن غيرهم من الأوربيين كالإنجليز والفرنسيين لو جلست مع أحد المعمرين سيذكر لك وقائع وصول النصارى كما يذكرون إلى قرية كذا ووادي كذا وكل له هدف معين ، ثم لاحظ كيف أنهم سخروا طاقاتهم وأموالهم في البناء والحكم بل والسياسة قد أسسوا أحزاباً إصلاحية وريدكالية خارج وطنهم هذا على المدى القريب في التاريخ وأنظر ماقبل هذا في صدر الإسلام (راجع موضوعي أعلام حضرموت في الولاية والقضاء )0 |
[الوقفة الثالثة
[إبداع الجغرافي الألماني فون فيسمان (Dr. von Wissman) وصديقه الهولندي دانيال فان در ميولين في وصف بروم والمكلا عند رؤيتهما للمكان عام 1931م [SIZE="5"] كانت رحلتهما للوصول إلى مدينة المكلا قد توجهت من مدينة عدن على متن سفينة تعرف "أيامونت" كانت تسير بسرعة ستة أميال في الساعة. وقطعت المسافة إلى المكلا في أربعين ساعة ،والتي تبلغ 230 ميلا . وفي ظهيرة يوم حار من أيام شهر مايو خلال هذه الرحلة كانوا قد شاهدوا على الساحل "بئر علي" ميناء قنا التاريخي لمملكة حضرموت وبراكينها البنية - السوداء وأمامها كثبان الرمل الفراء - البيضاء كانت تومض في الشمس تحت السماء المبيضة - الزرقاء. ثم مدخل وادي حجر غرب مدينة المكلا , وهو الوادي الوحيد في المنطقة الذي تجري به المياه باستمرار طوال العام وعلى جوانبه أشجار النخيل 0 وهنا تطل عليهم بروم مقدمة المكلا وبابها الأول ويقول :( ثم تظهر بروم بخليجها الذي يحمى من الرياح الموسمية الجنوبية الغربية. وتنحصر المدينة بين جبال لا تترك سوى مساحة صغيرة لبستان من النخيل ومزارع للذرة والذرة الشامية. ثم ظهر قصر أبيض ومسجد بمئذنة وبعض المنازل الحجرية وشاطئ وقوارب صيد, صورة جميلة مثيرة للدهشة في هذه البقعة من الصخور الجرداء والصحراء )وما إن أخذت بروم تتلاشى , حتى بدأ يتضح أمامهم شيء أبيض وخلفه حائط منحدر من الصخر. كان ذلك هو مبتغاهم وهدفهم مدينة المكلا الجميلة تفتح ذراعيها يقول:COLOR="seagreen"]( المكلا جمالها أخاذ وهي البوابة إلى حضرموت الغامضة التي ظلت موصدة أمام الأجانب لفترة طويلة. وتمتد المكلا مثل شريط أبيض على حافة المحيط الأزرق عند سفح جبل مائل شديد الانحدار بصخوره المحمر - البنية . وتصادم أمواج البحر المدينة باستمرار. وتبقى المنازل البيضاء ذات الطوابق المتعددة مستقيمة صامدة. السياج الذي يحيط بسطوح المنازل مشيد من أعمدة ناصعة البياض. والمآذن شكلها مخروط قوي وهو الشكل الذي يتميز به الأسلوب الحضرمي. يقوم قصر السلطان الجديد في أقصى اليسار, وخلفه القصر القديم. ويقف القصر الجديد على صخور سوداء بالقرب من البحر. ولون القصر ضارب إلى الصفرة, وأبوابه ونوافذه من الطوب الأحمر, وشرفاته فاتحة الأخضرار. إننا أمام لوحة تحيطها أشجار جوز الهند والنخيل والمانجو والباباي. وهي لوحة ذات جمال بهيج لا يترك مجالا لناقد. إن التلوين هو الذي صنع ذلك الجمال. وحتى غياب الفن المعماري من المنازل له جماله000 ) ثم ينتقل الرحالة الجغرافي وصديقه من وصف المظهر العام للمدينة وقصر السلطان القعيطي ذو الطابع الهندي إلى وصف الميناء الفرضة القديمة ويقول : (يقوم الميناء في إحدى جوانب هذا اللسان القصير من الأرض, حيث تمخر السفن الشراعية بجلالها نحو المرفأ. وتظل القوارب الصغيرة والسنابيك في غدو ورواح تنتقل المسافرين والبضائع إلى أعتاب السلالم العريضة التي تقود إلى مبنى الجمارك الشاسع. وترسو السفن على بعد مائة ياردة في البحر. وصلت لتوها سفينة هولندية ضخمة تحمل 150 حضرميا من جاوا. وفي عرض البحر قارب بخاري تملكه شركة منافسة وصل في نفس الوقت الذي ألقت فيه "أيامونت" مراسيها. فأصبح اليوم بالنسبة لمدير الميناء والطبيب يوما مزدحما), لأن القبطان الهولندي يريد أن يبحر قبل الغروب. واهتم الطبيب بأمرنا وأخذ منا الخطاب الذي حملناه من المقيم البريطاني في عدن, ليقدمه للوزير ومعه طلبنا بالسماح لنا بالنزول إلى البر. وبعد ساعات من الانتظار جاء الرد الإيجابي, وأصر الطبيب على مصاحبتنا بنفسه إلى مقر إقامتنا ليتأكد أنه يناسبنا.) سنتركهما بصحبة مدير الميناء الهندي هو المستر جهان خان, الذي أدخل تحسينات على إدارة الجمارك. وتولى فيما بعد وظائف رفيعة في الدولة. فأصبح السكرتير المالي (أي وزير المالية), ثم وزيراً للسلطنة. أما الطبيب الهندي فقد ذكر المؤلف اسمه في نهاية الكتاب وهو علي عبدالله حكيم. وإلى لقاء آخر مع وقفة أخرى تقبلوا خالص تحياتي |
الوقفة الرابعة:الحياة في السوق ( "البازار ")
وهكذا و اصل الضيفان الأجنبيان اللذان نزلا في مدينة المكلا الساحلية الجميلة وقد أستقرا في مكان إقامتهما يرافقهما الطبيب المكلف بمرافقتهما في هذه الزيارة فأشار عليهما بالنزول في أحد المساكن المهيئة للضيافة قائلاً: "يا حيا بكم" ودخلوا قبيل المغرب من ذلك اليوم من شهر مايو عام 1931م ،وبعد أستراحة قصيرة تناولوا فيها شرب الشاي خرجوا لزيارة السوق الذي يطلق عليه (البازار ) وهي كلمة لها انتساب للغة فارس أو الهند حتى قيل على الفلفل الأسود في حضرموت (بزار ) المهم أنهما خرجا إلى السوق وهنا نتركهما في زيارة السوق التجاري بالمكلا وهما في وصف السوق والبائعين وكذا الحركة في السوق وأنظر للوصف الدقيق لهيئة سكان المدينة والقاطنين فيها من البدو المنتقلين من البوادي في حضرموت :( ( ذهبنا نتجول في الطريق الرئيسي الذي يجري مثل بحر من البشر على امتداد الساحل من غرب المدينة إلى شرقها. يوجد ممثلون لكل قبائل الداخل, وهم يتجمعون في حلقات في الحوانيت المصطفة. أغلبهم لهم بشرة داكنة, ونصفهم الأعلى عار, وأجسامهم مدهونة بالنيلة). ورؤوسهم عارية أقدامهم حافية ويلبسون فوطة غليظة يلفونها حول وسطهم. وشعرهم المنفوش المرسل الفاحم السواد المعقوص يربطونه بعقدة مستديرة في مؤخرة الرأس. و يعصبونه في مكانه بصفيرة جلدية, أو يلفونه بخرقة خلف الرأس. كان لابد من تسليم بنادقهم وأحزمة الذخيرة على الحارس عند بوابة المدينة مما بعث فيهم شعورا بعدم الاطمئنان. ويلتمع شعرهم المدهون بالسمن. كما يدهنون الجزء الأعلى من جسمهم بالسمن فوق طبقة النيلة, فتنبعث منهم رائحة قوية من خليط السمن مع النيلة.) وأما زيارتهما لسوق الصيد أو الخصار كما هو الغالب على تسميته قال : : (مررنا في طريقنا بسوق السمك وهو مسرح لحركة تجارية نشطة في الأسماك التي يزخر بحرهم بأنواع متعددة منها. ويستمر ذلك النشاط من الصباح حتى المغرب. ويبدو أن سمك القرش أكثر الأسماك انتشاراً, فقد رأينا جوالات من القرش المجفف المملوح وهي معدة لترسل إلى الداخل, حيث يتناول البدو والحضر في أوقات الرفاهية قطعة منه يدعمون بها وجبتهم البائسة المكونة من الخبز والأزر إن رائحة السمك المجفف المتعفن تصاحب المسافر حتى وادي حضرموت )) كانت طرق المواصلات شاقة ولم يكن أمام الباعة أو الصيادين سوى وسائل حفظ بدائية كالتمليح والتدخين والتجفيف لهذا تجد هذه الرائحة أكثر نفاذاً في الهواء الجاف خاصة في وادي حضرموت البعيدين عن البحر فسمك القرش (اللخم ) أكثر استخداماً له أهل الوادي أكثر من الساحل الذي تتشبع اجواءه برطوبة البحر وتقلل من أنتشار الروائح 00 |
الوقفة الخامسة:
السيد المحضار ويقع حكم الدولة القعيطية على كتفية وبعد أن تجول الزائر في اسواك مدينة المكلا عاصمة السلطنة القعيطية اليافعية في حضرموت ونقل لنا صورة حية لسوقها التجاري (البازار ) هذا المستودع التجاري لحضرموت كما وصفه ،ومروره بسوق السمك ،الذي لا تنفك رائحة السمك المجفف المتعفن (اللخم )تصاحب المسافر حتى وادي حضرموت ،ثم أنه قد تجول أيضاً ببعض دكاكين صباغة الأقمشة بالنيلة ووصفها ووصف أصحابها وصفاً مقززاً قال ( وتفوح من الصباغة رائحة تبعث على الغثيان وتغطى طبقات النيلة أجسام العمال ومنازلهم.) وقد أختفت هذه الصناعة القديمة بعد إنتشار الصناعةالحديثة في الغزل والنسيج 0 وأستمر يصف السوق وحوانيته التي تبيع أنواع مختلفة من السلع الكمالية والغذائية المصنوعة محلياً وبعضها قادمة من وراء البحار كالأرز, والبن وقشر البن المجفف, والزنجبيل, والشاي من سيلان وجاوا, ومختلف أنواع الحبوب, والسمن, وزيت السمسم , والجاز, والكبريت, وفناجين الشاي وغيرها من السلع التي تحفل بها اسواق ( البندر) مدينة المكلا الضيقة في ذلك الوقت . والأن سنأتي إلى وقفة أخرى لكنها ترتفع قليلاً عن الشارع لهذه العاصمة التي تدار منها كبرى سلطنات الجنوب في تلك الفترة عام 1931م ،والتي يتربع على عرشها سلاطين القعطة ذوي الأصول اليافعية عسكر أبو طويرق بدر بن عبد الله الكثيري ماذا يقول القنصل الهولندي (دانيال فان در ميولين المقيم في جدة بمملكة آل سعود وتحتل بلده بتافيا (جاكرتا ) بجزيرة جاوا وصديقه الجغرافي الألماني فون فيسمان (Dr. von Wissman)وعمن يدير دفة سياسة هذه الدولة بحنكة وتخضع له سلاطينها وقبائلها وفضله كبير على يافع بعد لقاءه بالوزير المحضار حيث يقول :(الوزير السيد أبوبكر بن حسين المحضار:قابلنا الوزير صباح اليوم التالي. وكان يتولى تصريف شئون الدولة في غياب السلطان. كان السيد أبو بكر بن حسين المحضار رجلا في ريعان العمر. وهو ذو شخصية حيوية ويقظة في تجانس, ولم تظهر منه أي بادرة امتعاض من النصارى والإفرنج. ويقع حكم الدولة القعيطية على كتفية. وشعبيته مدعومة بتراثه. في المقام الأول بوصفه من السادة ومن سلالة الرسول فهو ينتمي إلى الطبقة التي تقود المجتمع روحيا ودنيوياً. وفي المقام الثاني, كانت عائلة أبو بكر لستة أجيال خلت أكثر العوائل نفوذاً في حضرموت. وفي إحدى ساعات المحنة, استنجدوا بقبيلة يافع المقاتلة ليدعموهم في صراعهم ضد القبائل البدوية. فأرسل سلطان يافع نجدة بقيادة أحد القعيطيين, الذي دحر أعداء عائلة المحضار, ثم انتزع السلطة منهم. وأخذ نفوذ القعيطي ينمو. وفي عام 1874م طلب من الحكومة البريطانية في عدن أن تتدخل لحل النزاع بينه وبين آل كثير الذين رفضوا إعادة المال الذي استلفوه منه. فقامت لسلطات البريطانية بدعم القعيطي, وتمكن من انتزاع مدينتي الشحر والمكلا من الكثيري, لكن احتفظت عائلة المحضار بزاعمتها في المنطققة ) يقول المترجم د 0 محمد سعيد القدال :(الحقيقة أنه تمكن من انتزاع الشحر بدعم من القبائل اليافعية خاصة آل بن بريك وذلك عام 1868م, دعا آل كساد حكام المكلا عام 1882م.) ولنا في الوقفة القادمة إن شاء الله تعالى رؤية أخرى حول وصايا السيد الحبيب الوزير حسين بن أبو بكر المحضار لضيوفه الذين ينوون السفر إلى وادي حضرموت وبما أخبرهم به عن الطريق شريطة أن يكونوا تحت حراسة جنود من العبيد التابعين للدولة ثم تأيكده لهم أن لايبتعدوا عن مدينة شبام التابعة للسلطنة القعيطية ،وماهو سبب تحذيره من دخول آراضي السلطنة الكثيرية المجاورة وعلى بعد أمتار من شبام ؟ |
- أبـــــــ صـــــــــــــــــلاح ــــــوا : - ليس غفلانين عن ما تسطر أناملك الكريمة : بل نتابع يا سيدي الكريم - بشغف عن هذا التاريخ العريق والذي يرجع تاريخه إلى ما قبل مئات السنين - أو بالأكثر , أستمر في الكتابة والبحث والتحري ونحن سنكون قريبين منك لكثرة الفضول - وحباً لمعرفة ما تسطر يا عزيزي أناملك عن هذا التاريخ العريق . - شكراً مليون لك لن توفي حقك يا أبا صــــــــــــــــــــلاح ,,, - لك من كل الود والتقدير // تحياتي وودي ,,, |
اقتباس:
|
الوقفة السادسة :
بداية الرحلة من المكلا نحو الداخل والهاجس الأمني في الطريق أنه لايمكن أن يكون الوزير الأول للسلطان القعيطي السيد" حسين أبو بكر المحضار"قد حذر وأوصى ضيوفه( الكولونيل" دانيال فان در ميولين والرحالة الجغرافي"لدكتور. هـ . فون فيسمان) أن لايتجاوزوا مدينة شبام شرقاً اتجاه الأراضي الخاضعة للسلطنة الكثيرية التي تبدأ من قرية الحزم حتى أجزاء من مدينة تريم ،مروراً بحوطة أحمد بن زين (خلع راشد )والغرفة بما فيها عاصمة السلطنة الكثيرية سيئون،ثم أننا لانستطيع أن نربط بين هذا التحذير من الوزير المحضار وذلك الزمان الذي مضى عليه أكثر من ثمانين عاماً إلا بظروف انعدام الأمن و الاستقرار في المنطقة التي تخضع للسلطان ألكثيري بصورة اخص وحضرموت بصورة أعم ، ولهذا قال الوزير لضيوفه الأجانب كما جاء على لسانهم :(000ثم أكد علينا ألا نتعدى مدينة شبام نسبة للمخاطر التي تهدد منطقة ألكثيري. وألا نحاول تحت أي ظرف العودة إلى الشحر عن طريق تريم. فالسيد أبو بكر الكاف في تريم هو بلا شك ثري وصاحب نفوذ, لكن لست له سلطة فيها ويحظى بخدمات البدو مقابل المال, ولا يمكنه تقديم حماية مسلحة ضدهم. أما سلطة القعيطي فهي قوية وجنوده من العبيد راية تحتمي بها.) أما الوضع السياسي والإجتماعي في حضرموت في تلك الفترة (عام 1931م )أبان حكم سلاطين القعيطي وآل كثير قبيل الحرب العالمية الثانية بسنوات قليلة فقط ، كان يتمثل بشكل رئيسي في فقدان الأمن والاستقرار ،وانتشار الجهل و الثأر و الفقر والرق، والمرض والمجاعة التي مات فيها الكثيرين من السكان في وادي حضرموت ،وتشردوا من ديارهم وقراهم وأنتقل البعض منهم إلى المدن الساحلية ، كمانقله بشكل متواترأحفادهم ممن عاصر تلك الفترة وكان شاهداً عليها ، ولاحظه هولاء الزوار لحضرموت ودونوه في كتبهم ،وكانت هذه أيضا هي الفترة التي شهدت اقتتال قبيلة الحموم مع السلطات القعيطية في حروب طويلة في جزء من المنطقة الساحلية التي تقع تحت نفوذ السلطان القعيطي ويقطنها الحموم ؛ ولقد كانوا أي- الحموم - من القبائل الحضرمية الكبيرة ومن أشدها معارضة لنظام القعيطي في تلك الفترة0 ويتابع المؤلف وصف رحلته من مدينة المكلا في ظل هذه الأجواء، بعد أن بدأ ينفذ مارسمه له الوزير المحضار فهو يقول : ( أرسل لنا الوزير في اليوم التالي حافلة بسائقين وأربعة جنود. كان علينا أن نسافر في ذلك اليوم إلى شحير فقط. (وشحير تصغير شحر) وبعد الظهر سارت بنا العربة عبر بوابة المدينة – يقصد هنا مدينة المكلا كانت لها سدة أو بوابة - المنيعة التحصين وعليها الحراس ) ويتابع وصفه للطريق الشاقة وقوافل من الجمال تسلكها في طريقها إلى الوديان والداخل وكذا محطات الجمال والبدو الذين يسوقون هذه الجمال ويعلفونها ويسجل كل ماوقعت عليه عينيه وهو في طريقه للوادي عبر شحير ويقول :(000. وهناك بعض الحمير التي ينام بينها البدو وهم يتغطون بفوطهم أو يجلسون حول موقد للنار يأكلون من أوان خشبية ثريدا من الخبز المفتت مع قليل من الدهن. والبعض الآخر منهمك في مهمة تحميل الجمال وهي مهمة شاقة.) وقد لاحظ الرجل كيف أن الأطفال يقومون بجمع روث الجمال في زنابيل, وعرف من هذا أن له قيمة كبرى إذ يستعمل في الوقود. ويتضح انه خالطهمٍٍٍِ[ أي البدو ] في هذه المحطات قال (000 وتموج الأرض بقمل الجمال, وهو في الواقع نوع من القراد، وتنتشر رائحة بول الجمال النفاذة مع العرق فوق هذا الانتشار الواسع ) وظل الهاجس الأمني للزائرين أكثر اهتماما لهما قال: (وعلى الطريق قلعتان محصنتان بالجنود. وبعد البقيرين بمسافة قصيرة تنتصب صخرة طلاؤها أبيض. ووضعت على الجدار الصخري على جانبي الطريق علامتان توضحان, حتى في تلك المنطقة الجبلية, متى تكون البلاد في حالة سلم وحالة حرب. ولا يسمح بأخذ الثأر أو تسوية ضغائن قديمة في المدينة أو حولها.وعلى بعد مسافة قريبة من حدود تلك العلامات, أقام عشرون بدويا معسكرا مؤقتا تحت صخرة معلقة. وعلى قمة الصخرة في الجانب الآخر من الطريق يقف الحراس باحثين عن أي قافلة تمر على الطريق العام. وقد عادت إحدى القوافل سالمة إلى المكلا بعد أن أدت مهمة تتعلق بالأخذ بالثأر. وأدركنا لاحقاً أن وجودنا لابد أن يكون السبب في إطلاق سراحها.) وحتى الآن لم يبتعدوا كثيراً عن مدينة المكلا عاصمة السلطنة القعيطية ، بل ما هما إلا في تخومها فقط وتلك كانت جزءمن هذه الظروف التي كان قد عاشها الحضارم في طريقهم لبناء مجتمع حضري متقدم عما جاوره من مناطق اليمن والخليج المجاورين ،ولاشك أننا قد قطعنا شوطاً كبيراً في بناء مجتمع مدني متحضر يسوده الإستقرار والسكينة فتباً لمن عكر صفو مجتمعنا في حضرموت وأراد شده لمثل هذه الظروف 000 و لم يكن السير نحو التنوير والتعليم والثقافة والعمل أليه بالأمر اليسير، حديثنا ووقفاتنا لم تكتمل بعد 0 |
كانت تلك علامة واضحة لأغلب الزوار من الباحثين والسائحين والمغامرين الأوربيين على اهتمامهم باكتشاف المجتمع الحضرمي من الداخل ،وأنتقل ( الكولونيل" دانيال فان در ميولين والرحالة الجغرافي"لدكتور. هـ . فون فيسمان)إلى اللقاء بمكونات المجتمع الحضرمي المختلفة ،وهنا أثار منظر ذلك السهل الشاسع في أحد المنخفضات التي تقع بين الجبال على الطريق المؤدي إلى مدينة الشحر و تنمو في تربته الطينية الأعشاب. وترعى فيه الأغنام والخراف والحمير والجمال منتشرة بعيدا عن بعضها البعض. وتجلس الرواعي " البدويات " فوق قمة تراقب رعي هذه الحيوانات حيث المرعى ، وعلى مسافة غير بعيدة من المقر الرئيسي للبدو الرحل في هذه الأماكن أو تجمعهم في هذه المنطقة التي تعرف بريدة الشحر [والريدة مكان هضبي مرتفع عن مستوى سطح البحر بمئات الأمتار مستو يتخذه البدو مكان لأستقرارهم فوق هضاب حضرموت سواء كان في شمال حضرموت أو جنوبها ] وقد لاحظ مكان تجمعهم أي البدو في ريدة الشحر على يمين الطريق المؤدية إلى الشحر قال: (000. فاتجهنا نحوهم نحمل آلات التصوير ونحن نتوجس خيفة. ولم يلحظونا, كما أن كلاب الحراسة الشرسة التي تنتشر في الجزيرة العربية والتي تجعل المرور بمعسكر للبدو أمرا مستحيلا لا وجود لها هنا, وغيابها هذا كان لافا للنظر ) ولم تكن للبدو في هذ ه الهضبة من حضرموت كلاباً للحراسة وبيوتاً من الشعر والخيام كبدو الصحراء الذين سبق للزائر رؤيتها في أماكن أخرى من صحراء نجد أو الدهناء أو النفود قال : (ويبدو أن البدو في حضرموت ليس لهم خيام, إنما يسكنون في كهوف أو منازل أو كواخ, أو يعيشون كما في هذه الحالة بلا مأوى. فيشيدون كوخا على مساحة خمسة أقدام, حيث ينصبون أربعة أعمدة طولها حوالي ثلاثة أقدام ويعرشونها بأعمدة أخرى يغطونها بحشائش جافة طويلة. لا يمنع هذا الكوخ الشمس كثيرا. توجد منها هنا عشرة أكواخ متناثرة. بعضها أكثر بدائية, عبارة عن أعشاب مغطاة بخرق بالية وليس بها غلا بعض الظل) ويروي الكولنيل دانيال وصديقه فوسمان أنه ذهب أليهم وهو يحمل كاميرا للتصوير فكانت ردود أفعالهم عند اللقاء إ ثار بعض الصخب, لكنهم لم يتضايقوا أو ينفروا من رؤية هولاء النصارى الحمر بينهم بل أبدوا تفهماً وترحيباً بهم واستعدادا للرد على أسئلتهم بفطرتهم البدوية السخية المتسامحة ولم يفتهم ملاحظة النساء والأطفال الذين كانوا قد تجمعوا حين وصولهم لإشباع فضولهم قال :( 000وأجابوا على أسئلتنا بشيء من الفضول. وجلس النسوة والأطفال وبعض الشيوخ العجزة تحت ظل الأكواخ البائسة. ويرقد الأطفال في مهد مصنوع بطريقة عملية . ويبدون في داخله مثل المحار الذي له أرجل. حيث يرقد الطفل في الجزء الأسفل بينما يحميه الانحدار الأعلى من الشمس والريح, وتحمل الأم هذا المهد في ترحالها وتجعل الجانب المفتوح في واجهتها. ويرقد الطفل فوق زعف منسوج أو جلد. وفي حالة الجلد يوضع فيه ثقب بعرض بوصة لخروج الفضلات. ) وقد أثار أنتباههم توجس الأمهات كثيرا من العين الشريرة قال : ( فكان علينا ألا نبدى اهتماما' ملفتا بأطفالهن ) ومن اجل كسر الحاجز النفسي والدخول بشكل مباشر معهم ،وكسبهم بشكل مادي وعاطفي قال :(وزعنا بعض قطع النقود على الأطفال والشيوخ, وبعدما تبادلنا معهم الحديث أخذ توجس الآخرين يتلاشى. ورأت إحدى النساء ضرسا ذهبيا في فم أحدنا, فكان علينا أن نسلم أفواهنا لكشف دقيق. وانفجرت صيحات الضحك وتبعها مرح طاغ. ثم أخذوا يكتشفون العديد من الأشياء الغريبة عن الأفرنج. فبعد أن فحصت المرأة التي في المقدمة أفواهنا, ذهبت أبعد من ذلك. أخذت تفك بأصابعها القوية الداكنة الجزء الأعلى من كم ذارعي. كانوا كلهم ينظرون في ترقب. واندهشوا عندما وجدوا أن الجزء المغطى من بشرتي أيضاً أبيض. وانفجر الجميع بالضحك, وتواصلت عملية الفحص. ثم انتزعت المرأة قميصي من البنطلون, وعندما ظهرت بطني أيضا بيضاء, انفجرت صيحة طويلة: "آله" تعبيرا عن ذهولهم. واستمرت اليد الداكنة تمسح بإعجاب ذلك الجزء من جسدي.) كان هذا ما أراد المؤلف أن يصوره عن مجتمع البدو وعن قساوة الطبيعة والمعيشة التي جعلت من النساء يثيرهن لون بشرته البيضاء التي تبدو لهن ملفته للنظر وتثير الدهشة والاستغراب فأخذن يتحسسن بشرته بأيديهن الداكنة الخشنة كما قال بل ذهب لأكثر من ذلك وقال :( وعندما أرادت المرأة أن تواصل فحصها لجسدي, أكدت لها أنه كله من نفس اللون. فقالت: "هل فعلتم هذا بالصابون"؟. فقد سمعوا أن الإفرنج معتادون على غسل أجسادهم بالصابون. فقلت لها "لا إن الله خلقنا هكذا". فقالت: "لا شك أنكم تعيشون في منازل ولذلك فإن الشمس لا تحيل أجسامكن داكنة كما تفعل بنا, ولا شك أنكم تعيشون على اللبن". فقلت لها: "لا , إننا نأكل نفس الأشياء التي تأكلونها". فقالت: "ابقوا معنا وسوف نرقص ونصفق لكم الليلة". وأخذت سائلتنا المرحة ترقص وتصفق, فكان ذلك مصدر تسلية كبرى للنساء الأخريات. فقلت لها: "يسعدنا جدا أن نبقى, لكن ليس لدينا وقت, فعلينا أن نمضي بعيداً. "فقالت" لا , ابق هنا, وسوف نعطيك زوجة". فلم أتمالك من فحص النساء غير الجميلات اللائي أحطن بي. وقرأت المرأة أفكاري. فقالت: "لا, الفتيات الجميلات في المرعى وسوف يعدن بعد المغيب".) وعندما ظهرت له اثناء هذا الاجتماع بالنسوة الوقوف على تفاصيل دقيقة من مجتمع النساء البدوي قال : (000رغم ما في حياة المرأة البدوية من بؤس وبدائية, إلا أنها تبذل جهداً كبيرا لتبدو جميلة.) ولم يزد الكولونيل" دانيال فان در ميولين في شرحه بعد هذه المقابلة بنساء البدو إلا أن قال :( 000 أما بالنسبة لذوقنا فإن النتيجة في الغالب قبيحة, إن لم تكن مفزعة.) سنواصل معه الرحلة حتى نقف على الكثير من المحطات التي يفرق بيننا وبينها أكثر من واحد وثمانون عاماً حين كانت البداوة تمثل جزء كبيراً لايستهان به من مجتمع حضرموت قبل أن يتم استقرارهم وتوطين الكثير منهم ودخول التعليم والحياة المدنية أليهم وفوق هذا وذاك تعلمهم الكثير من الشعائر الدينية التي كانت تغيب عنهم 0 |
|
|
الوقفة السابعة:
الرحلة إلى دوعن و "الموتر "قائداً للرحلة والسيد علوي يدبر أمر الحمير ! وأخيراً تقرر سفر القافلة من المكلا إلى دوعن وبعد أن قاموا بكل الترتيبات. فكان على ( الكولونيل" دانيال فان در ميولين والرحالة الجغرافي"لدكتور. هـ . فون فيسمان) أن يدفعوا مائة وستين روبية لأصحاب الجمال التي ستحمل أمتعتهم ، وحمارين قد تكفل السيد علوي بإدارة شؤنهما ،ومرتب اثنين من الجنود العبيد الذين سيتولون حراستهما . وقد رافقهما اثنا عشر بدويا من قبيلة سيبان. ومعهم جمالهم المحملة بالبضائع, لكنهم سيأكلون من المؤن الوافرة التي أحضرها قائد القافلة من الطعام وغيره الذي للرحلة من المكلا إلى دعون التي تستغرق ستة أيام. أما السيارة فتكون مهمتها فقط نقل الأجنبيان الكولونيل" دانيال فان در ميولين والرحالة الجغرافي"الدكتور. هـ . فون فيسمان والسيد علوي وخادمه وطباخا يتولى أمر الطباخة 0 بقى أن نعرف من هو قائد الرحلة الذي أوكلت له المهمة ويحظى بثقة الوزير المحضار الكاملة في عاصمة الدولة القعيطية بالمكلا،وقد تعهد أنه سيحملهما إلى دوعن حتى يوصلهما إلى حاكمها "باصرة 0 "ذاك هو سائق العربة الحكومية الصغيرة الذي يلقبونه "موتور" أي السيارة قال عنه الزائر: ( وهو لقب حديث استحقه بجدارة لأنه كان يقطع المسافة من دوعن إلى المكلا في يومين وليلتين عندما كان يحمل الرسائل الحكومية العاجلة.) ووصفه عند ما شاهده قال :(كان (موتور) صغير الحجم, وشعره المموج المدهون الأسود معقوص بضفيرة جلدية رقيقة حول رأسه، ويعلق على رقبته سلسلة يتدلى منها خاتم فضي يتوسطه حجر بني مستدير في حجم ظفر الإبهام. ويلف حول خاصرته قماشا داكن الزرقة وضع فيه غمد سكنية (يسمونها جمبية) , و هذا كل لبسه) المتواضع الجميل بدوي حضرمي من الطراز القديم،في هيئته وفطرته ، واكب التطور من الجمل إلى السيارة 0 غير أن السيد علوي العطاس أحد أهم اركان الرحلة والذي تربطه علاقة قرابة بالوزير المحضار لا يرتاح كثيراً ولا يطمئن حاله من البدو المرافقين للقافلة وهكذا كان موقف الطباخ صالح ،ولهذا قال القنصل دانيال معلقاً : (000 وما فتئ رفيقنا السيد علوي يؤجج نيران غضبنا وضقنا بترداده المستمر وعلى وجهه مسحة غموض قائلاً: "هؤلاء البدو أيها القنصل أناس رديئون , رديئون, رديئون جداً") وحتى الان لاتزال القافلة في طريقها متجهة نحو دوعن فكانت أولى محطاتهم التي وصولها بعد ساعات من سيرهم قرية "لصب" الصغيرة. وبالقرب منها يخرج جدول صغير ينساب منه الماء إلى مزارع الذرة في القرى, لكنه لا يمكث طويلاً، ويزرع الموز والباباي هناك على حافة الحقول. أما سكان تلك القرى فلا يظهروا للقادمين غير أنهم ينظرون من فتحات صغيرة كالنوافذ في مساكنهم المبنية كالحصون العالية و ترتفع في واجهة الجبال0 لقد غادروا قرية اللصب وبدوا ينحدرون نحو الوادي ثم يعودون للصعود فقد كانت الطرق تمر بشقوق طولية وعرضية بين الجبال يشعر الراكب أنه يهبط ويصعد أحيانا لكنه يسير في أتجاه وادي دوعن وهذا ماوصفه الكولنيل دانيال قال : (000. سرنا في اتجاه الشمال الشرقي والشمس متوهجة أمامنا على زاوية مائلة, كنا في حالة صعود مستمر على امتداد الطريق.) ويضيف أيضا :( وعبرنا عند "العضوضة" على بئر ماء كبيرة, وشاهدنا "زيمان الكبرى" على يميننا قريبة من منحدر الجبل. وتنمو بين مزارع التمباك الشاسعة أشجار النخيل وجوز الهند والباباي والموز.) كما شاهدوا عدة قرى منها "زيمان الصغرى "ومما لفت نظرهم تلك البنايات البيضاء المطلية بالنورة والتي تبدوا كعلاملات بارزة على الطريق منها يروي العطشان لهيب ظمأه قال : (000عرفنا هنا للمرة الأولى على تلك المؤسسات التي أقامها التقاة لحماية المسافرين من الظمأ, وهي "السقاية. ) والسقاية عبارة عن بناء صغير مساحته عموما خمسة أقدام مربعة وارتفاعه ستة أقدام, وسقفه في شكل قبة, ومبني من الحجر الطبيعي أو من الطين ومطلي بالجير الأبيض. وعلى جوانب جدران السقاية فتحات مربعة أو مثلثة على ارتفاع خمسة أقدام من الأرض, ومن خلالها يغرف الإنسان الماء من حوض عمقه ست بوصات مشيد على ذلك الارتفاع من السقاية. ويملأ الحوض يوميا بواسطة شخص يحصل على أجر من الوقف المخصص لهذا الغرض. وتوجد قرعة نارجيلة أو علبة صدئة أو كوب خشبي في إحدى فتحات السقاية, تستعمل للشرب. ويطرح الكولنيل ملاحظته حول عادة لفتت نظره من وحي مشاهدته لشرائح اجتماعية مختلفة في المستوى الاقتصادي والجاه المعنوي تعامل معها في حضرموت أوحت له "السقاية "وطريقة الشرب منها حين قال :( وعلى المرء أن يألف سريعا العادة المتأصلة في هذه البلاد وهي شرب مجموعة من الناس من نفس الإناء تباعا، وحتى بين الأثرياء والسلاطين, فإن أكواب الشرب الخزفية الضخمة تنتقل من ضيف إلى آخر، ويشرب منها الجنود والعبيد أيضاً) وكان يحاول أن يبدي امتعاضه ايضا من شرب الماء من السقايات لكنه استطرد قائلاً ( وماء السقايات أغلبه متسخ , وبه خليط من الروائح والمذاقات،لكن الظمأ يعلم الإنسان التغاضى عنها, وبمرور الزمن يتلاشى التمنع.) ولفترة زمنية قصيرة توقفت القافلة في قرية "زيمان الصغرى" تزودوا بمزيد من الحليب واللبن الخمير، الرائب [ الروبة ] وبعضاً من الفااكهة كاليمون وجوز الهند والموز, ثم واصل الجميع سيرهم بأتجاه قرية"الغيضة "أوالغياضة وسط مزارع تمباك مزدهرة ومحاطة ببساتين نخيل صغيرة. و كان عمدة قرية "الغيضة" من أقارب علوي العطاس المرافقف لهم بالرحلة , لذلك قال الكولنيل دانيال :( كنا تواقين لزيارته0 ووجدنا باب منزل العمدة البسيط محلى بزخارف بديعة. واستقبلنا في غرفة صغيرة معتمة, تستعمل مخزنا للتمباك وللاستقبال في آن واحد. عاش العمدة في بتافيا سبع سنوات, وكون ثروة من تجارة (الباتك), وما زال ابنه يواصلها هناك. وحالما علمت ذلك اقترحت عليه أن نتحدث باللغة الملاوية بدلا من العربية.) فوافق مضيفهم وسرعان ماعادت بهم الذكريات إلى جزيرة جاوة الجميلة الحالمة 0 وحتى لقاء آخر لمواصلة الرحلة تقبلوا تحياتي0 |
|
|
|
واصل واصل يا أبو صلاح بارك الله فيك ووفقك في جهودك الكبيره التي تبذلها
تحياتي؛؛؛؛؛ |
موضوع جميل وممتع ومرجع نعجز عن الشكر استاذنا القدير ابو صلاح |
اقتباس:
الخليفي الهلالي شكراً لك ومرورك وتعليقك وسام أعتز به فهو يعطي الموضوع أهمية أكبر من كاتب متميز ومرموق ، فجزاك الله خير تقبل تحياتي |
اقتباس:
شيخ القبائل |
اقتباس:
ابو صلاح كتبت ردك بلون أبيض مثل قلبك طبت وطابت أيامك ولياليك .. كلك ذوووق |
اقتباس:
شكرا لك ياعزيزي "شيخ القبائل " لك خالص شكري وتقديري ؛وبالمناسبة نحن في رحلتنا في الوقفة القادمة التي أنا في الساعات القادمة بصدد تحريرها إن شاء الله تعالى نقترب من العالية ،الصفراء شبام لنرى صورة منها في مايو عام 1931م 0 |
|
متاابعين اسستمر ايها المؤرخ العملاق
لك تحياتي |
اقتباس:
شكراً لك أيها النبيل ،تقديري لسمو خلقك بارك الله فيك ، في الساعات القادمة إن شاء الله يتجدد اللقاء في وقفة أخرى جديدة ضمن هذا الموضوع |
أخي الكريم .
للعلم فقط ,من البرقيات التي جلبها معه برقية ضيافة للمقدم المرحوم بأذن الله / سعيد بن عمر بلحمر ويطلب منه الحضور إلى هولنداء ولازالت البرقية مع الأحفاد وهذا مااخبرني به الأخ سعيد محروس بلحمر . تحيتي لك بحجم الكون وشكري وتقديري على هذا الطرح الجميل والمفيد . |
اقتباس:
تابعني مع الوقفة التالية |
الآن يوجد الرحالة الجغرافي"الدكتور. هـ . فون فيسمان) في مدينة الخريبة القديمة ،التي كانت من أقدم مستوطنات وادي دوعن التي قيل أن أسمها دوعن ،وأهلها هم أول من دخل الإسلام ، وهي من أهم مراكز مذهب الإباضية في حضرموت،بل وقاعدة من قواعدهم إلى عصور متأخرة ،وهي قاعدة الوادي الأيمن اليوم وعاصمة دوعن التاريخية يقول الكولونيل" دانيال فان در ميولين : ( ينما كنت أقوم بهذه الزيارات, قام فون فيسمان برحلة قصيرة إلى الخريبة حيث تسلق العقبة المواجهة للمكان الذي نزلنا منه.) ثم يستطرد واصفاً مدينة الخريبة : (الخريبة مدينة صغيرة, بها شارع تجاري واحد وأربعة شوارع أخرى كبيرة وعشرون مسجدا صغيرا.هي أكبر وربما أقدم مدينة في وادي دوعن. ويرى بعض الجغرافيين أن اسم خريبة الذي يعني أنقاضا, هو الموقع الأصلي لمدينة دعون التي ربما جاء اسم الوادي منها. ويتحدث "بليني" عن "توأنى" التي اتخذ منها الأباضية الهراطقة مركزا لهم, ومن المؤكد أن المدينة قد دمرت عندما أبيدو) يؤكد المؤلف أن أسم المدينة "الخريبة " من الخربة أي الخرائب أو الأطلال وفي هذا دلالة على أنها من المدن القديمة في حضرموت وأما " "بليني"فيقصد به "بلينيوس" pliny "" " المتوفى سنة 79م، ومن كتبه المهمة كتابه "التأريخ الطبيعي" "naturalis historia" في سبعة وثلاثين قسمًا، وقد نقل في كتابه عمن تقدمه، ولا سيما معلوماته عن بلاد العرب والشرق 0وقد جعل أسم دوعن " "توأنى" في كتابه السالف الذكر الذي أشار إليه المؤلف 0 |
|
اقتباس:
شكراً لك أخي الخليفي الهلالي |
"صيف"- بصاد مكسورة وتسكين اليا والفا-( قفل دوعن [ أي مفتاح دوعن ] ولها ذكر كثير في التاريخ ، وقد روي عن الشيخ عمر بامخرمه رحمه الله انه قال لبدر بوطويرق : ( حاذر على صيف ، شف مادوعن إلا بصيف )ذكر ذلك بن عبيد الله السقاف في إدام القوت في معرض ترجمته للمدينة وأما كون بلدة "صيف "قفل دوعن أو مفتاح دوعن فأنني أجد تفسيره من كلام السيد علوي بن طاهر الحداد في كتابه (الشامل في تاريخ حضرموت ص212 ) قال:( إذا جاوزت صيف وقطعت ساقتيها استقبلك واديان أحدهما عن يمينك وهو الأيمن يأتي من الجنوب وثانيهما عن يسارك من الناحية الجنوبية الشرقية وهو الوادي الأيسر ويقال ليسر فإذا اجتمعها قيل لهما وادي دوعن بتغليب اسم الوادي الأيمن فإنه الذي يطلق عليه اسم دوعن في العرف الخاص000 ) كان الطقس حار جداً غداة مغادرة الضيوف الخريبة باتجاه مدينة "صيف "أو بلدة صيف إذ تبلغ درجة الحرارة 39.5 درجة مئوية تحت أشجار النخيل في الطريق الذي سلكه (الكولونيل" دانيال فان در ميولين والرحالة الجغرافي"لدكتور. هـ . فون فيسمان) وما هي إلا ساعات حتى وصلوا "صيف" متنقلين بين عدداً من القرى الواقعة على منحدرات جبلية وأشجار النخيل والسواقي التي تمر بها مياه السيول والأعشاب الجافة التي تنتظر المطر0 وقبل أن تصل القافلة التي تحمل الضيوف ومرافقيهم خاصة السيد علوي العطاس إلى محطتهم التالية ؛ فقد مروا ببعض المظاهر الجغرافية التي لفتت نظرهم ووصفوه ومنها, أن أصبح بطن الوادي الشاسع مقفرا, ثم أخذ يضيق فوق طريق من الحجارة الجرداء إلى أن وصلوا مشارف "صيف" التي طلت عليهم فجأة ببنيانها المتواضع وحالة أهلها البائسة كما يقول الهولندي الكولنيل دانيال : (000شاهدنا "صيف" قرب المغيب ترقد فوق منحدر حطام الصخر العريض حيث يصبح الوادي شاسعا جدا وتكسر الشاطئ الصخري وتراجع. ضرب الفقر المدينة الصغيرة المحاطة بالسور, ذات المنازل القصيرة000 ) ثم أردف قائلاً : (ويبدو أن حالة عدد قليل من سكانها قد سمحت لهم بطلاء الطوابق المأهولة بالجير الأبيض [ النورة ]وببناء درابزين [ أي طابقين ] فوق شرفات السطح.) الوضع العام للمدينة وطبيعة حاكمها وأهلها كما يبدو ، يمكن أن تستنتجه من انطباعات الضيوف الأجانب قال: (قد أفسدتنا معاملة الأيام الماضية حيث كان رجال السلطة والأعيان يستقبلوننا باعتبارنا ضيوفا لهم مكانة مرموقة. على أي حال ما زلنا هنا تحت حماية النظام القعيطي, وزودنا الشيخ الجليل باصرة برسالة إلى حاكم "صيف". وقد حذرتنا عائلة المحضار من حاكم "صيف". فهو رجل فقير, وضليع في علوم الدين التقليدية, لكنه جاهل وليست له كفاءة في مسائل الإدارة الدنيوية. والسكان متعصبون وفقراء. لكننا كنا نأمل فقط أن يمنحنا الحاكم شرفة السطح لقضاء الليل, وليس أكثر من ذلك, لأننا نرغب أن نبدأ رحلتنا صباحاً في اليوم التالي) وهنا ربما تلحظ انعكاس الخلاف أوالصراع الذي كان حينه على أوجه أو اشده بين حضارم المهجر في في تلكم الجزر الاندونيسية الخلابة القابعة خلف المحيط في جنوب شرق أسيا،وهي جزركمستعمرات هولندية قبل الحرب العامية الثانية سنة 1939م 0فالمشائخ وشرائح اجتماعية مختلفة من قبائل وادي دوعن وعمد مثل آل العمودي وآل بلحمر،وآل باصهي وآل باقبصي وغيرهم كانوا في حزب جماعة الإصلاح والإرشاد ؛وفي المقابل حزب الرابطة العلوية التي يتزعمها من السادة العلويين في اندونيسيا خاصة كاآل بن شهاب وآل طاهر وآل بن يحيى وآل الجنيد وآل العطاس وآل باعبود وعلى رأسهم جميعاً آل المحضار المنتمي لهم وزير الدولة القعيطية والشخصية المعروفة محمد بن أحمد المحضار التي لعبت دوراً كبيراً في قطب الصراع وكذا الحاكم أو الوالي عمر باصرة من قبل الدولة القعيطية ، وأنا لست بصدد الحديث عن هذه القضية وإن كنت قد لمست فقط أجواء ماحدث في تحذير السيد المحضار وكلام المؤلف والله أعلم 0 المهم أن الرحلة وصلت إلى صيف وسنترك القارئ أمام ماقد وصفه وكتبه الزائر ومن يرافقه من المهتمين عن بلدة "صيف " قال (بدت "صيف" جافية, خالية من النبات والألوان, والسكان يحدقون بطريقة عدائية إلى مجموعتنا الصغيرة وهي تخترق الشوارع الضيقة المتسخة. ثم قادنا الحراس إلى اسطبل ضيق, اجتزنا الساحة الداخلية التي تقف فيها الأبقار, ثم تسلقنا إلى السطح عبر سلالم ضيقة. وأحاطت بنا منازل طويلة كئيبة منعت عنا النسيم المنعش, وحجبت عنا أيضاً النوافذ الصغيرة التي كانوا يتجسسون منها علينا. وتوافد إلى الأسطبل وإلى سطحنا كل من "توم" و"ديك" و"هاري", حتى أصبحنا بعد قليل وسط جمهور محتشد. كل الجنود من قبيلة يافع, واستقبلوا بحفاوة نيابة عن الحاكم الغائب, ورجونا أن نتقبل القليل الذي يمكن أن يقدموه لنا. بل أحضروا خروفاً وجديا, وخيرونا أن نختار واحداً منهما للعشاء. كان الجنود سعداء بهذا التغيير الذي طرأ على حياتهم الرتيبة. بل أظهروا غاية المودة مما جعلنا نقبل الأمر لا مفر منه ونعد إقامتنا لليل فوق سطح الأسطبل. ولم نر أحدا من سكان المدينة, يبدو أنهم لا يريدون التعامل مع النصارى. أما البدو في الشارع والصبية فقد أبدو اهتماماً كبيراً. وبمساعدة الجنود وبلغة ركيكة, استطعنا أن ننظف مكاننا في السطح ونضع فيه أسرتنا. واستدعوا مجموعة من السكان الذين يتحدثون لغة الملايو. وقد تخلصوا من تعصب أهالي "صيف" من إقامتهم في جاوا وهم يعرفون ويقدرون حكومة هولندا. وهمسوا لنا بأن مكان إقامتنا غير مناسب, فالحاكم فقير وليست له سلطة. وقد تغيب متعمداً ليتجنب مشقة استضافتنا.) لاحظ أن الوصف فيه قسوة لأهل "صيف "خلافاً لما عرفناه من سابق زياراته هل انطباعاته عن سكان المنطقة وبلدتهم وحاكمها على حقيقته ،من المفيد أن نسمع من الأخوة أهل المنطقة أو من هو قريب منهم رأيهم ؟ لم يحصل الضيوف على راحتهم ،أو يتمكنوا من كتابة تقاريرهم بشكل جيد ،لأسباب تتعلق بصخب وضوضاء أحدثها السكان المحليون الذين لم يتركوا فرصة للضيوف لأخذ راحتهم قال : ( ثم قمنا بكتابة مذكراتنا وببعض الأعمال الضرورية الأخرى ونحن وسط كل أنواع الصخب والضجيج. وجلس الجنود من "صيف" مع أتباعنا إلى ما بعد منتصف الليل, وهم يستمتعون بأكل الشواء الأرز, ويتبادلون بأصواتهم النكرة كل أنواع الحكاوى والأخبار. وصلت محاولات "فريده" للاختراق حضرموت إلى مأساة عندما حل على "صيف" الكئيبة هذه. فكان سيء الحظ إذ وصل قبل يوم واحد من زيارة قبر الشيخ أحمد بن عيسى العمودي[ هو الشيخ سعيد بن عيسى العمودي النمتوفي سنه 676هـ وليس أحمد بن عيسى. وهو من كبار رجال التصوف والطريقة في مدينة قيدون وتقام له زيارة سنوية ]) ويتذكر الزائر حوادث حدثت لبعض الأجانب حين زاروا بلدة " صيف " من أهالي المنطقة حيث اجتمع آلاف البدو, وكانوا يعتبرون بعضهم جواسيس للإفرنج الإنجليز في عدن, وقال أن البعض نجوا بأعجوبة من الموت. وعومل بعضهم بقسوة, وانتزعت منهم نقودهم بل وأرغموا على مغادرة "صيف" والعودة إلى الساحل ،ووصفوا أهالي "صيف" بأنهم "مجموعة مريضة إلى حد بعيد ونظرتهم موبوءة"0 ثم حان موعد الرحيل من "صيف "قال :(كانت فترة راحتنا في "صيف" قصيرة الأجل. فعند الرابعة جاء الحاكم, وهو أيضا المؤذن, ليوقظ السيد علوي للصلاة. وبدأنا نستفسر فورا عن الحيوانات التي سنركبها وعن الترحيل. وكانت الإجابات عبارة عن وعود براقة, لأنه بعد فترة طويلة من شروق الشمس لم تظهر أي حيوانات. وأصبح البقاء فوق السطح غير محتمل فليس فيه ظل يحمى من حرارة الشمس. وظللنا ننتظر لساعات عند حقائبنا. واعترانا اليأس. ماذا سنفعل هنا إذا لم نحصل فورا على الحيوانات والسروج؟ لا يمكننا البقاء في هذه المدينة, وصبيانها في الشوارع بلا خلاق, وجنودها الكسالي يتحلقون حولنا. وعندما ظهر الحاكم مرة أخرى واجه عاصفة من التوبيخ. وأرسلنا الجنود أنفسهم لترتيب الأمور. وأخيراً نفضنا عن أرجلنا غبار "صيف" ونحن نتنفس الصعداء. ) وعند المغادرة من صيف رافقهم جنديان إضافيان, من جنود يافع تتحمل السلطنة القعيطية دفع مستحقاتهما، و يبدو عليهما الفقر والشحوب ومرتبهما لا يكفي لإعاشتهما جيداً. كما أخبر بذلك المؤلف قال : ( وطلب كلاهما أن يدخل في خدمتنا ويسافر معنا إلى الخارج. وعمل أحدهما في الفيلق العربي مع نظام حيدر آباد, ويتحدث الهندستانية.) وحتى الملتقى في محطة ووقفة جديدة لكم تحياتي واعتذاري لأهل "صيف "إن كنت قد أسأت الظن فيهم وما أنا إلا ناقلاً ومعقباً وشارحاً وموضحاً إذا تطلب الأمر0 |
|
ايكا دوة ساتو امبة ليما
يقال أن سكان حريضه يحسبون الأرقام بالملايو(الجاوي) وخصوصا أصحاب (التوكو) الدكان هههههههههه؛؛؛؛؛ |
- أبـــ صلاح ـــــــو : - من خلال متابعتي لهذه السلسلة التاريخية الذي تسطرها أنامل - الكاتب التاريخي تتركنا نسبح بعمق ونتلذذ في سرد القصة التاريخية القديمة - ومن حيث التوثيق الرائع الذي يكلف الكاتب ( أبا صلاح ) الكثير من المشقة والتعب - ولكن كونك رجل لديك إنتماء وطني وحبك لبلادك , فيدفعك التاريخ بقوة صارمة لبذل كل جهودك - التي تشكر عليها وستثبت لك السقيفة هنا تسجيلك لهذا التاريخ العريق الذي تدونه بقلمك البلاتيني - إلى جانب دعوات أبناء وطنك لك بالتوفيق , لأنك أنت ياأستاذي الكريم من أنرت عقولنا بهذا السجل العظيم - مهما كتبت عنك فلن اوفيك حقك يا هذا الرجل المتحمس . - ولو قلت لك مليون تحية قليل لجنابك وشخصيتك المرموقة .. - لك من أبو خالد : كل الود والتقدير // تحياتي وودي // |
اقتباس:
نعم يالخليفي الهلالي صدقت |
اقتباس:
أستاذي المبارك أبو خالد بارك الله فيك وأطال الله عمرك في طاعته ،وأستعملنا وأياك في ماهو خيرُ لدنيانا وآخرتنا أنه سميع مجيب كلماتك كالبلسم على الجروح ،، والغيث للقلوب بوركت ياسيدي الفاضل أنني بصدد الإنتهاء من الوقفة التالية من هذا الموضوع الشيق الذي كما ذكرت سابقاً يرجع بنا إلى أكثر من ثمانين عاماً إلى الوراء في تاريخ حضرموت . نناقشه في وقفات أرجو من الله أن يوفقني إلى أتمامه ،وقد توقفت منه في رمضان وأيام العيد وهانذا أعود إن شاء الله تعالى [/COLOR] |
من الهجرين إلى المشهد .....
من الهجرين إلى المشهد ؛ والمشهد قر ية صغيرة كانت تعرف قديماً ( الغيوار ) تقع شمال مدينة الهجرين التاريخية ولا تبعد عنها كثيراً، وأسم "المشهد " جاء أنه أسم قرية عربية تقع في الجليل شمال فلسطين التاريخية, أو شمالي مدينة الناصرة في الأراضي العربية المحتلة من فلسطين. وأمّا" مشهد أو طوس "كما كانت تسمى قديما ايضا، فهي من كبريات مدن إيران ومن أعظم مدن خراسان، وقد فتحت في أيام الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وأصبحت (مشهد ) الإيرانية ،محل اهتمام كبير عند الشيعة الإمامية الاثناء عشرية ، لأن فيها الكثير من المزارات والمقامات الشيعية ، وأهمها إطلاقا ضريح الإمام علي بن موسى الرضا، ومشهده الذي به سميت تلك المدينة مشهدا.وأما "مشهد "في حضرموت الوادي ، فقد أطلق عليها هذا الأسم بدلاً من أسمها القديم (الغيوار كما ذكر السيد عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف في (إدام القوت ) هو السيد علي بن حسن بن عبد الرحمن العطاس، مؤلف كتاب "المقصد في شواهد المشهد" الذي توفى سنة سنة1172 هجرية، ويرجع بن عبيد الله السقاف سبب التسمية أنه لما هاجر إلى هذا المكان قرية ( الغيوار ) كما تقدم بسبب أن أفراداً من عشيرته حسدوه في بلدته حريضة قال عنه :( لتفضله عليهم بعلو شانه وغزارة علمه وقوة عارضته وكان يتنقل في البلدان لنشر الدعوة الى الله تعالى وكانت امه من آل اسحاق الساكنين بهينن فبدا له ان يختط بذلك المكان دارا ويبني مسجدا ورغب الناس في البناء بجواره )كما ذكرأيضا -بن عبيد الله السقاف في كتابه السالف الذكر - قال :(... وعندما راوا عموم الامان بنيت الديار حوالي مسجده فكان بناءه واختطاطه ذلك المكان حصاة صادت عدة عصافير اذ قد استراح هو من مناواة الحساد وامن به الناس وزال الباس وكان يحتفل بمولد النبي [ صلى الله عليه وسلم ] في اليوم الثاني عشر من ر بيع الاول في كل عام يتقاطر له الوفود من كل ناحية ...) غير أن بعض من كتبوا في المسائل العقدية من العلماء المتقدمين شنع في القول بتسمية القبر مشهداً ،و عدَّ ذلك من الأصنام والأوثان كالإمام المحدث اليمني المجتهد محمد بن اسماعيل الصنعاني ، في كتابه (تطهير الاعتقاد , المكتب الإسلامي الطبعة الخامسة 1405هـ صفـ 27و26ـحة وآخرون . أما المؤلف الهولندي الزائر "دانيال فان در ميولين " صاحب الكتاب فله سبباً أخر بتسمية (المشهد ) خلافاً لما ذكر أعلاه قال :( المشهد مدينة صغيرة منقرضة تقع وسط صحراء الوادي الجرداء. ومعنى اسم "المشهد" هو "المكان الذي مات فيه شهيد". وهي سوق موسمية هامة ومكان للحج. فخلال أيام محددة في شهر محرم حددت لهذا الغرص, يمتليء المكان بالبائعين والمشترين الذين يسكنون في المنازل والأكواخ المؤقتة, وأغلب المنازل الآن خالية ......) ولاشك أن الكاتب قد أخطأ في تعليله أو أن هذا من المترجم للكتاب . وفي كل الأحوال قد وصلوا إلى المشهد في غياب حاكم المنطقة الذي يفضل السكنى في مدينة حريضة المزدهرة ،لكن هذا لم يمنع أبناءه المتواجدين في قرية المشهد بتقديم فروض واجب الضيافة لمن قدم من الضيوف على المنطقة ،ومما تجدر الإشارة أليه فقد أعجب بهما الضيفان الأجنبيان ،وهذا ليس بغريب عن عائلة آل العطاس التي يقصدها الزوار والضيوف باستمرار كما هو الحال في عاصمة آل العطاس حريضة قال : (.... تمتلك عائلة العطاس منزلا للضيافة جيد الإعداد لأفراد الأسرة الذين يمرون على المشهد. وتم حديثا طلاء الطابق الأعلى بالجير الأبيض, والسلالم والممرات والحمامات والمراحيض وكل شيء في غاية النظافة. كان شيئا كماليا بالنسبة لنا أن نستحم ونضع أسرتنا السفرية فوق السطح النظيف بطلائه الأبيض بعيداً عن الروائح النتنة التي تنتشر في كل مدينة عربية. وياله من فرق بين سح الأسطبل في "صيف"؟) أتجه الكولنيل دانيال فان در ميولين والدكتور. هـ . فون فيسمان إلى خرائب ريبون القريبة من المشهد وتقع في جنوبها وجنوبها الغربي ،وهي من أهم مراكز الإستيطان البشري في حضرموت منذ آلاف السنين وقيل إلى ما قبل القرن التاسع قبل الميلاد، واستمر فيها الاستيطان والحياة المزدهرة حتى القرون الميلادية الأولى . ولقد تمت في هذه الخرائب من المدينة حفريات وأبحاث ودراسات أثرية من قبل البعثة الآثرية السوفيتية في الفترة من «83 - 1989م » وهي دراسات علمية من قبل آثاريون روس وحضارم متخصصون ، وتوصلت إلى معطيات من خلال استقراءات النقوش والآثار بأن سكان المدينة كانوا يزاولون الزراعة وتربية الحيوانات ، وبنوا مجمعات سكنية وقصوراً جميلة للسكن وأبنية أخرى خاصة لأنشطتهم الدينية كالمعابد، وقد كانت كل الأراضي المحيطة بالمدينة التي تمت فيها الحفريات مغطاة بشبكات من قنوات الري والقنوات والسدود وأحواض المياه، ويدلكل هذا على ازدهار بلغ أوجه. وقد شاهدالكولنيل" دانيال فان در ميولين والدكتور. هـ . فون فيسمان" بنفسه كثيراً من النقوش على صخورمنحوتة في المنازل وقبور الأولياء والمساجد والسقايات وفي داخل بئر القرية الكبيرة العميقة وقال : ( لم تكن المادة مشجعة؛ فالحجر الجيري الذي نقشت فيه مأخوذ من الجبال المجاورة وكان هشاً فلم تبق إلا شظايا من أغلب النقوش. لا شك أن بحثا دقيقاً أعمق مما نستطيع القيام به, سوف يسلط عليها ضوءا أكثر سطوعا.) وحين أنتقل إلى خرائب ريبون جنوب غرب قرية" المشهد " أيضا قال :( .... ويشاهد الإنسان ///////////////////////// يصل ارتفاع بعضها إلى ثلاثين قدما, وعلى قممها بقايا جدران بنيت من كتل حجرية منحوتة, تلتحم مع بعضها بنوع من الأسمنت. وفوق قمة التل الأول شاهدنا بقايا لأربع قوائم عليها نقوش مربعة, علها الأساس لأعمدة. وفي اتجاه المنحدرات وجدنا الكثير من شظايا الحجارة نقشت عليها شخصيات. وفي التل التالي بئر قديمة, قطرها ثلاثون قدما وعمقها يصل إلى ستين قدما. ويتكون الجزء الأعلى من حائطها من طبقات من صخر متراكم بينما الجزء الأسفل من الطين. تغطى الأوساخ الآن جزءاً كبيراً من البئر ولعلها كانت أعمق مما هي عليه الآن ....) وهكذا ظل الزائر ينقل في المنطقة الواقعة جنوب قرية "المشهد " يلاحظ ويسجل ويصوربآلة التصوير التي يحملها مزيداً من الأنقاض والآثار والنقوش التي حفلت بها منطقة أو مستوطنة "ريبون" ،وقد توقف أمام ماكان يعرف " بمقبرة الملوك " التي وقف عليها وقال : مقابر الملوك, التي تقع في مربع كبير جنوب جنوب غرب المشهد, تخلف كل الفضوليين الذين كانوا يتابعوننا. وجدنا نقوشاً قليلة هنا. والتلال منفصلة عن بعضها البعض, وعلى قممها أساسات لجدران صلبة يتكون منها سياج مربع مساحته ثلاثون قدماً. لم تكن الحجارة كبيرة جداً لكنها منحوتة نحتا جيداً. والأنقاض هنا مغطاة لحد كبير بأكوام من الطفال الرملي, ومن المحتمل جداً أن يكون بقايا الأجزاء العلياء للمباني. وتتناثر بين الصخور كثير من شظايا فخارية بنيّة - حمراء.) وكان السيد حسن العطاس الأخ الكبير للسيد علوي رفيق الكولنيل " دانيال فان در ميولين " موجوداً في حضرموت بعد إن كان مسافراً في بتافيا من قبل , وقد حرص على اللقاء بالضيوف بعد أن جاء إلى المشهد للقائهم . قال : (.... لقد أرسل والدهم تعليمات ببرقية من بتافيا, ليستقبلوا بحفاوة المبعوث الأول لهولندا في حضرموت. وما أن استلم السيد حسن التعليمات, حتى امتطى هجينا وانطلق لملاقاتنا. ولم يجرؤ أن يلبس في بلاده غطاء الرأس الواقي من الشمس (البرنيطة) الذي يستعمله الإفرنج. لكن برزت فيما بعد كل تقدميته وحيويته وجرأته.) ومنذ هذا اللقاء الذي تم في المشهد أصبح السيد حسن بن علوي العطاس الذي هو رب الأسرة ومقدمها في حريضة والذي وصفه الزائر بأنه رجلاً تقدمياً،وفي هذا كناية على تحضره ومدنيته التي أكتسبها من الهجرة وتعامله مع غيره من الأجنبيين , قال ( ... وقضينا وقتا جميلا تحت رعايته. ولو كان له الوقت الكافي ليرافقنا في رحلة العودة, لتجنبنا الكثير من المنغصات.) أنتهت بهذا زيارتهم للمشهد وخرائب ريبون . لنا وقفة أخرى إن شاء الله تعالى ، نسجلها في حريضة موطن آل العطاس العلويون وإلى ذلك اللقاء لكم تحياتي |
اابحاث تاريخية طيبة يكتبها الباحث ابو صلاح الذي تخصص في تاريخ حضرموت وتراثها جزاك الله خير موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
|
اقتباس:
شكرا للأخ أبو عبد الرحمن الحزمي وبالمناسبة أبتداء من اليوم إن شاء الله سأستأنف كتابة بقية المواضيع حول هذه الرحلة الشيقة إن شاء الله تعالى تقبل خالص شكري وتقديري لك ولجميع حلان السقيفة الشبامية الكرام فالسقيفة بيتنا نحن دائماً بصدد التفكير في تقديم الأجمل والأفضل وقد نشغل أحياناً بظروف العمل وعوامل أخرى فوق طاقتنا لكنني لا أنسى السقيفة خلال يومي على الإطلاق . |
الساعة الآن 01:13 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir