من قتل عكيش ؟

4/25/2012 محمد بالطيف


لم يكن الرائد عدنان محمد عكيش مجرد موظف حكومي يشغل منصب نائب مدير مكافحة المخدرات بمحافظة حضرموت يستيقظ الصباح الباكر ليفرك عيناه ثم يغسل وجهه ويسرح شعره ويتناول وجبة الإفطار الصباحي قبل ان ينطلق الى مقر عمله ليسقط الواجب الذي يضمن له استلام راتب نهاية الشهر ويعود الى اولاده وعيناه على نهاية الشهر القادم ...

وكل قرصك وادخل خرصك ...

كان الرائد الشهيد بإذن الله تعالى عدنان محمد عكيش رحمه الله تعالى مؤمنا أيمانا عميقا بأن العمل الوظيفي يتعدى المفهوم البسيط المعتمد لدى الكثيرين اليوم من موظفي الدولة سواء المدنيين اوالعسكريين والمتمثل في الالتزام بالتوجيهات أو التطبيق الحرفي للمهام المنصوص عليها في التوصيف الوظيفي لكل موظف ...

إن عكيش آمن بأن لموظف الحكومة بل للحكومة باٍسرها مقاصد سامية وغايات كبرى من اجلها قامت الدول وشرعت التشريعات ووزعت المهام والمسئوليات ,اهمها رعاية مصالح الناس وحمايتهم من كل الاخطار .وأن كل ما تتطلبه هذه المقاصد والغايات السامية لابد أنه يدخل في صميم مهام الدولة وموظفيها ويجب عليهم تحقيقها مهما كانت التكلفة ..

لقد كان يسع عكيش مايسع غيره ممن اثروا السلامة وتجنبوا العنت ورضوا بقشور الفهم عن أن يتعبوا انفسهم في الغوص عميقا في فهم مايطلب منهم ويجب عليهم .

غير أن ضمير عكيش لم يكن قد فقد حيويته أو فضل أن يدس راسه تحت التراب موهما نفسه بأنه يمتثل قوله تعالى ( لايكلف الله نفسا الا وسعها ) او مرددا تلكم المقوله الشهيرة (من تدخل فيما لايعنيه جاءه الذي لايرضيه ).

كنت قبل اسابيع قد دعيت لحضور ندوة في منتدى حضرموت الثقافي والعلمي بالمكلا وقد شارك فيها الشهيد الرائد عدنان عكيش رحمه الله تعالى الى جوار زميله العقيد فهمي حاج محروس مدير دائرة مكافحة المخدرات حفظه الله من كل مكروه .

عندما كنت استمع الى الاخ عكيش رحمه الله تعالى شعرت بأنني امام رجل استثنائي في شجاعته وإيمانه برسالته واستعداده لدفع ثمن ما يؤمن به . لقد لمست من نبرات كلامه بأنه رجل صادق فيما يقول مؤمن بما يفعل مدرك للمخاطر وملتزم للقضاء والقدر ..

قبل أيام حين سمعت خبر استشهاده قلت لنفسي ما اضنه إلا قد نال ما طلب وحقق ما سعى اليه وهو راض وسعيد .. غير أن الغصة قد خنقتني ليس لان الرجل قد استشهد وذهب الى جنات الخلود بإذن الله تعالى ...لكن لأنني قد سمعت في كلماته بعض عتب على المجتمع وخيبة أمل من كثير من ابناء المحافظة بل حتى من بعض المؤسسات الحكومية والأهلية ولا اريد أن اذكر الاسماء هنا ..

كلما تذكرت كلماته وتوجعاته تلك وهو يهتف ويناشد ويتوسل من الجميع التفاعل والايجابية كلما تذكرت ذاك الموقف شعرت بمرارة شديدة تعتمل في نفسي لأنني قد تخيلته وهو يحارب نيابة عن كل أبناء حضرموت بل ودول الجوار في وجه كل المخربين والمجرمين من عصابات المافايا وتجار المخدرات في حضرموت وحيدا فريدا بجسمه النحيل بينما من يقاتل في سبيلهم يتفرجون عليه بل ريما منهم من يضن انه قد تهور كثيرا ..

فقلت في نفسي لئن كانت عصابات المافيا وتجارة المخدرات قد قتلتك برصاصها الغادر النجس فأخشى ان نكون نحن قد قتلناك بصمتنا وتخذلنا وجبننا .

لقد وفيت وكفيت ياعكيش فرحمة الله عليك رحمة الابرار والشهداء والصديقين ... ونسأل المولى عز وجل أن يجعل من موتك حياة لنا جميعا وأن تسري روحك من جديد لتصنع الف عكيش يحملون الراية ويواصلون الدرب ويناجزوا الشر فقد بدأت ناره تتقد ولابد لها من مطفئ قبل أن تلتهم كل شئ على حين غفلة من الجميع .

في كفنه يتبسم وملامح وجه تشع بنور الإيمان ...
الشهيد عدنان عكيش.. أنت الحي ونحن الأموات أيها البطل

2012/4/25 المكلا اليوم/ وليد التميمي

يجمع كل من رافق أو تعرف على الشهيد الرائد عدنان عكيش نائب مدير مكافحة المخدرات بمحافظة حضرموت على ما يتمتع به من صفات نبل وسمو أخلاق وشجاعة وإقدام لا يهاب الموت أو يخشاه.

غاراته على تجار المخدرات ومروجيه بمعية رفيق دربه في النضال العقيد فهمي محروس مدير الإدارة كانت بحد ذاتها مشاريع شهادة ينشدها في كل خطوة، حتى حان اجله وسلم روحه لبارئها بعد أن اقتنصته الأيادي الاثمة، فودعنا تاركا نفوسنا تموج بالمرارة والحرقة على فقدانه في زمن صعب نحن في أمس الحاجة إليه ولأمثاله من الرجال الأشراف والأخيار، انداد الباطل وانصار الحق.

نقاء معدن الرجل، وصفاء سريرته، منحه القدرة على الصمود في أصعب المواقف وأشدها قسوة، وحتى وهو على ضريح النعش حباه الله بإمارات تقبله كشهيد في الدار الاخرة، فانتابت القشعريرة كل من كحل عيناه برؤيتة وهو في رداء الكفن قبل أن يوارى جثمانه الثرى أمس وهو يتفحص ملامح رجل يكاد يصحو من غفوته ليمارس دوره في خدمة المجتمع ويؤدي رسالته النبيلة التي وهب نفسه خالصا لها، ويتفرس تقاطيع وجه ملائكي مبتسم صبوح يشع نور الضياء من بين حناياه، وتكاد شفتيه تنبس بكلمات ترفل بالايمان والرضا بقضاء الله وقدره، وتحملنا أمانة الثأر من قتلته وتحلفنا بالقصاص العادل من الجناة اليوم اليوم وليس غداً، علنا نسهم في رد جزء من الدين الملقى على عاتقنا لذوية وأفراد اسرته المكلومة.

فإلى جنة الخلد أيها الشهيد يا أكرم منا جميعا، وثق أن دمك الطاهر لن يذهب هدراً، وأن روحك ستظل تلاحقنا وتلقنا دروسا وعبر في معنى الشهادة في سبيل الحق والتضحية والفداء من أجل الوطن، لأنك أنت الحي ونحن الأموات للأسف.

صدر عن مجلس علماء أهل السنة والجماعة بحضرموت
بيان حول مقتل المقدم عدنان محمد عكيش / نائب مدير مكافحة المخدرات بأمن حضرموت

الخميس 26 أبريل 2012

هنا حضرموت / خاص

تسلم موقع “هنا حضرموت” نسخة من البيان الصادر عن مجلس علماء أهل السنة والجماعة بحضرموت حول مقتل المقدم عدنان محمد عكيش / نائب مدير مكافحة المخدرات بأمن حضرموت جاء فيه :

الحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله .

أما بعد , قال تعالى : ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) .

ببالغ الأسى والحزن تلقينا نبأ مقتل المقدم عدنان محمد عكيش , وهو يؤدي واجبه الشرعي والإنساني النبيل في مجال مكافحة المخدرات , وقد كان المقدم عدنان – وأمثاله من الغيورين على بلادهم وأمتهم – هدفًا لتجار المخدرات نظرًا لإخلاصه في عمله كما عرفه بذلك القاصي والداني – نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدًا – .

ومجلس علماء أهل السنة بحضرموت إذ يستنكر هذه الجريمة البشعة يطالب حكومة الوفاق الوطني ممثلة برئيس الدولة / المشير عبد ربه منصور هادي , ورئيس الوزراء / الأستاذ محمد سالم باسندوة , ووزير الداخلية / اللواء عبد القادر قحطان , والسلطة المحلية بحضرموت بأن لا يألوا جهدًا في القبض على الجناة , وتقديمهم للعدالة والقضاء عاجلًا , وإنزال أشد العقوبات بهم ؛ فإن تهريب وترويج المخدرات هو من محاربة الله ورسوله والسعي في الأرض بالفساد وهو من البواعث الكبرى على انتشار الجريمة وهذه الجريمة التي ارتكبها هؤلاء المجرمون في حق المقدم عكيش دليل على ذالك .

كما نهيب بحكومة الوفاق أن تجعل حماية المجتمع من المخدرات , وحماية سواحل حضرموت منه من أولويات عملها , وتقوية هذا الجهاز بإمداده بالمخلصين لأمتهم وبلادهم , وإقالة جميع العناصر الفاسدة من مراكزها ووظائفها .

كما نهيب بجميع المواطنين التعاون لمكافحة المخدرات في بلادنا , والتواصل مع أجهزة الدولة المعنية , والتواصل مع مجلس علماء أهل السنة والجماعة بحضرموت في تزويده بأي معلومات من شأنها الحد من هذه الآفة الخطيرة ؛ فإن هذا من التعاون على البر والتقوى ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

وفي الختام نسأل الله أن يتغمد الفقيد برحمته , ويبلغه منازل الشهداء , ويرزق أهله الصبر والسلوان , إنه ولي ذلك والقادر عليه .

مجلس علماء أهل السنة والجماعة بحضرموت