الشعر : صوت الوجود ضمير الكون
فوزي الديماسي - تونس ---------------- الشعر : صوت الوجود ضمير الكون بقلم فوزي الديماسي تونس تصدير : كلّ فجر جديد نطلق العنان لحلمنا بحثا عن معنى لوجودنا على أديم الأرض الشعر نصّ الوجود ، وطريقة إقامة في العالم . باللغة يبني أحلامه ، وعلى متنها يطلب أقاصي الجمال فيها . لعبة الوجه والقفا ( الشعر / الوجود ) ، هو باب على الأسئلة الكونية ، والإنسانية الحارقة ،شأنه في ذلك شأن الفلسفة ، بل هو الفلسفة عينها ، حيث يقوم على التفاعل مع العالم ومساءلته ، وهو صدى لتردّد اللحظة الإنسانية في فضاء اللغة ، لعبة لغويّة مخاتلة ، تبدي ما لا تعلن ، لحظة شموس متمنّعة ، تقذف بك في قيعان الدهشة على حدّ تعبير الفيلسوف " هايدغار " تلك هي اللحظة الشعرية ،مادّته لغة زلال واستعارة تقذف بك في لجج الحيرة واللذة ، وتلك هي أدوات اشتغالها على نصّ الوجود بأفراحه وأتراحه وانتصاراته وانكساراته ، إنّها لحظة ابتلاع كلّ شيء على طريقة طائر المينيرفا ، تلك هي اللحظة الشعرية او هكذا قيل . و" الشعر فضاء يتضايف فيه المقدس والمدنّس ، والمعلن والمخفيّ، … والممكن والمستحيل ، والترابي والهلاميّ ، والجميل والقبيح ، والمعقول واللامعقول. يتداخل فيه الذاتي والموضوعيّ ، وتتقاطع فيه الأزمنة وتنصهر ، مطيّته في ذلك زاد لغويّ متقلّب ومتحرك ينشد الشاعر من خلاله لحظة شعرية متفردة ، فعلها في المتلقّي كفعل السحر في الناس ، و ديدنه فوق ذلك الرسم بالكلمات على حد تعبير الشاعر نزار قباني* إنّك في حمى لحظة كونية ، ولحظة إنسانية بامتياز ، تحكي هموم الذات وتحاكيها ، وتقتفي آثار انتصارها الذاتي والموضوعي ولحظات إنكسارها ، فتتمثّل الذات المبدعة كلّ اللحظات وتستبطنها ، وترتقي باليومي المعيش إلى أعلى درجات الفنّ ، إذ سؤالنا الحارق اليوم في في عالم الكتابة فنيّ بامتياز يتمحور حول " الكيف نكتب ؟ " وليس " الما نكتب " فالمعاني في متناول الجميع ولكن ما يميّز الكاتب عن كاتب آخر هو طرق تناوله للحظة الشعرية ، والشعر اختزال وتكثيف وعمل استعاري بامتياز ... نبحث فيه عن " الكيف نقول " أمّا المضامين فهي في متناول الناس جميعا ومع عوالم الصور المهترئة واللغة الركيكة ، تمتدّ الهواجس كرؤوس الأفاعي ، وتذبل الأحلام على قارعة السؤال ، ويحتلّ خريف العمر كافة أقطار الوجود المسيّج بالقحط ، فتينع رؤوس الفناء الراكدة في خطاب آسن ، وتتقلّب الشمس في ظلمة الموت يمنة ويسرة بحثا عن نقطة ضوء في قول يزفّ للكلمات بهجتها وألقها ، ويعبّد لبالتالي للشمس شمس الكلمات الجميلات الانيقات طريقها الملكي للعقول الموات لتبعث فيها معاولها والماء .... يتبع |
إنّ فعل الكتابة كما القمر ، نور يبعث في نفس المشتاق المنتظر على الجمر في شرفة الأمل نسائم الفجر ، ويزفّ للضمائر القاحلة ماء الحياة .. والأدب مائدة جمال ، تدعو لوليمتها كلّ صاحب لبّ سليم وقلب نقيّ مثل البحر الساكن في الليل البهيم ذلك هو الشعر فعل يستغرق ترحاله في حالة عزف منفرد ، تمارس فيه الذات طقوس التجلّي في محراب الوجود ، وتسبّح فيه بلغة مكثّفة مختزلة استعارية بالضرورة ، فتقف لحظة ولادة القصيدة على قمّة الأحاسيس الجريحة ، المثقلة بهمّ ذاتيّ وآخر موضوعيّ ، فترسم بماء الشجن وألوان الحلم لوحة النّظم الملّطخ بالسقوط قيلا ،واللائذ بلعبة التخفّي ، والتمويه والغموض ، لعبة الوجه والقفا، فاخلع نعل الحسّ إنّك في حضرة السفر ، هذا القول المحكوم بثنائية الوجود / الراهن إنّ الكتابة عن الشعر مغامرة ، والرحيل في دروبه تيه ، والوقوف على حدوده وهم ... فماهيته كما الماء لا طعم ، لا رائحة ، لا شكل ، لكّنه سبب الحياة ، وباعث الجمال والإخضرار ، إنّه كما الجنّة الموعودة تتخيّلها ، تتصوّرها ، تعيش لحظة لذّة واشباع عبر حاسّة التذوّق بلسان الرؤيا ، لكنك في الواقع تطلبها ولا تدركها ...إنّها الجمال ، والغموض ، الموجود والمنشود ... ذلك هو الشعر الذي سنحاول رصد معالمه ، فإن أصبنا فذلك مبتغانا ، وإن فشلنا فيكفينا شرف المحاولة .... يتبع |
الشعر صوت الوجود : إنّ الشعر أفلاطونيّ الهوى ، من حيث هو معانقة لعالم القيم ... ديكارتيّ المبتغى ، من حيث دائريّة التكوين لحظة التشكّل ، والاكتفاء بذاته ... نيتشويّ الأدوات ، من حيث عمله على تحطيم الأصنام ، والأوهام المفارقة ، والمتحكّمة في رقاب الكلمات ، وهو رحلة في دروب السؤال والحيرة ، والدهشة ، والبوح ، إنّه رحلة لغة ، وخيال معا ، ويعوّل عليها كفعل يتجاوز لحظته التواصلية ليستحيل لحظة أنطولوجية بامتياز ، تنشد الإنشائية في أبهى تجلياتها ، إنّه صدى العالم / الذات ، إنّه صوت الداخل وموسيقاه ، قدّ من طين اللغة ، وماء الوجود ، و اللغة العربية لغة انبثاق وتفجّر ، وليست لغة منطق أو ترابط سببيّ ، إنّها لغة وميض ، وبصيرة ، امتداد إنسانيّ لسحر الطبيعة وأسرارها ، في كلّ قصيدة عربية عظيمة ، قصيدة ثانية هي اللغة ، بهذه اللغة السحريّة الطقوسيّة لا بلغة النحو والصرف آمن الشاعر العربي ، هذا الإيمان حصيلة شعوره بأنّ العالم يتفتّت ، ويتلاشى ، هكذا يترك للغة أن تجمع فتبني هذا العالم ، وتهدّمه على هواها ، الموجود المباشر الحقيقي هو اللغة لا العالم (2) إنّها فعل جماليّ يعلّمنا الموت ، موت الحسّ ، والانقطاع عن الفيزيقا بما هي فضاء للمحاكاة ،وحيّز للغة الانعكاس ، إنّ لها عوالم أخرى فوق حسيّة ، تبني للذات / الداخل مدائنها الدالة عليها وبها ، والذات / الشاعر تتمثّل وجودها الذاتي ، والموضوعيّ ، وتستبطن الأسئلة الوجوديّة الحارقة . إنّها صوت الحيرة فينا ، وصوت الدهشة بمفهومها الهايدغاري ، إنّها حمّالة تعب ، وصخب ، ورؤى ، تتعامل مع وجودها برمزيّة ، والرمز مفتاح وجودها ، وسرّ جمالها ، إنّه تدشين للحظة قتل الواقع ، والترحال بين مناكب الخيال ، وسباحة في ملكوت القيم في نورانيته ، وإطلاقتيه ، وكونيته ، قطعا مع برهة زمنية محدّدة ، معلومة ، إنّه إعلان عن موت التحقيب ، وعصر النمذجة ، والسنن ، إنّه تدشين لعصر التمرّد على الواقع / الصورة ليخلق له بذلك عالما مخصوصا من الصور ، صور الذات الجريحة ، المتمرّدة ، الباحثة ، اللائذة باللغة ، والمحتمية بأسوارها ، إنّه تدشين للحظة انتحار الصورة / الواقع على عتبات النصّ ، وموت مقولة " الشعر ديوان العرب " وتدشين مقولة الذات / الشاعر ، كما جاء على لسان الشاعر مجدي بن عيسى في قصيدته |
" أنثى السراب " عَبَرَتْ يَقِينَ الضَوْءِ، مَدَّتْ لِلصَبَاحِ يَدًا، وَشَدَّتْ زَهْرَةَ الرُوحِ إلَيْهَا. كَانَتْ عَلَى صَمْتِي تَنَامْ. لَمْ أرَ فِي حُلْمِهَا غَيْرِي وَلَمْ أعْرِفْ سِوَاهَا يَتَّقِي هَمَجَ السُكُونْ. كَانَتْ تُحِبُّ الرِيحَ مَا بَرِحَتْ خُطَاهُ. كَمْ أسَّرَتْ فِي صَمْتِهَا مِنْ نَوْرَسٍ كَمْ لاحَقَتْ وَجَعَ الرِيَاحِ ولَمْ تَشُدَّ سِوَى الزَبَدْ. لا نَجْمَةٌ ألِفَتْ خَرَابَ سَمَائِهَا. لا عُشْبَةٌ أهْدَتْ تَوَهُّجَهَا لِقَاحِلِ صَمْتِهَا. أُنْثَى السَرَابْ تَمْشِي عَلَى أَلَقِ الحَرِيقِ وتَكْتَوِي بِرَمَادِهِ. كَانَتْ هُنَا مَا بَدَّلَتْ عَهْدًا وَلا آتَتْ تَوَهُّجَهَا احْتِرَاقِي. |
إنّه "ديوان الذات " لحظة انخراطها في أسئلتها ، إنّها لعبة اللغة تتشكّل في الخيال ، وتبني لها مواقع غير منتظرة ، ومسفّهة لأفق القارئ ، وانتظاراته ، إنّها لغة تشتغل خارج معقوليّة الأشياء كقول الشاعر ( شدّت زهرة الروح إليها / لم أر في حلمها غيري / أنثى السراب تمشي على ألق الحريق / وتكتوي برماده ) إنّها تبشير بواقع خاص بالذات ، مقابل قتل الواقع وقتل الواقع لا يستتبع البحث عن جثّته بالضرورة ، ذلك أنّ الجسد الواقع لن يعثر عليه مرّة ثانية مع حلول عصر الصورة ، فلقد تكفّلت الصورة لا في تشفيف الواقع إلى درجة تلاشيه ، بل حرصت كذلك ألاّ تترك أيّة آثار من بقايا جثّته في جسدها ، في كفنها الهلاميّ "(3) وقصيدة " بروق " لسعاد الشايب مثلها كمثل قصيدة مجدي بن عيسى آنفة الذكر ، عمل لغويّ صرف ، يسعى من خلال اشتغاله على متن اللغة إكسابها بعدا وجوديّا ، بعدا يرتقي بها من لحظة العبارة إلى لحظة الإشارة ، ومن لحظة الحقيقة إلى لحظة المجاز ، ومن لحظة تقول فيها لغتها الأشياء والأسماء للإبانة والإفصاح ، إلى لحظة تتلبّس بهمّ السؤال ، همّ الخلق والإنشاء ، بعيدا عن حديث الذاكرة والحقيقة والواقع . فثنائيّة الحقيقة / المجاز، العبارة / الإشارة هي معركة تقودها إرادة الشاعر في جعل اللغة تعيش تجربة الوجود ، محنة الولادة ، والبزوغ من بين أصابع الحروف والتراكيب والصور لتصوير نصّها / واقعها الخاص ، الذي لا يقود الا إليها ، ولا يحيل إلاّ عليها ، إنّها شكل من أشكال العربدة اللغوية الصوفية ، عربدة تؤسّس للشعر الصرف مثلما روحي على الندى عبرت مثلما غيم على التل غفا قلب هنا ...يوقد للصبابة عمره روح يوجعها التكتم والبكا أيها العمر الجزيل كم لاح عن بعد الطريق وهم السراب وحسبت ما وكم أنفقت في سوق العذاب صبري وكم هبت من خلف البروق روحي وكم سار طير الوهم تياها في السم |
فالاحتفال ، والصنعة في التصويرات التي تروق السامعين وتروعهم ، والتخييلات التي تهزّ الممدوحين وتحرّكهم ، وتفعل فعلا شبيها بما يقع في نفس الناظر إلى التصاوير التي يشكّلها الحذّاق بالتخطيط والنقش ، أو بالنحت والنّقر ، فكما انّ تلك تعجب وتخلب ، وتروق وتؤنق ، وتدخل النفس من مشاهدتها حالة غريبة لم تكن قبل رؤيتها ، ويغشاها ضرب من الفتنة لا ينكر مكانه بها ، ولا يخفى شأنه ، فقد عرفت قضيّة الأصنام وما عليه أصحابها من الافتتان بها ، والإعظام لها ، كذلك حكم الشعر فيما يصنعه من الصور ، ويشكّله من البدع ، ويوقعه في النفوس من المعاني التي يتوهّم بها الجماد صامتا في صورة حيّ الناطق (4) كما هو الشأن بالنسبة لقصيدة " إسراء " لمبروك السياري كأني ولدت على نملة حملتني كحبة قمح الى نايها فغنيّت شعرا كأني ولدت على موجة هدهدتني يمينا شمالا وألقت اليّ مجاديف مني فأبحرت شعرا كأني ولدت على صهوة هيأت سرجها لي لأسري فأسرت بشعري الحمائم تشدو واحسســت بالشعـر يسري وشعري يصعد يصعد كأني على شعر |
تعمل اللغة في الشعر على هدم العلاقات الدلاليّة ، والعلاقات المنطقيّة الرابطة بين الأشياء ، إنّها من صنع الخيال ، بعيدا عن منطق المرجع ومنظومته ، ولا دخل للعقل فيها ، كقول الشاعرة سعاد الشايب " مثلما روحي على الندى عبرت / مثلما غيم على التلّ غفا " فتسند أفعالا بشرية لأشياء لا يسعفنا العقل بميكانيزماته تصّورها ، كما الغفوة التي تصيب الغيم ، أو أن يكون الشاعر كما جاء على لسان مبروك السياري سليل النمل ، من رحمه قدّ ، ومن نايه يبعث شعرا / حيّا ، إنّها لحظة يمتدّ فيها جسر التواصل بين باثّ / حالم ، ومتقبّل / متذوّق ، إنّه حديث الداخل إلى الداخل ، تكوّنه علاقات رمزيّة ، مشحونة بالإيحاء ، ومرجعهما ( الباث / المتقبّل ) أرض تبسط امتدادها في الأحلام ، فالخروج عن دائرة التقرير ، والقدرة على تركيب علاقة متميّزة بين الدال والمدلول هما اللذان يخلقان الإيحاء ، وهذا راجع إلى نوع التجربة التي تعتمد أساسا في النصّ الشعريّ على النفاذ إلى دواخل الشاعر ومحاورتها ( 5) كما جاء على لسان محمد علي اليوسفي في قصيدته " حافة الأرض " : أقول ( قُبَّرَةٌ !) ولا أراها؛ تطير( بينما ريشُها عندي ) إلى بلدي البعيدة. أقول ( أرضي إذن...) ولا أراها؛ تميلُ الأرضُ ( تغفو على زندي ) فتنكتب القصيدة. فعالم الشعر عالم عجائبيّ ، غرائبيّ ، تختزل فيه رؤية الشاعر عوالمها في كلمات تبثّها أحلامها ورؤاها واوجاعها ، إنّها النحت في صخرة اللغة ، فلا صدى للواقع فيما يكتب ، ولا قرائن تدلّ على ارتباط العالم الشعري بالمرجع ، إنّه فعل قول يصغي لصوت الوجود في الذات الجوانيّة ، ويؤسّس له علاقات دلالية خاصة لا يفقه كنهها إلاّ من ركب مخاطر الإبحار في فضاء اللغة التي توائم بين الأضداد ، وتجمع ما لا يجمع .............................. الهوامش : - فوزي الديماسي:أريج قرطاج نشر جمعية آل البيت الجزائر - ص8 - الجزائر 2007- أدونيس : ديوان الشعر العربي - المجلّد الأوّل - دار الفكر - 1986 - 3- مطاع صفدي فجاءة الفلسفة العالم - مجلة الفكر العربي المعاصر عدد 158-159 -4- عبد القاهر الجرجاني : أسرار البلاغة - تحقيق محمودمحمد شاكر -دار المدني بجدّة - ط1- 1981 ص 342-343 عن الغموض في الشعر : جميلة السعيدي - مجلة الحياة الثقافية عدد237 جانفي 2013 |
مـــائيُّ القِبلـــة
مائيُّ القِبلة ======== الشاعر: أبوبكر محمود با جابر
من أي وادٍ أرتويك دلالا ؟=وبأيِّ ريشٍ تعتلين جلالا ؟ ... وعلى رفارف أيِّ طلٍّ هامسٍ=تطفو حروفك رقَّة وجمالا ؟ إني برمشك لا أزال قصيدةً=أخشى الكمال وما بلغت كمالا وعلى المرايا قد أضعت ملامحي=وبقيت أنت بجبهتي الأطلالا ماذا عليَّ إذا بنيتُ معابدي =مني وصغتك داخلي تمثالا وعجنتُ أرضك من دمي وسماءها=ووضعت بينهما الفؤاد هلالا ؟ ماذا عليَّ إذا استحمَّ بغبرتي=نجمٌ تعوَّد أن يكون ظلالا ؟ ماذا عليَّ وأنت بعضٌ من فمي =من ملح طيشي حينما أتعالى ؟ ماذا عليَّ وأنت دفء أمومتي=بل أنت ثلج أبي يسيل زلالا ؟
قد كنت خيلا لم تروِّضها يدي= يوما فصرت الخيل والخيَّالا إني أعيذك أن تصدِّي عن يدي=فتموت وردة نشوتي إجفالا يا أنت أسألك الربيع وكان لي =كم صال يملأ راحتيَّ وجالا متسوِّلا همسا يناغي وجنتي = لنعود يا معشوقتي أطفالا هل تذكرين وكنت أشحذني به = عبثا وكان يلوكني أوصالا ؟ هل تذكرين وكنت أنسج قبلتي = من مائه المنثال أنشد مالا ؟
أين الربيع ؟ وقد غدوتِ خريطتي = وتراب ذاكرة الندى والبالا آمنت باسمك في بساطٍ من هوى =وحفرت رسمك فوقه موالا هذي يدي مُدَّت تباركها يدي = والقلب في صلواته ما زالا يا أنت يا دلع الشفاه وأحرفا = لولاي شعرا لم تكن لتقالا لولم أكن منها خُلقتُ مسبِّحا = بقداسة اسمك أطحن الأغلالا ما كنتِ إلا وردةً معلولةً = بسعال ( برهوت ) اكتست أجيالا إني أسائل عنك يوم ولادتي = ويداك قابلتي : (( أرمتُ محالا ؟ )) مالي أحوك من التناقض قِبلتي = وأطير بين الكائنات خيالا ؟ أختال في جنات عدنك فارها = فتخرُّ لي أفياؤها إجلالا وأشقُّ موسيقاك نهرا يافعا = وأقيم من نهدي رؤاك جبالا
يا غصن بوحٍ كم توكأنا به = كم قيل عنه : لن يطول فطالا إني أراك اليوم تبتهلين بي = ويداك أبلغ في الدعاء حبالا إني أسائل عنك صمت الغيم = يا قدر الزهور , فلا أطيق سؤالا |
الأخ سالم علي الجرو المكرم : مع هذا التذوق الرائع لشهد من أزاهير الدياسمي وابن عيسى وسعاد الشايب ومبروك الساري واليوسفي وبا جابر ... ومع تلك التجانيح العالقة بين مجرات الحروف وأجرام القصائد وكواكب الأفكار حيث لا شوق للعودة من هناك إلى الواقع الجليدي وتصحر النفس ... مع تلك النسائم الأوزونية عالية التشفف وذلك الأريج الفواح وكأنه بواح بكل شافية كافية من صيدليات الفلاسفة والمفكرين وأصحاب البصر والبصيرة ورواد الرسم بالكلمة والغوص في بحور الاستعارة للكشف عن اطياف ألوانها تسبي العقول وتعقلها لترتاح من موت الأعمار وتخلد مع طائرات الأفكار عبر الكون مسافرة طوافة في متع المعاني راقصة على أصوات حفيف المتحركات في كبرى الجنات الرائعات من صنع الخيال وما ذلك على الله بالمستحال ، فالكون كله طاقة مصيرها عند الله المآل .
فيا أيها السالم من كل أذى بعون الله لقد التقطت بحذاقتك وطوفت بروحك بنا عبر هذه المقتبسات كمن أحضر لنا الترياق وأعطانا حق المذاق بكل سخاء وكرم . مع كل ذلك كيف نستطيع الوقوف أمام تصورك الراقي وتذوقك العالي لنجد لك من حدائقنا البسيطة بعض ما يرضيك ؟!!! لك الشكر على ما جئت به من أصالة الطبع وغزارة الشعور وطيبة الإيثار ، والقدرة على التأثير ............. من الأردن - صديقك - علي فريحات - مع أطيب التحيات لكل رواد السقيفة وأعلامها الرائعين ........................................ |
شكرا صديقي فريحات مفاجأة أسرتني وأسعدتني كثير وبعثتها للتو عبر خاصية الرسائل إلى الأخ: فوزي أكرر الشكر |
الساعة الآن 02:58 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir