![]() |
اليمنيون تعودوا على الأزمات السياسية والثورات على مر القرون
اليمنيون تعودوا على الأزمات السياسية والثورات على مر القرون 17/06/2008 خاص / ريف نيوز - عبد الرحمن القرني مدير مكتب صحيفة عكاظ بأبها الحلقة الأولى عبر مساحة تمتد لاكثر من اربعمائة ألف كيلومتر مربع كانت جولتنا في أرض سبأ وعلى الشريط الحدودي بين المملكة واليمن الشقيق البالغ طوله (1800) كم . جولتنا حملت معها العديد من الإشاعات والتساؤلات والمخاوف التي تردد وتولد لكل من تقدم على هذه الجولة .. عبر الحدود المفتوحة والتضاريس الصعبة والشاقة .. وعبر سلسلة الجبال النائية .. فمن حوادث الاختطاف إلى تهريب السلاح إلى التسلل إلى الأراضي السعودية . ؟!! كانت انطلاقتنا في تلك الجبال التي تضم الكثير من القرى والمساكن غير المعروفة لنكتشف ولنقف على الانشطة السكانية لبعض القبائل المجهولة .. ؟!! ولنتعرف على سكان هذه المنطقة واسلوب حياتهم ، واحببنا أن نوضح حقيقة الاشاعات والمخاوف التي ترافق المسافر لليمن ، وحرصنا على أن يشاركنا تساؤلاتنا : * كيف ستكون حياة الناس في منطقة يصعب الوصول إليها ، ويقطنها اقوام حافظوا على اسلوب حياتهم القديم ..؟؟ * ماهي الأسباب التي تدعوا اليمنيين إلى تهريب الاسلحة عبر الحدود وإلى المملكة والتسلل المستمر .. وهل البحث عن المال السبب الوحيد أم أن هناك أموراً أخرى .؟؟ * ماهي الثغرات المفتوحة بين مملكتنا واليمن الشقيق ..؟؟ وكيف نعمل على اغلاقها خاصة أنها تشكل عبئاً على الدولتين وتمثل قلقاً وعدم استقرار أمني لهما .؟؟ هذه التساؤلات مشروعة صادفنها اثناء بحثنا الصعب واثناء التقاطنا للصور في ظروف لا يمكن وصفها باي حال من الاحوال ، بانها ظروف سهلة .. وبعد تعرفنا على تفاصيل حياة سكان هذه الجبال النائية وقبائلها وعاداتها وتقاليدها .. احببنا مشاركة القاريء لنا بعيداً عن الأزمة السياسية واحتفاء بسلسلة من الحضارات الإنسانية العتيدة التي شيدها انسان اليمن القديم ، محققاً بذلك امجاداً اسهمت في بناء اسس التطور الحضاري الحديث ، من ذلك التاريخ السحيق ، من تلك النقوش والمعابد والحصون والهياكل والسدود والمخطوطات النادرة ، ومن فنون الري والاعمار وهندسة المباني ومن الابداعات الفنية تعالوا معنا أولاً كمحطة للراحة بين احضان الطبيعة التي امتزجت بالمباني المعارية الفريدة والتقاليد والفنون الحية والحضور الانساني الدافيء . مر اليمن بازمات سياسية انتهت بخير بعدما طالت مدتها واتسعت رقعتها وزاد عدد المشاركين في تاجيجها ومحاولة انهائها في ان واحد . ولعل بلداً مثل اليمن قادر على ايجاد حل معقول يوفرالسلام والاستقرار للجميع وهو الذي استطاع على مر القرون تجاوز ازمات ومآس اكبر واعمق واذا مانظرنا الى اليمن في تاريخه البعيد والى موقعه الجغرافي والاقتصادي وجدنا انه شهد قيام اول المجتمعات البشرية واقام العلاقات السياسية والاقتصادية مع بقية بلدان العالم القديم حيث كان احد اهم طريقين تجاريين للعالم القديم يمر باليمن . فبجانب ممارسة اليمنيين لتجارة الترانزيت لبضائع الهند والشرق الاقصى وبضائع افريقية احتكروا سلعا لها قيمة كبيرة في حياة شعوب حوض البحر الابيض المنوسط مثل المر ، اللبان ، البخور ، الورس ، الصمغ وغيرها .. وكانت لمادتي البخور واللبان قيمة اقتصادية فتوازي قيمة واهمية البترول جالبا ست دول معروفة حكمت اليمن حتى القرن الرابع الميلادي . اشهرها دولة سبأ ( القرن العاشر ق.م – القرن الثالث ميلادي ) . وكانت عاصمتها الاولى صرواح ثم مأرب والتي لازالت اطلالها واثارها متعددة كسد مأرب الذي شيد في القرن السابع ق. م فضلا عن نتشار المخلفات الاثرية الكثيرة في مناطق عديدة من انحاء اليمن تليها دولة حضرموت وعاصمتها ميفعة ثم شبوه ذات النشاط التجاري والتي اسست عدة موانئ من بينها ميناء قنا ( بير علي حاليا ) وقد خلفت لنا وثيقة قانونية مهمة تعرف بالقانون التجاري . وتلتها دولة معين وعاصمتها قرنا والتي اشتهرت بالتجارة ثم دولة اوسان التي سيطرت على ميناءي عدن وقنا ويوجد العديد من اثارها في متحف عدن . وحدة الأراضي اليمنية وتحققت وحدة الاراضي اليمنية في نهاية القرن الثالث الميلادي تحت قيادة ياسر يهنعم وفيما بعد ابنه شمر يهرعش من قبيلة حمير . واستمرت الدولة في الحكم حتى سقوطها عام 525م واحتلالها من قبل الاكسومين رغم الدفاع المستميت الذي ابداه اليمنيون بقيادة ذي نواس . واستمر الاحتلال حتى عام 578م وكثرث الانتفاضات مثل انتفاضة سيف بن ذي يزن التي ازالت الاحتلال الاكسومي ليتلو ذلك الغزو الفارسي الذي استمر حتى دخول اليمن في الاسلام . واليمن المعاصر بلد غني بالاثار التي تشير الى قيام وسقوط دول وحضارات حتى يشعر المتجول بين مدنه وكانه يتنقل من حقبة تاريخية الى اخرى وهذا مايدفع الكثيرون الى وصفا اليمن بانه متحف حي وهذا ايضا مادفع منظمة اليونسكو الى اعتبار مدينة صنعاء واحدة من المدن التي تمثل الثرات الانساني العالمي والتي يجب المحافظة عليها وصيانتها وترميمها بافضل الطرق الممكنة لانها ملك للانسانية جمعاء ثورات وانتفاضات وعلى مر العصور عانى اليمن من التمزق الى دويلات صغيرة والانتفاضات والفتوحات والغزو والاطماع الاستعمارية واستمر الصراع داخل اليمن حتى بعد مادخل اليمنيون في الاسلام وبروز كبار العلماء والقادة العسكريين من بينهم عبد الرحمن الغافقي والاشعت بن قيس والهمداني . ثم استقل اليمن عن الدولة العباسية في القرن التاسع الميلادي وشهد حالة من الاستقرار السياسي والاقتصادي في عهد الدولتين الصليحية والطاهرية . وقد تعرضت اليمن للاحتلال العثماني في عام 1538م الذي استمر حتى عام 1635م حيث تأسست دولة مركزية تحت سلطة الائمة الزيدين واتخذوا من صنعاء عاصمة لهم . وحاولت بريطانيا عقد اتفاقيات تجارية مع الدولة اليمنية ولم تفلح حتى عام 1802 م تحصلت بموجبها على امتيازات تجارية في عدن تلاها توقيع اتفاقية للحصول على امتيازات اقتصادية وسياسية في ميناء المخا واحتلت عام 1834م جزيرة سقطرة ثم احتل البريطانيون كامل المنطقة اليمنية الجنوبية حتى اجبارهم على الرحيل واعلان جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية عام 1967م . فيما اعلن في الشمال ومنذ عام 1918م قيام كيان يمني مستقل تحت سلطة الائمة هي المملكة المتوكلة اليمنية وحتى اعلان الجمهورية اليمنية وعاصمتها صنعاء في عام 1962م وشهد اليمن عام 1990واحدا من اهم الاحداث في تاريخه المعاصر اذ تم توحيد البلاد في كيان واحد بعد طول تجزئه كبسولة زمنية خلال كل الاحداث السياسية والغزوات والتعرض للاحتلال بقي الشعب اليمني محافظا على عاداته وتقاليده وتراثه . مما جعل الكثير من الرحالة الاجانب ينظرون الى اليمن باعتباره كبسولة زمنية لم تتغير كثيرا عبر العصور . فالى جانب المدن الاثرية مثل مارب ومعبد بلقيس المشهور وما يحيط شخصيتها من اساطير وقصص مختلفة وغامضة والى جانب المشاريع الاروانية التي سبقت في تقنيتها بلدانا اخرى بمئات السنين هناك الناس على اختلاف انتمائهم مازالوا يعيشون عادات عاشها اجدادهم من قبلهم ويمارسون عادات اخرى انتقلت اليهم عبر اجيال واجيال . ومن السكان ينتقل حب المكان ورعايته والاهتمام به الى الزائر الماخوذ سحرا بما يراه : ناطحات السحاب الطينية في صنعاء وبيوتها القديمة التي يزيد عددها عن 6500منزل والمبنية وفق طراز قريب من الطراز المعماري الاسلامي اذ بدلا من ان تحيط الغرف المجهولة بباحة المنزل ( أي الحوش ) وتحتمي بجدران خارجية منغلقة على العالم الخارجي نرى اليمنيين يبنون بيوتهم طابقا بعد طابق لتمتد عموديا . وفي اعلى طابق في المنزل تقع اجمل غرفة تطل على المناظر الخارجية ويطلق عليها اسم المفرج حيث يسترخي الرجال للسمر والحديث عند انتهاء يومهم . وتشتهر تعز ثاني مدن الشمال بسوق القات ووادي الذهب والمساجد البيضاء الثلاثة التي تم بناؤها خلال حكم الدولة الرسولية ( 1229-1454 ) ومسجد الاشراقة المتميز بمنارتيه والمبني في القرن الثالث عشر . اما قصر الامام احمد فقد تم تحويله الى متحف يكتظ بكل ماكان موجود في القصر نفسه جبلة ومهرة شمال تعز تقع مدينتا جبلة وأب . وجبلة هي عاصمة الدولة الصليحية اثناء حكم الملكة اروى التي شهدت اليمن في عهدها استقرارا ونهوضا ثقافيا غير عادي . وتقدم محافظة المهرة في جنوب اليمن دليلا رائعا على امتزاج الحضارات اذ تسمى في كتب التاريخ " مهرة " نسبة الى مهرة بن حيدان او عمرو بن حيدان بن الحاف بن قضاعمة ويتكلم سكانها الى جانب اللغة العربية ثلاث لهجات هي : المهرية ، الشحرية ، السقطرية ، وهذه اللهجات ليست مشتقة من العربية الفصحى ولكنها مشتقة من الحميرية وتكون مجموعة خاصة من لغات النقوش اليمنية في اسرة اللغات السامية . ويعتبر جامع المحضار ومنارته التي يبلغ ارتفاعها 170 قدما واحدا من اهم مساجد مدينة ترميم التي يربو عددها على 365 مسجدا . وكانت مدينة ترميم مركزا من المراكز الثقافية الاسلامية وشيد بها جامع المحضار عام 1823وتفنن اليمنيون في بنائه وهندسته . اما شبام المدينة التاريخية التي تعود الى القرن الثالث بعد الميلاد والموقع الذي اختير لبناء اولى ناطحات السحاب في العالم وعمرها يناهز خمسمائة سنة فانها واحدة من اروع المجموعات الاثرية في العالم . ومن شبام الى عدن عاصمة الجنوب ومن عدن الى شبوة عاصمة مملكة حضرموت القديمة ومن شبوة ومساكنها المبنية بالطوب والجير الى سيئون ومن سيئون الى ضريح احمد بن عيسى ومن الضريح الى السواحل والى البحر والى الصحراء والى مدن ومدن لكل واحدة منها تاريخ يمتد عميقا في الماضي الاف السنين حتى يبدوا للزائر نهاية في النهاية ان اليمن بلد مفتوح على سعته للرخاء والرفاهية وبأقل جهد ممكن من قاطنيه متى ما توفر فيه الاستقرار |
الساعة الآن 08:56 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir